الأحلام

١

للأحلام في الحياة شأن كبير، أو هي على الأقل نصف الحياة. والأحلام عالم على حدته، تصح المقايسة بينه وبين عالم اليقظة أو الواقع، من حيث الاتساع وترامي الأطراف ومن حيث الغنى بالحوادث والصور، بل إن عالم الرؤيا لأعظم سعةً من عالم اليقظة وأكثر ثراء. ومن قديم الزمان أخذ العلماء وغير العلماء، وما زالوا، يضربون في مجاهل هذا العالم، كما يستكشف الرحالون دنيا جديدة.

وإذا صحت المقايسة بين عالمي اليقظة والحلم من وجوه عدة، فليست تصح المعارضة بينهما تمامًا كما يعارض الشيء بنقيضه، ولا يمكن الفصل بينهما إلا بمثل ما يفصل الأُقيانوس الدنيا القديمة عن الدنيا الجديدة اللتين تصل بينهما السفن الماخرة في عبابه، والأنباء الطائرة في جوه، وفي هذا المعنى، معنى المقاربة أو المماثلة بين اليقظة والحلم، يقول الغزالي في كتابه «المنقذ من الضلال»:

أما تُراك تعتقد في النوم أمورًا، وتتخيل أحوالًا، وتعتقد لها ثباتًا ولا تشك في تلك الحالة فيها؟ ثم تستيقظ فتعلم أنه لم يكن لجميع متخيلاتك ومعتقداتك أصل وطائل … كذلك يمكن أن تطرأ عليك حالة تكون نسبتها إلى يقظتك كنسبة يقظتك إلى منامك، فتكون يقظتك نومًا بالإضافة إليها، فإذا أوردت تلك الحالة تيقنت أن جميع ما توهمت بعقلك خيالات لا حاصل لها.

وقد تبع العالم الفيلسوف «ديكارت» الفرنسي، حجة الإسلام الغزالي في رأيه هذا، فقال ما ترجمته:
إذا اعتبرنا أن كل هذه الأفكار التي تقوم في أذهاننا إذ نحن في اليقظة، قد تخطر لنا أيضًا ونحن في سنة النوم، دون أن تكون هذه أو تلك على السواء صحيحة، فينبغي إذن أن أضمر كون جميع الأشياء التي في ذهني ليست أصح من تخيلات أحلامي»، وبعد أن يذكر ديكارت أنه كان إذا نام، يتخيل في أحلامه نفس الأشياء التي فكر فيها وهو يقظان، يستنتج هذا الاستنتاج الأخير: «اتضح لي أن لا أمارات يقينية يستطاع بها التمييز بين اليقظة والنوم، أو بين الحقيقة والحلم، بوضوح وجلاء.١

وليس الحلم، كما يتبادر للذهن وهلةً أولى، قاصرًا على المنام وهو الحال المعروفة بشروطها الخاصة، بل إن من الأحلام ما يُدعى بأحلام اليقظة، كما أن من الناس من يُدعون بالحالين أيقاظًا وهم الذين يفكرون، ويتخيلون في يقظتهم كما يفكر ويتخيل الحالم المقصود بالذات، ويكادون «يرون فيما يرى النائم…» وما من امرئ إلا مرت وتمر عليه أحيان يتملكه فيها شيء من الذهول، فيغيب عن العالم المادي الظاهر، فبينما هو مع إخوانه يتحدثون إذا به قد «تركهم» بغتة بقوى نفسه جميعًا، و«راح» مع أحلامه، فيشعر جليسه بأنه انتقل إلى عالم آخر، عالم الرؤى والأحلام، فيلتفت نحوه ويقول هازًّا ذراعه كمن يوقظ نائمًا، باسمًا له كالمعاتب على أنه فارق إخوانه دون استئذان أو وداع: أين أنت يا؟ أين صرت؟

فهو حينئذ لا يجيب قط بأنه هنا، حيث تراه، بل يبتسم كالمعتذر عن ذنب فرط منه، وإن يكن في أقصى ضميره آسفًا، ناقمًا على هذا الثقيل الذي قطع عليه «حلمه الجميل».

وهؤلاء الحالمون الأيقاظ على درجات متفاوتة، أولها درجة «رجال العمل» الذين يستغرق الجهاد حياتهم أو يملؤها، ما خلا سويعات قصيرة نادرة تضيع في الحالة النفسية التي أتينا على وصفها، فيكون من ذلك ملهاة لهم وترويح لنفوسهم، وآخرها درجة «رجال الحلم» الذين تستغرق تلك الحالة حياتهم اليقظى كلها أو تملأ جميع شعابها، حتى يصبحوا عاجزين عن القيام بأي عمل مطرد؛ لأنهم — إلا فيما ندر — غائبون عن العالم المادي المحسوس، غرقى في بحر الرؤى والأحلام والخيالات والأوهام، وقد لا يجدون طمأنينة نفوسهم وسعادتها إلا في ذلك العالم، فإذا اضطروا للعود إلى عالم المادة أو الواقع بقوة من قواه القاهرة، عادوا إليه مكرهين متبرمين يساورهم خوف وحيرة كأنهم فيه غرباء مساكين، ثم لا تلبث تلك القوة القاهرة أن تزول حتى يعوذوا بعالمهم الذي ألفوه، وعرفوا «جغرافيته» ووجدوا السعادة والطمأنينة في رياضة الغناء المسحورة.

يقول الشاعر العربي لحبيبته:

إن كان واديك ممنوعًا فموعدنا
وادي الكرى، فلعلي فيه ألقاك

وكأي من رجل آذته الأقدار بالمنع والحرمان من رغائبه العزيزة، وعجز عن تحقيق مثله الأعلى لبعد الشقة بينه وبين الواقع الذي كتب له، لكنه لم يستطع أن يوطن نفسه على الرضى بهذه الخيبة المريرة، فانكمش وبنى من أحلامه المذهبة قصرًا يلوذ بفيئه من هجير الحياة اليومية، فهو يقول لمثله الأعلى أو للسعادة، محبوبةِ كل إنسان، ما قاله ذلك الشاعر المتيم لحبيبته، ضاربًا لها موعدًا في وادي الكرى والأحلام.

ومن «أهل الحلم» بل من أولهم وأولاهم بالذكر، الشعراء الذين يهيمون في كل واد، لا سيما في ذلك الوادي حيث تمرح الطيوف وتسرح الأخيلة، ومن هؤلاء الشعراء السيد شفيق المعلوف الذي نشر منذ أيام قصيدة عنوانها «الأحلام».

٢

في مجلس ضم بعض إخوان الأدب، تناول الحديث قصيدة السيد شفيق المعلوف أو مجموعته الشعرية الصغيرة التي سماها «الأحلام». فما أخذه عليه أحدهم، بل أكثر من واحد منهم، هو أن فيها غموضًا وإبهامًا وتشويشًا، وإني لأذكر كلمة قيلت يومئذ في هذا المعنى: لا مراء في أن لدى هذا الشاعر الفتى شيئًا يريد أن يقوله، لكنه لم يوفق هذه المرة توفيقًا حسنًا، أو كل التوفيق.

قلت: لا أرى هذا الرأي، إنكم تنظرون في ذلك الشعر بعين العقل وتحللونه تحليلًا منطيقيًّا، وتنسون أنها «أحلام» وأحلام شاعر، وليست ميزة الأحلام في أنها عقلية منطيقية، كما لا يخفى، فأنا وإن لم أقرأ القصيدة بعد، أرد حكمكم هذا عليها، أرده أصلًا (أو مبدئيًّا كما يقال)؛ ليقيني أن الأحلام إنما تمتاز عن الحقائق بكونها عاريةً من حلل المنطق، منحرفةً عن جدد المعقول. وإلا لم تكن أحلامًا. إذا كنا نقيس عالم الرؤيا بمقاييس عالم الحقيقة فلن يصح لنا حساب قط، وإذا كنا نتحدث عن الأحلام بلغة اليقظة فمن المتحتم أن لا نتفاهم أبدًا، ولعمري لو أن هذا الشاعر قصَّ عليكم في «أحلامه» كيف أنه في ساعة من ساعات الشيطان (أو سوء الهضم) قتل أحد خلق الله الأبرياء، فهل كنتم ترون أيضًا أن من حق القضاء، أو من واجبه أن يُدين الشاعر بإقراره، ويعاقب «القاتل» على ما جنته يداه؟

يقول علماء النفس: إن الرؤيا فوضى ذهنية تلهو فيها ملكات النفس وتلعب، في نجوة من رقابة الملكة الناظمة ويعنون العقل، فالحوادث والصور تكون في الحلم مشتتة متبلبلة، غير متسقة ولا متسلسلة، بينما تكون في اليقظة منتظمة موجهة نحو غاية من الغايات، متصلًا بعضها ببعض على الصورة المعتادة المعقولة.

قد ترى، فيما يرى النائم، أنك سقطت من أعلى المِئذنة على أم رأسك، ولكن هذا لا يعوق الحلم عن أن يستمر، فإذا أنت — لم تمت ولم تنزعج — مشغول بأمر آخر. كذلك لا بأس عليك وعلى المنطق إذا رأيت فيما يرى النائم، النار تضطرم في وسط الماء، أو غير ذلك من الخوارق التي تعد في عالم الرؤيا أمورًا بسيطة مألوفة غير خارقة. فهل من العدل والعقل في شيء أن نقيس الحلم بمقياس الحقيقة، وأن نطالب شاعر «الأحلام» بوضوح أكثر وانتظام أتم؛ هذا على فرض أن قصيدته تشتمل، حقيقة، على «أحلام» سواء مما يراه النائم أم مما يراه الحالم اليقظان؟

ولا يحسب القارئ أني أردت تفكهته بانتحال الأعذار لشاعر قد يكون في غنى عن الاعتذار، أو أني عقدت النية على الكتابة في موضوع الأحلام، فانتهزت فرصة سانحة يضن الدهر بمثلها، إذ استعرت عنوان تلك القصيدة لمقالاتي. كلا، فأنا لم أغرق في بحر الأحلام بعيدًا عن ساحل الأدب والشعر، بل لم أخرج عن دائرة رسمتها لنفسي قيد شعرة. وليس الذنب عليَّ إذا كانت السبل تطول وتقصر، وتستقيم وتلتوي، فتؤدي جميعًا في النهاية إلى تلك الدائرة؛ كما تؤدي الدروب في القرية، كل الدروب إلى الطاحون.

في فرنسة مذهب أدبي جديد يسمونه مذهب «ما فوق الحقيقة والواقع» Surréalisme، ويقول دعاة هذا المذهب: إن النفس الإنسانية خلال العصور التي توالت عليها، قد اكتسبت كثيرًا من العادات، وتقيدت بكثير من التقاليد، وخضعت لكثير من المواضعات، حتى أصبحت وراثية فيها أو تنزلت منها بمنزلة الوراثة. ويزعمون أن هذه حجب لا تمكن من رؤية الحقيقة الأصلية العليا التي ينبغي أن تتغذى بها الآداب والفنون، والتي لا تبدو من طيِّ الخفاء إلا إذا تملَّصت النفس من عادات تفكيرها وأقيسة منطقها، وانطلقت من قيود التقاليد الأخلاقية والمواضعات الاجتماعية، الملازمة لها في إخراجها الآثار الفنية والأدبية، إن العقل ملكة ناظمة تصل بين الأشياء بصلات مصطنعة توهم الحقيقة إيهامًا، وإن العقل ملكة نقَّادة تتخير بين الأشياء، فتقصي شطرًا من الموجود أو تغفله، ولعله هو الشطر الأفضل، وإن العقل رقيب على سائر ملكات النفس مسيطر عليها، فهو يأسر الخيال مثلًا ويكبح جماحه، والأحسن أن يُترك الخيال المبدعُ يسرح ويمرح، وحبله على غاربه.

والخيال المبدع، كما يقول داعية هذا المذهب، هو الذي يوفق إلى الفرار مما تواطأ الناس على تسميته بالواقع الذي لا واقع سواه، والحقيقة التي لا حقيقة غيرها، إلى واقع أخصب أرضًا وحقيقة أكثر ثراء؛ إلى حيث لا يساوي اثنان واثنان أربعة!

لذلك كان دعاة «الحقيقة العليا» يجدِّون في انتهاز الحالات التي تكون فيها رقابة العقل على سائر الملكات النفسية ضعيفة أو لا أثر لها، كما يجِدُّ الصوفي في طلب حالات الوجد والكشف.

ولا مشاحة في أن الأحلام، سواء أحلام اليقظة أم أحلام النوم، هي الحالة المثلى لهذا الفريق من الأدباء والشعراء، منها يستمدون فنهم وأدبهم، وشعرهم ونثرهم.

إذن فالسيد شفيق المعلوف صاحب «الأحلام» هو من هؤلاء؟ أتحسب أنه فكر في هذه الأمور أو خطرت له ببال؟

قد يكون ذلك وقد لا يكون، قلت لكم منذ تناولَ حديثُنا قصيدتَه إني لم أقرأها بعد … سوف نرى.

٣

كنت أقرأ قصيدة «الأحلام» فوقفت عند هذا البيت الذي يقوله الشاعر معتذرًا، لا عن ذنب أو خطيئة، بل عن أنه «يشرب» من عبراته، ولعل اعتذاره عن ملوحتها:

وما الماء إلا دموع تجمـَّ
ـع منذ الخليقة من مقلته

فقلت: إذن لا حرج على المرء أن يذهب إلى النبع رأسًا، فيكسر عطشه بزلال «العين» الأصلية!

وهذه مبالغة تذكرني قول أحد الفلاسفة الأقدمين: «قد تقرصنا إذ نحن نيام ذبابة، فنحلم بأننا قد طعنا بسيف هندواني»، ذلك أن النائم يكون عرضة لعوامل خارجية تؤثر في حواسه، فتعظم الرؤيا هذه الصغائر وتبالغ في تجسيمها، والمبالغة إلى حد الخروج عن دائرة المعقول إحدى صفات الأحلام.

ما أن بعاتب من السيد شفيق المعلوف تشاؤمه الذي خيل إليه «أن الماء دموع الإنسان تجمعت منذ الخليقة»، وإلا كنت مطالبًا إياه بتبديل طبيعته، حالمًا أنا أيضًا بأن هذا المستحيل من الممكنات، بل إني لأوثر كل متشائم سوداوي الرأي في الحياة على كل متفائل يرجي لخير منها، وكثيرًا ما أحشر المتفائلين في زمرة الحمقى فأتمثلهم، بالرغم مني، يضحكون جماعة ضحك البلهاء، ثم كيف أجرؤ على لوم هذا الشاعر الفتى وهو يدعي لإمام المتشائمين، المعري القائل:

إلى الله أشكو أنني كل ليلة
إذا نمت لم أعدم طوارق أوهامي
فإن كان شرًّا فهو لا بدَّ واقع
وإن كان خيرًا فهو أضغاث أحلام!

لست ألومه ولكني أرثي له من نوع رثائي لنفسي، فإن أحلامه مأهولة بأفاعي تنفث سمها في قلبه، ولا تنقلب هذه الأفاعي، ولو لحظة واحدة، بفعل الرؤيا الساحرة القادرة على كل شيء، ذراعي حبيبة ترشف ثغره رحيق النعيم، ولكن يلوح لي أن صاحبنا ينعم بيأسه، نعيم غواة المخدرات بما يعلمون أنه قاتلهم، فيقول:

وما روَّعتني رقطاء قمت
أداعبها مدمنًا لثمها!

أما هذه «العشيقة الرقطاء» فهي … أَحَزَرْتَ أيها القارئ ما هي؟ إني دالُّك على الطريق: اذكر «قرص الذبابة وطعنة السيف الهندواني»، أَحَزَرْتَ الآن؟ نعم، هو نربيج النرجيلة:

فنربيجها بين هذي الأنامـ
ـل رَقْطاء تنفث بي سمَّها

ولعمري هل في الوجود شيء تقدر الأحلام أن تقلبه بسحرها المبين حية تسعى، كما كان يفعل موسى — عليه السلام — في عهد النبوءات؛ غير النربيج؟ فإن لم يكن ما تضمنته قصيدة السيد شفيق المعلوف أحلامًا فماذا تريد أن يسميها، أو كيف أنكر عليه هذا التسمية، وقد شهدت في شعره تلك الاستحالة المعجزة، استحالة النربيج إلى حية؟ لا مراء في أنها، إن لم تكن أحلامًا، شبيهة بها كأنها هي، وإلا فكل قياس باطل.

ستقول: إنه خيال الشاعر. فأجيبك: أجل، وهو «الخيال المبدع» الذي عرضت له في الفصل السابق. وأزيد اليوم أنه لا يكون مبدعًا الإبداع كله إلا في حالات انطلاق النفس — ملكاتها — من أسر العقل الكسبي الذي لا يحيد قيد شعرة عن القاعدة القائلة: «اثنان واثنان تساوي أربعة»، وأمثالها من القواعد، ولو ترك له الأمر جميعًا لما رضي قط بأن يخلط — مثلًا — بين نربيج النرجيلة والحية الرقطاء، بيد أن الخيال، لحسن الطالع، يوفق في غفلة العقل عنه، إلى ابتداع أقيسة ومقاربات غير منطقية، فكأنه يخلع، حينًا بعد حين، على هذا الوجود حُلَّة جديدة، والحالة المثلى لإبداع الخيال، كما تقدم، هو الحلم الذي كأنه العالم الآخر، بجنته وناره …

في «أحلام» السيد المعلوف، ما عدا تلك الأفعى، زنبقة في جمجمة وكرة نار ونفخة صرر وهلم جرا، وفيها أيضًا قبور، إن العامة لم يدعوا شيئًا إلا قالوه، والمثل: «من نام بين القبور لم يأمن الأحلام المرعبة» مشهور. وأحسب أن الشاعر إذا وصف تلك الرؤى بقوله: «أحلام مقلقة» يتواضع قليلًا أو يبالغ في التجلد، وإلا فهي، على الحقيقة، أكثر من «مقلقة».

•••

الآن والضرورات تقضي عليَّ بختم هذا البحث في الأحلام — ولم أتناول الموضوع إلا من بعض نواحيه، بإيجاز — فلا بد لي من إظهار ما خالط نفسي، وأنا أقرأ القصيدة، من لذة ومن إعجاب بمواهب ناظمها المطبوع وصوره الرائعة، لقد فتح هذا الشاعر الفتى في الشعر العربي بابًا، فولجه بذهنية غريبة على روحه التاريخي التقليدي، غريبة السمة والطابع، ولعل عنايته بمتانة السبك وجودة التعبير اللتين تُخيِّلان أن تلك الذهنية ليست غريبة بهذا المقدار، أن كانتا لا توهمان «القرابة» أيضًا، أقول: لعل عنايته هذه خير شفيع له.

تعرفت إلى السيد شفيق المعلوف منذ أيام، وجلست وإياه جلسة قصيرة أهداني فيها مجموعته الشعرية الصغيرة، فهذا — وهو قليل جدًّا — يحملني على أن آذن لنفسي بإسدائه نصيحة يغلب على ظني أنه في غنًى عنها: أما وأنت يا شاعر «الأحلام» سوداوي المزاج، يائس من الحياة الدنيا هذا اليأس الأسود، فقل: «أعوذ بفني، إن في الفن عزاء وسلوى!»

١٩٢٦
١  راجع كتاب (آراء غربية في مسائل شرقية) ترجمة المؤلف.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤