الفتاة لم تَعُد مجهولة …

ابتسم «تختخ» واقترب من الفتاة، في حين قالت دادة «نجيبة»: أنت دائمًا طيب القلب يا «توفيق»، بارك الله فيك.

قال «تختخ» للفتاة: هل تحبين الشوكولاتة؟

هزَّت الفتاة رأسها بمعنى نعم … فأخرج «تختخ» غلاف الشوكولاتة من جيبه وعَرَضه عليها فامتلأ وجهُ الفتاة بالفزع، ثم بكَت … ربَّت «تختخ» على وجهها وهو يقول لها: لا تخافي … لا أحد يستطيع أن يقترب منكِ.

ثم وضع الغلاف في جيبه وقال لها: لقد سهرتِ كثيرًا … ويجب أن تنامي، فأنت ما زلتِ مُتعَبة.

كانت دادة «نجيبة» تراقب ما يدور بين «تختخ» والفتاة، وعندما خرج «تختخ» تبعَته دادة «نجيبة» وسألته: لماذا خافت من غلاف الشوكولاتة؟!

تختخ: يبدو أن هذه الفتاة تعرضت لعملية خطف، وقد وجدنا الفيلَّا التي كانت محبوسة فيها، والذي أكد هذا هو غلاف الشوكولاتة!

توقف قليلًا ثم قال: إنها حكاية طويلة … سوف أُخبرك بها عندما تنتهي.

سألت دادة «نجيبة»: ألم تتصلوا بالمفتش «سامي» بعد؟!

تختخ: قررنا أن ننتظر بعض الوقت!

نجيبة: سوف يعود والداك، فماذا سوف تقول لهما؟!

تختخ: بالطبع سأخبرهما بكل ما حدث.

مرَّت لحظة قبل أن يتمنى لدادة «نجيبة» نومًا هادئًا، ثم أخذ طريقه إلى غرفته، خلع ثيابه المبتلة ولبس ملابس النوم، ثم ألقى نفسه في السرير … كان يشعر أنه مشدود الأعصاب، فما حدث الليلة لم يكن يخطر له على بالٍ … فقد دخل الفيلَّا الغامضة بسهولة … وتعرَّف على واحد من سكانها دون أن يشكَّ «نوار» فيه أو في «محب»، وتساءل بينه وبين نفسه: هل يمكن أن يصلوا لحل اللغز بهذه البساطة؟!

بدأ النوم يُداعبه حتى غرق فيه … ولم يستيقظ إلا على نباح «زنجر» … قفز من السرير وفتح النافذة، كانت سيارة تمرُّ بسرعة. في نفس الوقت كان «المغامرون» قد وصلوا … نظر في ساعة الحائط … وكانت الساعة تُعلن الثامنة والنصف … قال في نفسه: جاءوا مبكرين … وإن كان عندهم حقٌّ … أبدل ثيابه بسرعة، وعندما فتح الباب كانت دادة «نجيبة» تمدُّ يدَها لتفتح الباب، قال «تختخ»: صباح الخير يا دادة، هل تأخرت في النوم؟!

نجيبة: لا بأس من النوم، لكن الفتاة ظلت تبكي طوال الليل … وعندما نامت لم تنَمْ كثيرًا، فقد عُدتُ لأطمئن عليها فوجدتُها تبكي!

أسرع «تختخ» إلى غرفة الفتاة التي كانت تبكي أيضًا، قال لها: لماذا تبكين؟!

نظرَت إليه بعينين مليئتين بالدموع … وأشارت خائفة، فقال لها: لا تخافي … فأنت بين الأصدقاء، ولن تخرجي من هنا إلا إلى بيتك.

أخذ يداعبها، حتى ابتسمَت ومسحَت دموعها، فجاء صوت دادة «نجيبة» تقول: الأصدقاء وصلوا يا «توفيق»، وهم في «البرجولة».

قال «تختخ» للفتاة: سأعود إليكِ بعد قليل.

ثم أخذ طريقه إلى حيث «المغامرون»، وعندما اكتمل عددهم قالت «نوسة»: والآن، ما هي الخطوة القادمة؟ فقد أخبرنا «محب» بما حدثَ!

محب: لقد التقطتُ ثلاثة أرقام من أرقام السيارة التي صدمت «نوار».

اندهش «تختخ» وقال: هذه معلومة مهمة، خصوصًا إذا عرفت لونها أيضًا؟!

محب: سيارة سوداء.

تختخ: هل عرفت ماركتها؟

محب: للأسف … فقد تركَّزت عيني على رقمها.

تختخ: هذه خطوة جيدة.

عاطف: ما حدث أمس كان ممتازًا، وقد لفت نظري كما لفت نظركما حكاية النور الذي يضيء دون زِرٍّ!

نوسة: كذلك المفتاح الواحد الذي يفتح كل الأبواب … والبوابة التي تنغلق دون إغلاقها بمفتاحٍ … إن ذلك يعني أنها فيلَّا مجهزة تجهيزًا خاصًّا.

لوزة: لكن كيف أصبحت هذه الكلاب المتوحشة صديقة لكما؟!

عاطف: عادي يا «لوزة» فقد دخل «تختخ» و«محب» مع الرجل، ففهمتِ الكلابُ أنهما صديقان له.

أخرج «تختخ» غلاف الشوكولاتة من جيبه، ووضعه أمام المغامرين … أدهشهم ذلك، لكن «تختخ» قال: هذا الغلاف هو التأكيد الأخير بأن الفيلَّا الغامضة هي فعلًا الفيلَّا التي كانت الفتاة محبوسة فيها.

سألت «لوزة»: كيف عرفت؟

حكى لهم «تختخ» ما حدث من الفتاة عندما عَرَض عليها الغلاف، وكيف أشارت له أنها تكرهها، وبكاؤها طوال الليل خوفًا من أن تعود إلى الفيلَّا الغامضة مرة أخرى …

فقالت «نوسة»: الآن يجب أن نحدد موقفنا، هل نتصل بالمفتش «سامي»، أو نعتمد على أنفسنا فقط؟

عاطف: هذه مسألة تحتاج إلى مناقشة قبل أن نخطوَ خطوتنا الأخيرة.

دخلت دادة «نجيبة» بالمشروبات الساخنة، فتهلل وجهُ «لوزة» … فقد كان الجوُّ باردًا فعلًا … احتضن كلٌّ منهم الكوب الساخن بين كفَّيه بحثًا عن الدفء، وزام «زنجر» الذي كان يقبع بجوارهم … فقالت «نوسة»: يبدو أنك نسيت «زنجر» اليوم أيضًا.

انتبه «تختخ» ونظر إلى «زنجر» وكأنه يعتذر له، ثم قال: الحقيقة أن بكاء الفتاة ومجيئكما المبكر أخذاني من صديقي العزيز؛ لكنني حالًا سوف أترجم اعتذاري.

خرج «تختخ» مسرعًا، فتبعه «زنجر»، فقال «عاطف»: أعتقد أنه من الضروري الاتصال بالمفتش «سامي»؛ فالأرقام التي التقطها «محب» من السيارة لن تُفيدَنا في شيء؛ لأننا لا نستطيع ولا نملك إمكانية البحث عنها.

دخل «تختخ» وحده، بعد أن وضع الطعام ﻟ «زنجر» في مكانه المعتاد، فأعاد «محب» اقتراح «عاطف» بضرورة الاتصال بالمفتش «سامي»، فقال «تختخ»: المفتش «سامي» أصبح ضرورة الآن … فما حدث للسيد «نوار»، ومحاولة السيارة إصابته، يعني أن هناك طرفَين في الصراع، وإذا كنا عرفنا أحد الطرفين — وأقصد «نوار» — فإن الطرف الآخر لن نَصِل إليه إلا عن طريق أرقام السيارة!

نوسة: إذن تأكَّد من وجود المفتش «سامي»، فكثيرًا ما يكون خارج القاهرة في إحدى مأمورياته الكثيرة الخاصة.

أخرج «تختخ» محمولَه من جيبه، وطلب المفتش «سامي» الذي جاء صوته قائلًا: أهلًا يا عزيزي «توفيق» … صباح الخير، أرجو ألا تكونوا في اجتماع.

تختخ: أولًا … صباح الخير، ثانيًا: من الضروري أن ألقاك الآن … أو …

فجاء صوت «سامي» يقاطع «تختخ»: أو آتيكم … الحقيقة أنني سأقوم بمأمورية داخل القاهرة ولن أفرغ منها قبل ساعة … هل تستطيعون الحضور بعد ساعة؟

تختخ: يمكن أن ننتظر … ولو أن المسألة تحتاج قدرًا من السرعة … فهناك فتاة مسكينة تبكي ولا نعرف عنها شيئًا لأنها بكماء.

سامي: ماذا قلت؟!

كان صوت المفتش «سامي» مهتمًّا تمامًا، حتى إنه قبل أن يُجيبَه «تختخ» جاء صوت المفتش «سامي» يسأل مرة أخرى: منذ متى؟ وأين هي الآن؟ وماذا تلبس؟

تختخ: أستطيع أن آتيك الآن لأجيب على كل هذه الأسئلة، ومعلومات أخرى توصَّلنا إليها.

سامي: إذن أنا في انتظارك، وسوف أُرسل المساعد ليقوم بالمأمورية بدلًا مني، وأرجو ألا تتأخر.

انتهت المكالمة التي استغرقت بعض الوقت، فنقل «تختخ» كلمات المفتش «سامي» إلى بقية «المغامرين» فقالت «نوسة»: أظن أن اهتمام المفتش «سامي» يعني أن عنده أخبارًا هو الآخر … وربما يكون أهل الفتاة قد أبلغوا الشرطة عن اختفائها!

وقف «تختخ» ونظر ﻟ «المغامرين» لحظة ثم قال: إنني لن أتأخر … وإذا حدث وتأخرت فسوف أتصل بكم.

وغادر «البرجولة» مباشرة، لكنه لم يغادر الفيلَّا، فقد صعد إلى غرفة الضيوف حيث توجد الفتاة، وعندما دخل إليها كانت دادة «نجيبة» تداعبها، ابتسم لها «تختخ» وقال لها: ما رأيك لو أخذت لك صورة؟!

ابتسمت الفتاة، فأخرج تليفونه المحمول، والتقط لها عدة صور من زوايا مختلفة … ثم ربَّت عليها، وغادر الغرفة، وما إن ظهر على السلم الخارجي حتى كان «زنجر» يسرع إليه … ربَّت عليه «تختخ» وقال له: لا أحتاجك الآن يا صديقي … فقط عليك أن تنضمَّ إلى «المغامرين».

وأشار إلى «البرجولة» فأسرع «زنجر» إليها، في حين خرج «تختخ» إلى الشارع وعندما وصل إلى المفتش «سامي» كان أول ما سمعه منه: لقد تأخرت، وهذه ليست عادتك.

ودون أن يفتح «تختخ» فمه بكلمة أخرج تليفونه المحمول، وعرض صور الفتاة على المفش «سامي» الذي هتف: إنها هي … أين هي الآن؟!

ابتسم «تختخ» وقال: ألَا تدعوني إلى الجلوس أولًا؟!

ابتسم المفتش «سامي» وهو يقول: لقد أنستني مفاجأة الصور، أعتذر … تفضَّل.

أخذ المفتش «سامي» محمول «تختخ»، وطلب قسم الكمبيوتر، وعندما جاءه الموظف طلب منه على وجه السرعة أن يقوم بطبع الصور فورًا، وعندما انصرف الموظف ابتسم المفتش «سامي» وهو يقول: ما رأيك في هذه الصور؟!

أخذ «تختخ» الصور، وعندما وقعت عيناه عليها، ملأت الدهشة وجهه، ظلَّ يُقلِّب الصور، ثم نظر إلى المفتش «سامي» وقال: إذن عندكم معلومات عنها!

سامي: طبعًا، فوالدها يبحث عنها منذ شهر.

تختخ: إذن أسمع حكايتها.

ابتسم المفتش «سامي» وهو يقول: ليس قبل أن أدعوَك لكوب من الكاكاو الساخن، فقد فهمت أن «شمس» عندك!

دُهِشَ «تختخ» واستغرق في التفكير لحظة، بينما سأله المفتش «سامي»: فيمَ تفكر؟!

همس «تختخ» لنفسه: إذن اسمها «شمس» وليس «شروق» أو «فجر» كما ظنت «لوزة» و«نوسة»!

فسأله المفتش «سامي» مرة أخرى: فيمَ تفكِّر؟!

بدأ «تختخ» يحكي للمفتش «سامي» الحكاية منذ أيقظه «زنجر» بنباحه، وكيف عثر على «شمس» فوق الكرسي المتحرك، ولم يقاطع «تختخ» إلا وصول كوب الكاكاو الساخن، وظل يحكي بقية التفاصيل، والفيلَّا الغامضة التي دخلها، والسيارة التي حاولت قتل «نوار»، ثم قال «تختخ»: والأرقام هي ٩٧٥ والسيارة سوداء اللون.

سامي: هل تعرفون ماركة السيارة؟!

تختخ: كان الظلام كثيفًا، وكانت السيارة مسرعة بدرجة مخيفة.

سامي: لا بأس!

عاد موظف الكمبيوتر وقدَّم الصور للمفتش الذي قدَّمها بدوره إلى «تختخ» … ظل «تختخ» يتأمل صور «شمس» مبتسمًا … ثم نظر إلى المفتش «سامي» وسأله: هل ستُعيدون «شمس» إلى أهلها؟

سامي: لا أظن بهذه السرعة … المسألة لم تَعُد «شمس» فقط، ولكن واضح من التفاصيل التي سمعتها منك أن هناك لغزًا أكبر … وهذا يحتاج بعض التفكير!

صمت المفتش «سامي» لحظات ثم قال: سأزورك الليلة ولكن في وقت متأخر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤