رُموز نفي الذات

جِدْ بنفيِ الذاتِ ذاتًا، لا تهابْ
اجتهد، واللهُ يهديكَ الصواب
جلال الدين الرومي

مهداة إلى الأمة الإسلامية

إيه يا مُنكرًا أحاديثَ عشقي
ليس بي حُرقةٌ تكون بغيري
عرفي١
ختم الله إليكِ الأمما
بكِ حقًّا كلُّ بَدءٍ خُتما
كم تقيٍّ فيكِ كالرسْل مُنيبْ
وجريحِ القلب رفَّاءِ القلوب
لكِ طرفٌ بالنصارى سُحِرا
وعن الكعبة أبْعدتِ السُّرى٢
يا مَن الأفلاك من هَبوتِها
«مَن رنا الكونُ إلى طلعتها»٣
سرتِ كالموج دءوب السفرِ
«أين تبغين مَرادَ النظر؟»٤
كفَراش في لظى الحب اصبري
وخذي عُشك بين الشررِ
أحْكِمي العشق بروح قد صفا
جدِّدي العهد بحبِّ المصطفى
صحبةَ النَصرانِ قلبي هجرا
حينما وجهكِ عندي أسفرا
ورفيقي رهنُ حسن الآخرين
واصف الطرَّة منهم والجبينْ
سدَّةَ الساقي بخدَّيه يَدوسْ
منشدًا قصة غلمان المجوسْ٥
وأنا فيكِ قتيلُ الحاجبِ
وتُرَاب في حِمَاكِ الحادب
أنا من نظم مديح أرفعُ
لستُ ممَّن لأمير يَركعُ
كم مرايا صُغتُها من كلِمي
فعن اسكندرَ تعلو هِممي٦
لا تَرى المنَّةَ جيدي تأطِر
من زهور الروض حِجْري صَفِرُ٧
مُقْدِمٌ في الدهر مثل الخِنجرِ
من قلوب الصخر مائي أمتري٨
أنا في نار الحياة الشرَرُ
في ثيابٍ من رمادي أستَرُ

•••

قصدتْ بابكِ روحي في خشوع
في هدايا من لهيبٍ ودموعْ
إن في الزرقاء يَمًّا يقطرُ
فوق قلب لاهبٍ لا يفتُر
أجمعُ القطر ربيعًا جاريًا٩
وإلى رَوضِكِ أُزجي صافيًا
قد حُبيتِ الحبَّ من محبوبنا
أنت قلب قد ثوى في صدرنا١٠
قذف العشقُ بقلبي حُرَقا
صاغ مرآةً فؤادي المُحرَقا
وشققت الصدر، كالورد لكِ١١
مُدنيًا مرآته من وجهك
لتنالي نظرة من سِحرِكِ
وتُرَيْ مغلولةً في شَعركِ١٢
ثم أشدو قِصَصًا من أمسك
فأذَكِّي حُرَقًا في نفسِكِ

•••

أسأَل الحق حياةً تحصُف
لفريق نفسَه لا يعرف
نائحٌ والليل ساجٍ سادلُ
يهجَع الناسُ ودمعي هاطلُ
تصطلي روحي بحزن وألَمْ
وِردُ «يا قيُّوم» أُنْسِي في الظُّلَمْ
أملًا في الصدر صيَّرتُ دما
ليُرَى في أدمُعي مُنسجما
ما احتراقي كشقيق أبدًا
فيم أستجدي من الفجر الندى١٣
أنا كالشمع دموعي غُسُلي
في ظلام الليل أذكِي شُعَلي
محفِلُ الناس بنوري يُشرقُ
أنشرُ النور ونَفسي أحرقُ
ما لناري في الحشا من فَترةِ
ما بأسبوعي فَراغُ الجمعة١٤
إن روحي في سحيق الجَسد
آهةٌ ثوبَ غبار ترتدي١٥
مُذْ براني الحقُّ فجرَ الخلقة
زلزلتْ أوتارَ عودي أنَّتي
أنَّةٌ للعشق تُفشي سرَّهُ
آهةٌ في العشق تُذكي جمرهُ
تجعل العصفَ لهيبًا يُحرقُ
وفَراشًا من تراب تَخلُق١٦

•••

في ضمير العشقِ وَسْمٌ كالشَقِرْ
وله وردةُ وجدٍ تستعرْ
هذه الوردة أحبُو صَدركِ
في سُباتٍ منك أذكِى حشرَكِ
لأرى في تُربكَ الروض الينيعْ
وبأَنْفاسكِ أرواحَ الربيعْ

تمهِيد في معنى ارتباط الفرد والأمة

رحمةٌ للفرد حِجْر الأمَّة
كاملٌ جوهرُه في الملَّة
فالْزَمَنَّ الجمعَ جهد المستطاعْ
في ذَرا الأحرار كنْ مثلَ الشعاعْ
واحفظن ما قاله خيرُ البشر:
كلُّ شيطانٍ من الجمع نفرْ
فَردُنا مرآتهُ أمتُهُ
وكذا مرآتُها صورته
وهما سلك نظام ودُرَرْ
أو نجومٌ تتجلَّى في النهَر١٧
قيمةُ الأفراد جدوى الملَّةِ
ومن الأفراد نظم الأمة١٨
وإذا الواحدُ في الجمع نما
كان كالقطرة صارت خِضْرِما
جُمع الماضي له في لُبِّه
والتقى الغابرُ والآتي به
صلَة الأمس تراه والغدِ
وقتُه لا ينتهي كالأبدِ
هو بالأمة قلبٌ طامحُ
وهْو بالأمة سعيٌ رابحُ
روحه من قومه، والبدنُ
سرُّه من قومه والعَلَنُ
بلسان القوم يشدو منطقَا
ومن الأسلاف يَقفو طُرُقا
تُنضجُ الفطرةَ فيه الصحبةُ
فتراه الفردَ وهْو الأمَّةُ
تُحكمُ الوحدةَ فيه الكثرةُ
وهي، بالوحدة فيه، وحدة١٩
أفرِدِ اللفظ من البيت ترى
جوهر المعنى لديه انكسرا٢٠
تسقط الأوراقُ من غصن ينيع
فتُرى محرومةً وصلَ الربيعْ
طفئت أنغام أعواد غِناء
فاتها من زمزم الأمة ماء
يُحرَم الفردُ الوحيدُ المقصِدا
فترى نظمَ قُواه بَدَدا
تجمع الأمة شملَ المُنَّة
فيه تحبوه عظيمَ الهمَّة
نشأت بالقيد حرًّا مطلقًا
أثبتت في الأرض سروًا بَسَقا٢١
ظَبيُه الوثَّابُ مِسكا يَعبِق
إن حواه من نظام وَهَق٢٢
أنت لم تعرف «خودي» من «بيخودي»
أنت لا ريب من الشك رَدِي٢٣
إن في طينك نُورًا قد بدا
بشعاع منه أبصرتَ الهدى٢٤
كل غمٍّ ورضًا من دورتهْ
أنت حيٌّ بتوالي ثَورتِه
أنت منه أنت حقًّا، وأنا
أنا، وهو الفرد لا يرضى ثُنا٢٥
يخلق النفس ويَذرو ويُقرّ
ذو دلال في خضوع مستتر٢٦
يأسر الشعلةَ هذا الشرَرُ
لهبٌ من حرِّه مُستعرُ٢٧
حرة رهنُ قيود فطرتُه
جزؤه بالكل حاطت قوَّته
لكفاح دائم تنزُو قُواه
هو يُسمى الذاتَ أو يُسمى الحياهْ
يستثير الحربَ في جلوتِه
حين يُبدي النفس من خلوته٢٨
يقطع الجبرُ عليه الطرُقا
وله بالحبِّ فرعٌ سَمَقا٢٩
تتشظَّى الذات في أمتها
لتُرى الروضة من زهرتها٣٠
نكتةً خذها، كسيف مِخْذَم
وانصرف عنِّيَ إن لم تفهم٣١

في معنى أن الملة تنشأ من اختلاط الأفراد وأن تكميل تربيتها بالنبوة

ما ارتباط الجمع، أنَّى يوصَفُ؟
قصةٌ أولها لا يُعرفُ
إننا نبصر فَردًا في الجميعْ
زهرةً نقطف في هذا الربيع٣٢
فطرة تنهج نهج الوَحدةِ
إنما تُزهر وَسْط الروضة
كلُّ فرد بأخيه ائتلفا
مثلَ درٍّ في سمُوطٍ أُلِّفا
لَفَّهم في عيشهم معتَرَكُ
كل فرد بأخيه مُمسِكُ
من جِذابٍ تتوالى الأنجمُ
كوكبٌ من كوكبٍ مستحكِمُ

•••

كان رَكبُ الناس مأواه الجبال
ومروجٌ وسُهوب ورمالْ
نسجُه ما أُحْكِمتْ لُحْمتُهُ
فكرهُ ما فُتِّحَت زهرتُهُ
عودُه ما بلحونِ رَنَّما
لحنه لمَّا يُؤَلِّفْ نَغَما
لم يُثِره من رجاء مِضْرَبُ
لم يَخزه بزبانيَ مطلب٣٣
محفل غُفْل حديث المولد
جامُه من خمره غير ندي٣٤
لم يُرعرع في ثَراه نجمُه
كرْمه ما فار فيه دمُه٣٥
فكره دارٌ لغيلان الخيالْ
خائف من وهمه في كل حالْ
ذو وجود ضيِّقٍ ميدانُه
قد أحاطت فكرَه جُدرانُه
طينُه من خيفَة قد خُلقا
قلبه من قصف ريحٍ خَفَقا
روحه من كل صعب تهرُبُ
يده في أرضه لا تضربُ
كل ما ينمو بأرض يقطِفُ
كل ما ترمي سماءٌ يلقَفُ

•••

ثم يهدي الله ذا قلب بصير
يكتب الأسفار من حرف يسير
عازفٌ في كلِّ نفْس ينفُث
وحياةً في مَواتٍ يَبعث
تقبس الذرَّة من أنواره
كل قَدر حالَ في معياره٣٦
يُنشر الأنفسَ منه نَفَسُ
بشعاع منه يُزهَى مجلِسُ
شفةٌ تُحيي وعينٌ تَجذِبُ
وحَّدا الأشتات، هذا عَجبُ٣٧
يهب الناسَ جديد النظر
يجعل البِيدَ كروضٍ نَضِرِ٣٨
فترى الأمة منه سائره
بلهيب منه حَرَّى ثائره
شررًا في قلبها قد أشعلا
فأحال الطين فيها شُعَلا
سيره يعطي التراب البَصرا
فإذا الذرة سيناءَ تَرَى٣٩
عارِيَ العقل بجدواه كسا
وهب الثروةَ هذا المفلِسا٤٠
ينفُخ الجمرة في موقِده
ويذيب الغِش من عسجده٤١
ويفكُّ العبدَ من أغلاله
ويُجير القِنَّ من أقياله
قائلا أن لستَ عبدًا فاعلَمِ
أترى قدرك دون الصنَم٤٢
يجذب الإنسانَ شطر المقصد
جاعلَ الشرع زمامًا في اليدِ
نكتةَ التوحيد يوحيها إليه
أدبَ الطاعة يمليه عليهْ٤٣

أركان الأمة الإسلامية الركن الأول التوحيد

طوَّف العقل بدنيا العِللِ
قاده التوحيد شطر المنزلِ
أعوَزَ المنزلُ هذا السابلا
زورقُ الفكر أضلَّ الساحلا
في «آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا» مُضمرَ
رمزُ توحيد لقلبٍ يُبصرُ٤٤
يبتلي التوحيدُ فيك العملا
فيجلِّي لك سرًّا أغفِلا
يُشرق الدينُ به والحكمةُ
ويُرى الأيدُ به والمُكنةُ
قد تجلَّى حيرةً للعالِمين
وتجلى عملا في العاشقين
يرتقي في ظله المتضِعُ
ويصير التُربُ تِبْرًا يَسطع
يجتبي التوحيد عبدًا ثابَرا
فيردُّ العبد خلقًا آخرا
فهو في الحق حثيث دائبُ
دمُه كالبرق فيه لاهِبُ
ريبه يَفنَى ويحيا العمل
عينه في الكون يَقظى تعمَلُ
في «مقام العبد» إن تثبتْ قدم
جَرَّة السائل تُصبحْ جامَ جم٤٥
«لا إله» الروحُ في أمتنا
«لا إله» اللحن في نغمتنا٤٦
«لا إله» السرُّ في أسرارنا
«لا إله» السمط من أفكارنا
صار قلبًا إن حواها حجرُ
كل قلب لم تُنِرْه، مَدَرُ
يتلظى الكون من زَفرتِها
ويضيءُ القلب من وَقدتِها
وتُسيل القلبَ ماء في الصدور
تصهر المرآة منه في الحَرور
شعلةٌ في روحنا مثلُ الشقيق
كل ما نمتاره منها الحريق
بيَّض التوحيد مُسودَّ البَشَرْ
فأبو بكر أخوه وعمر
ليس إلا القلبَ قربٌ وابتعادْ
وهذه الكأس بها هاج الفؤاد
وحدة القلب قوام الأمة
أشرقت سيناء من ذي الجلوة
قد هدى الأمة سُبْل العمل
هذه الفكر بها والأملِ
نزعة ٌ واحدةٌ في قلبها
فعِيارُ الحسن والقُبح بها
لا يُجيد الفكرُ في قيثاره
دون نار الحق في أوتاره٤٧
نحن في الإسلام أبناء الخليلْ
من «أبيكم» خذ إذا شئت الدليلْ٤٨
أُمَمٌ قد عَبدتْ أوطانَها
وبنتْ من نسب بنيانَها
أتَرى الأوطان أصلَ الأمم
تُعبَد الأرض بها كالصنم؟
إنما الأنسابُ فخرُ السفهاء
حُكمها في الجسم، والجسمُ هبَاءْ
ضمَّنا في الحق أسٌّ آخَرُ
هو في الألباب منَّا مُضمَرُ
قد خلصنا من حدود وقيود
قلبنا في الغيب إذ نحن شهودْ٤٩
ضمَّنا، كالزُّهر، نظم مضمَرُ
بصر ليس يراه مُبصرُ٥٠
وُحِّد الرئْيُ لنا والفكرةُ
كسهام جمعتْها جَعبةُ٥١
نحن فكرٌ وخيال واحد
ورجاءٌ ومآل واحدُ
نحن من نعمائه حِلفُ إخاء
قلبنا والروحُ واللفظ سواء

في معنى أن الخوف والحزن واليأس أمهاتُ الخبائث٥٢ وقاطعات طريق الحياة، وأن في التوحيد دواء هذه العلل الخبيثة

عُدَّة الموت قُنوطٌ مُحبِطُ
والحياة الحقُّ أن «لَا تَقْنَطُوا»٥٣
إنما العيشُ رجاءٌ يُوصَل
فقنوطُ الحيِّ سمٌّ يَقتل٥٤
يأسك القبر إليه ترجع
إن تكنْ أَلْوَنْدَ فهو المصرع٥٥
رُبَّت الخيبة في أكنافه
ونما العجز على ألطافه٥٦
آه من نوم الحياة المُخدِر
إنه آية ضعف العنصر
كحله في العين يُعمي البصرا
ويرُّد الصبح ليلًا أكدرا٥٧
نفسٌ منه سَمومٌ للحياه
كل ينبوع به جفَّ ثراه
وهو للغمِّ حليف واصِلُ
إنما الغمُّ لحيٍّ قاتلُ
يا سجينَ الغمِّ أبصِر واسمعِ
من رسول الله «لا تحزن» وعي٥٨
ذلك النصح سرى في قلبه
فغدا الصديقُ صدِّيقًا بِه
إنما المسلم مثل الكوكبِ
باسمٌ في سعيه والدأبِ
حرِّر النفس من الغم ودَعْ
إن عرفت الله، أغلال الطمعْ
قوة الإيمان تُحيي فاعلَمنْ
وردَ «لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» فاقرأَنْ٥٩
قلبه من «لَا تَخَفْ» قلبٌ سليمْ
حين يمضي نحو فرعونٍ كليمْ٦٠
خوفُ غير الله قَتْل العملِ
وهو للأحياء قطعُ السُبُلِ
وبه العزم يخاف الغِيَرا
وترى المقدام منه حَذِرا
من نما ذا البذر يومًا في ثَراهْ
حَرمتْه من تجلِّيها الحياهْ
فهو فلٌ وهو شادٍ يَعْزف
بيد شُلَّت وقلبٍ يرجُفُ
يسرق الرجلَ قُوَى تسيارها
يسلب الرأسَ قوى أفكارها
إن تجلَّى لعدوٍّ خوفُكا
هانَ كالورد، عليه قطفُكا
سيفه يزداد فتكًا في اليد
عينه فيك حسام لا يَدي٦١
غلَّنا الخوفُ، وكم في بحرنا
من عُباب مائجٍ في دهرنا
إن أبَى النغمة يومًا مِزهركْ
فمن الخوف تندَّى وترُكْ
فاعرُك الأذنَ يَثُر فيه الغناء
ويهزُّ اللحنُ آفاق السماء
كل شرٍّ في فؤاد يُضْمَرُ
أصله الخوفُ، إذا ما تُبصِرُ
من ديار الموت عينٌ قَدِما
مثل ميم الموت قلبٌ أظلما٦٢
عينه تلبيس آثار الحياه
أذْنه تدليس أخبار الحياه٦٣
يُزهِر الخِبُّ به والمَلق
ونفاق القلب منه يورقُ
ثوبُه للزور سترٌ والريَبْ
حِجْره الفتنةُ فيه والحرَبْ
حُرِم الخوفُ طموحَ الهمةِ
فهو خِدنٌ لحليف الذلة
كلُّ مَن يفقه سرَّ المصطفى
يجدُ الإشراكَ في الخوف اختفى

محاورة السهم والسيف

قال سهم مرهف يوم الزحامْ
قال للسيف وللحرب ضِرام
يا مَن الجِنَّة في أعطافه
ذو الفقار العضبُ من أسلافه!٦٤
خالدًا صاحبت يَفْري الفيلَقا
وعلى الشام نثرتَ الشفقا٦٥
نارُ قهر الله في جوهرِكا
جنَّةُ الفردوس مأوى ظلَّكا!
إنني في الجوِّ أو في جَعبتي
حيثما كنت، بجسمي شُعلتي
وإذا القوس رمتني للثُبور
بصُرت عيني بأحناء الصدور
إن خلا الصدر من القلب السليم
ما به يأس ولا خوفٌ مقيمْ
نفذ النصل خِلالَ الأعظُمِ
فكسوتُ الجسمَ دِرعًا من دمِ
وإذا حَلَّاه قلبٌ مؤمِن
نورُه الظاهرُ ممَّا يُبطنُ
ذاب روحي من فؤاد وَقدا
وهمى نَصلي كقطْرات الندى

قصة السلطان عالمكير والأسد٦٦

إنَّ عالمكير عالي المنزل
من بني تيمور فخرِ الدول
كان للإسلام منه عِزَّةُ
ولحكم الشرع فيه حُرمةُ
آخرُ الأسهم في جَعبتنا
في ذياد الكفر عن ملَّتنا
غَرَسَ الإلحاد فينا أكبرُ
فنما في طبع دارا يُزهِر٦٧
وخبا في الصدر مصباح الفؤادْ
وبدت أمتنا رهنَ فسادْ
فتولَّى الهند في ذي المحنةِ
زاهد ربُّ حسام مُصلتِ
اجتباه الحق للدين المبين
اجتباه أجلَ تجديد اليَقينْ
أحرَق الألحادَ من برق الحُسامْ
وأنار الدينَ في هذا الظلامْ
حرَّف الجُهَّال عنه ما جرى
فكرُهم عن قصده قد قصَّرا
كان إبراهيم بيت الصنمِ
في لظى الحق فَراشًا يرتمي
كان في الأملاك فردًا خيِّرا
زهده من قبره قد ظهرا٦٨
ذاكم المَلك الفقير الجاهد
زينة العرش المليك الماجد٦٩
سار صبحًا مُوغلًا في غَيضة
معه من جنده ذو ثقة
في نسيم الصبح نشوانَ خَطَر
سامعًا تسبيح طير في الشجرْ
وامَّحى السلطان في شوق الصلاه
من مجاز حثَّ للحقِّ خُطاه
وأتى ليث مَهيبٌ فَتِك
صوتُه يَرعَد منه الفلكُ
شمَّ ريح الإنس بُعدا فدنا
وعلى السلطان أهوى البُرثُنا
فإذا الخنجر منه في اليد
باقرًا كالبرق بطن الأسد
لم يفزَّع قلبه بالبغتة
خال ليث الغاب ليث الصورة٧٠
ثم للحق دعاه الولَهُ
في صلاة الوجد معراجٌ له٧١
مثل ذا القلب الذي لم يَهِن
دارُه بالحق صدر المؤمن
إنما العبد أمامَ الحق «لا»
وهو للزور «نعم» لن يَبطُلا٧٢
أيها الغافل! قلبًا حصِّلا
هيِّئَنْ للحِبِّ هذا المحملا٧٣
ابذِل النفسَ تَنَلْها لا مفرّ
ذلَّ للحق تَنلْ عزَّ الدهَر
أحرقنْ بالعشق خوفًا وانهدَا
حملًا في الحق ليثًا للعِدى
إنَّ خوف الله إيمانٌ جليّ
ثمَّ تقوى غيره شرك خفي

الركن الثاني الرسالة

تاركُ الآفِل، من قَبل الخليل
هُو للرُسْل على النهج دليل
إنه لله فينا آيةُ
رُبِّيت في قلبه ذي الملةُ
«طَهِّرَا بَيْتِي» إِليه أنزلا
بعد سيل من دموع سُيِّلا٧٤
قفرةً من أجلنا قد عَمَّرا
وبَنى البيتَ الذي قد طَهَّرا
«تُبْ عَلَيْنَا» نضرت زهرتها
فنَمتْ في أرضنا روضتها٧٥
صوَّر الرحمنُ منَّا هيكلا
وحباه الروحَ مما أَنزلا
أحرفًا كنا ولسنا كلِما
فتألفنا كبيت نُظِما
بالرسالات بدا تكوينُنا
شرعُنا منها ومنها دينُنا
ذاك من «يهدي إليه من يريدْ»
حلقةً منها حوالينا يشيد٧٦
حلقة ذات محيط يُعجزُ
ساحةُ البطحاء فيها مركز٧٧
نحن ممَّا جمَّعتنا أمَّةُ
أُرسلت للناس فيها الرحمة
موجُنا في بحرها متَّصلُ
موجة من موجة لا تُفصَل
أمةٌ في حرزِ سُور الحرَم
في حفاظٍ مثل أسْد الأجم٧٨
إن تحقَّق ممعنًا في كلِمي
نظرةَ الصديق ربِّ الفَهَم
فالنبي الروح فينا والعصَبْ
وإلى القلب من الربِّ أحَب
سِفْرُه في القلب نبع القوَّة
شَرعه حَبل وريد الأمَّة
قطع حبلٍ منه للموت رديف
كذبول الورد في ريح الخريف
حيَّتِ الأمة من ترياقه
صُبحها نوَّر من إشراقه
وحَّد المرسَلُ فينا النغَما
والطوايا والمُنى والألَما
كثرةُ الأُلَّاف عينُ الوحدة
ومن الوحدة نَشء الأمة٧٩
وحدة القصد حياة الكثرة
مقصد المسلم دين الفطرة
علَّم الفطرة خيرُ الرُّسلِ
فمضينا للهُدى كالشُعَل
بحره أخرج هذا الجوهَرا
نحن روحٌ واحدٌ منه سَرى
هذه الوحدة ما لم تفقَدِ
تحفظ المسلم حتى الأبدِ
ختم الله علينا شِرْعَتهْ
وعلى المرسَل فينا بعثَته٨٠
محفل الأيام منا يَبسمُ
خُتِمَ الرُّسْل بنا والأمم
خدمةَ الساقي إلينا صرفا
جامَه الآخِرَ فينا خلَّفا
لا نبيٌّ بعدُ» فضلٌ عُرفا
إنه حرمةُ دين المصطفى٨١
إنه قوة هذي الملة
إنه سرُّ اتحاد الأمة
كلُّ دعوى بعدها للأفَنِ
أحكِم الإسلامُ طولَ الزمن
ما سوى الحق قلاه المسلم
قائلًا: «لا قوم بعدي» فاعلموا

في بيان أن مقصود الرسالة المحمدية تمكين الحرية والمساواة والأخوَّة بين البشر

عبد الإنسانُ أصنام البَشرْ
فهو في عُدم وذلٍّ محتقر
قيصر العَسفِ وكسرى قيَّدا
منه جيدا ثم رجلًا ويدا
ومن القسِّيس والمَلْك طِلابْ
بخراج الحقل، والحقلُ خرابْ
نصب الأشراك للصيد الضرَعْ
بائع الجنَّة أُسْقُفَّ الخُدَع
حقله قد عاث فيه البَرْهَمنْ
ومجوسٌ أحرقت ما قد خَزنْ
أضعف الرقُّ لديه الهِممَا
لَحنُه في عوده سال دما

•••

وأمينًا بعث المولى به
سَلَّم الحق إلى أصحابه
رفعَ العُبدانَ بالحق إلى
سُرُر الخاقان والزورَقلَى
بثَّ في برد الرَّماد الشُّعَلا
فعلى برويزَ فَرهادُ علا٨٢
سَلب السلطانَ حِزْبَ الآمرينْ
فسما بالحق قدرُ العاملينْ
عزمُه هدَّ قديمات الصُوَر
وبنى حصنًا جديدًا للبشر
بثَّ روحًا حيَّت الموتى بها
وافتدى الأعبدُ من أربابها
مولد مات به العصر القديم
وبيوتُ النار والوثْنِ حطيم
أزهرَ التحريرُ في روضته
هذه الصهباء من كرمَتِه
عصرنا اللألاء في أنواره
فتحَ الأعينَ في أحجاره٨٣
خطَّ في العالم سطرًا مُبدَعا
أُمة فاتحةً قد أبدعا
صدرها من وَقدة الحق أضاء
ذرَّة منها أنارت في ذُكاء
أشرق الكون بها إذ يبتني
كعباتٍ من بيوت الوثنِ
ولدتها الأنبياء القُدُم
فإذا الأتقى لديها الأكرم
إخوةٌ فيها جميع المؤمنين٨٤
طينها حرية في العالمين
المساواة لديها فطرةُ
ومن التمييز فيها نفرةُ
نسلها كالسرو حر قد علا
عهدها أحْكِم من «قالوا بلى»٨٥
سجدة الحق بسيماها غُرَر
قبَّل النجمُ ثراها والقمر

قصة أبي عبيد وجابان في معنى الأخوة الإسلامية٨٦

مُسلمٌ في حَومة الحرب أسَرْ
قائدًا من جيش كسرى ذا خَطرْ
قائدٌ ربُّ خداع ماكرُ
عجمَ الأيامَ ذئبٌ غادر
لم يعرِّف آسريه باسمه
أو يحدِّث أحدًا عن وسمهِ
قال للآسر: يا ذا الكرمِ
آمِنَنِّي، ذاك شأنُ المسلمِ
وضع الجنديُّ في الغمد الحسام
مُعلنًا أن دَمُك اليوم حَرام
وخبَتْ في الحرب نيران العَجَمْ
وهوى من آل ساسان العَلمْ
فإذا المأسور جابان الكبيرْ
قائد في جند إيران أميرْ
أقبل الجند بصوت قارِع
يسأل القائد قتل الخادع
بُو عبيدٍ قائد العُرْب الأبيّ
عزمُه في الحرب عن جيش غنىّ٨٧
قال يا قوم: ألسنا المسلمين
نغمةً واحدة في العالَمينْ
من أبي ذرٍّ عَلتْ أو حيدر
من بلال سُمعتْ أو قَنبرِ٨٨
كلُّ جنديٍّ أمينُ الملةِ
صلحه والحرب عهدُ الأمة
إنَّ جابان عدوٌّ غشِيمُ
لكن الأمنَ حَباه مُسلمُ
دَمُه اليوم عليكم حُرِّما
أمةَ المختار! أوفوا الذمَما

قصة السلطان مراد والعمار٨٩ في معنى المساواة الإسلامية

أخرجت أرضُ خُجَندٍ صانعا
نال في التشييد صيتًا ذائعا
صانعًا فرهادُ حقًّا وَلدا
لمراد مسجدًا قد شيَّدا٩٠
غضب السلطان من تقصيره
لم يرَ الإتقانَ في تعميرِه
قدَحت عينُ المليك الشررا
ويدَ المسكين فورًا بترا
سار للقاضي حزينًا يجأر
دمُه من يده يَنْهمِرُ
قال: يا مَن قولُه الحقُّ المبين!
يا حفيظًا شرعَ خير المرسلين!
لستُ للسلطان عبدًا فاسمَعِ
حكِّم القرآن فينا واقطعِ٩١
قرعَ الحاكم سنَّ المبُلسِ
ودعا السلطانَ نحو المجلس
فأتى السلطانُ يخشى ذنَبه
هيبةُ القرآن تُدمي قلبَه
عينُه من خجَل للقَدَمِ
وعلى خدَّيه لونُ الندَمِ
وقف الخصمان: خصمٌ يشتكي
وخصيمٌ في ثياب الملكِ
جَهر السلطان: إني نادم
لا أردُّ الحق إني جارم
وتلا القاضي: حياةٌ في القصاصْ
ذاك قانونُ حياةٍ، لا مناص
ليس دون الحرِّ عبدٌ مسلمُ
وحَّدَ المعمارَ والمَلْكَ دمُ
سمع القرآن يُملي حكمهُ
فنضا السلطانُ فورًا كمَّه٩٢
إذ رأى الخصمُ الذي قد فعلا
آيةَ الإحسان والعدل تلا٩٣
قائلا: لله أعفو وكفى
إنني أعفو لأجل المصطفى
نَملةٌ عزَّت سُليمان القويّ
انظرن سطوة قانون النبيّ
جمع القرآنُ مولًى وفتاه
وذوي التيجان سوَّى بالرعاه

في بيان أن الأمة الإسلامية مؤسسة على التوحيد فلا تحدُّها الأمكنة

قلبنا الخفَّاق يأبى مَوطِنا
ريحه العاصف تأبى مسكنا٩٤
ليس من هند وروم قلبُنا
ما سوى الإسلام فيه أرضُنا
كعبٌ الشاعر في خير العباد
أنشد المِدحةَ من بانتْ سعادْ٩٥
نظم الدرَّ منيرًا في ثناه
من سيوف الهند سيفًا قد دعاهُ٩٦
مَن على الأفلاك فيه رفعةُ
لم ترقهُ لبلاد نسبةُ
قال: سيف من سيوف الله قلْ
يا نصير الحق زورًا لا تقلْ
وكذاكم قال ذو القدر العلي
مَن سَناه كحل عين الرسل:
ليَ من دنياكم قد حُبِّبَا
بعض ما فيها حلالًا طيبًا٩٧
إن تكن سرَّ المعاني تعلمُ
فافهم النكتة في «دنياكمُ»
كان في الدنيا وفيها ما سَكَنْ
ذلك المشرق في ليل الزمَنْ
مِنْ سَناه قد تجلَّى العالَم
مُشرقًا إذ كان طينًا آدمُ
لستُ أدري ما حماه والوطنْ
أنا دارٍ أنه فينا سكن٩٨
قد رأى في أرضنا دنيَا لنا
وهو في الدنيا كضيف بيننا
إذ أضعنا القلب في هذا اليَباب
وفقدنا النفس في هذا الترابْ
لا تحدُّ الأرضُ قلبَ المسلِم
لا يُرى في تيهِ أنَّى وكمِ٩٩
ليس للمسلم في الأرض عَطنْ
حائرٌ في قلبه كلُّ وطن١٠٠
حصِّلِ القلبَ ففي وُسْعَتهِ
ضلَّ هذا الكونُ في فسحته
عقدةَ الأقوام حلَّ المسلمُ
هجر الدارَ الإمامُ الأعظم١٠١
أمةً ملء الدُنَى قد أسَّسا
جعل التوحيد فيها أسُسا
صارت الأرض لدينا مسجَدا
إذ أشاع الفضل فينا وهدى
ذلك المحمودُ في الذكر الحكيمْ
ذلك المحفوظ بالله الرحيم
تفزع الأعداء من هيبتهِ
في ارتعاد من سَنا طلعتهِ
فلماذا أرض أهليهِ هجرْ؟
أتراه خشية الأعداء فرّ؟
حجبَ القصَّاصُ معنى القصةِ
غلطوا في فهم معنى الهجرة
هجرةٌ شرعُ حياة المسلِم
هجرةٌ سرُّ ثبات المسلم
إنها التَسيار نحو الوُسعة
ولأجل اليمِّ ترك القطرة١٠٢
اهجر الزهرة أجْلَ الروضة
إن هذا الخسر ربح الكثرةِ
شرفُ الشمس مسيرُ مطلَقُ
فيه من فوق البرايا تخفق
لا تكن نَهرا من السُّحْب يُمَدّ
وكن البحرَ، عُبابًا لا يُحَدّ
اقصدن تسخير كلِّ العالَم
لتُرى سلطان أهلِ العالَم
لا يقيِّدك مُقامٌ في الورى
وكن الحوت يَسيحُ الأبحُرا
كل مَن حُرِّر من ذلِّ الجهات
فلك يُزهِر من كل الجهاتْ
تركَ الوردَ شذاه فسرى
في فسيح المرج عِطرًا نَشَرا
يا أسيرًا قد ثوى في روضةِ
عندليبًا هائمًا في وردةِ!
سَيِّرنْ نفسك حرًّا كالصَّبا
ثم عانق كلَّ أزهار الرُّبَى
احذرن من خدعة العصر الجديدْ
التباسَ النهج حاذر يا رشيدْ

في بيان أن الوطن ليس أساس الأمة

قطَّعوا الأرحام بين الأخوةِ
صيَّروا الأوطان أُسَّ الأمةِ
قدَّسوا الأوطان إعجابًا بها
قسَّموا الإنسان أسرابًا بها
طلبوا الجنة في «بِئْسَ القَرَار»
«فَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارْ»١٠٣
محق الجنَّة هذا الشجرُ
ليس إلا الحربَ فيه ثمرُ
أنكر الإنسانُ وجهَ الإخوة
وانتهت قصةُ الاِنسانيةِ
ذهب الإنسان روحًا وانقضى
بقيت أقوامُه وهْوَ مَضى
منصب الدين حواه الساسة
فنمت في الغرب هذي الآفةُ
دين عيسى بطلت قصتُه
وخبت في دُوره شُعلتُهُ
عجز الأسقفُّ عن تقديره
حادت الأزلام عن تدبيره
قوم عيسى حقروا بِيعَته
أبطلوا في سوقهم سِكتهُ
مزق الدَّهريُّ ثوب المذهب
ومن الشيطان قد وافى نَبي
ذا الفُلَورَنسِيُّ عَبدُ الوثن
كحلُه أودَى بنور الأعينِ١٠٤
خطَّ للأملاك سِفرًا منكرًا
وبذورَ الحرب فينا بذرا
مزَّق الحقَّ بحدِّ القَلم
فطرةٌ تؤثر عَيش الظُلَمِ
آزرُ العصر، بدا تزويرُه
خطَّةً بِدعًا جلا تفكيرهُ
جعل الملك إلها دينُه
كل قبح ناله تحسينه
جعل النفع عيار الذمَم
حينما خرَّ لهذا الصَنمِ١٠٥
صارت الحيلةُ فنًّا مُحكما
ونما الباطل ممَّا عَلَّما
خطةً للوهن فينا حبكَا
في طريق الدهر ألقى حَسَكا
أرمد الناسَ بهذي الحكمة
إِذ دعا التزوير بالمصلحة

في بيان أن الأمة المحمدية ليس لها حدود زمانية أيضًا

أرأيت الطير في عُرسِ الربيع
وهياجَ الكمِّ والورد الينيعْ
وعَروسُ الزهر نَشوَى النَغَم
وعلى الأرض قُرى من أنجمِ
غسَل العشبَ دموعُ السحَرِ
وشدا الماء لنوم النهَرِ
وإذا الكِمُّ على الغصن ربَا
منحتْه حِجرَها ريحُ الصَّبا
دَمِىَ البرعومُ من قطفتهِ
ومضى كالريح عن روضته١٠٦
عشش الورقُ وطار البلبلُ
وشذًى فرَّ وطلٌّ ينزل١٠٧
ليس يُكرى من ربيع رونقُ
حين تذوى زهرات تَعبِقُ
محفل الأزهار باق يضحك
لا يُبالي كنزُه ما يُهلك
موسم الأزهار أبقى في الدهَر
هو أبقى من ورود وزهَر١٠٨
لا يبالي جوهرًا قد كُسرا
مَعدن يُنمي ويُبدي الجوهرا
كم شروقٍ وغروبٍ، لا مقرّ!
أكؤسٌ تؤخذ من دَنِّ الدهَر
خمرةٌ من شَرِبها لا تنفَدُ
تذهب الآماس والباقي الغدُ١٠٩
ثابتٌ في الدهر تقديرُ الأممْ
من مَسير الغدِ سيَّارِ القَدَمْ
يَسفُر الخِلُّ وتبقى الصحبة
يرحل الفرد وتبقى الأمة١١٠
ولها عيشٌ وموتٌ آخرُ
ثم ذاتٌ وصفاتٌ أُخَر
ينشأ الفردُ من الطين القليل
تولد الأمة من قلبٍ جليلْ
نفَس الأمة يُحصَى بالمئينْ
ويعيش الفرد عَشْرات سنين
وحياة الفرد روحٌ في بدنْ
وحياة الشعب في حفظِ السُنَنْ
موت فرد نضب وِردٍ للحياه
موتُ قوم ترك قصدٍ للحياه

•••

كممات الفرد تفنى الأمم
ولها يومًا قضاء يُحتَمُ
أمة الإسلام تأبى أجلا
أصلها الميثاق في «قالوا بلى»١١١
لا تّخاف الموتَ هذي الأمةُ
«نحن نزَّلنا» لديها حجةُ١١٢
دام ذكرٌ ما أقام الذاكر
بدوام الذكر دام الذاكر١١٣
ذلك المصباح أنَّى يُطفَأ؟
قال ربي عالمًا: «أن يطفئوا»١١٤
أمة الحق إلى الحق تُنيبْ
أُمة يعشقها أهل القلوب١١٥
مصلتٌ بالحق ذا السيف الصقيلْ
مصلتٌ من غِمد آمال الخليل١١٦
ما سوى الحق محاه برقُه
ليعيدَ الحقَّ حيًّا نطقه
نحن للتوحيد أقوى حجةِ
للكتاب اختارنا والحكمة١١٧

•••

أضمر الدهر علينا ثارَهُ
مخفيًا في صدره تاتاره
أطلق الفتنةَ من أحبالها
ورمى بالطود من أثقالها
فتنةٌ موطئُها هامُ الأممْ
نظرة من طرفها قتلٌ عَممْ
ألفُ هَوْلٍ في حشاها يرقُد
ليس للأمس بمثواها غدُ
سطوةُ الإسلام للترب هوتْ
ما رأت بغدادُ روما ما رأَتْ
لكن اسأل ذلك الدهر المُليمْ
محدَث الأفعال ذا المكر القديمْ
روضَنا كان لهيبُ التتَر
حَلْيَنَا كان نثارُ الشرر١١٨
فلإبراهيم فينا فطرة
وإلى المولى لدينا نسبةُ
من لهيب قد جنينا زهَرا
نار نمرودٍ رددنا كوثرا
كل نار يوقِدُ الدهر لنا
زهراتٌ حين تأتي روضَنا

•••

ذهب الروم وفُضَّ الموكب
شرقُها أقوى وأقوى المغرب
كأس ساسان من الغمِّ دَمُ
حانُ يونان خراب مُظلم١١٩
وعنتْ مصر لدهرٍ عَرِمِ
وثوت أعظُمُها في الهرم
وأذان الحق فينا خلدا
أمةُ الإسلام تبقى أبدا
إن للكون من العشق حياه
وبه أجزاؤه شدَّت قُواه
أحيَت العشق قلوبٌ تُسعَر
شبّها من، لا إله، الشرر١٢٠
إن نكن كالِكمِّ نُطوَى كمدا
فرَدانا فيه للروض ردى١٢١

في بيان أن الأمة لا تنتظم بغير شريعة وشريعة الأمة المحمدية القرآن

أُمة خلَّت يداها السُّننا
ككثيب من رمال وَهَنا
سيرةُ المسلم شرعٌ وكفى
ذلكم باطن دين المصطفى
بانتظام الصوت تعلو النغمةُ
وهي من دون نظام ضجَّةُ
إنما في الحلق مَوجٌ من هواء
يَعلَق النظم به فهْو غناء
صاح هل تعلم ما سُنتكا؟
أيُّ سرٍّ ضَمنتْ قدرتكا؟
الكتاب الحيُّ والذكرُ الحكيم
حكمةٌ في الدهر تبقى لا تريمْ
إن فيه سر تكوين الحياه
يستمدُّ النِكس أيدًا من قُواه
لفظه لا ريبَ أو تبديلَ فيه
آيُه لا لَبس أو تأويلَ فيه
قوة فيه تشدُّ الخورا
وبها يرمِي الزجاجُ الحجرا
قطَّعَ الأشراكَ عن صيد كسير
فدعا الصيَّادُ منه بالثبورْ
ذا بلاغٌ آخِرٌ للمرسَلين
قد تلاه «رَحْمَةٌ للعَالَمِينَ»
ترفعُ الخاملَ فيه رفعةُ
وتقيمُ الرأس منه سجدةُ
قاطعو الطرْق هداةً صُيِّروا
من كتابٍ، كم كتابٍ سَطَّروا
والبوادي من سراج زَهَرا
قد أَضاءُوا بالعلوم الفِكَرا١٢٢
الذي يُصدَع منه الجبلُ
وعلى الأفلاك منه وَجَلُ١٢٣
ذلك الينبوعُ من آمالنا
قد حواه الصدر من أطفالنا
انظُر الظمآن في حَرِّ القفارْ
عينه حمراء من وَقْد النهار
عَنْسُه كالظبي في تَعْدَائِها
دمُها كالنار في رمضائها
طائفُ الصحراء يأبى الجُدُرا
ضاربٌ في البيد يقلى الحضرا
خفقت في قلبه هذي السُوَرْ
فاستقر الموج فيه كالدُّرر١٢٤
قرأ الدرس من الآي المبينْ
فغدا بالحق حرًّا لا يَمين
حكمَ الدنيا جميعًا عدلُه
عرشَ جمٍّ وطئته رجلُه١٢٥
مُدُنًا قد شيَّدت هَبوتُه
ورياضًا أنبتت زهرتُه١٢٦

•••

إن إيمانك في قيد الرسوم
سنن الكفر لك السجنُ المقيمْ
أمركم قطعتمو فهو «زُبُر»
مُسرعي السير إلى شيء نُكُرْ١٢٧
سكر الصوفيُّ من أحواله
وانتشى باللحن من قوَّاله١٢٨
قلبهُ شعرَ العراقيِّ تلا
ومن القرآن أقوى وخلا١٢٩
تاجُه والعرش صوفٌ وحصيرْ
فقره يَجبِي رباطًا للفقيرْ١٣٠
وأخو الوعظ جُزافًا قائلُ
كلِمٌ عالٍ، ومعنى سافلُ
قوله من ديلميٍّ وخطيبْ
فعله حِلف ضعيف وغريبْ١٣١
لكتاب الله حقٌّ. فاقرأن
كل ما تبغيه منه فاطلبَنْ

في بيان أن التقليد في زمن الانحطاط أولى من الاجتهاد

عصرنا هذا مليء بالفتَن
طبعه خلقُ شرور ومِحَنْ
محفل الماضين فيه مقفر
صوَّحت فيه حياة تنضُر
أنكرت أنفسَنا أنظارُنا
وجفت نغمتَها أوتارُنا
شعلة التوحيد فينا سَلَبا
نارَه والنورَ منَّا سلَبا
وإذا ما اعتلَّ تقويم الحياه
فمن التقليد للقوم نجاه
سُنَنُ الآباء حَبلُ الملَّة
ومن التقليد جَمعُ الأمة
يا خليًّا في خريفٍ من ثمرْ
ارقب الغيث ولا تجفُ الشجر١٣٢
قد حُرمتَ البحر فاذكر خُسرَكا
يا قليل الماء واحفظ نهركا١٣٣
فعسى سيلُ الجبال الهادرُ
منه في مجراك لجٌّ زاخرُ
حالُ إسرائيلَ فيها تبصره
إن تكن روحُك روحًا مُبصره
انظرن كيف ابتلاها الزمنُ
وعرتْها في الخطوب المِحَنُ
وجهُها في كل حين يُلطمُ
كاد في أعراقها يَفنى الدم
عصرت عنقودَها كفُّ الخُطوبْ
ذكرُ هارون وموسى في القلوب
إن خبا في اللحن منها قَبسُ
لم يزل في الصدر منها نفَسُ
سار في إثر الجدود المحملُ
حينما انفضَّ لديها المَحفِلُ
يا من انفض له جمعٌ وجاه
وخبا في صدره شمعُ الحياهْ
آيةَ التوحيد في القلب اسطُرا
ومن التقليد أمسك بالعُرى
اجتهادٌ في زمان القهقرى
يذهبُ الأقوام منه شذَرا
اقتداءٌ برسوم الأولين
هو أولى، لا اجتهاد الغافلين
لم يُصَب آباؤنا بالهَوسِ
طهرُتْ أعمالُهم كالأنفُسِ
فكرُهم كان رقيقًا مرهَفا
فعلهمُ أوفى بشرع المصطفى
فِكَرُ الرازي ونجوى جعفر
أينَ؟ والعُربُ هداةُ البشر
ضيق الدينُ علينا يسرَه
وادَّعى كلُّ لئِيم سِرَّه
قد جهلت الدين عنه حائدا
الْزمَنْ يا حُرُّ نهجًا واحدا
باح لي بالسرِّ نبَّاضُ الحياه
أنما في الخلف مقراضُ الحياه١٣٤
وحدةُ الشرع حياةُ الأمة
فمن القرآن روح الملَّة
نحن طينٌ وهو قلب لا جَرَمْ
هو «حبل الله» من شاء اعتصَم
فانتظم في سلكه كالدررِ
أو غبارًا في الرياح انتثرِ

في بيان أن كمال سيرة الأمة من اتباع الشرع الإلهي

لا تقلْ في الشرع معنًى مُضمَرُ
ليس إلا النورَ تحوي الدُّرَرُ
جوهرٌ أبدع فيه القادرُ
جوهر باطنه والظاهرُ
ليس علمُ الحق غيرَ الشِّرْعة
ليس غيرَ الحب أصلُ السنَّة
شرعنا للفرد مِرقاةُ اليقينْ
ترتقي منه مقاماتُ اليقين١٣٥
شِرعةُ الحق نظام الأمم
ومن النظم دوام الأمم
إن فيه الأيدَ يا من أخلَصَا
اليدُ البيضاء فيه والعصا
قام للإِسلام بالشرعْ قوام
بدؤه الشرع وبالشرع الختام
لك أُبدِي نكتةَ الشرع المبين
أنتَ مَنْ في حكمة الدين أمين:
إن يعارض ذو عنادٍ مسلما
في أداء النفل ما إن لزما
صار هذا النفلُ فرض الأمة
فالحياة الحقُّ عين القدرة
وإذا جيش عدو في الوغى
ترك الإعدادَ والسلمَ بَغى
وقضى أوقاتَه في الدعة
تاركًا للحرب أخذَ العُدَّة
فحرام أخذه بالبغتة
قبل أن يأخذ كلَّ الأهبة
سرُّ هذا الأمر يا ذا البصر:
الحياة العيشُ بين الخَطرِ
يتحدَّاك برضوى العاليه
في امتحانٍ لقواك العاتيه١٣٦
ويناديك أن اقصمْ ظهرها
وبحدِّ السيف فاصهر صخرها
ليس كفءَ الليثِ في صولته
حمَلٌ يرجف في ذلته
إن حكى الصعوةَ صقرٌ كاسِرُ
فهْو كالصعوة واهٍ خائِرُ
كتب الشارعُ ربُّ الحكمة
لك هذا اللوحَ، لوحَ القدرة
يشحذ العزم بنار العمل
ويرقِّيك لأعلى منزل
وإذا تَلْغَبُ يعطيك القُوى
ويربِّي منك طودًا ما خَوى
إن دين المصطفى دينُ الحياه
شرعه للناس قانون الحياه
إن تكن أرضًا يصيِّرْك السماءْ
ويربِّيك كما الحقُّ يشاءْ
يصقل المرآةَ من صخر شديد
وينقِّي الرينَ من قلب الحديدْ
ضيَّع القومُ شعارَ المصطفى
ضيَّعوا رَمز بقاءٍ عُرِفا
ذلك الغصن العِسيُّ المعتلي
مُسلُم الصحراء ربُّ الجَمَلِ
الذي البطحاء أزكت غرسه
ورياح البيد ربَّت نفسَه
أذبلته اليومَ ريحُ العجم
صيَّرته النايَ روحُ العجمِ
قاتلُ الآساد ذبحَ الغنم
وطءُ نملٍ مسَّه بالألم
من أذاب الصخرَ من تكبيره
راعه البلبل في تصفيره
من علا الطودَ سريعًا مُصعدا
غلَّ بالتكلان رجلا ويدا
من برى الأعناق ضربًا عَضبُه
يلدم الصدر ويَدمى قلبُه
موقظ الآفاق من خطْواتهِ
قُيِّدت رجلاه في خَلْواته
من أطاع الناس طرًّا أمرَه
واجتدى دارا وكسرى بِرَّه
رضي القُنع وأكدَى جِدُّه
وارتضى الكدية عزًّا جدُّه
شيخنا أحمدُ من في قربه
تكسبُ الشمس سنًا من قلبه١٣٧
قال يومًا لمريد فهِمِ
احذرنْ يا صاح فكرَ العجمِ
فكرهم إن كان للنجم ارتقى
فهْو من سُنَّتنا قد مرَقَا
يا أخي فاسمع لهذا الرشَدِ
استمع نصح الإمام المُرشِد
وبهذا الحق فاشدُد قلبكا
واتبع العُرْبَ تُصب شِرعَتكا

في بيان أن حسن سيرة الأمة من التأدب بالآداب المحمدية

سائلٌ مثل قضاء مبرَم
صاح بالباب بصوت مُبرِم١٣٨
بالعصا صُلت عليه غضبا
فهوَى من يَده ما قشبا١٣٩
إن هذا العقلَ في شرْخ الشبابْ
لا يبالي بضلال وصوابْ
ورأى الوالدُ فعلى فنفر
وذوى في وجهه روضُ الزَهر
آهة في فمه تلتهب
قلبُه في صدره يضطرب
كوكب في عينه قد ومضا
نوَّر الهُدبَ قليلا ومضى١٤٠
روحي الغافل في الجسم ارتعدْ
ومضى الصبر وخلَّاني الجَلدْ
مثل فرخ في الخريف انتفضا
من رياح الليل في العش قضَى
قال لي الوالد: يومَ المحشر
تلتقي أمةُ خير البشرِ
الغُزاة الغرُّ من أمته
وأولو الميراث من حِكمته
والنجوم الزُهْرُ أرباب الصفاء
حجةُ الدين فريق الشُّهداء
وأولو العلم وأرباب القلوب
وأولو الزهر وأصحاب الذنوب
وعلا في لجِّ هذا المحشر
صوتُ هذا السائل المنكسرِ
أيها الحائر في ذا الموكب!
ما جوابي حين يلحاني النبي
قد حباك الحق طفلا مسلما
لم تُنلْه من كتابي مغنما
هيِّن الأشياء قد شقَّ عليك
لم يَصِرْ ذا الطينُ إنسانًا لديك١٤١
وأنا في العَتْب من خير الرسُلْ
بين خوف ورجاء وخجَلْ
أفكِرنْ في الأمر واذكر يا بُنيّ
أمةَ المختار إذ ترنو إليّ
لحيتي البيضاء في الحشر انظرِ
رِعدتي في الخوف والحزن اذكرِ
لا تزد عبء أبيك الوَهنِ
عند مولاي غدًا لا تُخزِني
أنت كِمٌّ في فروع المصطَفى
فتفتَّح في ربيع المصطفى
نظرةً من روضه فالتمسِ
وسنًا من خُلْقه فاقتبسِ
مرشد الروم الذي قطرته
قد حوت بحرًا، سمتْ قولته:١٤٢
لا تجذَّ الحبل من خير البشرْ
لا تقل عندي فنون وبَصر
فطرةُ المسلم طرًّا رأفةُ
قوله والفعل كلٌّ رحمةُ
العظيم الخُلق من شق القمر
رحمةٌ عمت ونُورٌ للبشر
لستَ من معشَرنا فاعتزلِ
إن تكن منه بعيدَ المنزلِ
طائرٌ أنت على دوحتنا
شدْوُه واللحنُ من نغمتنا
إن تكنْ ذا نغمة لا تُفرد
بسوى بستاننا لا تُغْرِدِ١٤٣
كل من أوتي حظًّا من حياه
في سوى بِيئته يلقى رداه
بلبل أنتَ؟ ففي الروض امرَح
ومع السِّرب بلحنٍ فاصدَحِ
إن تكن صقرًا فلا تغش البحَارْ
ليس إلا خلوةَ الصحراء دار١٤٤
أو تكن نجمًا فنوِّر في سَماك
لا يكن مَسراك إلا في الحِباك

•••

قطرَ نيسانَ اجمعن إن تردِ
واجعلن في الروض مأواه الندِي١٤٥
لتراه مثل قطراتِ الندى
تحضنُ الأكمامُ منها ولدا
وانشِف الأنداء من جوهرها
واسلب اللألاء من عنصرها
بشعاع الصبح وضَّاء البُكر
الذي من سحره ينمو الزَّهر١٤٦
لن ترى دُرَّك إلا كالحباب
لن ترى سعيك إلا في سرابْ
ألقِها في اليمِّ تُعقَدْ جوهرا
ماؤها يسطع نجمًا نيِّرا
قطرُ نيسان عن اليمِّ نأى
لجفاف، لن تراه لؤلؤا

•••

طينةُ المسلم درٌّ يا بُنيّ
ماؤها والنورُ من بحر النبيّ
قطرَ نيسان! فَغُصْ في موجه
وابرزن، درًّا صَفا، من لجه
صاح! من شمس الضحى كن أنورا
كن ضياءً ليس يخبو الدهَرا

في بيان أن حياة الأمة تحتاج إلى مركز محسوس وأن مركز الأمة الإسلامية البيت الحرام

عقدةٌ تنحلُّ من أمر الحياه
حين أفشي لك من سرِّ الحياه:
كخيال جفلت من نفسها
حرَّة قد نفرت من حبسها١٤٧
وقتها ما فيه أمسٌ وغدُ
في دُنى الأوقات ليست تُصْفَدُ
انظرن نفسَك حينًا واعتبرْ
لستَ إلَّا جَوَلانًا يستمرّ
شعلة فيها أعدَّت سِتْرها
من دخان فأشاعت سرَّها
ماؤها قد عقدته في دُررْ
ليُرى السيرُ سكونًا في النظر
نارُها في نفسها تُخفي الحريق
وتُرَى في الغصن أزهارَ الشقيق١٤٨
فكرك العاجز عنها أوهِما
طيرانَ اللون وَردًا جُسِّما١٤٩
ما أَوى للعُشِّ هذا الطائرُ
هو طيرْ وهْو لون طائر١٥٠
هو حرٌّ وحواه مَحبِسُ
وهْو في النوح لحونًا يَنبُس١٥١
ريشه ينسلُ طيرًا كل حينْ
يخلق الأسباب منه كلَّ حين
عُقدًا تعقد في أعمالها
وتحلُّ العَقد في تجوالها
تسكن الطين على إسراعها
لتزيد السير في إهطاعها١٥٢
كم لحون في جواها رُقَّدِ
يومها ميلادُ أمسٍ وغدِ
في سهول كلَّ حين وحزونْ
كلَّ حين في اختراع وفنون
إن تكن كالريح تأبى محبسا
تنزل الصدرَ فتدعي نَفَسا
حولَها من خيطها ناسجةُ
حولَها من خيطها عاقدة
هي في العُقدة مثلُ الحبَّة
مضمر فيها فروع الدَّوحةِ
تفتح العين على ما تُضمر
فإذا الدوحة منها تَظهر
خلعة الطين عليها تُرفَد
فإذا عين وقلب ويدُ١٥٣
تؤثر الخلوةَ في الجسم الحياه
وتجلِّي نشأةَ العمِّ الحياه١٥٤
هكذا سنَّة ميلاد الأمم
مركزٌ فيه حياةٌ تنتظِم١٥٥
إنما المركز روح الدائرة
نقطة، فيها محيط، ضامرة
ومن المركز للقوم نظام
ومن المركز للقوم دوام
نقطة المركز منّا الحرم
لحنُنا والوجدُ فينا الحرمُ
نَفسٌ في صدرنا يتَّقد
روحنا الغالي، ونحن الجسد
من نداه نَضَرت أغصانُنا
حَيَّ من زمزمه بستانُنا
نحن من دعواه في الدنيا دليل
نحن فيه من براهين الخليلْ١٥٦
صوتنا يندَى به في الأمم
واصلا مُحدَثَنا بالقدمِ
وحَّد الملة طوفٌ حوله
فهي صبح قد حوى صدرٌ له
وُحِّدتْ في حَسْبِه كثرتُنا
أُحكِمتْ من وحدةٍ قوتُنا١٥٧
إنَّ في الجمع حياةَ الأمم
إنَّ هذا الجمع سرُّ الحرَم

•••

أيها المسلم يا ذا البصَر!
قوم موسى عبرةٌ فاعتبرِ
زهدوا في مركز قد جمعا
فتراهم في البرايا قطعا١٥٨
يا عليلا شاكيًا جورَ الزمن
يا أسيرًا غَلَّه وهٌم وظنّ
اجعلن ثوبك ثوب المحرِم
أطلع الصبح بليل مُظلم
افنَ كالآباء ما بين السجود
اسجدن حتى تُرى عينَ السجود١٥٩
من خشوع المسلمين الأولين
سيطروا بالحق بين العالمين
في سبيل الحق شوكًا وطئوا
فإذا الروضةُ هذا المَوطِئُ

في بيان أن الاجتماع الحقيقي من الاستمساك بمقصد، ومقصد الأمة الإسلامية حفظ التوحيد ونشره

اعرفن عني لسان الكائناتْ
ففعال الكون فيها كلمات
ينظم المقصدُ أشتات الحياه
فتراها «مطلعًا» راع الرواه١٦٠
طِرفُنا من تحت مهمازِ الطلبْ
صرصرٌ ما ندَّ عنه من أربْ
إنما يُبقي الحياةَ المقصدُ
هو أشتات قُواها يَنضِدُ
حينما تدري الحياة المطلبا
تجعل الكون إليه سببا
وبه الأشياء طرًّا تنقُد
فتردَّ الشيء أو تعتقد١٦١
يُبحر الرُّبَّانُ أجلَ الساحلِ
وإلى المنزل سَيرُ السابل
وعلى قلب الفراش الحُرَقُ
لسراج حوله يحترق١٦٢
طاف قيسٌ في الصحاري ولَها
قاصدًا ليلاه يرجو وَصْلها
ما اقتفينا في الصحاري أثرًا
مُنذ ليلانا أقامت في القُرى
إنما المقصودُ روح العملِ
كيفَه والكمَّ منه تجتلي١٦٣
دوَرانُ الدم في أعراقنا
مسرعٌ بالجدِّ في أغراضنا
الحياة الحق منه تستعِرْ
تجمع النار به مثل الشقِرْ١٦٤
هو مضرابٌ لعُودِ الهمَّة
مركز يجذب كل القوَّة
حرَّك الأعضاء في ركب البشر
جامعًا شتى عيون في نظر١٦٥
فكن المجنون في هذا الحبيبْ
طُفْ به طوف فراش باللهيبْ
أبدعَ القمي فيما أسمعا
علَّم الأوتار معنى مُبدَعا١٦٦
رام نقش الشوك حينًا رَجِلُ
فاختفى عن ناظريه المحمَل
لحظةً يا صاحبي إن تغفُلِ
ألف ميل زاد بُعدُ المنزلِ
ذاكمُ العالَم دَيرٌ قدُما
بامتزاج الأمهات انتظما١٦٧
كَم وكَم يُنبت من مقصبةِ
ليراعٍ فيه نار النوحةِ
كم تدمَّت من يديه روضةُ
لِتُرَبَّى من شقيق زهرةُ١٦٨
كم تُرى نقشًا وكم تمحو يداه
ليُرَى نقشُك في لوح الحياه
كم من الأرواح بُثَّت أنَّةُ
لتُعالَى من أذانٍ نغمةُ١٦٩
ورجالَ الزور دهرًا ربَّبا
وعلى الأحرار والَى الحرَبَا
ثم في طينك إيمانًا بذر
كلمة التوحيد من فيك نَشَرْ
نقطةٌ دار عليها العالَمُ
كلمةٌ صَار إليها العالَم
قوة فيها تُدير الفَلَكا
وبها الشمسُ تُنير الحلَكا
لؤلؤ البحر نما من نورها
وبه الموج طما من نورها
نَفحها صيَّر طينًا سنبُلا
وَجدُها صيَّر ريشًا بلبلا١٧٠
في عروق الكرم منها شُعلة
وبطين الكأس منها لمعةُ
لحنها في مِزْهَر الكَون استتر
أيها العازف! يدعوك الوتَر
نغماتٌ فيك تَسري كالدَّمِ
أَعمِل المضرابَ في ذا النغَم
كلمةُ التوحيد منك المقصد
أنت للتكبير فيها توجد١٧١
الجهاد المرُّ حِلفُ المسلم
أو يُدوِّي الحق بين الأممِ
أنت لا تدري بآيات الكتابْ
أمةَ العدل يسمِّينا الخطاب
أنت في الأيام نورٌ وبصَرْ
شاهد أنتَ على كل البشر١٧٢
ادعوَنْ كلَّ لبيب، أبلغِ
وعن الأمِّيِّ قولًا بلِّغِ
قوله ما فيه نُطقٌ عن هوَى
صادقٌ ما ضلَّ يومًا أو غوى١٧٣
نَبْضَ هذا الكون قد جسَّت يداه
فتجلَّى سرُّ تقويم الحياه
نضَّر الأزهار في رَوض الدهَر
ومحا الأدناس عنها والكدَرْ
دينه فيه الحياة الخالده
لا تراها عن هُداه حائده
أيها التالي الكتاب المنزَل
شمِّرن، لا تقعُدن عن عمل
يعشق الأصنامَ عقلُ الأمم
ناحتٌ أو عابدٌ للصنم
هو أحيا سُنَّةً من آزَرا
محدِثًا فيها إلهًا للورى
اسمه لون ودار ونسب
هو من سفك دماء في طربْ١٧٤
وعَلَى أقدام هذا الصنم
ذُبح الإنسانُ ذبح الغنم
أيها الشارب من كأس الخليلْ!
يا حمِيَّ النفْس من طاس الخليل!
سيفَ «لا موجود إلا هوْ» خُذِ
وبه الأصنام هذي فاجذُذِ
في ظلام الدهر أشرِق للملا
وانشرن حقًّا عليك اكتملا١٧٥
خجلتَا لك في اليوم العسيرْ
حينما يسألك الهادي البشيرْ:
قد أخذت الحق عنِّي ما دهاك
لم تبَّلغه بحقٍّ لسواك!

في بيان أن توسيع حياة الأمة بتسخير قوى العالَم

مؤمنًا بالغيب غير الغافل!
كارهًا كالسيل قيدَ الساحل!
اعلُ عن ذا الطين غصنًا ناضرًا
وصِلِ الغائبَ واغز الحاضرا
ذلك الحاضر تفسير الغيوبْ
وهو مفتاح لتسخير الغُيوبْ
ما سوى الله لتسخير العملْ
صَدرُه للرمي، فاقذف لا تُبَل
ما سوى الله تراه يُخَلق
لترى سهمَك فيه يمرُق١٧٦
عقدةٌ تلقاك بعد العُقدة
ليُرَى في الحلِّ لُطفُ الحيلة
فسرَن يا كِمُّ! روضًا نفسكا
سخرَن يا طلُّ! ذي الشمس لكا
من يسخر عالم الحسِّ سما
ومن الذرَّة يُخرج عالَما
كل ما في الكون من بحر وبرّ
لوح تعليم لأرباب النظر
أيها النائم طالت غفلتهْ
عالَم الحس جفته همتُهْ
قم وفتِّح بصرًا قد سُكِّرَا
لا تحقِّر عالمًا قد حُقِّرا
إنه توسيعُ ذاتِ المسلم
وامتحانٌ لصفاتِ المسلِم
هو يبلوك بسَيف الزمنِ
لترى أن دمًا في البدن
اضرب الصدر بفِهر القوةِ
اختبر عظمَك في ذي الصدمة
جعل الحق الدُّنَى للخيِّرين
وجلاها لعيون المؤمنين
هذه الدنيا طريق الظَّعَنِ
هذه الدنيا محكُّ المؤمنِ
فأسِرَنْها قبل أن تأسرَكا
لا تُضِعْ في جوفها جوهَرَكا
أدهمُ الفكر الذي يطوي الفضاء
والذي يجتاز آفاق السماء
ساقَه في الكون حاجاتُ الحياه
فهْو في الأرض وفي النجم خُطاه
يبتغي في الكون تسخير القوى
لتُرى فيه بأعلَى مستَوى
نائبُ الحق، بحق آدم
حكمه في الأرض ماضٍ حاكِم١٧٧
لك من ضيقك منها سعة
ولأعمالك فيها فسحةُ
صهوةَ الريح اعلوَنْها آمرًا
ألجمَنْ هذا الجوادَ النافرا
شقَّ قلب الطود عن جوهره
شقَّ موج البحر عن درٍّ به
ألفُ كون في فضاء تُكفَتُ
رُبَّ شمسٍ قد حوتها ذرَّةُ
بشعاعٍ أظهرنْ ما احتجبا
واكشفنْ عن كلِّ سرٍّ حُجِبا
من شعاع الشمس نارًا فاقبس
ومن السيل بروقًا فاخلِسِ١٧٨
ثابتُ الأنجم أو سيَّارُها
التي قد عُبدت أنوارُها
كلُّها يا صاح عُبدانٌ لكا
وإماءٌ سخِّرت من أجلِكا
سيِّرنْ فكرك فيها عَسسًا
سخِّرن آفاقها والأنفُسا
افتح العينَ وأنعِمْ نظَرا
أبصرن في الراح معنًى مُضمرا
كم ضعيفٍ في قويٍّ أمَرَا
حين في الكون أجال البصرا
أيها المقصود من أمر «انظروا»
كيف في آفاقها لا تنظر؟١٧٩
قطرةٌ من نفسِها ذاتُ خَبَرْ
خمرةٌ في الكرم، طلٌّ في الزَّهَر
وهي في البحر تراها جوهرا
جوهرًا كالنجم في الليل سرى
كالصَّبا لا تهفُ حولَ الصُّوَرِ
اطلبْن في الروض معنى الزهَرِ
دون مضرابٍ لحونًا سَيِّرا
ومن الأحرف طيْرًا طيِّرًا١٨٠
أيها الظالع في حَزْنِ الحياه
أيها الغافل عن طعنِ الحياه
بلَّغ السعيُ الرفاقَ المنزلا
أنزَلوا ليلى وحَطُّوا المحملا
وبقيتَ اليوم قيسًا مبلِسا
في الصحاري عاجزًا مستيئِسا
«علَّمَ الأسماءَ» فخر الآدميّ١٨١
حكمةُ الأشياء نصر الآدميّ

في بيان أن كمال حياة الأمة أن تشعر بنفسها كالأفراد وأن توليد هذا الشعور وتكميله من الاحتفاظ بسنن الأمة ورواياتها

أرأيت الطفل يا ذا البصَر!
ما له عن نفسه من خبَر
ليس يدري ما قريب وبَعيدْ
كرةَ النجم بكفَّيه يريد
ما سوى الأمِّ يرى منه الجفاءْ
همُّه أكل ونوم وبكاء
ليس تدري أذنُه ما النغمةُ
لحنُه ثورتُه والضجَّةُ
فكره غُفلٌ ضعيف الأثرِ
قوله فيه صفاءُ الجوهرِ
ليس في تفكيره إلا السؤالْ
أين؟ أنَّى؟ ومتى؟ في كل حال
كل نقشٍ عنده ينطبِعُ
وهو كَلٌّ غيرَه يتَّبع
عينه إمَّا بكفٍّ تُطبَق
تتنزَّى روحه في قلَقِ
فكره في الجوِّ واه حذِرُ
كصُقَير لاصطيادٍ يُخبَر
خلف صيدٍ في حِذَار يُرسلُه
ثم يدعوه إليه يُعجله١٨٢
ثم غشَّاه لهيب الفِكَرِ
فَرَمى خُذروفهُ بالشرر١٨٣
فتراه عينُه مُسْتعلِنا
فيدقُّ الصَّدر يعني: ها أنا١٨٤
ومن الذكرى ينمِّي نفسه
غدَه يربط فيه أمسَه
ينظم الأيام خيطُ الذهب
نسَقَ الدُّر بسمط مُعجِب
جسمه يُرمي ويكري قائلا:
«مثل ما كنت أراني ماثلا١٨٥
أنا» هذي بدء مقصود الحياه
نغمةُ اليقظة في عود الحياه
مثل الأمة حين النشأةِ
مثَل الطفل ضعيف المُنَّة
هي طفلٌ نفسَه لا يعرف
جوهرٌ غشَّى عليه الصدَفُ
يومه بالغد لم يوصل ولا
بصباح ومساء سُلسلا
وبعين الكون إنسانًا يُرى
كلَّ شيء ما عداه أبصرا١٨٦
بعد لأيٍ طرَفُ الخيط بدا
بعد ما حلَّت يداها العُقدا١٨٧
فإذا رازَ قُواها الدهَرُ
يتجلى ذا الشعورُ المضمرُ١٨٨
أسطرًا، تمحو، وأخرى تسطُر
صفحاتٍ بيديها تَزبِرُ
يُبلِس الفردُ إذا ما انتثرا
عِقْد أيام عليه قُدِّرا
نور قوم من مدادِ السِّيَر
نفسَه يعرفُها بالذِكَر
أمةٌ قد نسيَت سيرتَها
ينسخُ الدهر غدًا آيتها
أنت سفْرٌ كتبته السيرةُ
خَيْطه أيامُك الموصولةُ
ثوبنا أيامُنا في الزمن
وخِياطُ الثوب حفظُ السنن١٨٩
ما ترى يا غِرُّ تاريخ البَشَرْ؟
قصةٌ! أسطورةٌ؟ لَهْو سَمَر؟
في سَناه أنت بالنفس بصيرْ
في هداه أنت بالسير خبيرْ
إنه أعصابُ جسم الأمة
إنه في الروح مثل الشُّعلةِ
هو يجلوك كسيفٍ مِخذَمِ
ثم يرمي بك بين الأمم
أيُّ عودٍ ذي فنون تسحَر!
نغمات الأمس فيه تُؤثَر
خامدُ الشعلة، فيه يُشعَلُ
يومه للأمس فيه موئِلُ
شمعه كوكب بختِ الأمم
وسنا اليوم وأمسِ المُظلم
عينُه تُبصر ما قد عبرا
وترى الماضيَ حيًّا مُحضَرا
وعتيقُ الراح في كاساتِه
وخُمار الأمس في نَشْواتِه
صائدٌ يَرجعُ في أشراكنا
طائرًا قد طار من بستاننا
فاذكر التاريخَ واستحكِمْ به
عِشْ بِأنفاس مضت، في طبِّه
أحكِمَن وُصْلَة يوم وغدِ
والحياةُ امضِ بها طوعَ اليد
وقُدِ الأيام قَسرًا بمهارْ
أو فعِش أعَمى بليل ونهارْ١٩٠
صاح! من ماضيك يبدو حالُكا
ومن الحال بدا استقبالُكا
إن تُرِدْ خُلْدَ حياةٍ فصِلِ
ما مضى بالحال والمستقبَل

في بيان أن بقاء نوع الإنسان بالأمومة وأن حفظ الأمومة واحترامها من أصول الإسلام

نغمَاتُ المرءِ عَزْفُ المرأةِ
هو من محنتها في عِزَّة
كست الذُّكرانَ ربَّاتُ الحجالْ
إنَّ ثوب العشق من نَسج الجَمال١٩١
عَشَقُ الحقِّ رَبَاهُ حِجرُها
ذلك اللحنُ حواه صدرُها
الذي قدْ بَهَر الكونَ سَناه
قرَن الطيبَ إليها والصلاه١٩٢
جهلَ القرآن جَهلًا مُسلمُ
قد رآها أمَةً لا تُعْظَمُ
إنما الأمُّ علينا رحمةُ
وإلى الرُّسْل لديها نسبةُ
رأفةُ المرسَل في رأفتها
سِيَرُ الأقوام مِن صنعتِها
ومن الأمِّ عَلتْ أقدارُنا
وبسِيماها بدا مِقدارنا١٩٣
لفظة الأمّة فيها نُكَتُ
أترى فكرك فيها يَثبت؟
إنما الأمة من وصل الرحِمْ
دونه أمرُ حياة لا يتمّ
قال خير الخلق، وهو الحجةُ:
تحت رِجْل الأمهَّات الجنَّةُ
كُشِفت بالأمِّ أسرارُ الحياه
بخلال الأمِّ تسيارُ الحياه
وبها في نهرنا يعلو العُبابْ
ويدوم الموج فيه والحَبابْ

•••

هذه الغِرَّة بنتُ القرية
عَبلةُ الجِسْم وغُفْل السَّحنة
حيَّة العين، كَهامُ المقِوَل
دون تعليم وصقل الصيقل١٩٤
أَلم الأمِّ عليها يثقُل
وجهُها يُعربُ عما تَحمِلُ
أمرنا يُحكَمُ من آلامها
صبحُنا يشرق من إظلامها١٩٥
إن تَهبْ من حِجرها للأمَّةِ
مسلمًا حقًّا عظيم النجدةِ
والتي رقَّت وخفَّت مَحمِلا
باطنُ المرأة فيه عُطِّلا١٩٦
شعَّ نور الغَرب في فكرتها
وتُرى الثورةُ في مقلتها
قُطِّعتْ أوصال هذي الأمةِ
حين طاشت عينُها بالنظرةِ
إنَّ حرِّيتها أصلُ البلاء
إن حرِّيتَها فقدُ الحياءْ
ليلها ما ضاء في نجمها
لم يطق أعباء أمٍّ علمُها١٩٧
ليتها لم تنمُ في روضتنا
ليتها تُغسلُ من حُلَّتنا

•••

أنجمُ التوحيد في غيب الأبدْ
مضمراتٌ ليس يحصيها عَددْ
لم تُسَيَّبْ بَعْدُ من قَيد العدَم
لم تُقيَّد بعدُ في كيفٍ وكمّ
جَلَواتٌ في دجانا تُضمَر
في ظلام الكون عنَّا تسترُ
قطراتٌ لم تَزِنْ زهرَ الرُّبى
وزهور لم تفتِّحها الصَّبا
إنما تنبتُ هذه الزهَراتْ
ناضراتٍ في رياض الأمهات
أيها العاقلُ! مالُ الأمة
ليس مِن عِقيانها والفضَّةِ
إنه أولادها مِلءُ الأمل
في ذكاء ونشاطٍ وعَملْ
تحفظ الأمُّ إخاءَ الأمَّة
وقُوى قرآنِنا والمِلَّة

في بيان أن سيدة النساء فاطمة الزهراء أسوة كاملة للنساء المسلمات

أمّ عيسى نسبةٌ واحدةُ
بثلاث تَزدهي فاطمةُ:
قرة العين لخير الأوَّلين،
خاتم الرُسْل، وخير الآخِرين
نافخُ الروح بدنيا الوَهَنِ
خالقُ العصرِ جديد السُّنَن
وهي زوجُ المرتضى ذا البطلِ
أسدِ اللهِ الحكيم الفيْصلِ
ملكٌ في الكوخ زهدًا قد أقام
كلُّ ما يملك درعٌ وحُسامْ
وهي أمّ السيدين الأكرمَين
حسنٍ خير حليم وحُسَين
ذا سراجٌ في ظلام الحرَمِ
حافظٌ وحدة خير الأمم
ازدرى الملك ابتغاء الأُلفةِ
أطفأ النيرانَ بين الإخوةِ
ذاك في الأبرار ربُّ العَلَمِ
أسوةُ الأحرار في الخَطب العَمي
سيرة الأولاد صنعُ الأمَّهات
وخِلال الخير طبع الأمَّهاتْ
زهرةٌ في روضة الصدق البتولْ
أسوة النسوة في الحقِّ البتولْ
فاقةُ السائل أذرت دمعها
ليهودي أباعتْ درعَها١٩٨
كل من في الأرض قد طاع لها
ورضاها حين تُرضي بعلَها
نُشِّئتْ ما بين صبر ورضَى
في الفَمِ القرآنُ، والكفِّ الرحَى
دمعها من خشية الله جرى
في مصلَّاها يفوقُ الجوهرا
لقطَ الروحُ الأمينُ الدُرَرا
وعلى العرش المعلَّى نثرا
أنا لولا الشرع عن هذا نَهَى
وإلى شرعِ الرسول المنتهى
طفتُ حول القبر إجلالًا لها
ناثِرًا من سَجَداتي حولها

خطاب إلى المرأة المسلمة

مُشعَلٌ مصباحُنا من ناركِ
عِرضُنا في الصَّون من أستاركِ
خَلْقُك الطاهرُ فينا رحمةُ
قَوِيَ الدينُ به والأمَّة
طفلُنا علَّمِته حين الفِطام
كلمةَ التوحيد من قَبل الكلامْ
صِيغَ من حُبِّك أطوارٌ لنا
فِعْلُنا، أقوالنا، أفكارُنا
برقُنا في سُحُب منكِ ثوَى
شَعَّ في الأطواد، والبيدَ طوَى
ضاء دينُ الحق من أنفاسِكِ
ونما التوحيد في أحجاركِ
ذلكِ العَصرُ غَرورٌ ماكرُ
وعلى الأديان باغٍ فاجرُ
عقلُه أعمى وبالله كفَرْ
كم جهولٍ في شِراكٍ قد أسَرْ
عينُه عينُ وقاحٍ فاتكِ
بِشباك الهُدب كم من هالكِ!
صيدُه يحسَب حرًّا نفسَه
مَيْتُه يزعم قصرًا رمسه١٩٩
بك يخضرُّ غراس الوحدة
بك ينمو رأس مال المِلة
لا تسيري غيرَ نهج السلف
لا تبالي بجدًى أو تَلَفِ
احذري فتنة عصر مُهلكِ
وإلى صدركِ ضمِّي وُلدَكِ
بَعُدت عن عشها في خطر
هذه الأفراخ، لمَّا تطِرِ
فيك تسمو للمعالي فطرةُ
فاتبعي الزهراءَ، نعمَ الأسوَةُ
علَّ غصنًا منك يأتي بحُسَيْن
فترى النضرَةَ رَوْضاتٌ ذَوَيْن

خلاصة مطالب المنظومة في تفسير سورة الإخلاص

قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ

ظهر الصديقُ لي في الحُلُمِ
مُزهِرًا منه ترابُ القدَم
ذا «أمنُّ الناسِ» فينا مَن جَلا
طُورُنا منه الكليمَ الأولا٢٠٠
هو ثاني اثنين في الدين وفي
صحبة الغار وفي القبر، الوفي٢٠١
قلتُ: يا صفوة أصحاب الصفاءْ
مطلَعَ الديوان من أهل الوفاء!
بك قرَّ الأسُّ في بُنياننا
فانظرنْ ما الطبُّ من أدوائنا
قال: حتامَ أسيرُ الوَهَمِ
سورةُ الإخلاص بُرء السَّقَم
نَفسٌ في كل صدر جائلُ
وهي للتوحيد سرٌّ هائلُ
فاجلُ هذا السرَّ في كل الفِعالْ
ولتكن منه مثالًا للجمال
الذي سمَّاك عبدًا مُسلِمًا
بك للوحدة في الدنيا سَما
قلتَ: أفغان، وترك وعَجمْ
لم تَزُلْ عما تعودتَ القَدَمْ
طهِّرنَّ الحقَّ من هذي السِّماتْ
اقصدِ البحر وخلِّ القَنَواتْ
يا أسيرًا لِسماتٍ ويحكا!
قد بعُدتَ اليوم من دَوحِتكا
أبدل الوحدةَ بالتثنيةِ
لا تقطِّع صاحِ! حبلَ الوحدةِ
عابدَ الواحدِ! وحِّد واهجرن
كل تفريق وللحق ارجعَنْ
أيها المُغفِل معنى الكلِمِ
أثبتَنْ في القلب ألفاظَ الفَمِ
أَمةً قطَّعتَها في أممِ
وهدمتَ الحصنَ فيه تحتمي
لذةَ الإيمان زدْ بالعملِ
مات إيمان إذا لم يَعملِ

اللهُ الصَّمَدُ

أُشعِرَنَّ القلبَ «الله الصمد»
تخلصَنْ من قيد أسبابٍ وحدّ
ليس عبدُ الله عبدَ السبَب
ما الحياةُ الحقُّ دورَ الَلولب٢٠٢
ليس غيرَ الله يرجو المسلمُ
وهْو للناس جميعًا سَلَمُ
لا تَبُثَّنَّ شَكاةً أحَدًا
لا تمدَّن إلى الخَلق يدا
بالشعير اقنع، تقيَّل حيدرا
مرحبًا فاقتله، وافتح خيبرا٢٠٣
فِيمَ للأجواد حَملُ المِنَنِ
أنت، من لا ونعَم في حَزنِ
لا ترُم رزق لئيمٍ يُنغِص
يوسفٌ أنت، فأنَّى ترخُصُ؟
إن تكن نملًا وكنتَ المقعَدا
لا تؤمِّل من سليمان جَدَى
خفّف الزاد، طريقٌ وعِرُ
عش ومت حرًّا، عداك الغَرَرُ
اجعلن «أقلِلْ من الدنيا» الشِّعارْ
و«تعش حرًّا» بها كلُّ الفخار٢٠٤
وكن الإكسيرَ لا التَّربَ بها
معطيًا لا سائلا، في حبِّها٢٠٥
«بو عليٍّ» ليس مجهولا لديْك
جَرعةً من كأسه أهدي إليك:٢٠٦
«تخت قابوس اركلن بالأرجل
ابذل الرأس وبالعرض ابخلِ»
يُفتح الحان عَجولًا نفسَه
لفقير لم يدنِّس كأسه

•••

قائدُ الإسلام هارون الرشيدْ
مَن سقَى نقفورَ من ماء الحديد٢٠٧
قال: يا مالكُ مولى الأمةِ
أنت يا رونقَ وجه الملَّةِ
أنت يا بلبلَ فردوسِ الحديث
إنني أرغب في درسِ الحديث
لِمَ يُخفي ذا العقيقَ اليمنُ؟
اقصدَن بغداد، نعم الوطن٢٠٨
حبذا زهرة أياِم العراق
حبذا حسنٌ به، الأعينَ راقْ
تربُه فيه من السُّقم نجاه
قاطرٌ من كرمه ماءُ الحياه
قال: إني خادمٌ للمصطفى
وبحسبي حبِّه، لي شرَفا
أنا، من قُيّدتُ في حُبِّي لهُ
كيف أَنأى عن مكانٍ حلَّهُ
لي في يثرب حبٌّ واشتياق٢٠٩
أين من ليليِ بها صبحُ العراق؟
وبقول العشق: أمري امتثِلا
لستُ أرضى بملوكٍ خَوَلا
أنت تبغي أن تُرَى لي سيِّدا
أن تُرى مولًى لحرٍّ عُبِّدا
ألتعليمك أغشى بابَكا
خادُم الأمة لا يعنو لكا
إن تَرُم في الدين علمًا يُقتنَى
فاغشيَن حَلْقة درسي ها هنا

•••

الذي استغنَى جديرٌ بالدلال
في دلال عنده كلُّ جمال
صبغةَ الحق مَن استغنى اكتَسى
ورأى صبغَ سواه دَنَسا
أنت من غيرك تجدو علمكا
بطلاء منه تَطلي وجهكا
أنت منه بِشِعار تفخرُ
أنت ذا أم غيَّرتك الغِيَر؟٢١٠
خشعت أرضك من أمطاره
وخلا البستان من أزهاره
مطرًا من مزنه لا تجتدي
لا تُبِدْ زرعك عمدًا باليدِ
سَلسلت عقلَك أفكارٌ له
ملأتْ حلقك أوتارٌ له
مستعارٌ كلمٌ في فمكا
مستعارٌ أملٌ في قلبكا
أعوزتْ طيرَك ألحانُ الغناء
ليس في سروك في الجوِّ رُواء٢١١
أنت في كأسك خمرًا تجتدي
وكذلك الكأس جدوى في اليد
لو يعود اليوم فينا ذو النظرْ
مَن به تصديقُ «ما زاغ البصر»٢١٢
مازَ صدقًا وكِذبًا سمعُه
وابتلى كلَّ فراش شمعه٢١٣
نعم نادى «لستَ منى» يا فتى
ويلتا يا ويلتا يا ويلتا
فالإم العيشُ مثلَ الأنجم
يطلع الصبح لها بالعدَم
أنت قد غرَّك صبح كاذب
أنت عن نفسك حقًّا ذاهب
أنت شمس نَفسَك اعرِف كلَّ حين
لا تُضئْها من نجوم الآخَرين
إنَّ في قلبك نفسًا من سواك
باعَت الإكسيرَ بالترب يداك
بسراج الناس مغناك أضاء
وبخمر الناس في الرأس انتشاء
لك حول الشمع في الحفلِ دُوار
اغشَيْن نارك، هل في القلب نار٢١٤
ابقَ في مثواك مثلَ البصر
لا تدع عُشَّك مهما تِطر٢١٥
حَيَّ فردٌ نفسَه قد عَرفا
وقبيلٌ عن سواه صَدفا٢١٦
عن طريق المصطفى لا تذهبَنْ
واترك الأرباب، واللهَ اعبُدَنْ

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ

قد علا قومكَ عن لونٍ ودَمْ
وعلا أسودُه حُمرَ الأمم
في وضوءٍ قطرةٌ من قنبر
هي أغلى من دمٍ من قيصرِ
اتركن عمًّا وأمًّا وأبًا
وكَسلمان إلى الدين انسبا٢١٧
يا خليلي اسمع حديثي واعقِلا
من خلايا النحل هذا المثلا:
قطرةٌ من شَقِر كالقَبَس
ثم أخرى من بياض النرجسِ
لم تقُل هذي: أنا نَيلَوْفَر
أو تقلْ هاتيك إنِّي عَبْهَرُ
شأن إبراهيم في ملتنا
دين إبراهيم فيه شهدنا
إن جعلت الدمَ ركن الملَّة
صدَعتْ دعواك جمعَ الإخوة
في ثَرانا ليس ينمو بَزْرُكا
أنتَ ما أسلم حقًّا فكركا
ابنُ مسعودٍ سراجُ المتقين
جسمهُ والروح وَجْد المُخبِتين
أجَّ من موت أخيه صدره
وأذاب القلب منه جمرُه
لم يجفَّ الدمع من حرقته
ناحَ نَوْحَ الأم في لَوعتهِ:
آهِ للقارئ درس العظةِ
ورفيقي في طلاب الحكمةِ
آهِ للسَّروِ الذي قد وَرَفا
وشريكي في ولاء المصطفى
عينُه تحرَم. إبصار النبيّ
وأنا أشهد أنوار النبي٢١٨
ما من الأنساب يَقوَى وصلُنا
ليس من روم وعُرب أصلُنا
إنما حبُّ الحجازيِّ الحبيب
قد حبانا ذاكم الوصلَ القريبْ
حَسْبُنا آصرةٌ من حُبِّهِ
حسبُ عين نشوة في قربه
جدَّد الدهرُ بنا سيرتَه
مذ حوت أعراقُنا نشوتَه
عشقُه سِرُّ اجتماع الأمة
نبضَت منه عروقُ الملَّة
صلةُ العشقِ لنا أقوى سَبب
هو في الروح، وفي الجسم النسب
أيها العاشق خلِّ النسبا
خلِّ إيران، وخلِّ العَربا
نورُ حقٍّ مثلَه أمَّتُه
قد نمت أغصانَنا دوحتُهُ
نور حق ما حواه نسب
ثوب حق، لا سَدًى أو لُحمةُ٢١٩
من ثوى في نسبٍ أو بلدِ
قد عَفا عن «لم يلدْ ولم يُولَدِ»

وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ

صاحِ! ما المسلمُ للدنيا احتقر
عامِرًا بالحق قلبًا قد عمر؟
زَهْرةٌ من شَقِرٍ في القُنَنِ
لم تَرُعها طلعةٌ من مُجتني
نَفسًا ينفخ فيها السَحَرُ
فتراها لهبًا يستعرُ
تُشفق الزُّهرُ عليها تحسَبُ
أنها خلِّف عنها كوكبُ
الندى منها نُعاسًا يَغسِل
وشُعاعُ الشمس فيها قُبَلُ
(لم يكن) أمسِكْ بها واشدُد يدا
لتُرى في الناس حُرًّا أوحَدا
ذلك الواحد لا شِركَ له
عبده يأبى شريكًا مثله
قد سما المسلم أعلَى مَن سَما
ليس يرضى بمُسامٍ في السَما
وِردُه «لا تحزنوا» في المأزِق
«أنتم الأعلَون» تاجُ المَفرِق
حملَ الكونين طرًّا ظَهرُه
وحوى برًّا وبحرًا صدرُه
أذْنُه للرعد إمَّا جَلجلا
صدره للبرق إما نزلا
قاتِلُ الزُّور، وللحقِّ وَزَرْ
أمرُه المعيار في خير وشرّ
جمرُه كلُّ لهيبٍ في حشاه
جوهرٌ فيه كمال للحياه
ليس في ضوضاء هذي الأمم
نغمةٌ إلا أذانَ المُسلمِ
هو في العفو وفي البذل عظيمْ
وهو حين القَهر ذو طبع كريم
لُطفُه في الحَفلِ جبر المنكسِرْ
قهره في الحرب صهرٌ للحجَر
هو في الروض صفيرُ البُلبلِ
وهْو في البِيد انقضاض الأجدل
قلبه تحت سَماءٍ لا يقرّ
هو فوق الزُهْرِ ما إن يستقرّ
طائرٌ ينقُر نجمَ الحُبُكِ
طائرًا فيما وراء الفلكِ
أنتَ، يا مَن لم يَطِرْ منك جَناحْ!
دودةٌ في ظلمةِ التُّرب تُراح
مستكينٌ تشتكي جور الزَّمانْ
قد أصبتَ الذل من هَجر القُران٢٢٠
قد هبطت الأرض طُهرًا كالندى
بالكتاب الحيِّ أمسكت يدا
فإلام العيش في التُّرب؟ ارحلا
اصعدَنْ فوق السَماواتِ العُلَا

شكوى المصنف إلى من أرسِل رحمةً للعالمين

نضرتْ منك مُحيَّاها الحياه
ورأت تعبير رؤياها الحياه
الجهاتُ الست نورٌ يَسطع
منك، والأقوام جمعًا تَبعُ
إنَّ فقرًا فيك ذخر الكائنات
قد تعالى بك قدرُ الكائنات٢٢١
أنت أشعلت مصابيح الحياه
وحبوتَ الناس من رقٍّ نجاه
صُوَر الكون بدت من دونكا
فاقةً تشكو وتشكو الحَلَكا
نفسٌ منك أطار الشرَرا
فاستحال الطين منه بشرا٢٢٢
وسمت للنيرين الذرَّة
وتجلَّت من حَشاها القوَّة
مِن أبي أنت وأمي أقرب
مذ رأى وجهَك طَرفي المعجَبُ
عشقُك النارَ بجسمي يُضرِم
فليُذِبْ روحيَ منه ضَرَمُ
ومتاعي أنَّةٌ مثلَ الربابْ
إنها المصباح في بيتي الخراب
كيف لا يُبدي شَجٍ أتراحَه؟
كيف لا يُبدي زجاجٌ راحه؟
ضلَّ عن سرِّ النبيِّ المسلمُ
موثِنًا قد صار هذا الحرَم٢٢٣
كلُّهم في قلبه يثوى هُبَلْ
ومَناةٌ فيه والعُزَّى تحُل
شيخنا يفضله البرْهَمَنُ
سُمناتٌ رأسَه يستوطنُ٢٢٤
هجر العُربَ، وفي العُرْبِ عِصَمْ
وأطال النوم في حانِ العجم
فتَّ بَرد العُجمِ في أعضائه
دمعُه أبردُ من صهبائه
هو، كالكافر، يَخشى الأجلا
صدره من قلب حيٍّ قد خلا
داؤه كلُّ طبيب ما شفا
فحملت النَعش عند المصطفى
هالكًا عرَّفته ماء الحياه
ومن القرآن أسرار النجاه
قلت عن أحباب نجدٍ قِصَّتي
حَدثتْ عن رَوض نجدٍ نفحتي
فأضاء الحفلَ من لحني أَياه
ودَرى قوميَ أسرار الحياه٢٢٥

•••

قيلَ: أهدى سحر أورُبَّا لنا
وبقانون الفرنج افتتنا٢٢٦
واهبي عودَ سُلَيمي كرَما
والأبوصيريَّ بُردًا كرُما٢٢٧
اهدِ للحق، الذي قد أفَكا
الذي يجهل ما قد ملكا٢٢٨
إن يكن قلبي غَوَى لا يُبصرُ
أو سوى القرآن لفظي يُضمرُ
أنت يا من نورُه صبحُ العصور
أنت يا عالم أسرار الصدور
اهتكنْ أستار فكري وافضحنْ
طهِّرن من شوكتي روضَ الزمن
وحياتي اقطع لأجل الأمةِ
واكفيَنْ شرِّي أهلَ الملةِ
أبعِدنْ عن روضتي الغيث المَريع
واحرمَنِّي من شآييب الربيع
جفِّف الراح بكَرمي عاجلا
واملأن راحِيَ سمًّا قاتلا
واخزِيَنِّي يوم حشر الأمم
واحرمنِّي منك لثمَ القدَم
أو أكن أخلصت نصحي في البيان
ونظمت الدَّر من سرِّ القُرانِ
فدعاءٌ منك أجري وكفى
بك كم نال وضيعٌ شرَفا
اسألنَّ الله رب العرش لي
يجعلَن عشقي قرينَ العمل
ربِّ قد أنعمتَ بالروح الحزين
ونصيبًا شئتَ لي من علم دين
فاجعلَنْ في الفعل حظِّي أوفرا
واجعلن قَطرَ ربيعي دُررا

•••

أملٌ آخر في القلب أقام
مذ حوى قلبيَ في الدنيا مُقام
هو في صدري كقلبي نزلا
شاهدًا صبحَ حياتي الأوّلا
أملٌ أذكيتُ منه لهبي
مذ شدا باسمك أمي وأبي
كلما غيَّض منِّي الزمنُ
ودهاني ريبُه والمِحنُ
شبَّ في قلبيَ هذا الأملُ
ونما بالعتق فيه الثَمَل٢٢٩
إنّه تحت ترابي جَوهرُ
كوكبٌ في جنح ليلي يُسفِر

•••

همتُ حينًا بذواتِ الحوَر
وتعشقتُ ذواتِ الطُرَرِ
وعلى الراح صحبت الغانيه
حين أطفأتُ سراج العافيه
وأحاطت بَيْدري نارُ البُروقْ
وغزا قلبيَ قُطَّاع الطريقْ
وبروحي لم يزَل هذا العُقار
وبكيسي لم يزَل هذا النُّضَارْ

•••

لبس الزُنَّارَ عقلي الآزَريّ
وغزا روحي بالنقش الفريّ٢٣٠
في إسار الشك أمضيت سنينْ
وهو في رأسي مقيمٌ لا يَبين
أحرُفًا ما نلتُ من عِلم اليقينْ
ومن الحكمة في الريب رهين٢٣١
لم يَلُح في ليل عُمري نورُ حقّ
لم يُنِره ليلي شعاعٌ من شفَقْ
وفؤادي مُضمِرٌ هذا الرجاءْ
صدَفٌ في قلبه دُرٌّ أضاء
ثم من عينيَّ دمعًا سَجَما
وتجلَّى في فؤادي نغما٢٣٢

•••

يا مَن القلب سِواه أغفلا!
ائذنَنْ أذكر هذا الأملا
سيرتِي ما ضاء فيها العملُ
كيف مثلي مثلَ هذا يأمُلُ؟
أنا من إظهاره في خجَلِ
منك لُطفٌ يسر الجُرأة لي
يا رحيمًا بك للناس مفازْ!
كلُّ ما أبغيه موتي في الحجاز٢٣٣
هَجْرُ غير الله شأنُ المسلمِ
كيف لي عيشٌ ببيت الصنم؟
حسرة المسلم إن حُمَّ الممات
أن يكون الدَّير مثوى للرفات٢٣٤
ويل يومي، وهنيئًا لغدِي
إن أقُمْ في ذا الحِمَى من لَحَدي
حبذا أرض تراها موطنا!
حبذا تُربٌ تراه مسكنا!
دارِ حِبِّي ومليكي والسَكن
أيها العشاق! ذا نعم الوطن٢٣٥
كوكبي أطلِعْه بالسعد غدا
في ظلال الدار هب لي مرقدا
ليرى الراحةَ قلبي القلِقُ
ويرى الهدأة هذا الزئبقُ
أيها الدهر انظرَنْ هذا السلام
قد رأيت البدء فانظر ما الختامْ

كان الفراغ من تبيض الترجمة وتحريرها، وتنقيحها وتحبيرها أصيل يوم السبت الحادي عشر من شعبان سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة (الرابع والعشرين من آذار سنة خمس وخمسين وتسعمائة وألف من الميلاد) بدار السفارة المصرية بمدينة جدة.

والحمد لله أولًا وآخرًا.

هوامش

(١) ترجمة بيت لعرفي الشيرازي صدر به الشاعر هذه التقدمة، ومعناه: لا يستطيع أحد إنكار ما أصف من آلام عشقي، فإنه إن شعر بالآلام التي أصفها فهذه الآلام لا تكون بي، ولكن به هو، إنني أصف شيئًا لا يمكن أن يكون في قلب غيري، فكيف يستطيع إنكاره.
(٢) يعني: أهل أوروبا الذين سيطروا على الهند وغيرها حقبة.
(٣) الأفلاك من الهبوة التي أثرتها في جهادك على الأرض.
(٤) الشطران بين الأقواس بيت للشيخ سعدي الشيرازي.
(٥) يعني: أن الشعراء الآخرين فتنوا بذكر الحان وغلمان المجوس، وهؤلاء في الشعر الفارسي كغلمان النصارى في الشعر العربي يقرن ذكرهم باللهو والسكر، إذ كانوا خدم الحانات.
(٦) مرآة اسكندر مشهورة في الشعر الفارسي، يقال: إنه كان يرى فيها الأقاليم ولعل أصل الخرافة منارة الإسكندرية ومراياها، ويقول الشاعر هنا: إن في شعري مرايا كمرآة إسكندر، فلست في حاجة إليها.
(٧) يعني: أنه لا يجني الزهر في حجره، بل يستكبر أن يجنيه استغناء عنه.
(٨) حذف بعد هذا بيتان.
(٩) الربيع النهر الصغير.
(١٠) محبوبنا الرسول .
(١١) يتخيل الشعراء أن الورد يمزق صدره حين يتفتح، ويقول الشاعر: إن العشق صاغ قلبه مرآة وهو يشق صدره، فيضع هذه المرآة أمام الأمة الإسلامية لترى فيها حقيقتها.
(١٢) أي لتُقدري جمالك، وتدركي مزاياك، وتحبي نفسك.
(١٣) الشقيق: زهر أحمر يجعله الشعراء مثلًا للاحتراق، ويقول إقبال: ما هذا الاحتراق الذي هو لون لا حقيقة له، ولماذا أستجدي الندى من الفجر كالشقيق وغيره من الزهر، أنا أحترق بناري كالشمع، وأتخذ من دمعي ندى.
(١٤) أيامه كلها عمل وجهد ليس فيها يوم راحة.
(١٥) روحه آهة والجسد تراب يسترها كما يتردى الإعصار بالغبار.
(١٦) تجعل العصف — وهو الهشيم — ضعيف اللهب، نارًا قوية تحرق غيرها، وتخلق من التراب فراشًا هائمًا يهفو على النار.
(١٧) نهر المجرة.
(١٨) قيمة الأفراد من فضل الأمة عليها.
(١٩) كثرة الأمة لا تضر بوحدة الفرد بل تحكمها، والكثرة فيها موحدة بوحدة الفرد، ورأى إقبال أن غاية الجماعة تقوية الفرد وإسعاده وهو لا يفنى فيها.
(٢٠) الفرد في الجماعة كلفظ في بيت من الشعر، إن فصلت اللفظ من البيت اختل البيت، وتعطل معنى اللفظ.
(٢١) تقيد الفرد بقيود الجماعة لا يعبده بل يحرره، وثباته في الجماعة ينميه مثل الشجرة تثبتها في الطين فتنمو، وإن لم تثبت في الأرض لم تنم.
(٢٢) الوهق: حبل فيه آخية يصطاد به، يعني أن قيد النظام للإنسان يمنع وثوبه ولكن يكمله ويطيبه.
(٢٣) أثبت خودي، ومعناها الذاتية، وبيخودي أي نفي الذاتية على لفظهما في الأصل، يعني الشاعر أن الإنسان إن لم يميز مواضع الذاتية من مواضع نفيها اشتبه عليه أمره، وهذا أساس فلسفة إقبال، انظر المقدمة.
(٢٤) يعني الذاتية.
(٢٥) وجودك منه ووجودي منه، وهو مع هذا فرد لا يثنى.
(٢٦) هذا النور الذي يسميه الذاتية يصنع نفسه ويثبتها ويفرقها، وله دلال يظهر في صورة خضوع، يعني أنه غالب وكأنه مغلوب.
(٢٧) شرر صغير ولكنه كبير في معناه يقوى على الشعلة الكبيرة.
(٢٨) يظهر من خلوته: أي يبدو في الكون فيثير حربًا هي جهاد الحياة الدائم.
(٢٩) الجبر والإكراه يقطع عليه الطريق وهو بالحب والاختيار ينمو ويعظم.
(٣٠) تفرق الذات نفسها فتنمو من زهرتها روضة أي تعظم وتكثر بهذا التفريق.
(٣١) هذا الشطر من المثنوي لجلال الدين الرومي.
(٣٢) مذهب إقبال: أن غاية الجماعة سعادة الفرد، وأن الفرد لا يفنى من أجل الجماعة.
(٣٣) المضرب ما يضرب به أوتار العود.
(٣٤) يعني ليس عنده نشوة العمل والإقدام.
(٣٥) النجم النبت الذي لا ساق له.
(٣٦) أي تغيرت قيم الأشياء بما أتى به من مقاييس جديدة.
(٣٧) كلامه ونظره يجذب البعيد إليه حتى يصيرا كنفس واحدة.
(٣٨) يهب الناس نظرًا جديدًا فيرون الأشياء على غير ما رأوها قبلًا، فرب حسن يصير قبيحًا، وقبيح يصير حسنًا.
(٣٩) ترى الذرة على ضآلتها طور سيناء، الذرة لا ترى إلا في نور الشمس، ولكن هذا الرسول الذي يتحدث عنه الشاعر يحيي الموات وينير الظلم فترى الذرة طور سيناء.
(٤٠) العقل عريان مفلس حتى يمده الرسول فيكسوه ويغنيه أي هو يهدي العقل ويقويه.
(٤١) يشعل العقل، ويميز له الخبيث من الطيب.
(٤٢) الناس يعبدون الصنم ويستعبدون الإنسان، فيقول الرسول للإنسان لست عبدًا، ولست قدرًا من الأصنام.
(٤٣) يقيده بالشريعة ليجذبه إلى المقصود ويعلمه توحيد الله وأدب الطاعة، فترى الإنسان حرًّا من عبادة الكبراء مقيدًا بالشرع.
(٤٤) إشارة إلى الآية في سورة مريم: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا.
(٤٥) كأس جشيد التي ترى فيها الأقاليم السبع، أي: إن صدقت النية في مقام العبودية لله وحده ينقلب السائل ملكًا، ووعاؤه الذي يجتدي فيه يصير كأس جشيد.
(٤٦) تقدم أن «لا إله» اختصار كلمة التوحيد.
(٤٧) الفكر وحده لا يجدي ولا بد له من حرقة الإيمان.
(٤٨) إشارة إلى الآية الكريمة: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم.
(٤٩) أمتنا مؤسسة على العقيدة لا على الأرض، فقلوبنا ليست رهن الحس، بل هي متصلة بالغيب، أي بالمعاني التي لا تحدها الأوطان.
(٥٠) نظامنا قائم غير مرئي، كالبصر لا تدركه الأبصار.
(٥١) الرئى المظهر.
(٥٢) مأخوذ مما جاء في الأثر من تسمية الخمر أم الخبائث.
(٥٣) مقتبس من القرآن: لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ.
(٥٤) رجاء يوصل دائم لا ينقطع.
(٥٥) الوند جبل عال مشرف على مدينة همذان، يعني: إن تكن كجبل الوند ففي اليأس مصرعك.
(٥٦) الضمير لليأس في أكنافه تشب الخيبة، وبفضله ينمو العجز.
(٥٧) الكحل يجلو البصر، ولكن كحل اليأس يعمي ويجعل النور ظلامًا.
(٥٨) إشارة إلى ما حكى القرآن الكريم من قول الرسول لأبي بكر في الغار: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا.
(٥٩) إشارة إلى الآية: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
(٦٠) إشارة إلى قصة موسى وفرعون وقول الخالق عن موسى: قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى وفرعون هنا نكرة، ولهذا لحقه التنوين.
(٦١) لا يؤدي دية من قتله.
(٦٢) عين: جاسوس، والميم في خط الرقعة والخط الفارسي مصمتة، فجعل الشاعر الخوف مظلم القلب مثل ميم الموت. وفي الأصل ميم مرك، ومرك: موت، فالميم في الأصل والترجمة.
(٦٣) تشوه مظاهر الحياة عينه، وتحرف أخبار الحياة أذنه.
(٦٤) ذو الفقار: سيف علي بن أبي طالب — رضي الله عنه.
(٦٥) في الأصل وعلى الشام نثرت الشفقا، وشام في الفارسية بمعنى الليل، فالكلمة تورية معناها القريب بلاد الشام.
(٦٦) محيي الدين عالمكير، الملقب أورنك زيب، أحد عظماء الملوك من دولة المغول في الهند، وكان حريصًا على نشر الإسلام في الهند ملتزمًا حدود الشرع، ملك من سنة ١٠٩٩ إلى سنة ١١٤٨ﻫ.
(٦٧) أكبر هو جلال الدين أكبر من أعظم سلاطين المغول ملك خمسين سنة، وحاول أن يجمع بين الإسلام والأديان الأخرى في دين سماه الدين الإلهي، وكان يتقرب إلى الهنادك ويرعى شعائرهم، ودارا أخو عالمكير المذكور هنا.
(٦٨) شاهجهان بنى تاج محل لزوجه، فلما ولى عالمكير لم يبن لأبيه مزارًا، بل دفنه بجانب زوجه في تاج محل، ثم بنى لنفسه قبرًا صغيرًا ساذجًا.
(٦٩) زينة العرش لقب هذا السلطان (أورنك زيب).
(٧٠) توهم الليث صورة ليث.
(٧١) ثم دعا الوجد إلى الصلاة مرة أخرى.
(٧٢) العبد لدى مولاه يفنى ولكن يثبت في جهاد الباطل، واللفظان العربيان لا ونعم في الأصل.
(٧٣) الألف في حصلا نون التوكيد الخفيفة، والمعنى: ليكن لك قلبه، ولتعد هذا القلب للحبيب «الحق».
(٧٤) إشارة إلى الآية: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ.
(٧٥) إشارة إلى دعاء إبراهيم وإسماعيل: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
(٧٦) إشارة إلى الآية: اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ.
(٧٧) بطحاء مكة.
(٧٨) إشارة إلى بيت البردة:
أحل أمته في حرز ملته
كالليث حل مع الأشبال في أجم
(٧٩) الكثرة المؤتلفة هي في الحقيقة وحدة لا كثرة، وإذا ائتلفت الكثرة فاتحدت نشأت الأمة.
(٨٠) في حاشية الأصل بيت من البردة:
لما دعا الله داعينا لطاعته
بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
(٨١) لا نبي بعدي فضل من الله على هذه الأمة، ومكافة الإسلام من هذا.
(٨٢) برويز ملك عظيم من ملوك الفرس، وفرهاد مهندس فارسيٌّ له مع برويز وجاريته شيرين قصة رائعة في الأدب الفارسي.
(٨٣) المدنية الحاضرة من آثار البعثة الإسلامية، فهذا العصر جاء إلى الوجود في حجرها.
(٨٤) إشارة إلى الآية: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ.
(٨٥) إشارة إلى الآية: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى.
(٨٦) أبو عبيدة الثقفي أحد قواد المسلمين في فتح العراق، وجابان قائد فارسيٌّ.
(٨٧) بو عبيد هكذا جاءت في الأصل، واقتضى الوزن وذكر الاسم إبقاءها كما جاءت.
(٨٨) الحيدر: علي بن أبي طالب وقنبر خادمه، يعني أن نغمة ينطق بها بلال أو قنبر هي نغمة علي وأبي ذر، سواء فيها الكبير والصغير والسيد والمولى.
(٨٩) مراد أحد أمراء خوقند أو خجند في تركستان في القرن الثالث عشر الهجري.
(٩٠) فرهاد مهندس له قصة معروفة في الأدب الفارسي والأساطير مع الملك برويز.
(٩١) اقطع يد السلطان قصاصًا.
(٩٢) شمر كمه استعدادًا لقطع يده.
(٩٣) آية: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، القطع عدل والعفو إحسان.
(٩٤) حذف قبل هذا أبيات فيها حديث وقعة كربلاء.
(٩٥) كعب بن زهير الذي مدح الرسول بالقصيدة المعروفة: بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول.
(٩٦) إشارة إلى البيت:
إن الرسول لسيف يستضاء به
مهند من سيوف الهند مسلول
(٩٧) إشارة إلى الحديث: «حبب إليَّ من دنياكم ثلاث … إلخ»، لم يقل الرسول: «من دنياي أو دنيانا»، بل قال: «دنياكم».
(٩٨) سكن الإنسان من يسكن إليه من أهل أو صديق.
(٩٩) لا يتيه في عالم العلل والمقادير.
(١٠٠) يقول إقبال في ديوان ضرب الكليم:
إنما الكافر حيرا
ن له الآفاق تيه
وأرى المؤمن كونًا
تاهت الآفاق فيه
يعني أن المؤمن المجاهد لا تعوقه ولا تحيره عقبات هذا العالم، بل يسخرها كما يشاء.
(١٠١) الإمام الأعظم رسول الله.
(١٠٢) في القرآن الكريم: قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا، فالهجرة ترك المكان الذي يعسر فيه العمل إلى المكان الذي يتيسر فيه أداء الواجب.
(١٠٣) اقتباس من القرآن جاء في الأصل.
(١٠٤) الفلورنسي مكيافلي، مؤلف كتاب الأمير الذي أحل للملوك كل وسيلة تبلغ بهم الغاية.
(١٠٥) الصنم: الملك.
(١٠٦) الريح: الرائحة.
(١٠٧) تذهب طير وتجيء أخرى، وتسير الرائحة، وينزل الندى، فالروضة باقية على تبدل ما فيها.
(١٠٨) موسم الزهر أبقى آحاد الزهر، فالزهرة تذبل والموسم يدوم.
(١٠٩) الآماس: جمع أمس.
(١١٠) يسفر: يسافر.
(١١١) إشارة إلى الآية: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ وقَالُوا بَلَى، يعني أنها قائمة على عقيدة أزلية عامة خالدة فهي دائمة بدوام هذه العقيدة.
(١١٢) إشارة إلى الآية: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.
(١١٣) المعنى إن كان الذكر محفوظًا فلا بد أن يدوم الذاكر فلا ذكر بدون ذاكر.
(١١٤) الآية: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.
(١١٥) إلى الحق تنيب: الحق هنا الله تعالى.
(١١٦) إبراهيم الخليل، كان يأمل أن تخرج من ذريته أمة موحدة فانجلت آماله عن هذه الأمة.
(١١٧) إشارة إلى الآية: وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ.
(١١٨) يعني كانت نار التتر علينا بردًا وسلامًا، بل كانت روضة لنا كما كانت النار لإبراهيم.
(١١٩) ساسان الذي تنسب إليه دولة الفرس الساسانية التي سيطرت من القرن الثالث الميلاد حتى ظهور الإسلام.
(١٢٠) يعني أن الأمة الإسلامية تبقى بما في قلوبها من الوجد والهيام والإقدام على العمل وهذا العشق حياة للعالم.
(١٢١) إن كنا في ضيق وغم منطوين ككم الزهرة فحياة هذه الروضة، هذا العالم، رهن بحياتنا إن متنا ماتت.
(١٢٢) زهر السراج أضاء.
(١٢٣) إشارة إلى الآية: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ.
(١٢٤) سكن اضطرابه واطمأن، موجه الثائر سكن واستقر كالدرة في الماء.
(١٢٥) جم: جمشيد أحد ملوك الفرس القدماء.
(١٢٦) الهبوة: الغبار الذي يثور في الحرب أو سير الأرجل الكثيرة ونحوها.
(١٢٧) إشارة إلى الآيتين: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا ويَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ.
(١٢٨) القوال منشد القصائد الدينية وهو معروف بهذا الاسم في إيران والهند.
(١٢٩) العراقي شاعر صوفي فارسي.
(١٣٠) يعني أنه يأخذ مالًا من الفقراء المقيمين في الأربطة.
(١٣١) الديلمي والخطيب من رواة الحديث الضعفاء، والضعيف والغريب من أنواع الحديث، يعني الشاعر أنهم تتبعوا المحدثين غير الثقات والأحاديث غير الصحيحة يستدلون على أقوالهم وأفعالهم.
(١٣٢) يعني يجب الاستمساك بسنن الآباء حتى تعود الأمة سيرتها، كما ينتظر صاحب الشجر أيام الخريف إيراقه وإثماره في الربيع ولا يقطعه أو يهمله.
(١٣٣) إن قل الماء في نهرك فاحتفظ بالنهر عسى أن تأتيه السيول بالماء فيزخر مرة أخرى.
(١٣٤) كلمتا نباض ومقراض في الأصل.
(١٣٥) مرقاة اليقين ومقامات اليقين في الأصل بلفظهما العربي.
(١٣٦) في الأصل جبل ألوند، واستبدلت به رضوى في الترجمة.
(١٣٧) الشيخ أحمد الرفاعي.
(١٣٨) وقعت هذه القصة في سيالكوت بلد إقبال وقصها على الناس كثيرًا، ومبرم في آخر البيت بمعنى ممل.
(١٣٩) قشب: جمع وكسب.
(١٤٠) يعني دمعت عينه، علق الدمع بأهدابه ثم سقط.
(١٤١) هذا قول النبي لوالد إقبال في المحشر.
(١٤٢) جلال الدين الرومي، وما بين القوسين من ديوانه المثنوي.
(١٤٣) أغرد: أطرب بالتغريد.
(١٤٤) الصقر يعيش في الصحراء، والبلبل بين الأشجار؛ فليلزم كل بيئته.
(١٤٥) مطر شهر نيسان الذي ينشأ منه اللؤلؤ في ظن القدماء.
(١٤٦) متصل بالبيت الذي قبله، أي انشف الماء بشعاع الصبح.
(١٤٧) الأوصاف في هذا البيت وما بعده أوصاف الحياة.
(١٤٨) نار الحياة تخفي حرها، وتظهر أعراضها في مظاهرها، ومثل الشاعر بأزهار الشقيق التي جعلها الشعراء مثلا للالتهاب.
(١٤٩) الحياة حركة دائمة يتوهمها الإنسان ثابتة، يقول إقبال: الفكر العاجز عن إدراك الحياة يرى جسمًا يسميه وردًا، وليس هو في الحق إلا لونًا في طيران مستمر.
(١٥٠) الطير: الطيران، والحياة طيران ولون طائر، لا ثبات لها ولا تستقر في عش.
(١٥١) الحياة مقيدة بأشكال وهي في الحقيقة لا تحويها هذه الأشكال، ونوحها وغناؤها متصلان.
(١٥٢) تضع نفسها في الطين — تزرع وتغرس — لا لتسكن فيه بل تزيد إسراعًا في سيرها.
(١٥٣) الحياة تلبس الطين فتراها حيوانًا له عين إلخ.
(١٥٤) العم: الجماعة الكثيرة.
(١٥٥) تولد الأمة حين تجمع الحياة في مركز معين في شريعة أو قانون أو مقصد.
(١٥٦) الخليل إبراهيم، نحن الدليل على صدق ما يدعي للحرم من أنه يجمع الناس، ويكون مركز الأمة، ونحن برهان على تحقيق ما أمله الخليل في الحرم.
(١٥٧) في حساب الحرم كثرتنا وحدة، وبهذه الوحدة تستحكم قوتنا.
(١٥٨) حذفت هنا أبيات في وصف اليهود.
(١٥٩) السجود الأولى جمع ساجد.
(١٦٠) المطلع هنا مطلع القصيدة.
(١٦١) اعتقد المال: اقتناه، إذا عرف الإنسان مقصده نقد به الأشياء فرد بعضها وأخذ بعضها.
(١٦٢) يذكر أمثلة من المقاصد: الساحل للسائر في البحر، والمنزل للسائر في البر، والاحتراق للفراش، وليلى لقيس.
(١٦٣) يتبين للعمل كيفه وكمه من مقصوده.
(١٦٤) الشقر: الشقائق؛ والضمير يعود إلى المقصود الحياة تستعريه، وتجمع في نفسها نارًا كما تجمع الشقائق النار، في خيال الشعراء.
(١٦٥) يجمع الأعين المختلفة على نظر واحد.
(١٦٦) القمي: ملك القمي الشاعر، والإشارة إلى بيت له معناه. «ذهبت لأنقش الشوك من قدمي فاختفى المحمل عن عيني، غفلت لحظة فبعدت طريقي مائة سنة».
(١٦٧) امتزاج الأمهات اختلاط العناصر، والتركيب بلفظه العربي في الأصل.
(١٦٨) هذا البيت والذي قبله بيت واحد في الأصل، والمعنى: أن التكمل في العالم شاق أليم، ينبت غابات من أجل نغمة ناي، ويخرب روضات من أجل زهرة، وقد تقدم هذا أول الكتاب.
(١٦٩) تعالى: تتعالى.
(١٧٠) السنبل: نبت طيب الرائحة.
(١٧١) فيها: في الدنيا.
(١٧٢) إشارة إلى الآية: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ.
(١٧٣) إشارة إلى الآيات: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى.
(١٧٤) يعبد الناس في هذا العصر عصبية الأنساب والأوطان فيسفكون الدماء.
(١٧٥) إشارة إلى الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.
(١٧٦) في الأبيات المتقدمة دعوة إلى تسخير عالم الحس، وبيان أن هذا التسخير يؤدي إلى معرفة عالم الغيب.
(١٧٧) يعني: أن الإنسان خليفة الله في الأرض بالحق، وحكمه فيها نافذ.
(١٧٨) استخرج الكهرباء من سيل الماء.
(١٧٩) إشارة إلى الآية: قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ.
(١٨٠) إشارة إلى آلات البرق، والهاتف ونحوها.
(١٨١) إشارة إلى الآية: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا.
(١٨٢) كالصقر الصغير الذي يعلم الصيد، يتلطف صاحبه في إطلاقه وراء الصيد ودعوته إلى الرجوع.
(١٨٣) ثم يعلق التفكير به فيرمي فكره بشرر، كما تدار جمرة النار في خذروف فيتطاير منها الشرر، وفي الأصل «زرجك» وهي لعبة يديرها الصبيان، يتطاير منها الشرر، والخذروف قرص يدار بخيط فيسمع له دويّ.
(١٨٤) يدرك الطفل نفسه فيعنى بها، ويقول: ها أنا، وكان يرى غيره لا نفسه.
(١٨٥) يرمي ويكري يزيد وينقص، يشعر الإنسان بأنه مع تغير جسمه لا تتغير ذاته.
(١٨٦) هي في الكون كإنسان العين يرى كل شيء إلا نفسه، فهي تقلد وتتبع ولا تعتمد على نفسها.
(١٨٧) تكون كالذي معه خيط معقد يحل عقده حتى يجد طرف الخيط فيمكنه الانتفاع به.
(١٨٨) راز الإنسان الشيء حاول رفعه ليعرف ثقله.
(١٨٩) الخِيَاط: الإبرة.
(١٩٠) المهار: الزمام.
(١٩١) إكبار الرجل المرأة وحبها يدعوانه إلى الإقدام والعمل، وكذلك تهديه المرأة وتلهمه.
(١٩٢) إشارة إلى الأثر: حبب إلي من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة.
(١٩٣) المقدار هنا القدر، أي مستقبل الناس مكتوب في سيما الأم.
(١٩٤) كهام المقول: عيبة اللسان، عينها خفرة ولسانها قليل الكلام.
(١٩٥) تعاني الظلام في أيامها ليشرق صبحنا، أي: نسعد بشقائها.
(١٩٦) صدفت عن الحمل والوضع.
(١٩٧) لم يضئ في ليلها نجم: لم يولد لها ولد.
(١٩٨) أباع: عرض للبيع، أي عرضت درعها للبيع لتعطي سائلا.
(١٩٩) الأسير في أغلال هذا العصر يظن نفسه حرًّا، والميت يحسب رمسه قصرًا، لا يدري هذا أو ذاك ما هو فيه من عبودية أو هلاك.
(٢٠٠) إشارة إلى الحديث: «أمن الناس على صحبته وماله أبو بكر».
(٢٠١) كان ثاني الرسول في الدخول في الإسلام وفي الغار، وفي القبر إذا كان أول من دفن بجانبه.
(٢٠٢) إن أخلص الإنسان لله وتوكل عليه لا يقيده ما يقيد الناس من أسباب بل يخلق هو وسائله إلى غايته وليست الحياة دورات آلية بل فيها إرادة الإنسان وعزيمته.
(٢٠٣) مرحب: أحد رؤساء اليهود في خيبر، قتله علي — رضي الله عنه — تقيل حيدرًا: تشبه بعلي.
(٢٠٤) إشارة إلى ما يروى عن عمر — رضي الله عنه: «أقلل من الدنيا تعش حرًّا».
(٢٠٥) الضمير يرجع إلى الدنيا.
(٢٠٦) أبو علي قلندر أحد كبار الصوفية في الهند وتقدم ذكره وما بين القوسين شعره.
(٢٠٧) نقفور أحد ملوك البيزنطيين حاربه الرشيد فهزمه.
(٢٠٨) اليمن من مواطن العقيق، يعني: لماذا يبقى مالك في الحجاز كما يبقى العقيق في معدنه.
(٢٠٩) في الأصل: أنا حي بتقبيل تراب المدينة، وقد خفقت العبارة في الترجمة.
(٢١٠) هل أنت أيها المسلم كما عهدتك، أم أنت إنسان آخر.
(٢١١) السرو: شجر طويل شكله كالسنبلة دائم الخضرة، جميل التمايل، يقول الشاعر: إن طيرنا لا يستطيع الغناء كالطير، وسرونا ليس له رواء كالسرو.
(٢١٢) إشارة إلى الآية: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ.
(٢١٣) لو عاد الرسول لميز الصادق والكاذب، وعرف شمعه الفراش الذي يهفو إليه حبًّا.
(٢١٤) هنا يقول الشاعر: لا تكن فراشًا يهفو على نار غيره، بل اصطل نارك إن تكن في قلبك نار.
(٢١٥) مذهب إقبال أن يثبت الإنسان في نفسه، يبعد السير، ولكن لا يخرج من منهاجه، فليكن كالبصر يتقلب في العالم وهو مكانه، وكالطائر يحلق في الجو ولا ينسى عشه، يعني: أن يكون في فكره وعمله صادرًا عن عقيدته وإحساسه هو.
(٢١٦) حياة الفرد أن يعرف نفسه ويعتد بها، وحياة الجماعة أن تعتمد على نفسها وتصدف عن غيرها.
(٢١٧) يروى أن سلمان الفارسي — رضي الله عنه — سئل عن نسبه؛ فقال: سلمان ابن الإسلام.
(٢١٨) يقصد الشاعر من هذه القصة أن ابن مسعود بكى أخاه لما جمعهما من صلة بالنبي لا من صلة النسب.
(٢١٩) البيت لجلال الدين الرومي.
(٢٢٠) القران: القرآن.
(٢٢١) الفقر عند إقبال — كما هو عند الصوفية: ألا يستغني الإنسان إلا بالله، انظر مقدمة «ضرب الكليم».
(٢٢٢) يعني: أن الكائنات قبلك كانت في ظلام وفاقة وحاجة إلى من يبعث فيها الحياة والقوة.
(٢٢٣) المسلم صار بيت أوثان بما في نفسه من أهواء، وعبادة للكبراء.
(٢٢٤) سمنات: بيت أصنام معروف في الهند، أخربه السلطان محمود الغرنوي، ويعيد الهنادك بناءه اليوم.
(٢٢٥) الأياة: شعاع الشمس.
(٢٢٦) القانون: آلة موسيقية، وفي الكلام تورية بالقانون الذي معناه الشرع.
(٢٢٧) الأبوصيري: الشاعر ناظم البردة، وعود سليمي: يراد به قوة العرب في الأدب والغناء.
(٢٢٨) اهد من ادعى أن فلسفتي مأخوذة من الفرنج لأنه يجهل ما في دينه من قوانين.
(٢٢٩) صار إسكاره أشد كالخمر المعتقة.
(٢٣٠) الآزري: المنسوب إلى آزر ناحت الأصنام، وهذا العقل الوثني نقش في روحه نقشًا عجيبًا.
(٢٣١) الحكمة: الفلسفة.
(٢٣٢) هذا الأمل الذي كرر ذكره وأطال في وصفه تحول دمعًا سجم من عينيه، ونغما رن في قلبه.
(٢٣٣) كرر إقبال هذا الرجاء في شعره، قبل وفاته بثلاثين سنة إلى أن توفي، وروى الأستاذ يوسف جشتي شارح دواوينه: أن أحد أصحاب إقبال دخل عليه في يناير سنة ١٩٣٨ — أي قبل وفاته بثلاثة أشهر — وأخبره أنه عزم على الحج، وسأله أن يدعو الله ليقبل حجته، فبكى إقبال بكاءً شديدًا وقال: بل اسأل الله أن ييسر لي زيارة روضة الحبيب .
(٢٣٤) يعني: أن بلاد الهند يسيطر عليها الإنكليز وليست بلادًا إسلامية خالصة، فهي ليست جديرة أن يعيش فيها المسلم أو يعبر فيها.
(٢٣٥) هذا البيت أحسبه مقتبسًا من جلال الدين الرومي، والسكن هنا من يسكن إليه الإنسان ويطمئن.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤