قصة خلق الإنسان

(١) الخلفية الميثولوجية

كانت الميثولوجيا السومرية أول مَنْ عالج قصة خلق الإنسان في الأدب المكتوب، وذلك في نصٍّ يعود إلى النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد. فقبل أن يظهر الإنسان على مسرح الأرض ويقدم لآلهته القرابين التي تقيم أودَهُم، كان الآلهة يعملون ويكدُّون في الأرض من أجل تحصيل معاشهم. ثم جاء يوم تعبوا فيه من العمل فمضوا إلى إله الحكمة إنكي ليجد لهم حلًّا، ولكن إنكي لم يعطِ أذنًا صاغيةً لشكواهم، فمضوا إلى أمه نمو لتكون واسطتهم إليه. فخاطبته قائلة: «أي بني، انهض من مضجعك واصنع أمرًا حكيمًا. اجعل للآلهة خدمًا يقدمون لهم معاشهم.» نزل إنكي عند مشيئة أمه وأعطى تعليماته بخصوص عملية صنع الإنسان التي شارك بها كلٌّ من الإلهة نمو والإلهة ننماخ (= الأم الأرض) وآلهة الصناعة وربات الولادة، وجرى صنع الإنسان من الطين على صورة الآلهة. وعند هذه النقطة ينكسر الرقيم الفخاري وتضيع بقية القصة.١
وقد التقطت الميثولوجيا البابلية اللاحقة العناصر الرئيسة لهذه القصة، وصاغت منها تصورات مشابهة فيما يتعلق بخلق الإنسان. ففي ملحمة أتراحاسيس نجد الآلهة المكلفين بالعمل والكد في الأرض يُعلنون الثورة على وضعهم، ويحرقون أدوات عملهم ثم يمضون إلى الإله إنليل طالبين إنصافهم، فيوكل إنليل إلى الإلهة مامي (= ننماخ أو ننتو) مهمة خَلْق الإنسان التي تنفذها بالتعاون مع الإله إنكي، حيث يتم قتل أحد الآلهة ويعجن دمه ولحمه بالطين الذي يُصْنَع منه جسد الإنسان. وبذلك يتحد الإله والإنسان في عجينةٍ واحدةٍ.٢
ولدينا نصٌّ بابليٌّ يتحدث عن خلق الزوجَين الأولَين آدم وحواء، ويدعوهما أوليجار وألجار اللذين سوف يحملان وذريتهما عبء العمل عن الآلهة. فبعد الانتهاء من فعاليات التكوين، اجتمع الآلهة وتساءلوا عما بقي عليهم خلقه. فقال بعضهم لبعض: «لنذبح بعض آلهة اللامجا (وهم فصيلة من صغار الآلهة)، ومن دمائهم فلنخلق الإنسان فنوكله بخدمة الآلهة على مر الأزمان. سنضع في يده السلة والمعول، فيحفر الخنادق والترع، ويسقي الأرض بأقاليمها الأربعة، ويُخرج من جوفها الخيرات الوفيرة، أوليجار وألجار سيكون اسماهما.»٣

(٢) خلق الإنسان في التوراة

تقوم قصة خلق الإنسان التوراتية على ثلاثة عناصر رئيسة من العناصر التي قامت عليها الأساطير الرافدينية، وتضيف إليها عنصر الجنة حيث تم إسكان الإنسان الأول. وهذه العناصر هي:
  • (١)

    خَلْق الإنسان من ترابٍ ممزوج بالماء.

  • (٢)

    صُنعه على شبه الآلهة.

  • (٣)

    فَرْض عبء العمل عليه.

في الإصحاحَين الأول والثاني من سِفْر التكوين، لدينا قصتان عن خَلْق الإنسان كما هو الحال في الأساطير الرافدينية؛ في القصة الأولى هنالك حديثٌ عن خلق الإنسان بصورةٍ عامة دون الإشارة إلى الزوجَين الأولَين، وفي القصة الثانية هنالك حديثٌ مفصَّل عن خَلْق الزوجَين الأولَين؛ فقد خلق الله الرجل آدم أولًا وأسكنه في جنةٍ زرعها في منطقةٍ من الأرض يدعوها النصُّ بشرقي عدن، ثم خلق من ضلعه المرأة حواء.

وفي الحقيقة، فإن كلمة «آدم» التي استخدمها سِفْر التكوين كاسم علم للرجل الأول؛ هي كلمةٌ سورية قديمة تدل على الإنسان بشكلٍ عام، وتعني «البشر»، وقد وردت بهذا المعنى في أكثر من موضعٍ في نصوص مدينة أوغاريت. ومنها ما ورد في ملحمة كِرت، حيث نجد الإله الأعلى إيل يُلقَّب بأبي آدم، أي أبي البشر: «وبينما كِرت يبكي وقع عليه السبات، بينما هو يذرف الدموع غلبه النعاس، ولكنه ما لبث أن أجفل، إذ ظهر له في الحلم إيل، في رؤاه ظهر أبو آدم.»٤

(٢-١) سِفْر التكوين – القصة الأولى

«وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلَّطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل الأرض، وعلى جميع الدبابات التي تدبُّ على الأرض. فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم: أثمروا واكثروا، واملئوا الأرض وأخضعوها، وتسلَّطوا على سمك البحر وعلى طير السماء، وعلى كل حيوان يدبُّ على الأرض. وقال الله: إني قد أعطيتكم كل بقلٍ يبزر بزرًا، وكل شجرٍ فيه ثمر ليكون لكم طعامًا» (١: ٢٦–٢٩).

(٢-٢) سِفْر التكوين – القصة الثانية

«هذه مبادئ السموات والأرض حين خُلِقَت. يوم عمل الرب الإله الأرض والسموات، كل شجر الأرض لم يكن بعدُ في الأرض، وكل عشب البرية لم ينبت بعدُ؛ لأن الرب لم يكن قد أمطر على الأرض، ولا كان إنسان ليعمل في الأرض. ثم كان ضباب يطلع من الأرض ويسقي كل وجه الأرض. وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفسًا حية. وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقًا، ووضع هناك آدم الذي جبله. وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرةٍ شهيةٍ للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر … وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. وأوصى الرب الإله آدم قائلًا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا، وأما من شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها؛ لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت.

وقال الرب الإله: ليس جيدًا أن يكون آدم وحده، فأصنعُ له مُعينًا نظيره. وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء، فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها، وكل ما دعا به آدم ذات نفسٍ حيةٍ فهو اسمها. فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية، وأما نفسه فلم يجد معينًا نظيره. فأوقع الرب الإله سباتًا على آدم فنام، وأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة، وأحضرها إلى آدم. فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي، هذه تُدْعَى امرأة؛ لأنها من امرئ قد أُخِذَت؛ لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا. وكانا كلاهما عريانين، آدم وحواء، وهما لا يخجلان» (٢: ١–٢٥).

غير أن الرواية غير الرسمية في الأسفار التوراتية غير القانونية، وفي الأدبيات اليهودية الأخرى، تُضيف العديد من العناصر إلى هذه الرواية. ولعل أكثر التنويعات غنًى وإثارة، هي ما قدمه لنا كتاب «الهاجاده» الذي زاد على الرواية الرسمية عددًا من العناصر، أهمها:
  • (أ)

    استطلاع الله رأي الملائكة بخصوص ما هو مُقْدِم عليه من خلق الإنسان.

  • (ب)

    تحدِّي الله للملائكة لكي يُخبروه بأسماء حيوانات الأرض قبل عرضها على آدم.

  • (جـ)

    الله يُعلِّم آدم أسماء الحيوانات قبل عرضها عليه.

  • (د)

    مع خَلْق آدم يخلق الله جميع أرواح البشر الذين سيتسلسلون من صلبه.

وفيما يأتي أقدِّم ملخصًا لقصة خلق الإنسان كما وردت في الهاجاده.٥

«في البدء خلق الله سبعة أشياء قبل أن يخلق العالم هي: التوراة مسطرةٌ بنار بيضاء على نار سوداء، والعرش الإلهي، والفردوس عن يمين العرش، والجحيم عن يسار العرش، والهيكل المقدس أمام العرش، ومذبح الهيكل، وجوهرة على مذبح الهيكل محفور عليها اسم المسيح المخلص. وعندما أراد خَلْق العالم تشاور مع التوراة بهذا الخصوص، فأبْدَت التوراة شكَّها من جدوى خَلْق العالم الأرضي؛ لأن الناس سوف يُشيحون بوجوههم عن تعاليمها ويقعون في المعصية، ولكن الله بدَّد شكوكها بقوله: إنه هيَّأ للبشر سبل التوبة والغفران قبل خلقهم، وأعدَّ لهم وسائل تصحيح سلوكهم، وإنه قد جهَّز الفردوس والجحيم لأجل الثواب والعقاب، وسمى المسيح من أجل تقديم الخلاص لجميع الخطأة.

بعد أن انتهى الله من خَلْق السموات وملائكتها والأرض وكائناتها جاء دور الإنسان. وهنا يستطلع الله رأي رؤساء الملائكة فيما يتعلق بهذه الخطوة، فجاءت مشورة معظمهم في غير صالح الإنسان؛ لأنه سيكون ممُتلئًا بالكذب والغش والخداع، ميَّالًا إلى النزاع والخصام، فقال لهم: من أجل من خلقت طير السماء وسمك البحر وحيوان الأرض؟ وما نفع وليمة أُعِدَّت فيها كل الطيبات وما من ضيف يتمتع بها؟ فأجاب الملائكة: ليكن اسمك مُمجدًا في الأرض كلها، ولتأتِ مشيئتك بما تراه مناسبًا.

أرسل الله الملاك جبرائيل وأمره أن يأتيه بأربع قبضات من تراب جهات الأرض الأربع، ثم عجنها بيدَيه وسواها في هيئة الإنسان، ثم نفخ في الصورة من روحه فصار آدم نفسًا حيَّة. وبذلك صار الإنسان أقدم مخلوقات الله لا آخرها في ترتيب الخلق، باعتبار ما لروحه من قِدم هو قدم الروح الإلهية ذاتها. ومع خَلْق آدم خلق الله جميع أرواح البشر الذين سيتسلسلون من صلبه إلى يوم القيامة، وحفظها في مكانٍ خاصٍّ من السماء السابعة. وسيكون إذا حملت امرأة من نساء الأرض، فإن الله يقرر للكائن الجديد كل صفاته وخصائصه عدا تلك المتعلقة بالخير والشر؛ لأنه سيكون إنسانًا مخيرًا في سلوكه يتحمَّل تبعات أعماله. بعد ذلك يأمر الله خازن الأرواح أن يأتيه بالروح التي اسمها كذا، وتؤمر أن تحلَّ في الجسد الذي بدأ في التكوُّن.

ولقد خرج آدم من يد الخالق إنسانًا تام التكوين في العشرين من عمره، فأسكنه في جنة عدن ليحفظها ويرعاها، لا بواسطة عمله الجسدي، وإنما من خلال دراسته للتوراة والتزامه وصايا ربه. هذه الجنة قد زرعها الله في عدن شرقًا وذلك في اليوم الثالث من أيام التكوين، وقسَّمها إلى سبع درجات لتستقبل كل درجةٍ أهلها وفق ما قدموا في الحياة الدنيا، وجعل لها بوابتَين عليهما ألوف من ملائكة الرحمة. فإذا وصل واحد من أهل الجنة نضى الملائكة عنه حُلَّة القبر، وألبسوه عباءة من سحاب المجد، ووضعوا على رأسه إكليلًا من لآلئ وأحجار كريمة، وفي يده سبعة أغصان تفوح بأطيب روائح الجنة، ثم اقتادوه إلى مكان ربيع دائمٍ تجري تحته أربعة أنهار، فنهر من لبن، ونهر من بلسم، وثالث من خمر، ورابع من عسل. وهناك عرائش تتدلَّى منها عناقيد من ذهبٍ وجواهر، وتحت كل عريشة مائدة منصوبة من حجرٍ كريم يقف عليها ستون ملاكًا يقولون للرجل الصالح: كُلْ طعامك بفرحٍ. وليس في المكان نورٌ يأتيه من خارجه؛ لأن نوره مُستمدٌّ من ضياء وجوه الصالحين الذين تحوَّلت هيئاتهم فصارت تُضاهي يوسف في الحسن والجمال.

بعد أن أسكن الله آدم في الجنة، أراد أن يُثبت للملائكة الذين عارضوا في خَلْق آدم تفوقه عليهم، فجمع حيوانات الأرض وعرضها عليهم لينبئوه بأسمائها ولكنهم عجزوا عن ذلك، ثم عرضها على آدم بعد أن علَّمه أسماءها وحيًا، فسماها آدم بأسمائها. فلقد كان آدم نبيًّا وحكمته من حكمة الأنبياء.»

(٣) خلق الإنسان في القرآن

تقوم الرواية القرآنية عن خلق الإنسان على العناصر نفسِها التي وجدناها في سِفْر التكوين وفي كتاب الهاجاده، على ما تبينه المقارنة الآتية:
  • (١)

    جسد الإنسان يُصْنَع من الطين:

    «وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض» (التكوين ٢: ٧).

    خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (٥٥ الرحمن: ١٤).
  • (٢)

    يستخدم الله يدَيه في صنع الإنسان تكريمًا له على باقي المخلوقات:

    «وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض» (التكوين ٢: ٧). «عجن الله بيدَيه أربع قبضاتٍ من تراب الأرض وسوَّاها إنسانًا» (الهاجاده).

    قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ … (٣٩ الزمر: ٧٥).
  • (٣)

    بعد أن صنع الله جسد آدم من ترابٍ، نفخ فيه من روحه ليصير نفسًا إنسانيةً:

    «ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفسًا حية» (التكوين ٢: ٧). «ثم نفخ في صورة آدم من روحه، فصار آدم نفسًا حية» (الهاجاده).

    … وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ … ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ … (٣٢ سورة السجدة: ٧–٩).
    إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٣٨ ص: ٧١–٧٢).
  • (٤)

    الله يستشير الملائكة في مسألة خَلْق الإنسان قبل أن يُقْدِم عليه:

    «استطلع الله رأي رؤساء الملائكة فيما هو مُقْدِمٌ عليه، فجاءت مشورة معظمهم في غير صالح الإنسان؛ لأنه سيكون مُمتلئًا بالكذب والغش والخداع، ميَّالًا إلى النزاع والخصام» (الهاجاده).

    وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ … قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢ البقرة: ٣٠).
  • (٥)

    الله يُعد جنة غنَّاء في منطقة شرقي عدن، ويُسكن فيها آدم:

    «وغرس الرب الإله جنةً في عدن شرقًا، ووضع هناك آدم الذي صنعه» (التكوين ١: ٨).

    «ولقد خرج آدم من يد الخالق إنسانًا تام التكوين في العشرين من عمره، فأسكنه الله في الجنة التي غرسها في عدن شرقًا» (الهاجاده).

    جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ … (٢٠ طه: ٧٦). وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا … (٢ البقرة: ٣٥).
  • (٦)

    «مع خَلْق آدم خلق الله جميع أرواح البشر المتسلسلين من صلبه إلى يوم القيامة، وحفظها في مكانٍ خاص من السماء السابعة» (الهاجاده).

    وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى … (٧ سورة الأعراف: ١٧٢).
  • (٧)

    الله يتحدَّى الملائكة أن يخبروه بأسماء حيوانات الأرض:

    «وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء، فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها … فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية» (التكوين ٢: ١٩–٢٠).

    «بعد أن أسكن الله آدم في الجنة، أراد أن يثبت للملائكة تفوُّقه عليهم، فجمع حيوانات الأرض وعرضها عليهم زوجًا زوجًا لينبئوه بأسمائها، ولكنهم عجزوا. فعرضها على آدم بعد أن علَّمه أسماءها وحيًا، فسماها آدم بأسمائها» (الهاجاده).

    وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ … (٢ البقرة: ٣١–٣٣).
  • (٨)

    الله يخلق المرأة من جسد آدم:

    «فأوقع الرب الإله سُباتًا على آدم فنام، فأخذ واحدةً من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا، وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأةً وأحضرها إلى آدم» (التكوين ٢: ٢–٢٢). «ودعا آدم اسم امرأته: حواء؛ لأنها أم كل حيٍّ» (التكوين ٣: ٢٠).

    خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا … (٣٩ الزمر: ٦). يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً … (٤ سورة النساء: ١). وكما نلاحظ هنا فإن القرآن الكريم لا يتعرَّض لعنصر الضلع الذي أُخِذ من آدم، ويكتفي بالقول بأن المرأة قد خُلِقَت من الرجل، كما إنه لا يشير إلى اسم المرأة الأولى.
١  S. N. Kramer, Sumerian Mythology, Harper, New York, 1961.
٢  Stephaie Dally. Mesopotamian Myths and Epics, Oxford, 1999.
٣  Alexander Heidel, The Babylonian Genesis, Phoenix, Chicago, 1970.
٤  راجع كتابي: مدخل إلى نصوص الشرق القديم، فصل ملحمة كرت.
٥  Willis Barnstone, The Other Bible, Harper-Collins, New York, 1980, pp. 15FF.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤