موسى

أعطى القرآن الكريم لأخبار موسى وقومه حيِّزًا في الكتاب لم يُعطه لأي شخصيةٍ دينيةٍ أخرى من الماضي، ولسوف نُتابع خيوط قصة موسى كما وردت في كلا النصين، مبتدئين بميلاد موسى.

(١) الميلاد والطفولة

الرواية التوراتية: «ومات يوسف وكل إخوته وجميع ذلك الجيل، وأما بنو إسرائيل فأثمروا وتوالدوا وكثروا جدًّا. ثم قام ملكٌ لم يكن يعرف يوسف، فقال لشعبه: هلمَّ نحتال لهم لئلا ينموا، فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمُّون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض. فجعلوا عليهم رؤساء تسخيرٍ لكي يذلوهم بأثقالهم. فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنفٍ … ونما الشعب وكثر جدًّا … ثم أمر فرعون جميع شعبه قائلًا: كل ابنٍ يُولَد للعبرانيين تطرحونه في النهر، لكن كل بنت تستحيونها.»

«وذهب رجلٌ من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي، فحبلت المرأة وولدت ابنًا. ولما رأت أنه حسن خبأته ثلاثة أشهر. ولمَّا لم يمكنها أن تُخبئه بعدُ، أخذت سفطًا من البردي وطلتْه بالحُمر والزفت، ووضعت الولد فيه ووضعته بين (نبات) الحلفاء على حافة النهر، ووقفت أخته من بعيدٍ لتعرف ماذا يُفعل به، فنزلت ابنة فرعون إلى النهر لتغتسل، وكانت جواريها ماشياتٍ على جانب النهر، فرأت السَّفَط بين الحلفاء فأرسلت أَمَتها وأخذته، ولما فتحت السَّفَط رأت الولد وإذا هو صبيٌّ يبكي، فرقَّت له وقالت: هذا من أولاد العبرانيين. فقالت أخته لابنة فرعون: هل أذهب وأدعو لكِ امرأةً مرضعةً من العبرانيات؛ لترضع لكِ الولد؟ فقالت لها ابنة فرعون: اذهبي. فذهبت الفتاة ودعت أم الولد. فقالت لها ابنة فرعون: اذهبي بهذا الولد وأرضعيه وأنا أُعطيكِ أُجرتكِ. فأخذت المرأة الولد وأرضعته، ولما كبر جاءت به إلى ابنة فرعون فصار لها ابنًا ودعت اسمه موسى» (الخروج ١: ٦–٢٢ و٢: ١–١٠).

الرواية القرآنية: طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ١ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ٢ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ٣ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ٤ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا٥ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا٦ لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ٧ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٨ القصص: ١–١٤).

(٢) الهروب إلى مديان

الرواية التوراتية: «وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في أثقالهم. فرأى رجلًا مصريًّا يضرب رجلًا عبرانيًّا من إخوته. فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد، فقتل المصري وطمره في الرمل، ثم خرج في اليوم الثاني وإذا رجلان عبرانيان يتخاصمان؛ فقال للمذنب: لماذا تضرب صاحبك؟ فقال: مَنْ جعلك علينا رئيسًا وقاضيًا؟ أمفتكر أنت بقتلي كما قتلت المصري؟ فخاف موسى وقال: حقًّا قد عُرِفَ الأمر. فسمع فرعون هذا الأمر فطلب أن يُقتل موسى، فهرب موسى من وجه فرعون وسكن في أرض مديان٨ وجلس عند البئر.

وكان لكاهن مديان سبع بنات. فأتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهنَّ، فأتى الرُّعاة وطردوهنَّ. فنهض موسى وأنجدهنَّ وسقى غنمهن، فلما أتين إلى رعوئيل أبيهنَّ قال: ما بالكنَّ أسرعتنَّ في المجيء اليوم؟ قلن: رجلٌ مصريٌّ أنقذنا من أيدي الرعاة، وإنه استقى لنا أيضًا وسقى الغنم. فقال لبناته: وأين هو؟ لماذا تركتنَّ الرجل؟ ادعونه ليأكل طعامًا. فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل، فأعطى موسى ابنته صفورة فولدت له ابنًا فدعا اسمه ٍجرشوم … وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات» (الخروج ٢: ١–٢٣).

الرواية القرآنية: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * … * فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ٩* فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ١٠ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ١١ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨ القصص: ١٥–٢٨)

نلاحظ هنا أن الرواية القرآنية جعلت عدد بنات كاهن مدين اثنتَين، بينما جعلتهنَّ الرواية التوراتية سبعة. كما نلاحظ أن موسى قد تزوَّج من إحدى هاتَين البنتَين لقاء عمله في خدمة أبيها ثمان سنين، وهذان العنصران غائبان عن رواية سِفْر الخروج، ولكنهما موجودان في رواية سِفْر التكوين عن ترك يعقوب وذهابه إلى بلاد فدان آرام في الشمال السوري، وهي موطن خاله المدعو لابان، وهناك تزوج من إحدى ابنتيه لقاء خدمته مدة سبع سنين، وهذه هي القصة:

«فدعا إسحاق يعقوب وباركه وأوصاه وقال: لا تأخذ زوجةً من بنات كنعان. قم اذهب إلى فدان آرام، وخُذ لنفسك زوجةً من بنات لابان أخي أمك» (التكوين ٢٨: ١–٢) … «ثم رفع يعقوب رِجْليه وذهب إلى أرض بني المشرق، ونظر وإذا في الحقل بئرٌ، وهناك ثلاثة قُطْعان غنمٍ رابضة عندها، والحجر على فم البئر كان كبيرًا، فقال لهم يعقوب: يا إخوتي، من أين أنتم؟ فقالوا: نحن من حاران. فقال لهم: هل تعرفون لابان بن ناحور؟ فقالوا: نعرفه، وهي ذي راحيل ابنته آتية مع الغنم. وإذ هو بعدُ يتكلَّم معهم أتت راحيل مع غنم أبيها؛ لأنها كانت ترعى. فكان لما أبصر يعقوب راحيل، أن يعقوب تقدَّم ودحرج الحجر عن فم البئر وسقى غنم لابان خاله. وقبَّل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكى، وأخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها١٢ وأنه ابن رفقة، فركضت وأخبرت أباها. فكان حين سمع لابان خبر يعقوب ابن أخته أنه ركض للقائه وعانقه وقبَّله، وأتى به إلى بيته. فأقام عنده شهرًا من الزمان، ثم قال لابان ليعقوب: ألأنك أخي تخدمني مجانًا؟ أخبرني ما أُجرتك؟ وكان للابان بنتان اسم الكبرى ليئة واسم الصغرى راحيل. وأحبَّ يعقوب راحيل فقال: أخدمك سبع سنين براحيل ابنتك الصغرى. فقال لابان: أن أعطيك إيَّاها أحسنُ من أن أُعطيها لرجل آخر، أقم عندي. فخدم يعقوب براحيل سبع سنين» (التكوين ٢٩: ١–٢٠).

(٣) التجلِّي في الوادي المقدس

الرواية التوراتية: «وأما موسى فكان يرعى غنم حميه يثرون١٣ كاهن مديان. فساق الغنم إلى وراء البرية وجاء على حوريب جبل الله. وظهر له ملاك الربِّ١٤ بلهيب نارٍ من وسط عليقة.١٥ فنظر وإذا العليقة تتوقَّد بالنار والعليقة لم تكن تحترق. فقال موسى: أميل الآن وأنظر هذا المنظر العظيم، لماذا لا تحترق العليقة. فلما رأى الرب أنه مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى، موسى. فقال: ها أنا ذا. فقال: لا تقترب إلى ها هنا. اخلع حذاءك من رجلَيك لأن الموضع الذي أنت واقفٌ عليه أرض مقدسةٌ. ثم قال: أنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب. فغطَّى موسى وجهه؛ لأنه خاف أن ينظر إلى الله، فقال الربُّ: إني رأيت مذلَّة شعبي الذي في مصر، فنزلت لأُنقذهم من أيدي المصريين، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرضٍ جيدةٍ وواسعةٍ …

وقال الله أيضًا لموسى: … اذهب واجمع شيوخ إسرائيل وقل لهم: الرب إله آبائكم ظهر لي قائلًا: إني افتقدتكم وما صُنِع بكم في مصر، فقلت أُصعدكم من مذلَّة مصر إلى أرضٍ تفيض لبنًا وعسلًا … فإذا سمعوا لقولك تدخل أنت وشيوخ إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له: الرب إله العبرانيين التقانا؛ فالآن نمضي سفر ثلاثة أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا …

فأجاب موسى وقال: ولكن ها هم لا يصدِّقونني ولا يسمعون لقولي، بل يقولون لمَ يظهر لك الرب، فقال الرب: ما هذه في يدك؟ فقال: عصًا. فقال اطرحها إلى الأرض. فطرحها إلى الأرض فصارت حيَّةً، فهرب منها موسى، ثم قال الرب لموسى: مُدَّ يدك وأمسك بذيلها. فمدَّ موسى يده وأمسك به فصارت عصًا في يده؛ لكي يصدِّقوا أنه قد ظهر له الرب إله آبائهم. ثم قال له الرب أيضًا: أَدْخِل يدك في عبِّك. فأدخل يده في عبِّه ثم أخرجها، فإذا هي برصاء مثل الثلج. ثم قال له: رُدَّ يدك إلى عبِّك. فرد يده إلى عبِّه ثم أخرجها وإذا هي عادَت مثل جسده. فيكون إذا لم يصدِّقوك ولم يسمعوا لصوت الآية الأولى أنهم يصدقون صوت الآية الثانية» (الخروج: ٣: ١–٩ و٤: ١–٨).

الرواية القرآنية: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ١٦ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ١٧ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٨ القصص: ٢٩–٣٠).

وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى١٨* وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى * وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى * وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ١٩ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى * لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (٢٠ طه: ٩–٢٣).

(٤) هارون، والدخول على فرعون

الرواية التوراتية: فقال موسى للربِّ: لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول أمس، بل أنا ثقيلُ الفم واللسان … فقال: أليس هارون أخاك؟ أنا أعلم أنه هو يتكلم، وأيضًا هو خارج لاستقبالك، فحينما يراك يفرح قلبه فتكلِّمه وتضع الكلمات في فمه، وأنا أكون مع فمك ومع فمه وأُعلِّمكما ماذا تصنعان، وهو يكلم الشعب عنك. بعد ذلك أخذ موسى أهله وودَّع حماه يثرون ورجع إلى إخوته في مصر، فخرج هارون لاستقباله فأخبره موسى بكل كلام الربِّ. ثم إن هارون كلَّم الشعب بجميع الكلام الذي قاله الرب لموسى فآمنوا وسجدوا. (الخروج ٤: ١٠–٣١).

الرواية القرآنية: … فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ٢٠ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا٢١ يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا … (القصص: ٣٢–٣٥).

الرواية التوراتية: «بعد ذلك دخل موسى وهارون على فرعون تلبيةً لأمر الربِّ، وقالا له: هكذا يقول الرب إله إسرائيل: أَطْلق شعبي ليعبدوا لي في البرية. فقال فرعون: من هو الرب حتى أسمع قوله فأُطلق بني إسرائيل؟ لا أعرف الرب وإسرائيل لا أُطلقه» (الخروج ٥: ١–٢).

الرواية القرآنية: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا٢٢ أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى * فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى * … * قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٢٠ طه: ٤٣–٥٠).

الرواية التوراتية: «وعوضًا عن أن يطلق فرعون بني إسرائيل فقد زاد من أعباء السُّخرة عليهم؛ فتذمَّر رؤساء فرق السخرة الإسرائيليون على هارون وموسى ووضعوا اللوم عليهما فيما حصل للشعب من تعبٍ ونكدٍ» (الخروج ٥: ٤–٢٢).

الرواية القرآنية: وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا٢٣ قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (٧ الأعراف: ١٢٧–١٢٩).

الرواية التوراتية: فقال الرب لموسى: انظر، أنا جعلتك إلهًا لفرعون، وهارون أخوك يكون نبيك. أنت تتكلم بكل ما آمرك وهارون يُكلِّم فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه، فإذا كلَّمكما قائلًا هاتيا عجيبةً، تقول لهارون خُذ عصاك واطرحها أمام فرعون فتصير ثُعبانًا. فدخل موسى وهارون إلى فرعون وفَعَلَا هكذا كما أمر الرب. طرح هارون عصاه فصارت ثعبانًا، فدعا فرعون أيضًا الحكماء والسحرة ففعل عرَّافو مصر بسحرهم كذلك، طرحوا كل واحدٍ عصاه فصارت العِصِيُّ ثعابين ولكن عصا هارون ابتلعت عِصِيَّهم. ومع ذلك فقد اشتدَّ قلب فرعون ولم يسمح بإطلاق بني إسرائيل (الخروج ٧: ١–١٣).

الرواية القرآنية: قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ * فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَقَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَقَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ٢٤ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ٢٥* يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَقَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٢٦ الشعراء: ١٥–٤٧).

قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى٢٦* قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى * فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى * قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ٢٧ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىفَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى * قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ٢٨ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (٢٠ طه: ٥٧–٧٠).

الرواية التوراتية: بعد ذلك يتكرر دخول موسى وهارون على فرعون. وفي كل مرةٍ يرفض فرعون إطلاق بني إسرائيل، كان الرب يُرسل عليه وعلى شعبه كارثةً شاملةً، فيطلب فرعون من موسى أن يلتمس وجه ربه لكي يُوقف الكارثة، حتى إذا كفَّ الرب غضبه عاد فرعون سيرته الأولى. وقد بلغ عدد الكوارث عشرًا، منها تحويل ماء النيل والينابيع إلى دم، والضفادع التي تنتشر في كل مكان وتُغطي الأرض، والبعوض، وأخيرًا ضرب الرب كل بكرٍ في أرض مصر من ابن الجارية إلى ابن الملك الجالس على العرش وكل بكر بهيمة. فقام فرعون ليلًا ودعا هارون وموسى وقال: قوموا اخرجوا من بين شعبي أنتما وجميع بني إسرائيل، واذهبوا واعبدوا الرب كما تكلَّمتم، وخذوا معكم أيضًا غنمكم وبقركم (الخروج: ٧–١٢).

الرواية القرآنية: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ٢٩ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى٣٠ وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ٣١ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ * وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ٣٢ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (٧ الأعراف: ١٣٠–١٣٥).

(٥) الخروج وعبور البحر

قصة الخروج من مصر واجتياز سيناء والوصول إلى أطراف بلاد كنعان، وما تلا ذلك من الإقامة في الصحراء مدة أربعين سنة، هي قصةٌ طويلةٌ في التوراة، وتستغرق بقية أحداث سِفْر الخروج إضافةً إلى سِفْر اللاويين وسِفْر العدد وسِفْر التثنية. وقد سلَّط القرآن الكريم ضوءًا على المفاصل الرئيسة لهذه القصة وتفادى الخوض في التفاصيل؛ ولذلك سوف نبدأ منذ الآن بإيراد القصة القرآنية أولًا، ثم ما يُقابلها في القصة التوراتية.

الرواية القرآنية: وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا٣٣ وَلَا تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (٢٠ طه: ٧٧–٧٩).

فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ٣٤* فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٦ الشعراء: ٦٠–٦٧).

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (١٠ يونس: ٩٠–٩٢).

الرواية التوراتية: «وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الله لم يهدهم في طريق أرض الفلسطينيين٣٥ مع أنها قريبةٌ؛ لأن الله قال لئلا يندم الشعب إذا رأوا حربًا ويرجعوا إلى مصر، فأدار الله الشعب في طريق برية بحر سوف»٣٦ (الخروج ١٣: ١٧–١٨).

فسعى المصريون وراءهم وأدركوهم وهم نازلون عند البحر. فلما اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم وإذا المصريون راحلون وراءهم، ففزعوا جدًّا … فقال الرب لموسى: ارفع أنت عصاك ومُدَّ يدك على البحر وشُقَّه، فيدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة، وها أنا أشدد قلوب المصريين حتى يدخلوا وراءهم … ومدَّ موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريحٍ شرقيةٍ شديدةٍ كل الليل، وجعل البحر يابسةً وانشقَّ الماء. فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة والماء سورٌ لهم عن يمينهم وعن يسارهم، وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم … فقال الرب لموسى: مُدَّ يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين وعلى مركباتهم وفرسانهم. فمد موسى يده على البحر فرجع عند إقبال الصُّبح إلى حاله الدائمة وغطَّى جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر، لم يبقَ منهم ولا واحد. (الخروج: ١٤).

(٦) المن والسلوى

الرواية القرآنية: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى * كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٢٠ طه: ٨٠–٨١).

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ الله … (٢ البقرة: ٦١).

الرواية التوراتية: «وأتى كلُّ جماعة بني إسرائيل إلى برية سين التي بين إيليم وسيناء، فتذمَّر كل جماعة بني إسرائيل في البرية على موسى وهارون، وقال لهما بنو إسرائيل: ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر، إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خُبزًا للشبع. فإنكما أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي تميتا هذا الجمهور بالجوع. فقال الرب لموسى: ها أنا أُمطر لكم خبزًا من السماء، فيخرج الشعب ويتلقطون حاجة اليوم بيومها … سمعتُ تذمُّر بني إسرائيل. كلمهم قائلًا: في العشية تأكلون لحمًا وفي الصباح تشبعون خبزًا، وتعلمون أني أنا الرب إلهكم. فكان في المساء أن السلوى٣٧ صعدت وغطت المحلة. وفي الصباح كان سقيط الندى حول المحلة، ولما ارتفع سقيط الندى إذا على وجه البرية شيءٌ دقيق مثل قشورٍ كالجليد على الأرض. فقال لهم موسى: هو الخبز الذي أعطاكم الرب لتأكلوا … وأكل بنو إسرائيل المنَّ٣٨ أربعين سنةً حتى جاءوا إلى أرضٍ عامرةٍ، حتى جاءوا إلى أرض كنعان» (الخروج: ١٦).

وبما أن طيور السلوى المهاجرة لا تظهر إلا في مواسم معينةٍ، فقد انقطع ظهورها، وكان على بني إسرائيل أن يأكلوا من طعامٍ واحدٍ هو المن فقط، فعادوا للتذمُّر على موسى:

«فعاد بنو إسرائيل أيضًا وبكوا وقالوا: من يُطعمنا لحمًا؟ تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجانًا، والقثَّاء والبطيخ والكراث والبصل والثوم، والآن قد يبست نفوسنا، ليس شيءٌ غير أن أعيننا إلى هذا المنِّ … فلما سمع موسى الشعب يبكون، وحمي غضب الرب جدًّا، ساء ذلك في عينَي موسى فقال للرب: … من أين لي لحم حتى أعطي جميع هذا الشعب؟ … فقال الرب لموسى … للشعب تقول: تقدَّسوا للغد فتأكلوا لحمًا لأنكم بكيتم في أذنَي الرب قائلين من يُطعمنا لحمًا إنه كان لنا خيرٌ في مصر، فيعطيكم الرب لحمًا فتأكلون، تأكلون لا يومًا واحدًا ولا يومين ولا خمسة أيام ولا عشرة أيام ولا عشرين يومًا، بل شهرًا من الزمان حتى يخرج من مناخركم ويصير لكم كراهة؛ لأنكم رفضتم الرب الذي في وسطكم وبكيتم أمامه قائلين لماذا خرجنا من مصر … فخرجت ريحٌ من قِبَل الرب وساقت سلوى من البحر وألقتها على المحلة نحو مسيرة يومٍ من هنا ومسيرة يومٍ من هُناك» (سِفْر العدد: ١١)

(٧) تفجير الماء من الصخرة

الرواية القرآنية: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٢ البقرة: ٦٠).

الرواية التوراتية: «ثم جاءوا إلى إيليم، وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعون نخلةً. فنزلوا هناك عند الماء» (الخروج ١٥: ٢٧).

«ثم ارتحل كل جماعة بني إسرائيل من برية سين ونزلوا في رفيديم. ولم يكن ماء ليشرب الشعب. فخاصم الشعب موسى وقالوا: أعطنا ماءً لنشرب. فقال لهم موسى: لماذا تخاصمونني؟ لماذا تجرِّبون الرب؟ وعطش هناك الشعب إلى الماء، وتذمَّر الشعب على موسى وقالوا: لماذا أصعدتنا من مصر لتُميتنا وأولادنا ومواشينا بالعطش. فصرخ موسى إلى الرب قائلًا: ماذا أفعل بهذا الشعب؟ بعد قليلٍ يرجمونني، فقال الرب لموسى: مُرَّ قدام الشعب وخُذ معك من شيوخ إسرائيل، وعصاك التي ضربت النهر خُذها في يدك واذهب، ها أنا أقف أمامك هناك على الصخرة في حوريب فتضرب الصخرة فيخرج منها ماءٌ ليشرب الشعب، ففعل موسى هكذا أمام عيون شيوخ إسرائيل» (الخروج ١٧: ١–٦).

(٨) التجلِّي على الجبل

الرواية القرآنية: وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ٣٩ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (٧ الأعراف: ١٤٢–١٤٣).

الرواية التوراتية: في الرواية القرآنية عن التجلي لدينا عنصران: العنصر الأول هو طلب موسى رؤية الرب، والعنصر الثاني هو تجلِّي الرب على الجبل ليجعله دكًّا. وهذان العنصران موجودان في الرواية التوراتية في موضعَين منفصلَين:
  • (أ)

    طلب الرؤية: «فقال موسى: أرني مجدك. فقال: أجيز كل جودتي قدامك، وأنادي باسم الرب قدامك، وأتراءف على من أتراءف، وأرحم من أرحم. وقال: لا تقدر أن ترى وجهي؛ لأن الإنسان لا يراني ويعيش. وقال الرب: هو ذا عندي مكان، فتقف على الصخرة، ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرةٍ من الصخرة وأسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي فتنظر ورائي، وأما وجهي فلا يُرَى» (الخروج ٣٣: ١٨–٢٣).

  • (ب)
    التجلِّي على الجبل: «وفي الشهر الثالث بعد خروج بني إسرائيل من أرض مصر، في ذلك اليوم جاءوا إلى برية سيناء مقابل الجبل» (الخروج ١٩: ١–٢). «وقال الرب لموسى: اصعد إلى الجبل وكن هناك فأعطيك لوحَي الحجارة٤٠ والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم. فقام موسى ويشوع خادمه، وصعد موسى إلى جبل الله. وأما الشيوخ فقال لهم: اجلسوا لنا هنا حتى نرجع إليكم، وهو ذا هارون وحور معكم، فمن كان صاحب دعوى فليتقدَّم إليهما. فصعد موسى إلى الجبل وحلَّ مجد الرب على جبل سيناء وغطَّاه بالسحاب مدة سبعة أيام. وفي اليوم السابع دُعِيَ موسى من وسط السحاب. وكان منظر مجد الربِّ كنار آكلة أمام عيون جميع بني إسرائيل. ودخل موسى في وسط السحاب وصعد إلى الجبل. وكان موسى في الجبل أربعين نهارًا وأربعين ليلة» (الخروج ٢٤: ١٢–١٨). «وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار، وصعد دُخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جدًّا، فكان البوق يزداد اشتدادًا وموسى يتكلَّم والله يُجيبه» (الخروج ١٩: ٨–١٩).

(٩) الرسالة

الرواية القرآنية: قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ * وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ٤١* سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا … (٧ الأعراف: ١٤٤–١٤٦).

الرواية التوراتية: على قمة جبل سيناء الذي كان يُدخِّن ويرتجف؛ لأن الله نزل عليه بالنار (الخروج: ١٩). يتلقَّى موسى من ربه الوصايا العشر: لا تكن لك آلهة أخرى أمامي، أَكْرِم أباك وأمك، لا تقتل، لا تسرق … إلخ (الخروج: ٢٠). وبعد ذلك يأخذ الرب بتفصيل الأحكام الشرعية (الخروج: ٢١–٣١). وفي النهاية يُعطي الرب موسى لوحَين من حجر نُقِشَت عليهما وصيته وشريعته: «ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحَي الشهادة، وهما لوحان من حجرٍ مكتوبان بإصبع الله» (الخروج ٣١: ١٨).

(١٠) العجل

الرواية القرآنية: عندما صعد موسى لميقات ربه أربعين يومًا وتأخَّر في النزول من الجبل، صنع قومه لأنفسهم من حُليِّهم الذهبية صورة للإله على هيئة عجلٍ وتعبَّدوا له. ويبدو أنه كان مجوفًا، فإذا عبرته الريح صدر عنه ما يُشبه الخوار:

وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ٤٢ ابْنَ أُمَّ٤٣ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ … وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (٧ الأعراف: ١٤٨–١٥٤).

وفي سورة طه ترد قصةُ العجل مرةً أخرى، ولكن مع إدخال عنصر «السامري»، وهو رجلٌ غامضٌ لا يعطينا النص أي تفصيلاتٍ عنه، كان بين قوم موسى، وهو الذي صنع لهم العجل. وتنتهي القصة بإحراق العجل وطحنه ونثر رماده وفُتاته على الماء، حيث نقرأ: … وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٢٠ طه: ٨٥–٩٧). كما نفهم من إشارةٍ مختصرةٍ إلى العجل في سورة البقرة أن موسى قد سقى عَبَدة العجل الماء الممزوج برماد وفتات التمثال الذي تمَّ حرقه وطحنه: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢ البقرة: ٩٢–٩٣). ومن إشارةٍ أخرى في سورة البقرة أيضًا، نفهم أن العقاب الذي فرضه موسى على قومه هو أن يقتل البريء منهم المذنب: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ٤٤ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٢ البقرة: ٥٤).

الرواية التوراتية: «ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل، اجتمع الشعب على هارون وقالوا له: قم اصنع آلهة تسير أمامنا؛ لأن هذا موسى، الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر، لا ندري ماذا أصابه. فقال لهم هارون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها … فأخذ ذلك من أيديهم وصوَّره بالإزميل وصنعه عجلًا مسبوكًا. فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر.٤٥ فلما نظر هارون بنى مذبحًا أمامه، ونادى هارون وقال: غدًا عيدٌ للرب.

فقال الرب لموسى: اذهب انزل هناك؛ لأنه قد فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر، زاغوا سريعًا عن الطريق الذي أوصيتهم به، صنعوا عجلًا مسبوكًا وسجدوا له وذبحوا له … فانصرف موسى ونزل من الجبل ولوحا الشهادة في يده، لوحان مكتوبان على جانبيهما هما صنعة الله، والكتابة كتابة الله … وكان عندما اقترب إلى المحلة أنه أبصر العجل والرقص. فحمي غضب موسى وطرح اللوحين من يده وكسرهما في أسفل الجبل، ثم أخذ العجل وأحرقه بالنار حتى صار ناعمًا، وذراه على وجه الماء وسقى بني إسرائيل.

وقال موسى لهارون: ماذا صنع بك هذا الشعب حتى جلبت عليه خطيئةً عظميةً؟ فقال هارون: لا يحمَ غضب سيدي. أنت تعرف الشعب أنه في شرٍّ، فقالوا لي: اصنع لنا آلهة تسير أمامنا لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من مصر لا نعرف ماذا أصابه، فقلت لهم: من له ذهب فلينزعه ويُعطِني. فطرحته في النار فخرج هذا العجل … فوقف موسى في باب المحلة وقال: من للرب فإليَّ. فاجتمع إليه جميع بني لاوي، فقال لهم: هكذا قال الرب إله إسرائيل: ضعوا كل واحدٍ سيفه على فخده ومرُّوا وارجعوا من باب إلى باب في المحلة، واقتلوا كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه. ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى. ووقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل» (الخروج ٣٢: ١–٢٨)

(١١) الميقات مع السبعين

الرواية القرآنية: وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ٤٦ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (٧ الأعراف: ١٥٥).

الرواية التوراتية: «وقال لموسى: اصعد إلى الرب أنت وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل واسجدوا من بعيدٍ. ويقترب موسى وحده إلى الرب وهم لا يقتربون، وأما الشعب فلا يصعد معه … ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل، ورأوا إله إسرائيل وتحت رِجْليه شبه صنعةٍ من العقيق الأزرق الشفاف، وكذات السماء في النقاوة» (الخروج ٢٤: ١–١١)

ونلاحظ هنا الفارق الكبير بين الروايتين؛ فقد صعد السبعون مع موسى في الرواية التوراتية «ورأوا إله إسرائيل»، وهذا ما يتناقض مع قول يهوه لموسى بأن الإنسان لا يراه ويعيش (راجع فقرة التجلِّي على الجبل). أما في الرواية القرآنية فيبدو أن السبعين قد طلبوا من موسى أن يريهم ربهم، فأخذتهم الزلزلة وماتوا. وقد جرت الإشارة إلى هذه الحادثة في سورة البقرة: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٢ البقرة: ٥٥).

(١٢) التيه

الرواية القرآنية: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٥ المائدة: ٢٠–٢٦).

الرواية التوراتية: «ونزلوا في برية فاران،٤٧ ثم كلَّم الرب موسى قائلًا: أرسل رجالًا ليتجسسوا أرض كنعان التي أنا مُعطيها لبني إسرائيل … فأرسلهم موسى وقال لهم: انظروا الأرض ما هي، والشعب الساكن فيها أقويٌّ أم ضعيفٌ، قليلٌ أم كثير … فصعدوا إلى الجنوب،٤٨ وأتوا إلى حبرون،٤٩ وأتوا إلى وادي أشكول، وقطفوا من هناك زرجونةً بعنقودٍ واحدٍ من العنب، وحملوه بين اثنَين مع شيء من الرمَّان والتين. فساروا وأتوا إلى موسى وهارون وكل جماعة إسرائيل، وأروهم ثمر الأرض وأخبروه وقالوا: قد ذهبنا إلى الأرض التي أرسلتنا إليها، وحقًّا أنها تفيض لبنًا وعسلًا وهذا ثمرها. غير أن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينةٌ عظيمةٌ جدًّا … لكن كالب٥٠ أنصت الشعب إلى موسى وقال: إننا نصعد ونمتلكها؛ لأننا قادرون عليها. وأما الرجال الذين صعدوا معه فقالوا: لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنهم أشدُّ منا. فأشاعوا مذمة الأرض التي تجسسوها في بني إسرائيل …

فرفعت كل الجماعة صوتها وصرخت، وبكى الشعب في تلك الليلة، وتذمَّر على موسى وهارون جميعُ بني إسرائيل، وقال لهما كلُّ الجماعة: ليتنا مِتْنا في أرض مصر أو ليتنا متنا في هذا القفر. ولماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف، تصير نساؤنا وأطفالنا غنيمةً. أليس خيرًا لنا أن نرجع مصر؟ … فكلَّم الرب موسى وهارون قائلًا: حتى متى أغفر لهذه الجماعة الشريرة المتذمرة عليَّ. قل لهم: حي هو أنا يقول الرب. لأفعلَنَّ بكم كما تكلمتم في أُذني، في هذا القفر تسقط جثثكم من ابن عشرين سنة فصاعدًا، الذين تذمَّروا عليَّ، لن تدخلوا الأرض التي رفعت يدي لأسكنكم فيها، عدا كالب بن يفنة ويشوع بن نون، وأما أطفالكم الذي قلتم يكونون غنيمةً، فإني سأدخلهم الأرض التي احتقرتموها، فجثثكم تسقط في هذا القفر، وبنوكم يكونون رعاة في القفر أربعين سنة» (العدد ١٣: ١–٣٣ و١٤: ١–٣٤).

عند هذه النقطة تنتهي قصة موسى في القرآن الكريم، ولكننا سوف نتوقَّف فيما يأتي عند شخصيَّتين تكرر ذكرهما في سياق القصة القرآنية، وهما هامان وقارون.

هامان

يترافق اسم فرعون في الآيات القرآنية التي تقصُّ سيرة موسى باسم وزيره المتنفذ المدعو هامان:

وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٢٨ القصص:٥–٦).

وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٨ القصص: ٣٨).

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا … * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ … (٤٠ غافر: ٢٣–٢٤).

وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا … (٤٠ غافر: ٣٦–٣٧).

على أن شخصية هامان الوزير القوي لا تظهر في الرواية التوراتية لسيرة موسى، بل تظهر في مكانٍ وزمانٍ مختلفَين كل الاختلاف عن مكان وزمان موسى وفرعون. فقد كان في سِفْر إستير التوراتي وزيرًا للملك الفارسي زركسيس (أو إحشويروس كما يُدْعَى في التوراة) الذي حكم في النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد، أي بعد أكثر من ٧٠٠ سنة على العصر المفترض لموسى. وهو من خلفاء الملك قورش الذي استولى على بابل ووَرِث ممتلكاتها في المشرق العربي. أحب هذا الملك الفارسي فتاةً يتيمةً من سبي يهوذا تُدْعى إستير وتزوجها. وكان عمُّها المدعو مردخاي يعمل حاجبًا لديه، وكان مردخاي لا يُعامل وزير الملك الغني والمتنفذ هامان باحترامٍ، فأخذ هامان يُخطط للانتقام من مردخاي، واستطاع من خلال حظوته لدى الملك استصدار أمرٍ منه بالقضاء على جميع اليهود في المملكة، ولم يكن الملك يعرف بعدُ أن زوجته يهوديةٌ، ولكن إستير تدخلت في الوقت المناسب وأنقذت شعبها من المذبحة (سِفْر إستير: ١–١٠)، ولا يوجد لدينا في السجلات القديمة ذكر للوزير هامان خارج سِفْر إستير.

قارون

الخبر المُفصَّل عن قارون في القرآن الكريم ورد في سياق قصة موسى وذلك في سورة القصص، حيث نقرأ:

إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٢٨ القصص: ٧٦–٨١).

ولدينا في قصة موسى التوراتية شخصٌ ذو مالٍ يُدْعَى قورح، تزعَّم حركة تمرُّدٍ على موسى أثناء ارتحال الجماعة في صحراء سيناء، واتَّحد معه كلٌّ من داثان وآبيرام وأون من سبط راؤبين بهدف تحويل الرئاسة من موسى إلى سبط راؤبين. وانضمَّ إليهم نحو ٢٥٠ من رؤساء الجماعة، وتوجَّه الجميع إلى موسى وهارون واتهموهما بأنهما يترأسان جورًا على بني إسرائيل. فاستعان موسى بالرب، فأجابه بأن انشقت الأرض وابتلعتهم. وعلى حدِّ وصف سِفْر العدد: «فلما فرغ من التكلم بمثل هذا الكلام، انشقت الأرض التي تحتهم، وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل مَنْ كان لقورح مع كل الأموال. فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية، وانطبقت الأرض عليهم فبادوا من بين الجماعة» (العدد ١٦: ٣١–٣٣).

١  المقصود بهذه الطائفة هنا العبرانيون.
٢  أي: يتركهنَّ أحياء.
٣  هامان هو وزير فرعون، وسوف نتحدث عنه بالتفصيل في موضع لاحق.
٤  أي: مسرة وفرح.
٥  أي: جزعت وخافت.
٦  أي: كادت أن تصرخ بأنه ابنها لولا أن ثبَّتها الله وصبَّرها.
٧  أي: تتبَّعي أثره.
٨  تقع مديان في أقصى الشمال الغربي للجزيرة العربية، وتشتمل على الطرفين الغربي والشرقي لخليج العقبة.
٩  أي: ضال عند الرشد.
١٠  أي: يصرف الرعاة مواشيهم.
١١  أي: تعمل عندي ثماني سنين.
١٢  كان أولاد الخال وأولاد العم يُعتبرون بمثابة إخوة.
١٣  يدعو سِفْر التكوين كاهن مدين بالاسم راعوئيل أحيانًا، وبالاسم يثرون أحيانًا أخرى.
١٤  تعبير «ملاك الرب» هنا وفي مواضع كثيرة يعني ظل الرب وشبحه.
١٥  شجرة عليق.
١٦  أي: انتهت سنوات خدمته لحميه.
١٧  أي: من جانب جبل الطور، وهو في التوراة جبل حوريب الذي في سيناء؛ ولذلك دُعِي في موضعٍ آخر في القرآن الكريم بطور سينين، أي طور سيناء (٩٥ التين: ٢).
١٨  طُوى هو اسم للوادي.
١٩  الجَناح هنا هو جانب الصدر أو تحت العضد.
٢٠  أي: معجزة العصا ومعجزة اليد البيضاء.
٢١  أي: عونًا.
٢٢  أي: يُعجل بالعقوبة.
٢٣  أي: إن وضعنا لم يتحسَّن بمجيئك بل زاد سوءًا.
٢٤  أي: أرجئه.
٢٥  جامعين للسحرة.
٢٦  أي: مكانًا معينًا، وقيل: مستويًا، وقيل: وسطًا.
٢٧  فيهلككم.
٢٨  تبتلع.
٢٩  أي: بالقحط والجفاف.
٣٠  أي: يتشاءمون ويتطيرون ويعزُون مصائبهم إلى موسى.
٣١  أي: إن ما يصيبهم هو بتقدير من الله لا بشؤم موسى.
٣٢  أي: العذاب.
٣٣  أي: وأنت لا تخاف لحاقًا بك.
٣٤  أي: مع شروق الشمس.
٣٥  الفلسطينيون التوراتيون هم شعب البيلست أو الفيلست. وقد جاءوا إلى المنطقة مع موجة شعوب البحر الآتية من كريت وجزر بحر إيجه، في أواخر القرن الثالث عشر ق.م. وقد سكنوا في الجنوب الفلسطيني وذابوا تدريجيًّا في المحيط الكنعاني.
٣٦  خليج السويس، وهو امتداد للبحر الأحمر.
٣٧  وهي نوع من الطيور المهاجرة.
٣٨  وهو تلك القشور التي غطَّت وجه البرية، ويبدو أنها نوعٌ من الفطريات التي تنبت بعد ندى الصباح.
٣٩  أي: ثبت عندما أتجلى عليه.
٤٠  وهما لوحان نُقِشَت عليهما الوصايا والشريعة.
٤١  أي: سأنقذكم من جهنم.
٤٢  هارون.
٤٣  أي: يا أخي.
٤٤  المقصود هنا اقتلوا بعضكم بعضًا.
٤٥  نلاحظ من قول هارون هذا أن صورة العجل لم تكن إلا رمزًا للإله يهوه الذي أخرجهم من مصر.
٤٦  أي: الزلزلة أو الصيحة.
٤٧  وهي القسم الشمالي من صحراء سيناء.
٤٨  أي: إلى المناطق الجنوبية من فلسطين.
٤٩  وهي مدينة الخليل.
٥٠  كالب بن يفنة، وكان بين الذين أُرْسِلوا للتجسُّس مع يشوع بن نون وآخرين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤