مقدمة

ليس ما سنعرضه أمام القارئ في كتابنا هذا سوى محاولة لاجتناب ما جرى عليه الكُتَّاب الفرنسيون من التقاليد، من جعل الشخص الذي يترجمون له «بطلًا»، وما ألفه الكتاب الإنجليز من جعل من يكتبون عنه «وغدًا جبانًا»، بل جعلت همي أن أتحقق مما قام به محمد علي؛ وذلك بتقصي ما يوجد من المادة الأساسية الأصلية، وهي مهمة أصبحت في السنوات الأخيرة من وجوه عديدة أسهل بكثير مما كانت في الماضي.

فلقد نشرت الجمعية الجغرافية في مصر تحت رعاية جلالة الملك فؤاد الشيء الكثير من المعلومات الجليلة، وما نشرته باللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية يُعتبَر على جانب عظيم من الأهمية وله قيمته الكبيرة.

ولم أقتصر على دراسة هذه الوثائق، بل قد اطلعت بالتفصيل على ما كتبه ممثلونا من التقارير المحفوظة ضمن أضابير وزارة الخارجية البريطانية ووزارة الهند، هذا إلى أنني قد تمكنت بفضل معونة الأستاذ قطاوي من الإفادة من تقارير القناصل العموميين الروس، وهي التقارير التي لم تُنشَر إلى يومنا هذا، وبخاصة تقارير الكونت ميديم معتمد روسيا، وقد كتبها في أحرج الأوقات التي مرت بمحمد علي.

كذلك استطعت أخيرًا بفضل إذن جلالة الملك فؤاد أن أدرس طائفة قيمة من الخطابات والأوامر التي أصدرها محمد علي لكبار موظفيه.

وليس يسعني في هذا المقام إلا أن أنوِّه بما أسداه إليَّ من المعونة المشكورة كلٌّ من المسيو رينيه ويوسف جلاد بك (باشا)؛ فإنهما لم يَضِنَّا عليَّ بمساعدتهما القيِّمة، كلما احتجت إليهما أثناء قيامي بمهمتي في القاهرة.

على أنني أشعر بأنني مَدِين للمسيو جورج دوين والأستاذ ل. م. ينسون؛ فلأولهما بسبب الانتفاع العظيم بالمجلدات القيِّمة التي كتبها للمجموعة التي نشرتها الجمعية الجغرافية الملكية في مصر، ولثانيهما لتفضُّله بقراءة مسودات الكتاب الحالي وتقديم ما عنَّ له من الملاحظات النافعة.

هنري دودويل

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤