الفصل الأول

(غرفة الجلوس بمنزل عبد الستار أفندي. بناء على الطراز القديم الذي ما برح يُرى بجهة سيدنا الحسين وما جاوَرها. مشربية (شباك) في صدر المكان تطل على فناء المنزل. باب في اليمين يؤدي إلى الخارج، وآخَر جهةَ اليسار يؤدي إلى داخل المنزل، وسائد (شِلَتْ) تغطي «المصطبة» التي تحت المشربية. «ترابيزة» تتوسط «كنبة» وعدة كراسي قديمة. تُرفع الستار عن نفوسة جالسة على المصطبة وأمامها الشيشة.)

المشهد الأول

(نفوسة – خليفة)
نفوسة (تسمع دقًّا على باب المنزل وتنادي) : عم خليفة، عم خليفة. يا خليفة! شوفي ياختي الراجل ما بيردش. خليفة! جرى إيه يا عم خليفة الباب بيخبط؟! يا عم خليفة!
خليفة (من الفناء) : نعم.
نفوسة : إنت فين؟ مانتش سامع الباب عمَّال بيخبط م الصبح، وانا بانده عليك. إنت نايم ولَّا إيه؟
خليفة (من الفناء) : لا. كنت بلا قافية في المرتفق.
نفوسة : في المرتفق؟! (ضحك) ويعني ما يهفِّش على بالك المرتفق إلا والباب بيخبط! شوف مين اللي بيخبط.
خليفة : حاضر (بعد قليل) ده بلا قافية بتاع اللبن، عاوزينش حاجة؟
نفوسة (ضحك) : سلامتك. (لنفسها) والله طيب يا عم خليفة عمرك ما تنفع في حاجة. مانتش فالح لي إلَّا في الصلا والصوم والأكل والنوم. أنا عارفة مين اللي رمانا بيك؟ طول النهار قاعد لي ع الباب زي خيال المآتة. أيوة هز وسطك شوية (يدق باب الفناء) الباب خبط تاني. مين يا ترى اللي جاي لنا في الساعة دي؟ (يدق الباب. تنادي) عم خليفة. الباب بيخبط تاني. شوف مين (يدق الباب) إنت فين يا عم خليفة؟ (الباب يدق) يا خليفة اختشي على عرضك شوية يا راجل يمكن جايين لنا ضيوف. يا خليفة! يا عم خليفة!
خليفة (من الفناء) : إيه؟!
نفوسة : يا راجل إنت جرى لك إيه النهارده؟ موش ترد؟ أما صحيح ما تختشيش. شوف مين اللي بيخبط.
خليفة : دنا كنت باصلي العصر. هي يا ترى الصلا حرام؟ أما عجايب يا ناس!
نفوسة : شوف أما أقولك، ما تكتَّرش أحسن والنبي ما عنديش إلا الشبشب. آه. إنت فاهم إنك سِيد البيت ولَّا إيه؟
خليفة (من الفناء) : الله يسامحك يا ستي.
نفوسة : يسامحني ولَّا ما يسامحنيش موش شغلك. شوف مين اللي بيخبط أحسن بعدين أمشيك على العجين ما تلخبطوش.
خليفة (بعد قليل) : ده بلا قافية راجل مسكين عاوز حسنة.
نفوسة (تحتد) : يعني مانتش عاوزني أشرب الشيشة في راحة؟ مسكين إيه وزفت الطين إيه؟ ألبِة الدماغ دي ساعة العصرية! موش تختشي يا راجل على عرضك؟
خليفة : هو بلا قافية أنا ذنبي إيه يا ستي. هو أنا قلت له يجي يخبط ع الباب، ولَّا كنت حتى عاوز افتح له.
نفوسة : إقصرها أحسن يا خليفة. دا حال ما ينطأش … ما بقاش كمان إلا الشحاتين ييجوا يقلقوا مزاج الواحد، جاتك داهية في وشك منك له.
خليفة : ده جزا إنك طلعتيني من الصلا علشان افتح الباب؟
نفوسة : ما اعرفش. اسكت بقى واتلهي على عينك.
خليفة : حاضر.
نفوسة (تصفق) : ست هانم. هانم.
هانم (من الخارج) : أفندم؟
نفوسة : البنت بترد ولا بتجيش! هانم.
هانم (داخلة) : نعم.

المشهد الثاني

(نفوسة – هانم)
نفوسة : جاية وإيدك فاضية؟ فين القهوة يا روحي؟
هانم : ع النار يا ستي.
نفوسة : كنتي بتعملي إيه؟
هانم : باغسل هدوم سيدي يا ستي.
نفوسة : بقى هدوم سيدك ولَّا قهوتي؟ إنتي يا بت جرى لك إيه الأيام دي؟ شايفاكي مانتيش على بعضك مطولا لي المقاصيص ومكحلا لي العيون، وناقصة تحطي الابيض والاحمر، وكمان قهوة العصر مانتيش عاوزة تعمليها؟ هو يعني عمك خليفة من ناحية وانتي من الناحية التانية؟
هانم : لا والنبي يا ستي. ده سيدي عفيفي ما بقاش عنده إلا قميص واحد نضيف عشان كدة قلت امَّا أقوم اغسل له القمصان بتوعه قبل ما يتوسخ اللي فاضل.
نفوسة : سيدك عفيفي ما بقاش عنده إلا قميص واحد (تضحك) طيب يا اختي وانتي مالك ومال هدوم سيدك عفيفي، هي دي شغلتك ولَّا إيه؟ شوفي اما أقول لك، أنا واحدة عليَّ الأسياد، ولما تطلع الجنُّونة في دماغي ما اسألشي على حد، إنتي سامعة؟! مافيش عندي إلا الشبشب.

المشهد الثالث

(نفوسة – هانم – عفيفي)
عفيفي (من الداخل) : إيه الزعيق ده؟
نفوسة : هوس اسكتي. سيدك عفيفي صحي!
عفيفي (يدخل بلباس النوم وعلى رأسه طاقية) : يعني إيه المسخرة دي؟! انتو مانتوش عارفين اني ما نمتش امبارح بالليل أبدًا؟ مين دا اللي عمَّال يهاتي؟ (يسكتوا) مين اللي كان بيسرخ ويزعق؟ ما بتردوش ليه؟ هو أنا يعني واحد مهزَّأ قدامكم! مين اللي كان بيزعق؟ مين يامَّا؟
نفوسة : دا المِدَهْول على عينه خليفة والبت هانم كانوا عمَّالين يزعقوا سوا.
عفيفي (ينظر من الشباك) : خليفة! يا عم خليفة! يا خليفة آه يا ستين حمار في بعضك. يا خليفة يا دقن تعيتع يا شيبة عرعر. إنت فين؟! (لنفوسة) ما بيردش.
نفوسة : والله وقعتك زي الطين يا خليفة.
عفيفي : خليفة! ما ترد. إنت فين؟!
خليفة : إيه؟!
عفيفي : غيبة طويلة يا سي خليفة. إنت فين؟ رد.
خليفة : كنت بحط شوية برسيم للأرانب.
عفيفي : ومين قالك تحط برسيم للأرانب؟
خليفة : الست.
عفيفي : وأظنك ما عملتش حاجة للكلاب أبدًا (لنفوسة) شيء جميل يا أمي. برضو يصح كدة؟ هم يعني الأرانب بتوعك أحسن من كلابي. دا حال ما ينطاقشي. (لخليفة من النافذة) وكنت عمَّال تصرخ وتزعق مع هانم ليه؟
خليفة : أنا؟ أنا كنت بصرخ وبزعق مع هانم؟ ما حصلشي أبدًا.
عفيفي : أما انك راجل كداب! اطلع فوق. ياللا حالًا وريني سحنتك. (لهانم) وحضرتك ما تختشيشي على عرضك وتقلقي منامي. إنتي جرا لك إيه يا هانم؟
هانم : لا والنبي يا سيدي ما زعقتش أبدًا، دي ستي اللي كانت …
نفوسة : اخرسي. أمَّا بنت كدابة صحيح.
عفيفي (لنفوسة) : موش تخليها تتكلم؟

(يدخل خليفة.)

المشهد الرابع

(عفيفي – خليفة – هانم – نفوسة)
عفيفي : قرَّب شوية يا سي خليفة. قرَّب يا حبيبي. إنت يا راجل نسيت إني أسهر الليل وأنام النهار؟ عارف كدة ولَّا لأ؟
خليفة : عارف.
عفيفي : طيب لما انت عارف كدة، وعارف إنك راجل كبير في السن. يعني ما تختشيش على دقنك وتصحيني من النوم.
خليفة : قول للست الكلام ده. هو أنا بلا قافية قلت لها تطلَّعْ خلقها عليَّ ساعة العصرية؟!
نفوسة : أنا يا راجل طلَّعت خلقي عليك؟! ما تصدقوش يا ابني. أمَّا صحيح راجل ما يختشيش على عرضه.
خليفة (لنفسه) : أنا برضو ما اختشيش على عرضي؟ (يضرب كف على كف) والله عجايب يا ناس!
نفوسة : شوف اما أقول لك يا راجل. أنا لسة ما شربتش قهوة العصر …
عفيفي (مقاطعًا) : ويعني ضروري تشربي قهوة العصر؟ ضروري يعني؟ (لخليفة) كنت بتتخانق مع هانم ليه؟
هانم : أبدًا والنبي.
خليفة : اسألها كنت باخانقها ليه؟
عفيفي : إنت كنت بتتخانق معاها والحق بالطبع عليك؛ لأنك راجل قليل الحيا. إنت فاهم يعني لو طردناك من بيتنا تعرف تشتغل؟ والله يا شيخ تصبح راجل مالوش صنعة. شحات.
خليفة : يعني بلا قافية قول لي صنعتك إيه؟
عفيفي : تشتمني يا راجل! إنت نسيت إني غاوي تمثيل، وعضو في جمعية الرفق بالحيوانات يا قليل الأدب. يا حمار. يا مغفل.
خليفة : يخلصك الحال ده يا ست نفوسة؟ يخلصك؟ والله ماني قاعد.
نفوسة : توفر ياخويا وانت موش جاي منك إلا خوتة الدماغ. ياللا!
عفيفي : ورينا عرض اكتافك. قليل الذوق مغفل.
خليفة (بصوت متهدج) : برضو كدة يا عفيفي! برضو كدة! تشتمني من غير ذنب. موش أنا اللي كنت بشيلك وانت في اللفة؟ نسيت أيام ما كنت بلا قافية بتعملها على ايديه. برضو كدة يا عفيفي! ماكنش عشمي يابني (يتجه نحو الباب).
عفيفي : مسكين يا عم خليفة. تعالى. هات راسك أبوسها. الحق عليَّ.
خليفة : لأ. الحق عليَّ يا سيدي.
عفيفي : والله تجيب راسك (يمسك راس خليفة ويقبِّلها) إنت زي أبويا. لكن يا عم خليفة الواحد لما ينام بعد سهرة طويلة عريضة يعز عليه قوي إنكم تقلقوا راحته. معلهشي يا عم خليفة، وادي راسك كمان (يقبِّلها ثانيًا) ما تزعلش.
خليفة : معلهشي. الله يسامحك.
عفيفي : ماهو إنت يا شيخ برضو شتمتني، وقلت لي إني ماليش صنعة.
خليفة : كان بلا قافية خلقي طالع. يابني حقك عليَّ وادي راسك.
عفيفي : لا. لا. إنت زي ابويا. بس كلمة مالكش صنعة هيجت دمي. لكن معلهشي. خلاص يا عم خليفة. خلاص. مبسوط، زال كل شيء؟
خليفة : كل شيء زال يابني ربنا يخليك ويطول عمرك.
عفيفي : بس اوعى بقى تقول لي أنا مليش صنعة مرة تانية.
خليفة : أبدًا. أبدًا، وانت بلا قافية ما تشتمنيش.
عفيفي : حاضر.
خليفة : أنا نازل بقى يمكن حد يخبط ع الباب.
عفيفي : مع السلامة يا عم خليفة. اوعى مرة تانية تقول لي أنا ماليش صنعة.
خليفة : حاضر.
عفيفي : ولازم تشوف كلابي كويس ومالكش دعوة بالأرانب. أحسن بعدين تعرف شغلك. أنتف دقنك.
خليفة : حاضر.
عفيفي : مامعكشي ريال يا عم خليفة؟
خليفة : مامعيش إلا أم خمسة دي يابني. خد الله يباركلك (يخرج).
عفيفي (لهانم) : غسلت الهدوم ولَّا لأ؟
هانم : كنت باغسل فيهم.
عفيفي : ياللا قوام يا شاطرة ياللا.
نفوسة : لسة يابني ما عملتليش قهوة العصر، والدنيا بقت مغرب اهه.
عفيفي : قلت لك موش ضروري تشربي قهوة العصر. ياللا يا بت يا هانم … ياللا يا شاطرة (تخرج هانم).

المشهد الخامس

(نفوسة – عفيفي)
عفيفي : أما أقولك بقى يامَّا. إحنا دلوقت بقينا لوحدنا، واقدر أكلمك بحرية كبيرة. أنا عارف إن أخلاقك ضيقة قوي، وإن الجماعة دول يرتعشوا منك لما يسمعوا حسك، واعرف كمان إنه بسلامته أبويا يبقى قدامك زي الفار قدام القط، لكن كل ده ما يهمنيش. إذا كنتي معفرتة أنا ستين ألف معفرت، وإذا كنتي تزعقي أنا برضو أعرف أزعق. افهمي طيب أنا مانيش خدام زي دول ولانيش كاتب بتسعة جنيه في وزارة الأوقاف زي ابويا. أنا واحد محترم مشهور في البلد، غاوي تمثيل وعضو في جمعية الرفق بالحيوانات.
نفوسة : طيب يابني وانا عملت حاجة؟
عفيفي : معلوم، عملت كتير. أظن إنك فاهمة إني موش عارف إنك سبب الخناقة دي كلها. أنا بس حبيت احترمك قدام الخدامين. لكن يظهر إنك مش عارفة مقامي.
نفوسة : محسب بالنبي يابني ما اعرفشي مقامك إزاي؟ إنت غاوي تراترو وعضو في جنينة الحيوانات.
عفيفي : تراترو إيه، وجنينة الحيوانات إيه يا وليَّة؟! بطلوده واسمعوده ياخوانا. إنتي يا شيخة انضربتي في عقلك؟ دنا ممثل تراجيدي وكوميدي كمان، والله بلاوي. أوريكي إزاي؟ أوريكي عشان تصدقي.
نفوسة : محسب بسورة يس والقرآن الحكيم، وريني ياخويا وريني.
عفيفي : عاوزة قطعة تراجيدي من شاكسبير ولَّا من الحداد؟
نفوسة : اللي يعجبك ياخويا.
عفيفي : اسمعي كلام عطيل لما جه يموِّت دمونة، دي قطعة ترجمتها أنا بنفسي، اسمعي … ثغر جميل، وشعر طويل، وخصر نحيل، وردف ثقيل، وغرام في الفؤاد، يضيع الرشاد، ويقتل العباد، أي دمونة المحبوبة، أنا أهواك وأموت في هواك، وأضع قلبي في يمناك قبل يسراك، ولكنك خنت العهود، ونقضت الوعود (يتحمس ويقترب من أمه) وعشقت كاسيو اللعين ابن اللعين الخائن اللئيم، وخنت عطيل الأسد الهمام والقائد الدرغام، ولم تخشي القادر العلام … ويك يا دمونة (يهدد أمه بيده).
نفوسة : بسم الله ما شاء الله. ربنا يزيد ويبارك.
عفيفي : ويك يا دمونة سأخلع أضراسك وأخمد أنفاسك.
نفوسة : بس ابعد ياخويا شوية.
عفيفي : اسمعي امَّال (يقترب منها مادًّا يده لرقبتها) سأجعل عظمك ولحمك شذر مذر، ويكون موتك عِبرة للبشر، وسيقول الناس أحسن عطيل وأجاد، ونال المراد، وشفى الفؤاد.
نفوسة : الواد جرى له إيه ياختي؟ ابعد يا عفيفي.
عفيفي (ماسكًا رقبتها) : موتي يا خائنة موتي. (يضغط على رقبتها) لقد دنَتِ الساعة وحلَّ العقاب. موتي موتي.
نفوسة : الحقوني يا ناس الواد اتجنن.
عفيفي (مندفعًا) : موتي. موتي. موتي.

(نفوسة تصرخ – يدخل عبد الستار.)

المشهد السادس

(نفوسة – عفيفي – عبد الستار)
عبد الستار : جرى إيه يا واد. اختشي على عرضك (يخلصها منه) بتضرب امَّك ولَّا إيه؟
نفوسة : جرى إيه يا عفيفي. كنت حتطلع روحي.
عفيفي : أهو كدة التمثيل ولَّا بلاش.
عبد الستار : تمثيل إيه وسخام الطين إيه يا واد؟ إنت برضو مجنون؟
عفيفي : حاسب في الكلام حاسب.
عبد الستار : كمان عاوز تقبح عليَّ.
عفيفي : سامعة يامَّا. جوزك بيجر شكل.
نفوسة : معلهش يا عفيفي دا ابوك.
عبد الستار : موش كفاية إنك كنت حتموِّت أمك؟
عفيفي : أموت أمي؟ دنا بمثل يا سيدي بمثل.
عبد الستار : أنا ما قلت لك من زمان سيب الكلام الفارغ ده، وشوف لك شغلة تنفعك موش أحسن يا بني من إنك تعيش صايع كدة لا شغلة ولا مشغلة.
عفيفي : سامعة يامِّه. بيقول إني صايع.
نفوسة : صايع؟ فشر. دانت غاوي تراترو وعضو في جنينة الحيوانات. صايع؟ فشر.
عبد الستار : يعني موش كفاية إنه كان عاوز يطلع روحك، ولا يعني عاجباكي حالته قوي! يا واد لازم تشوف لك شغلة وتسيب الحال ده اللي ما يرضيش حد. إنت فاهم إن ابوك غني؟ أبوك يعني لما إنت كدة مانتش عامل حساب لحد وداير على حل شعرك.
عفيفي : ما تقولشي إني واد. أنا بقيت راجل، وكل الناس تقول لي في القهوة يا أستاذ.
عبد الستار : ما تطولش يا واد. بقولك ما تطولش أحسن بعدين ما يحصلش طيب. أما إنك صحيح قليل الأدب.
عفيفي : سامعة يا ست نفوسة جوزك بيقول إيه؟ والله العظيم إن ما كنت حترجع عني لاخليه نهار زي الطين.
عبد الستار : اختشي يا واد. اختشي. أما صحيح إنك قليل الحيا ما عندكش تربية ولا أدب. إنت متربي فين يا واد؟
عفيفي : في بيتك يابا.
عبد الستار : وكمان بتقول كدة. إنت يظهر إن نفسك في علقة من عُلَق زمان.
عفيفي : طيب. مد إيدك كدة، والله العظيم إن مديت إيدك عليَّ أطلع على عينيك النجوم.
عبد الستار : سامعة يا نفوسة! قال يطلع على عيني النجوم.
نفوسة : ماهو إنت يا راجل اللي بتخليه يقول لك الكلام ده. يعني بس قول إنت مالك وماله … أما صحيح ما تختشيش على عرضك.
عفيفي : صحيح ما تختشيش على عرضك.
عبد الستار : وكمان تقول كدة؟ طيب خد (يهم بضربه فتمسك نفوسة منه العصا).
نفوسة (تصرخ) : أما إنك راجل دون. تضرب ابنك يا راجل؟! تضربه قدامي ما تعمليش مقام؟! والله العظيم إن كنت تمد إيدك عليه مرة تانية ما تحس إلا بالشبشب نازل يرقَّع اصداغك.
عبد الستار (هادئًا) : سبحان الله! طيب ويعني بتزعلي ليه؟ هدِّي روحك. ما تطلعيش خلقك.
نفوسة : ما اطلعشي خلقي يا راجل؟ ما اطلعوش إزاي؟ دنا اطلعه واطلعه. أما إنك راجل من بتوع زمان.
عفيفي : معلوم موش متمدن. إنتي ما تعرفشي إن الضرب جريمة يعاقب عليها القانون.
نفوسة : دا وش طرة يابني، وحياة النبي وسيدنا الحسين والسيدة زينب والأنبيا والأوليا إن كنت يا راجل من هنا ورايح ما تختشيش في كلامك وأفعالك، بعدين تلاقيني نزلت عليك نزلة سودة. أهه (تمسك الشبشب) سامع؟ نزلة سودة.
عبد الستار : طيب معلهش. غلطت يا امُّ عفيفي. بس ما تزعليش.
نفوسة : سامع. أسيح دمك. أفرمك.
عبد الستار : وليه بس يا ام عفيفي! أنا عملت حاجة؟
نفوسة : عملت حاجة! تضرب الواد قدامي، وتقول: عملت حاجة؟
عفيفي : معلهشي يامَّا. الحمد لله عرف غلطته، وبكرة يتوب.
نفوسة : يعني صعب عليك قوي يا عفيفي.
عفيفي : سبحان الله يامَّا. إنتي نسيتي إني عضو في جمعية الرفق بالحيوانات.
عبد الستار : متشكر.
عفيفي : الحمد لله المسألة انتهت. أما ادخل ألبس عشان اخرُج (يدخل من الباب الذي خرج منه).

المشهد السابع

(عبد الستار – نفوسة)
عبد الستار : والله إن جيتي للحق يا ام عفيفي ما كانشي أبدًا في حسباني إنه يجرى اللي جرى. لكن بقى الحمد لله أهو كل شيء زال، ورجع الحال لأصله.
نفوسة : يمكن (بزعل).
عبد الستار : إنتي لسة زعلانة يا ام عفيفي! حقك عليَّ، والله أنا ما اقدرشي أبدًا على زعلك.
نفوسة : من امتى يا روحي؟
عبد الستار : من زمان قوي (ضحك) من ليلة الدخلة. إنتي فاكرة ليلة الدخلة؟ فاكراها يا نفوسة؟
نفوسة : ليلة الشوم اللي عرفت فيها الخلقة العكرة دي.
عبد الستار (يضحك) : يا سلام يا ام عفيفي. إنتي دايمًا كدة تحبي الهزار.
نفوسة : الهزار؟ هزار إيه يا سي عبد الستار؟ من امتى كنت بهزر معاك؟ أظن فاهم نفسك حلو قوي. حقة صحيح مافيش زيك حد.
عبد الستار : إن كنت مانيش حلو قوي أديني برضو مقبول. موش كدة يا ام عفيفي؟ موش كدة؟
نفوسة (تضحك ضحكة نسائية) : نام وقام لقى نفسه قايمقام. مانتش فاكر حالتك أيام ماخدتك؟
عبد الستار : دي أيام قديمة يا نفوسة. بس أنا قصدي إنك ما تكونيش زعلانة.
نفوسة (تضحك ضحكة نسائية) : كل ما افتكر أيام ما اخدتك … إنت ناسي أظن لما كنت تنف في إيدك وتستحمى مرة في الشهر وتلبس البومباغ بالمقلوب؟ أخدتك، نضفتك، وخليتك راجل، وكمان بعد كدة ما تختشيش على عرضك … ما تحترمنيش وتضرب الواد قدامي. ما كانشي عشمي (تبكي).
عبد الستار : بتعيطي يا ام عفيفي! بتعيطي يا اختي برضو كدة! وحياة أبوك ما تقطعيش قلبي … هاتي راسك.
نفوسة : اوعى كدة دانت راجل قاسي، والنبي قاسي قوي.
عبد الستار : حقك عليَّ يا نفوسة. صحيح أنا قاسي. الله يقطعني …
نفوسة : إخص عليك يا عبد الستار. تنسى عِشرة تلاتين سنة وتهيني برضو.
عبد الستار : صحيح عِشرة تلاتين سنة. أما أنا قاسي صحيح.
نفوسة : عِشرة تلاتين سنة استحملت فيها قساوتك، وشربت المر عشان خاطرك (تبكي).
عبد الستار (يبتدئ في البكاء) : صحيح، وشربت المر عشان خاطري.
نفوسة : دي عِشرة طويلة قوي يا عبده (تبكي).
عبد الستار : قوي قوي (يبكي ويمسح دموعه) معلهش يا نفوسة. الحق عليَّ.
نفوسة : عنتش ترجع للي عملته.
عبد الستار : أبدًا أبدًا. هاتي بوسة بقى.
نفوسة : استنى أما انف وامسح دموعي.
عبد الستار : امسحي ياختي امسحي (يهم بتقبيل نفوسة فتدخل جميلة فيمسك).

المشهد الثامن

(عبد الستار – نفوسة – جميلة)
عبد الستار : إنتي جيتي يا جميلة (تقبِّل يده) كنتي فين يا روحي؟
جميلة : كنت قاعدة أفصَّل جلبيتي الجديدة.
عبد الستار : ما شاء الله! والله إنتي شاطرة قوي يا جميلة. دي جميلة بقت عروسة يا نفوسة.
نفوسة : أمال! أديني عمَّالة أدور لها على عريس.
جميلة (بخشوع) : يا سلام يامَّا.
عبد الستار : لا. مالكيش دعوة بعريس جميلة. أنا لقيت لها عريس من أحسن العرسان.
جميلة : يا سلام يابا. سيبونا بقى من سيرة العرسان.
نفوسة : شوف ياخويه البنت شوف. تبقى البنت منكم نفسها في الجواز، وتعمل انها موش عارفة، وموش عاوزة تسمع عنه حاجة. طب قولي لي الكتاكيت ازيهم؟
جميلة : اسكتي يامَّا. مات منهم كتكوت.
نفوسة : انهو فيهم؟
جميلة : الحلو الكبير.
نفوسة : يا خسارة! والنبي كان حلو قوي.
عبد الستار : أي والنبي خسارة صحيح. ده كان بكرة يبقى ديك تمام يصحيني من النوم عشان أروح الديوان … (جميلة تظهر أنها تريد الخروج) يعني مستعجلة ليه يا جميلة؟
جملية : بدي أروح أملا القلل، وأحطهم في الشباك عشان يبرَدُمْ.
نفوسة : طيب روحي ياختي (تخرج جميلة) إنت صحيح يا عبده لاقيت لها عريس؟
عبد الستار : ولد طيب قوي اسمه بليغ. ماهيته ستة جنيه (يسمع دق الباب).
نفوسة : باب السكة خبط يا عبده مانتش سامع؟ (يسمع الدق.)
عبد الستار : أي والله الباب بيخبط صحيح. يكونش حد جاي لنا؟
نفوسة : يمكن. شوف يا عبده الراجل خليفة موش راضي يفتح الباب وعامل نفسه نايم. أنا يا عبده ما اقدرش على الحال داهُه.
عبد الستار : أنا مانا عارف، وقلت لك من زمان نطرده مارضتيش (يعاد الدق. يذهب ويصرخ من الشباك) يا خليفة … يا خليفة … يا خليفة … شوف الراجل؟ يا خليفة.
نفوسة (تصرخ مع عبد الستار) : يا خليفة. يا خليفة.
خليفة (من تحت) : نعم.
عبد الستار : الباب بيخبط يا راجل كنت فين؟
خليفة : كنت بلا قافية بخرط للوز قشر بطيخ تحت السلالم.
نفوسة : وهو اللي بيخرط للوز يبقى أطرش (يعاد الدق) الباب بيخبط يا راجل شوف مين.
عبد الستار (ناظرًا من الشباك) : دي واحدة يا نفوسة.
نفوسة : صحيح، يا ترى مين؟ دي واحدة غريبة يا عبده. يمكن واحدة خاطبة جاية تخطب جميلة.
عبد الستار : صحيح.
نفوسة : أما أروح استقبلها ع الباب، واقعد معاها في الفسحة موش كدة ولَّا إيه؟
عبد الستار : أيوة برضو لازم كدة ياللا قوام.
نفوسة : يا ترى مين؟ يا ترى مين؟ (تخرج.)

المشهد التاسع

(عبد الستار)
عبد الستار : والله يا عبد الستار خليت بنفسك شوية من الكاينة اللي رماك ربنا بها. في الديوان رئيسك موريك الغُلب، وفي البيت ابنك مكفَّرك ومراتك مطلعة روحك. القصد أديك بقيت لوحدك، وربنا برضو بكرة يفرجها، ويمكن اللي يكرهه الواحد يكون فيه الخير … حد عارف (تدخل هانم).

المشهد العاشر

(عبد الستار – هانم)
عبد الستار (يرى هانم) : إنتي جيتي يا هانم؟ عاوزة حاجة؟
هانم (حاملة ملابس) : دول يا سيدي الهدوم بتوع سيدي الصغير عاوزة أوديهم أودته.
عبد الستار : لكن يا هانم، أنا عطشان قوي، وعاوز أشرب كباية مية.
هانم : حاضر (تذهب وتملأ من القلة كوب ماء وتحضره له) اتفضل يا سيدي.
عبد الستار (يشرب على مهل ويقول وهو يشرب) : الله دنا كنت عطشان قوي، تسلم إيدك يا هانم، إيدك الصغيرة الحلوة (تُظهِر هانم الحياء) إنتي بتختشي يا هانم. بتختشي مني (يضحك ضحكة مضحكة) وريني إيدك الحلوة وريني، أنا أعرف أشوف البخت في الإيدين، وريني يا اختي (لنفسه) أما بنت حلوة يا ناس، وريني إيدك (تُظهِر الحياء) برضو بتختشي! (يضحك، ويقف، ويهم بمسك يدها فتفلت منه.)
هانم : اوعى كدة.
عبد الستار : إنتي زعلتي؟ (هانم لا ترد) ولَّا يعني سايقة الدلال. هاتي إيدك أمال.
هانم : باقول لك ابعد، الله! هو إيه ده؟!
عبد الستار : برضو بتسوقي الدلال! دا ماكنش ده طبعك يا غزال.
هانم : يا سلام! وقصدك إيه يعني؟
عبد الستار : بقى مانتيش عارفة قصدي! (يضحك) قصدي بوسة من العيون العسلية والخدود الوردية والشعر الكستني والفم السكري. قصدي … (يهم بتقبيلها فتنفر).
هانم : يا سلام يافندي!
عبد الستار (يقرب) : ماحناش في قولة أفندي وبيه. سيبينا م الخوف والدلال، والنبي تجيبي بوسة (يهم بتقبيلها فتنفر منه).
هانم : إيه المسخرة دي؟ موش تخليني أروح أودي الهدوم في أودة سيدي الصغير! أما عجايب!
عبد الستار : عجايب؟ عجايب إيه يا هانم؟ برضو كدة! يعني البوسة عندك تساوي كتير قوي، ولَّا أنا موش عاجبك؟! صحيح أنا راجل برضو متقدم في السن لكن برضو أعجبك، وياما كانت لي مع النسوان وقايع.
هانم : وقايع كبيرة؟
عبد الستار : اسكتي! وقايع كبيرة قوي، وقايع عملتها في ستك نفوسة (يضحك) ياما كنت أغفِّل ستك نفوسة (مُغرِقًا في الضحك) آل المغفلة تظن لحد دلوقت إني ما حبتش غيرها! من حق يا هانم تصدقي الكلام ده؟!
هانم : ما اعرفش.
عبد الستار : ما تعرفيش إزاي؟ يعني عاجباك قوي سحنة ستك المصدية؟! (يضحك.)
هانم : ستي موش وحشة.
عبد الستار : ستك موش وحشة؟ لكن إنتي جميلة، جميلة قوي، دا حسنك مجنني وملخبط عقلي. أنا واقع قوي يا هانم (يهم بتقبيلها فتفلت منه).
هانم : الله! الله! الله! إيه المسخرة دي؟! إيه الكلام الفارغ ده؟ إنت ما تختشيش ليه؟
عبد الستار : ما اختشيش ليه؟ (يحتد) سبحان الله يا هانم! ما تخلنيش ازعل معاك. أقول لك الحق أنا زعلت خلاص وموش حاكلمك أبدًا (لا ترد، ينتظر قليلًا) سامعة موش حاكلمك أبدًا (لا ترد، وينتظر قليلًا) معلوم أنا ما كلمشي أبدًا اللي تقول لي ما تختشيش (لا ترد) موش كدة ولَّا إيه؟ (لا ترد، وينتظر قليلًا فلا ترد) وحتى لو جيتي تصالحيني وكمان تبوسي رجلي برضه ما اكلمكيش، وافضل زعلان معاك (لا ترد بالكلية) اهه موش حاتكلم بالكلية. أمَّا أشوف مين اللي حيكلم التاني (ينتظران بضع ثوانٍ بلا كلام، ثم ينظر إليها وتنظر إليه، ويتكرر النظر يتخلَّله الابتسام فيقهقه عبد الستار ويقول) أمَّا بنت مكارة ومقطقطة صحيح! أما صحيح تعرفي تسوقي الدلال! طيب أنا اللي حاكلمك (يقوم إليها) برضو زعلانة؟
هانم : معلوم ازعل. يصح برضو إنك تزعق فيَّ عشان كلمة صغيرة قلتها؟ أمال يعني بتحبني إزاي؟
عبد الستار : طيب الحق عليَّ، وما دام أنا أحبك كدة يا ترى إنتي كمان بتحبيني؟
هانم : من القلب للقلب رسول.
عبد الستار : واللي يحب التاني موش يديله بوسة؟
هانم : وبعدين لو عرفت ستي؟
عبد الستار : ومين اللي رايح يقول لها؟
هانم : أما أقول لك بقى. بس مانيش قادرة أقول.
عبد الستار : لا والنبي تقولي كل حاجة.
هانم : لأ ما أقدرشي.
عبد الستار : وحياة اللي تحبيه، وحياتي أنا يا هانم لازم تقولي اللي في قلبك.
هانم : يمكن تزعل.
عبد الستار : أزعل منك؟ هو ده كلام! إنتي اتجننتي ولَّا إيه؟
هانم : أنا نفسي في جوز شورابات ونص دستة مناديل.
عبد الستار : بس كدة! بس كدة! وتمنهم كام؟ قولي أنا ما أخرش عليك حاجة؟
هانم : عاوزة ريال.
عبد الستار (يتغير وجهه) : ريال …؟!
هانم : موش قلت لك حتزعل.
عبد الستار : لا أنا ما زعلتش. بس ريال يعني …
هانم : كتير قوي؟
عبد الستار : في الوقت ده اللي بقت فيه كيلة القمح …
هانم : أنا محبش كتر الكلام والحديث. بالعربي كدة البوسة تمنها ريال.
عبد الستار : البوسة تمنها ريال؟ أمال الحضن بكام يا بنت؟
هانم : دي البوسة تمنها ريال علشان خاطرك بس. أمَّا لو كانت لغيرك والنبي ما ارضى أبدًا بأقل من جنيه.
عبد الستار : هو انتي بيبوسك حد غيري. دي قلة حيا وقلة أدب وعدم تربية.
هانم : مالك اتحمقت كدة ليه؟
عبد الستار : بيبوسك غيري! باقولك دي قلة حيا وقلة أدب وعدم تربية.
هانم : ح تجيب الريال ولَّا لأ؟
عبد الستار : بقول لك دي قلة أدب ودناءة وسفالة وانحطاط أدبي.
هانم : ماتكلمنيش بالنحوي. حتجيب ريال ولَّا لأ؟
عبد الستار : أبدًا.
هانم : طيب، والله العظيم إن ما جبت الريال لاروح أقول لابنك وامراتك إنك بصبصت لي، وكنت عاوز تبوسني، وانك خنتها مع نسوان كتير، وانك بتقول إنها مغفلة، وان سحنتها مصدية.
عبد الستار : دي قلة أدب وقلة حيا ودناءة وسفالة وانحطاط أدبي.
هانم : ح تجيب الريال ولَّا لأ؟
عبد الستار : باقول لك دي قلة أدب وقلة حيا.

المشهد الحادي عشر

(عبد الستار – هانم – عفيفي)
عفيفي (داخلًا، مرتديًا ملابسه) : إيه هو اللي قلة أدب وقلة حيا وانحطاط أدبي؟ يعني إيه الكلام ده؟
عبد الستار (يضحك ضحكة باردة) : دنا كنت بتكلم مع هانم على عم خليفة البواب، وكانت بتقول لي إنه ما بيرضاش يفتح الباب للي بيخبطو. آم طلع خلقي وقعدت أقول لها دي قلة أدب وقلة حيا وانحطاط أدبي. موش برضو إنت من رأيي يا عفيفي؟ موش كدة يا هانم؟
هانم : بالطبع. لكن يا سيدي الراجل بتاع الخضار فات النهارده وطلب ريال من حسابه. موش تجيب لما اعطيهوله.
عبد الستار : طبعًا طبعًا. لكن بس يا عفيفي. إنت تشوف إنها قلة أدب من خليفة؛ لأنه ما بيفتحش الباب للي بيخبطو.
عفيفي : طبعًا. لكن يستحسن إنك تعطيها الريال بتاع الخضري.
عبد الستار : حالًا (يعطيها الريال بتأفُّف).
عفيفي : ما تروح بقى تغير هدومك، وتلبس جلبيتك وشبشبك، وتستريح.
عبد الستار : حالًا.
عفيفي : يالا قوام.
عبد الستار (وهو خارج) : حالًا.

المشهد الثاني عشر

(عفيفي – هانم)
عفيفي : إيه الريال اللي عطاهولك ده؟
هانم : عشان الخضري زي مانت شايف.
عفيفي : كدابة. أنا سمعت كل حاجة من ورا الباب، وبرضه تقولي لي إنك تحبيني.
هانم : واعمل لك إيه؟ هو أنا خليته عمل حاجة؟! ويعني إنت بتحبني وانت داير طول الليل سهران مع اصحابك وتيجي آخر الليل سكران ساعات، ومين يعرف كنت فين، وبعدين تقول إنك تحبني.
عفيفي : معلوم أحبك. إنتي نسيتي إن السهر والشرب دا شيء من مستلزمات الشبان!
هانم : طيب هو انا عملت حاجة؟
عفيفي : خليتي ابويا يبصبص لك.
هانم : وماله يعني؟ ضحكت عليه وأخدت منه ريال.
عفيفي : لكن أنا باغير يا هانم. الغيرة بتقطع قلبي، وانتي ما بترحميش.
هانم : يعني انت بترحمني.
عفيفي : أنا أحلف لك يا هانم بكل حاجة إني ما خونتكيش أبدًا، والدليل إنك ما شفتيش حاجة بعينك. لكن أنا شفت بعيني ماحدش قال لي. برضو كدة يا هانم (يجلس مُظهِرًا الكدر).
هانم (تقترب منه) : إنت زعلت؟
عفيفي : معلوم أزعل لما اشوف البنت اللي أخلصت لها وحبيتها ووهبتها قلبي وفكري وجوارحي من أولها لآخرها تخوني، ومع مين؟ مع أبويا! وفي ساعة ربنا يعلم حالي فيها!
هانم (تقبِّله) : ليه هو جرى لك إيه؟
عفيفي : جرى اللي جرى. جرى اللي يعلمه ربك بس.
هانم : إيه هوَّ؟
عفيفي : موش ضروري أقوله.
هانم : إن ما كنتش تقوللي أمال تقول لمين؟!
عفيفي : ما أقدرشي أقوله دلوقتي يستحيل.
هانم : ليه؟
عفيفي : ما يمكنشي أبدًا أحسن بعدين تروح أفكارك لحاجات ما احبش إنك تفتكريها فيَّ.
هانم : قول بس إيه اللي مزعلك. لكن قبله، إنت تحبني خالص؟
عفيفي : قوي قوي.
هانم : ولا تحبش غيري؟
عفيفي : أبدًا، والله أبدًا.
هانم : ولا تسهرشي مع نسوان؟
عفيفي : أبدًا، أبدًا، والله العظيم.
هانم : قول لي بقى إيه اللي مزعلك.
عفيفي : المسألة بسيطة قوي. إمبارح احتجت لفلوس قمت استلفت من صاحبي ريال، وقلت له إني حارده له النهارده، ولكن أديكي عارفة الحالة، وان ما رحتش أقابله في القهوة يجي لي في البيت، والمسألة بقت واقعة زي الطين.
هانم : بس كدة يا حبيبي! طيب وبتزعل ليه؟ خد الريال اللي أخدته من أبوك إديه لصاحبك، ولا تخليش لحد كلمة عليك.
عفيفي : لا. لا. لا يا هانم. يستحيل. دا حقك ما يمكنش.
هانم : والنبي إن ما اخدته أزعل.
عفيفي : أنا نفسي حرة يا هانم، ولا اقبلشي أبدًا.
هانم : وبرضو تقول كدة؟ والله إن ما اخدته أزعل صحيح.
عفيفي : ما يمكنش.
هانم : بقول لك أزعل. أزعل قوي. خد.
عفيفي (يأخذ الريال ويضعه في جيبه) : تعرفي إن ما كنتش خايف على زعلك، ما كنتش أخده أبدًا.
نفوسة (من الخارج) : يا عفيفي. إنت فين؟
عفيفي : هنا يامَّا.
هانم : أما اروح أحسن أمك تشوفني وتفتكر حاجة. حانزل لعم خليفة.
عفيفي : أنا ما يهمنيش أم ولا أب. ما يهمنيش إلا انتي (يضمها بين ذراعَيه ثم تفلت منه مندفِعة إلى باب الخروج).

المشهد الثالث عشر

(نفوسة – عفيفي)
نفوسة (داخلة) : يا عفيفي الهنا جالنا يابني.
عفيفي : صحيح، وعلى إيد مين؟
نفوسة : على إيديك. بقى مانتش عارف؟
عفيفي : بس قولي لي إيه اللي جرى؟
نفوسة : صاحبك فرحات باعت أمه. بعد ما استأذنك.
عفيفي : صحيح كان كلمني امبارح. بقى أم فرحات جات النهارده وبالطبع كلمتك في مسألة جميلة.
نفوسة : أمال! المهر مية جنيه. خمسين متقدم وخمسين متأخر، والزفة بالطبل البلدي، والفرح أربعين يوم.
عفيفي : كان قال لي كدة امبارح. اتأكدي يامَّا أنه راح يعمل كدة؛ لأنه ولد تمام ابن ناس كِلمته كلمة واحدة عمره ما يغيِّرها.
نفوسة : آدي اللي بدي أسألك عنه؛ لأنه صاحبك، وبالطبع الصاحب يعرف أخلاق صاحبه. يعني كدة فرحات بيه دا جدع أمير ما يسهرشي ولا يعرفشي نسوان؟
عفيفي : أبدًا يامَّا. دا زي البنت البكر وسيرته كويسة، من البيت للجامع، ومن الجامع لمطرح شغله، ويصوم التلات تشهر، ويحسن على الفقرا والمساكين، وكمان واحد شاعر كبير، امرئ القيس.
نفوسة : يكونشي يا عفيفي شوفنا ليلة القدر؟
عفيفي : والله يامَّا داحنا موش شفنا ليلة القدر وبس، داحنا كمان دخلنا الجنة.
نفوسة : ومن إمتى تعرفه ياخويا؟
عفيفي : من مدة طويلة، من أيام المدرسة. دا كان دايمًا يطلع البرنجي، وياما خد مكافآت كتير. إن شاء الله بكرة لما تشوفيها تلاقيها مرطرطة في أودته، وتلاقيه موش عارف يحطها فين؟
نفوسة : بسم الله ما شاء الله. عيني عليك باردة يا جوز بنتي.
عفيفي : وبيعرف إنجليزي وفرنساوي وتلياني وجريجي كمان.
نفوسة : ربنا يزيد ويبارك. عيني عليك باردة يا فرحات يا جوز بنتي. ده إيراده كام ياخويا؟
عفيفي : عشرين جنيه في الشهر.
نفوسة : دي سحابة وقعت في بيتنا يابني. عشرين جنيه؟! يا أخي دا المدهول على عينه عبد الستار (يدخل عبد الستار) ما بياخدشي إلا تسعة جنيه، ويقعد آخر الشهر يعشِّينا مش وبصل وعيش مقدد (عبد الستار يدخل مرتديًا ملابس المنزل؛ جلابية بيضاء وطاقية وشبشب).

المشهد الرابع عشر

(نفوسة – عفيفي – عبد الستار)
عبد الستار : وشربة الكوارع. إنتي نسيتي لما طبختها لك يوم ٢٦ منه.
نفوسة : هوَّ انت هنا يا عبده؟ اسكت الهنا جانا، والخير وقع فوق دماغنا، والجنيهات بكرة تملى جيوبك.
عبد الستار : الجنيهات بكرة تملى جيوبي؟ إيه الكلام ده؟
نفوسة : أمَّال! أم فرحات بيه جات النهارده تخطب جميلة لابنها.
عبد الستار : وفرحات بيه يبقى مين في البلد؟
نفوسة : دا عنده عشرين جنيه شهري، ودافع مهر ميت جنيه؛ خمسين متقدم وخمسين متأخر، وحيعمل الفرح أربعين يوم ويوم.
عبد الستار : هو يعني عيب إني أعرف مين هو؟
نفوسة : فرحات بيه صاحب ابني عفيفي.
عبد الستار : يوه! يوه! فرحات الواد الصايع اللي عامل ديل لأولاد الزوات، واللي بيدعي إنه امرئ القيس. سيبك يا شيخة سيبك. دا واد من اللي صنعتهم تخللي الوش يحمر.
عفيفي : بتقول إيه؟
عبد الستار : موش الواد اللي بياكل على قفا غيره؟
عفيفي : لا. لا. إنت غلطان يابا (يقترب من عبد الستار وبصوت منخفض) دا الواد اللي بيبصبص للبنات الصغيرة، ويقول لهم إن مراته مغفلة وإن سحنتها مصدية.
عبد الستار (يضطرب وينظر إلى نفوسة، ثم يتبادل نظرات سريعة مع عفيفي، ويُخرِج من جيبه ريالًا) : صحيح بيعمل كدة؟ خد يابني الريال ده. أنا عارف إنك عاوزه من زمان.
نفوسة : ويعني يا سي عبده عمال نازل على فرحات النزلة السودة دي ليه؟ هو عمل لك إيه؟
عبد الستار : أنا بس خايف على جميلة يا نفوسة، وان كنت يعني قلت كام كلمة على فرحات بيه. معلهش سامحيني فيهم، وياللا كدة نتكلم على مهلنا، ونسأل جميلة عن رأيها.
نفوسة : نسأل جميلة عن رأيها؟ أنا ياخويا ما عنديش بنات يتجوزوا على كيفهم.
عفيفي : واللي يعيش ياما يشوف! دا أبويا بقى من بتوع الأيام دي يامَّا!
عبد الستار : بقى إن قمت اضرب عفيفي تقولوا إني متأخر مانيش متمدن، وإن جيت أسأل جميلة عن رأيها في جوازها تقولوا عليَّ إنِّي من بتوع الأيام دي. أنا ضعت بينكم وغلب حماري.
نفوسة : القصد. جميلة حتتجوز فرحات.
عبد الستار : لكن أنا قلت لك جاني ولد طيب قوي اسمه بليغ.
نفوسة : حيبقى أطيب من فرحات اللي بيصلي ويصوم التلات تشهر، وكمان في نيته إنه يروح الحجاز السنة الجاية.
عبد الستار : دا واد باقول لك صنعته تخلي الوش يحمر! إنتي موش سامعة يا ولية! أنا ما اجوزش بنتي أبدًا من راجل فلاتي بتاع نسوان، قمارتي، وحشَّاش، وكمان يخدم أصحابه.
عفيفي : إزاي يابويا تهين جدع شاعر عنده إحساس وعواطف؟
عبد الستار : بس خليك بعيد انت عن كلمة إحساس وعواطف.
نفوسة : أما إنك يا راجل ما عندكش أدب. تشتم راجل ابن ناس؟ إنت مالك طالع فيها كدة؟
عبد الستار : يستحيل إن فرحات ده يتجوز بنتي، سامعين؟! أنا سكت لكم مدة طويلة، واستحملت عمايلك يا نفوسة كتير. لكن المرة دي عشان بنتي رايح أعمل اللي ما يتعمل.
عفيفي : زي اللي عملته في هانم.
عبد الستار (ينظر إليه ويضغط بأسنانه على شفتيه) : يعني قصدي إننا نقعد نفكر شوية في الموضوع.
نفوسة : دا إيه اللي عمله عبد الستار في هانم؟
عبد الستار : مافيش حاجة. دي كانت قلت حياها قمت ضربتها قلم على خدها. موش كدة يا عفيفي؟
عفيفي (مقتربًا من أبيه) : عندكش ريال كمان؟
عبد الستار : دا آخر الشهر يابني وما عنديش بقى إلا ريال واحد (بصوت عالٍ) موش كدة؟! ضربتها قلم على وشها؟
عفيفي : أيوة. قلم على خدها، وبعدين صالحتها بريال، وكنت عاوز تبوسها!
عبد الستار : يابن الكلب …!
نفوسة : بتقول إيه؟ كان عاوز يبوسها! يا خبر اسود ومطيِّن على وشك يا عبد الستار. تخوني مع البنت اللي ما تجيش قد ركبتي؟ كدة يا راجل ما تختشيش على عرضك.
عفيفي : وموش بس كان عاوز يبوسها.
نفوسة : إيه؟
عفيفي : دا كمان كان نفسه في حاجات تانية.
عبد الستار : إنت كداب. إنت ولد كداب.
نفوسة : وحياة النبي أنا ما اسكت أبدًا على الحال ده، والله لاوريك، هو انت فاهم نفسك سِيد البيت ولَّا إيه؟!
عفيفي : ترضى تجوِّز بنتك من فرحات وانا أصلح لك كل حاجة؟
عبد الستار : عاوزني أبيع بنتي؟ يستحيل أرضى إن جميلة تجوز الواد الهلس اللي عامل صاحبك. يستحيل، سامع!
نفوسة : سبينا من سيرة جميلة وفرحات وكلِّمني أنا. هو دا جزا العِشرة الطويلة يا عبده. لكن صحيح إنت راجل مالكش ذمة ولافيش في وشك دم.
عبد الستار : بس بقى دا كله كلام فارغ في فارغ. إنتي مالك كدة يا ولية عمالة تغجري وتزعقي! بقولك اسكتي. شيء عجيب.
نفوسة : أنا غجرية؟! أنا يا عبد الستار غجرية؟!
عبد الستار (محتدًّا) : أيوة غجرية، وقليلة الأدب، وماعندكيش تربية.
نفوسة (صارخة) : بتقول إيه؟ (تخلع الشبشب) إنت حتسكت ولَّا لأ يا راجل؟
عبد الستار (يهدأ) : حاضر أديني سكت. اسكتي انتي بقى (متلطفًا) ماهو يا ام عفيفي انتي اللي ابتديتي بالشر، والبادي بالشر أظلم. موش أحسن نقعد نتكلم بالراحة كدة، ونسيب الهري والنكت ده.
نفوسة : هري ونكت إيه يعني؟! (مؤنِّبة) تبوس البنت السنكوحة اللي ما تساويش عشرة خردة، وتخون مراتك أم ولادك؟!
عبد الستار : دا كلام فارغ يا ام عفيفي.
عفيفي (لعبد الستار سرًّا) : قلت لك جوِّز جميلة لفرحات وأنا أصلح لك كل المسألة.
عبد الستار : اسكت يا واد. باقولك اسكت. أنا ما بقتش خايف من حد، واللي تعملوه اعملوه.
نفوسة : وكمان بتزعق في الواد! طيب استنى (تهم واقفةً) أول حاجة نطرد هانم.
عفيفي : سبحان الله يامَّا! وهانم ذنبها إيه؟! والله العظيم ان طردتوها ما اقعد في البيت ده أبدًا.
نفوسة : ماتزعلشي ياخويا صحيح هانم مالهاش ذنب، والذنب كله من التستوس ده اللي ما يختشيش على عرضه. مافيش غير الطلاق. الطلاق. معلوم الطلاق. ياللا طلَّقني وادفع لي المتقدم والمتأخر والمتعة والنفقة.
عبد الستار (يحتد) : ماطلقش.
نفوسة : ماطلقشي؟ طيب لما اشوف مين اللي يغلب التاني. ياللا يا عفيفي، ياللا سيبه وحده. احنا سوا والكلب وحده، ياللا خليه يهاتي. ياللا بينا. والله العظيم إن جبت لك حاجة تاكلها الليلة دي تبقى تتف في وشي، وأنا طابخة بسارية وملوخية وصحن رز واشتريت بطيخة قد دماغك، والله مانت دايق منها حاجة أبدًا.
عبد الستار : وريني يا ست عرض اكتافك. الحمد لله أنا شبعان.
نفوسة : شبعان (تضحك ضحكة نسائية) من امتى يا عبده؟
عفيفي : دا شبعان غُلْب يامَّا.
نفوسة (تضحك) : لا دا شبعان حب يابني.

(عبد الستار يجلس واضعًا رأسَه بين يديه.)

نفوسة : ما لك مدلدل راسك كدة؟ بتفتكر في إيه يا روحي؟ والنبي أنا خايفة عليك قوي من الفكر لاحسن يقصف عمرك. حاكم إنت غالي قوي على قلب نفوسة. ما بتردش؟ قال يعني تقيل قوي. (تضحك ضحكة نسائية) صحيح يا عبد الستار إنك تقيل الدم.
عفيفي : ياللا يامَّا ياللا. أنا بدي أروح أقابل فرحات بيه.
نفوسة : وانا موش عاوزة أشوف وحياة أبوك وش الحمار ده. أهو راح تقعد في الأودة دي لوحدك، وكمان راح تنام فيها لوحدك. أما أشوف مين اللي رايح يسقيك الليلة دي لما تعطش، ومين اللي راح يطبطب عليك لما تنازع، ومين اللي حيدفيك لما تبرد. أما اشوف! حتنام هنا على الكنبة. اوعى تصدق إني أقبلك في السرير جنبي أبدًا. ياللا يا عفيفي ياللا.
عفيفي : إلى الملتقى يا بابا (يخرجان).

المشهد الخامس عشر

(عبد الستار – جميلة)
عبد الستار (منفردًا) : آه يا عبد الستار! صحيح إنت ضعيف الإرادة لكن بكرة ربك يقويك عليهم.
جميلة (داخلة من الباب الذي خرجت منه نفوسة وعفيفي) : أبويا!
عبد الستار : جميلة. حبيبتي. بنتي. بوسي أبوكي واحضنيه ياختي. ياللا يا روحي (يتعانقان).
جميلة : أبوس إيدك يابويا. أمي عاوزة تجوزني لراجل بطَّال اسمه فرحات، وأنا ما ارضاش به أبدًا. اوعى يابويا تسمع كلامها.
عبد الستار (يقبِّلها) : أسمع كلامها؟ يستحيل، يستحيل أبدًا.
جميلة : لكن انت بتخاف منها دايمًا.
عبد الستار : لكن علشان خاطرك يا روحي رايح أخليها تخاف مني. دنا عندي عريس تاني ولد طيب وحلو اسمه بليغ (جميلة تُظهِر الحياء) هاتي بوسة يا روحي ما تفتكريش أبدًا. طول ماهي راس أبوكي في الدنيا حتكوني مبسوطة أربعة وعشرين قيراط.
نفوسة (من الخارج) : يا جميلة. يا جميلة.
جميلة : أمي بتنده لي يابا أما أروح أشوف عاوزة إيه؟ نعم أديني جاية.
عبد الستار : هاتي بوسة قبل ما تروحي (يقبِّلها).
جميلة : اوعى تخاف منها.
عبد الستار : أبدًا. أبدًا. دنا قلبي زي الحديد (تخرج جميلة).

المشهد السادس عشر

(عبد الستار)
عبد الستار (منفردًا) : والله طيب يا عبد الستار قعدت تخاف وتستر على كل حاجة وعشان كدة سموك عبد الستار. لكن عشان خاطر بنتك راح تعمل اللي انت عاوزه وبكرة يسموك عبد القادر.
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤