الفصل الرابع

(حوش المنزل الذي يسكن في أحد أدواره عبد الستار أفندي. على اليمين الباب الذي يؤدي إلى الخارج. إلى اليسار باب «المندرة» التي حُبِس فيها عبد الستار، وفي الصدر باب يؤدي إلى السلالم التي يُصعد منها إلى الدور العلوي، كما يقود إلى دورة المياه.)

المشهد الأول

(تُفتح الستار عن هانم جالسة على الأرض تمسح طشط بليفة.)

هانم (تغني) : والنبي يامَّا تعذريني واتأني عليَّ. آه حب حبيبي شاغلني، والله إن ماجاني جاني. لانا رايحة ولا جاية جاية والنبي آه يامَّا.
عبد الستار (محبوسًا في المندرة ينادي خلف الباب) : يا بنت بلاش بقى غنا. افتحوا الباب، دانا مداهبي طلعت.
هانم : مين دا اللي بيتكلم؟ إنت مين يا راجل؟ موش ترد.
عبد الستار (من الداخل) : مانتيش عارفة سيدك يا بنت الكلب. افتحي الباب.
هانم : سيدي نايم فوق في حضن ستي، أما اللي بيتكلم ما سبقليش به معرفة.
عبد الستار : يا بنت افتحي دي ليلة كانت مقطرنة ومزفتة.
هانم : موش على دماغي وحياة راسك ياللي بتتكلم.
عبد الستار : يا بنت افتحي. دنا بدي أعمل زي الناس.
هانم (ترجع إلى الغناء) : خارج من الحلمية. آه الوجه زاهي زاهي والعيون عسلية.
عبد الستار : يا بنت الكلب افتحي الباب، الله يلعن أبوكي.
هانم (تغني) : والله إن ما جاني جاني لانا رايحة ولا جاية جاية. النبي يامَّا.
عبد الستار : بقى عملتوها فِيَّ. بقى برضوا دا يصح! لكن غصب عن عينكم ماهيش مجَّوِّزاه.
هانم : هما بيطلعوا بالليل ولَّا بالنهار؟
عبد الستار : يا بنت افتحي أنا بدي أفك حصر. افتحي.
هانم : لسة الإذن ما جاش ياللي بتتكلم.
عبد الستار : إذن مين يا بنت؟
هانم : إذن اللي سرجنك ياللي بتتكلم.
عبد الستار : يا هانم يا بنتي اعملي معروف افتحي لي الباب أحسن بعدين ياللا السلامة أعملها في المندرة.
هانم : إنت عاوز يعني اسَّرجن بدالك؟ (تغني) والنبي يامَّا تعذريني.
عبد الستار : برضو بتغني وموش سائلة عني؟ يصح كدة؟

المشهد الثاني

(عبد الستار (محبوس) – هانم (في الحوش تمسح الطشط) – عفيفي (نازل من السلالم))
عفيفي : بتعملي إيه يا هانم؟
هانم : بامسح الطشط يا سيدي.
عبد الستار : إنت جيت يا عفيفي؟ افتح الباب يابني.
عفيفي : مين ده اللي بيكَّلِّم؟
عبد الستار : أبوك يابني.
عفيفي : أبويا؟ صباح الخير يابويا.
عبد الستار : صباح الخير يابني. افتح يا حبيبي الباب.
عفيفي : أنا كنت سامعك يا هانم بتغني. كنتي بتقولي إيه؟
هانم : والنبي يامَّا.
عفيفي : سمعينا حاجة تانية. يظهر إن أبويا بده يسمع شوية.
عبد الستار : لا والنبي عاوز أخرج.
عفيفي : غني يا هانم غني.
هانم (تغني) : يا وبور. يا وبور يابو عربية يا مسلي ولاد الحسنية.
عبد الستار : اختشي على عرضك يا عفيفي دنا أبوك.
عفيفي : على الله تكون قضيت ليلة كويسة يابا؟
عبد الستار : يابني. إنت مافيش في قلبك رحمة؟
عفيفي : اسكت. دا عمك خليفة لسة محبوس في الكنيف.
عبد الستار : مسكين يا خليفة.
عفيفي : مسكين؟ برضو قلبك عليه؟
عبد الستار : موش قصدي. بس دا راجل كبير، وما يقدرشي ع الحال ده.
عفيفي : إلا يا هانم. تعرفي أنا نفسي في إيه؟
هانم : في إيه يا سيدي؟
عفيفي : حذَّري.
هانم : في أكلة حلوة؟
عفيفي : لأ.
هانم : في فسحة حلوة؟
عبد الستار : يا ناس افتَحُمْ.
عفيفي : ولا دي يا هانم.
هانم : أمال في إيه؟
عفيفي : في بوسة من بقك، وفي ريال من جيب أبويا.
هانم : اللي أقدر عليه أديه لك. خد البوسة (يقبِّلها).
عبد الستار : يا بنت الكلب يبوسك قدامي؟
عفيفي : بوسة زي الشهد. بس الريال يا هانم.
عبد الستار (صارخًا) : إزاي يا واد تبوسها؟
عفيفي : أبوسها وأبوس أبوها كمان، واخُد منك ريال إذا كنت عاوز أفتح الباب.
عبد الستار : طب افتح وانا أديك.
عفيفي : فوت الريال من تحت عقب الباب، وانت تلاقي الباب انفتح.
عبد الستار : يا واد أحلف لك بشرفي إني حاديك لو فتحت.
عفيفي : وانا أحلف لك بشرفي إني حافتح لو اديت.
عبد الستار : وبعدها يعني؟
عفيفي : زي ما انت عاوز.
عبد الستار : طيب خد (يناول عفيفي الريال من تحت عقب الباب).
عفيفي : شاطر يابا. افتحي له الباب يا هانم.
هانم : معاك المفتاح؟
عفيفي : لا. موش معايا.
هانم : يظهر إنه مع ستي.

المشهد الثالث

(الحاضرون – نفوسة)
نفوسة (نازلة) : بتكَّلِّموا في إيه؟ بتضربوا محدت على إيه؟
عفيفي : بندوَّر على مفتاح المندرة لنخرج السجين.
نفوسة : المفتاح معايا. أما سي عبده حيقعد مسرجن للضهر.
عفيفي : لا يامَّا لا. لازم تفتحي له الباب.
نفوسة : المسألة دي يا عفوفة موش من خصايصك. هو كان يا ترى جوزك ولَّا إيه؟
عفيفي : لكن أنا حلفت له بشرفي إني حافتح له الباب، وهانم تشهد على كدة.
هانم : تمام.
عفيفي (بشكل تمثيلي) : وانتي تعلمين إنه قسم وربك عظيم.
نفوسة : واذا كنت يعني مافتحش له يجرى إيه؟
عفيفي : تجرحين إحساسي.
نفوسة : وهو أنا إحساسي ما انجرحشي من اللي عمله سي عبده. دانا إحساسي عمَّال بيشلب دم.
عبد الستار : معلهش يام عفيفي.
نفوسة : اخرص. اخرص واتلهي على عينك. إنت نسيت اللي عملته.
عبد الستار : بس يام عفيفي يعني بدي أروح زي الناس.
نفوسة : إنت نسيت إن بيت الراحة موش فاضي، وإن محبوس فيه عمك خليفة.
عبد الستار : معلهش يا نفوسة افرجوا عني وعنه.
عفيفي : صحيح يامَّا إن إحساسك انجرح امبارح من اللي عمله أبويا. لكن بقى كفاية اللي حصل وانتي كريمة (ملقيًا بتفخيم) والكريم مَن يعفو عند المقدرة.
نفوسة : أبدًا ما يمكنش.
عبد الستار : معلهش يام عفوفة.
هانم : معلهش يا ستي.
عفيفي : والله يامَّا حيحرَّم ويتوب النوبة.
نفوسة : عاوزة واحد يضمنه.
عفيفي : أنا الضمين بذلك. افتحي له بقى الباب أحسن تجرحي إحساسي.
نفوسة : أجرح إحساسك فشر. دانا تنخزق عيني يا عفوفة ولا اجرحشي إحساسك. دا إحساسك على عيني وراسي (تُدخِل المفتاح في القفل، ولكن تسمع الباب العمومي يقرع) شوفوا قبله مين اللي بيخبط الباب. افتحي يا هانم.

المشهد الرابع

(الحاضرون – فرحات)
هانم : دا سيدي فرحات.
فرحات (متقدمًا) : ديهدي يا جماعة! إنتو قاعدين في الحوش ولَّا إيه؟
نفوسة : أهلًا وسهلًا بجوز بنتي.
عبد الستار : أهلًا وسهلًا بنسيبي. اعمل معروف ياخويا قول لحماتك تفتح لي الباب.
فرحات : مين اللي بيزعق ده؟
عبد الستار : أنا حماك. حماك اللي بحبك.
فرحات : طيب وحبسينه ليه؟
عفيفي : دا بس امبارح عمل ذنب يستحق المسألة دي، وادحنا رايحين نفتح له.
نفوسة : والنبي ما حد يفتح له إلا جوز بنته. خد يا سي فرحات. خد المفتاح وافتح.
فرحات : متشكر يا حماتي (يفتح له الباب. يخرج عبد الستار واضعًا يده على بطنه).
عبد الستار : أشكرك يابني. بس يعني من غير مؤاخذة الحالة حاكمة قوي، وموش قادر أقعد معاك. تعالي يا هانم معايا افرجي عن خليفة عشان آخد محله. ياللا يا بنتي.
نفوسة : هانم معاك؟! عشان تعمل اللي عملته امبارح.
عبد الستار : على كيفك. أنا موش قادر. تعالي معايا انتي ولَّا عفيفي ولَّا فرحات.
نفوسة : روح لوحدك. ما عليك إلا تقطع الدوبارة اللي رابطين بها الباب. ياللا ورينا عرض كتافك.
عبد الستار : طيب أديني رايح. طيب. لا مؤاخذة يا سي فرحات لا مؤاخذة.

(يخرج من الباب المؤدي إلى دورة المياه.)

المشهد الخامس

(الحاضرون ما عدا عبد الستار)
عفيفي : ياللا بنا ندخل في المندرة نتكلم شوية بدل ماحنا قاعدين في الحوش.
فرحات : زي ما تحب يا نسيبي.
نفوسة : اتفضل. هانم روحي اعملي القهوة وهاتيها قوام.
هانم : حاضر يا ستي (يدخل فرحات وعفيفي ونفوسة إلى المندرة، وتخرج هانم من الباب وتصعد السلالم).

المشهد السادس

(المرسح خاليًا – ثم يدخل خليفة – ثم جميلة)
خليفة : أف. أف. آه يا وجع بطني! آه يا كسر ضهري! آه يا دماغي! آه يا مَوَعَان نفسي! أما ليلة! أما ليلة يا ناس بلا قافية! أما ليلة يا ناس بلا قافية! أما ليلة بلا قافية أعمل إيه؟! الله يجازيك يا عفيفي. والله ياخد أجلك يا هانم. الله يقصف عمرك يا نفوسة. مسكين يا عبد الستار. لكن حملك أخف من حملي. اسمك كنت قاعد على كرسي ولَّا على كنبة، لكن أنا كنت بلا قافية بين الروايح الزكية واقف بلا قافية على رجلي طول الليل. الله يقصف عمرك يا نفوسة. الله ياخد أجلك يا هانم. الله يجازيك ويطلع روحك يا عفيفي.

المشهد السابع

(خليفة – جميلة)
جميلة : هس يا خليفة. اتكلم بشويش أحسن الجماعة قاعدين في المندرة، وبعدين يسمعوك تبقى عبارة.
خليفة : لك حق يا بنت. لك حق. دول امبارح وروني الويل. حبسوني يا بنتي في الكنيف.
جميلة : وحبسوا أبويا في المندرة.
خليفة : آه في المندرة، وبيِّتوه من غير نور. مسكين يا سيدي.
جميلة : لكن تفتكر يا خليفة إنهم حيقدروا يجوِّزوني للواد البأف فرحات؟
خليفة : أنا عارف يا بنتي! إذا كان بلا قافية عاملين لي رباطية ونازلين حبس في صاحب البيت وخدامه، يعني ما يقدروش يجوِّزوكي للي عاوزينه.
جميلة : تعرف! أشنق روحي. أدبح نفسي. أهرب. أعمل اللي ما ينعمل.
خليفة : تشنقي روحك؟ وتهون روحك عليكي؟ سيبك بلا قافية من الكلام الفارغ ده، تعالي نرتب في السر مسألة يمكن ربنا يفتح علينا.
جميلة : نرتب إيه ونعمل إيه؟ إذا كان إنت وابويا مافيش فيكو قوة. لا يا عم خليفة أنا حاتكل على نفسي، وربنا يساعدني.
خليفة : اللي يتكل على الله ربنا ما يخيِّبوش.

المشهد الثامن

(خليفة – جميلة – هانم)
هانم (مارة بالقهوة) : صباح الخير يا ستي (لا ترد جميلة) صباح الخير يا ستي دنا موديَّة القهوة للعريس. موش عاوزة تردي علي. طيب معلهش (تدخل المندرة).
جميلة : يا خليفة البنت دي بطالة خالص.
خليفة : عمري يا بنتي ما شفتش واحدة بطالة زيها. دي بلا قافية تخرب بلد وتقعد على تلها. دي تقدر على اللي ما يقدرش عليه الشيطان.
جميلة : وعملالي كبانية مع عفيفي وامي ضدي. لكن ربنا ينصرنا عليهم.

المشهد التاسع

(خليفة – جميلة – عبد الستار)
عبد الستار : الحمد لله. أحمدك يا رب دنا كنت في حالة!
جميلة : أبويا. أبويا. قال حبسوك يا بابا.
عبد الستار : دول خزقوا عيني. بس اعملوا معروف اتكلموا بشويش أحسن بعدين يسمعونا. دول قاعدين جنبنا في المندرة.
خليفة : والبنت هانم بلا قافية بتسقيهم القهوة.
عبد الستار : هانم؟ قُطْعت هانم. عمر ما حد في الدنيا ضحك على دقني غيرها.
خليفة : وعمر ما حد اسَّبِّب لي في حَبْسَة زي اللي اتحبستها غيرها.
جميلة : مسكين يا بابا.
عبد الستار (يخلع طربوشه) : اقلع عمتك يا خليفة وادعي معايا. بس بشويش أحسن حد يسمع. قول معايا قول. ربنا ياخد أجلك يا هانم. ربنا يقصف رقبتك يا هانم. ربنا يكسر عضمك يا هانم. ربنا يوريكي …

المشهد العاشر

(الحاضرون – هانم (خارجة بصينية القهوة))
عبد الستار (يراها) : كل خير يا هانم. ربنا يطولي عمرك يا هانم. ياما انتي مظلومة يا هانم. عمالين يضحكوا عليكي يا هانم، ومانتيش عارفة يا هانم.
هانم : ايه الكلام ده يا سيدي؟
عبد الستار : اسألي خليفة يقول لك. دا موش أنا بس اللي بيضحكوا عليَّ هنا، وانتي كمان.
هانم : بيضحكوا عليَّ! إزاي يعني؟! أنا ماحدش يضحك عليَّ أبدًا.
خليفة : وان كانوا بلا قافية بيضحكوا عليكي؟
هانم : مين اللي يضحك عليَّ. فشر.
عبد الستار : شوفي يا هانم. بقى انتي جيتي معاهم ضدنا، ولعبتي عليَّ الملعوب اللي يعني ما كانشي يصح تلعبيه، وكله في الآخِر راح يجي على دماغك. أديني بقولك وانتي تفهميني طيب.
هانم : لا. مانيش فاهماك. عاوزاك تفهمني شوية أحسن موش قادرة أفهم.
عبد الستار : بقى يعني ماحدش فينا يجهل إنك يعني من غير مؤاخذة، يعني بلا قافية، يعني من غير تطويل، يعني وانتي ست العارفين، يعني …
هانم : إن باحب عفيفي. موش كدة اللي عاوز تقوله؟
عبد الستار : عليكي نور. دا انتي صحيح زكية قوي، ولما انتي بتحبي عفيفي ليه بقى عاوزة فرحات يجَّوِّز جميلة. مانتيش خايفة لا عفيفي يجوِّز بنت البيه اللي بيجري وراه فرحات؟
هانم : دا كلام فارغ. دا كلام مالوش أصل.
عبد الستار : على كيفك. أديني نصحتك، وإن صدقتي صدقتي، ما صدقتيش ما صدقتيش.
هانم : لا. موش مصدقة (تمشي إلى الباب ثم ترجع وتقول) صحيح عفيفي عاوز يجوِّز؟
خليفة : وبلا قافية حيكون جوازه على إيدين فرحات.
هانم (وقد ظهرت عليها الغيرة) : وانت مالك يا رجل إنت. موش تقعد ساكت.
عبد الستار : لأ. ماهو خليفة قلبه عليكي.
هانم : حقه قوي. لكن قول لي يا سيدي، إنت يعني متأكد من المسألة دي؟
عبد الستار : وحياة دقني متأكد منها.
خليفة : وبلا قافية دا كلام صحيح.
هانم (تصرخ في خليفة) : اسكت يا راجل ما تطَلَّعشي خلقي أمَّا انك ما تختشيش. سبحان الله في طبعك.

المشهد الحادي عشر

(الحاضرون – (يخرج عفيفي من المندرة، ثم نفوسة وفرحات))
عفيفي : إيه الزعيق ده؟ أما إنكم ما تختشوش.
عبد الستار : بس كدة؟ يعني المسألة بسيطة قوي.
عفيفي : ايه الزعيق ده يا هانم؟
هانم : أنا نسيت أهنيك يا سي عفيفي بالعروسة الجديدة.
عفيفي : عروسة إيه يا بنت؟
هانم : بنت البيه، اللي حيجوِّزهالك فرحات.
عفيفي : طيب وجرى إيه يعني؟! إنتي قصدك تطلعي خلقي. أيوة حيجوِّزهالي. هو حرام ولَّا إيه؟
هانم : طيب ما انت بلغت غرضك وحبست ابوك وما بقاش لك فايدة في هانم.
نفوسة (تخرج ووراءها فرحات) : مين اللي بيزعق؟
عفيفي : اسمعي يا ستي. آل ست هانم كمان بتطلع خلقها عليَّ بتجحم لي. بتزعق في وشي.
نفوسة : فشر. تزعق في وش ابني؟ تجحم لضناي.
هانم : أيوة عملت كدة، ويعني جرى إيه؟
فرحات : اختشي يا هانم.
هانم : اسكت انت وانسد يا راجل يا غريب عنا. يا نصَّاب. يا جرسون في الأزبكية.
عفيفي : اختشي يا بنت. استحي على عرضك. أحسنَ ألخبط بكي الأرض.
نفوسة : اختشي يا قليلة الأدب يا فلاحة. مدِّنَّاكي قمتي انقلبتي علينا.
فرحات : هدي بس أخلاقك يا حماتي. دي بنت مسكينة مطيورة.
عبد الستار (لخليفة) : إزيك بقى يا سي خليفة. موش حاجة حلوة كدة إننا نتفرج عليهم بعد ما اتفرجوا علينا؟!
خليفة : دا كلام بلا قافية مسوجر قوي. خلينا على جنب خلينا.
هانم : أيوة طبعًا يا سي فرحات. المجال بقى قدامك واسع تعمل اللي عاوزه.
عفيفي : اخرجي أحسن أطردك.
هانم : تطردني؟ أما تدفع الدِّين اللي عليك. الفلوس اللي سلفتهالك.
نفوسة : فشر ابني عمره ما يستلف من حد. جيب السبع عمره ما يخلى. إنتي حتسكتي ولَّا ابظظ عنيكي.
هانم : إنتي فاهمة إني خليفة ولَّا عبد الستار! إن كان حيلتك إِدِين أنا برده عندي إدين. إن كنتي عاوزة تلطشي برضو أنا أعرف ألطش.
نفوسة : اسكتي أحسن بعدين ما يحصلش طيب.
عفيفي : وبعدها بقى (لنفسه) البنت يمكن تبهدلنا.
نفوسة : والله أضربك بالشبشب.
عفيفي : اسكتي يامَّا أحسن بعدين …
نفوسة : بقى يعجبك كدة يابني؟
عفيفي : قلت لك اسكتي.
نفوسة : حاضر.
عفيفي : وانتي يا هانم مانتيش عاوزة تسكتي؟
هانم : لأ. موش عاوزة اسكت.
عفيفي : بقولك اسكتي أحسن. انسدي. اخرجي من هنا.
هانم : أَخرج من هنا؟ لا يا سيدي ما تخافشي (تبكي) أنا حاسيبلك البيت. هو دا جِزا محبتي لك؟ هو دا جِزا حنوي؟ برضو كدة تعاملني في الآخر؟ طيب معلهشي. إن كنت تنسى ربنا ما ينساش. أديني سايبالك البيت إنت وامك. لكن ما تنساش إنك بكرة راح تصوع، تدهول، تتبهدل، وتقول إنتي فين يا هانم (تخرج).

المشهد الثاني عشر

(الحاضرون ما عدا هانم)
عفيفي : الحمد لله اللي خرجت. دي سورت ودني.
فرحات : يظهر إنها بنت قبيحة.
نفوسة : اوعى تكون أخدْت على خاطرك يا جوز بنتي؟
فرحات : لا يا حماتي. آخد على خاطري إزاي؟
عفيفي : موش تروح يا اخي بقى تجيب المأذون عشان نكتب الكتاب؟
عبد الستار : يكتب الكتاب؟ يا خبر اسود!
جميلة : يكتب كتابه على مين؟
نفوسة : عليكي يادلعدي. ياللا يا سي فرحات. ياللا يا جوز بنتي. انده المأذون.
فرحات : أديني حاروح أهو أجيبه وآجي حالًا (يخرج).

المشهد الثالث عشر

(الحاضرون ما عدا فرحات)
عفيفي : إنتي يا بنت يا جميلة. مالك يعني كدة بتعاندي من غير معنى. يصح تعمل كدة يابويا؟
عبد الستار (يتلجلج في الكلام) : لا ما يصحش. لكن بقى البنت …
نفوسة : البنت إيه يادلعدي؟
عبد الستار : مافيش حاجة. البنت مطيعة تسمع الكلام.
عفيفي : وانت يا خليفة موش موافق على كلامنا؟
نفوسة : ودا إيه دا كمان اللي حيوافق على كلامنا؟
عفيفي : بس بدي أسأله أشوف درس امبارح نفعه ولَّا لأ.
خليفة : بلا قافية نفع قوي!
عفيفي : الحمد لله يا سي خليفة، ودلوقت نرجع لمسألتنا المهمة. مسألة جواز اختي. بقى دلوقت رايح يجي صاحبنا فرحات ويكتب الكتاب، ويعلي الجواب، وتبقى ليلة هَنا.
جميلة : بدي أعرف يعني حيكتب كتابه على مين؟
نفوسة : يعني مانتيش عارفة يا ست جميلة؟
عبد الستار : بس يعني قصدها إن السؤال موش حرام.
نفوسة : أنا بتكلم يا سي عبده مع بنتي جميلة موش مع المدهول جوزي.
عبد الستار : برضو عندك حق يا ست نفوسة.
نفوسة : مانتيش عارفة يا ست جميلة على مين حيكتب الكتاب.
جميلة : مانيش عارفة.
عفيفي : حايكتبه يا ست جميلة على حضرتك. رايح يصبح جوزك. سامعة؟
عبد الستار : طبعًا … (ترمقه نفوسة شزرًا) موش يعني قصدي حاجة تانية. بدي أقول إنه يعني موش قصدي …
عفيفي : إنت نسيت يابا إني بتكلم مع اختي موش معاك.
عبد الستار : برضو عندك حق يا سي عفيفي.
خليفة : بس يعني بلا قافية سي عبد الستار أبوها، والأب بلا قافية يحق له الكلام.
نفوسة : طيب عرفنا إن عبده يبقى أبو البنت، وحضرتك دخلك إيه في المسألة؟
خليفة : بلا قافية …
نفوسة : بلا قافية تورينا عرض اكتافك أحسن بعدين تخش خشَّة امبارح.
خليفة : برضو عندك حق يا ستي أم جميلة (يخرج).

المشهد الرابع عشر

(الحاضرون ما عدا خليفة)
عفيفي : امتى بقى يجي فرحات خلينا ننهي المسألة؟
نفوسة : ما تستعجلشي يا عفيفي.
عبد الستار : أيوة يابني ما تستعجلشي. العجلة من الشيطان (يدق الباب).
نفوسة : الباب بيخبط يا ترى مين؟
عفيفي : دا من غير شك فرحات مع المأذون.
عبد الستار : سترك يا رب (يذهب عفيفي ويفتح الباب فيدخل بليغ).

المشهد الخامس عشر

(بليغ – عفيفي – عبد الستار – نفوسة – جميلة (تضع إزارًا على رأسها))
بليغ : السلام عليكم (لا يرد غير عبد الستار).
عبد الستار : عليكم السلام.
بليغ : أنا جيت في وقت ما يصحش إني آجي فيه.
عبد الستار : العفو يا سي بليغ دا بيتك ومتر… (تقطع نفوسة عليه الكلام).
نفوسة : بدي أعرف يا سيدنا الأفندي حضرتك جاي تعمل إيه؟
بليغ : جاي أخطب بنتكم الست جميلة.
نفوسة : ما عندناش بنات وش جواز يا سيدي.
عفيفي : سامع يا سي بليغ ما عندناش بنات وش جواز.
بليغ : موش قادر أفهم. أنا اعرف إن بنتكم اسمها جميلة، وهي واقفة قدامكم، وأظن إنها لسة ما اتجوزتش.
عفيفي : لأ. اتجوزت خلاص.
بليغ (باندهاش) : اتجوزت خلاص؟
عبد الستار : قصده يعني إن سي فرحات راح يجيب المأذون عشان يكتب الكتاب.
بليغ : يعني لسة الكتاب مانكتبش؟
عفيفي : انكتب ولَّا ما انكتبش، حضرتك عاوز إيه؟
نفوسة : أيوة حضرتك عاوز إيه؟
بليغ : عاوز أجوز بنتك يا ست نفوسة، ومستعد أدفع في المهر عشرة في المية أكتر من سي فرحات.
نفوسة : ومنين جات لك الفلوس يا ضنايا؟
بليغ : عمي توفى وورثت فيه. سامعين؟
عفيفي : وهو اللي يموت عمه يا سي بليغ يجَّوِّز على طول كدة؟
بليغ : معلوم، يجوِّز على طول. على الأقل يكتب كتابه علشان يخلص البنت المسكينة من مخالب النمر اللي عاوزين ترموها له.
نفوسة : إيه هو دا يا سي بليغ؟ دا كلام ما ينسمعش (يدق الباب) الباب بيدق.
عفيفي : الحمد لله. لازم اللي جه يكون فرحات والمأذون (يذهب ويفتح الباب، فيدخل فرحات والمأذون).
عبد الستار : يا خبر اسود! في عرضك يا بليغ خلصني. دنا واقع يابني لركبي.
بليغ : ما تخافشي. ربنا معانا.

المشهد السادس عشر

(بليغ – عفيفي – عبد الستار – نفوسة – جميلة – المأذون – فرحات)
فرحات : أديني جبت المأذون وجيت. ياللا نكتب الكتاب.
المأذون : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال الله في كتابه …
فرحات (مقاطعًا) : لكن مين دا اللي واقف؟
عفيفي : ما تكترش. اكتب الكتاب واخلص.
نفوسة : اكتب الكتاب قدامه عشان تطلع عينه.
المأذون : بقى يا سيدي فين اللي راح تتأهل؟
عفيفي : أهي واقفة قدامك.
المأذون : قولي لي يا بنتي. فين بقى وكيلك؟
جميلة : ماليش وكيل. موش عاوزة اتجوز.
المأذون : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لا يمكن العقد بقى يا جماعة. السلام عليكم ورحمة الله.
عفيفي (يعطيه خمسة قروش صاغ) : من ريال ابويا … خد يا عم خد. اكتب اكتب.
المأذون : عوفيت يا ابني وزال عنك الشر. فين وكيلك يا عروسة؟
عفيفي : والدها عبد الستار أفندي.
المأذون : حضرتك يافندي وكيل بنتك؟
جميلة : أبويا. أبوس رجلك الحقني.
عبد الستار : لا، مانيش وكيلها.
نفوسة : بتقول إيه يا راجل؟
عبد الستار : قصدي أقول إني وكيلها، وكيلها قوي.
بليغ : دا إيه الكلام الفارغ ده (يخرج من جيبه كبشة فلوس) أنا مستعد أدفع مهر ضعف مهر سي فرحات.
نفوسة : دا كلام فارغ.
بليغ : واكتب لأم العروسة خمس فدادين.
نفوسة : بتقول إيه؟
بليغ (يصرخ) : باقول إني أدفع ضعف مهر سي فرحات، واكتب لأم العروسة خمس فدادين، ولاخو العروسة عشر فدادين، وادِّي لكل واحد منهم أربعين جنيه.
فرحات (يصرخ) : وأنا أدفع مهر ضعف سي بليغ، وأكتب لأم العروسة عشر فدادين ولاخو العروسة عشرين فدان، وأدي لكل واحد منهم ثمانين جنيه.
بليغ (يصرخ) : الفلوس في إيدي أهيه. الشاطر اللي يطلع فلوسه.
فرحات : موش ضروري. الدفع مؤجل.
بليغ : الدفع حالًا دلوقت. مستعد خالص.
فرحات : طظ، جيب السبع ما يخلاش. إن ماكنش النهارده يكون بكرة.
المأذون : مافيش داعي للخناق والزنبليطة، ولكن ما تكلموش ليه في القيمة اللي تدفع للمأذون.
بليغ (يقول للمأذون بالعربي الفصيح) : أدفع لك جنيهًا مصريًّا.
فرحات : جنيهين.
بليغ : أربعة جنيهات والدفع حالًا.
فرحات : ثمانية جنيهات والدفع باكر.
المأذون : والله يا سي فرحات المبلغ المدفوع خير من المؤجل، فما قولك في هذا؟
عبد الستار : الحمد لله. شايف وش نفوسة اتبدل حبة.
نفوسة : لا. لا. ارجعوا للمزاد الأولاني. بتقول تدي كام لأم العروسة يا سي بليغ؟
عفيفي : ما تسمعيش الكلام ده يامَّا. دا ما حلتوش ولا العمى.
بليغ (يُخرِج حُجَّة الأطيان) : وكمان معايا حجة الأطيان. الشاطر اللي يطلَّع حجته.
عبد الستار : عفارم. عفارم يا بليغ الله يزوِّد في خيرك، وكدة تنغنغ حماتك.
نفوسة : ما تطلع الحجة يا سي فرحات!
عفيفي : نسيها في البيت يامَّا بكرة يجيبها معاه.
المأذون : ويا ترى الثماني جنيهات التي … (الباب يدق).
نفوسة : الباب بيخبط. مين اللي جاي؟
عفيفي : مين يا ترى؟ (يذهب ويفتح الباب. يدخل ضابط وعسكريان).

المشهد السابع عشر

(الحاضرون – ضابط وعسكريان)
الضابط : دا منزل عبد الستار أفندي؟
عبد الستار : نعم يا سيدي بيتي. لا سمح الله جرى حاجة يعني؟ أنا والله ما عملتش حاجة أبدًا.
الضابط : لا. إنت مالكش دعوة. في واحد اسمه فرحات أفندي هنا؟
عبد الستار : أيوة يا سيدي أهو قدامك. اصطفل معاه زي ما انت عاوز.
الضابط : حضرتك فرحات أفندي؟
فرحات : لأ. موش أنا.
نفوسة : موش انت إزاي يا سي فرحات؟
عفيفي : هو جرى إيه يا صاحبي؟
الضابط : إنت بتفتكر يا سي فرحات إني مانيش عارفك، وعارف سوابقك، موش إنت النصَّاب المشهور في الأزبكية. أنا دوَّرت عليك النهارده لما اتفلقت. قدامي ع القسم قدامي.
عبد الستار : من غير مؤاخذة يا حضرة الضابط، صاحبنا عمل إيه؟
الضابط : نصب على واحد بيه قدام شهود وادَّاله ورقة إعلان مرسوم عليها بنكنوت بعشرة جنيه، وأخد منه عشرة جنيه فكة. فحضرته متهم بتهمة الاحتيال والنصب (للعساكر) ياللا امسكوه (يقبضان عليه) قدامي.
عفيفي (لفرحات) : موش قلت لك يا فرحات. كدة عملتها فيَّ وضيَّعت عليَّ الجوازة.
فرحات : معلهش. ربنا يفرجها (يخرجون).

المشهد الثامن عشر

(الحاضرون ما عدا الضابط والعسكريَّيْن وفرحات)
عبد الستار : اللي يتكل على الله ربنا ما يخيبوش.
نفوسة : يا سي بليغ البيت والنبي منوَّر. منور خالص، ودا كله عشان إنك شرفته، وحياة النبي شرفت بيتنا يا جوز بنتي.
عفيفي : معلوم سي بليغ شرفنا وآنسنا. موش كدة يا نسيبي؟
بليغ : طبعًا …!
عبد الستار : موش قلت لكم كدة من زمان؟
نفوسة (تصرخ) : قلت إيه، وعدت إيه يا راجل. إنت فاهم إننا ما نحبش جوز بنتنا ولَّا إيه؟
عفيفي : أنا عارف بيفتكر كدة ليه.
نفوسة : وحياة أبوك يا جوز بنتي لما تجي تكتب لنا الأطيان، اوعى تكتب حاجة للراجل قليل الأدب ده.
عبد الستار : موش مهم. القصد إن بليغ يجَّوِّز جميلة.
المأذون : بالطبع حيجوِّزها، وسي بليغ قلبه نضيف قوي، ووعدني إنه حيعطيني أربع جنيهات، وأظن إنه رايح يبر بوعده. أليس كذلك يا ولدي؟
بليغ : ما تخافش!
نفوسة : ياللا بقى نكتب الكتاب، وبعدها نكتب الأطيان.
عفيفي : أيوة، أيوة، أمال! ياللا بنا في المندرة عشان كمان نكون على راحتنا.

(يهمون بالدخول فتدخل هانم وخليفة.)

المشهد التاسع عشر

(الحاضرون – هانم – خليفة)
خليفة : على فين يا جماعة؟
عبد الستار : خليفة. حبيبي يا خليفة جميلة حتجَّوِّز بليغ.
خليفة : موش قلت لك بلا قافية اللي يتكل على ربه ما يِخِبشي.
عبد الستار : احضني يا خليفة احضني.
خليفة (يعانقه) : بلا قافية ماليش غيرك يا سيدي.
عبد الستار : بلا قافية انت خدامي الأمين المحبوب (معانقًا إياه).
خليفة : إنت سيدي وتاج راسي (معانقًا إياه).
هانم : بلاش بقى بوس وحضن. كفاية بقى أحسن غِرْت.
عبد الستار : ويا هانم فرحات قفشوه النهارده وحبسوه في السجن. حبسوه تمام. حيدوق اللي دقناه يا خليفة.
هانم (لنفسها) : حبسوه. يا فرحتي! خلص عفيفي وفاضل لي.
عفيفي : ياللا بنا بقى.
نفوسة : ياللا يا جماعة ندخل المندرة (تزغرط).
هانم : ياللا، ياللا الفرح جانا (تزغرط خلف نفوسة وتنزل الستار وهم داخلون).
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤