الفصل الخامس

كون أردياء المشترعين هم الذين سهلوا معايب الإقليم وكون صالحيهم هم الذين قاوموا ذلك

يعتقد الهنود أن السكون والعدم أساس كل شيء والغاية التي ينتهي إليها كل شيء، وهم يعدون، إذن، أن السكون التام أكمل حال لرغائبهم وغرض لها، وهم يلقبون الكائن الأعلى١ بالساكن، ويعتقد أهل سيام أن السعادة الغائية٢ تقوم على عدم إلزام الإنسان بتسيير آلة أو تحريك جسم.
وشدة الحرارة في تلك البلاد توهن وترهق، ويكون السكون من العذوبة والحركة من العناء ما يبدو معه هذا النظام اللاهوتي طبيعيًّا، وقد اتبع مشترع الهند فويه٣ ما كان يحس عندما وضع الناس في حال سلبية إلى الغاية، غير أن مذهبه الذي نشأ في كل الإقليم، فساعد على هذا الكسل بدوره، أدى إلى ألف شر.

وأثبت مشترعو الصين أنهم أكثر صوابًا عندما نظروا إلى الناس من حيث الحركة الخاصة التي تجعلهم يقومون بواجبات الحياة فجعلوا ديانتهم وفلسفتهم وقوانينهم عملية تمامًا، لا من حيث السكون الذي سيصيرون إليه ذات يوم، فالناس، كلما حملتهم العوامل الطبيعية إلى السكون، وجب أن تبعدهم العوامل الخلقية عنه.

هوامش

(١) پناماناك، انظر إلى كيرشير.
(٢) لالوبير، رحلة إلى سيام، صفحة ٤٤٦.
(٣) يريد فويه أن يحول القلب إلى خواء خالص، «فلنا عيون وآذان، غير أن الكمال في عدم الرؤية والسمع، ولنا فم وأيد، إلخ. والكمال في سكون هذه الأعضاء»، وهذا ما استخرج من محاورة فيلسوف صيني نقلها الأب دوهالد، جزء ٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤