الفصل الرابع

ما بين تجارة القدماء والتجارة الحاضرة من اختلافٍ رئيس

يكون العالَم بين حين وحين في أحوال تُغَيِّر التجارة، واليوم تسير تجارة أوربة من الشمال إلى الجنوب على الخصوص، والآن يؤدي اختلاف الأقاليم إلى جعل الشعوب أكثر احتياجًا إلى سلع كل منها، ومن ذلك أن مشروبات الجنوب التي تُنقَل إلى الشمال تؤلِّف نوعًا من التجارة لم يكن لدى القدماء قط، ومن ذلك أن اتساع السفن الذي كان يُقاس بأكيال القمح يقاس اليوم بدِنَان المشروبات.

وكانت التجارة القديمة التي نَعرِفُها تقع بين ميناء وآخر من موانئ البحر المتوسط فتكون في الجنوب تقريبًا، والواقع أنه يوجد عين الأشياء، تقريبًا، لدى شعوب عين الإقليم فلا تحتاج هذه الشعوب إلى التجارة بينها بدرجة احتياجها إلى التجارة مع شعوب إقليم مختلف، ولذا كانت تجارة أوربة أقل اتساعًا في الماضي مما في الوقت الحاضر.

ولا يناقض هذا ما قلته عن تجارتنا الهندية مطلقًا، فاختلاف الإقليم المتناهي يجعل ما هو نسبي من الاحتياجات عبثًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤