الفصل الثالث

سلطة رئاسة الديوان

قلت إن كلوتير الثاني عاهد على عدم نزع الرئاسة من فارْناشِير مدى حياته، وكانت للثورة نتيجة أخرى، والرئيس قبل هذا الزمن كان رئيسًا لدى الملك فأصبح رئيسًا للمملكة، وكان الملك يختاره فصارت الأمة تختاره، وكان تِيُودُورِيك١ قد نَصَب بروتير رئيسًا، وكان فريديغوند٢ قد نصبت لندريك رئيسًا، قبل الثورة، ثم آل حق الاختيار٣ إلى الأمة بعد ذلك.
وهكذا لا ينبغي أن يُخْلَط — كما صنع بعض المؤلفين — بين رؤساء الديوان هؤلاء ومن كان لهم هذا المقام قبل موت برونهول؛ أي بين رؤساء ديوان الملك ورؤساء ديوان المملكة، ويُستدَلُّ من قانون البورغون أن منصب رئيس الديوان عندهم لم يكن من المناصب الأولى للدولة،٤ وكذلك لم يكن هذا المنصب من أسمى المناصب لدى ملوك الفرنج الأولين.٥
وقد طمأن كلوتير من كانوا قابضين على مناصب وإقطاعات، فلما مات فراشير، وسأل ذلك الأمير من كان مجتمعًا في تِرْوا من السنيورات عمن يريدون انتخابه في مكانه، هتفوا جميعهم قائلين إنهم لا ينتخبون٦ مطلقًا راحين عطفه واضعين أنفسهم بين يديه.
وجمع راغوبر جميع المملكة كما صنع أبوه، واعتمدت الأمة عليه، ولم تعطه رئيس ديوان قط، ويشعر هذا الأمير بأنه طليق، وتطيب نفسه بما نال من انتصارات، ويعود إلى خطة برونهول، ولكن هذا يبلُغ من سوء العاقبة له ما سمح معه لودات أسترازية بأن يقهرهم السِّكالْفون،٧ فرجعوا إلى أماكنهم، وأصبحت ولايات أسترازية الواقعة على الحدود فريسة للبرابرة.
ويعرض على الأُسترازيين تنزُّله عن أسترازية لابنه سيجبر مع خزينة، وأن يضع حكومة المملكة والقصر بين يديْ أُسقف كولونية، كونيبر، ويدي دوك أدالجيز، ولم يلزم فريديغير جانب التفصيل، قط، حول العهود التي تمَّت وقتئذٍ، غير أن الملك أيَّدها كلَّها بمراسيمه، وقد أُزيل الخطر٨ عن أسترازية في بدء الأمر.
ولما شعر داغوبر بدنُوِّ أجله أوصى إيغا بامرأته ننتشِلْد وابنه كلوفيس، فاختار لودات نُسْتِرْية وبورغونية هذا الأمير الشابَّ ملكًا لهم،٩ وقام إيغا وننتشلد بإدارة القصر،١٠ وأعادا جميع الأموال التي كان داغوبر قد استولى عليها،١١ فانقطعت جميع الشكاوى في نُسْتريه وبورغونية كما كانت قد انقطعت في أسترازية.
ولما مات إيغا حملت الملكة ننتشلد سنيورات بورغونية على انتخاب فلوشاتوس رئيسًا لديوانهم،١٢ فأرسل هذا إلى الأساقفة وأهم سنيورات مملكة بورغونية رسائل وعدهم فيها بأن يبقي لهم مراتبهم ومناصبهم،١٣ وقد وكد كلامه بقسم، وهنا وضع مؤلف «كتاب رؤساء الديوان الملكي» بدء إدارة المملكة من قِبل رؤساء هذا الديوان.١٤

وأسهب فريديغير، الذي كان بورغونيًّا، في تفصيل ما هو خاص برؤساء ديوان بورغونية في زمن الثورة التي نحدث عنها بأكثر مما عن رؤساء ديوان أسترازية ونسترية، غير أن العهود التي وُضعت في بورغونية وُضع عينها في نسترية وأسترازية لذات الأسباب.

وقد اعتقدت الأمة أن جعل السلطان قبضة رئيس ديوان تختاره وتستطيع أن تفرض عليه شروطًا أدعى إلى الاطمئنان من جعله قبضة ملكٍ كانت سلطته وراثية.

هوامش

(١) Instigante Brunichilde, Theodorico jubente, etc فريديغير، فصل ٢٧، عن سنة ٦٠٥.
(٢) Gesta regum Francorum فصل ٣٦.
(٣) انظر إلى فريديغير، التاريخ، فصل ٥٤، عن سنة ٦٢٦، ومتمه المجهول الاسم، فصل ١٠١، عن سنة ٦٩٥، وفصل ١٠٥، عن سنة ٧١٥، إيموان، باب ٦، فصل ١٥، إيجيهارد، حياة شارلمان، فصل ٤٨، Gesta regum Francorum، فصل ٤٥.
(٤) انظر إلى قانون البورغون، in perœfat وإلى الذيل الثاني لهذا القانون، باب ١٣.
(٥) انظر إلى غريغوار التوري، باب ٩، فصل ٣٦.
(٦) “Eo anno, Clotarius cum proceribus et leudibus Burgundiœ Trecassinis conjunjitur, cum eorum esset sollicitus, si vellent jam, Warnachario discesso, alium in ejus honoris gradum sublimare; sed omnes unanimiter denegantes se nequaquam velle Majorem domus eligere, regis gratiam obnixe petentes, cum rege transegere” تاريخ فريديغير، فصل ٥٤، عن سنة ٦٢٦.
(٧) “Istam victoriam quam Vinidi contra Francos meruerunt, non tantum Sclavinorum fortitudo abtinuit quantum dementatio Austrasiorum, dum se cernebant cum Dagoberto odium incurisse, et assidue expoliarentur” تاريخ فريديغير، فصل ٦٨، عن سنة ٦٣٠.
(٨) “Deinceps Austrasii eorum studio limitem et regnum Francorum contra Vinidos utiliter defensass noscunter” تاريخ فريديغير، فصل ٧٥، عن سنة ٦٣٢.
(٩) تاريخ فريديغير، فصل ٧٩، عن سنة ٦٣٨.
(١٠) المصدر نفسه.
(١١) المصدر نفسه، فصل ٨٠، عن سنة ٦٣٩.
(١٢) المصدر نفسه، فصل ٨٩، عن سنة ٦٤١.
(١٣) المصدر نفسه: Floachatus cunctis ducibus a regno Burgundiœ, seu et pontificibus, per epistolam etiam ct sacramentis firmavit unicuique gradum honoris et dignitatem, seu et amicitiam, perpetuo conservare.
(١٤) “Deinceps a temporibus Clodovei, qui fuit filius Dagoberti inclyti regis, pater vero Theodorici, regnum Francorum decidens per majores domus coepit ordinary” De major, domus regiœ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤