لكل حادث حديث

(١) الحيوان الباكي

عندما كنت فتى، سمعت حكاية الحيوان الباكي. سردها كاهن من على منبر كنيسته، وفحواها أن بين الوحوش حيوانًا مفترسًا، يبكي حين يفرغ من التهام فريسته. يفترش الأرض ويأخذ جمجمة الضحية ويقعد يبكي عليها.

قال الكاهن: أعرفتم لماذا بكى يا إخوتي؟ لم يبكِ رحمةً ولا توبة؛ بكى لأنه لم يبق له منها شيء يأكله! وهذا هو معنى قولكم: دموع التمساح.

إن منا — نحن البشر — تماسيح كثيرة، تماسيح أعوذ بالله من شرها. الحيوانات الضارية تأخذ الأرواح «بالمفرق» وأخونا الإنسان، بعدما تمدن وتثقف، صار تاجر جملة. الحيوان يعمل بقول المسيح لنا: أعطنا خبزنا كفاف يومنا، أما الإنسان الذي يدعي أنه مؤمن بتعاليمه فيحسب حساب الدهور والأجيال ولا يرضى أن يهتم بما للغير فقط. الإنسان يدخر أما الحيوان فلا يهتم، وهو عائش ونحن عائشون! …

سمعت هذه الكلمات من كاهن ساذج عندما نشبت الحرب العالمية الأولى، ولما انقضى دور التدمير وجاء دور التعمير تذكرت حكاية ذاك الخوري، وقلت: ها هو التمساح يبكي. إنه يعمِّر ليجد في الغد ما يدمِّر.

ولما وقع الاعتداء على مصر قلت في نفسي: اليوم خمر وغدًا أمر. اليوم يهدمون وغدًا يبنون. غدًا يتسابقون إلى التعمير؛ حبًّا بالإنسانية، فيصح فيهم القول: ليتكِ لم تزني ولم تتصدقي.

إن الطبيعة الحمقاء تدمر ولا تعمر؛ لأنها لا تعرف الرياء، أما الإنسان، الإنسان الكافر؛ فقد وضع لاعتداءاته شرعة ضحك منها الشاعر، حين صور ما نحن فيه بالذات فقال:

قتل امرئ في غابة
جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن
مسألة فيها نظر

الحمد لله أن التعاليم السامية لم تفلس، وبقي في العالم أناس لهم ضمير فشجبوا الاعتداء المجرم على مصر. قد يقولون هم: هذا التخريب والتدمير بسيط أمره. وأنا أجيب: نعم، ولكن إذا أعدنا بناء البلدان فهل في الإمكان إعادة بنيان الإنسان الذي هدمناه! فماذا ينفعه أن ننصب له تذكارًا في ساحاتنا نمجده به؟!

إن جرح المجاهد فم يصيح: لا خوف على الضعيف صاحب الحق. وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.

مصر وإنكلترة وفرنسا

يقول المثل: غلطة الشاطر بألف غلطة. إذا كان الفرنسي يهبُّ مثل البارود ولا يعدُّ العشرة، فعهدنا بالإنكليزي يعد الألوف قبل أن يقدم على عمل، فما باله اليوم يزج بنفسه في هذا المضيق؟

إذا كانت البوير قد قضي عليها وعلى ذهبها منذ نصف قرن، ولم ينصرها أحد، فالعالم كله يقف إلى جانب مصر؛ ليدافع عن مياه النيل. نعم عن الماء لا عن الذهب، ومن الماء خلقنا كل شيءٍ حي.

إن العالم اليوم مرتبط ارتباطًا وثيقًا، والمرء كثير بأخيه. أفما كان على المستر إيدن أن يدخل هذا في حسابه؟ إن من يقاتل اليوم لا يقاتل دولة واحدة، أفما على من يقاتل أن يكون أهل بيته معه على الأقل ولا يكونوا عليه؛ إنها غلطة كبيرة يا سر إيدن.

إن غارتك المشئومة التي شننتها على شعب آمن كانت شؤمًا على الدولة التي كان الناس يحسبون حسابًا لدهائها.

نعم خرَّبت يا سيدي، ولكن المفروض فيمن يمثل دولة عريقة مثلك أن يكون يقصد البناء لا الهدم، فيا حيف! وعلى كل لم يخلُ الأمر من بناء فنشكركم يا سادة؛ لأنكم حققتم حلمنا ووحدتمونا وهذا كاف. إنها خدمة لا تثمَّن.

الشعب المصري قاوم منذ قرن ونصف جيوش نابليون بالعصي والنبابيت، ثم خرجت فرنسا من وادي النيل. ساعد على إخراجها إنكلترة ولكن لتحل محلها، وها هو التاريخ يعيد نفسه. وها هو الحق اليوم يخرج الاثنين معًا وإلى غير رجعة.

ذهب الكل ولم يبق في الكنانة إلا سهمها المراش جمال عبد الناصر، الجندي العصامي الذي وحد أمة كانت من الأمس البعيد إمبراطورية لا تغرب الشمس على ملكها، ناهيك أن الضمير مستيقظ فلا يترك القوي يسبح في بحر طغيانه.

عفوك يا جمال، فأنت القوي بإيمانك، بقومك وبحق وطنك، بالسيادة والاستقلال. أنت عبد الناصر والله لا يخذل عبده، والنصر من عنده يؤتيه من يشاء، ومَنْ أحرى به مِنْ عبدِه؟

أيتها القناة السمراء، لقد زدت عن القناة فكنت قناة لا تلين.

عندما لا أكيل لخصومك الشتائم ولا أحتقرهم أكون قد عظمتك، فأنت لم تحارب أنذالًا بل جبابرة عالميين، فقهرتهم وأعدتهم على أعقابهم خاسرين. أما القنافذ الذين يهدجون حول البيت فلهم ساعتهم إن شاء الله.

يا سيدي عبد الناصر لقد كنا معًا في الأمس، وكان لنا في مالطة أسد لبناني. مات في غربته ولم يجد ناصرًا، ولكن بلاده لم تمت، ولن يموت بلد يشتري استقلاله بدماء بنيه، أما هكذا فعلت مصر اليوم؟

إن الأمة بقائدها، فبورك فيك يا جمال.

إن الذي قضى على استقلالنا حقبة قضى على بلادكم ولم يخرج منها إلا أمس، ولما حاول العودة وجد القوة العالمية بالمرصاد، وقالت له: ارجع؛ فاليوم غير الأمس.

هيئة الأمم المتحدة

يظهر أن العدالة الاجتماعية لا يحققها إلا القوة، والإنسان لا يخاف إلا على جلده، فمهما تمدنا وتثقفنا فلا بد لنا من قوة تخيفنا. إننا نظل في هذه الدنيا أطفالًا لا يخيفنا إلا القضيب، فلا بد من هزة لنا دائمًا، حتى لا تمتد أيدينا إلى أكثر من حقنا. فلو لم يستيقظ الضمير العالمي، ويهدد الباغي، لكنا ذقنا طعم حرب لم ننس بعد طعم أختيها المرتين. أجل لم يحل دونها النصح والإرشاد والمناشدة بالمثل العليا. إنها القوة الروسية الأميركية التي حالت دون الكارثة العظمى، والحمد لله على كل حال.

ما دام القبُّ على العاتق في الميزان الدولي فلا بد من أن يستقر السلام، والتسلح من جانبين يوقف الحروب أو يطيل أمد وقوعها؛ حتى تتنفس البشرية الصعداء.

قال كليمنصو عندما سئل عن تنفيذ المعاهدات: لأجل تنفيذ كل مادة من مواد المعاهدات لا بد من قوة، يجب أن يكون لدى الدولة، صاحبة الحق، قبالة كل كلمة دارعة، وقبالة كل مادة أسطول.

أما اليوم، فالأحرى أن يقال: يجب أن يكون عندنا قنابل ذرية وهيدروجينية.

وهيئة الأمم المتحدة كانت هيئة قبل أن تحركت القوتان العالميتان، ولو ظلت هاتان القوتان تهزان قضيب العز ولا تضربان به، فنحن بألف خير. فالقتل أنفى للقتل …

لا يعرف مثلي طعم الحرب العالمية إلا من ذاق مثلي طعم الحرب العالمية الأولى؛ فقد أكل الناس جيف الحمير والجراذين. كنت أراهم حول روث خيل العساكر يفتشون عن حبوب شعير غير مهضومة، ولماذا لا أقول إن الناس أكلوا بعضهم، فهناك جدة ذبحت حفيدها وقددته؛ لتأكل لحمه حين الحاجة. أما الخبز، الذي يحيا به الإنسان، فقَلَّ من ظفروا به، ولذلك كنا ندفن الموتى يوميًّا، وأخيرًا رخص الموت فصار لا يذهب إلا كل ذي مروءة. فإذا رأينا الناس كقطيع غنم مذعور، يفتشون عن ضرورياتهم، فهم معذورون؛ لأنهم إن لم يكونوا؛ فقد سمعوا.

فتلك الحرب المشئومة لم يقصر عمرها إلا أميركا. اعتزلتها سنتين، ولما نزلت إلى الساحة قصرت عمرها، فبقيت منا بقية.

أيزنهاور وستيفنسون

فاز أيزنهاور بالرئاسة التي لا تضاهيها رئاسة عالمية، بعد معركة حامية الوطيس كما نعبر، فتوجه إلى ناخبيه، بقوله:

إن الأكثرية التي حصلت عليها لا يمكن أن تكون للشخص بحد ذاته، بل هي للمبادئ والمثل العليا التي يمثلها هذا الشخص وأعوانه. إن الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله لجميع الأميركيين الذين أرجعونا إلى مراكزنا ومسئوليتنا: إننا نتعهد بأننا لا نقوم بأي عمل يخيب آمالهم فينا.

يا أصدقائي:

أعدكم أنني بكل ما أعطاني الله العظيم من مقدرة وبكل ما خلع عليَّ من قوة، سأستمر في عمل شيء واحد، وهو العمل من أجل المائة والستين مليون أميركي هنا في أميركا، ومن أجل السلام في العالم.

صدق أيزنهاور فيما قال، وسيحقق ما وعد به؛ لأن لديه قوة تصون السلام وتحفظه؛ فهذا الرجل يستحق لقب حامي السلام. فهو الذي أنعش الضمير الإنساني العالمي بعدما يئسنا من حياته. والذي أعتقده أن محبة أيزنهاور للسلام كانت أقوى حزب صوَّت له. ومن ينظر إلى رسمه يرى السلامة مطبوعة على جبينه، أطال الله عمره ذخرًا للإنسانية؛ فهو أثمن الكنوز الإنسانية.

لم ننتهِ بعد؛ فقد قرظنا الفائز ومجَّدناه، فلا بد لنا من الثناء الصادق على الفاشل، وعلى ستيفنسون الذي وجَّه كلمة حق إلى الرئيس أيزنهاور جاء فيها:

لقد فزت لا في المعركة الانتخابية وحدها ولكن بثقة الرأي العام الأميركي، وإنني أهنِّئك من كل قلبي، وإننا اعتبارًا من اليوم لم نعد جمهوريين ولا ديمقراطيين ولكننا جميعًا، رعايا الولايات المتحدة. إننا ندرك تمامًا الصعوبات التي تواجهها حكومتك ولهذا فإننا وراءك؛ لكي نعمل جميعًا على خدمة البلاد.

أجل، كما قال ستيفنسون وزيادة، فأيزنهاور كان مرشح كل محب للسلم في المسكونة؛ فهو لم يفُز بثقة الرأي العام الأميركي وحده بل بثقة كل بشري منَزَّه عن المطامع التافهة، ولهذا فاز فوزًا مبينًا، ولم يبقَ إلا أن نتمنى أن يكذب الطبيب ويعيش هذا الرجل الصالح. فحياته حياة السلم العالمي.

هذا هو تعليقنا على الشق الأول، أما الشق الثاني فلا بُدَّ من إطالة التعليق عليه؛ ليكون درسًا لخُدَّام الأمة الكبار.

في أميركا تعطى النيابة من الشعوب هدية للعاملين المخلصين، وهم لا يعمدونها معمودية الدم مثلنا. إن معمودية الماء والروح كثيرة عليها، ولذلك ينتهي كل شيء بنهاية تصويت مائة وستين مليونًا، وتعرف كل عنزة قطيعها.

ما أحلاها كلمة قالها ستيفنسون: «إننا ندرك تمامًا الصعوبات التي تواجهها حكومتك، ولهذا فإننا وراءك لكي نعمل جميعًا على خدمة البلاد.»

حالًا وسريعًا أعلن ستيفنسون أنه يؤيد الرئيس الذي فاز، وأنه لم يعد هناك لا ديمقراطي، ولا جمهوري؛ بل رعايا الولايات المتحدة.

وأحلى من كل هذا قول ستيفنسون لناخبيه: تعزوا يا أصدقائي، فهناك أشياء أكثر أهمية من النصر السياسي؛ إذ لدينا حق الاختلاف السياسي والمعارضة، وحق التنافس.

أما عندنا فترى في الفوز الانتخابي انتقامًا من خصومنا وخراب بيوتهم إذا قدرنا. وإذا قام واحد ليعمل بالروح الأميركية فأنصاره لا يرضون، فيضطر أن يسايرهم؛ خوفًا من أن يرفضُّوا عنه.

وإذا قلت لرئيس عندنا: «نحن وراءك» كما قال ستيفنسون لأيزنهاور، وقد قلت هذا فعلًا قبل الأوان بثلاثة أشهر، فإنه لا يرضى بل يريد أن تبقى حيث كنت كأنك قاتل أبيه.

والمتزاحمون على الرئاسات أو على النيابات يصبحون بعد الفوز أعداء وإن كانوا قبل ذلك صحابًا.

والمناصرون يظلون يقتتلون إلى ما شاء الله، ولا تضع حربهم أوزارها، فيقسمون العرب عربين ولا نهاية لحرب البسوس … فيسفكون الدماء ويسلبون راحة المغلوبين.

تلك صورة كل حي، وكل قرية، وكل بلدة، فانتخابات النواب نوائب، وفوز الرئيس يجعل الأذناب رؤساء، وهناك الويل. فقبل أن نرمي ورقة في صندوقة نفكر بحاجة تقضى لنا، ويا ويل من لا يلبي؛ فإننا نقلب الإسطوانة! … «إننا وراءك» ما أحلاها كلمة متى كانت صادقة، فهناك يطلبون الرئاسة لخدمة الشعب، ونحن نطلبها لخدمة أنفسنا، والأقربون أولى بالمنفعة!

موظف قديم مات

بالكد تحرك بعض الناس وخرجوا من بيوتهم؛ ليصلوا عليه ويدفنوه. مسكين! كان أمينًا، نزيهًا، نظيف اليد والجيب. هذا ربيب العهد القديم، يوم لم تكن الوظائف في لبنان مورد ثروة اللبناني بل تخرب بيته في حياته، وتورث أولاده الفقر، ولذلك لم يدفن مكرمًا وإن ظل ذكره ممجدًا.

مسكين فرنسوا خوري! لم يبنِ قصورًا ولا دورًا ولا رصيدًا ولا … لم يترك مزارعَ وبساتينَ، لم يبق له في آخرته إلا عصاه التاريخية، وقامته الردينية التي أبى الإباء أن تلين أو تلتوي.

مسكين ذاك الرجل العتيق؛ فهو لا يشبه زبائن اليوم، كان عميق الثقافة واسعها، كان كاتبًا من الطراز الأول، وهم أي زبائن الخزانة اللبنانية، على أميتهم وقصورهم، ينعمون في شواهق قصورهم.

كنتَ على ما يعاني من حرمان، تخاله مكفيًّا أحيانًا، وقد يكون، فالنفوس الكبار تقنع بالكفاف والفراش، واللحاف والخبز الحاف، والثوب اللائق.

اجتمعنا في مطعم حد القصر الجمهوري فرأيته كما كان، لم تنقص الأيام منه شيئًا. ضحكة صاروخية مكركرة، وابتسامة بائسة، ورأس مطرق؛ لأنه ينوء بأعباء الذكريات المؤلمة، والخيبة. خاب في جميع أصحابه وكلهم من أكابر رجال هذا الدهر فلم يواسه إلا واحد منهم. وهو الوحيد الذي حضر دفنه وشيعه. ولولا حضور ذاك الصديق الوفي لكان ذهب فرنسوا إلى القبر وحده.

استحت الناس من الشيخ ولأجله مشى بعضهم في مأتم السنديانة التي لم تحنِ رأسها للعواصف والزوابع، سنديانة الساحل التي لم يلتوِ جذعها وإن شذبت الفئوس أغصانها.

عاش فرنسوا خادمًا أمينًا مخلصًا للبنان، ولكن لبنان لم يشعر بموته، وهذا منتهى العقوق ونكران الجميل. تحمل آلام النفي والتشريد، ولكنه عاد ليشرده واحد من الذين شرد لأجل صداقته لهم.

بأمان الله يا فرنسوا ولا أقول يا صديقي؛ لأني لم أُشرَّف بذلك، ولكن الوفاء للأوفياء أملى عليَّ ما كتبت، وأنا، قبل وبعد، أخو من لا أخا له.

(٢) شئون وشجون

١

تحية العروبة الخالصة إلى السيدين: محمود الملاح، ومحمد جعفر مال الله؛ العراقيين. للأستاذ الملاح على تآليفه الأربعة التي تمتعت بها في عزلتي القروية، وللسيد مال الله على تفضله بإرسالها.

نحن إلى مثل هذه الكتب أحوج منا إلى سواها؛ لأن عروبتنا الثقافية في انهيار وركود. صرنا كصرح مطمور أكثره بالتراب، وخير ما عندنا تحت الأرض، فبدلًا من أن نكشف الردم؛ ليظهر الأثر الرائع المطمور، نحاول أن نقضي على الظاهر منه للعيان ونهم بتشييد غيره على غراره، وما يخرج من تحت أيدينا إلا بيوت تتداعى عند هبوب أول نسمة.

«نتوقع من قلمكم كبح الشعوبية المترعرعة في الجبل الأشم» بهذه العبارة ذيَّل الأستاذ الملاح إهداء كتبه الأربعة وعنوانه: المجيز على الوجيز.

أما العروبة، ونقيضها الشعوبية؛ فقد كنت لها منذ نشأت وليست دعواي كدعوى آل حرب في زياد، وآثاري تدل عليَّ.

عندما كنا ننادي بالعروبة كان الكثيرون ناسين أو متناسين أن في الدنيا عروبة، وعندما استعرب الجميع استعرابًا سياسيًّا سكتُّ أنا، ولكن ظللت عربي اليد والوجه واللسان. قلت: اليد، مع أني لست طعَّانًا ولا ضرابًا؛ لأني — كابن ثابت الأنصاري — أجزع لرؤية الدم، ولكني إذا حرمت السيف والرمح فما حرمت القلم، فأنا ممن يدافعون باليدين كما دافع البحتري عن سيده المتوكل، وباللسان كحسان، والله حسبي.

فالشعوبية التي سألني الأستاذ الملاح كبحها فسأكون عند ظنه بل قد كنت، وإنني أرجو منه ومن جميع إخواننا العرب الخلَّص أن يكافحوها في جميع الأقطار، وإذا كان الملاح يحسب الدعوة إلى اللغة العامية والحرف اللاتيني شعوبية — وهي شعوبية حقًّا — فهذه أضعف ما تكون عندنا، وهي عرض زائل، وقد هبَّ مثل هذا الزعزع عبر العصور ولكنه يذهب كما تذهب ريح صرصر. إن العواطف زائلة، أما الرياح التي يرسلها الله بشرًا بين يدي رحمته فباقية.

ولو لم يكن الأستاذ مطلعًا على ما كتبته في أوان مختلفة حول هذين الموضوعين لما خصني بهذه الكلمة وأنا ممتثل لها وسأظل للفصحى نصيرًا، وللحرف العربي ظهيرًا، حتى لا نفقد لوننا وكل ما يفقد لونه حتى الزيت والخمر يخسر كثيرًا …

إن اللسان والحرف هما الجامع قبل الدين والجنس، وإذا لم نبقَ موحدين؛ كتابًا وكلامًا، خسرنا قيمتنا الاجتماعية وضِعنا بين الشعوب كما تضيع مياه النهر في البحر العجاج.

والفرق بيننا وبين من تظنهم أنت — يا سيد محمود — شعوبيين؛ فهو أن هؤلاء يحاولون التجديد الذي لم يحسنه بعضهم. وإلى هؤلاء، وهم من عندنا وعندكم، أقول: جددوا في اللغة ما شئتم، ولكن لا تفرنجوها. وليكن تجديدكم تطعيمًا، فالتطعيم ضروري جدًّا، ولا تتحسن الأجناس إلا به، أما قلع الشجرة وغرس سواها فنكبة. اصقلوا الخشب ولا تدهنوه. ابقوا على العرق؛ لنظل معروفين بسماتنا بين الأمم.

وبعد يا أستاذ فلنتصارح: المطمورة تكسر السكة — المحراث — فأول من يتهم بالشعوبية هم الموارنة، وأحسب أنكم تعنون ذلك، أما أنا فعلى هذا أجيب: إن نصرتنا للفصحى قديمة العهد، أي منذ كانت وكنا، وقد أغنيناها حين كان أكثرنا سريانًا، ثم زدنا ثروتها أضعاف الأضعاف حين استعربنا؛ فالكتب النفيسة التي ترجمناها عن اليونانية، عدنا فعرَّبناها وتنكرنا للسريانية. أظنك تجهل تافيليوس الرهاوي، الماروني رئيس ديوان المنجمين، قد ترجم الإلياذة قبل سليمان البستاني. كان هذا العالم أقرب المقربين إلى الخليفة المهدي، وهو أول من عني بوضع الحركات السريانية الخمس طبقًا للحركات اليونانية، فاستقامت له ترجمة أسماء الأعلام.

فلا توصِ حريصًا على مقاومة الشعوبية، فأسلافنا الجهابذة الأعلام قد بيضوا وجهنا، ولا يزال فينا من يبيض الوجه، ولكنهم قليلون. إن تأثر الجبل بالغرب لا يضير بشرط ألا يكون متطرفًا. فشعراء المهجر قد جددوا وظلوا محافظين، وشعراء لبنان المقيمين نحوًا نحوًا آخر في تجديدهم، ولكنهم جددوا ولم يهدموا كما يفعل غيرهم من شعراء الأقطار الأخرى، فكافح أنت من عندك وعليَّ بمن عندي فاليد الواحدة لا تصفق.

يقولون: لغتنا صعبة وألفاظها عويصة، وأنا أقول لهم: دعوا العويص واكتبوا السهل صحيحًا تخلصوا من هذا التبرم باللغة وقواعدها. من لا يفهم ما يكتبه سعيد فريحة؟! وإني لواثق أنه لا يفتح معجمًا ولا يفتش عن عبارة، فلماذا لا يكتبون مثله؟! ولماذا يلجئون إلى طلاسمهم؟!

لقد حدثتك عن هذا؛ لأنك تقصد هذا، فلبنان السياسي لا شعوبية فيه، وإن وجدت فهي عندنا، كما هي عندكم، وكما كانت في كل عصر، فقل معي: قاتل الله ثلاثة أشياء: شهوة الحكم، والمال، وتناحر الرجال.

٢

وإلى صديقي ن. ف. أقول: وصلني مكتوبك وعليه طابع بريد بيروت، وقد استعرضت أسماء جميع أصدقائي فلم أهتدِ إلى اسمك. ولكني أجاوبك وأشكرك؛ لأنك شققت لي طريقًا إلى حديث كان يشغل بالي.

تسألني: لماذا لا أساهم في السياسة الكبرى؟ وعلى ذلك أجيب: لقد كفاني صديقي ورفيقي القديم، الأستاذ إميل الخوري، المفكر الكبير، شر السياسة، منذ كنا معًا، ومنذ ذلك الحين لم أبحث شأنًا خارجيًّا.

إن المبدأ الأول يقول: ابدأ بنفسك، ثم ببيتك وموطنك، وأظنني أفعل ذلك. غيري يصب طسته المغلي على رءوس المسئولين، وإني أشاركهم أحيانًا، ومع ذلك فقد يئست منهم؛ لأن الكلام لا قيمة له عندهم، وأنا، حامل قلم لا صاحب نبُّوت … مهنتي أن أعد شبابًا يحلون محل هؤلاء مؤهبين لحمل أعباء الحكم بنزاهة وحزم، وبدون محاباة.

ما لك وما لي يا صديقي ن. ف. فالذين يعالجون شئون الساعة لا يحصون، والطامحون إلى الكراسي من الأدباء لا يعدون، حتى إنني خفت على أدبهم أن يغرق في هذا البحر الطامي. فكل حامل قلم تقريبًا لا يهمه إلا أن يلقي مغرفته في قدور السياسة ويشيل منها ما يطيب له.

ثم ألا ترى معي أن على كل منا أن يدور في دائرة معينة. فلو كان تطاول أحمد فارس الشدياق والبستاني واليازجي وصروف والجميل إلى الوظائف، فمن أين كان لنا شرف نصرة الفصحى في القرن التاسع عشر! ولو كان فلان وفلان، من علمائنا وفلاسفتنا وشعرائنا في مختلف العصور، وقد انصرفوا إلى سياسة الجماهير، فمن كان ساس العلم والأدب؟! ولو كان وسوس الخناس في صدر الريحاني وجبران، فمن أين كان لنا أديبان عالميان؟! من يذكر منا أمجاد الشدياق السياسية؟! ومن ينسى منا الفارياق وكشف المخبأ وسر الليال؟ إن مرض الأدباء اللبنانيين هو تلفتهم صوب الكراسي، والكراسي التي خلقت لهم هي غير كراسي الحكم، ولهذا نراهم يدرسون السياسة على ضوء شخصياتهم ويقدمونها مثلًا عليا من حيث يدرون أو لا يدرون.

كان الأمير اللبناني يعرض السيف، ويشك الخنجر، وقد عمل لبنان السياسي الذي نراه. أما الفريق الذي عمل لبنان الثقافي الباقي؛ فهو الذي كان قلمه سيفه، ودواته خنجره، ودرعه جبته، وتاجه عمامته. نعم عمامته؛ لأنهم كانوا جميعًا يتعممون.

فأي بأس عليَّ إذا ظللت في دائرتي، ولم أتخطَّ حدود منطقتي، فلا أكتب إلا في الشئون التي انتدبت لها. إن بنيان الوطن يقتضينا ترسيخ الأساس وتوطيد البنيان حتى يثبت في وجه الزلازل العتيدة، وهذا الأساس هو النشء. إن ثقافتنا مهددة بالانهيار، فعلينا تدعيمها وسندها بكل قوانا، وإلا صرنا بلد التعتيم بدلًا من بلد الإشعاع.

إن اللبناني شبعان سياسة، وقد تسربت السياسة اليوم إلى المدارس فأغرقتها، ولكنها سياسة عرجاء تخمع وتظلع خلف أناس يريدون الوصول على ظهور غيرهم.

والآن أستأذنك يا عزيزي ن. ف. لأعود إلى أغنامي، كما قال رابليه، وما أغنامي غير التلاميذ. لقد صار الخريف قريبًا وأخذت أوراق العريش والتين تصفر، فلأعد إلى طلابي، تاركًا لغيري معالجة الطلاب الذين هم أكبر منهم سنًّا …

يقول التلاميذ: ما بال هذا الرجل يلحقنا إلى بيوتنا! أما شبعنا من نصائحه! أليس الصيف للاستراحة؟

نعم يا عزيزي، ولكن في الصيف تحصيلًا من نوع آخر. فالتحصيل المدرسي دواء لا بد من تجرعه، أما التحصيل الذي أدعوك إليه؛ فهو مغذ ولذيذ الطعم لا نجده في المدرسة، فالمناهج الموضوعة لك، وسنعالجها في قابل، تضيق عليك ولا تترك لك وقتًا للمطالعة مع أن القراءة النافعة هي الغذاء العقلي والدم الجديد.

تعلَّم مما تقرأ. إن الطب الحديث يدخل في عروق الضعفاء دمًا جديدًا، وليتر الدم يسوي ثلاثماية ليرة. لا تخف، فما أنا جراح أريد إدخال دم جديد، فالدم الذي أعنيه هو القراءة، وسأكون معك خفيفًا لطيفًا فلا أحملك في العطلة التي انتظرتها ما يثقل عليك. إنني أدعوك إلى مجالسة صديقك الكتاب ولو ساعة، أسألك ألا تجافيه وتعرض عنه، فهذا الصديق هو أبقى لك من كل الناس.

إن وصيتي لك ليست بدعة جديدة، فأنت طالب معرفة وعلم، وأول آية أوحى الله بها إلى الإنسان هي: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ فأنا إذن لم أتجاوز معك حدود الله، فاقرأ وتوكل عليه، وكما أوصى القرآن الكريم بالقراءة، كذلك قال الإنجيل: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

فالإنسان يحتاج إذن إلى خبز آخر، هو خبز المعرفة. وهذا الخبز لا تجده إلا في معاجنه الخاصة، أي الكتب. فالدول اليوم تحشد كل قواها؛ لتنور عقول شعوبها، ولا حيلة إلى ذلك غير حمل الرعية على القراءة، فتوصلوا أخيرًا إلى توجيه مكتبات نقالة تطوف القرى في الضواحي، وأعالي الجبال. وتدعو الناس إلى المطالعة بالمجان.

أعرفتْ أن أول من حضَّ الناس على مؤاخاة الكتب والدفاتر، هو ناطق بالضاد مثلك، وهو أبو الكتاب العربي؟! إنك تدرس شخصية هذا العبقري وأدبه؛ فهو الذي انبرى إلى الدفاع عن الكتاب منذ ألف ومائتي سنة.

ذاك هو الجاحظ الذي اجتمع في شخصه الضدان: الحلاوة والبشاعة. رووا عنه أنه كان يستأجر دكاكين الوراقين ليلًا؛ ليقرأ ما فيها من كتب، وقالوا: إنه لم يعثر بورقة إلا لمَّها وقرأها ولو كانت على مزبلة … أعرفت إذن إلى ماذا أدعوك؟ إلى المطالعة صيفًا، فاجعل لكل شيء وقتًا، ولا تنس الكتاب من وقت يومي، ثم لا تخرم الميعاد. إن الكتاب حبيب لا يطرح نفسه عليك ولكنه دائمًا في انتظارك. ينتظر منك غمزة ليجيئك. عبدك بين يديك، كما كانت تقول المرحومة ستك في حكاية «خاتم لبيك».

وبعد، يا عزيزي، فالكتاب هو الذي عمل العظماء وخلق العبقريين. أليست الدنيا كلها هي كتاب الله الأعظم! وقد قالوا: لكل أجل كتاب، ولكل إنسان كتاب يحمله بيمينه حين يقف بين يدي ربه! فتمرن أنت منذ اليوم لتحمله جيدًا وتكون من العارفين. فالكتب هي سجلات المعرفة الماثلة دائمًا بين يديك، أما السينما التي لا تخلف مواعيدها فهي معرفة أيضًا، ولكنها معرفة عابرة ضائعة بعد حين، كما قال الشاعر:

كل علم خارج القرطاس ضاع
كل سر جاوز الاثنين شاع

إن مواهبك المختبئة وراء ستر كثيف لا تتفتق إلا بالقراءة. أنسيت ما قلته لك: المدرسة تعلمك القراءة، والجامعة تدلك على الدروب. ولكن المدرسة لا تقرأ عنك، ومتى علمت أن نوابغنا ونوابغ الدنيا جمعاء لم يتعلموا مثلك ليأخذوا شهادة، ولكنهم قرءوا، فاقرأ أنت مثلهم بإمعان لا لتتسلى فقط. إذا كانت أجسادنا تحتاج إلى بعض حبوب الفيتامين، أفلا نحتاج يوميًّا إلى القراءة لنداوي في عقولنا فقر دم؟!

وإذا سألتني قانونًا للقراء قلت لك ما قاله برنارد شو: القانون الذهبي في هذه الحال هو أنه لا قانون هنا. قس القراءة على الأكل، أما قال أبوك وجدك: كلْ ما تشتهي نفسك. فكل غذاء تشتهيه النفس ولا يستطيبه الآكل يكون كالدخيل على الجسم، فاقرأ إذن ما تحب. كن واثقًا بنفسك واعلم أنك ستكون رجلًا إذا طالعت، ومن يدري أنك لا تصير من أصحاب الكتب التي تقرأ وتنير إذا اجتهدت. يسرني أن أشجعك، ولهذا أقول لك جملة، لا أذكر أين وقعت عليها: إن الكتب العظيمة تطبع في المدن والعواصم الكبرى، ولكنها كتبت وتكتب في القرى، أو في الأحياء الحقيرة. وهذا لا يكون إلا إذا قرأت كل يوم بانتظام، فقراءة ساعة كل يوم تمكِّن كل ذي مقدرة عقلية عادية أن يصير مثقفًا عارفًا في غضون بضع سنوات. أنت تلازم المدرسة بضعة عشر عامًا ولكنك قلما تقرأ غير الدروس المفروضة عليك، فليتك تنتزع من الأوقات التي تضيعها ساعةً للقراءة والكتابة.

فمؤلفة كوخ العم توما قد ألفت هذه الرواية الشهيرة بما انتزعته من وقت كان يضيع لولا حزمها. ولونغفلو ترجم جحيم دانتي في الدقائق العشر التي كان ينتظر فيها غليان قهوته كل صباح. والفردوس المفقود لملتون نظم في اختلاس بضع دقائق يوميًّا.

لا تيأس مهما كان عقلك سميكًا، ولا ننس أن شاعر الكنيسة، ملفان البيعة، مار إفرام السرياني، كان قد قنط من عقله السميك لو لم يسأل تلك المرأة عن خرزة البير التي براها الحبل على طول الأيام.

لا شك في أنك — ككل ناشئ — تطمح إلى أن تكون شيئًا مذكورًا، وها قد دللتك على طريق العظمة، فنظم وقتك. بحياتك قل لي: مهما تكن مجنونًا وأبلهَ هل ترمي بليرة على قارعة الطريق كما ترمي بعض النفايات؟! الجواب: لا. فما قولتك إذن بالذي يرمي على طريق الحياة ساعة زمان كل يوم. إننا نرمي الساعات ولا نبالي.

قد انتهت معركة امتحانات حزيران، وأيلول صار على الباب، فإن كنت لم تفز، فرجائي ألا تكون قد أضعت فرصتك في صيد «الحجلات» ورمي الشباك «للحمامات» التي تفرفر حول بيتك وتهاجمك من الشباك … سد النوافذ سدًّا محكمًا وضع كل وكدك في منهاجك، ولا تسمعنا تهديدك بالانتحار. لقد ولدنا للحياة، فلماذا نستعجل الموت. فدرس متواصل يغنينا عن تمثيل هذه المأساة. الشهادة كالحرية تؤخذ ولا تعطى، فحصلها بدرسك. ومع ذلك فإني أرى كل شهادات الأرض لا تساوي حياة واحد من الناس مهما كان تافهًا.

سألني الكثيرون: من أين لك الوقت لتكتب كل ما تكتب؟! وهم لو عرفوا أنني صرفت حياتي كلها في هذا الميدان، ولو كنت حرصت — كما يجب — على عدم ضياعها، لكان لي أضعاف ما لي. ويسألني غيرهم إذا كان عملي التعليمي يحول دون عملي الأدبي، فإلى هؤلاء أقول: إن رجال الأدب في عصر دانتي كانوا كلهم إما تجارًا، وإما أطباء، أو قضاة، أو جنودًا.

وأنا أعرف كثيرين قد انتزعوا شهرتهم من بين أشداق الفاقة. إذن إلى ماذا ندعوك بعد طول هذه السيرة؟ ندعوك إلى الدرس، إلى القراءة ساعتين يوميًّا في فرصة الصيف، فيسمن ضلعك، وتعود إلى المدرسة قويًّا نشيطًا.

كثيرًا ما يعود الطالب إلى مدرسته في تشرين وقد نسي كل شيء تقريبًا؛ لأنه طلَّق كتبه وأشاح عنها إلى غيرها … إن هذا الطالب لن ينجح. وكثيرًا ما أعرف من أولياء طلاب، يعلمون أبناءهم صيفًا؛ ليقفزوا في صفوفهم. إن العلم لا يدرك بالقفز والجمز والنط، فالثمرة التي لا تمر في جميع أطوارها لن تكون شهية لذيذة، فلينضج أبناؤنا على مهل، فهم ثمار الإنسانية.

فلنمتِّن حيطان ثقافة أبنائنا ولا ننح باللوم على مدير التربية وأعوانه إذا قصَّر أبناؤنا، ولنسهر على أولادنا، فهم في حاجة إلى ذلك. وإذا سهرنا على تصرفهاتهم المسلكية، في الفرص المدرسية — وما أكثرها — أمنا وقوع الكارثة.

فيا أيها الآباء المحترمون، فلتكن أعينكم على بنيكم عشرة عشرة، كما يقولون: ففي هذه السن يتقرر مصيرهم. لا أريد بهذا أن تضايقوهم فيتمنوا زوالكم — كما قال معاوية — بل خذوهم بالحسنى، ولا تجعلوا نصحكم لهم مصارعة؛ لئلا تصرعوا معًا. وإذا رأيتم أقل فتور بين ابنكم والكتاب، فحاولوا أولًا أن تؤلفوا بينهما، وإلا فتداركوا ذلك بالمفارقة، فنصف الدرب ولا كلها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤