وقائع الرواية

استوحى فوزي المعلوف موضوع روايته المسرحية هذه من قصة «كونْزَلْف القرطبي» «بالفرنسية: Gonzalve de Cordoue وبالإسبانية: Gonzalo Fernandez de Cordoba» للكاتب الفرنسي فلوريان (Florian). وهي رواية شعرية تشيد بمآثر ذلك البطل الأندلسي الذي انتصر على آخر ملوك العرب في إسبانيا أبو عبد الله الأحمر صاحب غرناطة، سنة ١٤٩٢م.
كذلك استلهم فوزي في تأليف مسرحيته الكاتب الفرنسي الكبير شاتوبريان (Chateaubriand) الذي أصدر سنة ١٨٢٦م قصته التاريخية «مغامرات آخر بني سراج» (Les Aventures du dernier Abencerage) وسمَّى بطلها ابن حامد، وهو اسم البطل أيضًا في مسرحية «سقوط غرناطة».

وفيما يلي وقائع المسرحية المأساة بحسب تتابع فصولها:

الفصل الأول: «بين الولاء والحبِّ»

علي سيِّد بني زغرة المعروف بحقده على ابن حامد وحسده له بسبب تفوقه وبطولته، يوغر صدر السلطان أبي عبد الله على ابن حامد وحبيبته دريدة التي ينظر إليها السلطان دائمًا بشبق عارم، فلا تعيره أي اهتمام، بل تُعرِض عنه باستمرار، ويشجِّع عليٌّ أبا عبد الله على قتل ابن حامد للحصول على تلك المرأة الخارقة الجمال، لكن السلطان يُطري مناقب ابن حامد وبطولاته في الدفاع عن العرش، ويرفض الغدر به، فينصحه عليٌّ بأن يَعرض عليها حبَّه علنًا، فإمَّا تقبل أو ترفض. وبعد حوار حميم حول الحب والحرب بين دريدة وابن حامد، يلبي هذا الأخير دعوة والدها إبراهيم الذي طلبه لأمر مهم.

ينتهز أبو عبد الله وعلي الفرصة فيكشفان عن وجهيهما وكانا متنكِّرين، ويتقدَّم السلطان طالبًا يد دريدة، واعدًا إياها بالملك، معلنًا شغفه بها، لكنها ترفض قطعًا، وينتهي الحوار بمشادة عنيفة بينهما ينسحب على أثرها أبو عبد الله ورفيقه مهدِّدًا متوعدًا.

يعود ابن حامد وإبراهيم والد دريدة إلى لقائها، ويخبرانها أن الإسبان بدءوا حصار المدينة، وأن الحرب واقعة لا محالة، ثم يقترحان ترحيلها إلى منطقة آمنة؛ فترفض رفضًا قاطعًا، وتخبرهما بما كان بينها وبين أبي عبد الله، وهكذا يبدأ الصراع في نفس ابن حامد بين حبِّه لدريدة وولائه للعرش الذي يزاحمه صاحبه على قلبها.

الفصل الثاني: «بين العرش والجمال»

ينشط عليٌّ في تحريض السلطان على ابن حامد وحبيبته التي يدَّعي أنها وجهت إلى أبي عبد الله إهانة كبرى برفضها يده، ويُقنعه بأن يستدعي إليه كلًّا من خطيبها ابن حامد ووالدها إبراهيم، ويطلب منهما أن تتخلَّى دريدة عن ذلك الخطيب وتُسلَّم إليه، ولكن الرجلين رفضا ذلك وتسلَّحا بأنَّ الرأي يعود إليها في الموضوع.

يدخل أمراء القبائل ويُوضِّحون للسلطان أن المدينة مهدَّدة بالجوع والانهيار، وأنَّه لا بُدَّ من مواجهة الأعداء. وهنا يصل رسول من الإسبان يعرض على سلطان غرناطة تسليم المدينة وفق شروط مناسبة، فيميل معظم رؤساء القبائل إلى ذلك الحلِّ، لكن ابن حامد وبعض الفرسان يرفضون التسليم، ويُقرِّرون القتال.

وكان عليٌّ قد وجد حلًّا ملغومًا؛ بأن يُسلِّم السلطانُ لابن حامد علَم غرناطة المقدس الموروث عن أجداد العرب منذ فتح الأندلس، فإن خسره وانتُزع منه في المعركة حكم عليه بالموت، وكانت دريدة من نصيب سلطانه، وإن استطاع المحافظة عليه يكون قد انتصر على الإسبان وبقيت حبيبته له.

وهكذا تقرَّر خوض القتال، فردَّ السلطانُ الرسولَ إلى الملكين الإسبانيين؛ إيزابيلا وفرديناند، وسلَّم العلم إلى ابن حامد الذي أعلن أنَّ قومه بني سراج سيهاجمون الإسبان عند الفجر.

ولكن عليًّا كلَّف خادمه حمد بقتل إبراهيم وابن حامد، وسرقة العلم من هذا الأخير، مقابل مبلغٍ كبيرٍ من المال، وذلك أثناء المعركة أو في أي مناسبة ممكنة.

الفصل الثالث: «بين الخداع والحبِّ»

تحاول دريدة عبثًا أن تثني والدها الشيخ إبراهيم وحبيبها ابن حامد عن خوض المعركة أو تذهب معهما إلى ساحة القتال؛ فتفشل في ذلك. وفيما يجتمع فرسان بني سراج ويمشون إلى القتال شاهرين سيوفهم يكيد عليٌّ وخادمه حمد المكائد لهم، وتدور رحى الحرب بينهم وبين الإسبان، فيغنم ابن حامد ورجاله من العدو غنائم شتَّى بعد انتصاره الساحق عليهم في اليوم الأول.

ثم يأوي ابن حامد وجنوده إلى مضاربهم ليلًا، ويصرُّ إبراهيم أن يحمي العلم في مضربه، ويحاول ابن حامد أن يثنيه عن ذلك ويتولَّى حماية العلم بنفسه فلا يُوفَّق، وينام الجميع فيتسلَّل حمد إلى مضرب إبراهيم ويقتله ويمضي بالعلَم، ويصحو بنو سراج على جلبة الإسبان وقد انقضوا ليلًا بمساعدة حمد على مخيَّم بني سراج، فيغدرون بهم وهم نيام. وتدور معارك طاحنة يصاب خلالها ابن حامد بجراح، ويقبض عليه جنود السلطان ويسجنوه بعد أن نقله رجاله جريحًا إلى داخل المدينة.

دريدة تنتحب على جثة أبيها.

الفصل الرابع: «بين الجامع والنَّطْع»١

يتألف هذا الفصل من قسمين:

في القسم الأول: يحاول أبو عبد الله وعلي بكل وسيلة إقناعها بالتخلِّي عن ابن حامد واعتلاء العرش زوجةً للسلطان فترفض. عندئذ يبرز أمامها أبو عبد الله حُكْم علماء غرناطة وقضاة الشرع فيها بإعدام ابن حامد لأنه خَسِر العلم المقدَّس. وبعد جدل طويل ومحاولة انتحار من جانب دريدة، يعدها السلطان بأن يعفو عن ابن حامد ويبعده عن غرناطة إن هي قبلت به — أي بالسلطان — زوجًا. وينتهي الأمر بقبول الفتاة تلك التضحية لافتداء حياة ابن حامد.

أما في القسم الثاني: فيبدو ابن حامد الجريح في السجن خاضعًا لتحرُّشات عليٍّ وحمد، ويعاني آلامًا مُبرِّحة من جراحه كادتْ تودي بحياته. ثم يُخبرُه عليٌّ بأن دريدة زُفَّتْ إلى السلطان والتمست من زوجها العفو عنه شرط نفيه إلى إفريقية. ويُطلِق عليٌّ ابنَ حامد من السجن ويذهب به إلى منفاه.

الفصل الخامس: «بين الزوج والحبيب»

يعود ابن حامد إلى غرناطة خلسة ويتسلَّل إلى قصر الحمراء متنكِّرًا بزيِّ زنجيٍّ، ويدخل جناح دريدة في الحرم الملكي، فيدور بينهما عتاب طويل، ويتهمها ابن حامد بأنها خانته وأنكرت عهده، ثم يدفع إليها بخنجر طالبًا منها قتله في صراع عاطفي، فيسقط الخنجر على الأرض، وتدافع دريدة عن موقفها وتفهمه أنها الآن حريصة على شرف زوجها إلى آخر ما هنالك من حوار عميق، كما تطلب منه أن يبتعد عن غرناطة إذا كان فعلًا وفيًّا لحبها.

كان عليٌّ وحمد يستمعان خلسة إلى الحوار الدائر بين الحبيبين، فنقلا الكلام مُحرَّفًا إلى أبي عبد الله، وسلَّماه خنجر ابن حامد زاعمينِ أن الرجل سلَّمه إلى دريدة لتقتل به سلطان غرناطة.

يحاول ابن حامد الفرار، ولكن حامية القصر تقبض عليه، ويتَّهمه أبو عبد الله بخيانة الوطن، كما يتَّهم زوجته دريدة بخيانته شخصيًّا، ويطوِّق بنو سراج القصر طالبين تسليمهم ابن حامد، فيأمر السلطان بقتله، ويكلِّف بذلك حمدًا؛ فينفِّذ الحكم فورًا، ثم يطلب أبو عبد الله من جنوده ردَّ بني سراج على أعقابهم. وهنا ينتاب دريدة ضرب من الجنون، فتفقد صوابها، وتمرُّ بحالة من الهستيريا بين الحياة والموت، ثم لا تنفك تضرب رأسها بالأرض حتى تزهق روحها انتحارًا. أما حمد فيكون قد هرب مع الذهب الذي غنم من خيانته، ولكنَّ سيده عليًّا الذي جرح في الدفاع عن القصر ضدَّ بني سراج يعود إليه ضميره، ويعترف أمام السلطان بالمؤامرات التي دبَّرها ضدَّ ابن حامد ودريدة، وتفيض روحه من عمق جراحه.

أبو عبد الله يعاني هو الآخر صحوة ضميره، ويدخل الإسبان القصر، فيشهر سيفه، لكن الأعداء يطوقونه فورًا طالبين سيفه، فيقول لهم: إن سيف سلطان غرناطة لا يُسلَّم لأحد. ثم يكسر السيف، ويُسمع صوتٌ يقول له من الخارج: ابك مثل النساء مُلْكًا لم تحافظ عليه مثل الرجال.

١  النَّطْع: بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بالإعدام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤