مقدمة الطبعة الأولى

هذه هي المرة الثالثة التي أُعيد فيها كتابة هذه المسرحية.

في المرة الأولى حاولت جاهدًا تخليصَها من علاقاتٍ حميمةٍ برواية سرفانتس الخالدة التي سحرتني.

وفي المرة الثانية حاولت بقدرِ ما أملك إغناءها بعطاء الشِّعر والمسرح الشعبي الممتزجَين بدَمي.

وفي المرة الثالثة حاولت الوصولَ إلى لغةٍ فُصحى مسرحية محتميًا في مواجهة كافة المحاذير بلغة التراث الشعبي الذي أُقدِّسه.١

وفي كل مرة كان لأصدقاء أعزاء من الموهوبين الخلَّاقين فضلٌ لا يُنكر في إضاءة الطريق الصعب أمامي، إلى حُلمي الدائم أن أُسهم في خلقِ عرضٍ مسرحيٍّ شعبيٍّ راقٍ.

لكنني مضطرٌّ هنا للإقرار بحقيقةِ أنه لا يمكن للبعض من عديمي الموهبة (المتسرحين) أن يُعلِّموا الكاتبَ المسرحي كيف يكتب؛ لأنه في المسرح بالذات أكثر من أي فنٍّ آخر. يُدرك صاحب الموهبة الحقيقية (صاحب الحُلم) حين يمتلك — بعد تجاربَ عديدة — بعضَ القدرة، وحين تتضح له — بعد معاناةٍ قاسية — بعضُ الرؤية، مُتوِّجًا قدرته ورؤيته بالتزام جانب الشعب، أن معاناته لم تكن عبثًا؛ لأنه يؤمن أن كلَّ عمل ينجح في إكماله، رغم ليالي الرعب والرهبة من النقصان والفشل — إنما هو مجرد خطوةٍ صغيرة على طريقٍ مرهِقٍ ومدهش … ورائع.

(دمشق، ١٣ / ۱  /١٩٨١م)
سمير
١  هذه الطبعة كتابةٌ رابعة بإعادتها إلى لغتها الأصلية … اللغة العامية، وكان اسمها سيرة شحاتة سي اليزل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤