الفصل الثامن

فعالية المرأة والتغير الاجتماعي

أصدرت ماري وولستونكرافت في عام ١٧٩٢م كتابها «دفاع عن حقوق المرأة»، ويتضمن الكتاب مطالَبات عديدة متميِّزة داخل الإطار العام «للدفاع» الذي خَطَّت معالِمَه. وتضمَّنَت الحقوق، التي دافعت عنها، بعضًا يتعلق برفاه المرأة (والاستحقاقات وثيقة الصلة مباشرة بدعم الرفاه)، علاوة على حقوق تَهدِف أساسًا إلى تأكيد الفعالية الحرة للمرأة.

وتتجلَّى جميع هذه الموضوعات واضحة في جدول أعمال الحركات النسائية اليوم. بَيْدَ أنَّ من الإنصاف القول — حسبما أعتقد — أن جوانب الفعالية بدأتْ تحظى ببعض الاهتمام أخيرًا على عكس السابق؛ حيث تركز الاهتمام على جوانب الرفاه. والمعروف أن المهام التي واجهت هذه الحركات حتى فترة غير بعيدة، تَضمَّنَت العمل أولًا وأساسًا من أَجْل إنجاز مُعاملة أفضل للمرأة، في صورة صفقة عادلة ومتعادلة. وانصبَّ الاهتمام أساسًا على رفاه المرأة. وكانت الخطة تعبيرًا عن تصحيح للأوضاع مطلوب بإلحاح، بيد أن الأهداف، مع هذا، تَطوَّرَت واتسع نطاقها تدريجيًّا مع الاهتمام بالدعوة من أجل «الرفاه» إلى تجسيد وتأكيد دور فعالية المرأة. ولم تَعُد النساء مُجرَّد متلقيات سلبيات لِعَون يعزز الرفاه، بل بدأن يأخذن في عين المرأة والرجل أكثر فأكثر صورة عناصر فعالة نشطة في مجال الدعوة للتغيير: قوى دينامية داعمة للتحولات الاجتماعية التي يمكن أن تغير حياة كل من المرأة والرجل.١

الفعالية والرفاه

يحدث أحيانًا أن تَخفى عن الأعين طبيعة هذا التَّحوُّل في التركيز والتأكيد بسبب التداخل بين النَّهْجَين. إن الفعالية النشطة للمرأة لا يمكنها — بأي طريقة جادَّة — أن تغفل الضرورة المُلِحَّة لتصويب الكثير من مَظاهر عدم المساواة التي تفسد رفاه المرأة وتخضعها لمعاملة غير متكافئة؛ ولهذا يَتعيَّن أن يُعني دور الفعالية كثيرًا برفاه المرأة أيضًا. وإذا تناوَلنا الموضوع من الطرف الآخر نجد بالمثل أن أي محاولة عملية لتعزيز رفاه المرأة لا يسعها إلا أن تعتمد على فعالية المرأة ذاتها لإحداث هذا التغيير؛ لهذا فإن مظهر الرفاه ومظهر الفعالية للحركات النسائية بينهما بالحتم تَقاطُع موضوعي. ومع هذا لا يمكن إلا أن يكونَا مُختلفَين من حيث المستوى الأساسي ما دام دَور الشخص كعنصر فاعل، متميزًا أساسًا (وليس مستقلًّا عن) دور الشخص ذاته «كمريض» أي موضوع للعلاج.٢ وإن حقيقة أن يرى العنصر الفاعل نَفْسه كموضوع للعلاج لا تُغيِّر الشروط الإضافية والمسئوليات المقترنة بالضرورة بفعالية الشخص.

إننا إذ نرى الأفراد كيانات لها خبرتها وتعيش حالة من الرفاه فإن هذا يُمثِّل اعترافًا مهمًّا. ولكن أن نقف عند هذا الحد فإننا نصل إلى رؤية مُقيَّدة ومحدودة لحقيقة الذاتية الشخصية للمرأة. ولهذا فإن فَهْم دَوْر الفعالية يمثل ركنًا محوريًّا للاعتراف بالناس كأشخاص مسئولين: ليس فقط هل نحن أصِحَّاء أم مرضى، بل أيضًا … هل نعمل أم نرفض العمل؟ ويمكن أن نختار أن نعمل بهذه الطريقة دون غيرها. وهكذا يَتعيَّن علينا نساءً ورجالًا أن نضطلع بمسئولية إنجاز أو عدم إنجاز الأشياء؛ إذ ثمة فارِق بين الاثنين وعلينا أن نُدرِك هذا الفارق. وعلى الرغم من أن هذا الاعتراف الأول بسيط من حيث المبدأ. إلا أنه يمكن أن ينطوي على آثار، ونتائج كثيرة من حيث التحليل الاجتماعي، والنشاط العملي.

وهكذا يُمثِّل تغيير محور اهتمام الحركات النسائية إضافة حاسمة إلى الاهتمامات السابقة، وليسَت رفضًا لتلك الاهتمامات. وطبيعي أن التركيز في السابق على رفاه المرأة، أو إنْ شئت الدِّقَّة على «شقاء المرأة» لم يكن عملًا أخرق بغير هدف. إن مظاهر الحرمان النسبية في رفاه المرأة كانت، ولا تزال، حاضرة يقينًا في العالم الذي نعيش فيه، وواضحة الأهمية بالنسبة للعدالة الاجتماعية بما في ذلك العدالة للمرأة. مثال ذلك، أن هناك شواهد كثيرة تطابق النقيض البيولوجي (المتولد اجتماعيًّا) لزيادة الوفيات من الإناث في آسيا وشمال أفريقيا، والأعداد المهولة من «الفاقد النسائي» — والفاقد هنا بمعنى المفقود أو مَن هو في عداد الموتى نتيجة الانحياز الجنوسي أو التمييز بين الجنسين في توزيع الرعاية الصحية وغيرها من ضروريات الحياة (يمكن الاطلاع في هذا الشأن على مقال لي بعنوان «الفاقد النسائي Missing Women, in British Medical Journal, March 1992»).٣ وهذه مشكلة لا مِراء في أهميتها لرفاه المرأة، ولِفَهْم معاملة المرأة مُعامَلة «دون التكافؤ». وهناك مؤشرات كثيرة عن احتياجات ثقافية للمرأة مهملة في كل أنحاء العالم. وثمة أسباب رائعة تَحدُونا إلى إبراز هذه الحرمانات في الضوء، وإلى أن نضع مَطْلَب القضاء على هذه المظالم باعتباره مَطلبًا ملحًّا وأكيدًا ضمن جدول الأعمال.

ولكن القضية أيضًا أن الدور المحدود والمقيد للفعالية النشطة للمرأة يُضِر ضررًا بليغًا بحياة جميع الناس. الرجال والنساء، الأطفال والكبار على السواء. وإذا كانت هناك الأسباب المُلِحَّة التي تدعونا إلى ألا نتوانى في الاهتمام برفاه المرأة وشقائها، وإلى أن نواصل الاهتمام بمظاهر معاناة وحرمان المرأة، هناك أيضًا ضرورة ملحة وأساسية، خاصة في وقتنا هذا تدعونا إلى أن نلتزم نهجًا فاعلًا ونَشِطًا إزاء جدول أعمال المرأة.

ولعل أقوى حجة مباشرة للتركيز على فعالية المرأة هي بالتحديد الدور الذي يمكن أن تُؤدِّيَه هذه الفعالية من أجل القضاء على المَظالم التي تحد من رفاه المرأة. وجدير بالذِّكْر أن النشاط التجريبي خلال السنوات الأخيرة أبرز بوضوح لا مزيد عليه، كيف أن رفاه المرأة تؤثر فيه، بقوة، متغيرات من مثل قدرة المرأة على اكتساب دخل مستقل، وعلى توفير عمل خارج المنزل، وأن تتوافر لها حقوق مِلكية خاصة، وأن تعرف القراءة والكتابة، وأن تكون مشاركًا متعلمًا في اتخاذ القرارات داخل وخارج الأسرة. وأكثر من هذا أن الوضع المُتدنِّي للمرأة من حيث البقاء آخِذ في التلاشي إذا ما قورن بوضع الرجال في البلدان النامية — وربما ينتفي تمامًا — مع التقدم الحاصل في جوانب الفعالية المشار إليها.٤

وإن هذه الجوانب المختلفة (قدرة المرأة على اكتساب الرزق، ودورها الاقتصادي خارج الأسرة، ومحو الأمية، والتعلم، وحقوق الملكية، وغير ذلك) قد تبدو لأول وهلة أمورًا مختلفة ومتبايِنة. ولكن الشيء المشترك بينها جميعًا هو مساهمتها الإيجابية في تعزيز وتَقوِية صوت المرأة ودورها الفعال، من خلال الاستقلال والتمكين. مثال ذلك أن عمل المرأة خارج البيت وتحصيل دَخْل مُستقِل يكون له أثره الواضح على دعم الوضع الاجتماعي للمرأة داخل البيت وفي المجتمع. وهنا تكون مساهمَتها في رَخاء الأسرة أكثر وضوحًا وتكون لها هي الأخرى كلمتها لأنها أقل تبعية واعتمادًا على غيرها. علاوة على هذا فإن العمل خارج البيت، غالبًا ما يكون مفيدًا «تعليميًّا» من حيث مُعايَشة المرأة للعالَم خارج حدود البيت، ومن ثَمَّ تكون فعاليتها أقوى تأثيرًا. ويُعزِّز تعليم المرأة بالمثل دورها الفاعل، فضلًا عن أنها تصبح أغنى معلومات وأكثر مهارة، كذلك امتلاك المرأة للممتلكات يجعلها أقوى فعالية في اتخاذ القرارات الأسرية.

إن المتغيرات المتنوعة التي تحددت في الدراسة لها دَور مُوحَّد من حيث تمكين المرأة. ويتعين ربط هذا الدور باعترافنا بأن قوة المرأة — استقلالها الاقتصادي وتحررها الاجتماعي — يمكن أن تكون لها آثار بعيدة المدى على القوى وعلى المبادئ المُنظِّمة التي تَحكُم التقسيمات داخل الأسرة وفي المجتمع ككل. ويمكن بخاصة أن تؤثر فيما هو مقبول ضمنًا باعتباره استحقاقات المرأة.٥

الصراع التعاوني

لكي نفهم العملية لنا أن نبدأ بالإشارة إلى أن النساء والرجال لهما معًا مصالح متطابقة ومتصارعة تؤثر في حياة الأسرة؛ ولهذا نرى أن اتخاذ القرار داخل الأسرة أميل إلى أن يأخذ صورة السعي حثيثًا للتعاون، مع حل متفق عليه — عادة ضمنًا — إزاء الجوانب المتصارعة، ومثل هذا الصراع التعاوني يعتبر نسخة مميزة للكثير من العلاقات الجماعية؛ ولهذا فإن تحليل الصراعات التعاونية من شأنه أن يهيئ لنا وسيلة مفيدة لفهم المؤثرات التي تؤثر في «دور» المرأة داخل تقسيمات الأسرة. وثمة مكاسب يجنيها الطرفان عن طريق الالتزام بأنماط السلوك المتفق عليه ضمنًا. ولكن هناك الكثير من الاتفاقات البديلة الممكنة — بعضها أكثر ملاءمة لطرف دون الآخر — وإن اختيار واحد من بين البدائل الممكنة لهذه التدابير التعاونية يفضي إلى توزيع مُحدَّد للمنافع المشترَكة.٦

وإن الصراعات بين المصالح المتفاوتة للأطراف المختلفين داخل الأسرة يجري حسمها تأسيسًا على أنماط سلوكية مُتَّفق عليها ضمنًا، والتي يمكن أو لا يمكن أن تكون متساوية بصورة متميزة. وإن طبيعة حياة الأسرة — المشاركة في بيت وبناء حياة مشتركة — تستلزم عدم إبراز وتأكيد عناصر الصراع صراحة (لأن اطِّراد الصراع يبدو علامة على إخفاق الوحدة)، ويحدث أحيانًا أن تعجز المرأة حتى عن أن تقيم بوضوح مدى حرمانها النسبي. كذلك فإن تصور من الذي يعمل وكم ما ينجزه من عمل إنتاجي، أو من الذي «يسهم» وكم قدر إسهاماته لضمان رخاء الأسرة، يمكن أن يكون عاملًا شديد التأثير على الرغم من أن «النظرية» الأساس فيما يتعلق بكيفية وكمِّ «الإسهامات»، و«الإنتاجية» يجري تقييمها، ولكن نادرًا ما تجري مناقشتها صراحة.

تصورات من الاستحقاق

تَصوُّر الإسهامات الفردية والاستحقاقات الملائمة للنساء والرجال له دور رئيسي في تقسيم منافع الأسرة المشتركة بين الرجال والنساء.٧ ونتيجة لذلك فإن الظروف المؤثرة في تَصوُّر هذه الإسهامات والاستحقاقات الملائمة (من مثل قدرة المرأة على اكتساب دخل مستقل وقُدرَتها على العمل خارج البيت، أو على التعلُّم، أو امتلاك ممتلكات خاصة بها) يمكن أن يكون لها دور حاسم في هذه التقسيمات؛ ولهذا فإن تأكيد وتوطيد مزيد من تمكين واستقلالية فعالية المرأة يتضمن تصحيح المظالم التي تفسد حياة ورفاه المرأة مقابل الرجل. إن الحياة التي تُنقِذُها المرأةُ — بفضل مزيد من الفعالية — لا بُدَّ، يقينًا، أن تشمل حياتها هي أيضًا.٨

بيد أن هذا ليس كل القصة؛ إذ هناك حياة لأشخاص آخَرِين، لرجال وأطفال، تدخل ضمن هذه العملية. ذلك أن حياة الأطفال تتأثر بهذا الوضع داخل الأسرة حيث توجد دلائل قوية تؤكد أن تمكين المرأة داخل الأسرة يمكن أن يحدَّ كثيرًا من وفيات الأطفال. وإذا تجاوزنا حدود الأسرة نجد أن فعالية المرأة وكلمتها النابعة من مناخ التعليم والعمل، يمكن بدورهما أن يُؤثِّرا في طبيعة الحوار العام بشأن الكثير من الموضوعات الاجتماعية المتباينة بما في ذلك معدلات الخصوبة المقبولة (سواء داخل الأسرة الخاصة بالمرأة وخارجها) والأولويات البيئية.

وثَمَّة مشكلة مُهمة أيضًا تتعلَّق بتقسيم الغذاء والرعاية الصحية وغير ذلك من تدابير داخل الأسرة. إن قدرًا كبيرًا رهن كيفية استخدام الأسرة لوسائلها الاقتصادية للوفاء بحاجات مختلف أعضاء الأسرة: الرجال، والنساء، والبنات، والأولاد، والأطفال، والكبار، والشيوخ، والشباب.٩
وجدير بالملاحظة أن ترتيبات المشارَكة والاقتسام داخل الأسرة تُحدِّدُها إلى مدى بعيد تقاليد مستقرة، وإن تأثَّرَت أيضًا بعوامل أخرى مثل الدور الاقتصادي للمرأة وتمكينها علاوة على منظومة القيم السائدة في المجتمع.١٠ وطبيعي أن تعليم المرأة وتمكين الأنثى وتَمتُّعها بحق الملكية لها دور مهم في تطوير منظومة القيم والتقاليد الخاصة بالتقسيم داخل الأسرة. ويمكن أن تكون هذه «القسمات الاجتماعية» حاسمة للغاية بالنسبة إلى الأنصبة والحظوظ الاقتصادية (من مثل الرفاه والحرية) الخاصة لمختلف أبناء الأسرة.١١

وهذه العلاقة جديرة بأن نوليها مزيدًا من الاهتمام في سياق الفكرة العامة لهذا الكتاب. إن أفضل وسيلة لفهم المجاعات، كما سبق أن ذكرنا، في ضوء خسارة الاستحقاق؛ انخفاض حادٌّ في الحرية الموضوعية لشراء الغذاء؛ إذ ربما يفضي هذا إلى انهيار في كمية الغذاء الذي يمكن أن تشتريه الأسرة وتستهلكه. ويمكن أن تكون مشكلات التوزيع داخل الأسرة مشكلات خطيرة حتى في أثناء ظروف المجاعة بيد أنها حاسمة بوجه خاص في تحديد الحالة العامة ونقص الغذاء والجوع بين مختلف أفراد الأسرة حين يكون الفقر مزمنًا. وهي حالة «عادية» في كثير من المجتمعات. وجدير بالذِّكْر أنه في حالة اطِّرَاد مظهر عدم المساواة في تقسيم الغذاء — وربما أيضًا بالنسبة إلى الصحة العامة — هنا تَتجلَّى ظاهرة عدم المساواة بين الجنسين في صورة أكثر سفورًا واستمرارية داخل المجتمعات الفقيرة المؤمنة بالتحيز ضد الأنثى.

ويتأثَّر هذا الانحياز ضد الأنثى بالوضع الاجتماعي والسُّلطة الاقتصادية للمرأة بعامة. وترتبط هيمنة الرجل النسبية بعدد من العوامل نذكر منها وضعه باعتباره «من يكسب قوت الأسرة» ومن ثم تفرض سلطته الاقتصادية احترامه من داخل الأسرة.١٢ ويكشف الوجه الآخر للعملة عن دلائل قوية تؤكد أن المرأة حين تكتسب دخلًا من خارج البيت فإن هذا يعزز الوضع النسبي لها حتى فيما يتعلق بتوزيع احتياجات البيت.
وإذا كانت المرأة تعمل ساعات طوالًا خارج البيت إلا أن عملها هذا لا يدر دخلًا أو مكافأةً، ولهذا فإن مصيره الإهمال غالبًا عند حساب إسهامات كل من الرجل والمرأة في تحقيق الرخاء المشترك للأسرة.١٣ ولكن حين يكون عملها خارج البيت وتكتسب أجرًا فإن مساهمتها في رخاء الأسرة تغدو واضحة للعيان. كذلك تكون كلمتها مسموعة أكثر؛ لأنها باتت أقل اعتمادًا على الآخرين. ويبدو واضحًا أيضًا أن المكانة المالية للمرأة تُؤثِّر في الأفكار المتعلقة بحقوق الطفلة الأنثى؛ ولهذا فإن حرية المرأة في التماس وشغل وظيفة خارج البيت، يمكن أن تسهم في الحد من الحرمان النسبي — والمطلق — للمرأة. ويبدو أن الحرية في مجال ما (في أن يكون من حقها العمل خارج البيت) تساعد على ترسيخ الحرية في المجالات الأخرى (تعزيز التحرر من الجوع والمرض والحرمان النسبي).
وهناك أيضًا دلائل قوية على أن معدلات الخصوبة تتجه إلى الانخفاض كلما زاد مستوى تمكين المرأة. ولا غرابة في هذا حيث إن حياة المرأة الشابة هي التي يتهددها خطر الحمل المتكرر وعبء تربية الأطفال. وإن كل ما من شأنه أن يعزز سلطة المرأة في اتخاذ القرار، ويزيد من الاهتمام بمصالحها، يفضي بعامة إلى الحيلولة دون تكرار الحمل إلى ما فوق الطاقة. مثال ذلك تلك الدراسة المقارنة التي شملت ما يقرب من ثلاثمائة مقاطعة في الهند. وكشفت هذه الدراسة عن أن تعليم المرأة وعمالتها أهم عاملين يُؤثِّران في خفض معدلات الخصوبة.١٤ إن العوامل المؤثِّرة التي تساعد على تحرُّر المرأة (بما في ذلك معرفة القراءة والكتابة والعمالة) تُحدِث فارقًا كبيرًا في معدلات الخصوبة، وسوف أعود إلى هذه النقطة ثانية في سياق تقييمي لطبيعة وحدة «المشكلة السكانية في العالم». إن المشكلات العامة المتعلقة بازدحام البيئة بالسكان، وهي مشكلة يعانيها الرجال والنساء، وثيقة الصلة بحرية المرأة وتَحرُّرها من الحمل المستمر وتنشئة الأطفال دون انقطاع، ذلك الداء الذي يهدد حياة النساء الشابات في كثير من مجتمعات العالم النامي.

بقاء الطفل وفعالية المرأة

تُؤكِّد دلائل كثيرة على أن تعليم المرأة أو محو أميتها يفضي إلى خفض معدلات الوفيات بين الأطفال. ويتحقق هذا من خلال قنوات كثيرة لعل أكثرها مباشرة ما توليه الأمهات من اهتمام لرفاه أطفالها، والفرص المتاحة للأمهات حين يحترم المجتمع دورها كعنصر فاعل وتحظى بعوامل التمكين لتكون عاملًا مؤثرًا في قرارات الأسرة في هذا الاتجاه. ويبدو بالمثل أن تمكين المرأة يؤثر تأثيرًا قويًّا في خفض ظاهرة الانحياز الجنوسي أو التمييز بين الجنسين من حيث فرص البقاء (التي تظهر بخاصة ضد صغار البنات).

إن البلدان التي تسودها ظاهرة الانحياز الجنوسي — الهند، وباكستان، وبنجلاديش، والصين، وإيران، وبلدان غرب آسيا، وبلدان شمال أفريقيا وغيرها — ترتفع فيها غالبًا وفيات الإناث من الرُّضع والأطفال على عكس الحال في أوروبا، أو أمريكا، أو أفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث إناث الأطفال يحظين بميزة بقاء واضحة. إن معدلات وفيات الذكور والإناث في الهند من أعمار صفر – ٤ تكاد تكون متقاربة من حيث المتوسط للبلد في مجموعه. ولكن نلحظ وجهًا شديد السلبية ثابتًا بالنسبة إلى النساء في المناطق التي تسودها تقاليد التمييز بين الجنسين، ومنها غالبية الولايات في شمال الهند.١٥
وجدير بالإشارة هنا إلى دراسةٍ من أهم الدراسات عن هذه القضايا نجدها معروضة في مساهمة إحصائية مهمة شارك في إعدادها كل من مامتا مورتي، وآن كاترين جويو، وجين دريز. وتتناول بيانات مستقاة من ٢٩٦ مقاطعة في الهند تضمنها التعداد السكاني للهند عام ١٩٨١م.١٦ وتبعتها دراسات تكميلية أعدتها كل من مامتا مورتي، وجين دريز، وتتناوَل آخِر الشواهد خاصة التعداد السكاني لعام ١٩٩١م والذي يؤكد بعامة الاكتشافات المبنية على أساس التعداد السكاني لعام ١٩٨١م.١٧
وفحصت هذه الدراسات طائفة من العلاقات السببية والمتداخلة وتشتمل المتغيرات موضوع الدراسة والتفسير معدلات الخصوبة ونسب وفيات الأطفال وكذلك الأضرار التي تلحق بالإناث من حيث بقاء الأطفال (وتعكس نسبة وفيات الإناث إلى الذكور خلال الفترة العمرية صفر – ٤). في ضوء مقارنات بين المقاطعات. وترتبط هذه المتغيرات بعدد من المتغيرات الأخرى على مستوى المقاطعة متضمنة احتمالات التفسير مثل نسب معرفة القراءة والكتابة بين الإناث، ومشاركة الإناث في قوة العمل، وتوفر المرافق الطبية ونسبة المحرومين اجتماعيًّا من الامتيازات من بين السكان (من يعتبرهم المجتمع بمنزلة طوائف وقبائل).١٨

ما الأثر الذي نتوقعه على بقاء الأطفال ووفياتهم في ضوء المتغيرات التي يمكن أن تكون وثيقة الصلة بفعالية المرأة، وهي — في هذه الحالة — مشاركة المرأة في قوة العمل ومعرفتها القراءة والكتابة وكذا تعليمها؟ طبيعي أن نتوقع أن تكون الرابطة إيجابية تمامًا حين تعرف المرأة القراءة والكتابة أو تتعلم. وهذا ما أكدته الدراسة بقوة.

ولكن في حالة مشاركة المرأة في قوة العمل فقد اتجهت الدراسات التحليلية الاجتماعية والاقتصادية إلى تحديد عوامل مؤثرة في اتجاهات مختلفة:

أولًا: انخراط المرأة في عمل مُربِح يُدِر عائدًا له نتائج إيجابية كثيرة على دَور المرأة كعنصر فاعل والذي يشتمل على مزيد من الاهتمام برعاية الطفل، ومزيد من القدرة على إعطاء الأولوية لرعاية الطفل في القرارات المُشترَكة للأسرة. ثانيًا: نظرًا إلى أن الرجال يُبدُون قدرًا كبيرًا من الإحجام عن المشارَكة في الأعمال الروتينية المنزلية، فإنه سيكون عسيرًا على المرأة الوفاء برغبة الأسرة المتزايدة في إعطاء الأولوية لرعاية الطفل؛ حيث إن المرأة تكون رازحة تحت وطأة أعمال البيت علاوة على عملها خارج البيت، أو هكذا تكون المحصلة النهائية في الاتجاه الآخَر. والمُلاحَظ أن دراسة مورتي والآخَرين لتحليل البيانات الهندية على مستوى المقاطعات لم تقدم أي نمط مُهم ومُحدَّد عن الرابطة بين عمل المرأة في الخارج وبقاء الأطفال.١٩
وتبين في المقابل أن معرفة الأنثى للقراءة والكتابة لها تأثير مهم إحصائيًّا وواضح الدلالة في خفض نسبة وفيات من هم دون الخامسة من العمر حتى بعد المقابلة بمحو أمية الرجل. ويتسق هذا تمامًا مع البراهين المتزايدة التي تؤكد العلاقة الوثيقة بين محو أمية الإناث وبقاء الأطفال في كثير من بلدان العالم، خاصة في المقارنات بين البلدان.٢٠

وهناك قضية أخرى تتعلق بالانحياز الجنوسي (التمييز بين الجنسين) في بقاء الأطفال (مقابل إجمالي الأطفال). واتضح بالنسبة إلى هذه المتغيرات معدل مشاركة الأنثى في قوة العمل ونسبة معرفة القراءة والكتابة لهما معًا آثار قوية جدًّا لتحسين الأضرار التي تحيق بالأنثى من حيث بقاء الأطفال؛ إذ تبين أن ارتفاع مستويات محو أمية الأنثى ومشاركتها في القوة العاملة يقترنان على نحو وثيق بانخفاض مستوى الأضرار النسبية للأنثى فيما يتعلق ببقاء الأطفال. ونجد في المقابل أن المتغيرات ذات الصلة بالمستوى العام للتنمية والتحديث ليس لها آثار إحصائية مهمة أو أنها لا تفيد، حتى يمكن لنا أن نقول إن التحديث (إذا لم يقترن بتمكين المرأة) يمكن أن يُقَوِّي، لا أن يُضعِف، الانحياز الجنوسي بالنسبة إلى الأطفال. ويصدق هذا في أمور من بينها التوسع الحضري ومحو أمية الذكور وتوافُر المرافق الطبية ومستوى الفقر (حيث مستويات الفقر المرتفعة مقترنة بارتفاع معدلات الإناث — الذكور بين الفقراء). وتبين حتى الآن أن ثمة رابطة إيجابية قائمة في الهند بين مستوى التنمية وانخفاض الانحياز الجنوسي في مجال البقاء. ويبدو أن هذا يتحقق أساسًا بفضل متغيرات ترتبط مباشرة بفعالية المرأة مثل محو أمية المرأة ومشاركة الأنثى في قوة العمل.

وحَرِي بِنَا أن نضيف تعليقًا آخَر بشأن تعزيز فعالية المرأة عن طريق مزيد من تعليم الأنثى. تشير تحليلات مورتي، وجويو، ودريز إلى أن محو أمية الأنثى له من الناحية الكمية أثر كبير جدًّا في وفيات الأطفال. إنه عامل قوي جدًّا كمُؤثِّر يؤدي إلى خفض وفيات الأطفال، وهو في هذا الصدد أقوى كثيرًا من المتغيرات الأخرى التي تعمل في الاتجاه نفسه، مثال ذلك أنه إذا ظلت المتغيرات الأخرى ثابتة فإن مُجرَّد زيادة نسبة معرفة القراءة والكتابة بين الإناث، لنفترض من ٢٢ بالمائة (وهذا هو الرقم الفعلي في الهند عام ١٩٨١م) إلى ٧٥ بالمائة فإن هذا يؤدي إلى خفض القيمة المُتوقَّعة للوفيات للذكور والإناث معًا ممن هم دون الخامسة من العمر من ١٥٦ في الألف (مرة أخرى هذا هو الرقم الفعلي عام ١٩٨١م) إلى ١١٠ في الألف.

والملاحظ أن التأثير القوي لمحو أمية الأنثى يكشف عن وجوه اختلاف واضحة إزاء الأدوار غير الفاعلة نسبيًّا لمَظاهر أخرى مثل محو أمية الذكور أو خفض الفقر العام كأداتين لخفض وفيات الأطفال؛ إذ تبين أن زيادة محو أمية الذكور إلى أكثر من المدى نفسه (أي من ٢٢ إلى ٧٥ بالمائة) تُؤدِّي فقط إلى خفض الوفيات للأطفال دون الخامسة من ١٦٩ في الألف إلى ١٤١ في الألف. وتبين أيضًا أن خفض ٥٠ بالمائة من احتمالات حدوث الفقر (من المستوى الفعلي لعام ١٩٨١م) يؤدي فقط إلى خفض القيمة المتوقعة لوفيات دون الخامسة من ١٥٦ في الألف إلى ١٥٣ في الألف.

وهنا، وللمرة الثانية، تبدو الرسالة كالآتي: إن بعض المتغيرات ذات الصلة بفعالية المرأة (وهي هنا محو أمية الإناث) غالبًا ما يكون لها دور أهم كثيرًا للنهوض ودَعْم الرفاه الاجتماعي (خاصة بقاء الأطفال) من متغيرات أخرى ذات صلة بالمستوى العام للوفرة في المجتمع. وهذه اكتشافات ذات دلالات عملية مهمة.٢١ ويمكن التأثير في كِلَا النمطين من المتغيرات عن طريق العمل الاجتماعي النشط وإن كان كل منهما يستلزم صيغًا مختلفة من التدخل العام.

الفعالية والتحرير وخفض الخصوبة

كذلك يُعتَبر دور المرأة كعنصر فاعل؛ مهمًّا أيضًا لخفض معدلات الخصوبة. إن النتائج الضارة لارتفاع معدلات المواليد تنطوي على إنكار للحريات الموضوعية — من خلال الإصرار على اطراد الحمل وتربية الأطفال — وهو إنكار مفروض تقليديًّا على المرأة الآسيوية والأفريقية. ونتيجة لهذا نجد رابطة وثيقة بين رفاه المرأة وفعاليتها من أجل إحداث تغيير في نمط الخصوبة. ولهذا ليس لنا أن ندهش حين نعرف أن حالات خفض معدلات المواليد أعقبت في الغالب تعزيز مكانة المرأة وسلطتها.

وتنعكس هذه الروابط في التباينات الظاهرة بين المقاطعات من حيث إجمالي معدل الخصوبة في الهند. وإذا استعرضنا جميع المتغيرات الواردة في الدراسة التحليلية لكل من مورتي، وجويو، ودريز نجد أن المتغيرات الوحيدة التي لها نتيجة مهمة إحصائيًّا بشأن الخصوبة هي معرفة الإناث للقراءة والكتابة ومشاركتهن ضمن قوة العمل. ونعود لنقول إن أهمية فعالية المرأة تظهر قوية في هذه الدراسة التحليلية خاصة عند مقارنتها بالآثار الأضعف لمتغيرات ذات صلة بالتقدم الاقتصادي العام.

ويظهر الترابط السلبي بين محو أمية الأنثى والخصوبة أمرًا مؤكدًا تجريبيًّا في مجمل الصورة.٢٢ وتأكدت ملاحَظة هذه الروابط على نطاق واسع في أقطار أخرى أيضًا ومن ثم لا غرابة إذ تظهر في الهند كذلك. إن عزوف المرأة المتعلمة عن أن تكون مغلولة اليد باستمرار من أجل رعاية وتربية الأطفال، له دور مهم في إحداث هذا التغيير. ويساعد التعليم أيضًا على توسيع أفق الرؤية كما يساعد على مستوى شئون الدنيا على نشر المعارف الخاصة بتنظيم الأسرة. وطبيعي أن تنزع المرأة المتعلمة إلى أن تتمتع بحرية أكبر في ممارستها لفعاليتها عند اتخاذ قرارات أسرية في أمور من بينها الخصوبة والوضع.
وجدير بنا هنا الاهتمام بحالة أكثر ولايات الهند تقدمًا وأعني بها ولاية كيرالا نظرًا إلى ما أحرزته من نجاح مميز في خفض معدلات الخصوبة استنادًا إلى فعالية المرأة؛ إذ بينما لا يزال إجمالي نسبة الخصوبة في كل الهند أعلى من ٣٫٠ فإن هذه النسبة في كيرالا الآن آخذة في الانخفاض كثيرًا إلى ما دون «مستوى الاستبدال» (حوالي ٢٫٠ أي حوالي طفلين لكل زوجين)، إذ بلغت ١٫٧ وهي نسبة أقل كثيرًا من نظيرتها في الصين وهي ١٫٩. ولقد كان لارتفاع مستوى تَعلُّم المرأة في كيرالا أثر كبير في إحداث خفض واضح في معدل المواليد. وحيث إن فعالية الأنثى ومحو أميتها لهما أهمية أيضًا في خفض نسب الوفيات، فإن هذا طريق آخَر غير مباشر يمكن أن يساعد من خلاله فعالية المرأة لخفض نسب المواليد. وثمة دلائل على أن خفض نسب الوفيات، خاصة وفيات الأطفال، يسهم في خفض معدلات الخصوبة. وتميزت كيرالا أيضًا بعدد من القسمات الأخرى المتعلقة بتمكين وفعالية المرأة من بينها الإقرار على نطاق واسع بحقوق الملكية للمرأة والتي يحظى بها قطاع واسع ومؤثر في المجتمع.٢٣ ولا تزال هناك فرصة في كتابنا هذا لمزيد من سَبْر غَوْر هذه الروابط، بالإضافة إلى كشف ارتباطات سببية أخرى محتملة.

دور المرأة سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا

شواهد كثيرة تؤكد أن المرأة — حين تُهَيَّأ لها الفُرَص التي يستأثر بها الرجل — لن تكون أقل نجاحًا في الاستفادة من هذه التسهيلات، التي زعم الرجال أنها حكر عليهم على مدى القرون. وحدث أن شغلت المرأة أعلى المناصب السياسية في كثير من البلدان النامية ولكن فقط في ظروف خاصة — تتعلق غالبًا بوفاة زوج أو أب له قوة أو سلطان — وإذا كان التاريخ الحديث — عن دور المرأة في شغل مناصب القمة والقيادة — يعترف بما أنجزته في سريلانكا أو الهند أو بنجلاديش أو باكستان أو الفلبين أو بورما أو إندونيسيا إلا أنه لا تزال بنا حاجة إلى أن نولي اهتمامًا أكبر للدور الذي يمكن أن تؤديه المرأة — إذا ما سنحت لها الفرصة — على المستويات المختلفة للأنشطة السياسية والمبادرات الاجتماعية.٢٤

وإن أثر نشاطات المرأة في الحياة الاجتماعية يمكن أن يكون بالمثل واسع النطاق. ويحدث أحيانًا أن تكون الأدوار معروفة جيدًا أو مُتوقَّعة مُقدَّمًا أو هي في سبيلها إلى ذلك (أثر تعليم المرأة في خفض معدلات الخصوبة والذي سبقت مناقشته يعتبر خير مثال في هذا الصدد). ولكن هناك أيضًا روابط أخرى بحاجة إلى المزيد من البحث والتحليل. ويتناول أحد الفروض المهمة العلاقة بين نفوذ الرجل وشيوع جرائم العنف. وواقع الحال أن غالبية جرائم العنف في العالم يرتكبها الرجال، وهذه مسألة معروفة للجميع. ولكن هناك مؤثرات سببية محتملة لم تحظ بعد بالاهتمام اللازم.

وثمة اكتشاف إحصائي مهم في الهند يتعلق بالتباينات الواسعة فيما بين المقاطعات والتي تكشف عن علاقة قوية وغاية في الأهمية إحصائيًّا بين نسبة الإناث — الذكور في السكان وندرة جرائم العنف. ولحظ باحثون كثيرون الرابطة العكسية بين مُعدَّل جرائم القتل ونِسَب الإناث — الذكور بين السكان. وتوجد تفسيرات بديلة لما تشتمل عليه من عمليات سببية.٢٥ بحث البعض عن تفسيرات سببية تمتد من حدوث جرائم العنف لتربطها بالإغراق في تفضيل الأبناء (إذ يكون مهيأ أكثر للتصدي لمجتمع يتسم بالعنف) بينما أرجع البعض الظاهرة إلى غلبة وجود المرأة (أقل ميلًا إلى العنف) مما يفضي إلى انخفاض معدل الجريمة.٢٦ ويمكن أن نجد عاملًا ثالثًا يربط كليهما بجريمة العنف والهيمنة الذكورية في نسبة الجنس. وهنا قضايا كثيرة بحاجة إلى فرز، ولكن أهمية الجنوسة (التمييز الثقافي الاجتماعي بين الجنسين) وأثر فعالية المرأة مقابِل الرجل يتعذَّر إغفالها بموجب أي تفسيرات بديلة.

وإذا انتقلنا الآن إلى الأنشطة الاقتصادية نلحظ أن مشاركة المرأة يمكن أن تحدث فارقًا كبيرًا. إن عدم مشاركتها هو أحد أسباب الانخفاض النسبي في إمكان وصولها إلى الموارد الاقتصادية. والملاحظ أن ملكية الأرض ورأس المال في البلدان النامية تتجه إلى الانحياز الشديد لصالح الذكور من أفراد العائلة؛ إذ كم هو عسير على المرأة أن تبدأ مشروع أعمال حتى إن كان حجمه شديد التواضع، وذلك بسبب افتقارها إلى الموارد اللازمة.

ومع هذا نجد دلائل كثيرة جدًّا على أن التنظيمات الاجتماعية كلما انطلقَتْ من الممارَسة المعيارية التي تُحبِّذ ملكية الذَّكَر فإن المرأة يمكنها أن تحقق نجاحًا كبيرًا حين تكون لها السيطرة على مشروع الأعمال أو المبادرة الاقتصادية. وواضح أيضًا أن ناتِج مشارَكة المرأة لا يقتصر فقط على توليد دخل للمرأة بل يحقق كذلك منافع اجتماعية هي نتاج تَعزيز مكانة المرأة واستقلالها (بما في ذلك خفض نسبة الوفيات ونسبة الخصوبة). ولهذا فإن مُشاركة المرأة اقتصاديًّا هو مكافأة جديرة بها (وما يقترن بها من خفض للانحياز الجنوسي في معاملة المرأة عند اتخاذ قرارات أُسَرِية) وعامل قوي يؤثر في التغيير الاجتماعي بعامة.

وخير مثال هنا ذلك النجاح الملحوظ الذي أحرزه بنك جرامين في بنجلاديش. إن الحركة الخيالية للائتمان الصغير التي قادها محمد يونس استهدفت القضاء على الأضرار التي تعاني منها المرأة بسبب المعامَلة التمييزية في سوق الائتمان الريفي وذلك ببذل جهد خاص يوفِّر الائتمان اللازم للمقترِضات من النساء. وكانت النتيجة أن نسبة كبيرة جدًّا من النساء أَصبَحْن عميلات لبنك جرامين. وسجل البنك نسبة عالية جدًّا من السداد (تقارب ٩٨ بالمائة). وهذا الوضع ليس مقطوع الصلة بطريقة استجابة النساء للفُرَص التي أتاحها لهن البنك وتوقعاتهن بضمان استمرار هذه التنظيمات.٢٧ ونجد وصفًا مماثلًا آخر في بنجلاديش حين وضع بنك براك BRAC — تحت قيادة رائد حالِم آخَر وهو فضل حسن عابد — ثقته في مشاركة المرأة.٢٨ وجدير بالذِّكْر أن هذه الحركات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها في بنجلاديش حقَّقَت نتائج إيجابية كثيرة ليست قاصرة على «الصفقات» التي حصلت عليها النساء، بل وأيضًا وبفضل فعالية المرأة. إحداث تحولات كبيرة في المجتمع. مثال ذلك أن الانخفاض الحاد في معدل الخصوبة الذي شهدته بنجلاديش في السنوات الأخيرة يرتبط بوضوح بالتزايد المطرد في مشارَكة المرأة في الشئون الاجتماعية والاقتصادية. علاوة على توافُر الكثير من المرافق الخاصة بتنظيم الأسرة حتى داخل ريف بنجلاديش.٢٩
مجال آخَر يتفاوت فيه مستوى مشاركة المرأة في الشئون الاقتصادية، وهو الأنشطة الزراعية ذات الصلة بملكية الأرض. لوحظ هنا أيضًا أن الفرص الاقتصادية التي تهيأت للمرأة كان لها تأثير حاسم على تنشيط الاقتصاد والتنظيمات الاجتماعية ذات الصلة. والحقيقة، كما يقال أن ملكية المرأة لفَدَّان واحد يمكن أن يؤثر كثيرًا على مبادرة المرأة وعلى انخراطها في نجاح المشروع مما يكون له نتائج بعيدة المدى على ميزان السلطة الاقتصادية والاجتماعية بين الرجل والمرأة.٣٠ وتبرز للعيان قضايا مماثلة عند محاولة فَهْم دور المرأة في التطويرات البيئية خاصة ما يتعلق منها بالحفاظ على الموارد الطبيعية (مثل الأشجار) التي لها صلة وثيقة مميزة بحالة المرأة وعملها.٣١
إن تمكين المرأة إحدى القضايا المحورية في عملية تنمية وتطوير بلدان كثيرة في عالم اليوم. وتتضمن العوامل ذات الصلة بتعلُّم المرأة ونمط الملكية الخاصة بها وفرصها للعمل وأنشطة سوق العمالة.٣٢ وإذا تجاوزنا هذه المتغيرات «الكلاسيكية» نجد أن من بين هذه العوامل أيضًا طبيعة تنظيمات العمالة واتجاهات الأسرة والمجتمع بالمعنى الواسع إزاء أنشطة المرأة الاقتصادية، والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تُشجِّع أو تَحُول دون التغيير في هذه الاتجاهات.٣٣ ونذكر هنا دراسة رائعة كتبتها نايلة كبير عن عمل المرأة البنجلاديشية ومشاركتها الاقتصادية في دهاكا ولندن. وتوضح هذه الدراسة أن اطراد أو انقطاع تنظيمات الماضي إنما تؤثر فيه بقوة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية الضرورية العاملة في البيئة المحلية.٣٤ إن الفعالية المتغيرة للمرأة هي إحدى الوسائط الكبرى للتغير الاقتصادي والاجتماعي، وإن تحديدها وكذا نتائجها المترتبة عليها أمر وثيق الصلة بالقسمات المحورية المميزة لعملية التنمية.٣٥

ملاحظة ختامية

التركيز على دور فعالية المرأة له تأثيره المباشر في رفاه المرأة وإن تجاوز مداه هذا الحد. وحاولت في هذا الفصل أن أستكشف التمييز — والعلاقات المتداخلة — بين الفعالية والرفاه. واستطردت لأوضح مدى وقوة فعالية المرأة خاصة في مجالين محددين: (١) في سبيل دعم بقاء الطفل، و(٢) في المساعدة على خفض معدلات الخصوبة. وجميع هذه القضايا لها أهمية من حيث التنمية تتجاوز حدود السعي من أجل رفاه الأنثى. على الرغم من أن رفاه الأنثى — كما رأينا — متضمن فيها على نحو مباشر وله دور وسيطي حاسم لتعزيز هذه الإنجازات العامة.

يصدق الشيء نفسه على مجالات أخرى كثيرة اقتصاديًّا وسياسيًّا، وأنشطة اجتماعية تَتباين من الائتمان الريفي والأنشطة الاقتصادية من ناحية، إلى الإثارة السياسية والحوارات الاجتماعية من ناحية أخرى.٣٦ ويعتبر المدى الواسع لفعالية المرأة واحدًا من المجالات التي أغفلتها كثيرًا دراسات التنمية ومطلوب بإلحاح تصحيح الوضع. ولا أعتقد أن ثمة ما هو مهم اليوم في الاقتصاد السياسي للتنمية مثل الإقرار الملائم لمشاركة المرأة وقيادتها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا في حقيقة الأمر جانب حاسم في «التنمية باعتبارها حرية».
١  ناقشتُ هذه المسألة في أعمال سابقة لي، من بينها: Economics and the Family, Asian Development Review 1 (1983).
٢  ورقة بحث لي بعنوان: Well-Being, Agency and Freedom: The Dewey Lectures, 1984, Journal of Philosophy 82 (April 1985). تبحث التمايز الفلسفي بين «درجات الفعالية» و«وجه الرفاه» للشخص، وتحاول تحديد الدلالات العملية بعيدة المدى لهذا التمايز مع تطبيقه على مجالات كثيرة مختلفة.
٣  تقديرات إحصائية بديلة عن مدى «زيادة الوفيات» للمرأة في بلدان كثيرة في آسيا وشمال أفريقيا, ناقشتها في كتابي: Resources, Values and Development (Cambridge, Mass: Harvard University Press, 1984).
٤  توجد دراسات غزيرة عن هذا، وإن محاولاتي لتحليل واستخدام الشواهد المتاحة يمكن الاطلاع عليها في «الجنوسة والصراع التعاوني»، ١٩٩٠م.
٥  ناقشت هذه القضايا في كتابي: Resources, Values and Development (1984), Gender and Cooperative Conflict (1990). وثمة دراسة رائدة في هذا المجال معروضة في Ester Boserup’s classic work, Women’s Role in Economic Development (London: Alien & Unwin, 1971). والدراسات الأخيرة عن عدم المساواة بين الجنسين في عديد من البلدان النامية تتضمن عددًا من الدراسات المهمة والمفيدة عن الأنماط المختلفة لتحديد المتغيرات.
٦  التقسيمات بين الجنسين داخل الأسرة تجري دراستها أحيانًا وكأنها «مشكلات مساومة». وتتضمن الدراسات في هذا الشأن، من بين مساهمات كثيرة، كتبًا مثل: Marilyn Manser and Murray Brown, Marriage and Household Decision Making: A Bargaining Analysis, International Economic Review 21 (1980).
٧  انظر في هذا: Okin, Justice, Gender, and the Family (1989); Dreze and Sen, Hunger and Public Action (1989).
٨  بدأت القضية حين حَظِيَت باهتمام كبير في الهند. انظر: Asoke Mitra, Implications of Declining Sex Ratios in India’s Population (Bombay: Allied Publishers, 1980).
٩  انظر في هذا: Tinker, Persistent Inequalities (1990). ورقتي في هذه المجموعة «الجنوسة والصراع التعاوني» تتناول المؤثِّرات الاقتصادية والاجتماعية التي تُؤثِّر على التقسيمات داخل الأسرة، وتُناقِش لماذا تختلف التقسيمات كثيرًا جدًّا بين الأقاليم (مثال ذلك الانحياز ضد الأنثى في جنوب وغرب آسيا، وفي شمال أفريقيا، وفي الصين أقوى منه في أفريقيا جنوب الصحراء أو في جنوب شرق آسيا)، وكذلك داخل مجالات مختلفة في البلد الواحد (مثال ذلك الانحياز الجنوسي على هذا المستوى قوى جدًّا في بعض ولايات الهند مثل البنجاب وأوتار براديش ويكاد يختفي في كيرالا). وتوجد أيضًا روابط وثيقة بين المؤثرات المختلفة على الوضع النسبي للمرأة مثل تلك التي تربط الحقوق الشرعية والتعليم الأساسي (حيث إن استخدم التدابير الشرعية وثيق الصلة بالقدرة على القراءة والكتابة). انظر: Salma Sobhan, Legal Status of Women in Bangladesh (Dhaka: Bangladesh Institute of Legal and International Affairs, 1978).
١٠  دور التقسيمات على أساس التمييز بين الجنسين في المشاركة في الجوع، درسَه دراسةً متميزة: Megan Vaughan, The Story of an African Famine: Hunger, Gender and Politics in Malawi (Cambridge: Cambridge University Press, 1987).
١١  نوقشت بعض هذه القضايا في السياق المحدَّد للهند مع مقارَنات داخل وخارج الهند في: Dreze and Sen, India: Economic Development and Social Opportunity (1995).
١٢  انظر دراستي: Gender and Cooperative Conflict, in Tinker, Persistent Inqualities (1990).
١٣  انظر: L. Beneria, ed., Women and Development: The Sexual Division of Labor in Rural Societies (New York: Praeger, 1982).
١٤  انظر: Mamta Munhi, Anne-Catherine Guio and Jean Dreze, Mortality, Fertility and Gender Bias in India: A District Level Analysis, Population and Development Review 21 (December 1995). يمكن يقينًا إثارة تساؤلات بشأن اتجاه التعليل في العلاقات المُحدَّدة، مثال ذلك ما إذا كان محو أمية المرأة يُؤثِّر على مكانة وموقف المرأة في الأسرة، أو ما إذا كان وضع المرأة في مستوى رفيع يحفز الأسرة على إلحاق البنات بالمدرسة. ويمكن أيضًا أن يوجد إحصائيًّا عامِل ثالث يربط بين الاثنين. وتشير الدراسات التجريبية إلى أن غالبية الأسر — حتى المتخلفة منها اجتماعيًّا — في الهند؛ تفضل كثيرًا تعليم أطفالها، بما في ذلك البنات. ويشير مسح مهم إلى أن نسبة الأبوين اللذين يريان من المهم إلحاق البنات بالمدارس حتى في أقل الولايات حظًّا من التعليم الأنثوي ما يلي: ٨٥ بالمائة في راجاستان، ٨٨ بالمائة في بيهار، و٩٢ بالمائة في أوتار براديش، و٩٣ بالمائة في مادهيا براديش. ويظهر أن الحاجز الأساسي دون تعليم البنات هو عدم وجود مدارس ملائمة قريبة.
١٥  يشير تَعداد السُّكان في الهند عام ١٩٩١م إلى أن نسبة الوفيات في الألف في الأعمار من صفر – ٤ كانت ٢٥٫٦ من الذكور، ٢٧٫٥ من الإناث على مستوى كل الهند. وكانت نسبة وفيات الإناث في هذه المجموعة العمرية أدنى من نسبة وفيات الذكور في أندهار براديش، وأسام، وهيماشال براديش، وكيرالا وتاميل نادو، ولكنها أعلى في كل الولايات الهندية الأخرى. وكانت حالة الأنثى غير مواتية بشكل واضح جدًّا في بيهار، وهاريانا، ومادهيا براديش.
١٦  Murthi, Guio and Dreze, Mortality, Fertility and Gender Bias in India (1995).
١٧  Jean Dreze and Mamta Murthi, Female Literacy and Fertility: Recent Census Evidence from India, Cambridge, U.K., 1999.
١٨  لم تتوفر على ما يبدو بيانات كاملة مع تباينات ملائمة بين المقاطعات بحيث تفي بدراسة أثر الأشكال المختلفة لحقوق الملكية، التي تبدو متماثلة نسبيًّا في الهند. ونجد على أساس متفرد مقالًا قويًّا ونوقش كثيرًا خاص بكل من نيرس وكيرالا؛ إذ بها ميراث على أساس نسب الأم منذ زمن طويل (وهذا اقتران يؤكد ولا يناقض الأثر الإيجابي لحقوق الملكية الخاصة بالأنثى على بقاء الطفل بوجه عام وبقاء إناث الأطفال بوجه خاص).
١٩  هناك على ما يبدو رابطة إيجابية بين مشارَكة الأنثى في قوة العمل ونسبة الوفيات دون الخامسة، بَيْدَ أنَّ هذه الرابطة ليست مهمة إحصائيًّا.
٢٠  انظر من بين مساهمات أخرى هامة كثيرة: J. C. Caldwell, Routes to Low Mortality in Poor Countries, Population and Development Review in (1986).
٢١  ناقشنا هذا باستفاضة في كتابي بالاشتراك مع جين دريز: India: Economic Development and Social Opportunity (1995).
٢٢  المصادر المختلفة للدليل على هذا كانت موضوع دراسة نقدية فاحصة، وليس غريبًا أن تظهر الدراسات التجريبية المختلفة بقوة في هذه الدراسات. انظر الأطر النقدية لهذه القضية في: Caroline H. Bledsoe, John B. Casterline, Jennifer A. Johnson-Kuhn and John G. Haaga, eds., Critical Perspectives on Schooling and Fertility in the Developing World (Washington, D.C.: National Academy Press, 1999).
٢٣  انظر في هذا الشأن دراستي: Population: Delusion and Reality, New York Review of Books, September 22, 1994.
٢٤  United Nations, ESCAP, Integration of Women’s Concerns into Development Planning in Asia and the Pacific (New York: United Nations, 1997). وأخص بالذِّكْر ورقة بحث رحمان سبحان وكذا المَراجع الواردة معها. وترتبط القضايا العملية على نحو وثيق بالمفهوم الاجتماعي عن دور المرأة في المجتمع، وبهذا يصيب بؤرة الاهتمام الدراسات الحركة النسائية. وتوجد مجموعة واسعة من أوراق البحث (من بينها دراسات كثيرة كلاسيكية) في كتاب Susan Moller Okin and Jane Mansbridge, eds., Feminism (U.K.: Edward Elgar, 1994).
٢٥  تفسيرات هذه الاكتشافات المهمة يمكن أن تستدعي عوامل ثقافية وكذا عوامل اقتصادية واجتماعية. وإذا كان النقاش الموجز هنا يتركز على الجانب الأخير، إلا أن هناك روابط واضحة بالمسائل النفسية والقيمية التي أثارها مَن يَرَون أن ثَمَّة تباينًا جنوسيًّا أساسيًّا في الأخلاق والمواقف، ومن أبرز هؤلاء كارول جيليجان. ويمكن أن نولي اهتمامًا بواقع أن أبرز مَظاهر إصلاح السجن البشري في الهند إنما هو وليد هذه التنشئة النادرة، أعني قائدة سجن للنساء، كيران بيدي. ونقرأ تفسيرها للتغيير الجذري، والمعارَضة التي واجَهَتْها في كتابها: Kiran Bedi, It’s Always Possible: Transforming One of the Largest Prisons in the World (New Delhi: Sterling, 1998).
٢٦  يدافع أولدنبرج عن الفرض الأول، ولكن انظر أيضًا: Arup Mitra, Sex Ratio and Violence: Spurious Results, Economic and Political Weekly, January 2–9 1993.
٢٧  عامل آخر هو استخدام المسئولية الجماعية من أجل التماس نسبة أعلى للسداد.
٢٨  انظر: Catherine H. Lovell, Breaking the Cycle of Poverty: The BRAC Strategy (Hartford, Conn.: Kumarian Press, 1992).
٢٩  انظر: John C. Caldwell, Barkat-e-Khuda, Bruce Caldwell, Indrani Pieries and Pat Caldwell, The Bangladesh Fertility Decline: An Interpretation, Population and Development Review 15 (1999).
٣٠  انظر: Agarwal, A Field of One’s Own (1995).
٣١  انظر: Henrietta Moore and Megan Vaughan, Cutting Down Trees: Gender, Nutrition and Agricultural Change in the Northern Province of Zambia, 1590–1990 (Portsmouth, N.H.: Heinemann, 1994).
٣٢  المشكلات التي يتعين على المرأة التغلُّب عليها في سوق العمل وفي العلاقات الاقتصادية في المجتمع كثيرة جدًّا حتى في اقتصادات السوق المتقدمة.
٣٣  هنا خطر التبسيط المُخِلِّ عند النظر إلى قضية فعالية المرأة أو استقلالها الذاتي في ضوء صِيَغ ومعادَلات تُركِّز على علاقات إحصائية بسيطة ذات متغيرات مثل محو أمية الإناث أو العمالة.
٣٤  انظر: Naila Kabeer, The Power to Choose, University of Sussex, 1998.
٣٥  دور المرأة المتغير (والآثار بعيدة المدى لهذا) في الهند منذ الاستقلال ناقشته مجموعة أوراق مهمة أشرف على تحريرها: Bharari Ray, From Independence towards Freedom (Delhi: Oxford University Press, 1999).
٣٦  تقرير التنمية الإنسانية لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، ١٩٩٥م، (نيويورك)، يعرض بحثًا مقارنًا بين البلاد عن فوارق الجنوسة في القيادات الاجتماعية والسياسية وقطاع الأعمال، علاوة على تقرير عن عدم المساواة بين الجنسين في ضوء مؤشرات أكثر تقليدية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤