مظاهر الأثر الصيني في الفنون الإسلامية

(١) الورق

إذا تذكرنا أن الخط الجميل والتصوير في المخطوطات ميدانان من أهم ميادين الفن الإسلامي، أدركنا ما كان للورق من شأن خطير في تطور هذا الفن. والمعروف أن الصينيين كانوا ينتجون أحسن أنواع الورق،١ كما كان للخط الجميل عندهم منزلة عظيمة، فقرنوه بالأعمال الإلهية المقدسة.
وقد تعلم العرب صناعة الورق على يد صناع من الصين أسرهم المسلمون حين فتحوا سمرقند في نهاية القرن الأول بعد الهجرة (بداية القرن الثامن الميلادي)، أو — في قول آخر — على يد صانع صيني، أسره زياد بن صالح حاكم تلك المدينة سنة (١٣٤ﻫ/٧٥١م).٢

وقد كان العالم الإسلامي يستورد من الصين بعد ذلك ضروبًا فاخرة من الورق لم يصل المسلمون إلى صنع مثلها.

(٢) تقليد التحف الصينية

أقبل الفنانون في الشرق الإسلامي على تقليد التحف الصينية، وأصابوا في بعض الأحيان نجاحًا يتفاوت مداه، ولا ريب في أن بدء هذا التقليد يرجع إلى فجر الإسلام، وقد ظل قائمًا حتى القرن الثاني عشر الهجري (١٨م).

ففي سامرا (٣ﻫ/٩م) عرف الخزفيون المسلمون مزايا الخزف الصيني، وعملوا على إنتاج خزف يشبهه؛ كما تشهد بذلك القطع الخزفية التي عثر عليها في أطلال تلك المدينة.٣

كما وجد في حفائر الفسطاط، إلى جانب الخزف الصيني الصحيح، خزف أنتجه الخزفيون المصريون تقليدًا للخزف المصنوع في الشرق الأقصى.

ويرجع تقليد الخزف الصيني في مصر إلى العصر الفاطمي، فقد حاول الخزفي المشهور «سعد»، ومن نسج على منواله من أتباعه وتلاميذه؛ أن يصنعوا نوعًا من الخزف ذي الزخارف المحفورة تحت الدهان، كانوا يقلدون به خزف «سونج» الصيني،٤ ولكن تقليد الخزف الصيني لم تتسع دائرته في مصر إلا في عصر المماليك.٥
وكتب البيروني (المتوفَّى سنة ٤٤٠ﻫ/١٠٤٧م) في كتاب «الجماهر في معرفة الجواهر» عن تقليد الخزف الصيني في إيران، وتحدث عن صديق له في مدينة الري كان عنده عدد وافر من الأواني المصنوعة من الخزف الصيني.٦
وقد قلد الخزفيون الإيرانيون — ولا سيما في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) — بعض ضروب الخزف المصنوع في الشرق الأقصى، على رأسها نوع امتاز بدهانات متعددة الألوان تغطي سطح الإناء، وذاع استعمال هذا النوع في عصر أسرة تنج،٧ وأصاب المسلمون في تقليده توفيقًا كبيرًا حتى لقد يصعب في بعض الأحيان أن نميز لأول وهلة القطعة الصينية الأصلية من التي صنعت تقليدًا لها على يد الصناع المسلمين.

وقد وجدت قطع من هذا الخزف الأخير في أطلال مدن الري والسوس وإصطخر وساوة، وفي بعض البلاد بإقليمي مازندران وتركستان، والألوان المستعملة في هذا الخزف كثيرة وجميلة ويسودها الأسمر والأصفر والأخضر، وقد نرى بعض زخارف من دوائر ورسوم نباتية محفورة تحت الدهان ولكنها لا تظهر بوضوح؛ لأن أول ما يلفت النظر في هذا الخزف هو ألوانه المختلطة البديعة، وهو يرجع في الغالب إلى القرنين الثاني والثالث وفي بعض الأحيان إلى القرن الرابع بعد الهجرة (العاشر الميلادي).

ومن أنواع الخزف الصيني الأخرى التي قلدها المسلمون الخزف الأبيض الخالص، فكانوا يصنعون منه الصحون والسلطانيات ذات الحافة المشطورة بأقواس متقابلة.٨ وقد أصاب بعض الخزفيين نجاحًا وافرًا في إتقان هذا التقليد (انظر شكل ٤٢).
وقد حاول الخزفيون الإيرانيون في عصر السلاجقة وعصر المغول (من القرن ٥ إلى ٨ﻫ/من ١١ إلى ١٤م) تقليد الفخار الصيني.٩
ونقل ياقوت الحموي (المتوفَّى سنة ٦٢٦ﻫ/١٢٢٩م) في مادة الصين من كتابه «معجم البلدان» حديثًا عن شخص اسمه أبو دلف مسعر بن المهلهل زار بلاد الترك والصين والهند، أشار فيه إلى مدينة من أعمال الهند تُدعى كولم كانت تصنع بها آنية خزفية تباع في العالم الإسلامي على أنها صينية؛ وهي ليست كذلك، لأن طين الصين أصلب من طينها وأصبر على النار.١٠
ومما كتبه المؤرخ الإيراني خواندمير عن مصور إيراني مشهور، اسمه مولانا حاج محمد نقاش، أنه حاول مرارًا تقليد الخزف الصيني، وأتيح له بعد جهود متواصلة أن ينجح في صنع آنية تشبه في شكلها الأواني الصينية ولكنها لا توازيها في اللون والنقاوة.١١
ومما امتاز بإنتاجه الخزفيون في العصر الصفوي نوع من خزف أبيض كانوا يقلدون به الخزف المصنوع في الشرق الأقصى، وكانت زخارفه زرقاء تحت الدهان، وفضلًا عن ذلك فقد حاولوا أيضًا تقليد الفخار الصيني (البورسيلين)، كما صنعوا آنية وأطباقًا كبيرة الحجم، فيها اللونان الأزرق والأبيض، وتبدو لأول وهلة — في ألوانها وأشكالها وزخارفها — كأنها من صناعة الصين،١٢ والحق أنهم أصابوا توفيقًا عظيمًا في صناعة هذا الخزف الأبيض والأزرق،١٣ ومن التحف الجميلة المعروفة من هذا النوع، قنينة في القسم الإسلامي من متاحف الدولة في برلين، عليها رسم أسد خيالي ينبعث اللهب من كتفيه (انظر شكل ٤).
وقد قلد الخزفيون الإيرانيون في العصر الصفوي السيلادون الصيني،١٤ ولا سيما في مدينة أصفهان، وأصابوا في هذا الميدان توفيقًا عظيمًا في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي).
وكان الحرير الصيني واسع الانتشار في شرق العالم الإسلامي ولا سيما منذ عصر المغول؛ وقلد الإيرانيون زخارفه، فأنتجوا أنواعًا جيدة من الديباج كانوا يصدرونها إلى البلاد الأجنبية؛ وقد عثر على نماذج منها في بعض المقابر بمدينة فيرونا الإيطالية، وكانت زخارفها من الحيوانات الخرافية، والزهور الصينية، والكتابات العربية.١٥
وفي مكتبة السراي باستانبول مجموعة من الصور في مرقعات كبيرة، وفي بعض هذه المرقعات صور بديعة على الطراز الصيني، وفيها صور صينية قد ترجع إلى بداية القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي)، وفيها صور أخرى تجمع بين الطرازين؛ إذ رسوم الأشخاص والعمائر فيها من طراز إيراني ولكنها في مناظر طبيعية صينية، ويبدو مع ذلك أن الكل من عمل فنان واحد، ومن المحتمل أن المصور غياث الدين الذي كان من أعضاء أحد الوفود التي أرسلها شاه رخ إلى الصين، والذي عُني في وصف رحلته بالتحدث عن مواكب أهل الصين، وملابسهم، ومهارتهم في العمارة، وما رآه من الصور الحائطية على جدران معابدهم، نقول من المحتمل أن هذا الفنان هو الذي جمع أو رسم هذه الصور الصينية الإيرانية المحفوظة في مكتبة السراي.١٦
وفي المكتبة الأهلية بباريس مخطوط من رسالة عن الأبراج، ومجموعات النجوم، وكان هذا المخطوط ملكًا للأمير أولوغ بك ابن شاه رخ، ويبدو في رسومه أنها منقولة عن أصول صينية، ولا سيما في ألوانها الهادئة، وبعدها عن النضارة، والتباين، والحدة التي امتاز بها المصورون من مدرسة هراة في العصر التيموري.١٧

وقد كان تقليد الصور الصينية منتشرًا في العصر المغولي، وفي العصر التيموري إلى حد أن كثيرًا من الصور الإيرانية المغولية كانت تنسب في البداية إلى مصورين من الصين، أو يقال: إنها منقولة عن نماذج صينية؛ ولكن ثبت بعد مواصلة الدرس وكشف المخطوطات المصورة أن قسطًا وافرًا من الشبه بين الصور الإيرانية المذكورة والصور الصينية يرجع إلى تأثر المصورين المسلمين بالأساليب الفنية الصينية فحسب.

ومن الصور التي وصلتنا، والتي نرى فيها العناصر الصينية والإيرانية جنبًا لجنب، بدون أن تختلط أو تكوِّن وحدة متماسكة، نقول: من تلك الصور واحدة كانت في مجموعة فيفر Vever، وتمثل فرع شجرة مورقًا ومزهرًا وعليه عصفور، وتبدو هذه المجموعة كأنها صينية من عصر منج؛ ولكن رسم تحتها خسرو وشيرين الحبيبان الإيرانيان، بملابس فارسية ووجهين صينيين، حتى ليصعب الجزم بأن المصور كان إيرانيًّا قلد الصناعة الصينية أو صينيًّا قلد الرسوم الإيرانية١٨ (شكل ٣٠).
وكذلك كان المصورون في المدرسة الصفوية الثانية — ولا سيما بين عامي ١٥٧٠ و١٦١٠ — مغرمين بتقليد الصور الصينية ورسم الصور بدون لون أو بلون قليل جدًّا، وكان على رأس هذه المدرسة رضا عباسي وولي جان وصادق، على أنهم انصرفوا إلى تقليد الصور والرسوم الموجودة على الحرير الصيني الذي كان ذائع الانتشار في ذلك الوقت، ولم يقلدوا اللوحات الفنية الصينية إلا نادرًا.١٩

(٣) السحنة المغولية

من المعروف أن المسلمين في الشرق الأدنى لا ينتمون إلى الجنس المغولي الأصفر، ومع ذلك كله فإنهم — بعد أن زاد اتصالهم بالشرق الأقصى سياسيًّا وثقافيًّا وتجاريًّا — أقبلوا على جعل السحنة في رسم الأشخاص، على تحفهم وفي مخطوطاتهم، مغولية إلى حد كبير جدًّا،٢٠ فأصبحت مميزات الجنس الأصفر، ولا سيما العيون المستطيلة الضيقة، ظاهرة على التحف الإسلامية إلى حد كبير جدًّا، حتى إن تلك التحف تبدو كأنها صينية لذوي الثقافة الفنية العادية (انظر الأشكال ١ و٢ و١٤ و١٦ و١٧ و١٨ و٢٩).

(٤) التجاوز عن تحريم التصوير

كان أهل إيران أكثر الشعوب الإسلامية مخالفة للتعاليم الدينية الإسلامية بشأن كراهية تصوير الكائنات الحية، ولا ريب في أن ذلك يرجع إلى أنهم شعب ميال للفن بفطرته، وإلى أنهم يشعرون بأن تحريم التصوير في فجر الإسلام كان يقصد به تجنب عبادة الأوثان، فلا بأس به بعد أن ثبتت دعائم الإسلام؛٢١ كما أنهم آريون لا يخشون الصور ولا ينسبون لها قوى سحرية كما يفعل معظم الساميين، فضلًا عن أنهم ورثوا أساليب فنية في النقش والتصوير عن أسلافهم من الكيانيين والساسانيين؛ وكانوا لا يفهمون أن في التصوير مضاهاة لخلق الله عز وجل، وأن تقليد الخالق أمر لا يجوز،٢٢ وأن تصوير المخلوقات وعمل التماثيل لها تخليد لأعراض زائلة لا يجب التفكير فيه لأن الخلود لله وحده.

ولكن الذي لم يفطن إليه كثير من الباحثين هو أن الصلة الوثيقة التي قامت بين إيران والصين كان لها أثر كبير في نمو التصوير في شرق العالم الإسلامي وفي أن إيران لم تترك ما عرفته قبل الإسلام من صور ونقوش. ولا غرو، فإن السلاجقة والمغول — بثقافتهم الفنية الصينية — كان لهم فضل كبير في تشجيع الإيرانيين على عدم الاكتراث بتحريم التصوير، اللهم إلا في حالات نادرة، والحق أننا، إذا تذكرنا أن ما عرفته إيران قبل عصر المغول من تصوير المخطوطات لم يكن شيئًا مذكورًا بالنسبة لما عرفته في العصور التالية، أدركنا ما كان للمغول من أثر في هذا الميدان، إلى جانب الثقافة الفنية الإيرانية القديمة.

بل إننا نعتقد أيضًا أن التفكير في تصوير النبي — عليه السلام — ربما كان مصدره الصين، فكلنا نذكر ما يزعمونه من أن رسول ملك الصين قد رسم صورة الرسول سرًّا، وأن ابن وهب القرشي قد زار بلاط ملك الصين ورأى فيه صور الرسل وبينها صورة محمد عليه السلام، ولا ننسى في هذا المقام أن الفنانين لم يحاولوا في فجر الإسلام أن يصوروا أي حادث من السيرة النبوية؛ فإن أقدم الصور التي نعرفها من هذا النوع لا ترجع إلى ما قبل القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)،٢٣ وعندنا أن المصورين الإيرانيين حين عمدوا إلى رسم صور خيالية للنبي كانوا متأثرين بما سمعوه عن صور النبي في الصين وعن تصوير البوذيين والمانويين — فضلًا عن المسيحيين — لآلهتهم ورسلهم وقديسيهم.

(٥) الدقة ومحاكاة الطبيعة في رسوم الحيوان والنبات

وقد أخذ الفنانون المسلمون عن الأساليب الفنية الصينية العمل على محاكاة الطبيعة بدقة وإتقان في رسوم الحيوانات المختلفة والزهور والنبات. والمعروف أن الشرق الأدنى كان منذ العصور القديمة غنيًّا في استخدام الزخارف الحيوانية، وكانت هذه الزخارف مما ورثته الفنون الإسلامية؛ ولكن المسلمين كانوا لا يعنون في البداية برسم الحيوان صورة مطابقة لطبيعته ومعبرة عن أجزائها المختلفة تعبيرًا صحيحًا من الوجهة العلمية؛ ولذا كانت صور الحيوان عندهم جافة وقد تبدو مشوهة أو غير طبيعية، وقد يصعب تمييز الحيوان الذي قصد الفنان رسمه أو عمل التحفة على شكله. ولكنهم، بعد أن تأثروا بدقة الصينيين في رسم الحيوان والطير وصلوا منذ القرن الثامن الهجري (١٤م) إلى تقليد الطبيعة تقليدًا صادقًا، فاكتسبت رسوم الحيوان في التحف الإسلامية قسطًا وافرًا من الإتقان والرقة والمرونة؛٢٤ كما أخذ الفنانون المسلمون عن الصين رسوم الطير يسبح في الهواء فيكسب الصورة حياة حركة.٢٥

وكان الحال كذلك في الرسوم النباتية، وحسبنا أن نوازن رسوم النباتات والأزهار في التحف الإسلامية المصنوعة في فجر الإسلام بما صنع منها بعد فتح المغول، لندرك التطور الواضح. والواقع أن الزخارف النباتية في شرق العالم الإسلامي بدأت منذ القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) في أن تكون صورًا دقيقة من الطبيعة، ونقل الفنانون عن الصين بعض النباتات المائية، وزادوا في أنواع الزهور التي استعملوها في زخارفهم.

أما الصور الآدمية فلسنا نستطيع أن نرى فيها تأثرًا كبيرًا بالأساليب الفنية الصينية من ناحية الدقة والإتقان. حقًّا إنها كسبت شيئًا من المرونة والحركة سوف نتكلم عنه، ولكنها لم تظفر من الناحية التشريحية بتطور يستحق الذكر. ولا غرو فإن الصين نفسها لم تكن تختلف كثيرًا عن إيران من هذا الوجه، فإنهما معًا كانا على عكس الفن الإغريقي والفنون التي انحدرت منه، وبيان ذلك أن الفن الإغريقي كان قوامه رغبة الفنان في الوصول إلى تمثيل كل أجزاء الجسم الإنساني ونقلها نقلًا دقيقًا تكاد تراعى فيه مبادئ علم التشريح كاملة.٢٦

ولا غرابة فقد كانت بيئة الإغريق وعاداتهم ونشاطهم العقلي الحر سببًا في ذلك كله؛ فأصبح المثل الأعلى للفنان الإغريقي أن يكون التمثال أو الصورة التي ينتجها تمثل الشيء المصور في كل أجزائه. بينما لم تحاول سائر الشعوب القديمة أن تصنع صورًا وتماثيل تراعى فيها الدقة والصدق ومبادئ التشريح وعلم الجمال وقوانين المنظور والكيفية التي تبدو بها الأشياء للعين. فأهل الشرق الأدنى والشرق الأقصى لم يكن من شأن بيئتهم أو نوع نشاطهم العقلي وحب الاستطلاع عندهم أن تتجه بالصور والتماثيل إلى الناحية الإغريقية في صدق تمثيل الطبيعة، بل اكتفى الفنانون عندهم بالعناية بالأجزاء التي تبدو لهم ذات شأن خطير أو مغزى، فكانوا بذلك دون زملائهم الغربيين في الوصف الفني والتحليل.

(٦) رسم الصور الشخصية Portraits

كان الفقهاء يعتبرون التصوير أو عمل التماثيل محاولة لمضاهاة الخالق — عز وجل — وتقليد عمله، وكان ذلك من أسباب كراهية تصوير الكائنات الحية وعمل التماثيل لها. حقًّا إن بعض قطع العملة التي ترجع إلى عصر الخليفة عبد الملك بن مروان كان عليها رسم الخليفة يحمل سيفًا، ولكن لا شك في أن هذا الرسم لم يكن صورة شخصية بل كان رسمًا رمزيًّا يمثل خليفة المسلمين، وقد ضربت مثل هذه الدنانير ذات الصور تقليدًا للعملة البيزنطية التي كانت منتشرة في الشرق الأدنى والتي كان عليها صورة إمبراطور بيزنطة، ورغبة في ألا يجد الشعب فرقًا كبيرًا بينها وبين سائر العملة التي عرفها قبل ذلك، ومع ذلك فإن عبد الملك بن مروان لم يلبث أن أمر بسك العملة بدون أي رسم آدمي عليها.

وقد وصلت إلينا بعد ذلك من عصر الخليفة المتوكل العباسي (القرن ٣ﻫ/٩م) سكة أو وسام على أحد وجهيه صورة الخليفة٢٧ وعلى الوجه الآخر رسم رجل يقود جملًا، ولكن المعروف أن المتوكل كان بعيدًا جدًّا عن التمسك بمبادئ الدين فضلًا عن أنه كان وثيق الصلة بالفنانين الإغريق، وقد استخدم فريقًا منهم في رسم الصور على جدران قصر المختار الذي شيده في سامرا، والذي أشار ياقوت إلى الصور العجيبة التي كانت فيه؛ ومن جملتها صورة بيعة فيها رهبان «وأحسنها صورة شهار البيعة»،٢٨ ولكن أكبر الظن أن هذه الصور ليست شخصية؛ وهي إن كانت كذلك إلى حد ما فإنها من صنع فنانين غير مسلمين.
وصفوة القول أننا لا نعرف قبل عصر المغول صورًا شخصية بمعنى الكلمة، كما أن ما جاء ذكره في بعض المصادر الأدبية والتاريخية لم يكن إلا صورًا رمزية.٢٩
وقد روي أن الفيلسوف الطبيب ابن سينا رفض أن يلبي دعوة محمود الغزنوي للعمل في بلاطه؛ وفر إلى إقليم جرجان، فأمر محمود أبا نصر بن العراق المصور أن يرسم صورة ابن سينا على ورقة؛ ثم طلب من مصورين آخرين أن يرسموا أربعين نسخة منها؛ وأرسل الصور إلى حكام الأقاليم المجاورة راجيًا أن يرسلوا إليه صاحبها؛ ولكننا لا نميل إلى تصديق هذه القصة. وأكبر ظننا أنها نسجت على منوال قصة تشبهها؛ ذكرتها المصادر الأدبية والتاريخية عن مهارة أهل الصين في التصوير، وأشرنا إليها في بداية هذا البحث.٣٠

فالذين يرجع إليهم الفضل في بدء الصور الشخصية في الإسلام هم السلاطين المغول، الذين حذوا حذو آبائهم وجروا على سنة عمل الصور الشخصية لأنفسهم على يد فنانين من أهل الصين أو ممن تأثروا بالأساليب الفنية الصينية، وزادت هذه الصور بعد ذلك في عصر تيمور وخلفائه.

وقد وصف جهانكير — الإمبراطور الهندي — في مذكراته صورة رسمها مصور اسمه خليل ميرزا، وكانت حينًا من الزمن في مكتبة الشاه إسماعيل الصفوي (٩٠٧–٩٣٠ﻫ/١٥٠٢–١٥٢٤م). وقال: إنها كانت تمثل إحدى معارك تيمورلنك، وكان فيها رسم هذا الفاتح بين أولاده وقواد جيشه، فبلغ عدد المرسومين فيها مائتين وأربعين شخصًا.٣١
أما الصور الشخصية في عصر الدولة الصفوية فكثيرة، وقد وصل إلينا منها صور بعض الملوك كالسلطان حسين بيقرا والشاه طهماسب والشاه عباس. والواقع أن تصوير الملوك والسلاطين والأمراء ورجال الدولة أصبح أمرًا شائعًا في إيران والهند وتركيا منذ القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)،٣٢ وإن كان ذكر الصور في الأساطير الأدبية أقدم من هذا التاريخ بعدة قرون.

ومما يلفت النظر أن الفنانين المسلمين نسجوا في البداية على منوال زملائهم الصينيين في رسم الأشخاص بوجوههم من الأمام، وبحيث تظهر ثلاثة أرباع الوجه إن لم يظهر الوجه كله.

والواقع أنهم لم يقبلوا على رسم الصور الجانبية إلا منذ نهاية القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)؛ وذلك بعد أن عرفوا الأساليب الفنية الأوروبية وتأثروا بها. على أن الصور الجانبية لم تنتشر في الصين نفسها إلا منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وأصبحت بعد ذلك الطريقة المثلى في تصوير الوجوه في الهند الإسلامية.

والمعروف أن المصور الإيراني بهزاد كان له شأن عظيم في النهوض بالصور الشخصية في التصوير الإسلامي؛ فإن المصورين قبله لم يصيبوا في هذا الميدان توفيقًا يستحق الذكر؛ وكانت الصور التي يريدونها أن تكون شخصية لا يكاد يمتاز بعضها من بعض إلا بإضافة ميزة أو أكثر، من ميزات الشخص المراد تصويره، إلى رسم غير شخصي جرى المصورون على رقمه لمختلف الأشخاص؛ بينما استطاع بهزاد — بحذقه في الرسم ودقة التعبير في التصوير — أن يصل إلى إنتاج صور من أبدع الصور الشخصية في الفن الإسلامي.٣٣
وقد كان لأسلوب بهزاد في رسم الصور الشخصية أثر كبير في الأساليب التي اتبعتها المدرسة الهندية المغولية في نفس الميدان،٣٤ ولا ننسى في هذه المناسبة أن رسم الصور الشخصية في المدرسة الهندية الإسلامية قام إلى حد كبير على أكتاف أستاذ فارسي هو: المصور عبد الصمد.٣٥ وصفوة القول أننا نذهب إلى أن التأثر بالأساليب الفنية الصينية كان له أكثر الفضل في نجاح الفنانين الإيرانيين، ثم الهنود من بعدهم، في الوصول إلى رقم صور شخصية تبدو فيها سحنة الأفراد الذين أراد الفنانون تصويرهم، ويمكن بوساطتها تمييزهم، إذا رأينا صورًا أخرى لهم.

(٧) التعبير عن الحركة والحياة في الرسم

كان للأساليب الصينية أثر كبير في تعليم الفنانين في شرق العالم الإسلامي التعبير عن الحركة في رسومهم، فأخذت الحياة تدب في رسوم الحيوان والنبات، كما كسبت الصور الآدمية قسطًا وافرًا من المرونة والرقة،٣٦ ولم تعد رسمًا تخطيطًا مجردًا وملخصًا فحسب، وقد كانت الرسوم والصور الإيرانية، قبل التأثر بالفنون الصينية عليها مسحة من الجمود؛ وتبدو كأنها عناصر زخرفية وتوضيحية قبل كل شيء، أما بعد ذلك فقد زال عنها قسط وافر من الجمود والبساطة، بل دب إليها في بعض الأحيان — عدا الحركة والحياة — شيء من روح المزاح والتهكم.

(٨) الرسوم التخطيطية بالمداد

كانت الرسوم التخطيطية بالمداد من المميزات الفنية الصينية في عصر سونج (٩٦٠–١٢٧٨م). وقد نسج بعض الفنانين الإيرانيين على منوالها؛ كما نرى في مخطوط من كتاب جامع التواريخ للوزير رشيد الدين، محفوظ في الجمعية الآسيوية بلندن وفي مكتبة جامعة أدنبرا.٣٧ وقد مر بنا أن المصورين في المدرسة الصفوية الثانية قلدوا أهل الصين في رسم الصور بدون ألوان أو بألوان قليلة جدًّا.

(٩) هدوء الألوان

أحب الفنانون الإيرانيون الألوان البراقة، ولم يجتنبوا في البداية التباين والتنافر والشذوذ في ما استعملوه منها؛ ولكنهم تأثروا بعد ذلك بالفنون الصينية فخففوا من ذلك التنافر والتباين؛ ومالت ألوان رسومهم في بعض الأحيان إلى الهدوء والانسجام. أما المسلمون في الهند فإنهم اتخذوا الألوان الهادئة والداكنة، فصارت من مميزات التصوير عندهم. ومهما يكن من الأمر فقد كان المصورون الهنود ينسجون في بعض رسومهم على منوال المصورين الصينيين، كما يظهر من وصف الكاتب عبد الرزاق الذي كان عضوًا في بعثة من بعثات شاه رخ، والذي كتب عن صور بعض المعابد الهندية أنها كانت على أسلوب الغربيين والصينيين،٣٨ والمعروف كذلك أن التأثر بالأساليب الفنية الصينية كان جليًّا في منتجات المصور فروخ بك الذي التحق بخدمة الإمبراطور الهندي أكبر خان سنة ١٥٨٥ ميلادية.٣٩ وعلى كل حال فإن المصورين الهنود لم يكونوا أقل من سائر الفنانين المسلمين إعجابًا بزملائهم من أهل الشرق الأقصى.٤٠

(١٠) احتمال الفراغ

أمكن الفنانين المسلمين — بعد تأثرهم بالأساليب الفنية الصينية — أن يشذوا في بعض الأحيان عن القاعدة التي نعرفها في الفنون الإسلامية عامة، وهي الهرب من الفراغ والعمل على تغطية التحفة كلها بالرسوم والزخارف؛٤١ فقد فهموا بوساطة التحف الصينية أن بعض الألطاف — ولا سيما في الخزف — لا تفقد شيئًا من جمالها وروعتها إذا كانت ذات لون واحد فقط أو ذات زخرفة بسيطة لا تغطي من مساحتها إلا جزءًا تتفاوت مساحته؛ ولذا فإننا نرى في العالم الإسلامي — بعد تأثر الفنانين بالأساليب الفنية الصينية — كثيرًا من التحف ذات الزخارف القليلة أو التي لا زخارف عليها قط.

(١١) الموضوعات الزخرفية الصينية

نقل الفنانون المسلمون بعض الموضوعات الزخرفية عن الفنون الصينية. ومنها ما يأتي:
  • (أ)
    رسوم الحيوانات الخرافية وشبه الخرافية،٤٢  كالتنين Dragon، والعنقاء Phenix، والكيلين Kilin، والغرنوق Crane.

    أما التنين فقد رسم الصينيون والإيرانيون أنواعًا مختلفة منه؛ وله في معظم الأحيان جناحا نسر، وبراثن أسد، وذيل ثعبان، كما أن نفسه يخرج في هيئة سحب، ولذا فإننا نرى التنين في أغلب رسومه يسبح بين السحب. أما جسمه الممتد فمغطى بالقشر، وفي رأسه قرنان، وفي فمه سنان حادان. والظاهر أن للتنين معنًى رمزيًّا في ديانة كونفوشيوس، كما أنه كان شارة الإمبراطورية في الصين.

    ومهما يكن من الأمر فإن الإيرانيين حين أخذوا عن الصين بعض الموضوعات الزخرفية لم يفكروا في ما كانت ترمز إليه في الصين؛ بل اتخذوها للزخرفة فحسب وحوروا في أشكالها أحيانًا. ومن المواضع التي استخدم فيها التنين عنصرًا زخرفيًّا واجهة المسجد الجامع بمدينة فرامين، وقد شيده السلطان أبو سعيد سنة (٧٢٢ﻫ/١٣٢٢م).٤٣ وفضلًا عن ذلك فقد أكثروا من استخدامه في زخرفة هوامش المخطوطات.٤٤
    أما العنقاء فلها جسم التنين ورأس الديك البري، وكانت رمز الخلود في ديانة كونفوشيوس، كما أنها كانت شارة الإمبراطورة.٤٥ وقد وفق الإيرانيون في استعمالها عنصرًا زخرفيًّا، وأحسنوا رسم ذيلها ذي الريش الطويل.

    والكيلين حيوان خرافي، له رأس أسد، وفي جبهته قرن واحد؛ وقد اتخذه بعض الفنانين المسلمين عنصرًا زخرفيًّا؛ كما رسموا — فضلًا عن هذا كله — طائرًا غريبًا يسبح في السماء جارًّا ذيله الطويل؛ ويظهر ليبعث الرعب في النفوس أو لنجدة بطل في الشدة.

    وقد ذاع استخدام رسوم الحيوانات الخرافية في صور المخطوطات، كما أقبل عليه المصورون في الرسوم الحائطية التي كانوا يزينون بها الجدران في القصور الإيرانية إبان العصرين التيموري والصفوي.٤٦
    وكان من أبواب بغداد باب يُعْرَف باسم «باب الطلسم» يرجع إلى عصر الخليفة العباسي الناصر (٥٧٥ إلى ٦٢٢ﻫ/١١٨٠ إلى ١٢٢٥م). وفوق عقد هذا الباب نقش بارز يمثل رجلًا جالسًا وقابضًا بيديه على لساني تنينين مجنحين، وقد التف ذيل أحدهما في زاوية العقد اليمنى وذيل الآخر في الزاوية اليسرى (انظر شكل ٢٣). وذهب بعض علماء الآثار الإسلامية في بداية القرن الحالي إلى أن هذا النقش يمثل الخليفة الناصر ويسجل انتصاره على عدوين من أعداء دولته. غير أن هذه نظرية صعب تصديقها، وليس لدينا ما يؤيدها، بل إن الأستاذ إرنست ديتز Ernst Diez وازن بين هذا النقش ونقش آخر يشبهه كل الشبه، في باب بحائط كبير شمال غربي بكين، واستنبط أن نقش باب الطلسم منقول عن موضوع زخرفي كان معروفًا في شمال الهند وفي الشرق الأقصى.٤٧ ونحن نميل إلى تأييد الأستاذ ديتز، ولا سيما أننا نعرف في الصور الإيرانية أمثلة لاستعمال رسم التنين عنصرًا زخرفيًّا لملء زوايا العقود.٤٨
    والمعروف أن ثلاثة أبواب في قلعة حلب مزينة بزخارف بارزة، ونرى على أحد هذه الأبواب حيتين طويلتين جسماهما مشتبكان ومجدولان وينتهيان من الجنبين برأس تنين ذي أذنين مدببتين وفم مفتوح يخرج منه صفان من الأسنان ولسان متشعب.٤٩
    ومن الصور الهندية المشهورة واحدة ترجع إلى عصر الإمبراطور جهانكير (١٠١٤–١٠٣٧ﻫ/١٦٠٥–١٦٢٧م)، ولعلها تمثل احتفالًا في أيام تتويجه. وعلى هذه الصورة إمضاء راسمها المصور منوهر، وقوام هذه الصورة فيلان من فيلة الدولة يسيران في مكان الشرف من الموكب، وعلى أحدهما شعار جهانكير وهو الأسد والشمس (من أصل إيراني)، أما الثاني فيحمل علمًا إمبراطوريًّا عليه رسم تنين وعنقاء، وهو مشتق من الصين، وعلى الوجه الآخر للعلم رسم النمر ووحيد القرن، فيتم بهما رسم الحيوانات الأربعة المقدسة عند الصينيين، فضلًا عن أننا نرى فوق الفيلين غطاءين من نسيج ذي زخارف صينية.٥٠
    ويظهر أثر الأساليب الفنية الصينية واضحًا في السجاجيد الإيرانية المزينة برسوم الصيد والحيوانات، فقد استعمل الفنانون في زخرفتها كثيرًا من رسوم الحيوانات الخرافية الصينية الأصل، فضلًا عن رسوم السحب الصينية التي سيأتي ذكرها (انظر شكل ٢٧).
  • (ب)
    رسوم السحب الصينية (تشي Tschi أو Tai)، وهي زخرفة إسفنجية الشكل، يظن أنها كانت في الشرق الأقصى رمزًا لعنصر من عناصر الطبيعة كالسحب والبرق، وقد اقتبسها الفنانون المسلمون وزادوا في تعاريجها الدقيقة واشتقوا منها أشكالًا أخرى وحوروها حتى اتخذوا منها في بعض الأحيان زخرفة على شكل قبلة محراب في سجادة من سجاجيد الصلاة المصنوعة في آسيا الصغرى.٥١
    كما اقتبسوا أيضًا شارة الخلد في الديانة التاوية taoism؛٥٢ وهي شبه وردة ذات خطوط متعرجة ومتداخلة بعضها في بعض مع تماثل وتقابل.
    وقد اتخذ الفنانون الإيرانيون تلك الشارة عنصرًا زخرفيًّا، وتطورت على يدهم حتى اتصلت برسوم السحب الصينية، كما أن رسوم السحب الصينية نفسها ظلت تبتعد عن أصولها الصينية حتى أصبحت خطوطًا متعرجة بسيطة٥٣ (انظر الأشكال ٦ و١٣ و١٦ و٢٧ و٤٣ و٤٤ و٤٥).
  • (جـ)
    رسوم الأطباق الذهبية المملوءة بالتفاح أو الخوخ، وهي عند أهل الصين رمز السلام والسعادة وطول العمر.٥٤
  • (د)
    رسم الإوزات الثلاث تطير في الهواء٥٥ (انظر شكل ١٣). والحق أن معظم ما نراه في الفنون الإسلامية من رسوم الطيور تسبح في الفضاء إنما أحدثته الصين في الفنون الإسلامية فأكسبها حركة وحياة عظيمتين.
  • (هـ)
    رسوم هندسية مكونة من تكرار خطوط مستقيمة أو منحنية أو منكسرة٥٦ (انظر شكل ٣٩ و٤٠ و٤١)، ورسوم أخرى تشبه أسنان المفتاح. وقد ذاعت هذه الزخارف الهندسية في المساجد إبان العصر المغولي.٥٧ على أن الوصول إليها طبيعي جدًّا حتى ليمكننا القول بأن أقوامًا من أجناس مختلفة قد يصلون إليها بدون أن يتأثر بعضهم ببعض.

(١٢) الطريقة الاصطلاحية في رسم الجبال والماء

اتبع الفنانون المسلمون في إيران الأساليب الصينية في رسم الجبال والماء والسحب، ولكنهم لم يرسموا هذه العناصر الطبيعية لذاتها بل قصدوا برسمها في الصور ملء فراغ، أو تغطية «أرضية» أو إظهار مسافة، أو بيان المكان الذي كان مسرحًا للحادث المصور؛ فالمعروف أن تصوير المناظر الطبيعية لم يكن عند الإيرانيين فرعًا مستقلًّا من فروع التصوير؛ ولم تكن له المكانة التي وصل إليها عند الغربيين والصينيين.٥٨

(١٣) الأشكال الهندسية المتعددة الأضلاع

أكبر الظن أن الشعوب والقبائل التي كانت تقطن آسيا الوسطى قد نقلت إلى شرقي العالم الإسلامي أقمشة عليها زخارف هندسية بينها الأشكال المتعددة الأضلاع،٥٩ (انظر شكل ٣٩) وتظهر هذه المنسوجات في ملابس الأشخاص المرسومين على الخزف المصنوع في مدينة الري.٦٠

وقد أقبل المسلمون منذ ذلك العصر إقبالًا عظيمًا على الزخارف الهندسية المكونة من أشكال متعددة الأضلاع، وأصابوا في تنويعها وإتقانها توفيقًا عظيمًا، ولا سيما في الطرز الفنية السلجوقية والمملوكية والمغربية.

(١٤) الهالة ذات اللهب أو النور

كان الفنانون البيزنطيون في القرن الخامس الميلادي يرسمون في صورهم، حول رءوس القياصرة دائرة، ثم أصبحت هذه الدائرة ترسم حول رءوس السيد المسيح والقديسين. والظاهر أن مهد هذه الهالة هو القارة الآسيوية؛ فقد عرفها الإيرانيون في العصر القديم حين ظهرت نواتها بين أتباع مزدك على هيئة إكليل سماوي من النار. ولكن ظهورها لأول مرة على شكل مستدير كان في فن «جندرا»؛ أي الفن البوذي الإغريقي الذي ازدهر على الحدود الشمالية الغربية للهند في بداية العصر المسيحي. وطبيعي أنها انتقلت بعد ذلك إلى سائر الأقاليم التي انتشرت فيها التعاليم البوذية، كما اتخذها فن البراهمة بالهند في العصور الوسطى.

والمعروف أن استعمالها في الفن المسيحي كان نادرًا في البداية؛ ولعل ذلك راجع إلى أصلها الوثني، ولكنها لم تلبث أن أصبحت شارة مقدسة في الكنيسة البيزنطية وكثر استعمالها في الفنون التصويرية المسيحية.

وانتقلت هذه الشارة إلى الفن الإسلامي في العصر العباسي على يد الفنانين المسيحيين الذين كانوا يعملون لخلفاء بغداد؛ فإنهم كانوا — ومعهم الفنانون المسلمون أيضًا — يرونها في صور القديسين المسيحيين في الكتب البيزنطية المصورة التي كانوا يتخذونها مثالًا ينسجون على منواله، ولم تقف هذه الهالة عند وادي الدجلة والفرات، بل اتجهت شرقًا فظهرت في مختلف الصور على التحف الإيرانية إلى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)؛ على أن المسلمين بوجه عام كانوا يرسمونها في كثير من الأحيان حول رءوس الأشخاص، ولكن بدون نظر إلى معناها الأصلي.

وهكذا أصبحت في الفنون الإسلامية موضوعًا زخرفيًّا فحسب، وقد يقصد بها التنبيه إلى خطر شأن الشخص الذي ترسم حول رأسه، وكان الفنانون المسلمون يرسمونها في البداية مستديرة أو شبه مستديرة؛ ولكنهم، بعد أن زاد اتصالهم بالفنون الصينية وعرفوا تماثيل بوذا في آسيا الوسطى أصبحوا يرسمونها أحيانًا غير منتظمة الشكل فتبدو بيضية ولكن يمتد منها اللهب أو أشعة النور (انظر شكل ٤٢)؛ ولا غرو فإنها كانت قد تطورت في الشرق الأوسط، وبعدت في بعض الأحيان عن شكلها المستدير.
ومهما يكن من الأمر فقد ترك المسلمون استعمالها فترة من الزمان، حتى عادت إلى الهند على يد الآباء اليسوعيين البرتغاليين الذين حملوا إلى تلك البلاد صورًا مسيحية كثيرة، أعجب الإمبراطور جهانكير بالهالة المقدسة فيها، فاتخذها شارة تميز صورة الإمبراطور من سائر الصور، وأصبحت من بعده وقفًا على صور الأباطرة في رسوم المدرسة الهندية المغولية.٦١

(١٥) الأختام الصينية المربعة والخط الكوفي المستطيل

أعجب الفنانون الإيرانيون برسوم الأختام الصينية وما عليها من كتابات زخرفية الشكل. وربما كان ذلك أساس ابتكارهم كتابة الخط الكوفي المستطيل ذي الأضلاع، وترتيبه في مساحات مربعة ومستطيلة بحيث يبدو عظيم الشبه بتلك الكتابات الزخرفية الصينية. وقد ذاع استخدام الخط الكوفي المستطيل في زخرفة العمائر بين القرنين السابع والحادي عشر بعد الهجرة٦٢ (الثالث عشر والسابع عشر بعد الميلاد).

(١٦) أشكال الأواني

يستطيع الإخصائيون في الفنون الإسلامية أن يتبينوا في أشكال بعض الأواني الخزفية الإسلامية تأثرًا بالأشكال التي اختصت بها فنون الصين. ويزداد الشبه بين أشكال الأواني في الشرقين الأقصى والأدنى إبان العصر الصفوي في إيران. على أننا نرى رسوم كثير من الأواني الصينية في الصور الإيرانية التي ترجع إلى عصر المغول.

وفضلًا عن ذلك فإن الأواني التي صُنعت من المعادن — في العالم الإسلامي — على هيئة طيور وحيوانات، لها مثيلاتها في الشرق الأقصى. والحق أن صنع الإناء أو المبخرة أو صنبور الإبريق على شكل طائر أو حيوان كان أمرًا ذائعًا في العصور الوسطى. ولعل بدايته كانت في الشرقين الأقصى والأوسط، ثم انتقل منها إلى الشرق الأدنى وإلى أوروبا.٦٣

(١٧) الأساليب الصينية في الملابس وآلات القتال٦٤

ظهر أثر الأساليب الصينية في الملابس التي تبدو في الصور المخطوطة وفي الرسوم على قسط وافر من الخزف الإيراني منذ فتح المغول (القرن، ٧ﻫ/١٣م)؛ فقد اختفت الملابس المزركشة والمزينة برسوم الزهور والفروع النباتية،٦٥ التي عرفناها في منتجات المدرسة السلجوقية وفي زخارف الأويغور؛ وحلت محلها ملابس روعي في طياتها وفي صنعها إظهار الجسم الإنساني في خطوط منسجمة تناسب أعضاء الجسم وتكسبه قسطًا وافرًا من الحركة والحياة. ويظهر أثر الشرق الأقصى واضحًا في بعض أنواع الملابس وفي القلنسوات الشبيهة بالصحن والتي لا حافة لها béret (انظر شكل ١٤)، وفي رسم العرش على طراز العروش الصينية،٦٦ أو رسم الطائر الذهبي فوق العروش؛ وقد كان الطائر الذهبي من شارات الملك في الصين.٦٧

(١٨) توزيع الأشخاص في الصورة

يلاحظ الإخصائيون في التصوير الإسلامي أن توزيع الأشخاص في الصور الإيرانية كان متأثرًا بالأساليب الصينية منذ عهد تيمور وخلفائه، فالمعروف أن المصورين الصينيين في عصر منج (بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر بعد الميلاد) كانوا يوزعون الأشخاص في صورهم أفرادًا أو جماعات صغيرة بحسب قواعد فنية قوامها التناسب وحسن الذوق، وتختلف عن القواعد المتبعة في تكوين الصور عند الأوروبيين.

ومهما يكن من الأمر فإن تأثر الإيرانيين بأهل الصين في هذا الميدان أزال عن الصور الإيرانية شيئًا من الجمود الذي عرفناه فيها قبل ذلك؛ إذ إن الأشخاص لم يظلوا في الصورة جامدين وكأن لا صلة بينهم وبين ما حولهم من المناظر الطبيعية أو رسوم العمائر، وإنما أصبحوا مع ما يحيط بهم من أشجار وزهور وماء وسحاب وعمائر، وحدة فنية، فيها حركة نسبية، وتشتمل على وحدات من تلك العناصر موضوعة جنبًا إلى جنب أو بعضها فوق بعض أو متداخلة بعضها في بعض؛ مما دعا الأوروبيين إلى تشبيه تكوينها بصناعة السجاد؛ لأنها تخالف الأساليب المعروفة عندهم في إنشاء الصورة على شكل هرمي وفي احترام قواعد المنظور.٦٨
وفي بداية القرن السابع عشر الميلادي تغير أسلوب توزيع الأشخاص في الصور الصينية، وزادت عناية الفنانين بصور الأشخاص المنفردين وبصور المناظر الشعبية ومناظر الحياة اليومية، وكان لذلك أثره على المصورين في إيران فقامت المدرسة الصفوية الثانية٦٩ وعلى رأسها المصور رضا عباسي، وقل عدد الأشخاص في الصور فلم تعد الصورة تجمع عددًا كبيرًا منهم، بل أصبح المصور يكتفي في رسمه بشخص أو شخصين.

(١٩) السقوف المحدودبة (الجمالونية)

اتخذ الفنانون العثمانيون في القرن الثاني عشر الهجري (١٨م) سقوفًا لعمائرهم لم تكن في بعض الأحيان مسطحة منبسطة، بل كانت محدودبة وجمالونية: تشبه السقوف في العمائر الصينية، كما نرى مثلًا في سبيل السلطان أحمد الثالث الذي شيده في السراي باستانبول،٧٠ وفي قبر وسبيل آخر بحي «ضولمة باغجه» في المدينة نفسها.٧١

(٢٠) الزخارف على «اللاكيه»

يغلب على الظن أن استخدام «اللاكيه» أسلوب فني نقله الإيرانيون في عصر تيمور عن مهده في الشرق الأقصى، والمعروف أنهم برعوا بعد ذلك في زخرفة أبواب عمائرهم بالرسوم على اللاكيه؛ كما أنهم استعملوا في التجليد أحيانًا ورقًا مضغوطًا ومدهونًا باللاكيه وعليه رسوم جميلة كانت ميدانًا لفن المصورين.٧٢
١  كانت الصين أول أمة عرفت الورق، اخترع صناعته «تساي لون» الذي كان يعمل في بلاط «هوتي» من أباطرة أسرة هان نحو سنة ١٠٥م. راجع الفصل الأول من R. H. Clapperton: Paper Making by Hand (أكسفورد ١٩٣٤).
٢  انظر لطائف المعارف للثعالبي ص١٢٦، وراجع الفصل الخامس من المرجع المذكور في الحاشية السابقة؛ فإن فيه بيانات طيبة عن صناعة الورق عند العرب.
٣  راجع F. Sarre: Wechselbeziehungen zwischen ostasiatescher und vorderasiatischer Keramik في المجلد الثامن من مجلة Ostasiatiche Zeitschrift ص٣٣٨.
٤  المنسوب إلى أسرة سونج التي حكمت الصين بين عامي ٩٦٠ و١٢٧٨ بعد الميلاد.
٥  راجع كتابنا «كنوز الفاطميين» ص١٧١-١٧٢.
٦  انظر كتابنا «الفنون الإيرانية» ص١٨٤.
٧  انظر A. u. Pope: an Introduction to Persian Art (لندن ١٩٣٠) ص٧٥-٧٦ E. Kühnel: Islamische Kleinkunst ص٧٩ و١١٠ و١٢١.
٨  انظر A Survey of Persian Art edited by A. U. Pope (Oxford 1938) ج٥، لوحة ٥٩٢ب.
٩  المقصود هنا هو «البورسيلين» أو الفخار الصيني، وهو يمتاز بمتانته وبياضه وبأن له «رنة» خاصة، انظر الأشكال من٣ إلى ٩.
١٠  انظر معجم البلدان، (طبع أوروبا) ج٣ ص٤٥٤، وطبع مصر ج٥ ص٤١٧.
١١  انظر A. Grohmann and Th. Arnold: The Islamic Book ص٧٧؛ وTh. Arnold: Painting in Islam ص١٣٩.
١٢  راجع R. L. Hobson: A. Guide to the Islamic Pottery of the Near East (British Museum) ص٦٩.
١٣  راجع كتابنا «الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي» ص٢٠٧–٢٠٩.
١٤  نوع من الصيني عليه طبقة من المينا ذات اللون الأخضر النافض.
١٥  انظر تراث الإسلام (الجزء الثاني في الفنون الفرعية، والتصوير، والعمارة، كتبه Christie, Arnold und Briggs، وترجمه وشرحه وعلق عليه زكي محمد حسن) ص٦٨.
١٦  انظر L. Binyon, J. Wilkinson and B. Gray: Parsian Miniature Printing (أكسفورد ١٩٣٣) ص٥٦-٥٧.
١٧  راجع A. Grohmann and Th. Arnold: The Islamic Book ص٧٢.
١٨  انظر كتابنا «التصوير في الإسلام» ص٤٣.
١٩  راجع E. Blochet: Musulman Painting ص٦٢-٦٣ و٨٢-٨٣. وانظر اللوحة ١٥٥ من نفس المرجع؛ فإنها صورة إيرانية منقولة عن أخرى صينية وتمثل كاهنًا صينيًّا.
٢٠  والواقع أن السحنة المغولية لم تكن غريبة على أهل إيران، فقد كان يعيش بين ظهرانيهم وعلى مقربة منهم في آسيا الوسطى، أقوام يمتون إلى الجنس المغولي بصلة وثيقة.
٢١  كتب الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رأيًا في الصور والتماثيل لا يختلف كثيرًا عن هذا الرأي؛ راجع تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده لجامعه السيد محمد رشيد رضا ج٢ ص٤٤٩–٥٠١؛ وانظر مقالنا عن «الصور والنقوش والتماثيل في الأضرحة والمساجد الإيرانية» بالعدد ٩٠ من مجلة الثقافة ص٢٢ وما بعدها. راجع في هذه المناسبة أقوال الفقهاء في الناسخ والمنسوخ؛ فإن التسليم بوجود ذلك في القرآن قد يفتح الباب لقبوله في الحديث.
٢٢  راجع كتابنا «الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي» ص٧٨–٨٠.
٢٣  مقالنا عن السيرة النبوية في الفن الإسلامي بعدد مايو سنة ١٩٤٠ من مجلة المقتطف ص٤٨٨ وما بعدها.
٢٤  انظر الأشكال ٨ و١١ و١٢ و١٣ و١٥ و١٨ و١٩ و٣٠ و٣٣ و٤٣ و٤٥.
٢٥  انظر الأشكال ١٣ و١٦ و٢٨ و٣٣.
٢٦  راجع H. Taine: Philosophie de L’art ج٢ ص٨٥ وما بعدها.
٢٧  انظر Th. Arnold: Painting in Islam لوحة ٥٩ (d)، وPapyrus Erzherzog Rainer. Feuhrer durch die Ausstellung (Wien 1894) ص٢٠٦.
٢٨  راجع معجم البلدان لياقوت (طبع مصر) ج٧ ص٤٠٧.
٢٩  من ذلك ما كتبه المقريزي (الخطط ج١ ص٤١٧) في كلامه عن خزائن الفرش والأمتعة عند الفاطميين. قال: «ووجد من السطور الحرير المنسوجة بالذهب على اختلاف ألوانها وأطوالها عدة مئين تقارب الألف، فيها صور الدول وملوكها والمشاهير فيها، مكتوب على صورة كل واحد اسمه ومدة أيامه وشرح حاله.» ومنه أيضًا ما ذكره عن الخليفة الآمر وصور الشعراء في المنظرة ببركة الحبش (الخطط ج١ ص٤٨٦-٤٨٧). ومنه كذلك ما ذكره الراوندي عن السلطان السلجوقي طغرل بن أرسلان الذي كتب له زين الدين الخطاط المشهورة مجموعة من الشعر، ورسمت في المخطوط صور الشعراء الذين وردت بعض أشعارهم فيه. انظر Th. Arnold: Painting in Islam ص١٢٨.
٣٠  انظر [مظاهر الأثر الصيني في الفنون الإسلامية] ورحلة ابن بطوطة (الطبعة الأوروبية) ج٤ ص٢٦٣.
٣١  راجع Th. Arnold: Painting in Islam ص١٢٨-١٢٩، وMemoirs of Jahangir, translated by A. Rogers ج٢ ص١١٦؛ وPercy Brown: Indian Painting under the Mughals ص١٤٥-١٤٦.
٣٢  راجع Th. Arnold: Painting in Islam ص١٣٠–١٣٢، وJ. Strzygowski: Asiatische Miniaturmalerei ص٥١ وما بعدها و٢٠٢ وما بعدها.
٣٣  راجع كتابنا «التصوير في الإسلام» ص٥٠ واللوحة رقم ٢٦، وأيضًا A. Sakisian: La Miniature Persane (باريس ١٩٢٩) ص٦٧ وما بعدها واللوحة رقم٢.
٣٤  انظر Percy Brown: Indian Painting under the Mughals ص٤١ و٩٢ و١٤١ و١٤٤.
٣٥  المرجع السابق ص١١٩ و١٢٠.
٣٦  انظر الأشكال ١١ و١٣ و١٤ و١٦ و١٧ و١٨ و١٩.
٣٧  راجع كتابنا التصوير في الإسلام ص٣٤ و٣٥؛ وانظر: L. Binyon, Wilkinson and Gray: Persian Miniature Painting ص٣٦ و٣٧ و٤٤–٤٦.
٣٨  Percy Brown: Indian Painting under the Mughals ص٤٦.
٣٩  المرجع نفسه ص٦٤ وما بعدها.
٤٠  المرجع نفسه ص٨٧.
٤١  مما يعبر عنه الغربيون بالاصطلاح اللاتيني Horor vacui. راجع كتابنا «في الفنون الإسلامية» ص٤٤.
٤٢  انظر الأشكال ٢١ و٢٢ و٢٣ و٢٤ و٢٥ و٢٦ و٢٧ و٢٩.
٤٣  انظر F. Sarre: Denkmaeler Persiseher Baukunst ج١ شكل ٧٠.
٤٤  الواقع أن التنين موضوع زخرفي قديم، جاء في الفن السومري والأشوري، وانتشر في وسط أوراسيا من جنوبي الروسيا إلى شواطئ النهر الأصفر، حيث عظم شأنه وكثر استعماله في الفن الصيني منذ عصوره الأولى. راجع ما جاء في وصف التنين بكتاب المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي ج٢ ص١٠٤؛ وانظر ص٦٦ من كتاب D’Ardenne de Tizac: Art Chinois.
٤٥  انظر كتاب المستطرف ج٢ ص١١٨، وراجع E. Blochet: Musulman Painting ص٧٧.
٤٦  انظر Survey of Persian ج٢ ص١٣٨١–١٣٨٣.
٤٧  راجع E. Diez: Die Kunst der islamischen Völker ص١٢٤.
٤٨  المقصود بزوايا العقد هو «الكوشة» أو الخصر أو الركن أو القوس، وهو المساحة المثلثة الشكل المحصورة بين السطح الخارجي المحدب في العقد وبين المستطيل الذي يعلو العقد (بالفرنسية écoinçon، وبالإنجليزية spandrel، وبالألمانية Zwickel، وبالإيطالية cantoniera، وبالتركية كوشه لك)، وقد جاء أحد الأمثلة التي نشير إليها في صورة منشورة في اللوحة ١٠٣ من L. Binyon, Wilkinson and Gray: Persian Miniature Painting.
٤٩  راجع Max Van Berchem et E. Fatio: Voyage en Syrie (Mem. Inst. Arch. Or. Le Caire 1914) ص٢١٤–٢١٦.
٥٠  انظر Percy Brown: Indian Painting under the Mughals ص١٢٩.
٥١  انظر H. Glück und E. Diez: Die Kunst des Islam شكل ٣٩٨.
٥٢  ديانة الحكيم الصيني لاوتسي وأتباعه.
٥٣  راجع Ph. Schulz: Die Persisch-Islamische Miniaturmalerei ج١ ص٢٨.
٥٤  المرجع السابق.
٥٥  انظر L. Binyon, Wilkinson and Gray: Persian Miniature Painting ص٣٧–١٤.
٥٦  بالفرنسية grecques، وبالإنجليزية fretwork، وبالألمانية Mäanderstreifen.
٥٧  انظر A. U. Pope: An Introduction to Persian Art ص١٣-١٤.
٥٨  ذكرنا ذلك في كتابنا «الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي» ص١٢٩-١٣٠. ويلوح لنا أن أحد القراء لم يفهمه كل الفهم، فاعترض عليه في نقد كتبه بمجلة الآثار القبطية (ج٦ سنة ١٩٤٠ ص٢٦٩)، واستشهد بعبارة نقلها عن مقال بالإنجليزية للأستاذ بنيون Binyon، ولكن الغريب أن هذه العبارة تؤيد نظريتنا، فلم يبق إلا أن نفرض أن كاتب النقد لم يفهمها أيضًا.
٥٩  انظر E. Diez: Die Kunst der islamischen Völker ص١٩٧.
٦٠  انظر H. Glück und E. Diez: Die Kunst des Islam. شكل ٤١٦ ولوحة ٢٦.
٦١  راجع Percy Brown: Indian Painting under the Mughals. ص١٧٢–١٧٤.
٦٢  انظر الأشكال ٣٦ و٣٧ و٣٨.
٦٣  انظر كتابنا «كنوز الفاطميين» ص٤٧ و٢٣٣–٢٣٨.
٦٤  انظر خوذات الفرسان ذات الذيل الذي يغطي الرقبة، وانظر دروع الخيل وما إلى ذلك من العدد الصينية الطراز، في الصور الإيرانية E. Blochet: Musulman Painting لوحة ٥٧ و٥٨.
٦٥  انظر كتابنا «التصوير في الإسلام» ص٢٦.
٦٦  انظر اللوحة رقم ٩٩ من كتاب E. Blochet: Musulman Painting.
٦٧  انظر اللوحة رقم ٩٠ من نفس المرجع.
٦٨  راجع المقالين اللذين كتبهما الأستاذ محمد يوسف همام عن دراسة الصور، وذلك في العدد ١٤ والعدد ٢٠ من مجلة الثقافة.
٦٩  راجع كتابنا «الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي» ص١٢١–١٢٧.
٧٠  انظر H. Glück und E. Diez: Die Kunst des Islam شكل ٢٧٣.
٧١  شكل ٢٧٥ من المرجع السابق.
٧٢  راجع كتابنا «الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي» ص١٣٦؛ و H. Glück und E. Diez: Die Kunst des Islam ص٩٤، وانظر E. Gratzl: Islamische Bucheinbände (ليبزج ١٩٢٤) لوحة ١٩ و٢٠.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤