فلما كانت الليلة ٤٤٢

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية لما أخبرَتِ الفقيه عن صلاة العيدين قال لها: أحسنتِ، فأخبريني عن صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر. قالت: ركعتان بغير أذان ولا إقامة، يأتي في كل ركعة بقيامين، وركوعين، وسجودين، ويجلس ويتشهَّد ويسلِّم. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن صلاة الاستسقاء. قالت: ركعتان بغير أذان ولا إقامة، ويتشهَّد ويسلِّم، ثم يخطب ويستغفر الله تعالى مكان التكبير في خطبتي العيدين، ويحول رداءه بأن يجعل أعلاه أسفله، ويدعو ويتضرَّع. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن صلاة الوتر. قالت: الوتر أقله ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشرة. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن صلاة الضحى. قالت: الضحى أقلها ركعتان، وأكثرها اثنتا عشرة ركعة. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن الاعتكاف. قالت: هو سُنَّة. قال: فما شرطه؟ قالت: النية، وألَّا يخرج من المسجد إلا لحاجة، ولا يباشِر النساء، وأن يصوم ويترك الكلام. قال: أحسنتِ، فأخبريني بماذا يجب الحج؟ قالت: بالبلوغ، والعقل، والإسلام، والاستطاعة، وهو واجب في العمر مرة واحدة قبل الموت. قال: فما فروض الحج؟ قالت: الإحرام، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير. قال: فما فروض العمرة؟ قالت: الإحرام بها، وطوافها، وسعيها. قال: فما فروض الإحرام؟ قالت: التجرُّد من المخيط، واجتناب الطيب، وترك حلق الرأس وتقليم الأظافر وقتل الصيد والنكاح. قال: فما سنن الحج؟ قالت: التلبية، وطواف القدوم والوداع، والمبيت بالمزدلفة وبمِنى، ورمي الجمار.

قال: أحسنتِ، فما الجهاد؟ وما أركانه؟ قالت: أما أركانه؛ فخروج الكُفَّار علينا، ووجود الإمام والعُدَّة، والثبات عند لقاء العدو. وأما سُنَنه؛ فهو التحريض على القتال لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن فروض البيع وسُنَنه. قالت: أما فروض البيع؛ فالإيجاب والقبول، وأن يكون المبيع مملوكًا مُنتفَعًا به مقدورًا على تسليمه، وترك الربا. وأما سننه؛ فالإقالة، والخيار قبل التفرُّق لقوله : «البيعان بالخيار ما لم يتفرَّقَا.» قال: أحسنتِ، فأخبريني عن شيء لا يجوز بيع بعضه ببعض. قالت: حفظتُ في ذلك حديثًا صحيحًا عن نافع عن رسول الله أنه نهى عن بيع التمر بالرطب، والتين الرطب باليابس، والقديد باللحم، والزبد بالسمن، وكل ما كان من صنف واحد مأكول فلا يجوز بيع بعضه ببعض. فلما سمع الفقيه كلامها، وعرف أنها ذكية فَطِنة حاذقة، عالمة بالفقه والحديث والتفسير وغير ذلك، قال في نفسه: لا بد من أن أتحيَّل عليها حتى أغلبها في مجلس أمير المؤمنين. فقال لها: يا جارية، ما معنى الوضوء في اللغة؟ قالت: الوضوء في اللغة النظافة، والخلوص من الأدناس. قال: فما معنى الصلاة في اللغة؟ قالت: الدعاء بخير. قال: فما معنى الغُسْل في اللغة؟ قالت: التطهير. قال: فما معنى الصوم لغةً؟ قالت: الإمساك. قال: فما معنى الزكاة لغةً؟ قالت: الزيادة. قال: فما معنى الحج لغةً؟ قالت: القصد. قال: فما معنى الجهاد؟ قالت: الدفاع. فانقطعت حجة الفقيه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤