الفصل الثامن والثلاثون

الزواج السعيد

يعد الزواج من أعظم المشكلات التي يواجهها الشاب، فهو يقلق ويأرق كثيرًا قبل الزواج بشأن الفتاة التي يختارها كي تشاركه في حياته وتكون أم أولاده، وكذلك الشأن في الفتاة عندما تفكر في مستقبلها وحياتها الزوجية.

والشاب والفتاة كلاهما يجد أنه حائر لا يعرف كيف يقيس سعادته المستقبلة، وكيف يتعرف أماراتها وبشائرها في أخلاق هذا الشريك المنتظر؟ وقد حاول الأستاذ تيرمان أن يستقرئ السعادة الزوجية بإحصاء عن المتزوجين، مع الرجوع إلى طراز الحياة التي كان يحياها الأزواج قبل الزواج، وقد خرج بنتائج منيرة يجدر بكل شاب وفتاة أن يدرسوها أيام الخطبة، وهو يرى أن السعادة الزوجية مرجحة كثيرًا إذا كانت الأحوال السائدة للشاب أو الفتاة قبل الزواج كما يلي:
  • (١)

    أن يكون الأبوان، للشاب والفتاة، قد عاشا في سعادة ووفاق.

  • (٢)

    أن يكون الشاب والفتاة قد عاشا في طفولة سعيدة.

  • (٣)

    ألا يكون قد اصطدم الشاب أو الفتاة بأبويهما.

  • (٤)

    أن يكون البيت الذي عاش فيه كل منهما على نظام في تأدية الواجبات والحقوق، ولكن بلا قسوة.

  • (٥)

    أن يكون كل منهما قد تعلق بأبويه وأحبهما.

  • (٦)

    أن يكون الأبوان قد صارحا الشاب أو الفتاة مدة الطفولة عن الشئون الجنسية.

  • (٧)

    أن تكون العقوبات التي أنزلت بكل منهما خفيفة في وقتها قليلة في حدوثها.

  • (٨)

    أن يكون اتجاهما نحو الشئون الجنسية سويًّا ليس فيه كراهة أو اشمئزاز.

•••

هذه هي الشروط الثمانية التي وجد تيرمان بالاستقراء أنها تتوافر في جميع الذين هنئوا بالزواج، وخلاصتها عندما نتأملها جميعها أن الشاب والفتاة يسعدان إذا كانا قد عاشا قبل الزواج في عائلة حسنة، قد وجدا فيها الحب بين أبويهما والحب لهما، في بيت قد خلا من القسوة والمشاجرة، وذلك لأن هذا الوسط يبعث الطمأنينة في نفس الطفل أو الطفلة، فإذا شب كلاهما نظر إلى الدنيا نظرة التفاؤل والجرأة وليس نظرة التشاؤم والخوف، ثم هما قد تعودا المسالمة ومعالجة الصعوبات بالوفاق والتعاون في بيت الأبوة، وهذا الأسلوب ينتقل معهما إلى بيت الزوجية فلا يكون شقاق أو خلاف.

ونحن نعيش حياتنا وفق الأسلوب الذي تعلمناه من أبوينا مدة الطفولة، ولكن القدوة هنا أهم من التعليم؛ لأن الطفل الذي يرى أبويه في شجار تزول عنه الطمأنينة، فينشأ وهو يخاف الزواج، ويعامل زوجته بالتوجس كما يخاف كل شيء آخر.

فالسعادة الزوجية عادة، أو بالأحرى عادات، في المعيشة نتعلمها في الطفولة من أبوينا، ولكن يجب ألا يرعبنا هذا، إذا كان حظنا قد ساء وقضى بأن نعيش ونحن أطفال في عائلة يعمها الشقاق؛ لأننا نستطيع بالتعقل الوجداني أن نغير الأسلوب الذي تعلمناه من أبوينا، وإن كان هذا التغيير شاقًّا؛ أي: عندما نجد أن حياتنا الزوجية في شقاق دائم يجب أن نسأل: هل هذا الشقاق يعود إلى أسلوب في المعاملة وعادات في المعيشة تعلمناها من أبوينا اللذين لم يسعدا بزواجهما؟

وإذا صح هذا لدينا فإننا جديرون بأن نصحح من أسلوبنا وعاداتنا بما يتفق وسعادتنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤