الحديث

ثمَّ قال له عالم: هات حدِّثنا عن الكلام.

فأجاب وقال:

إنَّكم تتكلمون عندما توصد دونكم أبواب السلام مع أفكاركم.
وعندما تعجزون عن السكنى في وحدة قلوبكم، تقطنون في شفاهكم والصوت يلهبكم ويسليكم.
وفي الكثير من كلامكم يكاد فكركم يقضي ألمًا وكآبةً؛
لأنَّ الفكر طائر من طيور الفضاء، يبسط جناحيه في قفص الألفاظ ولكنه لا يستطيع أن يحلق طائرًا.
إنَّ بينكم قومًا يقصدون الثرثار المهذار، ضجرًا من الوحدة والانفراد؛
لأنَّ سكينة الوحدة تبسط أمام عيونهم صورة واضحة لذواتهم العارية، يرتعدون لدى رؤيتها فيهربون منها.
ومنكم الذين يتكلمون، ولكنهم عن غير معرفة، وبدون سابق قصد، يُظهرون حقيقة لا يدركونها هم أنفسهم.
ومنكم الذين أُودِع الحق قلوبهم، ولكنهم يأبون أن يلبسوه حلة اللفظ، وفي أحضان هؤلاء تقطن الروح في هدوء وسكون.

•••

فإذا رأيت صديقك على جادَّة الطريق، أو جمعتك به ساحة المدينة، فدع الروح التي فيك تحرك شفتيك وتدير لسانك،
افسح المجال للصوت الذي في أعماق صوتك فيخاطب أذن أذنه؛
لأن نفسه تحتفظ بسر قلبك كما يتذكر فمه طعم الخمرة الطيبة، وإن نسيَ الفكر لونها وتحطمت الكأس التي حملتها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤