الفصل الثاني

(قصر الدولة … «براكسا جورا» تسير مفكرة ذَهابًا وإيابًا في القاعة ذات الأعمدة اليونانية، وقد وقفت بالباب كاتمةُ السر، وهي جارتها القديمة.)

براكسا (كالمخاطبة لنفسها) : ها هو ذا الحكم في أيدينا! … وها أنا ذي صاحبة السلطان! … آه! … معونتك أيها الإله «زيوس»!
كاتمة السر (ترهف الأذن) : اسمعي!

(صوت هتاف يقترب.)

براكسا : ما هذا أيضًا؟
كاتمة السر : إنها إحدى طوائف الشعب ولا ريب، جاءت تحيي رئيسة الحكومة.
براكسا (في مرارة) : بل قولي إنها جاءت تسألني مطالب جديدة!
كاتمة السر : لقد وعدنا كل طائفة بتحقيق أحلامها وتنفيذ رغائبها!

(يعلو الصياح في الطريق.)

الهتاف (في الخارج) : يا «براكسا جورا»! … يا رئيسة الحكومة!
براكسا (تتَّجه إلى الشرفة) : يا أهل «أثينا»! … يا أهل «أثينا»! … إني أحييكم، وأسأل الآلهة أن تلهمني ما فيه الخير لكم!
صوت (من بين الشعب) : ألم تلهمك الآلهة بعد ما فيه الخير لنا؟!
براكسا : من أنتم؟
الصوت : نحن أصحاب الديون!
براكسا : آه … وما تريدون أن أصنع لكم أنتم أيضًا؟
الصوت : تفكرين في أمرنا، كما فكرت في أعضاء المجلس! … إنك قد رفعت «جُعلهم»، كي تضمني لنفسك التأييد!
براكسا : إني ما طلبت الحكم إلا لخيركم ورخائكم!
الصوت : إن الرخاء الموعود إنما أسبغ على أفراد معدودين … والأسطورة لم تتغير، وكل شيء كما كان!
براكسا : وما هي مطالبكم الآن؟!
الصوت : إصدار قانون يصون أموالنا، ويقضي بإعدام كل مَدِين لا يدفع ما عليه فورًا!
براكسا (في دهشة) : إعدامه؟!
الصوت : حرقًا!
براكسا : حرقًا؟!
الصوت : أو شنقًا!
براكسا : شنقًا؟!
الصوت : أو غرقًا! … لك مطلق الخيار، وواسع الحرية!
براكسا : نعم! … يا لها من حرية واسعة!
الصوت : هذا كل مطلبنا … عِدِينا بتحقيقه!
براكسا : أعدكم بالتفكير فيه، وأرجو منكم أن تنصرفوا هادئين!
الهتاف : قد وعدت «براكسا جورا»! … قد وعدت «براكسا جورا»!

(ينصرفون ويعود الهدوء.)

براكسا (ترجع إلى القاعة) : أف!
كاتمة السر (تنظر إليها) : العرق يسيل من جبينك!
براكسا : عسى أن يكون هؤلاء آخر المطالبين … أيتها الإلهة «أرتميس»!
كاتمة السر (تنظر إلى وجهها) : أذكر يوم كنت أراك تهيئين الطعام في المطبخ قرب النار أن العرق كان يتصبب من وجهك بهذا المقدار!
براكسا : أترين ذلك؟!
كاتمة السر : بل لقد كان وجهك أشد نضرة وأكثر إشراقًا.
براكسا (في قلق) : أوَجهي الآن غير جميل؟!
كاتمة السر : لست أقول ذلك!
براكسا : أحضري العطور!
كاتمة السر : أتريدين أن تتطيبي الآن؟!
براكسا : نعم!
كاتمة السر : أسيحضر اليوم القائد الشاب «هيرونيموس»؟!
براكسا (تنظر إليها مليًّا) : ماذا تعنين؟!
كاتمة السر : لا شيء! … أليس اليوم موعد قدومه ليتحدث معك في رفع مرتبات الجيش؟
براكسا : بلى، هذا صحيح!
كاتمة السر : آه! … إنه بطل جميل، … كأنما نزل من صلب الإله «مارس»!
براكسا (في إطراق) : نعم.
كاتمة السر (باسمة) : إنه لا يشابه في شيء زوجك «بلبروس»!
براكسا (تلتفت إليها) : ماذا تعنين؟!
كاتمة السر : إنه نافع للدولة!
براكسا (في تنهد) : نعم … ما أشد حاجتي إلى ساعد قوي!
كاتمة السر : تتكلمين باعتبارك حكومة، أم باعتبارك امرأة؟!
براكسا : عجبًا! … من علمك هذه اللغة؟
كاتمة السر : الفيلسوف «أبقراط»!
براكسا (تلتفت إلى الباب) : نعم! … نعم! … تُرى لِمَ أبطأ اليوم؟!
كاتمة السر : إنه ولا ريب قادم! … أيستطيع تخلفًا عنك؟ … إنك النجم المشرق في سماء فكره!
براكسا : إنه عقل راجح!
كاتمة السر : نعم! … أنت في حاجة إلى عقل وإلى عضد! … إن خصومك يزدادون في كل يوم، وإن تلك المرأة الأخرى لتعد العدة كي تشرع في الهجوم عليك!
براكسا : المرأة الأخرى؟!
كاتمة السر : نعم! … خليلة القائد «هيرونيموس» التي هجرها من أجلك!
براكسا : ماذا تصنع أيضًا تلك الحمقاء؟!
كاتمة السر : إنها ليست حمقاء! … إنها فهمت أسلوبك في الوصول إلى الحكم، فصنعت كما صنعتِ! … لقد أنشأت حزبًا آخر من النساء!
براكسا : إن الغيرة تأكل قلبها!
كاتمة السر : إنها تقول عنك أيضًا مثل ذلك!
براكسا : لو أنها نظرت إلى وجهها في المرآة، تلك العجفاء ذات الشعر الذي يشبه فراء الخراف!
كاتمة السر : إنها تقول: إن شعرك يشبه لحية التيس!
براكسا (صائحة في غضب) : لحية التيس؟! … لحية التيس؟!

(يدخل الفيلسوف «أبقراط» عندئذٍ، وهو يمشط لحيته بأصابعه، فيسمع الكلمة، فيقف مأخوذًا.)

الفيلسوف : ماذا قرع سمعي؟
كاتمة السر (على عجل وفي حيرة) : لا! … لا! … تلك لحية أخرى!
براكسا (تُقبل على «أبقراط») : آه يا صديقي الفيلسوف! … لماذا أبطأت عليَّ؟! … إني ضيقة الصدر اليوم.
الفيلسوف : اليوم، والشمس تغمر الكائنات بالنور، وأنت تغمرين القلوب بالفرح؟!
براكسا (تقاطعه سريعًا) : كيف ترى شَعْري؟!
الفيلسوف : جدائله تُزري بأشعة الشمس!
براكسا (تلتفت إلى كاتمة سرها ظافرة) : لحية التيس؟!
الفيلسوف : ماذا قرع أذني؟!
كاتمة السر (تسرع مرتبكة) : لا! … لا! … تلك … تلك لحية أخرى!
الفيلسوف : كل كلام من فمك يا «براكسا جورا»، هو عسل في جوف نحلة، يخرج عذبًا شهيًّا على كل حال، وفيه غذاء طيب!
براكسا : للعقل؟!
الفيلسوف : للكبد!
براكسا : آه للفلاسفة! … يعترفون لنا معشر النساء بكل فضيلة إلا فضيلة العقل!
الفيلسوف : ومن قال لك يا سيدتي إن العقل فضيلة؟!
براكسا : يا للعجب! … أتكفر بالعقل أيها الفيلسوف؟!
الفيلسوف : ما فائدته؟! … ها أنتِ ذي قد وصلت إلى الحكم بغير حاجة إليه!
براكسا : إن الشعب هو الذي اختارني للحكم!
الفيلسوف : اختيار موفَّق جميل! … وهو دليل آخر على أن الشعب يستطيع أن يُحسن الاختيار من دون أن يلجأ إلى «العقل» … ولو شاء سوء الطالع أن يرزق الشعب ذرة من العقل لما ظفر باختيارك لسياسة الدولة!
براكسا : ماذا تريد أن تقول؟!

(يُسمَع عندئذٍ صوت صياح وهتاف يقترب.)

الفيلسوف : ما هذا؟
كاتمة السر : يا للآلهة! … هتاف جديد؟!
براكسا : رفقًا أيها الإله «زيوس»!
الشعب (في الخارج وقد اقترب) : يا «براكسا جورا»! … يا «براكسا جورا»!
براكسا (تُسرع إلى الشرفة) : يا أهل «أثينا»! … إني أحييكم، وأسأل الآلهة أن تلهمنا ما فيه خيركم.
صوت (من بين الشعب) : إنك صنعت ما فيه هلاكنا!
براكسا : من أنتم؟!
الصوت : المدينون المساكين.
براكسا : ماذا تريدون؟
الصوت : إصدار قانون يعفينا من دفع ما علينا من ديون! … وإعدام كل دائن مأفون يطالبنا بشيء!
براكسا : إعدامه؟
الصوت : حرقًا!
براكسا : أو شنقًا؟!
الصوت : أو شنقًا!
براكسا : أو غرقًا؟
الصوت : أو غرقًا؛ كما تشائين! … إن لك لمطلق الحرية!
براكسا : نعم! … نعم! … أشكر لكم هذه الحرية التي تمنحونني إيَّاها دائمًا في سخاء!
الصوت : هذا كل مطلبنا!
براكسا : سأفكر فيه! … أرجو منكم الانصراف! … ألتمس إليكم أن تتركوني في هدوء!
الصوت : عِدِينا أولًا؟!
براكسا : أعدكم بفعل ما فيه نفعكم! … انصرفوا الآن!
الهتاف (في الخارج) : وعدتنا «براكسا جورا»! … وعدتنا «براكسا جورا»!

(تبتعد الأصوات، ويعود السكون.)

براكسا (ترجع من الشرفة) : آه! … يا له من عمل شاق … يا له من عبء ثقيل!
الفيلسوف : ما لي أرى الوجه المشرق قد حجبه الشحوب؛ كما يحجب الشمسَ الغروب؟!
براكسا : ألم تسمع ما قالوه؟!
الفيلسوف : مطالب … وأنتِ خير مَن ينهض بها!
براكسا : أأقتل لهم الدائنين شنقًا؟!
الفيلسوف : أو حرقًا؟
براكسا : أأصنع هذا؟!
الفيلسوف : في يدكِ الحوْل والطوْل!
براكسا : كيف أستطيع ذلك؟
الفيلسوف : لقد ارتفعْتِ إلى هذا المكان لأنكِ تستطيعين … ولقد طلبتِ أن تُمنَحي السلطان؛ كي تُرضي الناس أجمعين!
براكسا : أعدم الدائنين من أجل المدينين … وأعدم المدينين من أجل الدائنين؟ … بهذا وحده أحقق المطالب؟!
الفيلسوف : وبهذا ترضين الجميع!
براكسا : أتسخر مني؟!
الفيلسوف : يا سيدتي الجميلة! … إن الفلاسفة قد يستطيعون أن يسخروا من وجه الحقيقة، ولكنهم لا يستطيعون أن يسخروا من وجه الحسناء!
براكسا : حسناء؟! … ما أجمل الكلمة! … آه يا صديقي «أبقراط»! … إن هذه الكلمات تُنعش قلبي، لكن …
الفيلسوف : لكن؟!
براكسا (في تنهد) : لكنها «كلمات»!
الفيلسوف : ما دامت تُنعش قلبَك، فما يَضيرك أن تُسمَّى «كلمات»؟!
براكسا : صدقت! … لكن مع ذلك، ما فائدة الكلمات؟
الفيلسوف : فائدتها أنها تُنعش القلبَ إذا قيلت لامرأة، وتوصل إلى الحكم إذا قيلت لأُمَّة!
كاتمة السر (عند الباب مسرعة) : «براكسا»! … «براكسا»!
براكسا (تلتفت إليها) : ماذا تريدين؟!
كاتمة السر : «هيرونيموس»!
براكسا : «هيرونيموس»؟! … أسرعي! … أسرعي! … المرآة … المرآة!
الفيلسوف : هدِّئي من روعك! … وثقي بأنك جميلة!
براكسا : أيراني هو أيضًا كذلك؟
الفيلسوف : إن كانت له عين ترى الجمال!
كاتمة السر (همسًا وعينها إلى الباب) : ها هو ذا.
هيرونيموس (يدخل ويشير بالتحية) : «براكسا جورا»!
براكسا : «هيرونيموس»!
هيرونيموس : الحرب على الأبواب!
براكسا : الحرب؟!
هيرونيموس : أهل «مقدونيا» عادوا إلى استفزازنا، نحن أهل «أثينا»!
براكسا : آه! … لا تُفزعني بذكر الحرب!
هيرونيموس : أَتُقِرِّينَ إذن بالضعف؟!
براكسا (في حيرة) : ليس ضعفًا!
الفيلسوف : نعم! … ليس ضعفًا … تلك رقة مزاج، ورقة شعور!
هيرونيموس : صه!
الفيلسوف : عجبًا! … من ذا الذي يمنعني من إبداء رأي؟!
هيرونيموس : أنا!
الفيلسوف : وما حجَّتُك في كَمِّ فمي، وحبس لساني؟
هيرونيموس (يشير إلى سيفه) : هذا!
الفيلسوف : آه! … نعم! … نعم! … حجة دامغة! … لكن سيدتي …
هيرونيموس (لبراكسا) : أتأذنين لهذا الرجل بالكلام؟
براكسا : إني آذن للناس كافة بأن يقولوا ما يشاءون، ويفعلوا ما يريدون.
الفيلسوف : نعم! … إنها الحرية الجميلة التي في كَنَفها تغرِّد العصافير، وتنطلق الزنابير، وتتفتح الورود.
هيرونيموس : وتثرثر القرود!
براكسا : يا عزيزي «هيرونيموس»! … لم لا يتسع صدرك لكل كلام؟
هيرونيموس : فليتسعْ صدركِ أنت إذن لهؤلاء!
براكسا (في قلق) : مَن هم أيضًا؟
هيرونيموس (يتَّجه إلى الشرفة ويصيح) : أيها الجيش!
هتاف (في الخارج) : يا «براكسا جورا»! … ارفعي المرتبات! … يا «براكسا جورا»! … ارفعي المرتبات!
براكسا : آه! … أيتها الآلهة!
هيرونيموس : هذا ما يريدون!
براكسا : أأدفع ثلثَي ذهب الدولة؟! …
الفيلسوف : إلى رجال كل مهنتهم أن يجلسوا منتظرين حتى تتشاجر الدولة!
هيرونيموس (في شدة) : إذا لفظ هذا الرجل كلمة أخرى …
براكسا : لماذا تغضب سريعًا لكلمة بَدَرَتْ أو فكرة عَرَضَتْ؟
هيرونيموس : فلنتحدَّث في شئون الدولة على انفراد!
براكسا : هلمَّ إلى حجرتي!

(يذهبان من أحد الأبواب.)

كاتمة السر (تغلق عليهما الباب، ثم تلتفت إلى الفيلسوف) : الآن، أتدري ماذا فعلا؟!
الفيلسوف : وقع أحدهما في أحضان الآخر!
كاتمة السر : وعانق …
الفيلسوف : السيف الحمامة!

(يدخل «بلبروس»، وخلفه «كريميس».)

بلبروس (يُجيل بصرَه في المكان) : أين امرأتي؟!
كاتمة السر (تضع أصابعها على فمه) : إنها … إنها …
بلبروس : أين هي؟!
كاتمة السر : رئيسة الحكومة … إنها الآن منهمكة في … شئون الدولة!
بلبروس : أريد أن ألقاها في الحال!

(يتَّجه إلى باب الحجرة.)

كاتمة السر (تقف في سبيله) : مستحيل … إن شئون الحكومة …
بلبروس : دعيني! … أنا زوج الحكومة!
كاتمة السر (مستنجدة) : إليَّ أيها الفيلسوف! … أخبره! … حدِّثه! … أقنعه بعقلك الراجح!
الفيلسوف (كالمخاطب لنفسه) : عقلي الراجح، كل فائدته الآن: أن يُلْجَأَ إليه في سَتر المواقف المخزية؟!
بلبروس (يلتفت إلى «أبقراط») : أرأيت امرأتي أيها الفيلسوف؟!
الفيلسوف (يشير إلى باب الحجرة) : إنها خلف هذا الباب، قد ارتمت في أحضان … مشكلات الدولة!
بلبروس : أهو أمر خطير يَشغل امرأتي؟!
الفيلسوف : لا يَشغل امرأتك أخطر منه!
بلبروس : أيطول هذا الأمر؟
الفيلسوف : تلك مسألة مزاج!
بلبروس : فلننتظرها إذن، ولنتمسك بالصبر!
الفيلسوف : تلك عين الحكمة!

(بلبروس يلتفت إلى صاحبه «كريميس».)

بلبروس : اجلس يا «كريميس»! … إن شئون الدولة أَولى منا!
كريميس : اسمع يا صديقي «بلبروس»! … إنها قد صنعت منك كبيرًا للقضاة، أنت الذي يصلح أن يكون كبيرًا للخراف! فلا أقل من أن تصنع مني أنا أيضًا كبيرًا … لأي شيء!
بلبروس : إنها ستصنع ما فيه مصلحة الدولة!
كريميس : لا شأن لي بالدولة، ولا أحسبها تنظر دائمًا إلى مصلحة الدولة! … إنها رفعت مرتبتك لأنك زوجها، وينبغي أن ترفع مرتبتي؛ لأني صديق زوجها!
بلبروس : لا يجدر بنا على أي حال أن نسرف في الطمع، أو نغلو في الطلب!
كريميس : عجبًا! … ولماذا لا تفعل؟ … إنها لم تترك امرأة من حزبها، ولا أحدًا من أصحابها إلا نثرت عليه النعم والخيرات، كما ينثر التراب!
بلبروس : من قال لك هذا؟
كريميس : أكثر أهل «أثينا» يتحدثون به … ألم تسمع خطب الأحزاب التي تألفت لإسقاط «براكسا جورا»؟! إنها تضم الآلاف من الساخطين والساخطات ممن منعت عنهم الخيرات!
بلبروس : وما الذي منع عنهم الخيرات؟!
كريميس : بُعدهم عن «براكسا جورا»!
بلبروس : ولماذا ابتعدوا عن «براكسا جورا»؟!
كريميس : ليس في استطاعة كل الناس أن يقتربوا منها، وأن يُعَدُّوا في أصدقائها وأنصارها!
بلبروس : قول هراء … إني أَعْرَفُ بزوجتي منك … إن «براكسا جورا» لا تحابي أنصارًا ولا أعوانًا … إنها النزاهة في صورة امرأة … إن حكمها هو الحكم الصالح … إن المسكينة تعطي جسدها وقلبها لدولتها … انظر ها هي ذي خلف هذا الباب، غارقة في أحضان العمل … العمل الجليل والفعل المجيد!

(الفيلسوف يلفظ ضحكة على الرغم منه!)

بلبروس : ما الذي أضحكك أيها الفيلسوف؟! … أخبر صاحبي هذا، وحدِّثه، وأقنعه بعقلك الراجح!
الفيلسوف : دعوا عقلي الراجح في مكانه!
بلبروس : أخبرنا برأيك في «براكسا جورا»!
الفيلسوف : جميلة مثل «ڤينوس» كأنها ولدت في قشر لؤلؤة!
بلبروس : أعني رأيك في حكمها؟!

(هتاف يرتفع، ويقترب.)

الفيلسوف : اسمع!
الهتاف (في الخارج) : سحقًا ﻟ «براكسا جورا»! … السقوط ﻟ «براكسا جورا»!
كاتمة السر (تجري مرتاعة إلى الشرفة) : أيتها الآلهة!
بلبروس (مضطربًا) : أيها الإله «زيوس»!
كريميس (ملتصقًا بصاحبه) : أيتها الإلهة «أرتميس»!

(«براكسا جورا» تخرج من الحجرة وحدها، تجري نحو الشرفة.)

براكسا : ما هذا الصياح؟
كاتمة السر (تلتفت إليها) : جموع كأنها البحر الطامي!
الهتاف (في الخارج) : السقوط لحكم «براكسا جورا»؟! … السقوط ﻟ «براكسا جورا»!
براكسا (في اضطراب وحيرة) : ويلي! … ويلي … لن أستطيع مخاطبة كل هذه الجموع!

(«هيرونيموس» يظهر بباب الحجرة.)

هيرونيموس : أهو حزب آخر يناصبك العداء؟
براكسا : آه! … لست أدري كيف تظهر الأحزاب الآن بهذه الكثرة من كل جانب؟!

(تخفي وجهها في كفيها.)

الفيلسوف : كما تظهر البُثور في الوجه الجميل!
هيرونيموس : وما الذي سمح لها بالظهور؟
الفيلسوف : فساد في المعدة!
هيرونيموس : نعم، والعلاج يسير: مسهِّل قوي يُحدث التنظيف والتطهير! … دعوني أنا أتولى ذلك!
براكسا (تلتفت إليه صائحة) : «هيرونيموس»! … «هيرونيموس»! … ماذا تريد أن تصنع؟! … ماذا تريد أن تصنع؟
هيرونيموس : الزمي حجرتك أيتها المرأة! …
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤