الباب الأول

في ذكر الحماقة ومعناها

قال ابن الأعرابي: الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت، فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر حرب. وقال أبو المكارم: إنما سُمِّيَتِ البقلة الحمقاء لأنها تنبت في سبيل الماء وطريق الإبل. قال ابن الأعرابي: وبها سُمي الرجل أحمق؛ لأنه لا يميز كلامه من رعونته.

فصل: وقد ذكرنا ما يتعلق باللغة في هذا الاسم، ولا يظهر المقصود إلا بكشف المعنى، فنقول: معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب مع صحة المقصود، بخلاف الجنون؛ فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعًا، فالأحمق مقصوده صحيح ولكن سلوكه الطريق فاسد ورويته في الطريق الوصال إلى الغرض غير صحيحة، والمجنون أصل إشارته فاسد فهو يختار ما لا يختار، ويبين هذا ما سنذكره عن بعض المغفلين، فمن ذلك: أن طائرًا طار من أمير فأمر أن يغلق باب المدينة! فمقصود هذا الرجل حفظ الطائر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤