الفصل السابع

فيما كُتِب عليه القرآنُ في عهد النبي

كان الكَتَبَة يكتبون الآيات في العسب واللخاف والرقاع، وأحيانًا في الحرير وقطع الأديم والأكتاف، على عادة العرب بالكتابة على تلك الأشياء، وكانت تُطلق عليها الصحف، وكانت من تلك الصحف تُكْتَب لرسول الله وتُوضَع في بيته. قال محمد بن إسحاق في الفهرست: وكان القرآن مكتوبًا بين يَدَيْ رسول الله في اللخاف والعسب وأكتاف الإبل، وروى البخاري عن زيد بن ثابت أنه قال: تَتَبَّعْتُ القرآن وأجمعه من اللخاف والعسب وصدور الرجال.

روى العيَّاشي١ في تفسيره في ذَيْل رواية له: قال عليٌّ —عليه السلام: إن رسول الله أوصاني إذا وارَيْتُه في حُفْرَتِه أن لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله، فإنه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل، وفي رواية علي بن إبراهيم٢ عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد — عليه السلام — قال: إن رسول الله قال لِعَلِيٍّ: يا علي إن القرآن خَلْف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس، فخذوه واجمعوه ولا تُضَيِّعوه كما ضَيَّعَت اليهود التوراة، وانطلق عليٌّ — عليه السلام — فَجَمَعَهُ في ثوبٍ أصفر ثم ختم عليه، قال الحارث المحاسبي في كتاب «فهم السنن»: كتابة القرآن ليست بمُحْدَثة، فإنه كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرَّقًا في الرقاع والأكتاف والعسب والقرطاس، ووَرَدَتْ روايات في أن وَضْع الآيات في مواضيعها في القرآن بأمره، وأنها بتوقيفه وفيها ما يدل على أن آيات القرآن كُتِبَتْ بين يديه بأمره .٣
١  محمد بن مسعود بن محمد بن عياش، من كبار مُحَدِّثي الإمامية، له تفسير القرآن المعروف بتفسير العياشي، والموجود منه مخطوط، لكن بعض أهل العلم للاختصار حذف الإسناد وبذلك شَوَّهَهُ.
٢  علي بن إبراهيم بن هاشم الفمي، من ثقات مُحَدِّثي الإمامية، له كتاب التفسير المعروف.
٣  قال الخطائي: إنما لم يَجْمَع القرآنَ في مكانٍ واحدٍ لِمَا كان يَتَرَقَّبُه من ورود الناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤