أزمة قلم

تعطيل «الدستور»

بقيت في تحرير صحيفة «الدستور» حتى فرغنا من كتابة الكلمة الأخيرة في عدده الأخير …

وقد مضت علينا قبل احتجابه أشهر، ونحن نعلم أننا نكتب أعداده الأخيرة، وإن كنا لا نعلم أيها يكون الأخير الذي ليس بعده أخير …

وأبت المروءة على صاحب الصحيفة أن يماطل أحدًا من أصحاب الديون عليها، أو أصحاب الأجور فيها بدرهم واحد، فاتفق مع تاجر من تجار الورق المشهورين على أن يشتري مؤلفاته جملة واحدة سدادًا لثمن الورق وما إليه، واتفق معه في الوقت نفسه على أن يشتري النسخ من الموظفين والعمال بأثمانها المتفق عليها، وأذكر أن ثمن النسخة من معجم «كنز العلوم واللغة» لم يزد في هذا الاتفاق على ثلاثة عشر قرشًا، وكانت قبل ذلك بمائة قرش، ثم بيعت بعد أشهر قليلة بخمسين قرشًا، ثم بسبعين.

ولقيت الرجل مودعًا فقال لي: إنه يرجو أن نتعاون معًا في عمل صحفي نحن أقدر عليه وأصلح له من الصحافة السياسية، وأنه يدرس الفكرة ويلخصها لي عسى أن أفكر فيها، ويرجو أن يبلغني نتيجة درسه لها بعد أسبوعين أو شهر على الأكثر، إذا صح العزم على الشروع في تنفيذها …

مقالاتي مرتين!

كان الأستاذ فريد وجدي يصدر مجلة شهرية تسمى «الحياة»، ويكتب فيها أحيانًا مقامات خيالية تسمى بالوجديات، ثم تفرغ لإصدار الدستور، وترك المجلة إلا في فترات متباعدة يعاودها كلما اجتمع لها من مادة الفصول الأدبية ما يملأ عددًا من أعدادها، وربما اختار بعض هذه الفصول من مقالاتي التي كنت أنشرها في الصحيفة اليومية …

أما «الوجديات» فقد كان يكتبها على أسلوب المقامات، ويديرها على المواعظ الاجتماعية، وتقريب المثل العليا التي تصطبغ على الدوام بصبغة الدين أو بصبغة الأخلاق المثالية، وكان لها قراء كثيرون يطلبونها كلما طالت غيبتها، وقد تصدر منها طبعتان وثلاث طبعات.

قال الأستاذ: «إن الحياة» أولى بمقالاتك من الصحيفة اليومية، وإنك تستطيع أن تجرب قلمك في المقامات، فتظهر «الحياة» وفيها مقاماتك ومقالاتك إلى جانب «الوجديات»، ولولا أنني أنتظر حتى أعلم أن هذا العمل يعوض تكاليفه ويغنيك عن عمل آخر لشرعنا فيه منذ الساعة، ولكننا قد نشرع فيه بعد أسابيع …

بلا عمل

ومضت الأسابيع ولم أسمع من الأستاذ خبرًا عن هذه الفكرة، ولم أصل من دراستها بيني وبين نفسي إلى نتيجة تدعو إلى الثقة بنجاحها، فوجب البحث عن عمل لي في الصحافة، أو ما يناسب الصحافة، ولكن ما العمل الذي يتيسر لي عند طلبه على عجل، ولا بد من العجل، ولا طاقة بالانتظار …

أفق الصحافة في تلك الآونة مظلم يطبق عليه الظلام من قراره، ولا تلوح منه شعاعة برانية ولا جوانية؛ لأن البلاء الذي كانت تصاب به الصحافة من داخلها قد كان أشد عليها من البلاء المسلط عليها من أعدائها …

كان «اللواء» في حياة مصطفى كامل يعول على موارد يلدز وعابدين، ومعونة بعض الغيورين من سراة الترك والمصريين، وانقطعت موارد يلدز وعابدين من قبل وفاته … وانقطع الأمل في موارد يلدز بعد زوال عهد عبد الحميد، وفي موارد عابدين بعد إعراض الخديو عباس عن الحزب الوطني في عهد سياسة الوفاق، واستحكام العداء بين الحاشية الخديوية وخليفة مصطفى كامل «محمد فريد» … وقد كاد فريد — رحمه الله — ينهض وحده بأعباء اللواء المالية والسياسية، لولا ما أصابه من المصادرة بعد المصادرة ومن المحاكمة بعد المحاكمة، حتى أجمع عزيمته آخر الأمر على هجر الديار …

وكان «المؤيد» يزدهر في إبان نشاط صاحبه «علي يوسف» … ثم نكب هذا الرجل العصامي نكبة قاسية عصفت بنشاطه قبل أوانه، إذ فجعته المنية في وحيده في مقتبل صباه، واضطربت حياته بعد ذلك بمشكلات الأسرة، أو مشكلات «مشيخة السادات» التي ساقته قضية الزوجية إليها، وما زال دبيب الملل يسري إليه، ويزهده في صحيفته العزيزة عليه حتى تركها بعد حين للمقادير، وهو لا يبالي ما سوف تلقاه، أو ما سيلقاه! …

وكانت «الجريدة» أسلم الصحف من هذه الزعازع وأشباهها، ولكنها على هذا لم تسلم من ضربات خصومها السياسيين، وفي مقدمتهم الحاشية الخديوية، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية … فإن حاشية الخديو افتتحت عهد الوفاق بين السلطتين الشرعية والفعلية بمحاربة «حزب الأمة» قبل غيره من الأحزاب؛ لأن أعضاء الأحزاب الأخرى كانوا يلوذون بالقصر ولا يقاطعونه، خلافًا لأعضاء حزب الأمة الذين كانوا يقفون من القصر موقف الاستقلال، أو يتعرضون لغضبه في كثير من الأحوال، فسعى رجال الحاشية سعيهم لتحويل الأعضاء من حزب الأمة إلى حزب الإصلاح، ونجح مسعاهم بعد اختيار وكيل حزب الإصلاح للوزارة وتتابع الإنعام بالرتب والألقاب على أعضائه البارزين … ولم تبق للحزب بقية قادرة على الصمود والمقاومة إلا بجهد جهيد، ولكنه بقاء لم يعصم الجريدة من أزمات المال والخلافات الداخلية، وعرفت من محرريها يومئذ من تركها لأنها اضطرت إلى القصد في وظائف التحرير بعد التوسعة فيها عند نشأتها، حتى كانت تقنع من المحرر بنهر في اليوم، ولا تسأله إذا ونى عن كتابة هذا النهر عدة أيام …

حياة الظلام

وتلك هي الصحف التي أنظر إليها إذا نظرت إلى عمل في الصحافة اليومية، فأما الصحف الأسبوعية فلم يكن فيها مجال لغير أصحابها أو لغير كتاب المقالات — بالقطعة — على حسب الطلب، وعلى كل لون، وفي عرض الطريق!

وربما تأتَّى للصحافة في مجموعها أن تغالب هذه المحنة، وأن تتغلب عليها في النهاية لو لم تطبق عليها طامتها الكبرى من قانون المطبوعات الرهيب: قانون الحجر والرقابة، وتقييد الرخص ومحاسبة الكاتب على السطور وما بين السطور، وعلى الأقوال والنيات! …

وقد انطوى هذا القانون بعد نشره في أيام الثورة العرابية، ثم بطل العمل به زمنًا طويلًا حتى نسينا نحن الصحفيين الناشئين أن في البلد قانونًا للصحافة كان يسمى قانون المطبوعات، وأن الكاتب يسأل عن شيء قاله في حدود النقد المباح كائنًا ما كان مقام المنقود في الحكومة أو في البلاد …

ومما يؤسف له أن نصيب الصحافة من هذه الطامة التي جرتها على نفسها لم يكن أهون من نصيب الحكومة، وأنها جنت على حريتها ولا ريب بما زودت به «السلطة» من معاذير، يقبلها كل من يؤمن بحق القانون …

فلا نذكر أن أحدًا من أعلام الصحافة كتب في صحيفته كلمة تتعلل بها الحكومة لتقييد حرية الكتابة، أو قال في خطبة من خطبه كلمة تتعلل بها لتقييد حرية الخطابة والاجتماع، ولا نستثني من ذلك «مصطفى كامل» على تطرفه واندفاعه في الخطب، وفي المقالات …

ولكن الصحافة اليومية لم تلبث أن صارت إلى الأقلام التي لا تحسن شيئًا كما تحسن أن تسقط معاذيرها، وأن تمهد العذر لمن يتمحلون العلل عليها، ولا نخال أن حاكمًا حرًّا أو مستبدًّا كان يعيبه أن يتمحل العلل للحجر على الدعوة الصريحة إلى القتل وإهدار الدماء، ومن أمثلتها ما نشر في ديوان «وطنيتي» من أبيات يقول فيها ناظمها:

هل سال في مصرَ الدمُ
أم هل أفاق النوم
ومضوا إلى أهل الضلا
ل فأعدموا من أعدموا

فإنه لمن سخافة القائل أن يتهم بالاستبداد حكومة تسمح بنشر هذا التحريض، فإن لم تكن مستبدة فمن السخف أن يحاسبها على منع هذا التحريض وتحريمه … فما كانت حكومة حرة أو مستبدة لتحاسب على هذا المنع وهذا التحريم.

حفرت قبرها بيدها

وكأنما كانت الصحافة الأسبوعية والصحافة اليومية في سباق بينها على تدبير المعاذير للسلطة التي تعمل على تقييدها والحجر عليها … فقد كان جمهرة الصحفيين الأسبوعيين في ذلك الحين يستبيحون كل محظورة في التشهير، واستغلال الفضائح وافتراء الأكاذيب لاغتصاب الإتاوات التي لا موعد لها ولا حدود لتكرارها باسم «الاشتراكات» أو التبرعات الوطنية، ويشاء لها سوء حظها وحظ الأمة أن يكون ممثلو البلاد أكبر أهدافها وأول من يصاب بسهامها، فكان التشهير بأعضاء مجلس الشورى بابًا ثابتًا من أبواب كل صحيفة أسبوعية تبحث عن الفريسة بين ذوي الأسماء المعروفة، ولم يكن لأعضاء مجلس الشورى سلطان في الحكم يحاسبون عليه أو يناقشون فيه، وإنما كانوا من أعيان البلاد، وكان أكثرهم بعاصمة البلاد على مقربة من جمهرة الصحفيين الأسبوعيين، فكادوا أن ينوبوا عن البلاد جميعًا في مصابها بالصحافة الأسبوعية، وتصدى بعضهم للمطالبة بتقييد الأقلام قبل أن يتصدى لها الوزراء والحكام.

قال أحدهم للأمير حسين كامل مستثيرًا لنخوته: هل يرضيك يا صاحب السمو أن يقال عنك: إنك رئيس مجلس الشوربة؟ …

وعلى هذا النحو تبتلى البلاد بالنكسة وقلب الحال، وينادي بالحجر على حرية الصحف من كانوا أحق الناس بالغيرة على حريتها لو لم يكن قوامها العدوان على حرية الناس …

في القائمة السوداء

وطالت محنة الصحافة هذه بمن يجنون عليها من أبنائها العاملين فيها، ومن أعدائها الساخطين عليها …

وطالت حيرتي بين العمل فيها والعمل في غيرها، وأين يكون العمل في غيرها؟

إنه التدريس ولا شيء غيره … فإن لم يتيسر في المدارس الأهلية، فقد يتيسر بإعطاء الدروس الخصوصية، وأما وظيفة الحكومة فهيهات الآن «هيهاتين» لا هيهات واحدة … لأنني كنت قبل اشتغالي بالصحافة أتنحى عن وظيفة الحكومة لنفوري منها … فالآن أطلبها — إن طلبتها — ولا أظفر برضاها، بعد أن ثبت اسمي في سجلات الحكومة بين أسماء القائمة السوداء، وبعد أن صار الغضب على الصحافة والصحفيين غنيًّا عن الأسباب …

ولا بد من عمل عاجل على أية حال؛ لأن تكاليف المعيشة على الشاب الذي لا يكسب رزقه من وظيفة، ولا من مورد يملكه، ضرورة ملحة لا تحتمل الإرجاء من يوم إلى يوم … ولا نقول: من أسبوع إلى أسبوع.

وكرهت نفسي أن ألجأ إلى أحد من الميسورين من أهلي، وهم غير قليلين بحمد الله.

وكرهت نفسي أن ألجأ إليهم؛ لأنني تحديتهم جميعًا وخيبت رجاءهم قاطبة بالخروج من الخدمة الأميرية، بعد أن وصلت إليها بين مزدحم الطلاب المتهافتين عليها، وشق عليَّ أن أرفض نصيحتهم ثم أسعى إليهم لألتمس معونتهم، وخيل إلي أنهم قائلون بلسان الحال إن لم يقولوا بلسان المقال: إنك أعرضت عنا وذهبت إلى الصحافة … فأمامك اليوم صحافتك العزيزة، فخذ منها ما تعطيك …!

وإلى أين يوجد العمل، ما العمل؟

تبين لي بعد قليل أن المصرف الأكبر بالأمس صالح أن يكون اليوم موردي الأكبر، إن لم يكن موردي الوحيد …

هذه الكتب الكثيرة لم لا تباع إلى أن تتجدد القدرة على شرائها، إن تجددت الحاجة إليها؟ …

إنها الآن تعد بالمئات بعد الإقبال على شرائها نحو ثلاث سنوات … وليس من المنظور أن تباع بثمن الشراء مع الحاجة الملحة إلى البيع السريع، ولكنها تباع بما يكفي لقوت اليوم واليومين والأسبوع … وقد تكفي خمسة قروش لقوت اليوم في تلك الفترة، ولا علينا من أجرة البيت وأمثالها من النفقة المتجمعة، التي تقبل التأجيل زمنًا طويلًا أو غير طويل …

ولقد كان موردًا نافعًا قد يمتد فيسعفنا — مع الدروس الخصوصية — بضعة شهور …

لولا حواء، وبنات حواء، جزاهن الله بما هن أهل له من جزاء …

من سكن الريف عرف خير ما في بنات حواء من مروءة وصفات، ولم يخف عليه شر ما فيهن من كيد والتواء …

هن الأمهات المتطوعات للشاب الناشئ المنفرد بمعيشته في عقر داره …

من ترى يهيئ له طعامه؟ من ترى يهتم بتنظيف ثيابه وترتيب أثاثه؟ ولم لا يتزوج؟ ومن تراها تنفعه وتلائمه من بنات الجيران؟

وقد كنت أسكن في حدائق القبة في ضاحية كالقرية الريفية في كل شيء، ومنه — بل أهمه — الأمهات المتطوعات والخطيبات «المزعومات» …

وكانت لي خطيبة منهن لم أخطبها، ولم أتحدث إليها، ولا إلى أحد من أهلها في حديث زواج … وكانت لها صاحبة لعوب في مثل سنها متزوجة من بعض ذوي قرباها، قالت لي ذات يوم: إن فلانة لا تأتي إلى ناحيتك في هذه الأيام؛ لأن صويحباتها يعاكسنها ويسمينها خطيبة «أبو طويلة»، ولا تغضب هي من هذه التسمية، بل تقول لهن مزهوة مستخفة: وما له أبو طويلة أليس خيرًا من المساخيط؟ …

ولم أشأ أن أجيب الفتاة اللعوب جوابًا يكسر خاطر الخطيبة التي لم أخطبها، ولم أشأ كذلك أن أجيبها جوابًا يربط الخطبة المزعومة ويؤكدها! … ولم أزد على أن قلت: شكرًا للفتيات العابثات، فقد أحسن والله الاختيار والانتقاء … ولو كان في نيتي أن أتزوج أو أخطب لما وجدت في الحي زوجة أجمل في صديقتك الحسناء …

قالت: كأنك في غير هذا الحي تجد من تخطبه؟

قلت: ولا في غير هذا الحي … ولكنني الآن في شاغل عن الزواج … أفلا ينبغي أن أعول نفسي قبل أن أفكر في زوجة أعولها؟

وكأنها خطبة قد انعقدت بهذا الحوار، وكأنه حق مكتسب للسؤال عن الحركات والسكنات، وعن المبيت في المسكن وغيابي عنه بعض ليال …

ولم أفارق المنزل بحملي من الكتب على دفعتين أو ثلاث حتى اعتقدت الخطيبة أنني أنوي الرحيل، وأهم بفسخ الخطبة التي لم تنعقد قط بكلمة تصريح أو تلميح … وعزز اعتقادها عندها أنني كنت أحمل كتابي للمطالعة إلى حقل من حقول الليمون بجوار جدول في طريق كنيسة، فقيل لها: إنه يهيم بفتاة قبطية هناك، وإنه يؤجل مسألة الزواج بها لأنها مشكلة لا تنحل إلا إذا انحلت بينهما مشكلة الاختلاف في الدين …

وأين أنتم يا أصحاب المنازل الغافلين عن سكانه وعن زواره وجيرانه؟ إن ساكنكم الأعزب ليستعد للهرب بالأجرة المتأخرة عليه … فإن لم تصدقوا فتربصوا له في الطريق، وانظروا إليه وهو يحمل كتبه دفعة بعد دفعة؛ ليترك لكم حجرتكم خواء خلاء، لا يعوضكم عن أجرتكم الضائعة إن حجزتم عليه!

وصدق أصحاب المنزل الغافلون، أو المزعوم عنهم بالباطل أنهم غافلون …

وحيل بيني وبين أول «رصة» من الكتب خرجت بها بعد هذه الوشاية، وكادت أن تكون مشاجرة ريفية من طراز الشجار بالنبوت على الحقوق الضائعة، ولكن الله سلم، وألهمني أن أسلم الكتب وأمضي بسلام …

وفي يومها اقترضت أجرة السفر للعودة إلى أسوان …

وفي اليوم التالي لوصولي إلى أسوان، أرسلت منها حالة بريدية إلى صديق لي من أبناء الإقليم يدير محلًّا مشهورًا لبيع الطرابيش وتركيبها …

وانتهى كيد حواء ليلحق به كيد المقادير التي لا تقع في حسبان …

فقد كان صاحبنا الطرابيشي ممن اشتركوا في ترويج الطربوش الأبيض احتجاجًا على دولة النمسا التي كانت تصدر إلينا الطرابيش الحمراء؛ لأنها أعلنت ضم بلاد البشناق إليها من أملاك الدولة العثمانية، فقاطعها المصريون، واستغنوا برهة عن الطرابيش الحمراء بالطرابيش البيضاء …

واضطغنها وكلاء المعامل النمسوية في القاهرة، فنصبوا فخاخهم وحبائلهم لجماعة التجارة الذين اشتركوا في حركة المقاطعة، ومنهم صديقنا الطرابيشي من إقليم أسوان …

فلما وصلت الحوالة البريدية إلى القاهرة ضاعت في تيه الحراسة، والحجز والتصفية، وإجراءات «السنديك» وأمناء الحسابات …

ومضت سنوات وأنا لا أعلم مصير كتبي في معتقلها المهجور، إلى أن لقيت الأستاذ عبد العزيز الصدر عرضًا، فأنبأني أن جيرانه في حدائق القبة عرضوا عليه تلك الكتب فاشتراها، وأنه على استعداد لردها لي بثمنها إذا أردتها، فشكرته وقلت له: إنني لا أحتاج إليها، ولكنني قد أستردها بثمنها إذا اتسع لها مكان عندي، ولم يتسع لها — بعد — مكان …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤