ريشة العزف على الجيتار!

جاء صوت رقم «صفر» يقول: لقد أعجبَتني مناقشاتُكم، لكن ما وصلتم إليه يحتاج لبعض الوقت، في حين أن كلَّ يوم يمرُّ نكون في انتظار سقوط ضحية، ونفقد رجلًا جديدًا من رجال السلام.

سكت لحظةً بينما كان الشياطين يُنصتون باهتمام، قال الزعيم: لقد وقعت جريمةٌ جديدة، اغتالوا السينيور «كلاتش»، أحد دعاة السلام في إيطاليا.

صمت الزعيم، ونظر الشياطين إلى بعضهم، فكر «أحمد» بسرعة: إذن، هناك جريمة جديدة في كل لحظة على امتداد العالم.

فجأة جاء صوت رقم «صفر» يقول: سوف أعود إليكم حالًا، يبدو أن هناك أخبارًا جديدة أخرى!

مرَّت دقائق، ساد فيها الصمت في القاعة، كان الشياطين يتبادلون النَّظرات الحائرة، فجأة قال «قيس»: جريمةٌ في إيطاليا، وهذه واحدة أخرى من مراكز تصنيع السلاح في العالم.

فجأة، جاء صوت رقم «صفر» يقول: اغتالوا السيد «هيهام» أحد دعاة السلام في الهند! نظر الشياطين إلى بعضهم وجاء صوت رقم «صفر»: إن ما يحدث متوقع في كل لحظة، أنتم تعرفون تجار الحروب، تمامًا كما قلتم، وأن تظهر دعوة للسلام، وأن يعمَّ السلام العالم، فهذا يعني ضياع هؤلاء التجار، وهم لن يسمحوا بذلك، نحن إذن، أمام عدوٍّ صعب وشرس، لكن المهم أن نصل إلى فرقة الاغتيالات، وهذه هي مهمتكم الجديدة.

صمت لحظةً ثم قال: في مدينة «نابولي» حيث تم اغتيال السينيور «كلاتشي»، استطاع المجرم أن يُفلت، لكنهم وجدوا في المكان الذي أطلق منه الرصاص ريشةً للعزف على الجيتار.

سكت رقم «صفر» وعلَت الدهشةُ وجوهَ الشياطين، ثم التقَت أعينُهم وهي تحمل العشرات من علامات الاستفهام، قطع دهشتَهم صوتُ الزعيم يقول: إن الريشة مصنوعةٌ في ألمانيا؛ فقد وُجد اسم الشركة التي تصنعها على الريشة … السؤال: هل القاتل عازف جيتار، وهل يعزف الجيتار هواية، أو أنه يُمارس العزف كاحتراف؟ السؤال الآخر: هل هو ألماني، أو أنه إيطالي، أو هو من جنسية أخرى؟

مرَّت لحظات، كان قد توقَّف فيها صوت رقم «صفر»، في نفس الوقت الذي كان فيه الشياطين قد غَرِقوا في التفكير، إنَّ القضية بهذا الشكل شائكةٌ تمامًا، مع ذلك، فإنَّ مناقشتها يمكن أن تُفيدَ.

قال الزعيم: سوف أترككم لبعض الوقت!

عندما اختفى صوتُ الزعيم قال «خالد»: دعونا نُفكر في هدوء، إنَّ هذه الريشة يمكن أن تساعدنا على تحديد شخصية المجرم، فهو شاب؛ لأنَّ مَن يعزف الجيتار هواية أو احتراف، عادة من الشباب، فليس من المعقول أن يهوى الجيتار رجلٌ متقدمٌ في السن.

قالت «زبيدة»: لماذا لا تكون الريشة مجرد خدعة ذكية من القاتل؟ إنه بذلك يصرف نظر الشرطة عنه.

قال «أحمد»: هو احتمال قائم، كما أن تحديدَ القاتل بأنه شابٌّ مجردُ احتمال أيضًا.

قال «خالد»: هذا صحيح، ومع ذلك، فإن الاحتمالات يمكن أن تَصِل بنا إلى حقيقة!

دخل الشياطين في مناقشة حامية. في نفس الوقت، كان «أحمد» يُفكر: هل يجب أن يذهب الشياطين إلى إيطاليا ليكونوا بجوار مسرح الجريمة، أو يذهبوا إلى «دلهي» في الهند، حيث وقعت الجريمة الأخرى! فجأة قطع صوتَ تفكيرِه صوتُ رقم «صفر» يقول: مسألة مدهشة. لقد وجدوا في ثياب القاتل ريشةَ عزف على الجيتار؛ فقد استطاعَت شرطة «الهند» أن تُطاردَه، لكنه سقط في المطاردة. وبتفتيشه عثروا في ثيابه على ريشة العزف، ولم يجدوا شيئًا آخر!

قالت «هدى»: ربما يكون شعار هذه الفرقة ريشة العزف!

جاء صوت رقم «صفر» يقول: ربما، لكن المهم الآن هو الوصول إلى القاتل في الجريمة الإيطالية!

سأل «أحمد» بسرعة: ما هي جنسية قاتل «دلهي»؟

ردَّ رقم «صفر»: إن تقريرًا يُعَد الآن تبعًا لمعلومات عميلنا في «دلهي»، وسوف يكون بين أيديكم حالًا.

صمت لحظةً ثم أضاف: إن مجموعتَين سوف تتحركان حالًا؛ واحدة إلى إيطاليا، والأخرى إلى الهند، وسوف تتحدَّد المجموعتان حالًا.

مرَّت دقيقةٌ صامتة، ثم أضاف رقم «صفر»: الآن ينبغي أن ينتهيَ الاجتماع، ويستعد الشياطين جميعًا للتحرك!

اختفى صوت رقم «صفر»، وأخذ الشياطين طريقَهم خارج القاعة. كان «أحمد» مستغرقًا في تفكيره، اقتربت منه «إلهام»، وقالت: ألَا يدل وجود ريشة العزف على الجيتار، على أنها مجرد شعار للفرقة كما قالت «هدى»؟

نظر لها «أحمد» لحظةً ثم قال: جائزٌ جدًّا، وأظن أن تكرارها يدل على ذلك.

ثم استطرد بسرعة: مع ذلك يظل احتمالُ أن يكونوا فرقةَ عزفٍ للجيتار قائمًا.

قالت «إلهام»: إذا كان هذا الاحتمال صحيحًا، فإنه يكون مفاجأةً غير متوقعة!

ثم اتجهَت «إلهام» إلى غرفتها في المقر السري، واتجه «أحمد» إلى غرفته. كان يُفكر: هل يمكن أن تكون فرقةً للعزف فعلًا كنوعٍ من التمويه الذكي، وإذا كان ذلك صحيحًا، فكيف يمكن العثور على هذه الفرقة، وهل يمكن أن تكون فرقة، كل العازفين فيها يعزفون على آلةٍ واحدة؟!

كانت أسئلةٌ كثيرة تدور في خاطره، عندما استقرَّ داخل الغرفة، جاءت أوامر رقم «صفر» تحدد مجموعتَي المغامرة. كانت المجموعة الإيطالية تضم: «أحمد»، «خالد»، «مصباح»، «باسم»، «بو عمير»، أمَّا المجموعة الهندية فقد كانت تضم: «قيس»، «فهد»، «عثمان»، «رشيد». قرأ «أحمد» الأسماء ثم استغرق في تفكير عميق، فجأة هدأَت ملامحُ وجهه، وابتسم، ثم ضغط زرًّا في جهاز التليفون، فظهر وجه رقم «صفر»، كان يبدو مشغولًا.

قال «أحمد»: هل يُمكن ضم «إلهام» إلى المجموعة الإيطالية؟

جاء صوت رقم «صفر» يقول: هل هناك حاجةٌ لضمِّها؟

ابتسم «أحمد» وقال: نعم، سوف تكون ضروريةً في مغامرتنا.

تساءل رقم «صفر»: هل يُمكنني أن أعرف السبب؟

ابتسم «أحمد» ثم أخذ يشرح للزعيم ما فكَّر فيه. وعندما انتهى من شرح فكرته.

قال الزعيم: لا بأس، إنها فكرةٌ طيبة، وقد تفتح أمامكم أبوابًا جديدة.

صمت لحظةً، ثم قال: إذن، عليكم بالانطلاق فورًا!

ثم أضاف بسرعة: يجب أن تكونوا مستعدين تمامًا لتنفيذ فكرتك اللامعة!

ابتسم «أحمد» وشكر رقم «صفر»، ثم انتهت المكالمة بينهما، وفجأة اختفت صورة الزعيم، لم تمرَّ دقيقةٌ حتى كان صوت رنين التليفون يتردَّد في غرفة «أحمد»، وقبل أن يضغط زرَّ الجهاز، ابتسم وقال في نفسه: لا بد أنها «إلهام» ثم ضغط الزر، فظهرت صورة «إلهام» وعلى وجهها ابتسامة عريضة، قالت: لقد انضممتُ إليكم!

ابتسم «أحمد» وقال: نعم، وأنا الذي طلبت ذلك.

قالت «إلهام»: إنني مستعدة!

ابتسم «أحمد» وقال: هل سمعت أحدث ألحان «مادونا»؟

ضحكت «إلهام»، وقالت: كل ما صدر أخيرًا سمعتُه وحفظتُه أيضًا.

ابتسم «أحمد» وهو يقول: إذن … إلى اللقاء!

عندما اختفت صورة «إلهام» من فوق شاشة التليفون، ضغط «أحمد» زرًّا آخر، ثم بدأ يتحدث إلى «خالد» و«مصباح» و«باسم» و«بو عمير» وهم مجموعة إيطاليا، وشرح لهم فكرته، ثم اتفقوا على اللقاء عند نقطة البداية. فكر «أحمد» قليلًا ثم ذهب إلى الدولاب السحري الموجود في جدار الغرفة وفتحه، ثم أخرج جيتارًا رائع الصنع، أجرى أصابعه فوق أوتاره، فصدرت منه نغمات أغنية يحبها، وهي أغنية «سوف نلتقي غدًا».

ابتسم ثم وضع الجيتار في حقيبته، وخرج، أخذ طريقه إلى حيث نقطة اللقاء، كان الجيتار معلَّقًا في كتفه، فيبدو وكأنه بطلٌ من أبطال الفِرَق الغنائية. عند نقطة اللقاء، كانت بقية المجموعة في انتظاره، وقد حمل كلٌّ منهم آلته الموسيقية التي يحبُّها.

كان «خالد» يحمل الترومبيتة، و«مصباح» يحمل آلة الإيقاع، و«باسم» الساكس، و«بو عمير» جيتارًا أيضًا، أما «إلهام» فكانت هي مغنية فرقة الشياطين.

إنَّ الشياطين يستطيعون عملَ أيِّ شيء. وفي أيام الراحة كانت تحلو لهم الليالي، فينضمون إلى فرقة موسيقية أفرادها ثلاثة عشر، يعزفون ويغنون في المسرح الصغير الملحق بالمقر السري.

كان كلٌّ منهم يُجيد العزف على آلته إجادة تامة، لكنهم لم يعزفوا خارج المقر أبدًا، لكن هذه المرة الموقف مختلف تمامًا؛ فقد كان عليهم أن يظهروا، وكأنهم فرقةٌ غنائية حقيقية.

جلس «باسم» إلى عجلة القيادة، وانطلقَت السيارة في طريقها إلى المطار. وعندما وصلوا إلى هناك كان كلُّ شيء في انتظارهم. وعندما حلَّقَت الطائرة في الجو، كان كلٌّ منهم قد استغرق في تفكير هادئ، ولم يكن محورُ تفكيرهم إلا هذه التجربة الجديدة التي يدخلونها لأول مرة، تجربة الفرق الغنائية المحترفة.

عندما وصلوا إلى مطار روما، كانت المفاجأة في انتظارهم؛ فقد أعدَّ لهم رقم «صفر» كلَّ شيء، حتى تسيرَ الأمورُ كلُّها في مجراها الصحيح، وحتى لا يكشفَهم أحد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤