الرواية البوليسية

«… ثم إنه جذب الخيط وجرَّ الشبكة إليه فطلَع في الشبكة صندوق مقفول ثقيل الوزن فلمَّا نظر الخليفة وجدَه ثقيلًا فأعطى الصيَّاد مائة دينار وانصرف وحمل مسرور هو وجعفر الصندوق وطلعا به مع الخليفة إلى القصر، وأوقد الشموع والصندوق بين يدي الخليفة فتقدَّم حعفر ومسرور وكسروا الصندوق فوجدوا فيه قفَّة خوص مَخيطة بصُوفٍ أحمر فقطعوا الخياطة فرأوا فيها قطعة بساطٍ فرفعوها فوجدوا تحتها أزرارًا فرفعوا الأزرار فوجدوا تحتها صبيةً كأنها سبيكة، مقتولة ومقطوعة. فلمَّا نظرها الخليفة جرت دموعُه على خدِّه والتفت إلى جعفر وقال: يا كلب الوزراء، أتُقتَل القتلى في زمني ويُرمَون في البحر ويَصيرون مُتعلِّقين بذِمَّتي؟! والله لا بدَّ أن أقتصَّ لهذه الصبية ممن قتلها وأقتُله …»

حكاية التفاحات الثلاث

وبعد أن أغلق صاحب المحل دكانه، جاء إلى البازار لصٌّ حاذق مُتنكرًا في هيئة صاحب المحل ذاك، وأخرج عدة مفاتيح من جَيبه وصاح بحارس السوق: أشعل لي هذه الشمعة، ودخل إلى المحل وجلس فيه وفتح الدفاتر وتظاهر بإجراء الحسابات. وبعد وقتٍ صاح بالحارس: ابحث لي عن سائق جِمالٍ يحمِل لي بعض البضائع. وبعد أن أحضر الحارس صاحب الجمل، أخذ اللصُّ أربع بالات من البضائع وأعطاها لصاحب الجمل الذي حمَّلها فوقه. وأعطى اللصُّ الحارس درهمَين حلوانًا له ورحل مع البضائع. كل هذا والحارس يظنُّ أنه صاحِب المحل المذكور.

حكاية اللص والتاجر (من نُسخة ريتشارد بيرتون، الجزء الخامس)

أعدَّ «علي كوجيا» كل ما يحتاج إليه في السفر، ولم يبقَ عليه إلا أن يتصرَّف في ألف دينارٍ من الذهب فاضت عن حاجة سفَرِه. وتحيَّر علي كوجيا فلم يعرف أين يضَعُها حتى لا يسرقها أحد من اللصوص في غيابه. ثم افتكر فكرةً جميلة، وهي أن يضعها أمانةً عند صديقٍ له من التجَّار اسمه التاجر حسن. فأحضر علي كوجيا جرَّةً كبيرة من الفخَّار وضع فيها ذلك المال، ولمَّا فرغ من وضعه، أكملَها بحبَّاتٍ من زيتون، ثم سدَّ الجرة وحملها إلى صديقه التاجر حسَن طالبًا منه أن يحفظها لدَيه حتى يعود من أداء فريضة الحج. فيُوافق التاجر حسن على ذلك، ويُعطي علي كوجيا مفتاح مَخزنه قائلًا: ها هو المفتاح؛ فاذهب إلى المخزن وضع الجرة في أي مكانٍ يُعجبك، ولن يمسَّها أحد حتى تعود من سفرِك وتأخذها من المكان الذي وضعتها فيه.

حكاية علي كوجيا (عن «قصص من ألف ليلة» لكامل كيلاني)

… وانطلق الأمراء الثلاثة يَنشدون سلطان السلاطين الذي كان أحد التابِعين لأبيهم، كيما يحكُم بينهم في خصومتهم. وفي وسط الطريق، مرُّوا بأحد المروج الواسعة المليئة بالخُضرة والمياه، فجلسوا هناك فترةً التماسًا للراحة ولتناول طعامهم. وبينما هم جالِسون على العشب، صاح أحدُهم: «وايم الله، لقد مرَّ من هنا لتوِّه جمَل يحمِل بضاعةً نصفها حلو ونصفها مُر.» فقال الثاني: «وهذا الجمَل لا بد أنه أعور لا يُبصر بإحدى عينَيه.» وقال الثالث: «وهذا الجمل أزعر قد فقد ذيلَه.»

حكاية أمير اليمن وأبناؤه الثلاثة (عن نُسخة ريتشارد بيرتون، الجزء الخامس عشر)

•••

تعرض المُقتبسات الواردة أعلاه من حكايات ألف ليلة وليلة نماذج لِما يُدعى اليوم الرواية أو القصة البوليسية DETECTIVE STORY. ففي القصة الأولى، التفاحات الثلاث، نجد نفسنا أمام الصفة الغالبة في القصة البوليسية كما وُجدت منذ منتصف القرن التاسع عشر، وهي صفة الشكل الذي يتخذالزمن المعكوس INVERTED CHRONOLOGY. فالقصة البوليسية عادةً تبدأ باكتشاف جريمة قتلٍ بشِعة، يتبعها تشكيلٌ تدريجي للأحداث التي سبقت وقوع الجريمة، كيما يستبين كيفية حدوثها ومَن وراءها. وقصة التفاحات الثلاث تبدو وكأنها قصة بوليسية كُتبت في عصرنا الراهن. فالقصة تبدأ باكتشاف جريمة قتل، ويُكلِّف الخليفة هارون الرشيد وزيرَه جعفرًا بالبحث عن القاتل. غير أنه لا يمكن مقارنة الوزير بمُفتشي الشرطة والمُخبرين الخصوصيين الذين اشتُهروا بحلِّ ألغاز الجرائم، كشرلوك هولمز أو هركيول بوارو، فالوزير لا يفعل أيَّ شيءٍ ويتهيَّأ لتقبُّل عقاب الخليفة له لفشله فيما كلفه به. وحين يهمُّ الخليفة بإنزال عقابه بجعفر، يتقدَّم أحد الشبان ليعترِف بأنه هو الذي قتل الفتاة. وحين يهمُّ جعفر بالقبض على الشاب، يتقدَّم شيخ إليهما ويقول إنه هو الذي قتل الفتاة وليس الشاب. ويعرض الوزير الأمر على الخليفة، فيقص الشاب على الجميع القصة كاملة: فهو زوج الفتاة المقتولة، وهي ابنة عمه، والشيخ هو أبو الصبيَّة وعمُّ الشاب. وكان الشاب يعيش في وفاقٍ مع زوجته وأنجب منها ثلاثة أبناء ذكور. وتمرَض الزوجة يومًا مرضًا شديدًا، وخلال مُعاناتها من حُمَّى المرض، تمنَّت على زوجها أن يُحضر لها تفاحة تهفو نفسها إلى أكلها، وكان الموسم غير موسم التفاح، فلم يجد الشابُّ تلك الفاكهة إلا في بستان أمير المؤمنين بالبصرة عند خولي يَدَّخرها للخليفة. فسافر الشاب إلى هناك وجلب لزوجته ثلاث تفاحات اشتراها من خولي البستان بثمنٍ غالٍ. ولمَّا عاد كانت الزوجة في شدةِ معاناة المرض، فلم تأكل أيًّا منها. ولمَّا تعافت الزوجة، خرج الزوج إلى دكانه لمباشرة تجارته. وإذا به يرى عبدًا أسود يمرُّ أمامه وفي يده تفاحة، فسأله من أين حصل عليها فيُجيبه العبد أنه أخذها من حبيبته التي كان عندها ثلاث تفاحات والتي ذكرت له أن زوجها الديوث قد سافر إلى البصرة من أجل إحضارها لها وأنه اشترى كل تفاحةٍ بدينار كامل. فلمَّا سمع الزوج كلام العبد اسودَّت الدنيا في وجهه وأيقن بخيانة زوجته له مع ذلك العبد. وجرى إلى البيت فلم يجِد عند الزوجة سوى تفاحتَين فقط، وقالت له: لا أعرف أين ذهبت التفاحة الثالثة. فتحقَّق الزوج من صحة كلام العبد الأسود، فقتل زوجته وقطَّع جسدَها ووضعها في صندوقٍ حملَه على بغلته ورماه في نهر دجلة. وحين عاد إلى بيته وجد ابنه الكبير يبكي مع أنه لم يعلَم بمقتل أُمِّه، فلمَّا سأله الأب عن سبب بكائه، رد بأنه أخذ تفاحةً من تفاحات أُمِّه الثلاث ونزل بها إلى الحارة ليلعب مع إخوانه، وإذا بعبدٍ أسود يخطفها منه ويقول له من أين حصلت على هذه التفاحة، فرد الابن أن أباه قد سافر إلى البصرة وجاء من هناك بثلاث تفَّاحات ثمنها ثلاثة دنانير من أجل أُمِّي المريضة، فضربه العبد وأخذ التفاحة ومضى بها، وكان الابن يبكي خوفًا من غضب أُمِّه لو علِمت بسرقة التفاحة. ولما سمع الأب كلام ابنه، تبيَّن له أن العبد قد افترى على زوجته كذبًا، وأنه قد تسرَّع بقتل زوجته ظُلمًا دون تحقُّقٍ أو تروٍ، فجلس يبكي على ما اقترفت يداه. ولمَّا حضر عمُّه الشيخ أبو زوجته، أخبره بما كان، وبكيا سويًّا. وفي نهاية قصته، يطلُب الزوج من الخليفة أن يُعجِّل بقتله قصاصًا على ما فعله ظلمًا بزوجته.

ويُقرر الخليفة أن العبد هو المسئول عن الجريمة، ويأمر جعفرًا بالبحث عنه والقبض عليه. ولكن الوزير، مُجددًا، لا يقوم بما يجب أن يقوم به المُحقِّق في القصص البوليسية، بل لا يقوم بأي شيء، ربما لأن الأمر كان يجب أن يذهب إلى رئيس الشرطة وليس إلى الوزير الأول، وهو قد جاء ذِكره في القصة فحسب بوصفه من الشخصيات المشهورة التي ارتبطت بهارون الرشيد قبل غضبتِه عليه وفتكِه به وبعشيرته. ويتوصَّل الوزير جعفر إلى المجرم المطلوب بمحض الصدفة، إذ كان يُودِّع ابنته الصغيرة قبل التوجُّه إلى الخليفة ليلقى عقابه على فشلِه في العثور على العبد، حين يرى في يدِها تفاحةً تقول له إن عبدهم «ريحان» باعها لها منذ أربعة أيام بدينارَين. فلما سمع جعفر ذلك عرف أن عبده ريحان هي المُذنب المطلوب، فأحضره. وعندها يقوم بدور المُحقق آخِر الأمر، ويحمل ريحانًا على أن يعترف بكلِّ ما قام به من خطف التفاحة من ابن التاجر بعد أن قصَّ عليه قصته.

وفي نهاية هذه القصة يتبدَّى ملمَح هام من ملامح الرواية البوليسية الحديثة، وهو أن المجرم الحقيقي غالبًا ما يكون من أقرب الأشخاص إلى مُحققي الجريمة وإن كان لا يُكشَف عن ذلك إلا في النهاية، مما يزيد من عناصر الغموض والتشويق لدى القارئ.

وفي الحكاية الثانية، اللص والتاجر، يحافظ الراوي على الترتيب الزمني للجريمة. فنحن نرى اللص يسرق بالاتٍ من القماش من أحد المحلَّات مُنتحلًا شخصية التاجر صاحب المحل، مُوهمًا حارس السوق بذلك، ومُستعينًا بصاحب جَمَلٍ يُحمِّل عليه البضاعة المسروقة. وبعدها نرى صاحب المحل الحقيقي يدخل دكَّانه في اليوم التالي فيلاحظ ما حدث من السرقة على الفور، فيعمد إلى التحرُّك سريعًا ببراعةٍ فائقة. وهو يقوم بدور المُحقق في القصص الحديثة، إذ يستجوب — واحدًا وراء آخر — كلَّ شخصٍ كانت له علاقة بنقل البالات: حارس البازار، الذي يحكي له ما حدث في الليلة الماضية، فيطلُب إليه أن يُحضر له صاحب الجِمال ويستجوبه بنفسه عن الجهة التي طلب منه اللص الذهاب إليها مع البضائع. ويقوده صاحب الجِمال إلى أحد المراكبية الذين حملوا البضاعة لِلِّص، فيستجوبه التاجر أيضًا، فيُقرر أنه حمل البضاعة إلى سائق جِمال آخر دلَّه على مكانه. فيذهب صاحب المحل في طلبه، ويستجوبه كأيِّ مُحقق بارع، في تتبُّع مسار جسم الجريمة وهي المسروقات. ويدلُّه صاحب الجمَل إلى المكان الذي قاد إليه اللص والبضائع، في أحد الخانات. وهناك يجد صاحب المحل مكانًا مملوكًا لِلِّص، ولمَّا يفتحه بمعرفته، يجد البالات الأربع المسروقة منه فيه، فيستردها من اللص ويعود بها إلى محله. أما أفضل معلومة مُثيرة في الحكاية كلها فهي اكتشاف القارئ أن هذا التاجر نفسه إن هو إلَّا لصٌّ تائب، وهذا هو ما مكنَّه من معرفة أساليب اللصوص وحِيَلهم، وأتاح له في النهاية معرفة السارق واسترداد بضائعه المسروقة.

وتأتي بعد ذلك حكاية «علي كوجيا» (وأحيانًا يُطلَق عليه علي خواجة) التي تُصوِّر طرق الاستدلال العقلي في التوصُّل إلى حل جريمةٍ ارتُكِبت في حقِّ أحد التجار. وتقع أحداث القصة في بغداد في زمن الخليفة هارون الرشيد، حيث كان يعيش تاجر ميسور الحال يُدعى «علي كوجيا». ويرى في منامه ثلاث مرات مُتتالية أحد الشيوخ يحثُّه على أداء فريضة الحج، فيرى في ذلك إلهامًا سماويًّا ويعتزم الذهاب إلى مكة المكرمة للحج. وقبل سفره، يَضع ألف دينارٍ من الذهب فاضت لدَيه في جرة فخارية، ويُغطيها بشيءٍ من حبَّات الزيتون للتمويه، ويذهب بالجرة إلى صديقٍ له من التجَّار واسمه «حسن» طالبًا منه أن يحتفظ بها لدَيه كأمانةٍ إلى حين عودته.

وبعد أن يتم كوجيا مراسم الحج، يطوف بعددٍ من البلاد الإسلامية للتجارة، فيذهب إلى القاهرة ودمشق وبيت المقدس، مما يستغرق منه سبع سنواتٍ طويلة. وفي تلك الأثناء، يظن صديقه حسن أنه لن يعود، ويُغريه ذلك بفتح الجرة الأمانة كي يُحضر منها بعض الزيتون لزوجته، رغم تحذير الزوجة لزوجها بعدم خيانة الأمانه وأن الزيتون لا بدَّ وأن يكون قد فسد بطول الزمن. ولكن الصديق التاجر يفتح الجرة رغم ذلك ويعثر في النهاية على الدنانير الذهبية فيستولي عليها لنفسه، ويُعيد ملء الجرة كلها بالزيتون ويُغلقها بحيث تبدو على نفس الهيئة التي تركها عليها علي كوجيا ووضعها في نفس المكان الذي اختاره علي كوجيا لها في مخزن التاجر حسن.

ويعود علي كوجيا آخِر الأمر بعد كل هذه السنوات ويذهب إلى صديقه حسن ليستردَّ الأمانه. ويُرحِّب به حسن، ويقوده إلى مخزنه حيث يُريه الجرة في نفس المكان الذي تركها علي كوجيا فيه، مؤكدًا له أن أحدًا لم يمسَّها منذ رحيله للحج ولم تتحرَّك من المكان الذي تركها فيه. وحين يفتح علي كوجيا الجرة، يجدها كلها زيتونًا ولا أثر هناك للذهب الذي كان قد أودعه فيها. ويعود إلى صديقه ليشرح له الأمر، ولكن الصديق يُنكر أنه قد مسَّ الجرة، ويلجُّ في الإنكار، مُركزًا على أن علي كوجيا قد استرد الجرة كما كان قد تركها بالضبط. ويُضطر علي كوجيا إلى رفع شكايته إلى القاضي. ويستجوب القاضي التاجرَين، ويطلُب من علي كوجيا أدلةً تؤيد زعمَه بوجود الذهب في الجرة، فلا يجد ما يمكن أن يُقدِّمه له كدليل. ولمَّا يحلف التاجر حسن على صحة ما يقوله بعدم استيلائه على أي مالٍ كان بالجرة، يُضطر القاضي إلى الحُكم ببراءة حسن.

وتنتشر قصة التاجرَين الصديقَين في كل بغداد، وتتناقلها الألسُن والأسماع، وأصبحت حديث السمَّار. وكان علي كوجيا قد صمم على رفع مَظلمته إلى الخليفة هارون الرشيد كي يقضي فيها بنفسه، فانتظره في طريق عودته من صلاة الجمعة، وأعطاه مُلتمَسه بالتحقيق في قضية صديقه الذي خان الأمانه وسرق أمواله. وكان من عادة الخليفة النظر في المظالم — كنوع يقوم مَقام قضايا الاستئناف الحديث حين لا يَرضى طرف من أطراف الخصومة بالحُكم «الابتدائي» الذي يُصدره قاضي البلدة. وعشية اليوم الذي حدَّده الخليفة للنظر في قضية علي كوجيا والتاجر حسن، يخرج هارون الرشيد كعادته في بعض الليالي مُتنكرًا مع وزيره جعفر وخادمه مسرور، ليستطلِع أحوال الرعية. وإذا به يرى جماعة من الصِّبية يلعبون، فوقف يُراقبهم من حيث لا يَرونه. وكان الصِّبية قد أقاموا تمثيلية يقومون فيها بتقليد قصة علي كوجيا مع صديقه التاجر. وقام أحد الصبية بتمثيل دور القاضي الذي يفصل بين المُتنازعَيْن؛ وأشار في تحقيقاته إلى ضرورة فحص الزيتون الذي بالجرة ومعرفة تاريخه وزمنه، فإذا كان الزيتون قديمًا قد مرت عليه سنوات، فقد كذب خواجة وصدق حسن، أما إذا كان الزيتون حديثًا، فقد كذب حسن وصدق علي كوجيا. وقام صبِيَّان آخران بتمثيل الخبراء في تجارة الزيتون، وفحَصا الزيتون الذي بالجرة، وحَكَما بأنه حديث لم يمرَّ عليه شهور، فحكم القاضي — الصبي المُمثل — لصالِح علي كوجيا وبعقاب التاجر حسن لخيانته الأمانة. وانتهت التمثيلية بالضحكات طبعًا، فقد كان الأمر كله تمثيلًا في تمثيل. بيد أن الخليفة الذي رأى كلَّ شيء، ينتابه الإعجاب بذكاء الصبي الذي مثَّل دور القاضي، ويُشير إلى وزيره جعفر بضرورة إحضار ذلك الصبي في الغد لحضور جلسة القضية التي سيُحقق فيها الخليفة للفصل بين التاجرَين.

وفي اليوم التالي، يحضُر الجميع. ويعرض كلٌّ من علي كوجيا والتاجر حسن قضيتهما. ويطلُب الخليفة من الصبي أن يُكرِّر ما فعله في الليلة الماضية. فيطلُب الصبي تذوُّق الزيتون، فيتذوَّقه الخليفة ويرى أنه زيتون حديث. بيد أنه لا يكتفي بنفسه، بل سار على نهج ما فعلَه الصبيُّ بالأمس، فطلَب من بعض الثقات في تجارة الزيتون وأصنافه الحُكم على تاريخ الزيتون الذي بالجرة، فيحكمون جميعًا أنه من حصاد العام الذي هُم فيه. ومن هنا يتبيَّن صِدق علي كوجيا وكذب صديقه الذي خان الأمانة. وينزل الخليفة عقابًا صارمًا بالتاجر حسن بعد أن يُعيد الذهب الذي سرقَه إلى علي كوجيا. ويهَبُ الخليفة مائة دينار مكافأة للصبيِّ الذكي، ويطلُب من القاضي الذي سبق له الحُكم في القضية دون تحقيق بأن يأخذ العبرة من الوسائل التي استخدمَها الصبيُّ الصغير للتوصُّل إلى الحقيقة في القضايا التي يتنازع الأطراف فيها دون أن تكون هناك أدلَّةٌ للحُكم فيها.

أما حكاية أمير اليمن وأبنائه الثلاثة، فهي مِثال طيب لقوة الاستدلال والخروج بأدلةٍ من أشياء مُعينة تُحيط بحدَثٍ من الأحداث، وهو ما يُميز المُحقق البوليسي الماهر. فهذه القصة تحكي عن ثلاثةٍ من الأمراء، قسَّم أبوهم المَلِك إرثَه عليهم قبل موته، فأوصى لأكبرهم بالمُلك من بعدِه، ولأوسطهم بالأموال والمجوهرات، وللأصغر الثروة الحيوانية من كل نوع. ولكنهم يتنازعون بعد وفاة الأب، فالكل ينشُد السلطان والحُكم، فيتَّفقون مع وزراء المملكة على الذهاب لأحد السلاطين الذين كانوا تابعِين لأبيهم، كي يحكُم بينهم فيما فيه يختلفون. وفي الطريق يمرُّون بمرجٍ أخضر يستريحون فيه، ويُدلون بالملاحظات الموجودة في الفقرة المُقتبسة ص٢٩٥ عن أوصاف أحد الجِمال. ولكن، ما إن يَسمع صاحب الجمَل المذكور ما قالوه عن جمَلِه حتى يُمسك بخناقهم مُتهمًا إيَّاهم أنهم هم الذين سرقوا جمَلَه، فقد تبيَّن أن الجمل قد ضلَّ عن صاحبه، ولمَّا وجد الجمَّال هؤلاء الثلاثة يُدلون بأوصافٍ واقعية يتميز بها جمَلُه، تأكد أنهم هم سارقوه. وينفي الأمراء بالطبع أي شأنٍ لهم بسرقة الجمَل، ولكن صاحب الجمَل يُلاحقهم ويذهب معهم إلى السلطان كي يقتصَّ له منهم أيضًا.

وحين يصِل الجميع إلى السلطان، ويسألهم عن شكاية صاحب الجمَل، وكيف عرفوا أوصاف الجمل بهذه الدقَّة إن لم يكونوا قد رأوه، يُجيبون كالآتي: أما الأمير الأول فقد قال إنه قد لاحظ الذباب وقد تجمَّع في جانبٍ واحد من المكان الذي برك فيه الجمل بينما كان يتجنَّب الاقتراب من الجانب الآخر، فاستنتج أن الجمل كان يحمِل سُكَّرًا على ذلك الجانب ويحمل حامضياتٍ على جانبه الآخر. وقال الأمير الثاني إنه قد لاحظ أن العُشب في المرج مأكول من ناحيةٍ واحدة فقط بينما قد تُرك ناميًا في الجانب الآخر، فاستدل على أن الجمَل أعور لم يرَ العشب إلا بعينٍ واحدة في الجانب الذي أكله. وقال الأمير الثالث إنه لاحظ أن روَث الجمل قد تكوَّم كله مُكببًا فوق بعضه، فاستنتج أن الجمل لم يكن لديه ذيل، فالجمال عادة تهزُّ الروث بذيلها وتنثُره هنا وهناك.

وعند ذلك أبدى سلطان السلاطين إعجابه بدقة ملاحظة هؤلاء الأمراء، وفراستهم البارعة، وصرَف الجمَّال، وأبدى دهشتَه أنهم — وهم على ذلك القدر من الذكاء — يلجئون إليه طلبًا للمشورة دون أن يكون بوسعهم حلُّ مشاكلهم بنفسهم. وعندها يشعر الأمراء بالخجل، ويعودون إلى مَملكتهم بعد أن يتَّفقوا على اتِّباع وصية أبيهم.

وثمة صورة من الدهاء في حكاية علي بابا والأربعين لصًّا، حين تطلُب زوجة علي بابا من زوجة قاسم مِكيالًا كي تكيل به الذهب الذي أحضره زوجُها من الكهف السحري، فتطلِي زوجة قاسم قاع المِكيال بشيءٍ لاصق كيما تعرف ماذا يكيلون، وتنجح في ذلك إذ تلتصق قطعةٌ ذهبية في المكيال حين تُعيده زوجة علي بابا إلى صاحبته. وقد رأينا مثل هذا الدهاء الفطري يظهر بعد ذلك في قصص بوليسية حديثة بنفس الطريقة التي استخدمتها زوجة قاسم منذ مئات السنين!

وهذه القصص، رغم بساطتها، تُمثل نماذج توازي تركيبة أنواع القصص البوليسية التي ظهرت في أواسط القرن التاسع عشر، ثم انتشرت ونمَت نموًّا كبيرًا حتى يومنا هذا، كما سنرى في السطور التالية.

(١) الرواية البوليسية الحديثة

في عام ١٩٤١م، احتفلت القصة البوليسية بعيدِها المئوي بوصفها شكلًا أدبيًّا مميزًا. فهي قد وُلِدت على يد الأديب الأمريكي المشهور «إدجار ألان بو» (١٨٠٩–١٨٤٩م) حين نشر قصته القصيرة «جرائم شارع مورج» عام ١٨٤١م في مجلة «جراهام ماجازين» بفيلادلفيا. ثم ظهر لها تابع بعنوان «لغز ماري روجيه» في مجلة بنيويورك عام ١٨٤٢م. ثم قام «بو» بنشر آخر قصصه البوليسية الخالِصة عام ١٨٤٥م بعنوان «الهدية». وبعد ذلك، صدرت القصص الثلاث في كتابٍ واحد باسم «حكايات»، وهو الذي يعتبره النقَّاد أول وأهم كتابٍ في القصة البوليسية الحديثة. وفي كلٍّ من تلك القصص، تظهر شخصية الشيفالييه «س. أوغسط ديبان»، وهو أول مُخبر تحقيقات DETECTIVE قصصي؛ ذلك أن هذه المهنة كانت جديدةً ولم يكن من الممكن الكتابة عنها قبل أن تُوجَد في عالَم الواقع.
ويذكر النقَّاد أن إدجار ألان بو قد تأثر في حكاياته البوليسية بأحد الشخصيات الفرنسية الغريبة، هو «فرانسوا يوجين فيدوك»، اللص التائب الذي افتتح أول مكتبٍ للمُخبرِين السرِّيين عام ١٨١٧م في باريس، ثم نشر مذكراته عام ١٨٢٨م، التي احتوت على وقائع بوليسية حقيقية وليست مِن نسج الخيال. ولا بدَّ أنَّ بو قد قرأ ذلك الكتاب وتأثَّر به، لدرجة أن بعض حكايات بو يغلِب عليها الجو الفرنسي والأسماء الفرنسية، وتحدُث وقائعها في باريس في العصر الذي عاش فيه فيدوك. بيد أن المُخبر «ديبان» كان من وحي خيال «بو» الخصيب، مُرهصًا بما جاء بعد ذلك من الشخصيات الفريدة في عالم المُخبرِين الذين نالوا شهرةً كبيرة، كهولمز وميجريه وبوارو. ولا أحد يعرِف لماذا توقَّف إدجار ألان بو عن كتابة القصص البوليسية بعد ذلك، ولكن المؤكد أن قصصه تلك كانت البداية لهذا النوع الذي لقِيَ رواجًا واسعًا لدى القراء، وتبِعها سيل من القصص والروايات من نفس هذا النوع الأدبي الشائق. وقد اشتهر الكثير من الأسماء من مؤلفي تلك القصص، ومنهم روائيون معروفون، على رأسهم الروائي الإنجليزي «ويلكي كولنز» في روايتيه المعروفتَين «ذات الرداء الأبيض» و«الماسة الصفراء»، وإن كانت تلكما الروايتان أقرب إلى روايات الغموض والأسرار MYSTERY NOVEL منها إلى الروايات البوليسية. ورغم أن تشارلز ديكنز قد حاول تجنُّب الكتابة في هذا النوع البوليسي، فقد استسلم لإغرائه في آخر رواياته التي لم يُمهله العمر لإتمامها وهي «لغز إدوين درود».

غير أن مشاهير مؤلفي الرواية البوليسية الحديثة الذائعي الصيت قد بدءوا بالكاتب الإنجليزي المعروف «آرثر كونان دويل». وكان دويل طبيبًا من أصل اسكتلندي-أيرلندي، وأسهم في ميادين عديدة من الأنشطة المُتنوعة. ونشر دويل أول قصصِه التي ابتدع فيها شخصية شرلوك هولمز عام ١٨٨٧م في رواية «دراسة في اللون القرمزي» ثم أعقبها برواية «علامة الأربعة». بيد أن شرلوك هولمز لم يشتهر إلَّا عام ١٨٩١م مع رواية «فضيحة في بوهيميا»، وهي أول حلقةٍ من الروايات القصار التي يضمُّها كتاب «مغامرات شرلوك هولمز»، الذي يشتمل على ٢٢ قصة. وقد ابتكر آرثر كونان دويل شخصيةً مصاحبة للمُحقِّق البوليسي هي شخصية الدكتور واطسون، التي يستخدمها المؤلِّف للتعليق على الأحداث وتوضيحها، عن طريق مُحادثاته ونقاشِه مع شرلوك هولمز صديقه الحميم، وهو كذلك يُضفي بشخصية واطسون الفَكِهة لمسةً من «التخفيف الكوميدي» على أحداث الرواية التي تمتلئ بالجرائم والأسرار.

أما المجموعة التالية التي كتبَها دويل فقد جُمِعت تحت عنوان «مذكرات شرلوك هولمز»، وتشمل ١١ قصة. وقد نالت هذه القصص رواجًا كبيرًا وشُهرةً عريضة، إلى درجةٍ ضاق المؤلف ذاته بها، إذ إنها غطَّت على أنشطته الأخرى وكُتبه الأخرى ذات القيمة التاريخية. ولذلك عمد دويل في روايةٍ من رواياته إلى التخلُّص من شرلوك هولمز بأن جعله يلقى مصرعه! بيد أن قُرَّاءه ثاروا عليه وطالَبوه بالعودة إلى الكتابة عنه وبعثه من جديد، حتى اضطُرَّ إلى ذلك برواية «عودة شرلوك هولمز». ويُعتبَر شرلوك هولمز اليوم من أشهر أبطال الروايات البوليسية في تحقيق الجرائم الغامضة، وقد شكَّل مع صديقه واطسون ثنائيًّا رائعًا يُذكِّرنا — وإن على نحوٍ مُخالف — بالثنائي دون كيشوت وسانشو بانزا.

وتتابَع بعد ذلك عددٌ من المُخبرين المشهورين، على رأسهم «هركيول بوارو» الذي ابتدعته قريحة «أجاثا كريستي» (١٨٩٠–١٩٧٦م)، ملكة الرواية البوليسية ذات الحبكة المُتقنة. وقد كتبت كريستي عددًا من أبدع روايات الجرائم المُلغِزة التي أمتعت وما تزال تُمتع قرَّاءها إلى اليوم، وأشهرها «عشرة هنود صغار» التي تُرجِمت إلى العربية بالعنوان ذي الدلالة «عدالة مجنون». وهناك أيضًا رواياتها المشهورة «جريمة على النيل» و«قطار الشرق السريع» و«روجر أكرويد». وإذا أخذ القارئ روايتها الشهيرة «جريمة قطار الشرق السريع»، فإنه سيرى حبكتَها الرئيسية، وهي تَعاقُبُ أشخاصٍ مُختلفين على قتل أحد الأشخاص، بحيث يظنُّ كل واحدٍ منهم أنه هو قاتله، موجودة بقضِّها وقضيضها في حكاية الأحدب والخياط، حين ظنَّت امرأة الخياط أنها قتلت الأحدب، فيترُكانه عند الطبيب اليهودي الذي يعتقد أنه قد قتله، فيُلقيه لدى أحد مُمَوِّني الخليفة (وتُلقِّبه القصة بالاسم الغريب: المباشر) الذي يظنُّه لصًّا فيضربه فإذا هو ميت بين يدَيه، فيتم إلقاء القبض عليه، ويأتي الآخرون ليعترفوا أنهم هم مَن قتلوا الأحدب، إلى أن تتَّضِح حقيقة الأمر للجميع بعد التحقُّق مما حدث منذ بادئ الأمر. ولا خلاف على أُلفة أجاثا كريستي بألف ليلة وليلة، وهي التي قضت شطرًا من حياتها في بغداد، وزارت مصر وغيرها من الأقطار العربية والإسلامية، ولها قصص بوليسية تقع حوادثها في تلك البلاد، لعلَّ أشهرها قاطبة «جريمة في وادي النيل» وهو الاسم الذي تُرجِم به العنوان الأصلي DEATH ON THE NILE.

كذلك اشتُهر المفتش «ميجريه» للكاتب البلجيكي «جورج سيمنون» (١٩٠٣–١٩٨٩م) الذي ظهر في عشراتٍ من رواياته. وفي فرنسا، قدَّم الكاتب «موريس لبلان» (١٨٦٤–١٩٤١م) شخصيته الشهيرة «أرسين لوبين». وعلى العكس من بوارو وميجريه وهولمز، كان لوبين لصًّا، ولكنه لصٌّ عادل وظريف وحاذق، يبذل جهدَه لردِّ الحقوق إلى أصحابها، وإقامة العدل، فكأنما هو نوع حديث من شخصية «روبين هود».

وقد بلغ من شُهرة تلك الشخصيات القصصية الخيالية أن اعتقد بعض القرَّاء أنها شخصيات حقيقية، وأرسلوا الخطابات إلى شرلوك هولمز على عنوان مسكنه في «بيكر ستريت» بلندن. ومن ناحيةٍ أخرى، افتتحت مدينة «إترتا» بشمال فرنسا متحفًا لشخصية أرسين لوبين. وتلك المدينة كانت مسرحًا لأحد أشهر روايات موريس لبلان وأرسين لوبين وهي رواية «المسلة الجوفاء».

وقد كان تأثير تلك الروايات البوليسية كبيرًا على القارئ العربي، منذ ظهرت ترجماتها في الثلاثينيات من القرن العشرين، خاصة في سلسلة «روايات الجيب»، نظرًا لأحداثها المُشوِّقة ومغامراتها المُتنوِّعة التي تغري النشء على القراءة. وقد راجت تلك الترجمات رواجًا كبيرًا في تلك الأيام — خاصة في مصر — إلى الحد الذي زعم معه البعض بأن بعض المُترجمين العرب كانوا يؤلفون القصص من خيالِهم ثم ينسبونها إلى موريس لبلان وأجاثا كريستي وكونان دويل! وتتَّضِح كثرة القصص التي صدرت بالعربية لهؤلاء المؤلِّفين للروايات البوليسية بالرجوع إلى «الثبت الببليوجرافي للكتب المترجمة للغة العربية في مصر» (الصادر عام ٢٠٠٢م عن دار الكتب والوثائق القومية بمصر) ورؤية الكم الهائل لروايات أرسين لوبين وشرلوك هولمز وغيرهما التي صدرت في مصر، ناهيك عمَّا صدر منها في الأقطار العربية الأخرى! وكان من فضل تلك الروايات التشويقية أن حبَّبت ذلك الجيل في القراءة عمومًا، وانتقل بعدَها إلى القراءة الأدبية في عالَم الأدب الواسع المُتنوِّع. ومن عجبٍ أن الأدب العربي الحديث لم يُنجِب شخصيات بوليسية مُماثلة، ولكن لنا في ذلك عوضٌ فيما عرضْنا من حبكاتٍ بوليسية وتحقيقية في قصص ألف ليلة وليلة، وكذلك في بعض العناصر من مقامات الحريري الذي يقوم بطلُها أبو زيد السروجي بمغامراتٍ في التخفِّي والتنكُّر تُحيل إلى بعض ملامح القص البوليسي.

كذلك كان الحال في الغرب من الإقبال الشديد على الروايات البوليسية لِما تُقدمه إلى القرَّاء من تسليةٍ وتشويق. وبعد أن شهد الخطاب الروائي الغربي نماذج مُتعددة من التجديد التجريبي في طرُق السرد على يد جيمس جويس ومارسيل بروست وفرجينيا وولف، ومع كتابات همنجواي وفوكنر وشتاينبك، اعتُبِرت الرواية البوليسية في مستوًى أدنى من حيث القيمة الأدبية. بيد أن الأمر قد تغير اليوم، فقد عادت الرواية الغربية — خاصة الأمريكية — تبحث عن عناصر التشويق SUSPENSE والإثارة THRILL والغموض، الذي يطلُبه القارئ العادي. وبعد الكثير من الروايات الرمزية والحداثية، أصبح الروائيُّون يحرصون على تضمين رواياتهم دائمًا «عنصرًا بوليسيًّا» وألغازًا تشويقية، مما يُضفي على الحبكة نوعًا من الغموض الذي يشدُّ القارئ ويحمِله على مُطالعة الرواية حتى آخرها. ونحن نجد ذلك واضحًا عند «نورمان ميلر» و«بول أوستير» (خاصة في ثُلاثيته عن مانهاتن) و«فيليب روث» و«ديفيد لودج» و«كارول أوتس» وغيرهم كثيرون. كما ظهر جيل جديد من كتَّاب الرواية البوليسية (في صورةٍ مُتجدِّدة) في أمريكا، تظلُّ كتُبُهم في خانة أعلى المَبيعات التي تنشرُها جريدة النيويورك تايمز كل أسبوع في مُلحقها الأدبي، ومنهم: جون جريشام، سدني شلدون، جيمس باترسون، نورا روبرتس، دين كونتز، توم كلانسي، وكثير غيرهم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤