خاتمة: بيانات أفضل

لعلك مُفعَم الآن بمشاعر اليأس والإحباط، ولا أستطيع أن ألومك على ذلك، لكن علينا أن نتروَّى قليلًا، ونتأمل فيما يمكن أن يدافِع به مسئولو الصناعة عن أنفسهم، ثم نحاول التوصُّل إلى طريقةٍ لحل المشاكل.

بالنسبة إليَّ، نقص البيانات هو مِفتاح كل هذه القصة. صحيح أن سوء السلوك في أقسام التسويق شيء مُخزٍ، ولكنه الشيء الوحيد الذي أدانه المجتمع بالفعل؛ لأن القضايا فيه مادية وملموسة؛ إذ تنطوي على أموالٍ خفية ورسائل مضللة وممارسات واضحة التدليس، حتى بالنسبة إلى العين غير الخبيرة. لكن رغم أن كل هذه التشوُّهات قد تكون محبطة، فإن أي طبيبٍ جيد يستطيع أن يتغلب عليها. فإذا اتجهت مباشرةً إلى الأدلة الفعلية، وقرأت المراجعات المنهجية للتجارب العالية الجودة، فستجد أن كل الرسائل المضللة التي يرسلها مندوبو شركات الأدوية و«رواد الرأي المؤثرون» ليست سوى ضوضاء غير مُجديَة وغير ذات بال.

أما نقص البيانات فهو مختلف؛ لأنه يُسمِّم البئر التي ينهل منها الجميع. إذا لم تُجرَ تجارب جيدة، أو إذا حُجبت النتائج السلبية للتجارب، فلن نتمكن ببساطةٍ من معرفة الآثار الحقيقية للعلاجات التي نستخدمها. ولا يستطيع أحدٌ أيًّا كان أن يتغلب على هذه المشكلة، ولا يوجد طبيب مهما بلغت درجة خبرته يمتلك إمكانية وصول خاصة لكافة الأدلة الخاصة بالتجارِب. إن نقص البيانات يضرنا ويضللنا جميعًا. ولن أتحدث عن هذا الأمر سوى مرة واحدة أخرى، ولكنني أعتقد أنه يستحق التكرار: الأدلة في الطب ليست شأنًا أكاديميًّا مجردًا. الأدلة تُستخدم لاتخاذ قراراتٍ في العالم الواقعي، وعندما نحصل على بياناتٍ مَعيبة، فإننا نتخذ قراراتٍ خاطئة؛ مما يُعرض أشخاصًا مثلنا تمامًا لألمٍ ومعاناةٍ لا لزوم لهما، وربما للوفاة.

سنتطرق بعد لحظاتٍ إلى ما يمكننا عمله؛ فهناك بعض الحلول البسيطة التي من الممكن أن تُجنِّبنا كل هذه المشاكل، وتُحسِّن رعاية المرضى تحسينًا بالغًا، على مستوى العالم، دون تكلفةٍ تُذكر، فقط إذا كان المرضى والسياسيون على استعدادٍ للكفاح من أجل تطبيقها. ولكن قبل هذا، أودُّ أن أُلقيَ نظرةً على ما ستقوله صناعة الأدوية ردًّا على ما جاء في هذا الكتاب.

بدايةً، أنا على يقينٍ من أن الاتهامات بالتركيز على السلبيات وتضخيمها ستنهال عليَّ — ربما بعد محاولاتٍ حقيرة لتلويث سُمعتي الشخصية. وسوف يزعم الناس، كذبًا، أنني ركزت على حالاتٍ نادرة واستثنائية. وفي هذا الصدد، أودُّ أن أُذكِّرك باستناد هذا الكتاب في أغلبه على المراجعات المنهجية، التي تُلخص جميع الأدلة التي سبق جمعُها حول مسألةٍ معينة. ويمكنك أن تتحقق مما أقول، إذا شئت. وكان أفضل تقديرٍ وصلنا له هو أن نصف التجارِب الإكلينيكية لا يُنشر، وهذا التقدير غير قائمٍ على قصةٍ أو حكاية؛ وإنما يستند إلى أحدث مراجعةٍ منهجية تحتوي على نتائج جميع الدراسات التي سبق إجراؤها عن هذا الموضوع. أما في المرات التي سردنا فيها حالاتٍ فرديةً مُخزية — مثل عقَّار الباروكستين أو عقَّار التاميفلو أو عقَّار الأورليستات — فلم يكن ذلك إلا من سبيل ضرب أمثلةٍ ملموسة على هذا الواقع الرديء.

لذا أنا واثق من أنك ستوافق، من الأدلة المذكورة في هذا الكتاب، على أن هذه مشاكل منهجية، وأن من المخزي، أو ربما حتى من خيانة الأمانة، أن نغُضَّ الطرف عنها ببساطة. الأهم من ذلك، أنني في حالات عدم توافر الأدلة — والتي لم تكن كثيرة — كنت واضحًا، وحددت ما نحتاج لعمله لسد هذه الثغرات. على سبيل المثال، تُعَد المحاضرات التي يُلقيها رواد الرأي المؤثرون واحدةً من أهم طرق تعليم الأطباء في الوقت الحالي، ومنذ عَقدين ماضيين اكتشف بحث قائم على أسلوب «التسوُّق الخفي» أن هذه المحاضرات متحيِّزة على نحوٍ منهجي. وحقيقة أن مثل هذا البحث لم يتكرر في السنوات الخمس الماضية يجب أن تكون مصدر خجل، سواءٌ للصناعة أو لنا كأطباء. وهي ليست مدعاةً للاحتفال، وبالتأكيد لا تُعفي أي شخصٍ من المسئولية.

ونحن متأكدون من أن الطريقة التالية التي سيتبعها العاملون في صناعة الأدوية — لأننا رأيناهم يفعلون ذلك من قبل — هي أنهم سيشيرون إلى الأدلة الإرشادية الخاصة بهم. وسوف يقولون: انظروا إلى كل هذا الكم من القواعد، وكل هذه المكاتب المكتظة بمراقبي الأدوية؛ فهذه واحدة من أكثر الصناعات الخاضعة للرقابة الحثيثة في العالم، وأكثرها رزحًا تحت نِير البيروقراطية. ولكننا أثبتنا، بحسب اعتقادي، أن هذه القواعد ببساطةٍ لا تؤدي وظيفتها؛ فقد حدث تجاهل للقواعد المتعلقة بتسجيل التجارِب؛ ولم يلتزم سوى خُمس التجارِب بقواعد هيئة الغذاء والدواء المَعنية بنشر النتائج خلال عامٍ من إجراء التجرِبة؛ وتسمح قواعد اللجنة الدولية لمحرري الدوريات الطبية بخصوص الكتابة الخفية — بطريقةٍ منافية للعقل — بالكتابة الخفية، وهكذا. لقد خضعت هذه القواعد التنظيمية للاختبار، وأثبتت فشلها.

لكن أخطر الطرق التي تتبعها صناعة الأدوية للرد على الاتهامات الموجَّهة إليها هي زعمها الدائم أن هذه المشاكل قد حُلت بالفعل. وهذه طريقة عميقة الضرر لأنها تُرسِّخ الأذى الناجم عن كل الحلول المزيفة التي تطرَّقنا إليها في هذا الكتاب، كما أن هذا النمط المتكرر من الإنكار الصريح هو الذي يسمح باستمرار المشاكل.

وأَوضح دليل على اتباع هذه الطريقة هو رد صناعة الأدوية على أحدث فضائحها الشهيرة؛ ففي يوليو عام ٢٠١٢، غُرِّمت شركة جلاكسو سميث كلاين بمبلغ ٣ مليارات دولار بتهمة الاحتيال المدني والجنائي، بعد أن اعترفت بإدانتها في نطاقٍ واسع من التُّهم بخصوص الترويج غير القانوني لبعض الأدوية، وعدم ذكر بيانات الأمان الخاصة بها. قائمة التُّهم والأدلة الكاملة طويلة — يمكنك تصفُّحها في موقع الويب الخاص بوزارة العدل الأمريكية — ولكن الوسائل التي استخدموها من المفترض أن تكون الآن معروفةً جدًّا بالنسبة إليك.

رَشَت شركة جلاكسو سميث كلاين الأطباء بالهدايا ودعوات الاستضافة، ودفعت لهم ملايين الدولارات لحضور الاجتماعات والتحدُّث فيها في منتجعاتٍ فخمة، واستخدمت، وفقًا لما ذكرتْه وزارة العدل بالضبط، «مندوبي المبيعات والمجالس الاستشارية الصورية وبرامج التعليم الطبي المستمر التي يُفترض أن تكون مستقلة.» وحجبت بياناتٍ تتعلق بعقَّار الباروكستين المضاد للاكتئاب، وتورطت في الترويج لاستخدام عقَّار الربو أدفير، وعقَّار الصرع لاميكتال وعقَّار الغثيان زوفران وعقَّار ويلبوترين وغيرها من العقاقير لعلاج حالاتٍ غير الحالات المُصرَّح لها بعلاجها، ودفعت رشاوى من أجل ذلك. علاوةً على كل ذلك، قدَّمت الشركة ادعاءاتٍ مضللةً وزائفة بشأن مدى أمان عقَّار السكر روزيجليتازون، ورعت برامج تعليمية تقترح وجود فوائد قلبية وعائية من العقَّار، في حين أن هيئة الغذاء والدواء في الواقع أعلنت أن له مخاطرَ قلبيةً وعائية. والأدهى من كل ذلك أنها في الفترة ما بين عامَي ٢٠٠١ و٢٠٠٧ حجبت بيانات الأمان الخاصة بالعقَّار عن هيئة الغذاء والدواء.1

في البداية قال المتحدثون باسم الصناعة إن هذه الموضوعات لا تمتُّ بصلة بالممارسة في المملكة المتحدة. ولكن هذا ليس صحيحًا؛ فشركة جلاكسو سميث كلاين شركة بريطانية ورئيسها بريطاني. في «مستند الإثبات السادس» ضمن مستندات المحكمة الأمريكية، ستجد مجموعةً من القصص الإعلامية، التي أُدرجت لأنها نتجت عن ترويجٍ لاستخدام عقاقير الشركة في غير ما رُخصت من أجله. القصة الأولى عبارة عن تزكيةٍ لعقَّار زيبان المكافح للتدخين، وهي مأخوذة من جريدة «ذا جارديان» وهي جريدة بريطانية، كتبها الدكتور روجر هندرسون، وهو ممارس عام بريطاني يكتب كثيرًا في الجرائد البريطانية (بعد زيارةٍ لموقع الويب الخاص به اليوم، عرفتُ أنه بالإضافة إلى عمله في الصحافة يُعلِن عن خدماته كمستشار علاقاتٍ عامة لصناعة الأدوية). وتأتي جريدة «ذا تايمز»، وهي جريدة بريطانية أيضًا، في المرتبة التالية في هذه المجموعة من الأدلة، بالعنوان التالي: «إنه حقًّا دواء سحري: هل من الممكن لقُرصٍ واحد أن يخفف حدة الاكتئاب، ويساعدك في فقْد الوزن، ويجعلك تُقلع عن التدخين؟» وتطرح جريدة «دايلي ميل» سؤالًا: «هل هذا العقَّار المضاد للاكتئاب عقَّار جديد للتخسيس؟» ونشرت جريدة «ذا صن» قصةً إخبارية مشابهة. يتعلق جزء كبير من دعوى الاحتيال المرفوعة ضد جلاكسو سميث كلاين بالترويج لاستخدام عقَّار الباروكستين في غير ما رُخص من أجله، وكان هذا، كما قد تتذكر، موضوع تحقيق طويل استمر لمدة أربع سنوات في المملكة المتحدة.

هذه الجرائم تُرتكب على أرضنا، وإذا لم نكشف عنها النقاب هنا، فهذا يُعزى جزئيًّا إلى أننا لم نحاول القيام بذلك بالجدية المطلوبة؛ إنها حقيقة غير معروفةٍ على نطاقٍ واسع في المملكة المتحدة، ولكن في الولايات المتحدة يحصل الأشخاص الذين يُبلغون عن قضايا الفساد الخاصة بالشركات على نسبةٍ من الغرامات التي تُفرض على هذه الشركات. هذه سياسة وُضعت لتحفيز الناس على الإتيان بأدلةٍ على جرائم الشركات، وهي سياسة فعَّالة إلى حدٍّ معقول. وسوف يتشارك عدد قليل من الأشخاص الذين شاركوا في الكشف عن قضية شركة جلاكسو سميث كلاين الآن في حوالي ٦٠٠ مليون دولار. أما في المملكة المتحدة، فيُخرَس كل من يحاول أن يُبلغ عن قضايا فسادٍ في الشركات ويُطرَد من عمله.

ولكن هذه لم تكن الطريقة الوحيدة التي تتبعها الصناعة؛ فبعد ذلك، زعمت أن هذه الجرائم كلها كانت في الماضي؛ فقد قال البيان الصحفي الخاص بشركة جلاكسو سميث كلاين إنها كانت في «عهد مختلف.» وقال ستيفن وايتهيد، الرئيس التنفيذي لاتحاد الصناعات الدوائية البريطانية (الذي عمل من قبلُ في السياسة والعلاقات العامة لدى شركات أدوية، وبنك باركليز وصناعة الكحوليات): «لقد تغيَّر المجتمع الدوائي العالمي تغيرًا جوهريًّا خلال السنوات الماضية؛ صحيح أننا ارتكبنا أخطاءً في الماضي، إلا أننا نحاول أن نتداركها الآن.»

للتحقُّق من هذا الزعم — حتى لو نحَّينا جانبًا الكمَّ الهائل من الأدلة التي سُقناها في هذا الكتاب — فمن المُجدي أن نتتبَّع المراكز الحالية للأشخاص الذين كانوا في مناصب عُليا في شركة جلاكسو سميث كلاين خلال الفترة التي ثبت فيها سلوكها الاحتيالي، ثم ننظر أين أصبحوا الآن. كريس فيبكر الذي كان مسئولًا بارزًا في شركة جلاكسو سميث كلاين، جاء ذِكره بحُكم المحكمة، وأصبح الآن المدير التنفيذي لشركة سانوفي، ثالث أكبر شركة أدوية في أوروبا. كان جان بيير جارنييه المديرَ التنفيذي لجلاكسو سميث كلاين من عام ٢٠٠٠ إلى عام ٢٠٠٨، وهو ليس بالتاريخ البعيد، وأصبح الآن رئيس مجلس إدارة شركة أكتليون، وهي شركة أدوية سويسرية.2 أنا لا أُلمح إلى أن هاتين الشركتين متورطتان في سلوكٍ غير لائق. وقد ذكرت المحكمة أيضًا على وجه الخصوص لافمين مورجان الذي عمل في شركة جلاكسو سميث كلاين في التسويق والمبيعات لمدة عشرين عامًا، واستمر فيها حتى عام ٢٠١٠.3

إذًا، ففي حين تزعم شركة جلاكسو سميث كلاين واتحاد الصناعات الدوائية البريطانية أن هذه المشاكل قد أصبحت من الماضي، يقول الواقع إن أحد الاتهامات يتضمَّن حجب بيانات الأمان في عام ٢٠٠٧، وهو وقت قريب جدًّا، بخصوص عقَّارٍ لم يُسحب من السوق إلا في عام ٢٠١٠؛ واثنان من الشخصيات الرئيسية المُدَّعى عليها في الدعوى القضائية يحتلان موقع القيادة في اثنتين من كبرى شركات الأدوية الأوروبية؛ وثَمَّةَ شخصية أخرى مهمة في التسويق في شركة جلاكسو سميث كلاين استمرت في العمل في الشركة حتى عام ٢٠١٠.

ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد. كان ريتشارد سايكس رئيسَ شركة جلاكسو ويلكم منذ عام ١٩٩٥ إلى عام ٢٠٠٠، ثم رئيس مجلس إدارة شركة جلاكسو سميث كلاين فيما بين عامَي ٢٠٠٠ و٢٠٠٢، عندما ارتُكب الكثير من جرائم الاحتيال المذكورة. وهو يحتل منصب رئيس مؤسسة هيئة الخدمات الصحية الوطنية المعنية بالرعاية الصحية التابعة لجامعة إمبريال كوليدج‎ ورئيس المعهد الملكي في لندن، الذي يُعَد أقدم وأبرز منشأةٍ للتواصل العلمي في المملكة المتحدة. وهذا، أكثر من أي شيء، دليل جَلِي على مدى اختراق هذا العالم لقلب البيئة الأكاديمية والطبية في بريطانيا.

لنتحرى الوضوح، ليس ريتشارد سايكس المثالَ الوحيد، وقد كنت في غاية الحرص على عدم ذكر أطباء يعملون لصالح صناعة الأدوية، وليس ذلك طِيبةً أو ولاءً مني، ولكن لسببٍ بسيط، وهو أنك بمجرد أن تبدأ في فعل ذلك، سيكون إيقافه صعبًا. جون بيل، أستاذ الطب بجامعة أكسفورد ورئيس أكاديمية العلوم الطبية، هو عضو الآن في مجلس إدارة شركة روش التي لا تزال تحجب معلوماتٍ عن عقَّار التاميفلو، كما رأيت. ومارك بورتر، من برنامج «كيس نوتس ويذ مارك بورتر» على القناة الرابعة بإذاعة البي بي سي، دفعت له شركة إيلي ليلي لتقديم فيديوهات «حملة التوعية بالمرض» الخاصة بها حول عقَّار السياليس. وهذه ليست سوى أمثلةٍ اعتباطية بسيطة ليس لها معنًى؛ تجاهلْها وانسَ هذه الأسماء؛ لأنهم هم القاعدة وليس الاستثناء.

وبالإضافة إلى ذلك، هذه الغرامة التي فُرضت على شركة جلاكسو سميث كلاين لم تكن مجرد حادثةٍ فردية أيضًا؛ فقد فُرضت غرامةٌ قدرها ١٫٤ مليار دولار على شركة إيلي ليلي في عام ٢٠٠٩ بسبب ترويجها لاستخدام عقَّار انفصام الشخصية الأولانزابين في غير ما رُخص من أجله (تقول الحكومة الأمريكية إن الشركة «درَّبت موظفي المبيعات لديها على تجاهُل القانون»). وغُرمت شركة فايزر مبلغ ٢٫٣ مليار دولار للترويج لعقَّار البيكسترا المُسكن للألم، الذي سُحب من السوق فيما بعدُ لأسبابٍ تتعلق بالأمان، عند تناوله بجرعاتٍ زائدة على نحوٍ خطير (وذلك في استخداماتٍ غير مرخَّصة له «بقصد الاحتيال أو التضليل»). وغُرمت شركة أبوت مبلغ ١٫٥ مليار دولار في مايو ٢٠١٢، للترويج غير القانوني لاستخدام عقَّار ديباكوت للسيطرة على العدوانية لدى كبار السن. وغُرمت شركة ميرك مبلغ مليار دولار في عام ٢٠١١، وشركة أسترازينيكا مبلغ ٥٢٠ مليون دولار في عام ٢٠١٠.

هذه مبالغ مالية هائلة. كانت شركة فايزر في عام ٢٠٠٩ صاحبة أعلى غرامة جنائية فُرضت في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن تفوَّقت عليها شركة جلاكسو سميث كلاين. ولكنك إذا ما نظرت إلى هذه الأرقام مقارنةً بعوائد هذه الشركات نفسها، فسيتضح لك وضوح الشمس أنها قليلة جدًّا؛ ففي الفترة الزمنية التي تغطيها تسوية شركة جلاكسو سميث كلاين التي تبلغ ٣ مليارات دولار، كانت مبيعات عقَّار الروزيجليتازون ١٠ مليارات دولار، ومبيعات عقَّار الباروكستين ١٢ مليار دولار، ومبيعات عقَّار الويلبوترين ٦ مليارات دولار، وهكذا.4 وفيما يلي رسم بياني لسعر سهم شركة جلاكسو سميث كلاين على مدار السنة الماضية؛ قرر بنفسك ما إذا كنت تستطيع مشاهدة أي تأثيرٍ لغرامةٍ قيمتُها ٣ مليارات دولار وقضية احتيال جنائي في يوليو عام ٢٠١٢.

هذه ليست مشاكل فردية استثنائية، وليست في بلادٍ بعيدة، وبالتأكيد ليست شيئًا من الماضي؛ لأن الكثير منها وقع مؤخرًا، والأشخاص المسئولين عنها ما زالوا موجودين حتى الآن في المجال نفسه، وفي مناصب عالية جدًّا.

الآن دعني أخبرك شيئًا من حياتي الشخصية؛ فأنا أعرف أشخاصًا يعملون في شركات أدويةٍ عديدة؛ لأنني من مهاويس العلم، ومهاويس العلم يعملون في التكنولوجيا الحيوية. وأنا أتحدث إلى هؤلاء الأصدقاء، ويخبرني أشخاصٌ منهم أثق فيهم، عندما نلتقي معًا في الحفلات، أن أندرو ويتي، رئيس شركة جلاكسو سميث كلاين الحالي، الذي تولى زمام القيادة بالشركة في عام ٢٠٠٨، شخصٌ ودود وأمين. ويقولون إنه يريد أن يفعل الصواب؛ فهو غاضب مما حدث، ويتحدث عن النزاهة. وأنا على أتم الاستعداد لتصديق أن هذه هي الحقيقة.

لكن هذا غير ذي صلةٍ بالموضوع على الإطلاق؛ لأن هذا هو المجال العالمي الخطير المعنيُّ بالصحة الذي يؤثر علينا جميعًا بلا استثناء. ولا يجوز أن نسمح لسلوك صناعة الأدوية بأن يتأرجح كبندول، تارةً يكون مقبولًا وتارةً يكون مسيئًا، ويتذبذب تذبذبًا واضحًا في الشركات المختلفة في الأوقات المختلفة، مع اعتماد حصولنا على البيانات السليمة طوال الوقت على طبيعة ورغبة الشخص الذي يتولى القيادة، وهل هو أمين أم لا.

fig19
شكل ١

نحن في حاجةٍ لقواعد واضحة، تخضع لرقابةٍ عامة واضحة؛ لضمان اختبار مدى الالتزام بهذه القواعد وتوثيقه. كما نحتاج لتطبيقها بقوةٍ على الجميع دون استثناء؛ فرغم كل شيء، علينا أن نتذكر أن شركات الأدوية تُنافس بعضها بعضًا وتلعب وفق القواعد التي نحددها كمجتمع؛ فإذا كانت القواعد تسمح بالممارسات المراوغة، فإن الشركات مجبرة عمليًّا أن تحتال وتراوغ حتى إذا كان العاملون فيها يعلمون أن تصرُّفاتهم خاطئة من الناحية الأخلاقية، وحتى إذا أرادوا أن يفعلوا الصواب.

هذا يتضح بنحوٍ خاص من حدثٍ وقع مؤخرًا في أستراليا. عهدت الحكومة لجهةٍ ما بالقيام بمراجعةٍ مطوَّلة حول كيفية وضع قواعد تنظيمية لمواجهة التسويق الدوائي الفاسد. وقد قدَّمت هذه المراجعة توصياتٍ واضحةً تتعلق بالسياسة لمنع الممارسات المضللة والخطيرة، وهذه القواعد التنظيمية الجديدة كان من الممكن أن تُجبِر كل الشركات على الالتزام بقواعد الممارسة الجيدة التي كان يتبعها بالفعل أعضاء اتحاد شركات الأدوية بأستراليا، وهو أكبر تجمُّع لصناعة الأدوية. ولكن في ديسمبر عام ٢٠١١ رفضت الحكومة هذه المراجعة. وكانت ستترك لصناعة الأدوية حرية التورُّط في تعاملاتٍ مراوغة، وأوضح نقدٍ لهذا لم يأتِ من مجموعات دعم المرضى، وإنما من شركات الأدوية نفسها. فلماذا سيتبع الآن أي عضو بالاتحاد الممارسات المُثلى الموجودة في قواعد الممارسة الاختيارية هذه؟ وجاء البيان الصحفي الذي أصدره الاتحاد صريحًا لدرجة الفظاظة؛ حيث قال: «الشركات التي تنتمي إلى اتحادنا سوف تتأذى من القيام بالعمل الصائب.»5

وسوف نتطرَّق بعد قليلٍ إلى الشكل الذي يجب أن تكون عليه القواعد التنظيمية من الناحية العملية (فهذه ليست مشكلةً صعبة الحل)، وما يستطيع الأفراد عمله للالتزام بهذه القواعد. كما سنتأمل معًا مستقبل الطب في عصر «البيانات الضخمة»، بعد أن أضحى الوصول إلى الأدلة أسهل وأرخص من أي وقتٍ مضى.

لكن قبل أن ندخل في هذا الموضوع، علينا أن نتذكر أن الأمر لا يتعلق بإيجاد حلٍّ لهذه المشاكل، بدءًا من الآن؛ لأننا حتى إذا نحَّينا عجز الصناعة والمراقبين المستمر عن حل هذه المشاكل جانبًا، فإن المرضى ما زالوا يتعرَّضون للأذى كل يومٍ من جرَّاء ما ارتكبتْه صناعة الأدوية على مدار العقود القليلة الماضية. ولا يكفي أن تَعِد الشركات ببساطةٍ بالتغيير في المستقبل (دون أن تحاول الوفاء بذلك). فإذا كانت الصناعة تودُّ أن تُعوضنا عن الجرائم التي ارتكبتْها في الماضي، فعليها أن تتخذ إجراءاتٍ جادة اليوم للحد من الأضرار التي لا تزال تقع علينا والتي تنجم عن تصرُّفاتها السابقة.

(١) تمهيد الطريق

بادئ ذي بدء، نحن في حاجةٍ للمصارحة الكاملة، ولا أقول هذا انطلاقًا من تصوُّرٍ ما غامض عن الحقيقة والمصالحة. يُمارَس الطب اليوم باستخدام أدويةٍ دخلت السوق على مدار عقودٍ عديدة، بالاستناد إلى أدلةٍ جُمعت منذ السبعينيات على الأقل. ونحن نعرف الآن أن قاعدة الأدلة هذه بأكملها قد شُوِّهت على نحوٍ منهجيٍّ من قِبل صناعة الأدوية، التي قامت عن عمدٍ وبنحوٍ انتقائي بحجب التجارِب التي لم تَرُق نتائجها لها، في الوقت الذي نشرت فيه التجارِب ذات النتائج الجيدة.

والاعتراف الغامض بحدوث هذا ليس سوى خطوةٍ بسيطة؛ إنه الخطوة الأولى في رحلة العودة إلى التزام الصناعة بالأخلاقيات المهنية. ولمصلحة المرضى، نحن نحتاج إلى إتاحة جميع التجارِب التي أُخفيت الآن واليوم. فما من سبيل إلى ممارسة الطب بأمانٍ ما دامت الصناعة مستمرةً في إخفاء هذه البيانات. ولا يكفي أن تَعِد الشركات بعدم إخفاء بيانات التجارِب الجديدة «من الآن فصاعدًا»؛ فنحن في حاجةٍ إلى بيانات التجارِب السابقة التي أُجريت على الأدوية التي نستخدمها كل يومٍ والتي ما زالت تحجبها عنا حتى الآن.

هذه المواد موجودة في أماكن مهجورة، وأرشيفات تخزين آمنة، وعلى أقراص تخزينٍ عتيقة، وعلى أجهزة كمبيوتر محمولة كبيرة، وفي صناديق كرتونية. وكل لحظةٍ تستمر فيها صناعة الأدوية في إخفاء هذه المواد عنا يزيد عدد المرضى المتضررين؛ إنها جريمة مستمرة في حق البشرية جمعاء، وهي تحدث أمام أعيننا جميعًا.

ما يزيد الأمر سوءًا هو عدم وجود بديلٍ آمن لتلك المصارحة الكاملة؛ فإجراء المزيد من التجارِب لن يُفيدَنا في شيء؛ إذ إن التجارِب باهظة التكاليف وصغيرة، وعندما تُتاح نتائجها نضمها مع النتائج الحالية الخاصة بكل التجارِب التي أُجريت من قَبلُ للحصول على أفضل حل، والتخلص من كافة الأخطاء الاعتباطية والنتائج التي نتجت عن المصادفة. فإذا أجرينا المزيد من التجارِب، فإننا ببساطةٍ نضيف إلى مَعين البيانات الموجود بالفعل، والذي تعرض للتلويث والتشويه.

في الحقيقة، توجد طريقة واحدة نستطيع من خلالها التعامل مع مشكلة استمرار الصناعة في إخفاء التجارِب؛ ألا وهي أن نُلقيَ بكل ما لدينا من بياناتٍ في سلة المهملات، ونتخلص من أي تجرِبةٍ أُجريت في تاريخٍ يسبق التاريخ التخيُّلي الذي تتوقف فيه الشركات عن إخفاء البيانات (وهو تاريخ لم يَحِنْ حتى هذه اللحظة، على أي حال)، ثم نبدأ من جديد. وهذا اقتراح عبثي ولكن عبثيته تتراجع أمام وجود رجالٍ ونساءٍ يجلسون على مكاتبهم في المملكة المتحدة، وفي جميع أنحاء العالم، وهم يعلمون تمام العلم أن شركاتهم لديها نتائج تجارب لا تزال حتى الآن تخفيها عمدًا. واختيارهم الاستمرار في إخفاء هذه البيانات، حتى الآن، يُشوِّه قرارات وصف الأدوية ويؤذي المرضى كل يوم. ومع ذلك فهم ينامون في أَسِرَّتهم هانِئي البال، تمامًا كما ننام أنا وأنتم.

لكن الحاجة لعفوٍ شامل لا تنتهي عند بيانات التجارِب.

على سبيل المثال، ماذا يُفترض أن نفعل بالأوراق البحثية القديمة المؤلَّفة بواسطة كُتاب خفيين؟ يعترف الكُتاب الطبيون التجاريون الآن صراحةً أن هذه الممارسة كانت شائعة (عندما أسألهم: «كيف لم يَبدُ لكم الأمر خطأً عندما كنتم تدفعون للأكاديميين لوضع أسمائهم على الأوراق البحثية؟» كانوا يبتسمون ابتسامة مُحرَجة ويُعبِّرون عن خجلهم من الأمر). كما أن شركات الأدوية أيضًا أُجبرت على الاعتراف بقيامها بهذا، بعد عددٍ لا نهائيٍّ من القصص المحرِجة التي كُشف عنها من خلال المستندات المُسرَّبة والدعاوى القضائية المخزية بخصوص أدويةٍ بعينها. لكن هذه ليست سوى حوادثَ منعزلة؛ فليس لدينا أدنى فكرةٍ عن النطاق الشامل لهذا عبْر المجال الطبي بوجهٍ عام، والأهم من ذلك ليس لدينا أدنى فكرةٍ عن الأوراق الأكاديمية غير السليمة؛ لأن هذا السلوك لم يُكتشف في الكثير من الحالات.

هذه الصناعات تعترف الآن بأنها زوَّرت في الأدبيات الأكاديمية، وأن هذه الممارسة كانت شائعة، إلا أن هذا له فائدة جزئية فحسب؛ فالآن، نحن في حاجةٍ إلى قائمةٍ بالأوراق البحثية التي زُوِّرَت. إن بعضها يجب التراجع عنه رسميًّا، ولكن على الأقل فلنرجع ونُحدد الأوراق الأكاديمية التي كُتبت في الخفاء من قِبل أفرادٍ مدفوعي الأجر لصالح صناعة الأدوية. ولْنرَ معًا أي هذه الأوراق كانت نتيجة خطط نشر غير معلنة. على أقل تقدير، أخبرونا بالأكاديميين الذين لم يشاركوا سوى بأسمائهم وبِوَهم الاستقلالية وسُمعة الجامعة التي يعملون فيها، في مقابل شيكٍ مصرفي. أخبرونا بالمبالغ المالية التي حصلوا عليها؛ ولكن الأهم من ذلك، أخبرونا بأسمائهم لكي نتمكن من معرفة كيف نحكم على باقي أعمالهم.

يرجع هذا إلى أن الأدبيات الأكاديمية الطبية ليست كالجرائد؛ بمعنى أنها ليست مسَوَّدةً أولى مؤقتة للتاريخ، ولن نستخدمها غدًا للفِّ الشطائر؛ فالأوراق البحثية الأكاديمية تظل باقية. والكثير من الدراسات التي تأثرت بالكتابة الخفية ستظل تُعَد مقبولة، وسيظل الكثيرون يستشهدون بها على نطاقٍ واسع، وسيُستخدم محتواها في ممارسة الطب لمدة خمسٍ أو عشرٍ أو حتى عشرين سنة في المستقبل. هذه هي الطريقة التي يعمل بها الطب المستند إلى أدلة، وهي الطريقة التي يُفترض أن يُعمل على أساسها؛ فنحن نعتمد على الأبحاث التي نُشرت في كتابة المراجع الطبية واتخاذ القرارات. ولا يكفي أن تقول إنك لن تستخدم ممارسات الكتابة الخفية غير الأمينة في المستقبل؛ فنحن جميعًا نحتاج الآن لأن نعرف الأوراق البحثية التي تلاعبت بها في الماضي، كي نمنع تصرفاتك من التسبُّب في المزيد من الضرر. كما أن المرضى يحتاجون لأن يعرفوا أيضًا.

لذلك، إذا كنا سنحاول فهم الفوضى التي أحدثتْها صناعة الأدوية — ومهنة الطب — في الأدبيات الأكاديمية، فإننا إذًا سنحتاج إلى عفوٍ شامل؛ سنحتاج إلى مصارحةٍ تامة وواضحة بكل التشويهات، فيما يتعلق بالبيانات الناقصة وممارسات الكتابة الخفية وكل الأنشطة الأخرى التي وضَّحناها في هذا الكتاب لمنع الضرر الذي ما زالت تتسبَّب فيه حتى الآن. ولا يوجد أمامنا خيار آخر في هذا الشأن، وتفادي هذا ليس مدعاةً للشرف أو للفخر بأي حالٍ من الأحوال.

لكننا من الآن فصاعدًا، وعلى نحوٍ فردي، نحتاج إلى التأكد من أن هذه الممارسات لن تظل موجودة في المستقبل. وستجد تفاصيل طريقة عمل ذلك محددة في نهاية كل قسمٍ على مدار الكتاب، لكن النقاط الرئيسية واضحة.

يجب أن نمنع تنفيذ التجارِب السيئة الإعداد في المقام الأول، ويجب أن نحرص على أن تُعلِن جميع التجارِب نتائجها في خلال سنةٍ على أقصى تقدير، وينبغي أن نقيس مدى الالتزام بهذا الأمر، ونضع عقوباتٍ بالغة الصرامة على الشركات التي لا تنفذه، هذا بالإضافة إلى أنه يجب تحميل الأطباء والأكاديميين الذين يتورَّطون في حجب بيانات التجارِب المسئوليةَ وشطبهم من سِجلات ممارسي المهنة. أما فيما يتعلق بنشر الأدلة، فيجب أن نتأكد من القيام بذلك بطريقةٍ نزيهة، بحيث يتمكن الأطباء والمرضى ومقدمو الخدمات الصحية من الوصول بسهولة إلى ملخصات معلوماتٍ حيادية؛ إذ يتضح لنا من الأدلة التي سقناها في هذا الكتاب أن صناعة الأدوية تنشر الأدلة على نحوٍ متحيز — من السخيف أن تفاجئنا هذه الحقيقة — سواءٌ كان ذلك من خلال الإعلان أو مندوبي شركات الأدوية أو الكتابة الخفية أو إخفاء البيانات أو رشوة الناس أو تقديم برامج تعليم للأطباء. يوجد الكثير مما يستحق الإصلاح.

إذًا، ما الذي فعله الأشخاص المهمون في مجال الطب في بريطانيا لمساعدة المرضى، في مواجهة هذا الفساد المستشري وهذه الأخطاء المنهجية؟ في عام ٢٠١٢، صدرت وثيقة مشتركة من قِبل العديد من الشخصيات المهمة في مجال الطب في بريطانيا، وهم يُشكلون معًا المجموعة المعنية بالمعايير الأخلاقية في علوم الصحة والحياة، التي يشارك في رئاستها رئيسُ كلٍّ من اتحاد الصناعات الدوائية البريطانية والكلية الملكية للأطباء. وصدرت الوثيقة بعنوان «إرشادات حول التعاون بين المشتغلين بالرعاية الصحية وصناعة الأدوية». وقد اعتُمِدت هذه الوثيقة من قِبل اتحاد الصناعات الدوائية البريطانية، ووزارة الصحة، والكليات الملكية للأطباء والتمريض والأطباء النفسيين والأطباء الممارسين، ودورية «ذا لانست»، والجمعية الطبية البريطانية، واتحاد هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وغيرها.

لا تشتمل هذه الوثيقة على أي اعترافٍ بالمشاكل الخطيرة التي رأيناها في هذا الكتاب، بل على العكس تمامًا؛ فهي تُقدِّم سلسلةً من العبارات المُطَمْئنة غير الواقعية بالمرة حولها.

تُفتتَح الوثيقة بعبارةٍ مُطَمْئنة، ألا وهي: «قد لا تُتاح الفرص أو حتى تُنبَذ بعد إتاحتها بسبب مفاهيمَ خاطئةٍ نابعة من ممارساتٍ سابقة لم تَعُد مقبولةً، أو تصرفاتِ حفنةٍ قليلة من الأفراد لا تمثل العلاقة الحيوية بين العاملين بمجال الرعاية الصحية وصناعة الأدوية.» ولكن كما رأينا، تُعَد التجارِب التي «تختفي»، والكتابة الخفية، والانحرافات التي تُرتكب في التسويق؛ كلها مشاكل منهجية، وهي لم تُحَلَّ حتى هذه اللحظة.

وتمضي الوثيقة قُدمًا لتُقر أن جميع التجارِب تخضع للتدقيق الشديد، وأن نتائجها تكون متاحةً للجميع. مرةً أخرى، نحن نعرف أن هذا ببساطةٍ ليس صحيحًا، حتى مع وجود تشريع هيئة الغذاء والدواء الجديد الصادر عام ٢٠٠٧ الذي يفرض نشر نتائج التجارِب في غضون سنةٍ من إجرائها، وإلا أصبح القائمون على إجراء التجرِبة عرضةً لدفع غرامة قدرها ١٠ آلاف دولار لكل يوم تأخير، إلا أن أفضل تقديرٍ في الوقت الحالي هو أن تجرِبةً واحدة فقط من كل خمس تجارب تُنشَر نتائجها في غضون السنة (ولم يَسبق قطُّ أن دفع أحدٌ أيَّ غرامة).

تنص الوثيقة أيضًا على أن مندوبي شركات الأدوية «يمكن أن يكونوا مصدرَ معلوماتٍ مفيدًا بالنسبة إلى العاملين في الرعاية الصحية». مرةً أخرى، لست متأكدًا من السبب الذي جعل الكليات الملكية والجمعية الطبية البريطانية ووزارة الصحة واتحاد هيئة الخدمات الصحية الوطنية تشعر بالحاجة إلى التأكيد على هذا لأطباء المملكة المتحدة، بالنيابة عن صناعة الأدوية، في حين أن الأدلة تُشير إلى أن مندوبي شركات الأدوية يُشوِّهون ممارسات وصف الأدوية على نحوٍ كبير. ولكن تلك هي المعركة التي تواجهها عندما تحاول جعْل هذه القضايا تؤخذ بجديةٍ من قِبل الجهات المسئولة عن المؤسسة الطبية.

حتى التفاصيل الواردة في الوثيقة غريبة؛ إذ تزعم — لتشجيعك على اتخاذ وجهة نظرٍ إيجابية نحو الصناعة — أن طرح دواءٍ جديد في السوق يتكلف ٥٥٠ مليون جنيه إسترليني. وهذا الرقم الخرافي المُبالَغ فيه يأتي من دراسةٍ مُموَّلة من قِبل الصناعة، أُجريت منذ عَقدٍ مضى، وتفترض الكثير من الافتراضات الغريبة، لدرجة أنها أدَّت إلى ظهور مجموعةٍ كبيرة من الأعمال الناقدة لها، حتى كتاب شهير بعنوان «حبة دواء بثمانمائة مليون دولار»، ظهر في عام ٢٠٠٤. ولإعطائك لمحةً حول كيفية الوصول إلى هذا الرقم، أقول إنهم لم ينظروا إلا لنطاقٍ ضيق من الأدوية الغالية بدرجةٍ استثنائية، وتجاهلوا حقيقة أن الاستثمار البحثي يُعفى من الضرائب، والأغرب أنهم حسبوا «التكلفة الرأسمالية للفرصة الضائعة» (بمعنى «أننا أضعنا فرصةً لكسب المال بعدم استثمار ميزانية البحث والتطوير الخاصة بنا في أسهم شركاتٍ أخرى كان من الممكن أن ترتفع قيمتها»). وأدَّى كل هذا إلى ما يُسمِّيه رجال الاقتصاد — وحتى المحاسبون المحليون بالشركات الصغيرة — «الحساب المزدوج»؛ لأن عملية البحث والتطوير تُنتج عوائد مالية أيضًا. وتُقدَّر التكلفة الحقيقية بحوالي عُشر المبلغ المذكور، أو رُبعه؛ ولكن أيضًا، في عددٍ آخر من الدراسات التي تُموِّلها الصناعة، يُقدِّرونه بخمسة أضعاف هذا الرقم. وأنا لا أذكر هذا لكي أفتح موضوعًا آخر معقدًا؛ كل ما أقوله إن هذا الرقم الذي وضعتْه صناعة الأدوية رقم غريب جدًّا لأن تتفق عليه جميع هذه الجهات.

ولكنني انحرفت عن الموضوع الأساسي.

الأكثر إرباكًا هو أن هذه الوثيقة التي وَقَّع عليها أهم شخصياتٍ في مجال الطب في بريطانيا تنصُّ على ما يلي: «تلعب صناعة الأدوية دورًا فعالًا ومهمًّا في توفير التعليم الطبي.» ذكرتْ ذلك دون أن تستشهد بأي دليل، في مواجهة كل ما نعرفه عن التسويق المُموَّل من قِبل الصناعة.

وعليَّ هنا أن أكون واضحًا مرةً أخرى: أعتقد أنه من الرائع أن يعمل الأطباء والأكاديميون ورجال صناعة الأدوية معًا في المشروعات البحثية. والواقع يقول إن الأدوية تُصنع من قِبل مؤسسات تجارية، وإنها غالبًا ما تُنتِج أدوية جيدة. ومشاركة المعرفة البحثية والاحتياجات البحثية والرؤى والمرضى أمرٌ رائع، ولكن يجب أن تتم داخل إطار عملٍ تنظيمي مُعبِّر وخاضع للرقابة.

إن عبارة «تلعب صناعة الأدوية دورًا فعَّالًا ومهمًّا في توفير التعليم الطبي» خارجة تمامًا عن هذا الإطار. ولكن أهم الشخصيات في مجال الطب في بريطانيا، وهي المجموعة المعنية بالمعايير الأخلاقية في علوم الصحة والحياة، خيَّبوا ظني عندما وقَّعوا على هذه الوثيقة في عام ٢٠١٢، وسوف أُعيد ذكر الجهات التي وقَّعت عليها مرةً أخرى هنا: وزارة الصحة، واتحاد الصناعات الدوائية البريطانية، والكليات الملكية للأطباء والتمريض والأطباء النفسيين والأطباء الممارسين، ودورية «ذا لانست»، والجمعية الطبية البريطانية، واتحاد هيئة الخدمات الصحية الوطنية.

أنتجت المجموعة نفسها وثيقةً أخرى بعنوان «شفافية التجارِب الإكلينيكية – مبادئ وحقائق» تزعم وجود «إطار عمل تنظيمي قوي يحكم الإفصاح عن معلومات التجارِب الإكلينيكية» وتزعم أنه «من المستحيل اعتماد أدوية جديدة أو نشر بيانات في الدوريات الطبية الكبرى دون الإفصاح عن معلومات التجارِب الإكلينيكية في سجلات مُعتمدة.» وكلا هذين الزعمين ببساطةٍ غير حقيقي؛ فكلاهما يُطمئننا طمأنةً زائفة بوجود سلطةٍ قوية، في واحدةٍ من أهم المشاكل الأخلاقية والعملية التي تواجه الطب اليوم.

وهذا يوضح مدى بُعدنا عن كبار الشخصيات في مجال الطب الذين يتأملون ما يحدث ويُحددون ما ينبغي أن نفعله حيال ذلك؛ ولهذا السبب أنا أحتاج لمساعدتكم. ولكن قبل أن نصل إلى ما يمكنكم فعله، هنا شيء آخر غريب سأعرضه عليكم.

في عام ٢٠١٢ أُعلنَ أنه من المتوقَّع أن يعمل الأطباء الممارسون مع شركات الأدوية للوصول إلى كيفية علاج مرضاهم. ووضع اتحاد الصناعات الدوائية البريطانية دليلًا ﻟ «اتفاقات العمل المشترك»، بمساندة وزارة الصحة،6 وكانت الرؤية واضحة: «المجالات الشائعة للعمل المشترك التي يمكنك وضعها في الاعتبار تتضمَّن تحديد المرضى غير المشخَّصة أمراضهم، ومراجعة المرضى الذين لم تتم السيطرة على حالاتهم، وتحسين التزام المرضى بالعلاجات وإعادة تصميم مسار العلاج.»

لكي نحدد السياق الذي حدث فيه ذلك، نقول إنه حدث في وقتٍ كان فيه هيكل هيئة الخدمات الصحية الوطنية مخلخلًا، وقد وُكلت مهمة تخطيط الخدمات الصحية إلى مجموعاتٍ محلية من أطباء الأسرة، الذين يتمتع أغلبهم بالذكاء الشديد، ولكنهم يفتقرون إلى التدريب والخبرة في تقديم الخدمات لجماعاتٍ كاملة (بموجب خطط تُعارضها حتى الكلية الملكية للأطباء الممارسين). وأيًّا كان رأيك في سياسة هيئة الخدمات الصحية الوطنية الجديدة، هناك أمر واضح، وهو أن دعوة شركات الأدوية للمشاركة في تصميم مسارات العلاج، في الوقت نفسه الذي تخضع فيه هذه المسارات للتغيير، والذي أصبحت فيه خاضعةً لإدارة أشخاصٍ تنقصهم الخبرة؛ تبدو غايةً في الخطورة.

علاوةً على ذلك، تَفُوق دعوةُ مندوبي مبيعات شركات الأدوية للاطلاع على قائمة المرضى الخاصة بالطبيب، واختيار المرضى الذين يظنون أنهم يجب أن يتلقَّوا أدوية شركاتهم، أيَّ مشكلةٍ وثَّقناها حتى الآن فيما يتعلق بالأنشطة المريبة لهؤلاء المندوبين؛ بينما تؤدي مراجعة تقدم حالة المرضى بمساعدة موظفي شركات الأدوية إلى إثارة مشاكل ضخمة حول الحصول على موافقة المرضى والحفاظ على سِرية بياناتهم. ولا أظن أنك ستكون سعيدًا إذا عرفت أن الممارس العام الذي تذهب إليه يُطلع مندوب المبيعات المحلي لشركة جلاكسو سميث كلاين أو ميرك أو فايزر أو روش، أو أي شركة أخرى جئنا على ذكرها في صفحات الكتاب، على تاريخك المَرضي. وأعتقد أن من حقك على الأقل أن يطلب رأيك في هذا.

هذا كل شيء.

ظلت هذه الفوضى قائمة، مخفية أمام أعين الجميع، بسبب عدم وجود تفسير واضح. واستمرت المشكلة بسبب تعقيدها، وبسبب أن الناس الذين نثق عادةً في قدرتهم على حل هذه المشاكل الفنية قد خذلونا؛ فالحكومة، وكبار الشخصيات في مجال الطب — الأساتذة الكبار في الكليات الملكية وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات والجمعيات العلمية — يعرفون كل ما قرأته الآن. إنهم يعرفون كل شيءٍ جيدًا، ولكنهم قرَّروا، لأسبابٍ خاصة بهم، أنهم غير مَعنيين بما يحدث. وفي بعض الأحيان، شاركوا في التآمر سِرًّا، كما فعل المراقبون.

من الصعب أن نتخيل مؤامرة أكثر تعقيدًا أو أكثر اكتمالًا من هذه، تمتدُّ عبْر الكثير من المؤسسات والمهن؛ إنها قصة رشوة، بالطبع، ولكن الأدهى من ذلك أنها قصة قَبول الناس بالوضع الراهن، وكسلهم وتفضيلهم للمصلحة الشخصية وشعورهم بالعجز عن التغيير. لقد خذلك المسئولون المهمون في مهنتي، لعقودٍ طويلة، في أمورٍ تُعَد مسألة حياة أو موت، وعلى غرار البنوك، اكتشفنا فجأةً حقيقةً مرعبة. لم يتحمل أحدٌ المسئولية، ولم يَتولَّ أحدٌ زمام الأمور، ولكن الجميع كانوا يعرفون أن ثَمَّةَ خطأً ما.

لم يَعُد لدينا سوى أملٍ واحد، رغم أنه أمل بسيط؛ إنه أنت.

(٢) الأشياء التي يمكنك القيام بها

إذا كنت مهتمًّا بما قرأته في هذا الكتاب، ففيما يلي بعض الاقتراحات فيما يتعلق بالأشياء التي يمكنك القيام بها.

توجد نقاط محددة بالتفصيل بما ينبغي تغييره في نهاية كل فصل، وأتمنى أن تُعيد قراءتها مرةً أخرى. وقد جمعتُ هنا بعض النقاط الأساسية التي تخاطب الجميع. إن خلق التغيير مهمة صعبة، ولا سيما إذا كانت المشاكل منتشرةً ومتوغلة في أعماق ثقافة مِهنٍ وصناعاتٍ قوية؛ فالأشخاص الذين ينبغي الضغط عليهم أطباء ومجموعات دعم مرضى، إلى جانب السياسيين، وهذا ينعكس فيما يلي:

(٢-١) الجميع

أول شيء قد تفعله هو أن تكتب لطبيبك، أو تُلخص له مخاوفك في المرة التالية التي تراه فيها. ولِأكون واضحًا معك، لا أظن أنه من المفيد أن تُضيع وقت الاستشارة القيِّم في صراعٍ سياسيٍّ مع طبيبك. ومع ذلك، إذا عرف الأطباء أن مرضاهم مهتمون بهذه القضايا، فسوف يكونون أكثر ميلًا إلى أخذها على محمل الجد، ويكفي أن نَمُرَّ عليها مرور الكرام في وقت الاستشارة. الكثير منهم يحرصون على مبادئ الأخلاق في هذه القضايا على أي حال؛ ولذا فإن مخاوفك قد تُشجعهم أكثر على الالتزام بها. وفيما يلي بعض الأشياء التي قد ترغب في القيام بها:
قد ترغب في طرح سؤال:
  • على سبيل المثال، قد ترغب في معرفة ما إذا كان طبيبك يَقبل وسائل الضيافة من شركات الأدوية أو يَقبل التدريس تحت رعايتها.

قد تريد توضيح رغباتك:
  • على سبيل المثال، إذا كنت ترى أن من غير المقبول أن يُطلِع طبيبك مندوب مبيعات شركة أدوية على تاريخك الطبي، كما سبق أن ذكرنا، يمكنك أن تتأكد من معرفته ذلك، تحسُّبًا لأي ظروف.

قد ترغب في عمل طلب:
  • على سبيل المثال، يمكنك أن تقترح أن يضع طبيبك قائمةً بتفاعلاته مع صناعة الأدوية في غرفة الانتظار الخاصة بعيادته، كما سبق أن اقترحنا في هذا الكتاب.

  • أو يمكنك أن تطلب منه الإفصاح عما إذا كانت أي شركة أدوية قد لعبت دورًا في مساعدته في تطوير مساره الوظيفي.

توجد أيضًا المنافذ المعتادة التي يستطيع أي شخصٍ استخدامها للمشاركة السياسية العامة الفعَّالة، وللضغط على السياسيين. وسيكون من الجيد أن تثير ما تعتبره مخاوفك الأساسية مع عضو البرلمان الخاص بمنطقتك. واطلب منه أن يدعم الوكالة الأوروبية للأدوية في مَطالبها الجديدة بخصوص المزيد من الشفافية، واطلب منه السعيَ لإحداث تغييراتٍ في تشريعات الاتحاد الأوروبي لضمان وصولٍ أفضل إلى نتائج التجارِب.

إذا كان لديك وقت، فهناك حاجة ماسَّة إلى «مُنظِّمين» ومجموعات ضغط عامة بخصوص الموضوعات المُثارة في هذا الكتاب. وربما ترغب في الانضمام لحملات الضغط الموجودة، مثل AllTrials أو المنظمة الدولية للعمل من أجل الصحة، أو اكتشاف ما إذا كانت مجموعة دعم المرضى التي تهمك نَشِطة في هذه القضايا، كما سنشرح فيما بعد.

أخيرًا، نظرًا لأنَّ تغيير القوانين عمل معقَّد، فأودُّ أن أرى جهدًا مبذولًا من رجال السياسات؛ الأشخاص الذين يعرفون كيف تعمل الحكومات، مع اقتراحاتٍ بكيفية حل بعض المشاكل التي أُثيرت هنا من خلال التشريع، أو غيره.

(٢-٢) المرضى

يقع المريض في قلب هذه القصة، وأنت كمريض في موضع قوة.

بدايةً، علينا أن نوضح أنك لن تستطيع حل هذه المشكلة في العيادة أو المستشفى الذي تتعالج به، وفيما يتعلق بقرارات العلاج الخاصة بك. هذه أخطاء منهجية؛ ولذا وجب علينا أن نُصلح المنهج ككل. واختيار العزوف عن الرعاية الطبية تمامًا قد يُدمِّر حياتك، وعليك أن تتذكر أن الأدوية من غير المرجَّح أن تضرك؛ لأنها على الأقل يجب أن تكون أفضل من «لا شيء» كي تصل إلى السوق. ولكن المسألة تكمن فيما إذا كنت تحصل على أفضل علاجٍ بالنسبة إليك.

أتمنى أن يُطلب منك المشاركة في تجرِبةٍ في إحدى مراحل مرضك. وأرجو أن توافق على المشاركة؛ فالتجارِب هي الوسيلة الوحيدة لمعرفة العلاجات التي تصلح، وعادةً ما تكون آمنةً وتُنقِذ حياة المرضى. ثَمَّةَ أربعة أمورٍ بسيطة ينبغي أن تطرحها حول أي تجرِبةٍ تُدعى للمشاركة فيها، وإذا رُفضت لأي سبب، فأود أن تخبرني بالقصة:
  • (١)

    اطلب ضمانًا كتابيًّا أن التجرِبة مُسجَّلة ومتاحة لوصول الجميع إليها قبل اختيار المرضى، واسأل عن المكان الذي يمكنك الاطِّلاع عليها فيه.

  • (٢)

    اطلب ضمانًا كتابيًّا أن النتيجة الأساسية من التجرِبة سوف تُنشر في غضون سنةٍ واحدة على أقصى تقديرٍ بعد اكتمال التجرِبة.

  • (٣)

    اسأل عن اسم الشخص الذي سيكون مسئولًا عن ذلك.

  • (٤)

    اسأل عما إذا كنت ستحصل على نسخةٍ من التقرير الذي يُوضِّح النتائج، بوصفك مشاركًا في التجرِبة.

إذا كانت لديك مشكلة طبية في الوقت الحالي، فستكون هناك مجموعة دعم مرضى تغطي هذه المشكلة، يديرها أشخاص يضعون مصلحة المرضى نُصْب أعينهم. ثَمَّةَ مشاكل في بعض هذه المجموعات، كما ذكرنا آنفًا، ويمكنك التعامل معها، ولكنني أُحبذ بشدةٍ أن تأخذ مسارًا مختلفًا؛ يمكنك الانضمام إليها، ثم تشجيعها على الضغط على الشركات التي ترتبط معها بعلاقات.

على سبيل المثال، ثَمَّةَ خطاب مُهم يجب أن ترسله كل مجموعة دعم مرضى إلى كل شركة أدوية في العالم، وهو يشتمل على استفسارٍ بسيط: «إننا مهتمون بهذا المرض؛ فهل هناك أي معلوماتٍ مهما كانت تحجبونها عنا؟ إذا كان هناك أي شيء، فأخبرونا به اليوم.» يحقق هذا الخطاب غرضَين. إذا ما فكرنا على نحوٍ تفاؤلي، فإنه قد يُشجع الشركة على الإفصاح عن بيانات تجرِبةٍ كانت قد حجبتها من قبل، وهو ما سيؤدي إلى تحسين رعاية المرضى. ولكن حتى إذا لم تفعل ذلك وكانت هناك معلومات من الواجب أن تشاركها، فقد فعلتَ شيئًا ذا قيمة؛ فقد خلقتَ جوًّا من القلق، وأجبرت جهةً ما على أن تربط اسمها بمسئولية تضليلك؛ وبينت بوضوح التاريخ الذي كُشف فيه النقاب عن الكذب المتواصل الذي ترتكبه الشركة. فإذا أنكرتْ شركةٌ حجبَ أي بيانات تجارب حول أدويةٍ خاصة بمرضك، في عام ٢٠١٢، ولكنها أُدينت بعد ذلك في عام ٢٠١٤ فأذاعت بيانًا صحفيًّا يقول إن «كل شيء قد تغير الآن»، فسوف تعرف، يقينًا، أنها كانت مستعدة لتضليل المرضى وإيذائهم في عام ٢٠١٢.

(٢-٣) الدجالون

اختصاصيو الطب البديل الذين يبيعون الفيتامينات وأقراص المعالجة المثلية السكرية التي لا تُقدِّم أكثر مما تُقدِّمه الأدوية الوهمية في الاختبارات السليمة؛ ليس لهم دور في حل هذه المشاكل؛ فهؤلاء التجار غالبًا ما يودون التظاهر أن عملهم يتحدَّى بطريقةٍ ما صناعة الأدوية. وفي الحقيقة، هم يرتكبون الجرائم نفسها، ويستخدمون ببساطةٍ الحيل نفسها ولكن على نحوٍ أكثر بدائية، كما كتبتُ مراتٍ عديدةً في أماكن أخرى. المشاكل الموجودة في الطب لا تعني أن أقراص المعالجة المثلية تصلح للعلاج بها؛ فمجرد وجود مشاكل في تصميم الطائرات، لا يعني أن البساط السحري يستطيع الطيران. بالمثل، من السخافة أن نظن أن بيع تلك الأقراص غير الفعَّالة رد فعل سياسي ذو معنًى على الفشل الرقابي الواسع في صناعة الأدوية. وإذا كان الدجالون يربحون من الغضب المبرَّر الذي يشعر به الناس حيال المشاكل التي قرأتَ عنها هنا، فهذا يأتي على حساب الأنشطة البنَّاءة فعليًّا.

(٢-٤) مجموعات دعم المرضى

تستطيع مجموعات دعم المرضى القيام بما هو أكثر بكثيرٍ مما تفعله حاليًّا، كمُنظِّمين جماعيين، وأنا أشجع هذه المجموعات بشدةٍ على الاجتماع معًا والتفكير فيما يمكنها أن تفعل للتعامل مع القضايا المُثارة في هذا الكتاب، بالاستعانة بالمصادر الفريدة التي تملكها. في الوقت الحالي، على سبيل المثال، ليست مهمة رصد نتائج التجارِب غير المنشورة موكلةً لجهةٍ بعينها؛ لذلك رغم أن لدينا سِجلاتٍ ضخمةً مليئة بتفاصيل الدراسات قيد الإجراء، فإننا نفتقد وجود جهةٍ ما تُحدِّد التجارِب التي اكتملت بالفعل، ولكنها لم تُنشر. وعلينا أن نتذكر أن أكاديميين مستقلين، يحققون في الأمر بِناءً على رغبتهم الخاصة، هم من اكتشفوا أن تجرِبةً واحدة من كل خمس تجارب وفت بمعايير نشر النتائج التي وضعها قانون هيئة الغذاء والدواء الجديد الذي يعود لعام ٢٠٠٧. ويُعَد غياب الرصد اللائق والمركزي لنتائج التجارِب المحجوبة فشلًا كارثيًّا في الهيكل المعلوماتي للطب المستند إلى أدلة، ولكن نظرًا لأنه لم يُصلَح حتى الآن، فإن مجموعات دعم المرضى ستكون أكثر قدرةً على القيام بهذه المهمة.

بإمكان هذه المجموعات أن تقوم بمهمة المراقب كلٌّ في منطقتها، وتُراجع السِّجلات، وتنظر في تواريخ انتهاء التجارِب، ثم تفحص الأبحاث المنشورة. فإذا فشل الباحثون في نشر نتائج التجارِب في غضون سنة، فعلى هذه المجموعات أن تُحدِّد أسماءهم — حيث إن هذا أمر مهم يمكن أن يغير السلوك في المستقبل — ثم تتصل بهم وتسأل عن البيانات التي سوف تُحسن حالة أعضائها. كذلك تلك المجموعات في مركز قوة؛ نظرًا لاتساع نطاق عضويتها، يُمكِّنها من اكتشاف التجارِب التي أُجريت ولكنها لم تُوضع في سجلات التجارِب. وفي حالة وجود مجموعاتٍ على استعدادٍ للتعامل مع المشكلات التي عرضناها في هذا الكتاب، فسأكون سعيدًا — وكذلك الكثير غيري من الأطباء والأكاديميين — بالعمل معها للمساعدة في تطوير مزيدٍ من الإجراءات التدخُّلية.

(٢-٥) الأطباء

يحتاج الأطباء من وجهة نظري إلى التفكير في هذه الموضوعات والحديث عنها أكثر، وإلى مشاركة ما يعرفونه واتخاذ الإجراءات اللازمة. وهذا قد يعني عددًا من الأشياء، كما ناقشنا سلفًا في هذا الكتاب. يستطيع الأفراد تجنُّب الوسائل التسويقية للصناعة، والتصريح بما حصلوا عليه لمرضاهم، ورفض الوجبات ورحلات الطيران المجانية، وهكذا. ويستطيعون أيضًا التعاون مع الشخصيات المهمة في جمعياتهم المهنية وكلياتهم الملكية؛ لمحاولة تشجيعهم على التراجُع عن المواقف الخطيرة التي يتخذها معظمهم حاليًّا، ولا سيما في ظل المزاعم الغريبة التي تتبنَّاها هيئة المجموعة المعنية بالمعايير الأخلاقية في علوم الصحة والحياة. كل هذه المؤسسات يجب أن تمتلك سياسةً واضحة فيما يتعلق بنشر التجارِب وبأخلاقيات المواجهات الأخرى مع صناعة الأدوية، بالاستناد إلى أفضل الأدلة المتاحة حاليًّا. وفي حالة نقص الأدلة، علينا جمعها.

(٢-٦) كليات الطب

تستطيع كليات الطب تعليم طلاب الطب كيفية تحديد الأدلة الزائفة التي تبثُّها صناعة الأدوية، وبوجهٍ خاص، طريقة عمل وسائل التسويق الخاصة بها. هناك بعض الأدلة من الولايات المتحدة على أن الطلاب الذين يتعلمون هذه الوسائل يستطيعون التعرُّف بدرجةٍ أكبر على الحقائق المزيفة في المواد الترويجية، وهذا الأمر يستحق بذل المزيد من الجهد المتناغم؛ إذ إن الجيل الحالي من الأطباء تحت التدريب سيمارسون الطب بنحوٍ مستقل لمدة ثلاثة عقودٍ على الأقل، دون الحصول على أي تعليمٍ رسمي آخر. وإذا لم نُحصِّنهم ضد ما سيتعرَّضون له في المستقبل، فسيكونون عرضةً لتلقِّي تعليمهم من الصناعة، بتشجيعٍ من الحكومة، وبتشجيع من كل الجهات الطبية البارزة في المملكة المتحدة — بعد قراءة أحدث وثيقة تعاونية. وإذا كان ثَمَّةَ بصيص من الأمل في حماية مهنة الطب من الانحرافات الفنية التي تستخدمها صناعة الأدوية كوسائل تسويق، فهذا الأمل هو أن يتدرب صغار الأطباء على تحديد هذه الانحرافات.

(٢-٧) الكُتاب الخفيون

الكُتاب الطبيون التجاريون — واللجنة الدولية لمحرري الدوريات الطبية — لا بد أن يُصلحوا إرشاداتهم الهزلية؛ لأن الجميع يعلمون أنها ما زالت تسمح بالكتابة الخفية. يستطيع هؤلاء الكُتاب السعيَ للحصول على عفوٍ يستطيعون بموجبه كشف جميع الأوراق البحثية التي كتبوها سرًّا، وجميع المؤلفين الخفيين الذين دفعوا لهم، وذلك لأسبابٍ أخلاقية، ومن أجل حماية المرضى. إنهم لن يفعلوا ذلك، ولكنهم يستطيعون فعله.

(٢-٨) المحامون

في الولايات المتحدة، يستطيع الأفراد والدولة اتخاذ إجراءاتٍ ضد من يؤذونهم، واضعين القضية في الغالب في إطار الاحتيال المالي. وشركات الأدوية ليست هي الهدف الوحيد هنا، ويرى الكثيرون مؤخرًا أن المقالات المكتوبة من قِبل كُتابٍ خفيين تُمثِّل هدفًا آخر.7 فإذا أُصيب مريض بأذًى، نتيجة اعتماد طبيبه على محتوى مقالةٍ حدث تلاعُب في كتابتها، فمن الممكن تحميل كاتبها من الكُتاب الطبيين التجاريين، «المؤلفين الخفيين»، المسئوليةَ القانونية. علاوةً على ذلك، يمكن تحميل «المؤلف الضيف» — الأكاديمي الذي سمح بوضع اسمه على هذه المقالة، رغم مساهمته الضئيلة فيها، عادةً في مقابل المال — المسئوليةَ أيضًا. إذا استُخدمت ورقة أكاديمية من قِبل برنامج ميديكير أو ميديكيد، في الولايات المتحدة، لتبرير استخدام دواءٍ معين في غير ما رُخِّص له، ولكن ثبت بعد ذلك أن هذه الورقة قد كتبها كاتب خفي أو تعرَّضت للتحريف، فعندئذٍ أيضًا يتعرَّض مؤلفو الورقة للمساءلة القانونية على هذا الاحتيال الذي ارتُكب في حق الحكومة. هناك أيضًا قوانين لمكافحة الرشوة، وسوابق واضحة على أن الحق في حرية التعبير المكفول بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي لا يحمي الاحتيال. ويمكن أن يصبح هذا سبيلًا مهمًّا للمُضي قُدمًا.

(٢-٩) محررو الدوريات

يُعَد محررو الدوريات الحراسَ الحاليين للأدلة الطبية، لكنهم فَشِلوا في القيام بهذه المهمة. ويجب أن تُصرِّح جميع الدوريات بالدخْل الذي يأتيها من الصناعة، بالتفصيل، ويجب ألا تَسمح أي دوريةٍ بتغيير أي تجرِبةٍ لنتائجها الإكلينيكية الأساسية من أجل الخداع؛ فهذه الممارسة تُضلل الأطباء وتضر المرضى. ويجب أن تذكر جميع المقالات المنشورة في الدوريات، والتي تسرد تجارب غير مسجلة، هذه الحقيقةَ بوضوح، كذلك يجب أن تُصرِّح اللجنة الدولية لمحرري الدوريات الطبية علانيةً أنها فَشِلت في ضبط هذه الممارسة؛ لكي يستطيع آخرون إصلاح الأمر على النحو اللائق.

(٢-١٠) صناعة الأدوية

يوجد الكثير من الموضوعات التي ينبغي الحديث عنها هنا، وقد سبق أن تحدثت عن الكثير منها في سياق الكتاب، ولكنْ ثَمَّةَ نداءٌ خاصٌّ أودُّ توجيهه من هنا إلى الأشخاص الكثيرين الصالحين الذين يعملون في صناعة الأدوية. من الممكن أن تُهيكَل الشركات والمهن بحيث يشارك الأشخاص الصالحون في مشروعاتٍ تُلحِق إجمالًا ضررًا كبيرًا بالناس، دون أن يعرفوا بالضرورة ذلك. ويوجد الكثيرون جدًّا من الناس الذين يعملون في الصناعة ولا يتوقفون عن التفكير في كيفية حدوث كل هذه المشكلات، وهذا، من كل النواحي، لا يفاجئنا.

بالطبع، أنا أشجعك بشدةٍ على أن تُبلغ على الفور عن أي خطأٍ تراه يُرتكب أمامك، باستخدام ثلاث وسائل أساسية، مُرتَّبة ترتيبًا تصاعديًّا حسب كبَر الخطأ. على المستوى الأبسط، إذا كنت تستطيع التعامل مع مسألة السِّرية على النحو المناسب، فأنشئ مدونةً دون ذكر اسمك، واشرح فيها ما تراه يوميًّا: الانحرافات البسيطة والمتكررة، الأيام التي طُلب منك فيها الفحصُ الجيد لملف بياناتٍ وملاحظةُ أي نمطٍ فيه يجعل دواء شركتك يبدو فعَّالًا، وتلميحات المبيعات غير الرسمية التي تُسدى لك كمندوب مبيعات، وما إلى ذلك. بعد ذلك، يُستحسن أن تنشر بعض التسريبات على موقع [email protected] (لكن رجاءً لا تُرسل معلوماتٍ سِرية من عنوان البريد الإلكتروني الخاص بعملك) أو على @bengoldacre على تويتر. وأخيرًا، الكثير ممن يقرءون هذا الكتاب لديهم إمكانية الوصول إلى كمياتٍ كبيرة من البيانات أو الوثائق التي قد تُغيِّر حياة المرضى، وتساعد في حمايتهم من المعاناة والضرر المستمرَّين. أنا أُفضل أن ننشئ مستودع بيانات، بحجم سِجلات الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان، ولِأتحرَّى الأمانة معكم، أنا مندهش ومحبط أن هذا لم يحدث حتى الآن. إذا كنت تحتاج لأي مساعدة، فكل ما عليك أن تفعله هو أن تطلبها مني، وسوف أفعل كل ما في وسعي لمساعدتك.

لكن علاوةً على ذلك، أنا أُشجعك بقوةٍ أيضًا على أن تتحدَّث عن تلك الموضوعات في العمل، وتفعل أشياءَ بسيطةً للمساعدة في خلق بيئةٍ نستطيع من خلالها النقاش بشأنها بنحوٍ أكثر صراحةً. يتسم هذا الكتاب بطبيعةٍ مقاتلة لا محالة؛ لأنه يذكر كل المشاكل في مكانٍ واحد، وهذه المشاكل حاليًّا لا تُناقش بالدرجة الكافية علانيةً. ولكننا نتشابه في الكثير من الأشياء أيضًا.

(٢-١١) المؤسسات المهنية

لقد خذلتْنا الكليات الملكية والمؤسسات التعليمية والجمعيات؛ فلم تقف أيُّ مؤسسةٍ مهنية في المملكة المتحدة، بخلاف كلية الطب الدوائي الصغيرة، لتعلن أن إخفاء بيانات التجارِب عمل غير أخلاقي، ويتنافى مع التقاليد المهنية، كما أنه مُبرِّر قوي لطرد مُرتكبيه من عضويتها. وإذا كانت هذه المؤسسات تتمتع بالنزاهة والأمانة، فسوف تحل هذه المشكلة؛ وعلى العكس من ذلك، إذا كان كبار مسئوليها يظنون حقًّا أن إخفاء بيانات التجارِب أمر لا بأس به ومقبول، فعليهم أن يُصرِّحوا بذلك علانيةً وبوضوحٍ، لأعضائها وللمرضى. إنني لست أولَ من أثار هذه المشكلة؛ لذا فإن سقف طموحاتي منخفض فيما يتعلق بها. فإذا كنت عضوًا في إحدى هذه المؤسسات، يمكنك أن تكتب وتسألهم عن أسباب عدم وجود سياسةٍ لمعاقبة وطرد الأشخاص الذين يؤذون المرضى بحجب بيانات التجارِب. وأرجو أن ترسل إليَّ ردَّهم، أو الأفضل من ذلك، انشره ببساطةٍ على الإنترنت.

(٢-١٢) المُموِّلون

تعاني الأبحاث التي لا تُموِّلها صناعة الأدوية من نقصٍ في الأموال. وتقوم مؤسسات مثل المعهد الوطني لبحوث الصحة بالفعل بجهدٍ رائع فيما يتعلق بتمويل تجارب حول مسائل مهمة لن ترغب شركات الأدوية في تمويلها؛ إذ تُقيِّم على سبيل المثال فوائدَ أدويةٍ قديمة أو علاجاتٍ لا تدخل فيها منتجات تجارية (جدير بالذكر أني شاركت في عضوية واحدةٍ من هذه اللجان التمويلية). ولكني أعتقد أن جهات التمويل العامة يجب أن تكون لديها أولويتان أخريان؛ أولًا: هناك بعض فجوات بارزة في الأدلة في معرفتنا بكيفية تشويه الصناعة لممارسة وصف الأدوية الطبية، وهذا ليس مجالًا من المرجَّح أن تُموِّله صناعة الأدوية. علاوةً على ذلك، وكما ذكرت في بداية الفصل الذي تحدثت فيه عن التسويق، يسعى الطب المستند إلى أدلةٍ إلى إيجاد وسائلَ وأدواتٍ جديدة لنشر الأدلة الموجودة بالفعل بين الأطباء وغيرهم من متخذي القرار. وهذا سيتطلب التعاون المبتكر بين واضعي القوانين والصيادلة وأمناء المكتبات والأطباء والأكاديميين. على أبسط مستوًى، أشعر دائمًا بالإحباط لأني لا أستطيع الضغط على زر، عند قراءة مراجعةٍ منهجية، لأقول: «يُرجى إعلامي عند تحديث هذا الملخص بنتائج تجارب جديدة.» وعلى نحوٍ أشمل، من الواضح أننا ينبغي أن ننقل المعرفة الطبية ونتائج التجارِب إلى قواعد بيانات مُهيكَلة؛ وربما أيضًا أن نُضَمِّن نصائح ذات جودة عالية تتغير حسب السياق في تدفق العمل الروتيني لأي طبيب، أثناء جلوسه على الكمبيوتر في مكتبه.

(٢-١٣) الأكاديميون ومهاويس العلم

هذا الكتاب مكتظٌّ بالمناطق المثيرة غير المطروقة. توجد الجهود الكبيرة، بخصوص تنظيم المعرفة الطبية، والموضحة في القسم السابق، وأيضًا عدد ضخم من الدراسات الأصغر، التي يمكن القيام بالكثير منها كأطروحاتٍ لطلاب الطب. فتحقَّقْ من حقيقة مزاعم مندوبي شركات الأدوية، واجمع أدلةً كَمِّية حول رعاية الصناعة لكلية الطب الخاصة بك، واكتشف سياسات جامعتك بصدد إخفاء بيانات التجارِب (أو بصدد أي شيءٍ آخر)، ثم تعاون مع كليات الطب الأخرى، لجمع بياناتٍ وطنية مقارنة. وشارك آراءك وانشر نتائجك، ونحن جميعًا معك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤