مصر مئذنةٌ مضيئة

لو كان بمصر مئذنةٌ واحدة، لكانت أرضها مباركة، فما بالك وفيها ألف مئذنة ومئذنة، ومئات الكنائس المقدسة .. حقًّا، أنعم بها من بلد! وأنعم بها من أرض! وأنعم بها من وطن! هي وطن ولا كل الأوطان .. يقيم فيها الشيخ المسلم ويقيم معه فيها القس المسيحي، كلاهما يأكل من صحفةٍ واحدة .. إنها أرض التسامح في أرقى صُورِه، وأنصع أشكاله وأجمل مناظره، وأزكى روائحه ونسائمه .. هي بلد للجميع؛ بلد يجذب إليه المسلم والمسيحي ليجدا لهما فيه مكانًا .. المسلم تحت قبة المسجد، والمسيحي تحت قبة كل كنيسة .. هلال الإسلام يعانق فيها صليب المسيحية عناقًا مباركًا، قوامه المحبة والسلام والوئام وحسن التفاهم وتوحُّد الآراء والمشارب والأهداف.

كلمات الله في مصر واحدة، الكل يرددها وينطق بها .. فالمسيحي يقرأ القرآن، والمسلم يردد كلمات السيد المسيح وآيات الإنجيل .. الكل يؤمن بإلهٍ واحد، وتجد صورة العذراء مريم في كل بيت تحكي رواية السيد المسيح في صدق وإخلاص، وبحلاوة ما بعدها حلاوة .. تدل على الإيمان الصادق بالسيد المسيح، وعلى المحبة والتسامح على الأرض كلها .. قرآنٌ واحد يحكم مصر العزيزة، قرآن في كتابَين .. بل قل في سِفرَين عظيمَين .. الكل ينهل منهما، والكل يؤذن بهما ولهما، والكل يجاهر بالحب لهما، فكلاهما حبيب إلى القلوب المصرية الزاخرة بالتسامح والحب والأمان.

أنت، يا مصر، مئذنةٌ مضيئة للإسلام والمسيحية على حدٍّ سواء، في مصر وفي جميع الأقطار العربية وغير العربية المؤمنة مثلنا .. يكفيك يا مصر مآذن الأزهر الشريف وقباب الكاتدرائية المسيحية، كلٌّ منها معقلٌ قويٌّ يشعُّ نورًا قدسيًّا يملأ القلوب عمارًا وسدادًا وإيمانًا ومحبة في الله ولله، ولا أحد سوى الله جل وعلا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤