القنديل

١

حين لدغتُ القَدَم الواقفة على رمال الشاطئ كنتُ قد تأكدتُ أنها لرَجُل، أعرفها من الخشونة والفلطحة والأصابع الكبيرة وثخانة البشرة، وربما تشقُّق الكعبَين. ألفتُ رؤيتها تدوس على الحصوات الصغيرة، تضغط على الرمال، تُعيق حركةَ الجسد في سحْب الجرَّافة. تهمُّني المتعة، ولا أقصد الإيذاء. تتسلَّل النشوة إلى داخلي. تُرضي القنديلَ الأنثى.

۲

لا أذكُر تمامًا متى بدأَت التحوُّلَ، متى انسحبَت الأنوثةُ؛ فأصبحتْ خُنثى. لكنني كنتُ أتردَّد في لدغ القدَم العارية وهي تخطو على مُلامسة المياه لرمالِ الشاطئ، ربما لدغتُ قدمًا بما يؤذي، ولدغتُ قدَمًا تُشبهها؛ لأُدخل المتعةَ إلى نفسي. بالكاد تصِلُ نظرتي إلى أسفل الساق؛ أخمِّن من حجم القدَم ومَلمَس البشرة؛ إن كان الجسد لأنثى أو ذَكَر؟!

٣

لم أعُد أنثى! لم أعُد خُنثى! الذُّكورة تُناوِش أعماقي. أتأمَّل الأقدام الصغيرة؛ ملساء تخلو من الشَّعر. أُلامِسُها؛ فتُداخلني لذةٌ لا أعرف بواعثها، ولا أقوى على كَتْمها.

٤

لم أعُد أنثى! لم أعُد خنثى! لم أعُد ذكرًا! لماذا قنديل البحر وحده يحيا المراحلَ الثَّلاث؟ يُثيرني الاختلاط والتشتُّت؛ يغيظني. لم تعُد تشغلني القدَم الواقفة على الشاطئ. أراها؛ فألدغها. ألدغها بكلِّ قوَّتي. أُهمل الصَّرخة المتألِّمة، يُجهدني التنقُّل بين الأقدام. ألدغُ القدَم؛ لأنَّها كذلك. أحرِصُ على أن أظلَّ ألدغ، ألدغ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤