الضِّفْدَعُ وَالثَّوْرُ

قَالَ الضِّفْدَعُ الصَّغِيرُ للضِّفْدَعِ الْكَبِيرِ الْجَاثِمِ عَلَى حَافَةِ الْبِرْكَةِ: «آهٍ يَا أَبِي! لَقَدْ رَأَيْتُ وَحْشًا مُرْعِبًا! كَانَ كَبِيرًا كَالْجَبَلِ، وَلَهُ قَرْنَانِ عَلَى رَأْسِهِ، وَذَيْلٌ طَوِيلٌ، وَأَظْلَافٌ مَشْقُوقَةٌ شِقَّيْنِ.» فَقَالَ الضِّفْدَعُ الْكَبِيرُ: «كَفَى يَا وَلَدِي، كَفَى، ذَلِكَ ثَوْرُ الْفَلَّاحِ هُوَايِتَ لَا أَكْثَرُ، وَلَا هُوَ بِهَذِهِ الضَّخَامَةِ. رُبَّمَا يَكُونُ أَطْوَلَ مِنِّي بَعْضَ الشَّيْءٍ، وَلَكِنِّي أَسْتَطِيعُ بِسُهُولَةٍ أَنْ أَجْعَلَ نَفْسِيَ فِي حَجْمِهِ تَمَامًا. انْظُرْ.»

وَأَخَذَ الضِّفْدَعُ يَنْفُخُ نَفْسَهُ، وَيَنْفُخُ، وَيَنْفُخُ، ثُمَّ سَأَلَ الضِّفْدَعَ الصَّغِيرَ: «هَلْ كَانَ الثَّوْرُ بِهَذَا الْحَجْمِ؟» فَقَالَ الصَّغِيرُ: «كَلَّا، بَلْ أَكْبَرَ بِكَثِيرٍ مِنْ هَذَا.» فَعَادَ الضِّفْدَعُ الْكَبِيرُ يَنْفُخُ نَفْسَهُ، ثُمَّ سَأَلَ الصَّغِيرَ: «هَلْ كَانَ الثَّوْرُ بِهَذَا الْحَجْمِ؟» فَكَانَ رَدُّ الصَّغِيرِ: «أَكْبَرَ يَا أَبِي، أَكْبَرَ.»

هُنَا أَخَذَ الضِّفْدَعُ نَفَسًا عَمِيقًا وَنَفَخَ، وَنَفَخَ، وَنَفَخَ. ثُمَّ قَالَ: «يَقِينًا أَنَّ الثَّوْرَ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الضَّخَامَةِ.» غَيْرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ، انْفَجَرَ!

•••

«الْغُرُورُ بِالنَّفْسِ يُورِدُهَا الْمَهَالِكَ.»١
١  يُورِدُهَا الْمَهَالِكَ: يَقُودُهَا إِلَى الْهَلَاكِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤