في سبيل الذرية

(١) نشيدان

نظمتُ هذين النشيدين لسبب تربوي يدركه اللبيب، وقد أقرَّتِ الأوَّل وزارةُ المعارف اللبنانية، أما الثاني، وإن يكن مختصًا بمدرستنا الجامعة الوطنية، فهو عامٌّ أيضًا بروحه ومغزاه.

نشيد الطلاب

طَالِبِي الْعِلْمِ هَلُمُّوا
وَاحْمِلُوا أَبْهَى عَلَمْ
علَمَ العلمِ لِيَسْمو
قدرُنا بينَ الأُممْ

•••

أيُّهَا النشءُ الجديدُ
أنتَ آمالُ البلادْ
وبكَ الماضي يعودُ
وعليكَ الاعتمادْ

•••

علِّموا الجاهلَ منَّا
واجبَاتِ الوطني
خبِّروهمْ كيفَ كنَّا
سادةً في الزمنِ

•••

قَدْ خَسِرْنَا كُلَّ مَجْدِ
وَابتَلانَا جَهْلُنا
ما تُراهُ اليومَ يُبْدِي
شيخُنَا أو كهْلُنَا

•••

أنتمُ الآمالُ أنتمْ
أنتمُ المستقبلُ
فاذكروا مجدًا أضعْتُمْ
ولكي يَحْيَا اعْمَلُوا

•••

علِّموا الناسَ جميعًا
درسَ حبٍّ ووئامْ
نَغنمِ العزَّ الرفيعَا
بعدَ ويلاتِ الخصام

•••

إنَّمَا بالعلمِ تحيا
أُمتي وهو المنى
فإلى المعهدِ سعيًا
حيثُ نَلقى كنزنَا

•••

أُمَّة الْعربِ يمينا
من بنيكِ الصادقينْ
سَوْفَ نسعى ما حَيِينَا
فخُذي العهدَ المتينْ

أنشودة الشباب

شَبَابَ البلادِ زهورَ الأملْ
إلى المجدِ سيرُوا صفوفًا صفوفْ
فعزمُ الشبابِ يدكُّ القُلَلْ
وحزمُ الشبابِ يفلُّ السيوفْ

•••

بَسَطْنَا على البحرِ ظلَّ المُنَى
وفوق الصحارى رفعنا العَلَمْ
وفِي الشرقِ والغربِ آثارُنَا
تُحَدِّثُ عَنَّا جميعَ الأمَمْ

•••

فكيفَ التَّوانِي ومنَّا الأُلَى
أدارُوا السفينَ وقادُوا الجُيوشْ
وشَقُّوا طريقَ العُلى للمَلا
فشادُوا عُرُوشًا ودَكُّوا عُرُوشْ

•••

هَلُمُّوا نَضم لمجدٍ عريقْ
طريفَ النُّهَى وجديدَ الفلاحْ
جِهَادًا فنبلغَ أقصى الطريقْ
فَمَنْ جَدَّ أدرَكَ أسمى النجَاحْ

•••

أَلَا فاطلَعُوا من سَما الجامِعَهْ
كَوَاكِبَ علمٍ تنيرُ الظُّلَمْ
وَكُونُوا إذا دَعَتِ القارِعَهْ
نُسُورَ النضالِ وأُسْدَ الأجمْ

(٢) قلعة بعلبك

زرت بعلبك — أول مرة — مع تلاميذي، فالتقينا في القلعة مع جماعة من الغربيين. وقفنا جميعًا مشدوهين في هيكل باخوس العظيم، وتحت أعمدته الرفيعة، فسمعتهم يتحدثون عن هذه الآثار الضخمة، معجبين بالأجداد، متعجبين من تغوير عبقرية الأَحفاد؛ فعدت متبرمًا، وقلتها كما تراها، وأنشدتها — ولا فخر — في الحفلة المدرسية الختامية، التي أقيمت في «نادي أوتيل البحار» وهي على رمية حجر من قصر الجنرال «ويغان» المندوب السامي عام ١٩٢٤.

وذهبت في اليوم الثاني إلى بيتي في عين كفاع، متلفتًا ورائي، تلفت مذعور لا تلفت الشريف الرضي.

أُقَلِّبُ فِي صحائِفها العُيونا
وأخفضُ من مَهابتِها الجَبينَا
وأنظرُ في بقاياها حزينا
أُسائل عن عظائِمِهَا القُرُونَا

•••

أطلَّت بعلبكُّ ولي فؤادُ
يذوبُ إذا يلامِسُهُ الجمادُ
فقلتُ لدنْ سما منها العمادُ
أَعرْفاتٌ بدتْ أمْ طورُ سينَا؟

•••

لِمَنْ تلكَ البنايةُ كالجبالِ
أصنعُ الجنِّ أمْ صنع الرجالِ؟
لَقَدْ صبرتْ على جورِ الليالِي
تصبُّرنا على المستعمرينا

•••

بها عَمَدٌ سمت كِبرًا وتِيها
تحدِّثُ كلَّ راء عن بَنِيها
وقدْ لعبتْ يدُ الحدثانِ فيها
كما لعبتْ يدُ الغرباء فينا

•••

رأيتُ صخورَها تبدو أمامي
كأشلاء الجبابرةِ العظامِ
مكردسةً هنَاك بلا انتظامِ
مبعثرةً كما قد بَعْثَرونَا

•••

وَفِي الأحجارِ قد نُقِشتْ زُهورُ
وأثمارٌ يحارُ بها البصيرُ
وآسادٌ وليسَ لها زئيرُ
كشعبِ الشرقِ لا يُبدِي أنِينَا

•••

وَأَطيارٌ وقد هِيضَ الجَناحُ
فأمستْ لا غدو ولا رواحُ
لقد أُسِرَتْ فليسَ لها سراحُ
كأسْرِ الجهلِ للمتعصِّبينا

•••

أرادَ الدهرُ فيها ما استطَاعَا
وقد ذهبتْ مآثُرها ضيَاعا
وَكَمْ أثرٍ قد اختلسُوا فضاعا
كما ضاعتْ حقوقُ القاصرينا

•••

رأيتُ أمامَها عددًا عظيمًا
من الإِفرنجِ يحترمُ القَديما
فقالوا هلْ بنى الصرحَ الفخيما
جدودٌ مثلَكم أبقوا بنينا؟!

•••

أجبتُ: نعم، لقد رفُعوا ذُرَاهَا
ونحنُ بنوهُمُ نأوي حِماهَا
هِيَ الأَيامُ مذ دَارَتْ رحَاها
غدَونا في اللِّقاء لها طَحينا

•••

لقد غابتْ شموسُ العلمِ عنَّا
فلا عَجَبٌ إذا ما الليلُ جُنَّا
بذاكَ العهدِ قد كنتم وكنَّا
سلوا التاريخَ ينبئنا اليَقينا

•••

سَلوا عنا المغاربَ فهي أدرى
ففيها يا أُولِي الألبابِ ذكرى
فقرطبةٌ بَدَتْ في الغربِ بدرًا
أنارَ عقولَكم حقَبًا مئينا

•••

وكم في العُرْبِ من ملكٍ همامِ
له التاريخُ يسجدُ باحترامِ
بنى ملكًا على حدِّ الحسامِ
وقد قادَ الملوكَ مصفَّدينا

•••

سل الآثارَ عن أُسْدِ الجُدودِ
ولا تَنظرْ إلى بعضِ القرودِ
أَصارونا لَكُمْ مثلَ العبيدِ
أَلا هاتوا الخزَامةَ قيَّدونا

•••

سَيُدرِكُ شعبُنا الشرقيُّ علما
يثيرُ بصدرهِ حزمًا وعزمًا
إلى استقلالِنا نسعى وإما
تموتُ الأسْدُ أو تحمي العَرينا

•••

فتحتَ عباءة العربيِّ مجلَى
فخارٍ كمْ بِهِ صلَّى وجلَّى
فجدُّوا يا بني وطني وإلَّا
ظللتمْ في «الوصاية» راسفينا

•••

بني وطني لقدْ ضاعتْ لِحانَا
لدنْ عبثتْ بها «حَانَا ومَانَا»
همُ العميانُ قادُونا زمانا
وفي مهوى التفرُّق دَهْوَرُونَا

•••

فألقُوا نيرَهُم عنكم وهيَّا
دَعوا هذا الخلافَ المذهبيَّا
فما أبقتْ لنا الأديانُ شيَّا
سِوى استعبادِ أُمَّتنا قرونا

•••

بلادي قد ذوى غرسُ التمنِّي
فقولي للخئون إِليكَ عنِّي
فَإِنِّي لستُ منك ولستَ منِّي
لحَا الله البنينَ الخائِنِينَا

•••

أُريدُ بنيَّ أبطالَ الكفاحِ
لكيما يَضمدوا يومًا جراحي
متى ما يدع حيَّ على الفلاحِ
مشوا أُسدَ الوغى متطوِّعينا

•••

عُلَى الأوطان يُرجى من بَنِيها
ولا يُرجى من الغرباءِ فيها
كَبَتْ أوطانكم هبُّوا أنهضوها
وكونوا في الوظائفِ زاهدينا

•••

أَرى الحمَّارَ يحلَمُ بالوظائفْ
وأصبحَ في حِمى الحكَّامِ طائفْ
وقد قامتْ قياماتُ الطوائفْ
عَلَيها ينتهضنَ ويرتمينا

•••

أَرى أنْ لا تَقَدُّمَ للبلادِ
إِذا ظلَّتْ طوائفُها بَدَادِ
ولن يرقى بغيرِ الاتِّحاد
نصارى شرقِنا والمسلمونا

•••

فسِيرُوا للتقدُّمِ والطموحِ
لنكبحَ صولةَ الدهرِ الجَموحِ
فَمَنْ ولَدَتْ كأحمدَ والمسيحِ
وموسى لا تَضنُّ بآخرينا

•••

فمن أبناء يعربَ كلُّ ماجدْ
فكونوا إخوةً ودَعوا المفاسدْ
وصلُّوا ما أردتم في المعابدْ
وخرُّوا في الجَوَامعِ ساجدينا

•••

فدينُ الأَرضِ أَجمعِها إِخاءُ
فَإنْ تَبنُوا عليهِ سما البناء
وللتوحيدِ خطَّ الأنبياءُ
أناجيلًا وقرآنًا مبينا

•••

سنرقى عندما تربي المدارسْ
على عَدد الجوامعِ والكنائسْ
ونسحق رأسَ أصحابِ الدسائسْ
ونُقْصي الخنَّعَ المتذبذبينا

•••

سنحيا والحياة بالاجتهادِ
بشبَّانِ كفرسانِ الطرادِ
إِذا نشئوا بجامعةِ البلادِ
وحبَّ بلادِهِم يتشرَّبُونا

•••

أجلْ بمدارس الْأَوطان تُغرسْ
مبادئُ نهضةٍ فينا تُقدَّسْ
فهذي هيكلُ الوطنِ المقدَّس
فحيُّوهُ احترامًا خَاشِعينَا

•••

فتلكَ معاملٌ تُنشي الرِّجَالا
ليلقَوا في صدورِهِم النبَالا
كذا يا قومَنا أَو لا فلَا لا
مدارسنا وتربية البنينا

•••

فأنتم عُدَّةُ الوطنِ المُفدَّى
أَلا كُونُوا إلى الأوطانِ جندا
وإنِّي مثلكم َأسعى مُجِدًّا
وإِنْ أدركتُ حدَّ الأربعينا

•••

بكم تُرْجَى لموطِنِنَا الحياةُ
فأهْلُ الحزمِ دونَ الخلقِ ماتوا
إلى الإصلاحِ ندعوكم فهاتوا
قناةً كالأعاربِ لن تلينا

•••

على لغةِ النبيِّ مع الصحابِ
أغيروا غارة الأُسْدِ الغضابِ
فقد جمعتكمُ لغةُ الكتابِ
وإِنْ فُرِّقتمُ حسَبًا ودينا

•••

ففيكم تفخرُ الأُم الحنونُ
فصونوا تربة الأجدادِ صونوا
وهذا الأرزُ يخنقهُ الأنينُ
يمدُّ لكي يصافِحَكم يمينا

•••

يُحيِّي في شبيبتِكم جدودَا
لقد عاشُوا بظل الكوخِ صِيدَا
وصرنا في مواطنهم عبيدا
نُسَاقُ إلى المهانةِ مُكْرَهينا

•••

جدودٌ قد حمَوا هذي الجبالا
وما وَرَدُوا المذلَّةَ والنَّكالا
لقدْ كانتْ نساؤهمُ رجالا
وصارَ رجالُكم متخنِّثِينَا

•••

وليس الحرُّ مَنْ سكنَ القصورا
ونامَ على وسائدها أميرا
بل الحرُّ الهمامُ ولو فقيرا
إذا ما كانَ يأبى أن يهونا

•••

بني وطني وفي وطني هُيَامِي
وفي استقلالهِ أقصى مَرَامي
فإنْ يُدْرَكْ فمن قبري عظامي
تقومُ وتلبسُ الدرعَ المتينا
١٩٢٤

(٣) شباطُ في عاليه

كنت جلدًا صبورًا، ولا أزالُ، وأتيتُ عاليهَ، وأنا مربى عين كفاع وجبيل، فجاءوني في إحدى ليالي شباطَ البيضاء بكانون فحم أشقر اللهب كخدِّ الحسناءِ، وكانتْ جمعيَّة الثمرةِ سألتني الكلامَ في إحدى جلساتِها فكانَ الموضوعُ الذي تقرأ.

ثغرُ الطبيعةِ قد تبسَّمَ عن برَدْ
والثلجُ مدَّ رواقَهُ فوقَ البَلَدْ
قلْ للذي قد هالَهُ مرأى الجَلَدْ
هذا شباطُ الوغدُ كم أوهى جَلَدْ
متقلِّبًا مُتَلَوِّنًا مثلَ البشرْ
كَادتْ تخورُ بهِ رواسي همَّتي
لولا التفكرُ في شبيبةِ أُمَّتِي
قد غرَّهُ شيبٌ أضاءَ بلمَّتي
لَمْ يدرِ أَنِّي، فِي سبيلِ مهمَّتي
طود، وَهَلْ يندكُّ طودُ من حجَرْ؟
قَالوا ليَ «الكانونُ» بالبابِ اضطرمْ
فأجَبْتُ: أقصوهُ، فكانونُ انصرمْ
أَقصوا المواقدَ، إِنَّ نيرانَ الهِممْ
في الهيكلِ العربيِّ تهزأُ بالضَّرَمْ
ما ضامَنَا بردٌ ولا خِفْنَا الخَصَرْ
حَسْبُ الفتى العربيِّ بُردٌ منْ وَبَرْ
وعباءَةٌ فيها الفَخارُ على الحَضَرْ
إِنَّا سلالةُ معشرٍ سَكَنُوا المَدَرْ
وتربَّعوا بينَ الصخورِ بلا حَذَرْ
لم يَرْهَبُوا إِلا المُهيمنَ والقَدَرْ
نحنُ الأعاربُ نحنُ أبناءُ العبا
أهلًا وسهلًا يا شباطُ ومرحَبا
لا نختشي ريحَ الشمالِ ولا الصَّبا
لنسائِنا عفنا المواقدَ والخبا
أمَّا الرجالُ فللثلوجِ وللمطرْ
نحن الأُلَى لم يخفضُوا قطُّ الجناحْ
نشئوا يجوبونَ المَهامِهَ والبِطَاحْ
فإذا أهابَ بجمعِهِم داعٍ وصاحْ
مستنفرًا: يا قومُ، حيَّ على الفلاحْ
هبُّوا لكيما تُدركوا أقصى وَطَرْ
بشِباطَ قد أبصرتُ أنوارَ الوجودْ
ورأيتُ آسادَ الشرى مُسِخَتْ قرودْ
ورأيتُ شعبًا خاملًا ألفَ الرقودْ
ورأيتُ أهلَ الغربِ في وَطَني تَسودْ
والشعبُ ذُلَّ ومجدُهُ الماضي اندثرْ
أيعودُ للأوطانِ أمسِ الدابرُ
ويعزّنا هَذَا الزمانُ الحاضرُ
أيظلُّ يخضعُ «للوصيِّ» القاصرُ
أم نستَقِلُّ فتستريح خواطرُ
أم ذاكَ شرُّ جريمةٍ لا تُغْتَفَرْ؟
إنْ تطلبوا استقلالَكم فذَرُوا التَّعَبْ
واستبسلوا طرًّا ولا تُبدوا النَّصَبْ
إن أنشدَ الغربيُّ وقتي من ذَهَبْ
نادى وليدُ الشرقِ وقتي من حَطَبْ
هيَّا اقتلوهُ بالتنادمِ والسَّمَرْ
أواهُ ما هذا المصيرُ الأسودُ
أنظلُّ أسرى للورى نُسْتَعْبَدُ
ذلٌّ مشينٌ لو رآهُ محمَّدُ
سلَّ الحسامَ وقال يا قومُ اهتدوا
وبكى المسيحُ، وذاب حزنًا وانفطرْ
صرنا نظيرَ شباطِنَا نتقلَّبُ
وإلى الأَجانبِ بيننَا نتذبذبُ
وسوى الوظائفِ عندهم لا نطلبُ
بِعْنَا بها شرفًا بنتهُ يَعرُبُ
شَرفًا نَمَا فينا ونَوَّر كالزَّهَرْ
أشبيبةَ الأَوطان سيري للعُلى
وتتبَّعي أحرارَنا ودعي الأُلى
فالحُرُّ يأَبى أنْ يعيشَ مُذلَّلا
الحرُّ إنْ غَدَتِ الدَّنَايَا منهلا
عافَ الشرابَ وعاشَ ظمآنًا وفر
١٩٢٣

(٤) ذكرى وشجون

وهذه القصيدة قلتها عند ظهور الآثار العظيمة في جبيل، ثم شاع خبر هجرتها إلى الغرب، فعزَّ علينا فراقها فشيعناها بهذه القصيدة، وقد أنشدتها في حفلة سنة ١٩٢٣ ليلة عيد الميلاد.

أَينَ الأُلى كانوا إذا العلَمُ استوى
يتنفَّضونَ كأنَّهم عِقبانُ
عقدوا اللواءَ على صيانة أَرضِهم
فتمرّدتْ في ظِلِّه الأَوطانُ
لهفي، وما يُجدي علي تلهُّفي
عندَ البليَّةِ يُحْمَدُ السلوانُ
إن تسألوا «مصرًا» عنِ الأَقيالِ في
وادي الملوكِ تُجبْكُمُ التيجانُ
و«جبيلُ» كم فيها لنا من مُنبئٍ
فلكلِّ قبرٍ منطقٌ ولسانُ
ذِكَرٌ تروعُ الدهرَ إنْ نفعتْ، ولا
تُجدي إذا ما سُدَّتِ الآذانُ
لم يبقَ من أمجادِ مشرقنا سوى
«آثارِ» عزَّتِهِ، وأينَ تُصَان؟
فلسوفَ تبلعُها البحارُ وما لها
عودٌ إليهِ، فليتَها يونانُ
آثارَنا، بالله ربك خبِّري
تلكَ العواصمَ أننا أقرانُ
كنَّا وكان العزُّ ملءَ برودنا
ولسوف تُرجعُ مجدَنا المرَّانُ
ويُعيدُ هذا الشرقُ سالفَ مجدهِ
إنْ ألَّفتْ آحادَها الشبَّانُ

•••

يا شرقُ، ويحَك، إِنَّ داءَك قاتلٌ
لا الطبُّ يشفيهِ ولا الأَزمانُ
نثروا بأرضك بذرَ شرٍّ تعصُّب
فنما وكانَ لهُ بأرضك شانُ
نصَبوا لنا شركَ الردى فتصيَّدوا
فمتى يُبَدَّدُ ذلكَ الإذعانُ
باسمِ الإلهِ الفردِ فُرِّقَ شعبُهُ
وتمكَّنتْ من عنقهِ الأرسانُ
ما ذاكَ شرعُ اللهِ بل شَرعُ الأُلَى
جعلوا الإِلهَ وسيلةً لِيُصانوا
الدينُ يأمرُ بالتألُّفِ والوفا
بينَ الورى وملاكُه الإحسانُ
لو كانَ للكتبِ العقولُ تصافحَ
الإِنجيلُ والتوراةُ والقُرآنُ
ورأيتمُ في الخافقين أَهِلَّةً
تحنو عليها في العُلى صُلبانُ
اللهَ في هذا الزمانِ وأهلِهِ
ضلَّتْ بنوهُ وعمَّهُ الطغيانُ
إنَّ الوحوشَ تعيشُ في أجمَاتها
عُصُبًا وَيُقْتَلُ بيننا الإنسانُ
فمتى نرى يا ربِّ إنسانيَّةً
لا يَهزَأَنَّ بشرعِهَا الحيوانُ
عيسى ألا عُدْ للوجودِ هنيهةً
فالناسُ ضلُّوا والشرائعَ خانوا
عشرونَ قرنًا قد مضتْ وتصرَّمتْ
والأرضُ لم يهدأْ لها غَلَيَانُ
مهَّدتَ للدنيا سبيلَ محبةٍ
أينَ السلامُ وأينَ الاطمئنانُ
نبذتْ تعاليمَ السماء عصائبٌ
فقضى الحنانُ وعاشتِ الأَضغانُ
قد أَمطروا الأَرَضينَ وبلَ تعصُّبٍ
فتشرَّبتْ قطراتِهِ الصبيانُ
نهجوا بأهلِ الأرضِ نهجَ ضلالةٍ
ويحُ القطيعِ رُعَاتُهُ ذُؤبانُ
الأرضُ أمستْ بعدما غادرتَها
كجهنَّمٍ وتَنَمَّرَ البهتانُ
عُدْ يا ابنَ مريمَ للحياة، وقلْ لهم
خلُّوا الخصامَ فكلُّكم إخوانُ
إنَّ المبشِّرَ بالذي علَّمتهُ
لم يرضَ عنهُ الشيخُ والكُهَّانُ
قد أَوَّلوا آي الكتابِ فسيطروا
فَتَنَكرتْ للملَّةِ الأَديانُ

•••

الدينُ حصنُ النفس في ثورانِها
وهوَ الشكيمةُ إذْ يكون حرانُ
فتمسَّكوا بإلهكم أمَّا الأُلَى
زرعوا الشقاقَ فقادةٌ عميانُ
ما شاقهم ألا تبددُ شملِكم
لِتُعَرَّضَ الأكمامُ والأَرْدَانُ
فامشوا على سُبُلِ المحبَّةِ إِخوةً
فبذاكَ يقضي الدينُ والدَيَّانُ
واستنهضوا الهمَمَ التي قعدتْ بها
غِيَرُ الدهورِ وخانَها الحدثانُ
نادوا بلادَكمُ انْهَضِي وتنبَّهِي
كي يستفيقَ الموطنُ الوسنانُ
فيدُ الحوادثِ صيَّرتْهُ مقيَّدًا
والشعبُ جَلَّادٌ لَهُ سجَّانُ
١٩٢٤

(٥) محمَّد مارُون

رزقت ولدًا فسمَّيته محمدًا، فقامت قيامة الناس، فريق يستهجن ويقبِّح ويكفِّر، وفريق يوالي وينتصر، وكان أوَّل من قدَّر هذا العمل وأعجب به أشدَّ الإعجاب، صديقي المرحوم أمين الريحاني، فبعث إلي بكتاب ستقرؤه في فصل — بيني وبين الريحاني — أما الآن فإليك القصيدة وفيها التفصيل التام.

عشتَ يا ابني، عشتَ يا خير صبي
ولدته أمُّه في «رجبِ»
فهتفنا واسمُه محمدٌ
أيُّها التاريخُ لا تستغربِ
خَفِّفِ الدهشةَ واخشعْ إن رأيتَ
ابنَ مارونٍ سميًّا للنبي
أُمُّه ما وضعتهُ مسلمًا
أَو مسيحيًّا ولكن عربي
والنبيُّ القرشيُّ المصطفى
آيةُ الشرقِ وفخرُ العرب

•••

يا ربوع الشرق اصغي واسمعي
وافهمي درسًا عزيز المطلب
زرع الجهل خلافًا بيننا
فافترقنا باسمنا واللقب
«فالأفندي» مسلمٌ في عرفنا
والمسيحيُّ «خواجه» فاعجبي
شغلوا المشرق في أَديانهِ
فغدا عبدًا لأَهل المغرب

•••

يا بنيَّ اعتزَّ باسمٍ خالدٍ
وتذكَّرْ، إِن تعشْ، أوفى أَبِ
جاء ما لم يَأتِهِ من قبلِهِ
عيسويٌّ في خوالي الحقبِ
فأنا خصمُ التقاليدِ التي
أَلقتِ الشرقَ بشرِّ الحَرَبِ
بخرافاتهمِ استهزئ وقلْ:
هكذا قد كان من قبلي أبي
وغدًا يا ولدي، حين ترى
أثري متَّبعًا تفخر بي
بكَ قد خالفتُ يا ابني ملَّتي
راجيًا مطلعَ عصر ذهبي
عصر حرية شعبٍ ناهضٍ
واتحادٍ لبقايا يعرب
حبذا اليوم الذي يجمعنا
من ضفافِ النيل حتى يثرب
ونحيي عَلمًا يخفق فوق
منارات الورى والقبب

•••

ليته يدرك ما صادفته
عندما سمَّيته من نصبِ
لو درى في المهدِ أعمال الأُلَى
حركتهم كهرباء الغضب
لَأَبى العيش وشاءَ الموت في
أُمةٍ عن جِدِّها في لعب

•••

كم وكم قد قِيلَ ما أَكفرَه
سوف يصلى النارَ ذات اللهب
إن يشنِّع بابنِهِ لا عَجَبٌ
فهو غرٌّ كافرٌ لا مذهبي

•••

لا تصدِّق قولَهم يا ولدي
إن فيما قِيل كلَّ الكذب
إن حبَّ الناس ديني وحيا
ةَ بلادي باتحادٍ أَربي
وكتابي العدلُ ما بين الورى
في بلادٍ هيَ أمُّ الكتب
فاتبعْ يا ابني أبًا أَبْغَضَهُ
وجفاهُ كلُّ ذي دينٍ غبي
فهمُ آفةُ هذا الشرقِ مذ
حكموهُ بضروبِ الرعبِ
جعلوا الأديانَ معراجَ العلى
ومشَوا من زهوهم في موكب
شرَّدوا «أحمدَ» عن مضجعهِ
فسرى ليلتَه في كرب
ودهَوا عيسى لما علَّمهُ
وهو لولا كيدُهم لم يُصْلَب

•••

فإذا ما متُّ يا ابني في غدٍ
فاتَّبعْ خطوي تَفز بالأربِ
وعلى لحديَ لا تندبْ وقُلْ
آيةً تزري بأغلى الخطب
عاش حرًّا عربيًّا صادقًا
وطواهُ اللحدُ حرًّا عربي
١٩٢٦

(٦) أول نيسان

قلتها بمناسبتها، وقد أكون من عشَّاق أوَّل نيسان، فلا تقل ما له يدَّعي البرارة، فاعمل بها، إن أعجبتك، ولا تدَّني.

قِفْ بالشآمِ على أَطواد لبنان
وناجِ مبدعَ هذا العالم الفاني
فهي المآذنُ لم تُنْحَتْ أَهلَّتُها
وهِيَ القبابُ وما ازدانت بصلبان
ففي الطبيعة صوتٌ لا يضارعهُ
صوت المؤذِّنِ أو ناقوس رهبان
والوحيُ فيها قديمُ العهد منبثقٌ
شرارةً قد وراها زندُ وجدان
دين الطبيعةِ دينٌ جلَّ مبدعهُ
والكونُ هيكلُهُ ما أعظمَ الباني

•••

دع الأُلى فرقوا أبناءَه قِسمًا
وأَسجدوهم لأَصنامٍ وأَوثان
ونصَّبوا من صخورِ الأرض آلهةً
فمرَّغوا بثراها شمَّ أَذقان
خزعبلاتٌ وآراءٌ ملفَّقةٌ
تقيَّد العقلُ فيها دونَ برهان
فالدينُ سرٌّ إلَهُ الكونِ أوجدَهُ
في خاطِرِ البدء تأليفًا لإخوان
قد كان للناس منذُ البدء جامعةٌ
فصار مَدْعَاةَ تفريقٍ لخلَّان
هو الموحِّد لكنَّ الورى كذبوا
فصحَّفوا آي إنجيلٍ وقرآن
يا للغرابةِ كيفَ الجهلُ فرَّقنا
ونحن في نظر الرحمنِ سيَّانِ
إِنَّ السماءَ مشاعُ الناسِ قاطبةً
وليسَ يا قومُ للفردوسِ بابان

•••

واحرَّ قلباهُ إن الكذب ساد على
هذي البلاد وعَمَّ المشرق الداني
وكيف يُسعَدُ شعبٌ كلُّه كذب
وعندهُ كلَّ يومٍ بدء نيسان
إن يكذب الغرب في هذا ممازحةً
فما مزاحُ ابن سوريا ولبنان
هم يُصَدِّقونَ شُهُورَ العامِ قاطبة
وكذبنا راع صمَّ الإنس والجان
شهادة الزورِ نلقيها بلا وجلٍ
وكم وشينا لذي عز وسلطان
وكم حلفنا على تأييد كذبتنا
والحر من لم يفُه يومًا بأيمان
وكم شهيدٍ سعى فيهِ زعانفنا
فذلَّلوه وكم أَودَوا بفتيان
والكاذب الدون ندعوه بلا خجل
ربَّ السياسة وهو الغافل الواني
والحر ننفر منه إذ يطارحنا
آراءه الغر في سر وإعلان

•••

يا معشرَ الشرق والأجيال شاهدة
دعوا أكاذيب نيسان وشعبان
تعمَّدوا الصدق في أقوالكم أبدًا
ولا تحابوا عظيم القدر والشان
واللهِ لو كان ربي في محاكمتي
محابيًا لُمْتُ يومَ الحشر ديَّاني
لي في الحياةِ من الآراء أغربُها
وفي الغرابةِ لذّات لوجداني
فالشرقُ أَجمعهُ قد صار لي وطنًا
أحيا به وجميعُ الناس إِخواني
ودينيَ الحب، والإخلاص مصحفُه
وكاهني فكرتي والصدق قرباني
١٩٢٦
أنا أحكي سفينةً طرحوها
وسطَ يمٍّ من الشقا دون شطِّ
إن أردتم تعريف حالي فقولوا
ليَ حظٌّ من الحياة كخطِّي

(٧) رسول الغد

ليس لهذه القصيدة سبب سوى أنني حرمت الوقوف على المنبر زمنًا، ثم عادت حليمة إلى عادتها القديمة، فقلت هذه القصيدة، وأنشدتها بناء على طلب الجمهور غير مبالٍ بما يحدث، كلَّفت الحكومة قائمقام عاليه الأمير توفيق أبي اللمع — رحمه الله — حضور الحفلة فاعتذر، وحجته أن مارون عبود يلذع ولا يأبه، ويهاجم «الدنيا وأنا ما عندي فرقة عسكر»، وكانت مقابلة بيني وبين مدير الداخلية يومئذ السيد صبحي أبو النصر، وأقيمت الحفلة ولم يحضر المير، مع أننا «لطفناها» ولم يكن شيء من القنابل الكبيرة التي خشيها القائمقام.

سِرْ فِي طريقك لا تخفْ لوَّاما
وقُلِ الحقيقةَ وانبذِ الأَوهامَا
والرفق بالحيوانِ لا تلهجْ به
أَفتدَّعيه وتظلمُ الآنامَا
كنْ قائدًا إِنْ تستطِعْ لا فارسًا
بسواه ناط الكر والإقدَامَا
فالكونُ حانٌ والأماني خمرة
والجِدُّ ساق والأنام ندامى
خيرُ البنينَ ابنٌ يسوِّد نفسه
فاعمَلْ وجدَّ لكي تكون عصاما
لا تؤمنوا بالحظِّ فهو عقيدة
قد عدَّهَا دين الرقيِّ حراما
الحظُّ لا يلجُ البيوت وإنما
يلقاك في طُرُقِ الحياةِ لِمَامَا
وإذا رأيتَ فقل رأيتُ ولا تخفْ
جاهرْ، ولا تكذبْ ولا تتَعَامَا
فالناسُ يرضيهم مقدِّسُ جهلهم
ويقاومون المُصلحَ الهدَّامَا
أنسيتَ صَلبَهم المسيحَ وتركهم
لصًّا على سَقَطِ المتاعِ تَرَامَى
إِنَّ المسيحَ سقى الصَّليبَ دماءَهُ
فاخضرَّ يُثْمِرُ رحمةً وسلامَا
ومُحَمَّد برح الديارَ مهاجرًا
من قاوموهُ فنكَّس الأصنَامَا
فتشبهوا بمسيحكم ونبيِّكم
فكلاهما قد حرَّرَا الأَفْهَاما
قولوا لقومٍ حرَّفوا آياتِهم
كيفَ الرعاةُ تفرِّق الأغنَامَا
الله للتأليفِ أوفد رسله
فعلامَ تفريقُ الورى وإلاما
قيثارة أنتم فإن ألفتمُ
أَوتاركم أَبدعتمُ الأنغَامَا
ما الفرقُ بينَ عمامةٍ و«قُلَسْوَةٍ»
فدعوا الفوارقَ تغلبوا الأَيَّامَا
وخُذُوا الصليبَ لكم شعارَ ضحية
وخذوا الهلال منارةً وإِمَامَا
والطائفيةَ حاربوا ما اسطعتمُ
فالطائفيةُ جرحها ما التاما
قد مزَّقت صدرَ البلاد سهامها
ردُّوا لها في نحرها صمصاما
إن تَعْدُ مارونيتي وطنيتي
لبرئتُ منها ذمَّةً وذماما
لُوا الحكمَ إن دعتِ الجدارة واعدلوا
فاللهُ هدَّد باللظى الظُّلَّامَا
لا تعشقوا الكرسيَّ عِشقَ مولَّهٍ
فالعشقُ يورث أَهْلَهُ أَسْقَامَا
وإذا دعا الحقُّ استقيلوا فالفتى
إن سيمَ خسفًا لا يلي الأحكَامَا
ودعوا ولاةَ الأمرِ في أَعمالهم
فالأَوصياءُ همُ ونحن يتامى!
واسعوا وراءَ الرزق لا يعنيكمُ
قعدَ العميدُ بقصره أَوْ قاما
ومع الزمان تجدّدوا وخذوا لكم
شرعَ التطورِ سُنَّةً ونِظَامَا
ليس التجدُّدُ أن تُرى متخَنِّثًا
ظرفًا وتمضغَ في الحديثِ كلاما
ليس التجدُّدُ بالثياب حديثة
زيًّا ولو أَتْقَنْتَهَا هِنْدَامَا
إن التجدُّدَ بالعقول فجدِّدِالـ
أفكارَ والبسْ إِنْ أردْتَ «الخاما»
يا لابس «الكَبَرَاتِ والغِنْبَازِ» لا
تخجلْ فكمْ شملَ الرداءُ عظاما
هذا شعار الشرق، هذا ثوبنا
نحن الأُلى ملئُوا الدنى أَحلاما
هذا لباسُ محمدٍ وصحابِهِ
الأخيار مَن ساسوا الشعوبَ كِرَامَا
هذا لباس يسوعَ في برِّيَّة
مزجَتْ بعرفِ تقاه عَرفَ خزامى
هذا لباسُ اللهِ في ملكوتِهِ
فسلِ المصوِّرَ عنه والرَّسَّاما
كنَّا ملوكًا يوم كانَ لباسُنَا
خشنًا وفقنا المشرقينِ مقاما
فاخشوشنوا كجدودكم كي ترفعوا
في الشرقِ لاستقلالكم أعلاما

(٨) ضحك المشيب

تهافت الناس عندنا في هذا العام — ١٩٢٥ — على الوظائف، وسلكوا إليها أذلَّ الطرق وأخسها، فقلت هذه القصيدة، وأنشدتها كأخواتها، ولا فخر.

ضحك المشيبُ فعبَّست أَيامي
والليلُ أَقمرَ فانجلتْ أوهامي
ذهب الشباب بمُذهب الأَحلام
وغدوت في حرب مع الأيام
فانتابني الهمُّ المقيم المقعد
أَنا لا أَنوح على الشباب وإنما
أبكي على وطن عُلاهُ تهدَّما
وطن تفرَّق شعبه فتقسَّما
ورجالُه يتنازعون على السما
والهرُّ في أَوطانهم يستأسد
كلٌّ يصحح بالمزاعم دينهُ
يرمي بنبل المرجفاتِ قرينه
ترك المطامعَ تستبيحُ عرينه
وبباب من حكموا أَذَلَّ جبينه
متمرِّغًا، وهو العزيز السيِّد
يفدي الوظيفة بالحياةِ وما غلا
قبحًا لشهمٍ ينحني متذللا
يا أَيها العربي، أَأنْتَ ابن الأُلى
أَنفوا فما وردوا المجرَّة منهلا
أم أنت عبدٌ في الهوان مقيَّد
عذرًا إذا حلَّت هناك ركابُهُ
فالمجد فينا جمَّة طلَّابه
لا تعذلوه، واعذروا فجنابه
ما من يبجِّلُهُ وليس يهابه
أحدٌ بدون وظيفةٍ أَو يُحمد
لهفي على شعبٍ يمزِّقُه الحسد
وعلى الوظائف كرّ كرَّات الأَسد
كم أحمقٍ بذل الفلوسَ بلا عدد
كيما يقالَ: جَنَابهُ شيخ البلد
يا شيخ، يهنيك العلا والسؤدد
أَبَني المشارق للأَمام تقدَّموا
فالنورُ لاح وقد أَفاق النوَّم
فالغرب ما فوق النسورِ يحوِّم
والشرق بات على الحضيض يهوِّم
وبنوهُ قد هجروا الربوع وشُرِّدوا
وطن تفرَّق شعبه أيدي سبا
وبنوهُ قد هجروا الأَباطح والربى
لا تعذلوا فالسيل قد بلغ الزبى
والحرُّ ينفر إن تألَّم أو نبا
جنبٌ، وبات على قتادٍ يرقد
يا قومُ إن الشرق أَصبح لقمةً
للطامعينَ ولن يصادفَ رحمةً
قد أَمطرته سما المصائب نقمةً
فهبوه من عزم الشبيبة همةً
يبلى الزمان ومجده يتجدد
ثم انبذوا من باعَ بالبخس الوطن
قولوا له بالصيف ضيَّعت اللبن
يا بائعًا شرفَ البلاد بلا ثمن
يا ميِّت الأحياء ألْبِسْتَ الكفن
حيًّا كأنَّك في حياتك تُلْحد
وبكلِّ حرٍّ ألمعيٍّ بشروا
فلمثلهِ عَلمُ المفاخر يُنشر
أما الأُلى باعوا البلاد ودمَّروا
أمجادَنا، وعلى العباد تأمروا
فينالهم يومٌ عصيب أسود
يا قومُ بانَ الحق فاتضحَ الهدى
أكذا تبددنا مدى العمر العدى
فالشعبُ إن لم يتَّحدْ لن يسعدا
يقضي طويلَ حياته مستعبدا
وبعنقه «للطارئينَ» المقود
الغرب ذاد بجرأة الضرغام
عن حوضه جيش البغاةِ الطامي
وسلاحنا في الكرِّ جيش كلام
وفخارنا بالوحي والإلهام
وبالاختراع فخارهم قد شيَّدوا
مللَ البلاد تشبَّهي بالمغربِ
ودَعي الشقاقَ وبالإِخاء تمذهبي
وتعصَّبي ما شئتِ أن تتعصَّبي
للحقِّ لا للدينِ هذا مذهبي
فالربُّ يعرفهُ الجميع ويعبد
ما الخيرُ في القرآن والإنجيل
إن أُوِّلا للبغضِ والتضليل؟
أَفَيُمْسِيان كباترٍ مصقول
تُفرى الرقاب به بكفِّ جهولِ
وهما لدنيانا الدليلُ المرشد
لبنانُ يا وطنَ المروءة والنهى
يا أيها الجَبَلُ المعصَّب بالسهى
قلْ للذي اتَّبع الضلالَ وما انتهى
إن الخيانةَ ليس يُخفى أمرُها
والحق لا تعلو على يدهِ يدُ
بيعوا حقوقَ بلادكم بيعَ السلع
للمشترينَ ومن يزِدْ فيها انتفعْ
الله من سيف الحقائق إن لمع
هتك الضلال ودكَّ بنيان الطمع
ولهولِ مضربه يشيب الأمرد
لهفي على وطنٍ غدا مستعبدا
من عهد آدونيس تقهره العدى
إلا الأُلى افترشوا الجلامدَ مقعدا
للنير لم يحنوا الرقاب تمرُّدا
لبنان أينَ قطينُك المتمرِّد
مرُّوا كما مرَّ الزمانُ الغادي
تركوا الديارَ مناهلَ الورَّاد
يا خجلةَ الأبناء والأحفاد
إن يدعُهم لبنان يا أولادي
والكلُّ عن داعي الحميَّةِ هجَّد
يا أرزَنا المحبوبَ جبَّار الأزَل
خبِّر بنينا عن جدودِهم الأُوَل
أيَّامَ كانت تستميحهمُ الدول
وأُسودهم كانت تكرُّ بلا وجل
كالبحر ترغي في النزال وتزبد
سيعود عهد المجد والحريهْ
وترى بلادي نهضة قوميه
ستعيد ذاك مدارس وطنيه
هي منبت الأبناء والذريه
وبها بها قصر الرجاء يشيد
هذي البلاد وما لها من جامعه
تحيي شبيبتها كهذي الجامعه
فبمثلها نجد الأماني الضائعه
وبها تآخى والأَدلة ساطعه
موسى وعيسى والنبيُّ محمد
إن شئتمُ أن تغنموا استقلالًا
رقُّوا العقول وعلِّموا الأطفالا
فبذاك نخلق للبلاد رجالا
يسعونَ لاستقلالهم أبطالا
أو لا فليس لليلنا الداجي غدُ
١٩٢٥

(٩) الحركة الفلسطينية الأولى

عنوانها يدل على الأسباب التي أوحت بها، فلا حاجة إلى كلام لا يغني ولا يسدُّ جوعًا، ولكنني أذكر لك شيئًا، وهو أن تلاميذي كانوا «يُضرِبون» كلَّ عام، احتجاجًا على وعد بلفور، لا يعرفون في ذلك هوادة.

بقعةٌ تزهو بثوب قشبِ
لَعِبتْ فيها أكفُّ النوبِ
قسَّموها دولًا فانقسمت
يا لَأمرٍ مضحكٍ مستغربِ
يا لها مهزلةً مثَّلَها
في ربوع الشرقِ ذاك المغربي
دولٌ فيهن جمهورية
وبها ما شئتهُ من لقب
من ملوك وإمارات ومن
مضحكات ما أتَتْ في كتب
كان يحميها أميرٌ واحدٌ
من بني يعربَ عالي النسب

•••

من لنا مثل هشامٍ ملكًا
يفتح الدنيا بسيفٍ يعربي
يتمادى ناشرًا أعلامه
فوق أوروبا بجيش لجب
عمرَ الخطَّاب عُدْ وابعثْ بنا
مثلَ صمصامِ ابن معدي كرب
ليذيقَ «الفيل» حتفًا فيرى
العرب فتحًا هو أقصى الأرب
حبَّذا صقر قريش داخلًا
باب أوروبا بأبهى موكب
حبَّذا هارونُ في سدَّتِهِ
سيِّد الدنيا عظيم الرحب
بابن سفيانَ ابتدا الملك العظيم
وبالمأمون عصر الأدَب
دولٌ ما فتَّ في ساعدها
فهوتْ إلا ظهور الأجنبي
فليكن تاريخُنا أستاذَنا
ذاك أُستاذ الفتى والأشيب

•••

يا بني أمي «أغدوا» فبكم
عود إرث الأُمَّة المنتهب
زهرة المشرق أنتم وقذى
ستكونون بعين المغرب
أنتمُ آمالنا في مشرق
مشرئبٍّ إن وثبتم يَثِب
إن يكُ الوقتُ عصيبًا قاهرًا
فاستعدُّوا للزمانِ الأعصب

•••

يا فلسطينُ اصبري لا تجزعي
لك أجر الصابر المرتقب
حزت دون الأرض مجدًا خالدًا
وإليكِ اللهُ أسرى بالنبي
بقعة حدَّث عيسى آلهُ
فوقها كل حديث عذب
حاولوا أن يملكوها عَنْوَةً
ويح «بلفور» الطموع الأشعبي
ما دروا أن براق المصطفى
لن يمسُّوه وفي العرب صبي
يا براق المصطفى نحن الفدى
أو يبيدوا أُمةَ المطَّلب
إن نبا السيف عن الفتك بهم
سوف نلقاهم بحدِّ الصلب
أغضبوا عيسى وطه جملة
سنريهم أيما منقلب
مضرٌ غضبتها مشهورة
أَبنُوهَا نحن إن لم نغضب؟
يا صلاح الدين قم وانظر إلى
شعبك المضني طريد الكرب
أي صلاح الدين لا تفريق ما بين
شعبينا ألا انظر واعجب
انظر القوم الأُلى أرجعتهم
عن حدود القدس صرعى الرعب
قم من القبر فقد عوَّدتنا
يا صلاح الدين ردَّ الأجنبي
فبأرض النيل عيسى استعبدوا
وبأورشليم طه قد سُبي
إن أفاق العُرْب من غفلتهم
أنزلوا الويلات بالمغتصب
ليس يحيي الشرق إلا فتية
ذات زند إن ورى يلتهب
إن يكن للعلم أُسْدٌ فهمُ
وعرين الأسد بين الخشب
إن في نهضتهم آمالنا
فهي عندي بدء عصر ذهبي
يا بني أمي وهذي أُمكم
كعبة العلم وبيت النجب
جمعتنا فغدت جامعة
شملنا بالرغم من كل غبي
قد دعوتم كهلكم حتى غدا
مستعيدًا بينكم زهو الصبي
ورأى في كل وجه منكم
صورة الابن إلى خير أب
أيها المنبر قد طال الجفا
زمن مرّ ولم تهتزَّ بي
كان بالأمس كبيرًا أملي
كنت ذا عود متين صلب
فأضاع الدهر آمالي كما
ضيَّع الخلف أماني العرب
يا بني أمتنا حيَّهلا
عاضدوا الحق يفز بالغلب
واذكروني يا بني أمي إذا
جادت الدنيا لكم بالأرب
وانصبوا فوق ضريحي عَلمًا
ليرى عظمي اللواء العربي

(١٠) إلى ابني محمد

قد استغنيتُ باسمك يا بُنيَّا
عن اللقب الذي لم يغنِ شيَّا
يسائلني عن المرمى أناسٌ
فقلت لهم عليَّ وما عليَّا

(١١) التجنيد

شاع خبر التجنيد فجزع الناس له، فكانت هذه القصيدة:

خُوضُوا الْمَعَارِكَ وَاطْلُبُوا التَّجْنِيدَا
أَوْ فَامْكُثُوا لِلْفَاتِحِينَ عَبِيدَا
مَا لِي أَرَاكُمْ تَمْقُتُونَ وِصَايَةً
وَتُقَبِّحُونَ الذُّلَّ وَالتَّقْيِيدَا
وَأَرَاكُمُ مُتَطَلِّبِينَ سِيَادَةً
قَوْمِيَّةً، لَا تَعْرِفُ التَّحْدِيدَا
وَأَرَى الصَّبِيَّ يَتُوقُ لاسْتِقْلَالِهِ
تَوْقَ الْعطَاشَى يَطْلُبُونَ وُرُودَا
وَأَرَى الْخَطِيبَ إِذَا تَسَنَّمَ مِنْبَرًا
هَزَّ البِلَادَ وَأَرْقَصَ الْجُلْمُودَا
وأرى صحافتكم يصرُّ يراعها
صرًّا يُخَالُ صواعقًا ورعودا
وأرى زعيمكمُ يصيحُ مطالبًا
بحقوقكم، لا يذخرُ المجهودا
حتى إذا قيل التجنُّدُ واجبٌ
أجفلتمُ تلوونَ عنه الجيدا
أفتطلبون من «الأجانب» عسكرًا
يحمي حدود بلادكم لتسودا
والله لو بلغ الجدودَ قعودُنا
لبكوا دمًا تحت التراب مديدًا
وتبرَّأوا منَّا وقالوا إننا
لسنا لمن نزعوا السلاح جدودا
أنَّى يكونُ الجبنُ من أخلاقكم
والفتحُ كان ببندِكم معقودا
إن تطلبوا استقلالَكم فتأهَّبوا
حتى تكونوا للبلاد جنودا

•••

أَولستُمُ أسْبَاطَ من عقدتْ لهم
كفُّ الزمانِ بَيَارِقًا وبُنُودا
أَوَليسَ منكم طارق بن زياد مَنْ
بحُسَامِهِ قَهَر الْمُلُوكَ الصيدَا
أوَلَيْسَ مِنْكُمْ خالد الأَسَدُ الذي
دخل العواصمَ فاتحًا صنديدَا
يا مَعْشَرَ ابْنِ العاصِ من أسرى إِلَى
العلياءِ مُتَّئِدًا يلفُّ البِيدَا
أفتَذْكُرُونَ أبا عُبَيْدةَ غازيًا
يغشى الثغُورَ ولا يخافُ سُدُودَا
يا للرجالِ أتذكرونَ نساءَكم
فبوقعة اليرموكِ صُلْنَ أُسودا
صِرْنَا كَأَشْبَاهِ الرِّجَالِ وَلَا رِجَا
لَ إِذَا النَّفِيرُ دَعَا وَصَاتَ شَدِيدَا
إِنَّ الدَّمَ العربيَّ فِي أَعْرَاقِنَا
ألِفَ الحضارةَ فاستحالَ صديدًا
إنَّا ألِفْنَا رغدَ عيشِ حضارةٍ
حتى نسينا مجدَنَا المَوْءُودَا
فتذكَّروا سيفَ النبي محمدٍ
كَمْ فلَّ جَيْشًا واستباحَ حُدُودا؟
هذاك سيفُ الدينِ والفتحِ المُبِينِ
يَخُطُّ لِلْمُسْتَسْلِمِينَ بُنُودَا
فاسْتَبْسِلُوا فِي الذودِ عَنْ أَوْطَانِكُمْ
مَنْ مَاتَ لِلْأَوْطَانِ عَاشَ شَهِيدا
وَمَعَ الزمانِ تجدَّدُوا قَدْ هَانَ من
لا يَبْتَغِي التَّجْوِيدَ وَالتَّجْدِيدَا
ضُمُّوا إِلَى المَجْدِ التليدِ طَرِيقه
فالمجدُ يُعْشَقُ طَارِفًا وتَلِيدا
وتأهَّبُوا للحادثاتِ كتائبًا
لا ترهب الإنذار والتهديدا
أينَ الموحِّد في الجهاد صفوفكم
فيوحِّدَ التثليث والتوحيدا
فنرى بكم تحتَ البنود عصابة
دانت بأقنوم الحياة وحيدا
فذرو التشيُّع للمذاهب واجعلوا
الهدف العروبة تبلغوا المقصودا
أو لا فأدُّوا للأعادي عن يدٍ
جزياتِهم واقضوا الحياة عبيدا

•••

يا أيها العرب الكرام استيقظوا
الفجر لاح فمن يطيق هجودا
لا تطلبوا حقًا بغير مهنَّدٍ
عضبٍ يفلُّ المعضلاتِ حديدا
لا، لستَ بالعربيِّ يا هذا إذا
لم تتخذْ يومَ الكريهةِ عيدا
فالنار إن لم تستطعْ إخمادها
أكلتكَ ألسنُها فكنت وقودا
١٩٢٧

(١٢) تحية الطلاب

جاءني تلاميذي من العراق، والحجاز، وشرقي الأردن، وفلسطين متأخِّرين، وكان عذرهم جميعًا تأخر «الباص» جواز السفر في القنصليات، وكنَّا على موعد من الكلام فقلت هذه القصيدة:

يَا بَنِي أُمِّنَا، السَّلَامُ عَلَيْكُم
وَعَلَى مَنْ مَثَّلْتُمُوهُ التَّحِيَّه
إِن أُحَيِّيكُمُ فَإِنِّي مُحَيٍّ
بِكُمْ نشءَ أُمَّتِي الْعَرَبِيَّه
أَنْتُمْ كُتْلَةُ الْحَيَاةِ لِشَرْقٍ
قَتَلَتْهُ السِّيَاسَةُ الْمَغْرِبِيَّه
كُلَّمَا شَاءَ نَهْضَةً وَاتِّحَادًا
أَيْقَظُوا فِيهِ نعرَةً دِينِيَّه
فَغَدَا الْغَرْبُ فَائِزًا وَرَسبْنَا
فَاسْتَعِيدُوا أَمْجَادَنَا الْيَعْربِيَّه
انْهَضُوا نَهْضَةَ الْأُسُودِ إِلَى الْمَجْدِ
فَأَنْتُمْ لِلْمَجْدِ خَيْرُ بَقِيَّه
نَحْنُ أَعْضَاءُ جِسْمِ شَعْبٍ عَظِيمٍ
قَطَّعَتْهُ الْفَوَارِقُ الْمَذْهَبِيَّه
نَحْنُ شَعْبٌ مَا عَلَّمَتْهُ اللَّيَالِي
مِنْ دُرُوسِ الْحَيَاةِ وَالْوَطَنِيَّه
غَيْر هَذَا مُحَمَّدِيٌّ وَهَذَا
عِيسَوِيٌّ، تَبًّا لَهَا وَطَنِيَّه
فَافْتَرَقْنَا وَالْحَالُ تَقْضِي عَلَيْنَا
بِاتِّحَادٍ عَلَى الشُّعُوبِ الْقَوِيَّه

•••

يَا بَنِي الْعَرَبِ، بِالنَّبِيِّ، بِعِيسَى
بِالَّذِي فِي يَدَيْهِ نَفْسُ الْبَرِيَّه
فَتِّشُوا، فَتِّشُوا الْبِلَادَ، أَرُونِي
قَيْدَ بَاعٍ فِيهِ لَنَا الْحُرِّيَّه
مَلَئُوا الْبَرَّ وَالْبِحَارَ وَقَالُوا
هَذِهِ ملكُنَا فَيَا للْبَلِيَّه
فَفَقَدْنَا حَقَّ التَّزَاوُرِ حَتَّى
بِجَوَازٍ إِنْ لَمْ تَشَأِ الْقُنْصُلِيَّه
قَدْ غَدَوْنَا فِي أَرْضِنَا غُرَبَاءَ
وَغَرِيبُ الدِّيَارِ مَوْلَى الرَّعِيَّه
ذَاكَ أَمْرٌ لِأَجْلِهِ ثَارَ قَوْمِي
فَسَلَامٌ عَلَى الدِّمَاءِ الزَّكِيَّه

•••

يَا بَنِي الْعَرَبِ إِنْ أَرَدْتُمْ حَيَاةً
فَانْبذُوا الْخلف تُدْرِكُوا الْأُمْنِيَّه
إِنَّ قُرْآنَكُمْ وَإِنْجِيلَكُمْ مَا
عَلَّمَاكُمْ غَيْرَ الدُّرُوسِ السَّنِيَّه
فَلَكُمْ بِالْهِلَالِ رَمْز اهْتِدَاء
وَلَكُمْ بِالصَّلِيبِ رَمْزُ الضَّحِيَّه
إِنْ يَكُنْ ذَا شعارُكُمْ فَلِمَاذَا
تَقْتُلُونَ الْإِقْدَامَ وَالْعَبْقَرِيَّه
أَرْسَلَ اللَّهُ لِلْوِئَامِ النَّبِيِّينَ
فَكَانُوا هُدَى الْعُصُورِ الدجيَّه
عَلّمُوا النَّاسَ رَحْمَةً وَإِخَاءً
لَا شِقَاقًا وَقَسْوَةً بَرْبَرِيَّه
مَا هُمُ غَيْر مُصْحَفٍ كَتَبَتْهُ
فِي الْأَعَالِي لَنَا الْيَدُ الْعَلَوِيَّه
فَفَهِمْنَا غَيْرَ الَّذِي قَصَدُوهُ
فَضللْنَا فِي ظُلْمَةٍ أَبَدِيَّه
وَاخْتَلَفْنَا عَلَى السَّمَاءِ ضَلَالًا
وَاحْتَكَرْنَا الْمَوَاطِنَ السَّمَوِيَّه
مَا لَنَا وَالسَّمَاءَ. نَحْنُ عَلَى الْأَرْ
ضِ أُسَارَى الْمَطَامِعِ الْأَشْعَبِيَّه
آفَة الشَّرْقِ كُلِّهِ رُؤَسَاء
رفلوا فِي الْمَطَارِفِ السُّنْدُسِيَّه
قَيَّدُوا النَّاسَ بِالضَّلَالَاتِ حَتَّى
ذَلَّلُوا مِنْهُمُ النُّفُوسَ الْأَبِيَّه
يَحْسَبُونَ الضَّعِيفَ عَبْدًا رَقِيقًا
لَهُمُ الْحَقُّ فِيهِ كَالْملكيَّه
وَالْمبادِي كَالثَّوْبِ طَيًّا وَنَشْرًا
هِيَ لِلخلعِ بُكْرَةً وَعَشِيَّه
لَا يَغُرَّنَّكُمْ ذِئَابٌ غراثٌ
فَتَكَتْ بِالْحَظَائِرِ الْآدَمِيَّه
كَمْ يَضُمُّ الدِّيبَاجُ خَلْقًا دَنِيئًا
كَمْ إباء تَحْتَ الْعَبَاءِ الزَّرِيَّه

•••

فَأَنْشَئُوا مِثْلَمَا نُرِيدُ رِجَالًا
تَتَحَقَّقُ آمَالنَا الذَّهَبِيَّه
وَخُذُوا الْعِلْمَ لِلنُّهُوضِ سِلَاحًا
قَاطِعًا لَا سُيُوفنَا الْيَمَنِيَّه
آفَةُ الْعَرَبِ جَهْلُهُمْ عِلْمَ هَذَا
الْعَصْرِ فَاسْعَوْا وَرَاءَهُ بِحَمِيَّه
جَمِّلُوا النَّفْسَ بِالْعُلُومِ لِنَرْقَى
ذروات الْمَفَاخِرِ الْمدنِيَّه
إِنْ يَكُنْ علمُكُمْ شِعَارَ التَّرَقِّي
تَتَحَطَّمْ قُيُودُنَا الْأَجْنَبِيَّه
إِنْ يَعُدْ عِزُّنَا أَهَابَتْ عِظَامِي
إِنْ نَمُتْ نَحْنُ عَاشَتِ الذُّرِّيَّه
جددت مجدنا فَحَسْبِي أَنِّي
مُتُّ، فَلْتَحْيَ أُمَّتِي الْعَرَبِيَّه
١٩٢٩

(١٣) رمز الخلود

تعوَّد التلاميذ المنتهون أن يزرعوا في دار المدرسة شجرة، يضعون عند أقدامها بلاطة من رخام محفورًا عليها تاريخ العام، وفي هذه السنة شاءوا أن يتفننوا فجاء الأمير نهاد أرسلان بشجرة أرز، وحفروا على البلاطة رسم زيتونة ونخلة، وترأس معلمهم الحفلة فقال ما تسمع، أما ما أشار إليه في ختام أبياته فهو موت زوجته الحديث العهد.

رَمْزَ الْخُلُودِ تَحِيَّة وَسَلَام
فَبَنُوكَ حَوْلَكَ خَاشِعِينَ قِيَامُ
نَقَشُوا لَهُمْ فِي الصَّخْرِ رَمْزَ تَآلُفٍ
سَتُحَقِّقَنَّ وُجُودَهُ الْأَيَّامُ
طَبَعُوا ائْتِلَافَهُمُ عَلَيْهِ فَأَنْطَقُوهُ
بِالْإِخَاءِ الْحَقِّ وَهوَ رخَامُ
فِي صقلِهِ رمزٌ إِلَى أَخْلَاقِهِمْ
وَبَيَاضُهُ لِلطُّهْرِ فِيهِ كَلَامُ
فَكَفَى بِهِ رَمْزًا لِوحْدَةِ أُمَّةٍ
لَعِبَتْ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَالْأَوْهَامُ
مَنْ لِي بِيَوْمٍ إِنْ تَمَايَلَ أرزُهَا
ضَحِكَ الْحِجَازُ لَهُ، وَهَشَّ الشَّامُ
وَهَفَا الْعِرَاقُ إِلَى لِقَاهُ بَاسِمًا
مُتَهَلِّلًا وَاهْتَزَّتِ الْأَهْرَامُ
هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي نَصْبُو إِلَيْهِ
فَحَبَّذَا لَوْ صَحَّتِ الْأَحْلَامُ
أَهْلًا بِيَوْمٍ فِيهِ يُجْمَعُ شَمْلُنَا
وَتُوَحَّدُ الشَّارَاتُ وَالْأَعْلَامُ

•••

سَيَكُونُ، إِنْ كُنْتُمْ شَبَابًا نَاهِضًا
فِي رَاحَتَيْهِ النَّقْضُ وَالْإِبْرَامُ
فَدعوا الشُّيُوخ فِإِنَّ أُسَّ مَصِيرِنَا
يُبْنَى عَلَى أَكْتَافِكُمْ وَيُقَامُ
فَابْنُوا لَنَا صَرْحًا حَدِيثًا طرزه
جُمِعَ النَّصَارَى فِيهِ وَالْإِسْلَامُ
وَخُذُوا مِنَ الْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ مَا
فِيهِ الْإِخَاءُ وَأُلْفَة وَوِئَامُ
كَالْغَرْبِ كُونُوا مُقْدِمِينَ إِلَى الْعُلَا
فَجُدُودُكُمْ رَقَّاهُمُ الْإِقْدَامُ
بِالْجِدِّ يَحْيَا بِالرَّفَاهَةِ ثَعْلَبُ
وَيَمُوتُ إِنْ يَتَكَاسَلِ الضرْغَامُ
فَاسْعَوْا شَبَابًا لِلْفَلَاحِ وَجَاهِدُوا
فَجِهَادُكُمْ تَحْلُو بِهِ الْآلَامُ
إِنَّ الْحَيَاةَ شَدِيدَةٌ وَطْآتُهَا
وَبِهَا يَسُودُ الصَّابِرُ الْمِقْدَامُ

•••

إِنَّ اللِّسَانَ مُقَصِّرٌ عَمَّا انْطَوَى
فِي خَاطِرِي وَاسْتَعْصَتِ الْأَقْلَامُ
فَاعْفُوا إِذَا قَصَّرْتُ آخرَ مَوْقف
إِنَّ الْمَصَائِبَ لِلرِّجَالِ لِجَامُ
١٩٢٩

(١٤) بمناسبة معرض الكلاب ١٩٣٢

قُلْ لِلَّذِي يَشْكُو تَبَارِيحَهُ
لِلرِّزْقِ فِينَا أَلْفُ بَابٍ وَبَاب
قَدْ أَسْرَفَ الدَّهْرُ بِنَعْمَائِهِ
فِي أَرْضِنَا حَتَّى أَعَزَّ الْكِلَاب

(١٥) رمز

تُمثِّل الجامعة الوطنية بأمٍّ حولها بنوها وهي منكبة على تعليمهم أربعتهم، وهؤلاء الأربعة بطرس، ومحمود، وسلمان، وموسى هم رمز إلى من ينضوون تحت لوائها من أبناء الملل جميعها.

برحت ذكاء الأوج، أوج سمائها
فاصفرَّ وجه سنائها وبهائها
لمَّت شعاع جمانها بردائها
عن أرضنا ورمته في دأمائها
ومشت تُتِمُّ الرحلة الجويه
شهد النهار غروبها ورأى الخطر
يبدو لعينيه ولم يغنِ الحذر
واليأس دبَّ بقلبه حتى انتحر
وجرت دماه فكوَّنت تلك الصور
بين الغيوم الحمر كلَّ عشيه
وأطلَّ مبهوتًا من الجزع القمر
فكأنه هيمان أضنته الفكر
عشق الغزالة وهو في سنِّ الصغر
فبحبِّها كم مات يومًا وانتشر
لكنه ما فاز بالأُمْنِيَّه
فجلست وحدي صامتًا أَتَأَمَّل
طورًا أعود إلى الصواب وأذهل
وحي الطبيعة، وحي حق منزل
أنعِم بها يا أيها المتأمِّل
نظرًا ففيها الحكمة الأزليه
وإذا بِأُمٍّ تحت أضواء القمر
وعلى محيَّاها بدا ضنك السهر
أُمٌّ يحيط بها بنوها والثغر
متبسِّم عن مثل أسلاك الدرر
وحنانها كأشعة ناريه
أُمٌّ وما أحلى الأمومةَ تعطف
فهناك حبٌّ لَمْ يَشُبْهُ تكلُّف
أُمٌّ حواليها بنوها أُوقفوا
هذا تعلِّمه وذاك تثقِّف
لله در الأُم من كليِّه
قد راقني بل هزِّني ذاك العنا
وسرى إلى قلبي الترجِّي والمنى
فسألت من هذي، فقالوا أُمنا
دار العلوم، أجل، لقد بنيت لنا
في الشرق جامعة النهى الوطنيه
فهي التي ستحقق الآمالا
حقًّا وتخلق للبلاد رجالا
فانظر تشاهد حولها الأشبالا
يتهيَّئون ليدركوا استقلالا
حسب العروبة هذه الجنديه
في سلكها من كل أقطار العرب
نَظَمَتْهُم عقدًا كأسلاك الذهب
وسيصرفون العمر سعيًا للأرب
حتى ترى شعبًا وليس به شعب
متفوقًا بخلاله المضريه
فإلى الأمام إلى الأمام تقدمي
وجنود علمك للمواطن نظِّمي
يا ملجأ فيهِ الشبيبة تحتمي
لا زال نجمك فوق كلِّ الأنجم
فلأنت جامعة النهى العربيه

(١٦) المعركة الفاصلة

في حزيران سنة ١٩٣٣ كانت معركة أدبية فاصلة في لبنان، وكانت ساحتها الجامعة الوطنية، كان ذلك في يوبيل المدرسة الفضي، فتمثلت في الحفلة الكبرى جميع السلطات والمذاهب، فعن المندوب السامي ناب الكونت دي سالان، ومثَّل محافظ جبل لبنان الجمهورية اللبنانية، واستناب غبطة البطرك الماروني نائبه المطران عقل، وحضر سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية بنفسه.

كان خطيب الحفلة فيلسوف الفريكة أمين الريحاني، وكان لأمين — رحمه الله — كل عام، كلمة يقولها ويمشي، فكانت حملته — ذلك اليوم — على الشاعر بشارة الخوري فندد بنواحه وبكائه على الهوى والشباب والأمل المفقود، فحملت علينا الصحف بعد ذلك تَنْصُر الشاعر أبا عبد الله، حتى حضَّت إحداها المندوب السامي على إقفال مدرسة يقال فيها مثل القصيدة التي تقرؤها فيما يلي، ثم ظهر كتاب أمين «أنتم الشعراء» وظهر كتاب آخر رُدَّ به عليه وعنوانه «نحن الشعراء»، وكفى الله المؤمنين القتال.

هذه الدار، فادخلوها وحيُّوا
ألمعيًّا أشادها، فأصابا
عظِّموا هذه البساطة، فالزخرف
لا يجعل الكتاب كتابا
بين جدرانها تَرَدَّدُ روحٌ
قد حباها المسيح عزمًا مذابا
والنبي المختار «أحمد» أتاها
بيانًا ومنهجًا وثَّابا
فتآخى «الجميع» تحت لواها
كجنود تلقى الصفوف غضابا
ورأى الناس في قلوب بنيها
بيعةً ضم صدرُها محرابا
دينها الحبُّ، والكتاب اتحاد
وبه الضادُ تجمع الأعرابا
فهي صوفيَّةٌ تعالتْ بطودٍ
قد أظلَّ الأبدال والأقطابا
بردي والفرات والنيل والأردنُّ
تجري في صحنها أترابا
وبها زمزمٌ تمازج قاديشا
فيأوي النخيل والأرز غابا
والهلال السنيُّ ضمَّ صليبًا
فرأينا بنيهما أحبابا
ذاك رمز الهدى، وهذا شعار
التضحيات التي تذل العقابا
وحَّدت شملهم وكان بديدًا
وكستهم من روحها جِلْبابا

•••

هذهِ داركم، وقيِّمها اليوم يؤدي
عن ربع قرنٍ حسابا
هذهِ داركم فإن تعضدوها
نطح الأفق روقها والسحابا
معهد العلم هيكل الوطن الأقدس
فاخشع بصحنه هيَّابا
إن تفرِّقكمُ المعابد فالمعهد
بيت يوحِّد الأغرابا
فارفعوا راية العلوم نهيئ
لارتقاء المواطن الأسبابا
كان مأوى الغزاة أمسِ البوادي
وغدا اليوم حصنها الكُتَّابا
كان أمسِ السلاحُ سيفًا ورمحًا
إنما اليوم صارَ غازًا هبابا
فإلى العلم إن طلبتم سلاحًا
وانبذوا القوس واهجروا النشَّابا
علَّم العالمين بالقلمِ الله
وفيه هدى العبادَ الصوابا
مللُ الأرض بالملايينِ تُحصى
ولبعضِ الأفراد تحنو الرقابا
كم صبيٍّ مشى يقود بعيرًا
وبعيرٍ لجهله ما آبى
وحمارٍ لجهلِهِ ركبوه
فمشى فارهًا، فهزُّوا الركابا
كم ضعيفٍ يصطاد ليث عرينٍ
مستخفًّا ببأسِهِ لن يهابا
إن رأيت الإنسان يخترقُ البحر
وفي الجوِّ وطَّد الأطنابا
لا تعلِّل بالقوة الفوز فالقوَّة
عمياء لا تريغ الصعابا
فالحسام البتَّار إن سلَّه الغرُّ
كهامٌ، وليس يفري الثقابا
وعصا الحاذق المدرَّب تفري
فرية السيف، فاسألوا الضرَّابا
فأديسُونُ لم يكن كأنيبالَ
قويًّا مبارزًا محرابًا
وعظيم الأجيال سبتُورُ ما
استلَّ حسامًا ليقتلَ الميكروبا
فإلى العلم إن طلبتم فلاحًا
من توخَّى الفلاح بالجهل خابا
إن ماء البحار إن لامسته
أنمل العلم يستساغ شرابا

إلى المتخرجين

يا بنينا، سيروا إلى معهد الدهر
وخوضوا على العلوم العبابا
إنَّ أقلامكم أدقَّ أداةٍ
إن تعلَّمتمُ استحالت حرابا
فاشحذوها وسنِّنوها تصدُّوا
بشباها عن الحياض الذئابا
فهنا منسج وأنتم خيوط
أسعفونا نمتنِ الأثوابا
ليس هذي الصفوف الأسطورا
سنؤدِّي للشرق منها خطابا
أسعفونا لكي تكونوا كتابا
يقرأ العز فيه بابًا بابا
تلمذ الأنبياءُ من قبلنا الناسَ
فراضوا العقول والألبابا
وأرانا نتلمذ اليوم نشئًا
لبلاد ينوبها ما نابا
ديننا اتحاد أمَّتنا الغراء
فكونوا أنصاره والصحابا
فعلى عاتق الشبيبة تُبْنى
وحدة قد تمزَّقتْ آرابا
أدبَ الضعف حاذروه جميعًا
لا تنوحوا قصوركم والقبابا
أدبَ الضعف حاذروه فهذا
مورفينٌ يسمِّم الأعصابا
كان أجدادنا لسانهم السيف
وكانوا للمستجير الجوابا
فلماذا أرى بنيهم حيارى
ملئوا الأرض لومة وعتابا
أذن الظلم لا تصيخ لباكٍ
فخذ الحقَّ عنوةً واغتصابا
كن قويًّا تَسُدْ فإنَّ ابن آوى
يستبيح الحمى إذا اللَّيْثُ غَابَا
يا فتى الشرق كن قويًّا جسورًا
لا تنح فوق ما استحال خرابا
كنْ كَنِسْرٍ يَرْقَى الْفَضَاءَ صموتًا
ودع البومَ ناعبًا والغُرَابا
ناصروا الحقَّ حيثما حصحص الحق
تروه رغم القوى غلَّابا
جاهدوا، جاهدوا، وجدُّوا فلا
يدخل إلا من يقرع الأبوابا
فاقرعوها قرعًا عنيفًا وإن لم
يفتحوها فحطِّمُوا الأخشابا
من يشأ أن يكون ربًّا مطاعًا
يملأ السهل بطشُه والهضابا
فانصحوه يبغي سوانا فإنَّا
معشر العرب نكره الأربابا
إن تعلَّمْتمُ وعاركتمُ الدهر
رجالًا تناقشوهُ الحسابا
واحذروا وصمة التَّخَنُّثِ فالأمَّة
تفنى، إن التخشُّن ذابا
احفظوا الجار، وانبذوا نعرات
الدين، فالجار إن دعوتم أجابا
أقتالًا على السماء، ونحيا
في جحيم بأرضنا أغرابا!

•••

يا ابن عمي، إن كانت النار حظِّي
فسأصلى سعيرها واللهابا
فاتركني على الثرى مستريحًا
أنا لا أنت سوف ألقى العذابا
إن تكُ النار حصَّةً لابن رشدٍ
أو لتوما، فالعيش في النار طابا
لستُ أهواكِ يا سماءُ مع البلهِ
وإن كنت كوثرًا وملابا
مذهبي في الحياة حبُّ ابن عمي
بايع «الشيخ» أو أطاع البابا
عربيٌّ قبل المسيح وطه
وعليها سأُطبق الأهدابا

•••

لا رقيَّ يرجى بدون علوم
فهي من جوِّنا تبدُّ الضبابا
إن يفق عدَّها الهياكل فزنا
وسمونا والمجد للشرق آبا
معهدُ العلم إن يعلِّم بنينا
حبَّ أوطاننا فحمدًا أصابا
معهدَ العلم إن تعلِّم بنينا
لسوانا فلتصبحنَّ خرابا
متْ فما أنت معهدًا أبتغيه
لبلادي، ولو نطحت السحابا
قلت ما قلت لا أرجي ثوابًا
من بلادي ولست أخشى عقابا

•••

أكثر الله في البلاد صروحًا
مثل هذا، يوحِّد الطلَّابا
فليعش فليعش، ليحيَى طويلًا
ابقَ يا صرحُ بعدنا أَحْقَابَا
١٩٣٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤