الفنون الجميلة

(١) الموسيقى

أهم الفنون الجميلة الشعر والموسيقى والتصوير، وقد أفضنا في وصف الشعر في أبوابه، وتكلمنا عن الموسيقى في الجزء الثاني من هذا الكتاب [انظر العصر العباسي الأول – الموسيقى أو الغناء، العصر العباسي الثالث – الفنون الجميلة] ولم يحدث فيها بعد ذلك ما يستحق الذكر؛ لأن الذين ألفوا في الموسيقى العربية بعد ذلك نسجوا على منوال المتقدمين وقل من تخصص لهذا النوع من الفنون الجميلة من وجهته العلمية، وألف فيه كما فعل صاحب الأغاني وغيره، وإنما أصبح التأليف فيه ينطوي تحت المواضيع الأخرى ولا سيما في الموسوعات الشاملة لعلوم مختلفة كما تراه في مكانه.

وقد وقفنا في المكتبة الخديوية على كتاب اسمه «حاوي الفنون وسلوة المحزون» لأبي الحسن محمد بن الحسن المعروف بابن الطحان في ٢٢٢ صفحة، خط قديم يشتمل على ثمانين بابًا في الموسيقى، وما قيل فيها قديمًا من وضع الألحان وضروب الغناء وتاريخ المغنين في الجاهلية والإسلام، ومن أول من غنى في الإسلام من الرجال والنساء وأول من دون الغناء وضروب التلحين، وأنواع الحلوق ومعالجتها حتى تصح أصواتها طبيًّا وجراحيًّا، وفي تقدير الألحان وترتيبها حسب درجاتها وأشكالها من التغريد فالترخيم فالترجيع ونحو ذلك، وذكر المغنين والمغنيات في الدولة الأموية والعباسية والإخشيدية والعلوية، والمغنين من أولاد الخلفاء والطنبوريين والطنبوريات والرخصة في الغناء وغير ذلك، وهو عظيم الأهمية لولا سقم هذه النسخة ونقصها.

وكتاب اسمه «كشف الهموم والكرب في شرح آلة الطرب» ألفها صاحبها لسيف الدين أبي بكر بن المقر منكلي بغا الفخري. شرح فيها آلات الطرب وكيفية صنعها وما أباح الشرع منها، في المكتبة الخديوية نسخة منها في جملة كتب زكي باشا في ٣٧٢ صفحة.

ومن هذا القبيل كتاب مجموع الأغاني والألحان من كلام أهل الأندلس الذي وصفناه في هذا الكتاب [انظر العصر المغولي: الشعر – سائر الأدباء في هذا العصر].

(٢) التصوير

والتصوير قديم في آداب الأمم سابق للكتابة، وكانت الكتابة في أصل نشأتها صورًا ثم تدرجت في الارتقاء حتى صارت حروفًا هجائية، وظل الناس بعد تكونها يستخدمون الصور لتمثيل عاداتهم ومعتقداتهم ينقشون ذلك على أبنيتهم أو يصورونه بالألوان، وفي وادي النيل ألوف من هذه الأمثلة؛ لأن المصريين القدماء من أكثر الناس تصويرًا لعاداتهم وحوادثهم وكذلك اليونان والرومان والفرس وغيرهم، وما من أمة عظيمة لم تخلف آثارًا مصورة تعبر بها عن أحوالها الاجتماعية أو الدينية أو السياسية، حتى العرب الجاهلية فإن في آثارهم باليمن نقوشًا تدل على بعض عاداتهم ومعتقداتهم، وفي الشكل ٨ صورة يمني ذاهب ليضحي للأوثان.

أما بعد الإسلام فأصبح العرب من أبعد الأمم عن التصوير؛ لأنه كان مكروهًا عند المسلمين، ويعده بضعهم محرمًا أو هو على الأقل غير مستحب، وقد اختلف الأئمة في درجة تحريمه فقالت طائفة: بتحريم النحت وصنع التماثيل فقط وتحليل الصور أو الرسوم، وذهب آخرون إلى تحريمه على الإطلاق، وفي كل حال كان التصوير من الفنون المهملة في الإسلام رغم ما كان يحيط بالمسلمين من أسباب الترغيب فيه عند الفرس والروم والهند وغيرهم.

على أنهم لم يكونوا يستنكفون من اقتناء الأثاث المزركش وعليه الرسوم من صنع تلك الأمم، وقد اقتنوا الرياش وعليه صور الناس والبهائم، ومن جملة ذلك أبسطة عليها صور وقائع إسلامية. ذكر المسعودي أنه كان في دار الخلافة العباسية في أيام المنتصر المتوفى سنة ٢٤٨ﻫ بساط عليه صور ملوك في جملتهم يزيد بن الوليد بن عبد الملك وشيرويه بن أبرويز، وناهيك ببساط أم المستعين وما عليه من الصور المرصعة، غير ما كانوا يستخدمونه من الآنية المصورة كالأقداح عليها الصور الملونة تمثل الوقائع أو العادات، فكان المسلمون يقتنون الأثاث والرياش عليها صور الآدميين إذا صورها سواهم.
fig34
شكل ١: يمني ذاهب للتضحية.

أما اشتغال المسلمين أنفسهم بالتصوير فكان المظنون أنهم لم يحفلوا به مطلقًا، ثم تبين بتفقد الآثار ومراجعة المخطوطات القديمة أنهم اشتغلوا فيه بعض الشيء؛ ولذلك تاريخ لا بأس من إيراده بالاختصار.

يقسم التصوير من حيث ما نحن فيه إلى عدة أقسام أهمها اثنان:
  • (١)

    التصوير على الأحجار وغيرها من الآثار البنائية.

  • (٢)

    التصوير في الكتب ونحوها، فلنتكلم عن كل منها على حدة:

أولًا: التصوير على الآثار

فالتصوير على الآثار البنائية إما أن يكون نحتًا ويدخل فيه التماثيل وسائر المنحوتات والنقوش على الجدران، أو أن يكون رسمًا بالألوان، فالمسلمون لم يظهر حتى الآن أنهم نحتوا تمثالًا ولا نقشوا صورًا آدمية مجسمة على جدران قصورهم أو مساجدهم تمثل أناسًا، إلا ما رواه الدكتور هرسفيلد الآتي ذكره عن الصور البارزة في آثار سامرَّا ونحن في ريب من أمرها، لكنهم اصطنعوا تماثيل بعض الحيوانات أو الفرسان في إبان حضارتهم في بغداد وقرطبة وطليطلة وغرناطة وإشبيلية قلدوا بها الفرس والروم على سبيل الزينة، كذلك فعل المقتدر بالله العباسي في أول القرن الرابع للهجرة بداره التي عرفت بدار الشجرة لشجرة كان على أغصانها الذهبية تماثيل الطيور وبجانبها الفرسان على أفراسهم،١ وكان الأمين قبله قد اصطنع السفن على أشكال الحيوانات ولم ير في ذلك بأسًا، وهكذا فعل الخليفة الناصر في الزهراء بما أقامه في قصورها من تماثيل الذهب الأحمر يمثل بها بعض أنواع الحيوان، ولا سيما الأسود والغزلان والثعابين والطيور على اختلاف أشكالها، وقس على ذلك قصر إشبيلية وقصور الحمراء في غرناطة وقصور بني طولون في القطائع وأبنية الفاطميين بالقاهرة، وقد جاء في أخبار الفاطميين ما يؤخذ منه أنهم كانوا يتخذون تماثيل الأفيال ونحوها من العنبر أو الذهب على سبيل التبسط بالرخاء والتفاخر بالثروة.
أما التصوير على الأبنية بالألوان فقد كان المظنون أن المسلمين لم يتعاطوه في إبان تمدنهم حتى اطلعنا على تنقيب الدكتور هرسفيلد في سامرَّا ولا سيما الجامع الأعظم الذي بناه المتوكل على الله، فقد ذكر هذا الدكتور أنه وجد على جدرانه نقوشًا مطبوعة وتصاوير ملونة وفسيفساء، وأنه وجد في جملة تنقيبه غرفًا وردهات زينت على جدرانها بتصاوير شرقية محفوظة أحسن حفظ، وفيها صور بارزة بالجص بينها صور أناس على أبدع مثال٢ والراجح أن هذه الرسوم من صنع القرن الثالث للهجرة عند بناء سامرَّا؛ لأن هذه المدينة أهملت في زمن المعتضد بالله المتوفى سنة ٢٨٩ﻫ، وخربت من ذلك الحين وغشيها التراب حتى أخذ أهل هذا العصر بالتنقيب عن أطلالها.
وفي أخبار الفاطميين كثير من الأبسطة والستائر المطرزة بينها ستور من الحرير منسوجة بالذهب فيها صور الدول وملوكها والمشاهير فيها، وعلى صورة كل واحد اسمه ومدة أيامه وشرح حاله، فإن قيل: إنها ستائر مجلوبة من الخارج لم يأمر الفاطميون برسمها أو أنها لم ترسم في خلافتهم ففي أخبارهم أن الآمر بأحكام الله لما بنى المنظرة على بركة الحبش جعل فيها دكة من خشب مدهونة فيها طاقات تشرف على خضرة البركة صور فيها كل شاعر وبلده، واستدعى من كل واحد منهم قطعة من الشعر في المدح كتبها عند رأس ذلك الشاعر، وبجانب صورة كل شاعر رف لطيف مذهب، فلما دخل الآمر وقرأ الأشعار أمر أن يحط على كل رف صرة مختومة فيها خمسون دينارًا وأن يدخل كل شاعر ويأخذ صرته.
fig35
شكل ٢: مجلس القضاة في غرناطة، نقلًا عن أطلال الحمراء.
فالصور التي رآها هرسفيلد على أنقاض سامرَّا هي أقدم ما وقفوا عليه من آثار المسلمين في هذا الفن، يليها ما ذكرناه عن الفاطميين، غير ما ذكروه عن بساط المنتصر، وبساط أم المستعين ونحوهما، مما لا سبيل لنا إلى نشره، وأقدم ما وقفنا عليه من الصور الآدمية على الأبنية صورة مجلس قضاة وجدوه مصورًا على جدران قصر الحمراء في غرناطة، ويظن أنه من صنع القرن الثامن للهجرة (انظر شكل ٢).

ثانيًا: التصوير في الكتب

وهذا النوع من التصوير قليل أيضًا في مؤلفات المسلمين أو العرب للسبب الذي قدمناه، وهو يقسم إلى أنواع باختلاف مواضيع الكتب:
  • (١)

    الرسوم الجغرافية كالخرائط ونحوها.

  • (٢)

    الرسوم الطبية وفيها صور الأعضاء وتركيبها.

  • (٣)

    الرسوم الصناعية ويدخل فيها صور الآلات والأدوات.

  • (٤)

    الصور الأدبية والتاريخية التي تلحق بكتب الأدب والتاريخ.

  • (٥)

    الصور الدينية.

فلننظر في كل منها على حدة.
  • (١)
    الصور الجغرافية: ونعني بها الخرائط وتخطيط البلاد وهي قديمة في الكتب العربية، منذ أول تأليف الجغرافية في القرن الرابع للهجرة، وقد نشرنا مثالين من الخرائط العربية نقلًا عن كتاب الأقاليم للإصطخري في الجزء الثاني من هذا الكتاب [انظر العصر العباسي الثالث: الجغرافية والجغرافيون – أصحاب الجغرافية العامة] رسمًا في أواسط القرن الرابع، ومثل هذه الخرائط كثير في كتب الجغرافية والأقاليم بعد هذا التاريخ.

    ويدخل في هذا النوع من الصور تصوير الحركات الحربية في ميادين القتال أو ساحات السباق كما تقدم في كلامنا عن الكتب الحربية من هذا الكتاب، مثل كتاب تعبئة الجيوش والأنيق في المجانيق وغيرهما [انظر العصر المغولي: العلوم الدخيلة – العلوم الحربية والصيد والألعاب ونحوها].

  • (٢)
    الصور الطبية: وهي قديمة أيضًا وإن لم يصلنا منها شيء قديم؛ لأن العرب لما نقلوا الطب عن اليونان والفرس في العصر العباسي الأول يغلب أنهم نقلوا معه صور بعض الأعضاء التشريحية أو الحشائش والنباتات الدوائية لتمييزها بعضها عن بعض، كما فعل بعد ذلك رشيد الدين الصوري المتوفى سنة ٦٣٩ﻫ بتصوير الحشائش في كتاب الأدوية المفردة،٣ ولكننا لم نقف على شيء من هذه الصور بين الكتب المخطوطة التي وصلت إلينا، وإنما يمثل ذلك لذهننا مخطوط تركي اطلعنا عليه في الخزانة التيمورية اسمه «كتاب الأقراباذين والمفردات الطبية» كتب في أوائل القرن الثاني عشر للهجرة فيه رسوم للعقاقير النباتية والأعشاب الدوائية في غاية الإتقان تمثل بها الطبيعة تمثيلًا مدهشًا بالأصباغ على اختلاف ألوانها، ورسوم الآلات الكيماوية ومواعين صنع الأدوية والاستقطار كالأنابيق والأنابيب والأباريق والحمامات والكوانين والأجران، والآلات الجراحية كالنيشترات والمباضع والسكاكين والمقصات والكلاليب وغيرها، وقد لونت نصالها بما يشبه الفولاذ اللامع في أتقن ما يكون.
    أما الصور التشريحية فأقدم ما وصل إلينا منها تشريح العين لحنين بن إسحق مرسومة في كتابه المسمى «تركيب العين وعللها وعلاجها على رأي أبقراط وجالينوس»، وقفنا عليه في مجموعة خطية نفيسة في الخزانة التيمورية كتبت سنة ٥٩٢ﻫ تشتمل على تسعة كتب في أمراض العين من جملتها كتاب «تركيب العين» لحنين بن إسحق فيه بضع صور ملونة تمثل أشكال العين ورطوباتها وعضلاتها وحركاتها، وفي الشكل العاشر صورة منها تبين طبقات العين حسب تشريحها، فهي من مصنوعات القرن السادس للهجرة.
    fig36
    شكل ٣: تشريح العين، من كتاب تركيب العين لحنين بن إسحق.
  • (٣)
    الصور الميكانيكية: والصور الميكانيكية أحدث عهدًا مما تقدم؛ لأن العرب لم يهتموا بالميكانيكيات اهتمامًا خاصًّا إلا بعد عصر النقل، لكن الكتب الميكانيكية المصورة كثيرة وتعرف بكتب الحيل، وفيها صور الآلات الرافعة أو المحركة على اختلاف أنواعها، وقد تقدم ذكر بضعة كتب من هذا القبيل بين الكتب الصناعية في العصر المغولي أهمها كتاب الساعات والعمل بها، وكتاب الحيل [انظر العصر المغولي: العلوم الدخيلة – في الطبيعيات والصناعة]، وفيهما عشرات من صور الآلات بين ملونة وغير ملونة، وبينها آلات كثيرة التركيب تمثل مصنوعات مدهشة، وعلى كل حال فإن هذه الكتب لم تُكتب إلا بعد انقضاء القرن السادس للهجرة، وقد نشر المستشرق الفرنساوي كارا دي فو كتابًا عربيًّا في الميكانيكيات اسمه «الحيل الروحانية وميخانيقا الماء» عن نسخة مخطوطة في مكتبة باريس فيها كثير من الرسوم تمثل آلات مدهشة كالتنين الصناعي والطيور الصافرة، والكتاب منقول في الأصل عن فيلون البيزانطي، وفي مجلة المشرق (صفحة ٢٦٥ سنة ٧) مقالة في وصف هذا الكتاب جزيلة الفائدة.
  • (٤)
    الصور الأدبية والتاريخية: وهذه لا يظهر أن العرب التفتوا إليها قبل انقضاء القرن السادس المذكور، وأقدم الكتب الأدبية العربية المصورة على ما نعلم مقامات الحريري، نعني النسخة الموجودة في المتحف البريطاني وقد ذكرناها في كلامنا عن الحريري من هذا الكتاب [انظر العصر العباسي الرابع: علوم اللغة – علماء اللغة] كتبت سنة ٦٥٤ﻫ، وفيها ٨١ صورة ملونة نشرنا منها واحدة، وهي غير نسخة شيفر التي نقلنا عنها صورة سفينة عربية في الجزء الثاني [انظر العصر العباسي الثاني: الجغرافية والجغرافيون – مؤلفو الجغرافية الخاصة].
    ويضاهي هذه المقامات في القدم مخطوط عربي في مكتبة شلومبرجر من القرن السابع للهجرة (١٣ للميلاد) فيه عدة صور تاريخية بينها صورة جند عربي خارج إلى الحرب بجماله وأفراسه وأبواقه (انظر شكل٤).
    fig37
    شكل ٤: جند عربي، رسم في القرن السابع للهجرة (١٣ للميلاد).

    ولعل هذه الصور منقولة عن صور أقدم منها، لكننا نذكر أقدم ما بلغنا خبره، ويلي ذلك صور كثيرة في كتب مخطوطة بعد هذا التاريخ بينها صورة حصار بني النضير مرسومة في القرن الثامن للهجرة في كتاب مخطوط في المتحف البريطاني.

    ويدخل في هذا الباب كتب الرحلة أو الأقاليم، فإن من يطالعها يتبادر إلى ذهنه أن الرحالة لا بدَّ له من تصوير بعض ما يصفه فيها، ولم نقف من ذلك في كتبهم إلا على النادر، كما ذكرنا عن كتاب نخبة الدهر لشمس الدين الدمشقي [انظر العصر المغولي: الجغرافية والرحلات – في مصر والشام]، فإن فيه رسومًا تمثل الأسماك الغريبة وآلة استقطار العطريات وكروية الأرض وأقسامها وغرائب الأبنية في الصين وطواحين الهواء في سجستان ونحو ذلك لكنها غير متقنة، ويدخل فيه أيضًا كتب الفروسية؛ لأنها تحتاج إلى تمثيل الفرسان على خيولهم كما في كتاب الجهاد والفروسية وكتاب السؤل والمنية المتقدم ذكرهما.

    على أن هذا الفن انتقل نحو ذلك الزمن إلى غير العرب من المسلمين ولا سيما الفرس والمغول، وكان الفرس أهل تصوير قبل الإسلام ثم شغلهم التنازع تحت سيادة العرب، فلما اجتمعت كلمتهم وصاروا دولة واحدة بعد فتوح المغول وجهوا عنايتهم إلى هذا الفن فجمعوا بين ما كان عندهم وما شاهدوه من آثار الروم وما حمله المغول معهم من الشرق الأقصى، أخذوا في ذلك أولًا تحت سيطرة المغول، ولما استقل الفرس بدولتهم الصفوية ازدادوا رغبة فيه وأتقنوه، وكثرت الكتب المصورة عند المسلمين غير العرب، ولا سيما في زمن أكبر خان الشهير في القرن العاشر للهجرة، فأكثروا من تصوير المشاهد والأشخاص في الشاهنامة وتيمورنامة وكليات السعدى وظفرنامة اليزدي وتاريخ رشيد الدين وغيرها من كتب التاريخ والأدب، ومن أقدم صورهم التاريخية صورة مجلس ملك المغول في أوائل القرن الثامن للهجرة (١٤ للميلاد) نقلًا عن نسخة مخطوطة من تاريخ رشيد الدين (انظر شكل ٥).
    وفي المكتبة الخديوية كتب فارسية كثيرة مصورة بالألوان بينها عجائب المخلوقات للطوسي والشاهنامة للفردوسي وغيرهما من كتب الأدب والعلم والشعر، وليس فيها صورة أقدم من القرن الثامن للهجرة، والكتب المشار إليها معروضة للجمهور في المكتبة الخديوية، وهي متقنة من حيث وضوح الألوان ودقة الرسم دون الملامح.
    fig38
    شكل ٥: مجلس ملك المغول في أوائل القرن الثامن للهجرة.
  • (٥)
    الصور الدينية: والصور الدينية أبعد ما تكون عن أذهان المسلمين؛ ولذلك لا تجد شيئًا منها في كتبهم الدينية على اختلاف مواضيعها. ومن غريب ما رأيناه من هذا القبيل ثماني صور خيالية منشورة في كتاب الميزان الكبرى بالفقه الشافعي لعبد الوهاب الشعراني، وهو مطبوع في بولاق سنة ١٢٧٥، وقد مثل فيه صورًا في ذهنه لعين الشريعة وفروعها والصراط لمن استقام في دار الدنيا ومن اعوج وقباب الأئمة ونحو ذلك، مما لا نعرف له مثيلًا في غير هذا الكتاب.
    fig39
    شكل ٦: ثوب أبي عبد الله صاحب غرناطة كما صوره الإسبان بعد استيلائهم على بلده.

هوامش

(١) راجع تاريخ التمدن الإسلامي ٩٤ ج٥.
(٢) الهلال ١١٧ سنة ٢٠.
(٣) راجع الجزء الثاني من تاريخ آداب اللغة العربية صفحة ٣٤١.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤