تصدير

عندما فاز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الأدب عام ١٩٨٨، أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب مجلدًا يتضمن «وجهات نظر مصرية» في أدب هذا الأديب، تتمثل في مجموعة مقالات أبدعها النُّقاد المصريون في ترجمة إنجليزية رفيعة مع ببليوجرافيا موجَزة عما كُتِب عنه في الشرق والغرب، بعنوان:

Naguib Mahfouz: Noble 1988.
Egyption Perspectives.

وعلى امتداد التسعينيات لم تتوقف الدراسات التي كتبها العرب والأجانب عن نجيب محفوظ، وهي الدراسات التي كانت تتفاوت عمقًا وشمولًا وتخصصًا بين البحوث الجامعية والكتب العامة والمقالات الصحفية، وكان أهم ما يَلفت النظرَ في هذه جميعًا هو التحول في النظرة العالمية إلى أديبنا الكبير؛ إذ لم يعد مجرد كاتب عربي متميز عميق الصلة بمجتمعه وقضاياه وتحولاته، بل أصبح يُنظَر إليه باعتباره من أعمدة الأدب الإنساني على جميع مستوياته في أي مكان في العالم. والكتابات التي تتناوله تتفاوت أيضًا في ربطه بمصر والعالم العربي وأحداثه، بين اعتباره رمزًا للتحرر والتنوير والفكر الأصيل، وبين دراسته باعتباره أديبًا أجاد طرائق فنه وتطور، فشقَّ لنفسه أكثر من سبيل فني، وسلك أكثر من منهج أدبي؛ إذ لم يعد الروائي الذي ينسج على مِنوال غيره من أعلام الرواية في العالم، بل غدا روائيًّا وقصَّاصًا يتميز بطرائقه وأساليبه المتنوعة المتميزة المتفردة، بحيث وجدنا من الدارسين في الغرب من يَعقد مقارناتٍ صادقةً بينه وبين عمالقة القرن العشرين في العالم، فلا يَغمطه حقه من التميز والتفرد والنبوغ.

واليوم نستكمل ذلك العمل، فنقدِّم «وجهات نظر عالمية» إلى أدب نجيب محفوظ، ولمحة عن تيارات النقد الأدبي الذي تناوله، في صورة دراسة وافية وببليوجرافيا شاملة ومقدَّمة بالإنجليزية عن تطور لغة نجيب محفوظ ومشكلات المترجِم الذي قد لا يكون واعيًا بهذا التطور؛ فهذه في رأينا أنسب تحية لهذا العملاق في عيد ميلاده التسعين. وقد أنجز هذا العملَ اثنان ممن ساهموا في الكتاب الأول، وهما محمد عناني وماهر شفيق فريد، من زملائنا في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة.

نرجو أن يتقبل أديبنا الكبير هذا العمل — هديةً متواضِعة إليه في عيد ميلاده التسعين — وأن يمدَّ الله في عمره ويمتِّعه بالصحة والعافية.

سمير سرحان

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤