الأنشودة الأولى١

أفاق دانتي في منتصف طريق حياته فوجد نفسه في غابة مظلمة ضالًّا سواء السبيل، حيث قضى ليلة في عذاب شديد، ومع ذلك اعتزم أن يقص علينا ما لقيه فيها من خير وشر. تقدم دانتي فرأى جبلًا أضاءت الشمس قمته، فاتجه نحوه محاولًا أن يرتقيه، ولكن اعترض طريقَه ثلاثةُ وحوش، رمز الخطايا التي تَحيد بالبشر عن الطريق القويم، فتولاه رعب شديد، وأوشك أن يرجع القهقرى. وفي لحظة يأسه ظهر أمامه شبح بدا من طول صمته أبحَّ الصوت، وكان ذلك شبح فرجيليو شاعر اللاتين. علا وجهَ دانتي الحياءُ، عندما أدرك أنه أمام ذلك الروح العظيم. عطف فرجيليو على دانتي وأزال مخاوفه، وأوضح له أن من المتعذر عليه سلوك الطريق الذي أراده لارتقاء ذلك الجبل، ما دامت هذه الوحوش واقفة له بالمرصاد، ولم تظهر بعدُ القوة التي سوف تقضي عليها، وتنقذ إيطاليا المَهيضة. وأشار إلى أنه لا بد من اتباع طريق آخر، حتى يرى في الجحيم نفوس الآثمين يلقَون صنوف العذاب، ويدرك أصل الشقاء في الدنيا، ويشهد في المطهر عذاب النفوس التائبة التي تأمل بلوغ الفردوس بعد تطهرها، وقال إنه بعد اجتياز الجحيم، والجانب الأكبر من المطهر، سيتركه في رعاية من هو أجدر منه بالصعود إلى مدارج الفردوس. وتقدم فرجيليو إلى الأمام، وسار دانتي من ورائه.

(١) في منتصف طريق حياتنا،٢ وجدتُ نفسي في غابة مظلمة؛ إذ ضللتُ سواءَ السبيل.٣
(٤) آه، ما أصعب وصف هذه الغابة الموحشة الكثيفة القاسية، التي تُجدِّد ذكراها ليَ الخوف!٤
(٧) إنها شديدة المرارة حتى لا يكاد الموت يزيد عنها، ولكن لكي أتناول ما وجدتُ هناك من خير،٥ سأتكلم عن أشياء أخرى رأيتها فيها.٦
(١٠) لا أحسن أن أقول كيف دخلتها؛ فقد كنت مثقَلًا بالنوم في اللحظة التي حِدتُ فيها عن طريق الصواب.٧
(١٣) ولكن بعد أن بلغتُ أسفل تلٍّ٨ ينتهي عنده ذلك الوادي، الذي مزَّق مَرآه قلبي من الخوف،
(١٦) نظرتُ إلى أعلى، ورأيتُ مَنكِبيه وقد كسَتهما أشعة الكوكب الذي يهدي الناسَ في كل طريق،٩
(١٩) عندئذٍ هدأ قليلًا الخوف الذي بقي في بحيرة قلبي١٠ طوال الليلة التي قضيتها في أسًى شديد.
(٢٢) وكمَنْ خرج لاهث الأنفاس من البحر إلى الشاطئ، فيلتفتُ إلى المياه الرهيبة، ويتأمل،١١
(٢٥) هكذا التفتتْ روحي إلى الوراء وكانت لا تزال لائذةً بالفرار،١٢ لكي تُحملِق في الطريق الذي لم يدع أبدًا إنسانًا حيًّا.١٣
(٢٨) وبعد أن أرَحتُ قليلًا جسديَ المكدود، عدتُ إلى المسير في المرتقى القفر،١٤ وكانت قدمي المرتكزة هي السفلى دوامًا.١٥
(٣١) وانظرْ، عند وَشك بداية المرتقى فهدةً١٦ خفيفةً سريعةَ الحركة، كانت مغطاة بجلدٍ أرقط.
(٣٤) لم تبتعد من أمام وجهي، بل عاقت طريقي طويلًا، حتى اتجهتُ مراتٍ عديدةً لكي أرجع القهقرى.
(٣٧) كان الوقت أول الصباح، وقد صعدَت الشمس إلى أعلى مع تلك النجوم،١٧ التي صاحبَتها حينما حرَّك الحبُّ الإلهيُّ،١٨
fig3
دانتي في الغابة المظلمة (أنشودة ١: ٣٦).
(٤٠) لأول مرة،١٩ تلك الأشياءَ الجميلة،٢٠ وهكذا كانت ساعة النهار والفصل الحبيب سببًا في أن أؤمِّل خيرًا
(٤٣) في ذلك الوحش ذي اللون الزاهي،٢١ ولكن ليس إلى حدٍّ يغلب عنده ما نالني من الخوف، حينما رأيت أسدًا بدا لي.٢٢
(٤٦) وظهر هذا أنه قادم نحوي، برأسٍ مرفوع وجوعٍ غاضب، حتى بدا الهواء يرتعد منه.
(٤٩) وذئبةٌ بدَت في ضمورها مليئةً بكل الشهوات، وقد جعلتْ كثيرين يعيشون في شقاء،٢٣
(٥٢) ألقتْ عليَّ عبئًا كثيرًا، بالرعب الذي شعَّ من عينيها، ففقدتُ الأملَ في بلوغ القمة.
(٥٥) وكمنْ يحرص على الكسب،٢٤ ويحين الوقت الذي يُصيبه بالخسران، فتصبح كل أفكاره بكاءً وحزنًا؛٢٥
(٥٨) هكذا جعلني الوحش عدو السلام،٢٦ الذي دفعني — وهو يتقدم نحوي — إلى الوراء قليلًا قليلًا، حيث تصمت الشمس.٢٧
(٦١) وبينما كنت أهبط مندفعًا إلى الموضع الخفيض، ظهر أمام عينيَّ، مَن٢٨ بدا لطول صمته أبحَّ الصوت.٢٩
(٦٤) ولما رأيته في الفراغ الكبير صِحتُ به:٣٠ «كن رحيمًا بي، كائنًا مَن كنت، شبحًا أو إنسانًا حيًّا!»
(٦٧) فأجابني: «لست إنسانًا، وكنتُ من قبل إنسانًا، وكان أبواي من لمبارديا،٣١ وكانت مانتوا وطنهما معًا.
(٧٠) وُلدتُ في عهد يوليوس٣٢ ولو أن هذا كان متأخرًا،٣٣ وعشتُ في روما أيام أغسطس الطيب،٣٤ في عهد الآلهة المزيفين الكاذبين.٣٥
(٧٣) كنتُ شاعرًا،٣٦ وتغنيتُ باسم ذلك العادل ابن أنكيسيس،٣٧ الذي جاء من طروادة، بعد أن التهمت النيران إليوم الشامخة.٣٨
(٧٦) ولكن لِم تعود إلى مثل هذا الضيق؟٣٩ ولماذا لا ترتقي الجبلَ السعيد، الذي هو لكل سعادةٍ مبدأٌ ومنبع؟»
(٧٩) أجبتُه بجبين علاه الحياءُ:٤٠ «إذن أفأنت حقًّا فرجيليو، ذلك النبع الذي يفيض بالكلام نهرًا كبيرًا؟
(٨٢) يا مَن أنت لسائر الشعراء فخرٌ ونبراس، عسى أن ينفعني الآن الدرسُ الطويل والحب الشديد الذي جعلني أبحث في كتابك.٤١
(٨٥) أنت أستاذي ومَرجعي،٤٢ وأنت وحدك من قبستُ عنه الأسلوبَ الجميل، الذي أضفى عليَّ المجد.٤٣
(٨٨) انظر إلى الوحش،٤٤ الذي أرجعَني القهقرى. أَعنِّي عليه أيها الحكيم الذائع الصيت؛٤٥ لأنه يبعث الرِّعدة في عروقي وفي نبضات القلب.»٤٦
(٩١) أجابني إذ رآني أجهشُ باكيًا:٤٧ «إذا أردتَ النجاة من هذا المكان الموحش، فأجدَى عليك أن تسلك طريقًا غيره؛٤٨
(٩٤) لأن هذا الوحش الذي يُبكيك، لا يدع إنسانًا يمر في طريقه، بل يُعوِّقه كثيرًا، إلى أن يقتله،
(٩٧) وله طبيعةٌ شريرة جدُّ ملتوية، حتى إن شهوته الجامحة لا تشبع أبدًا، ويُصبح بعد الطعام أجوع من ذي قبل.٤٩
(١٠٠) والحيوانات التي يلقِّحها كثيرة،٥٠ وسيزيد عددها بعدُ، حتى يأتي السَّلوقيُّ٥١ الذي سيقتله وهو في غمرة الألم.
(١٠٣) إنه لن يتغذى بالأرض ولا الذهب، ولكن بالحكمة والحب والفضيلة، وسيكون شعبه بين الفلترو والفلترو،٥٢
(١٠٦) وسيكون منقذ إيطاليا المهيضة، التي مات في سبيلها بجراحهم: كميلَّا العذراء،٥٣ وأويريالوس٥٤ وتورنوس٥٥ ونيزوس.٥٦
(١٠٩) وسيطارده في كل المدائن، حتى يضعه من جديد في الجحيم، الذي أطلقه الحقدُ منها قديمًا.٥٧
(١١٢) لذا أعتقد وأرى الخير لك في أن تتبعني، وسأكون دليلك، وسأُخرجك من هنا خلال عالم أبدي،٥٨
(١١٥) حيث ستسمع الصرخات اليائسة، وترى النفوس القديمة المعذبة،٥٩ تصرخ كلٌّ منها طالبةً الموتة الثانية،٦٠
(١١٨) ثم ترى أولئك الذين يرضَون بين اللهب؛ لأنهم يأملون أن يأتوا يومًا إلى زُمرة السعداء.٦١
(١٢١) فإذا أردتَ بعدئذٍ الصعود،٦٢ فستجد نفسًا أخرى أجدر مني بذلك، وسأدعك في رعايتها عند رحيلي؛٦٣
(١٢٤) لأن الحاكم المُطلَق٦٤ الذي يحكم هناك في العلياء، لا يريد أن يأتي أحدٌ عن طريقي إلى مدينته؛٦٥ إذ كنتُ خارجًا على شريعته.٦٦
(١٢٧) إنه يحكم في كل مكان،٦٧ ويسيطر هناك؛٦٨ هناك عالمه وعرشه الرفيع، ما أسعد من اختاره إليه!»
(١٣٠) قلتُ له: «أيها الشاعر، إني أستحلفك باسم ذلك الإله الذي لم تعرفه،٦٩ ولكي تُجنِّبني هذا الشر٧٠ وما هو أسوأ؛٧١
(١٣٣) أستحلفك أن تقودني إلى المكان الذي حدثتني عنه الآن، حتى أرى باب بطرس القديس،٧٢ وأولئك الذين تجعلهم يذوقون سوء العذاب.»٧٣
(١٣٦) عندئذٍ تحرَّك هو، وبقيتُ من ورائه.٧٤
١  الأنشودة الأولى مقدمة للكوميديا، وتوضح خطتها العامة وهدفها الأساسي، وتشبه المقدمات الموسيقية التي تمهِّد للَّحن الموسيقي كله.
٢  يقصد سن الخامسة والثلاثين. وعبَّر دانتي عن ذلك في كتابه «الوليمة»:
Conv. IV. 23.
ولما كان دانتي مولودًا في ١٢٦٥؛ فيكون قد بلغ هذا العمر في ١٣٠٠. يرى بعض النقاد أن دانتي بدأ رحلته الخيالية مساء الخميس ليلة الجمعة ٧–٨ أبريل ١٣٠٠، واستغرقت الرحلة سبعة أيام.
٣  أي: إن دانتي ضل طريق الإيمان والفضيلة في الغابة المظلمة، رمز الحياة الآثمة.
٤  يحاول دانتي بهذه الأوصاف أن يعطي صورة حقيقية للغابة، وترمز إلى صعوبات الحياة وخطايا البشر.
٥  يقصد فرجيليو الذي سيلاقيه عما قليل.
٦  أي: الوحوش الثلاثة التي ستعترض سبيله.
٧  أي: إن ارتكاب الخطيئة أثقلَ أجفانَه، فضلَّ السبيل القويم. وفي الكتاب المقدس النومُ رمز الخطيئة:
Isaia, XXIX. 10; Gerem. LI. 39; Rom. XIII. 11.
٨  التل أو الجبل رمز الحياة الفاضلة، في مقابل الغابة، رمز الحياة الآثمة. ويذكر الكتاب المقدس جبل الرب:
Gen. XXII. 14; Sal. XVI; Gerem. XXXI. 23.
وورد هذا المعنى في التراث الإسلامي: القرآن، سورة البلد: ١١–١٦.
ابن الليث السمرقندي، قرة العيون ومفرج القلب المحزون (مطبوع على حاشية مختصر تذكرة القرطبي للشعراني)، القاهرة ١٣٠٨ﻫ، ص٧٥.
٩  أي: الشمس، كما يقول بطليموس. والمقصود أمل الآثم في أن ينال غفران الله.
١٠  يقول النص بحيرة القلب، والمقصود صميم القلب أو الفؤاد.
١١  أي: يتأمل الخطر الذي نجا منه وقد أوشك أن يقضي عليه.
١٢  كان دانتي من فرط الرعب لا يزال يشعر أن نفسه تحاول الهرب.
١٣  أي: الغابة.
١٤  هناك طريق يميل إلى الارتفاع بين الغابة والتل، وهو رمز للطريق بين حياة الخطيئة (الغابة) وحياة الفضيلة (التل). وهذا طريق مُقفِر؛ لأن أفرادًا قلائل يحاولون الخروج من الخطيئة إلى الفضيلة. ويشير الكتاب المقدس إلى هذا الطريق:
Matt. VII. 14; Rom. III. 12.
١٥  بدأ دانتي السير في هذا الطريق القفر المرتفع قليلًا بقدمه اليسرى، أي: العليا، وبذلك تكون القدم المثبتة التي يرتكز عليها هي القدم اليمنى، أي: السفلى، وهي التي يعتمد عليها في تحريك القدم اليسرى.
١٦  الفهدة رمز ملذات الجسد.
وتوجَد صورة للفهدة تُنسب لأندريا دي بونايوتو، والذي يُلقَّب بدا فيزتزه (سنوات نشاطه ١٣٤٣–١٣٧٧)، وهي في الكامبوسانتو في بيزا.
١٧  يُقال إن الشمس كانت في برج الحمل عند بدء الخليقة. والمقصود ليلة ٧-٨ أبريل ١٣٠٠.
١٨  أي: الله ذاته.
١٩  أي: عندما بعث الحبُّ الإلهي أولى نبضات الحياة في الكواكب والنجوم، عن طريق الملائكة.
٢٠  تُسمَّى الكواكب والنجوم بالأشياء أو الكائنات الجميلة؛ لأنها من أعجب ما في الوجود.
٢١  يؤثِّر منظرُ الطبيعة زمنَ الربيع في نفس دانتي، فيُبدِّد مخاوفه، ويبعث في نفسه الرجاء.
٢٢  الأسد رمز الكبرياء.
ويوجَد نحت مصنوع من البرونز للأسد، ويرجع إلى ١٢٨١، وهو في القصر العام في بيرودجا.
٢٣  الذئبة رمز الجشع. وترمز الوحوش الثلاثة إلى الخطايا التي تبعد الإنسان عن الحياة الفاضلة، وكانت الحيوانات المفترسة تُربَّى في العصور الوسطى في قصور النبلاء، وأمام دور الحكومة، وتوجَد صورة مشابهة للمعنى الذي قصد إليه دانتي في «الكتاب المقدس»:
Gerem. V. 6.
ووردَت صور الوحوش، مع اختلاف الوضع، في التراث العربي الإسلامي، مثل: المعري، أبو العلاء: رسالة الغفران، تحقيق وشرح عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، القاهرة، ١٩٥٠، ص٢١٤، ٢١٦.
وجاء في بعض صور المعراج الإسلامي عقباتٌ في صور أصوات تعترض رحلة النبي محمد إلى السماء، وكانت مترجمة إلى اللاتينية والفرنسية القديمة في عهد دانتي، كما ورد في كتاب تشيرولي:
Cerulli, E.: Il “Libro della Scala” e la questione delle Fonti arabo-spagnole della Divina Commedia, Roma, 1949, pp. 44–47.
ويوجَد نحت من البرونز للذئبة، ويرجع إلى القرن ١٤، وهو في القصر العام في سيينا.
٢٤  يوازن دانتي بين من يحرص على الكسب، فيخسر كل شيء ويناله الأسى والحزن، وبين نفسه عندما كان يأمل الوصول إلى قمة التل، ففقدَ هذا الأمل بظهور الوحوش الثلاثة.
٢٥  أي: إنه يبكي دون دمع، وهذا منتهى الألم.
٢٦  يفسر ماسيرون تعبير sanza pace بعدو السلام، ويرى غيره أنه يعني مَن لا يعرف السلام، أو العديم السكون.
٢٧  أي: في الغابة التي يسودها الظلام.
٢٨  هذا هو مارو، بوبليوس فرجيليوس (٧٠–١٩ق.م. Maro, Publius Vergilius). وُلد على مقربة من مانتوا، وعاش في كريمونا وميلانو وروما. ودرس الخطابة والفلسفة والأدب. وأصبح من المقربين إلى أغسطس قيصر. ودُفن على مقربة من نابلي. وهو من أعظم شعراء اللاتين، ويمثل العصر الذهبي. ومن مؤلفاته: الإنيادة (Æneid)، وأناشيد الريف (Georgics). درس دانتي آثار فرجيليو، واستمد من صوره وخياله وفنه، ومن فكرته عن زيارة الجحيم. اتخذ دانتي من فرجيليو دليلًا له في الجحيم وأكثرِ المطهر، وكان له بمثابة القائد والدليل والمعلم والحكيم والأب العطوف، فساعده على اختراق الصعاب، وأنقذه من الخطر، وشجَّعه وعلَّمه، وجعل دانتي من فرجيليو صورة من نفسه تتجاوب أفكارهما في هذه الرحلة الخيالية.
وفكرة دانتي عن فرجيليو كدليل له تشبه عند فرجيليو الكاهنة العجوز التي أرشدت إينياس عند هبوطه إلى الجحيم:
Virgil: Æneid, VI.
ويشبه هذا بعض ما ورد في تراث المسيحية في العصور الوسطى، مثل رؤيا القديس بولس:
Miguel Asin Palacios: Islam and the Divine Comedy, Eng. Trans. by H. Sunderland, London, 1926, p. 183.
وهناك شبه أيضًا بهذه الناحية في التراث الإسلامي، مثل ما جاء في المعراج المشار إليه، حيث كان جبريل يقود النبي محمد، وتقترب طريقة الشرح والحديث المتبادل في المعراج النبوي من صحبة دانتي وفرجيليو:
Cerulli (op. cit.) pp. 158, 166, 174, 181, 192.
٢٩  أصبح فرجيليو منسيًّا في العصور الوسطى؛ ولذلك بدا أنه لا يكاد يُسمع له صوت.
٣٠  ما إن رأى دانتي شبحًا أمامه حتى صاح به مستغيثًا.
٣١  لم يذكر فرجيليو اسمه، بل ترك هذا لدانتي واكتفى بذكر وطنه. وهذه طريقة لإثارة رغبة القارئ في المعرفة، وإشراكه في التفكير والإحساس بالقصيدة. ويُلاحَظ أن هناك خطأ تاريخيًّا؛ لأن اسم لمبارديا لم يكن معروفًا في زمن فرجيليو، وعُرفت لمبارديا باسمها بعد ذلك بخمسة قرون، عند غزو اللنجوبارد لشمالي إيطاليا.
٣٢  يوليوس قيصر (١٠٠–٤٤ق.م. Julius Caesar). من أعظم قُواد الرومان، وأصبح قنصلًا، وجعله فتح بلاد الغال معبود الشعب الروماني، وخرج عليه بومبي، وانتهت الحرب بينهما بانتصار يوليوس قيصر في موقعة فارساليا، ووصل قيصر إلى مصر، وأصبح دكتاتورًا في روما، فتآمر عليه أنصار الجمهورية وقتلوه.
ويوجَد تمثال نصفي ليوليوس قيصر من العصر الروماني، وهو في المتحف الوطني في نابلي.
٣٣  وُلد فرجيليو في ٧٠ق.م. وتوطد سلطان قيصر متأخرًا.
٣٤  أغسطس قيصر (٦٣ق.م.–١٤م Augustus Caesar). أصبح أحد أعضاء حكومة روما الثلاثية بعد مقتل يوليوس قيصر. وهزم ماركوس أنطونيوس وكليوباترا ملكة مصر في موقعة أكتيوم. ويُعتبر عصر الإمبراطور أغسطس العصر الذهبي لروما. وهو معاصر لفرجيليو، ونُقل قبره من برنديزي إلى قرب نابلي.
ويوجَد تمثال لأغسطس من العصر الروماني، وهو في متحف الفاتيكان.
وتوجَد صورتان قديمتان ليوليوس قيصر وأغسطس قيصر، وترجعان إلى القرن ١٤، في كتاب جوستو دي مينابووي، في متحف كورسيني في روما.
٣٥  أي: في عهد الوثنية الرومانية القديمة.
ويوجَد رسم لروما من عمل تاديو بارتولو (حوالي ١٣٦٢–حوالي ١٤٢٢) وهو في القصر العام في سيينا. كما يوجَد لها رسم آخر من صُنع تلاميذ جيرلاندايو في القرن ١٥، وهو في مكتبة الإسكوريال في إسبانيا.
٣٦  أهم صفة في فرجيليو هي شاعريته.
ويوجَد تمثال قديم لفرجيليو يرجع إلى حوالي ١٢٢٥، وهو قائم أمام قصر بروليتو في مانتوا.
٣٧  هو إينياس (Aeneas) بن أنكيزيس (Anchises)، ملك الدردانيين، وأحد أبطال حرب طروادة. وقَدِم إلى إيطاليا بعد خراب طروادة. ويَعدُّه دانتي — والأساطيرُ القديمة — مؤسسَ الإمبراطورية الرومانية. وكتب فرجيليو الإنيادة عنه.
وقد صنع برنيني (١٥٩٨–١٦٨٠) تمثالًا يرمز لإينياس وأنكيزيس، وهو في متحف بورجيزي في روما.
٣٨  إليوم (Ilium): قلعة طروادة في آسيا الصغرى، التي هدمها الإغريق بعد حصار دام ١٠ سنوات في القرن ١٢ق.م.
٣٩  أي: الغابة المظلمة.
٤٠  تولى دانتي الخجلُ عند مواجهة هذا الشاعر العظيم فجأة.
٤١  يقصد الإنيادة (Æneid)، وهي أهم آثار فرجيليو. وتتكون من أكثر من ١٠٠٠٠ بيت من الشعر، وتروي أسطورة إينياس، وتقص مخاطراته ووصوله إلى قرطاجنة، وقصته مع ديدو الملكة، وهبوطه إلى عالم الجحيم، وإقامته مستعمرة في لاتيوم بإيطاليا، التي تُعَد أصل الدولة الرومانية. ويمتاز أسلوب فرجيليو بالنقاء والسلاسة ودقة التعبير، وصوره حية غنية تمثِّل الأساطير والقصص والحياة والطبيعة وما بعد الحياة، واستمد منه دانتي مادة دسمة.
٤٢  أي: المؤلف الذي كان له عليه أعظم الأثر.
٤٣  هذا اعتراف دانتي بالجميل.
٤٤  أي: الذئبة.
٤٥  الحكيم من ألقاب الشعراء؛ لِما كسبوه من التجربة والعلم.
٤٦  هكذا بلغ الخوف والفزع بدانتي.
٤٧  لم يستطع دانتي المرهف الحس سوى البكاء من فرط الخوف.
٤٨  أي: يتبع طريق الجحيم والمطهر لكي يبلغ السعادة العلوية.
٤٩  لا يشبع الوحش المفترس أبدًا، ولا يزيد على الطعام إلا جوعًا. وفي «الكتاب المقدس» ما يشبه هذا المعنى:
Eccles, V, 10.
٥٠  أي: إن الوحوش المفترسة سيزيد عددها، وتنتشر صفة الجشع بين الناس.
٥١  يذكر دانتي لفظ Veltro، ومعناه كلب الصيد السلوقي. ويختلف النقاد في تحديد المقصود بهذا اللفظ؛ يرى بعضٌ أن دانتي قصد به كانْ جراندي دلا سكالا (Can Grande della Scala) أمير فيرونا، الذي لجأ إليه دانتي بعض الوقت. ويرى بعضٌ أنه الإمبراطور هنري السابع، الذي قَدِم إلى إيطاليا في ١٣١٢ ليحقق السلام. ويقول آخرون إن المقصود به أحد البابوات المصلحين، أو الروح القدس. وهذا يعني أية قوة يمكنها أن تُعيد السلام إلى إيطاليا المَهيضة.
٥٢  يختلف النقاد في تفسير لفظ Feltro؛ يرى بعضٌ أن المقصود به جبل فلترو في منطقة البندقية، أو مونتفلترو في إقليم رومانيا بإيطاليا. ويعتقد بعض أنه يعني القماش الخشن، رداء الزاهدين الصالحين.
٥٣  العذراء كميلا (Cammilla) ابنة ملك الفولشيين بإيطاليا، التي ماتت وهي تقاتل الطرواديين، كما ذكر فرجيليو في الإنيادة:
Virg., Æn., XI, 759 …
٥٤  أويريالوس (Euryalus): طروادي مات وهو يقاتل الشعب الفولشي:
Virg., Æn., IX, 179 …
٥٥  تورنوس (Turnus): ملك الروتوليين في إيطاليا، قتله إينياس:
Virg., Æn., XII, 919 …
٥٦  نيزوس (Nisus): بطل طروادي مات وهو يقاتل الشعب الفولشي، وكان مع أويريالوس في رحلة إينياس إلى إيطاليا:
Virg., Æn., IX, 179 …
٥٧  أي: إن الشيطان بعث الحسد من الجحيم إلى الدنيا لإغراء الناس وإفسادهم.
٥٨  أي: سيقوده خلال الجحيم الذي سيَلقى فيه الآثمون العذابَ الأبدي.
٥٩  أي: نفوس الآثمين قبل دانتي الذين يلقَون العذاب في الجحيم منذ بداءة الخلق.
٦٠  الموت الأول عنده هو موت الجسد في الأرض، والموت الثاني هو موت الروح الذي تطلبه النفوس المعذبة، لكي تخلص من آلامها الهائلة في الجحيم.
٦١  أي: نفوس المعذبين في المطهر، الذين يعذَّبون مؤقتًا، وسينتقلون بعد تطهُّرهم إلى الفردوس.
٦٢  أي: الصعود إلى الفردوس.
٦٣  يقصد بياتريتشي.
٦٤  في الأصل لفظ إمبراطور، أي: الله.
٦٥  المدينة هنا تعني الفردوس. يشبه هذا ما جاء في «الكتاب المقدس»:
Ebrei, XI, 10, 16; Apocal, XXII, 14.
٦٦  مات فرجيليو وثنيًّا؛ ولذلك فهو خارج على المسيحية.
٦٧  أي: في العالم كله.
٦٨  أي: في الفردوس. جاء هذا المعنى في «الكتاب المقدس»:
Isaiah, LXVI, 1; Reg., VIII, 27.
٦٩  لا يقبل دانتي اقتراح فرجيليو فحسب، بل يستحلفه بالله أن ينفذه فورًا.
٧٠  أي: الخطيئة في الدنيا.
٧١  أي: عذاب الجحيم.
٧٢  أي: باب المطهر:
Purg. IX, 76 …
٧٣  يقصد المعذبين في الجحيم.
٧٤  هذا تعبير عن مكانة فرجيليو عند دانتي، واحترامه إياه.
وقد ألَّف جادجي (من القرن ١٩) لحنًا موسيقيًّا عن هذه الأنشودة:
Gaggi, Adauto (Sec. XIX): II. 1°, canto dell’Inferno musica su parole.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤