الأنشودة الرابعة والعشرون١

رسم دانتي بعض صور الريف الإيطالي، ووصف الفلاح وقد استولى عليه اليأس عند نزول الصقيع، فيُعوِزه العشب، ثم يسترجع الأمل عندما تظهر أشعة الشمس، فيأخذ عصاه ويسوق القطعان لكي ترعى الكلأ. وازن دانتي بين حال الفلاح في هذين الموقفين، وحاله وفرجيليو عندما أخذهما اليأس، ثم تحوَّل إلى الاطمئنان والرضا بزوال الخطر. وصل الشاعران إلى جسر محطَّم، فرفع فرجيليو دانتي وساعده على اعتلاء الصخور، وجلس دانتي من الإعياء وهو لاهث الأنفاس. ولكن فرجيليو حمله على أن ينضو عن نفسه الإعياء، وقال له إن المجد لا يُنال فوق الفراش ولا تحت الأغطية، وإن قوة الروح تظفر في كل معركة، فنهض دانتي وقد استعاد قوته، ومضى الشاعران في سيرهما. سمع دانتي صوتًا ولكنه لم يفهم منه كلامًا، ونظر ولكنه لم يتبين شيئًا لشدة الظلام، ولذلك طلب إلى فرجيليو أن يهبط إلى الخندق السابع حتى يرى ويسمع. ورأى دانتي حشدًا من الزواحف الرهيبة التي لم يوجَد مثيلٌ لها في ليبيا ولا في إثيوبيا ولا في البلاد الواقعة على ساحل البحر الأحمر. وجرى بين الزواحف جماعةُ اللصوص وهم عراة، وقد كانت أيديهم مربوطة إلى الخلف بالزواحف. ورأى كيف تلدغ زاحفة أحد المعذبين، وكيف يحترق ويتحول إلى رماد، ثم يعود إلى شكله السابق، وكان ذلك المعذب هو فانِّي فوتشي، أحد اللصوص في بستويا في عهد دانتي. تولى فوتشي الخجلُ للحال التي كان عليها، ولم يشأ أن يترك دانتي يتمتع بالمشهد الذي رآه، فتنبأ له بالأحداث التي ستقع بين السود والبيض، وكيف يزول السود من بستويا، وتجدِّد فلورنسا شعبها وقوانينها، وتنشب معركة بيتشينو التي ينتصر فيها السود على البيض.

(١) في ذلك الجزء٢ من العام الناشئ،٣ عندما تعتدل أشعة الشمس في برج الدلو،٤ وتكون الليالي قد ولَّت عند منتصف اليوم،٥
(٤) وحينما يرسم الصقيع فوق الأرض صورة صِنوِه الأبيض،٦ ولكن تبقى آثار ريشته قليلًا؛٧
(٧) ينهض الفلاح الذي أَعوَزه العشب،٨ وينظر، فيرى الحقول قد ابيضَّت كلها، فيضرب فخذيه،٩
(١٠) ويعود إلى البيت، ويأسى جيئةً وذهابًا، كبائس لا يدري ما يفعل،١٠ ثم يعود إلى الخروج ويسترجع الأمل،
(١٣) عندما يرى أن قد تغيرت في برهة معالمُ الأرض، فيأخذ عصاه، ويسوق القطعان لترعى الكلأ؛١١
(١٦) هكذا جعلني أستاذي أيئَس، حينما رأيت وجهه يضطرب على هذا النحو، وهكذا سرعان ما جاء للداء الدواءُ؛١٢
(١٩) لأننا حينما جئنا إلى الجسر المحطم، اتجه إليَّ دليلي بذلك الوجه الرقيق، الذي رأيته من قبل عند سفح الجبل.١٣
(٢٢) وفتح ذراعيه بعد أن اختار في نفسه خطة، وقد فحص أولًا الحُطام بعناية، ثم أمسك بي.
(٢٥) وكذلك الذي يعمل ويُقدِّر، ويبدو دائمًا أنه أولًا يتدبر؛ هكذا — بينما كان يرفعني إلى قمة صخرة
(٢٨) كبيرة — تطلَّع إلى صخرة أخرى، وهو يقول: «تعلَّقِ الآن فوق تلك، ولكن جرِّب أولًا أتستطيع مثلُها أن تحملك.»١٤
(٣١) لم يكن طريقًا لمن يرتدي عباءة؛١٥ لأننا بمشقَّة، وهو خفيف وأنا إلى أعلى مدفوع،١٦ استطعنا أن نصعد من صخرةٍ إلى صخرة،١٧
(٣٤) ولو لم يكن المرتقى في هذا الشاطئ١٨ أقصر منه في الآخر،١٩ ولا أعلم عنه شيئًا، لكنتُ سأنهزم حتمًا.٢٠
(٣٧) ولكن لما كانت منطقة «الماليبولجي» تميل كلها نحو مدخل البئر السُّفلي؛ كان وضعُ كل وادٍ بحيث
(٤٠) يرتفع أحد شاطئيه ويهبط الآخر،٢١ ومع ذلك فقد وصلنا في النهاية فوق الحافة، حيث تبرز منها آخر صخرة.
(٤٣) كان نَفَسي في الرئتين مجهدًا، حينما أصبحتُ فوق، حتى لم أقوَ بعدُ على الصعود، بل جلستُ عند أول وصولي.٢٢
(٤٦) قال أستاذي: «الآن ينبغي أن تُحرِّر نفسك من هذا الإعياء، فلن يُنال المجد بالجلوس على الريش، ولا تحت الأغطية،٢٣
(٤٩) ومن يُنفِق حياته دون مجد،٢٤ يترك من نفسه أثرًا في الأرض، كدخان في الهواء، أو زَبَد في الماء.٢٥
(٥٢) وإذن فانهض! واقهر الإعياء بالنفس، التي تظفر في كل معركة، إذا لم تَنُؤ تحت جسدها الثقيل.٢٦
(٥٥) علينا أن نصعد مُرتقًى أطول،٢٧ ولا يكفي أنك رحلت عن هؤلاء،٢٨ إذا كنتَ تفهمني، فاعمل الآن بما يفيدك.»
(٥٨) نهضتُ حينئذٍ، وقد بدوتُ بالهواء مزوَّدًا بأفضل مما كنت أشعر، وقلت: «سرْ، فإني قوي جريء.»٢٩
(٦١) وأخذنا فوق الجسر الطريقَ الذي كان وعرًا ضيقًا صعب المسلك، وأشد انحدارًا من الطريق الأول.
(٦٤) وبينما كنتُ أتكلم مضيت، حتى لا أبدو مُتهالكًا، وهنا خرج صوت من الخندق الآخر، غير صالح لتكوين كلمات.٣٠
(٦٧) لا أعلم ماذا قال، مع أني كنت قد أصبحت فوق ظهر الجسر، الذي يعبر هنا،٣١ ولكن من تكلم بدا مُنفعلًا بالغضب.٣٢
(٧٠) وكنت قد اتجهتُ إلى أسفل، ولكن العينين القويتين٣٣ لم تستطيعا من الظلام أن تبلغا العمق، ولذلك قلت: «أستاذي، اعمل على أن تبلغ
(٧٣) الشاطئ الدائري الآخر، ولْنهبط عن هذا الحائط؛٣٤ لأني كما أسمع هنا ولا أفهم، كذلك أنظر إلى أسفل ولا أتبين شيئًا.»٣٥
(٧٦) قال: «لا أعطيك ردًّا غيره سوى الفعل؛ لأن المطلب العادل، ينبغي أن يتبعه العمل في صمت.»٣٦
(٧٩) نزلنا على الجسر عند الرأس، حيث يلتقي بالشاطئ الثامن، وعندئذٍ انكشف لي الوادي،٣٧
(٨٢) ورأيت هناك بداخله حشدًا مخيفًا من الأفاعي العجيبة الأنواع، حتى لا يزال يهرب دمي لذكراها.
(٨٥) ألا لا تفخرْ ليبيا برمالها بعد؛٣٨ لأنها إذا كانت تُنتج دَخَّانات،٣٩ وقَفَّازات،٤٠ وحفَّارات،٤١ ورقطاوات،٤٢ وأفاعين كذلك؛٤٣
(٨٨) فإن مثل هذه الطواعين٤٤ الكثيرة القاتلة، لم تظهر فيها أبدًا، ولا في إثيوبيا كلها، ولا في البلاد التي تقع على ساحل البحر الأحمر.٤٥
(٩١) وبين هذا الحشد البئيس القاسي، جرى قومٌ عراة ملكَهم الرعب، دون أملٍ في مخرج أو طلسم.٤٦
(٩٤) ربطت زواحف أيديهم إلى الوراء،٤٧ وثبتت فوق أعجازهم الرأسَ والذَّنَب، وتجمَّعت إلى الأمام في عُقد.
(٩٧) ها هو ذا واحد كان قريبًا إلى شاطئنا، وقد هاجمته زاحفةٌ ولدغته، حيث ترتبط الكتفان بالعنق.٤٨
(١٠٠) لم يُكتب أبدًا حرف «أ» أو «و» بسرعة هكذا،٤٩ كما اشتعل هو واحترق،٥٠ وكان عليه أن يتحول كله إلى رماد وهو يسقط،٥١
(١٠٣) وبعد انحلاله هكذا فوق الأرض، تجمَّع الرماد من تلقاء نفسه، واسترجع توًّا شكله الأول،٥٢
(١٠٦) وهكذا يؤكد كبار الحكماء،٥٣ أن العنقاء تموت ثم تولَد من جديد، عندما تقترب من تمام الخمسمائة عام،٥٤
fig9
اللصوص والأفاعي. (أنشودة ٢٤: ٨٥ …)
(١٠٩) ولا تتغذَّى في حياتها بالعشب ولا الحب، ولكن بقطرات البان٥٥ والحُمامي٥٦ وحدها، والمر٥٧ والناردين٥٨ هما آخر لفائفها.
(١١٢) وكمن يهوِي، ولا يعرف كيف هوى، بقوة شيطانٍ يجذبه إلى الأرض، أو بتقلص آخر يُقيِّد الإنسان،
(١١٥) وعندما ينهض ينظر فيما حوله بإمعان، وقد زاغ بصره لفرط ما عاناه من ألم، ويتنهد وهو يُبصر؛٥٩
(١١٨) هكذا كان ذلك المعذب حينما نهض. أيتها القوة الإلهية! كم أنتِ قاسية؛ إذ تصبِّين انتقامك بمثل هذه الضربات!٦٠
(١٢١) ثم سأله دليلي من كان، فأجابه حينئذٍ: لقد سقطت من تُسكانا منذ عهدٍ قريب، إلى هذه الهوة القاسية.
(١٢٤) ولما كانت لي صفات البغل، فقد لذَّت لي حياة البهائم لا البشر، إنني المتوحش فانِّي فوتشي،٦١ وكانت بستويا جحرًا يناسبني.»
(١٢٧) فقلت لدليلي: «قل له ألا يهرب، وسَله أية خطيئة ألقت به هنا في أسفل؛ فقد رأيته رجلَ دماءٍ وغضب.»٦٢
(١٣٠) لم يتظاهر ذلك الآثم بأنه لم يفهم ما سمعه، ولكنه اتجه نحوي بوجهه وفكره، وقد ارتسم عليه خجلٌ حزين،
(١٣٣) ثم قال: «مفاجأتك لي في البؤس حيث تراني، تُؤلمني أكثر مما أحسسته، حينما انتُزعتُ من الحياة الأخرى.٦٣
(١٣٦) ولا أستطيع أن أرفض ما تطلبه، لقد وُضعتُ طويلًا في أسفل؛ إذ كنتُ لصًّا في خزانة الكنيسة ذات الكنز الجميل،٦٤
(١٣٩) وكان غيري قد اتُّهم باطلًا.٦٥ ولكن لكيلا تتمتع بمثل هذا المشهد، إذا كنت ستصبح خارج الأماكن المظلمة أبدًا،
(١٤٢) فافتح أذنيك لنبوءتي واستمع؛ ستخلو بستويا أولًا من السود،٦٦ ثم تُجدِّد فيورنتزا٦٧ شعبها والقوانين.
(١٤٥) وسيأتي مارْس٦٨ من وادي ماجْرا،٦٩ بصاعقةٍ مطوية في سحبٍ مضطربة، وبعاصفةٍ هوجاء جامحة، سيثير
(١٤٨) معركةً في أرض بيتشينو،٧٠ وهنا سيشق الضباب فجأة، حتى ينال كلَّ أبيض٧١ منها جراحٌ.
(١٥١) قلت لك هذا ليحقَّ عليك الألم!»
١  هذه أنشودة اللصوص.
٢  بعد خوف دانتي وغضب فرجيليو في الأنشودة السابقة، يعود الجو الآن إلى الهدوء.
٣  أي: في الفترة من ٢١ يناير إلى ٢١ فبراير.
٤  في هذه الفترة — عندما تكون الشمس في برج الدلو — تبدأ أشعتها في الظهور بالنسبة لدانتي.
٥  يعني عندما يوشك أن يتساوى الليل بالنهار.
٦  يقول إن الصقيع يرسم صورة أخيه الأبيض، يعني الثلج، أي: إن الحقول تبدو مغطاة بطبقة من الثلج.
٧  يذوب الصقيع الهش بأسرع مما يذوب الثلج.
٨  أي: العشب الضروري للحيوان.
٩  المقصود أن الفلاح يضرب فخذيه يأسًا وقد ظن أن الثلج غمر الحقول.
١٠  هذا لأنه يظن أنه لن يستطيع الزراعة أو الرعي.
١١  يرسم دانتي بهذه الأبيات صورة رائعة لبعض مظاهر الحياة في الريف الإيطالي.
١٢  يقارن دانتي بين تقلُّب الطبيعة، وبين ما تولى فرجيليو من الغضب ثم الهدوء، وبين ما أصابه هو من الرعب والفزع، ثم الهدوء والطمأنينة.
١٣  أي: عندما ظهر له فرجيليو في أول الجحيم:
Inf., I, 61–63.
١٤  أي: إنه كان على دانتي أن يختبر الصخرة بيده أولًا، ليرى هل هي ثابتة، وهل تقوى على احتماله.
١٥  أي: لم يكن هذا طريقًا لمن يرتدي أردية من الرصاص الثقيل، وهو يعرِّض بالمنافقين:
١٦  أضفت «إلى أعلى» للإيضاح:
Inf., XXIII.
١٧  هكذا كان المرتقى صعبًا.
١٨  أي: الشاطئ الذي يؤدي إلى الوادي أو الخندق السابع.
١٩  أي: الجانب المؤدي إلى الوادي السادس.
٢٠  يعني أنه كان سيعجز حتمًا عن الصعود.
٢١  يرجع هذا الانحدار العام إلى طبيعة الجحيم المخروطية الشكل عند دانتي.
٢٢  هكذا بلغ التعب من دانتي، فجلس على الأرض حينما بلغ الصخرة.
٢٣  يعني أن بلوغ المجد يقتضي الجد والعمل والاحتمال. وأورد هوارتيوس مثل هذا التعبير:
Hor., Ars Poetica, 412.
٢٤  أضفت لفظ «مجد» للإيضاح.
٢٥  كان دانتي يتطلع دائمًا لنيل المجد، وهذا هو وقته.
٢٦  هذا تعبير عن صدى ما في نفس دانتي، وقد كان يغلب بقوة الروح كل المصاعب والعقبات. وأيُّ درس في هذا للناس!
٢٧  يشير فرجيليو إلى جبل المطهر، وسيكرر الإشارة إلى مراحل صعوده في مواضع كثيرة، كما سيأتي في المطهر:
Purg, III, 46–51; XI, 40; XIII, 1I, 65, 77; XXII, 183; XXV, 8; XXVII, 124.
٢٨  أي: لا يكفي أن يبتعد دانتي عن المعذبين، بل يجب أن يتخلص من كل الخطايا حتى يصبح جديرًا بالسعادة الأبدية.
٢٩  هكذا استرجع دانتي قوة الروح والجسد معًا.
٣٠  لعلها كانت كلمات سِباب ولعنات تشبه ما سيأتي بعد:
Inf., XXV, 3.
٣١  أي: فوق هذا الخندق.
٣٢  لا يحدد دانتي شخصية هذا الآثم.
٣٣  الأعين الحية القوية.
٣٤  يعني الجسر.
٣٥  نظرًا لعمق الخندق وإظلامه لم يفهم دانتي من أعلى الجسر الصوت الذي سمعه، ولم يميز ما بأسفل؛ ولذلك طلب إلى فرجيليو الهبوط إلى الخندق حتى يصبح قادرًا على الفهم والرؤية.
٣٦  يعني قد حان وقت العمل، ولا يجوز أن يكون هناك كلام دون عمل.
٣٧  هذا هو الوادي أو الخندق السابع حيث يُعذَّب اللصوص.
٣٨  اقتبس دانتي هذا من لوكانوس:
Luc., Phars., IX, 705 …
٣٩  الدخانة (chelydrus): أفعى تعيش أغلب الوقت في الماء، وإذا سارت على الأرض أثارت التراب الذي يشبه الدخان في تصاعده.
٤٠  القفازة أو الطفَّارة (jaculi): أفعى تقفز من الأشجار على فريستها.
٤١  الحفارة (pareas): أفعى تحفر الأرض بذَنَبها.
٤٢  الرقطاء أو النقطاء (cenchris): أفعى ذات جلد مرقَّش.
٤٣  أفعوان (amphisbaena): أفعى تتحرك إلى الأمام وإلى الخلف. ويُطلَق هذا اللفظ على ذكر الأفعى بعامة.
وأورد لوكانوس أسماء هذه الزواحف وصفاتها:
Luc., Phars., IX, 711 …
٤٤  يقصد بالطواعين الزواحف.
٤٥  يقصد الصحاري الواقعة على ساحل البحر الأحمر، أو صحاري بلاد العرب ومصر.
٤٦  الطلسم: نبات أو حجر سحري (elitropia)، من خصائصه البرء من السموم وإخفاء من يحمله، عند المشتغلين بالسحر.
٤٧  هذا جزء من عقابهم؛ لأنهم اعتادوا أن يسرقوا أموال الغير.
٤٨  أي: لدغته في رقبته.
٤٩  في الأصل: حرفا o وj، والمقصود أن احتراق المعذب وتحويله إلى رماد حدث بسرعة متناهية.
٥٠  أي: ذلك المعذب.
٥١  هوفاني فوتشي اللص.
٥٢  هذا للمزيد في عذاب اللصوص الأبدي.
٥٣  أي: الشعراء والعلماء القدامى.
٥٤  العنقاء (phoenix): طائر خرافي، واقتبس دانتي هذه الصورة عن أوفيديوس:
Ov., Met., XV, 393 …
ويوجَد تمثال من الحجر يمثِّل العنقاء، وهو في متحف الفاتيكان.
٥٥  قطرات البان (lagrime d’incenso): بخور عطِر الرائحة.
٥٦  الحمامي (amomo): نوع من البهار.
٥٧  المر (mirra): خشب ذكي الرائحة.
٥٨  الناردين (nardo): نبات يُستخرج منه بلسم للجروح.
٥٩  هذا وصف دقيق لبعض الحالات المرضية، ربما وقعت لدانتي ذاته، أو شهدها.
٦٠  أي: إن القوة الإلهية تنتقم لتحقيق العدالة.
٦١  فاني فوتشي (Vanni Fucci): لص مشهور في بستويا (Pistoia)، وكان من الجلف السود، ولم يتورع عن سرقة الكنائس، وكان يُسمَّى فاني فوتشي المتوحش.
٦٢  يشير دانتي إلى اشتراك فاني فوتشي في الصراع بين الجلف البيض والجلف السود في أواخر القرن ١٣.
٦٣  أحسَّ فوتشي بالخزي؛ لأن دانتي لم يره مع من ارتكبوا العنف، أو اتُّهموا بسرعة الغضب، ولكن رآه مع هؤلاء اللصوص، وفاق ألمُه عندئذٍ ما أحسَّه عند موته.
٦٤  المقصود بهذا كاتدرائية بستويا، وكانت تحتوي على تحف ثمينة من الذهب والفضة.
٦٥  اتُّهم بدلًا منه زورًا رامبينو دي رانوتشو فوريزي (Rampino di Ranccio Foresi)، وسُجن ظلمًا وعدوانًا.
٦٦  ساعد الفلورنسيون من الجلف البيض زملاءهم في بستويا لطرد السود منها في مايو ١٣٠١، ولكن وصل شارل دي فالوا بتحريض البابا بونيفاتشو الثامن في نوفمبر ١٣٠١، وطرد البيض من فلورنسا وما حولها، ووضع مكانهم السود.
٦٧  فيورنتزا (Fiorenza): النطق القديم لفيرنتزه (Firenze) بالإيطالية الحديثة، وفلورنسا في النطق الحالي الشائع المأخوذ عن الفرنسية والإنجليزية (Florence). وكرر دانتي تسميتها فيورنتزا:
Inf., X, 92; XVI, 75; XXVI, 1; XXXII, 120.
Purg, VI, 127; XX, 75.
Par., XV, 97; XVI, 84; 111, 146, 149; XVII, 48; XXIX, 103; XXXI, 39.
Ganz., XI, 77; XVIII, 50.
Conv., I, III, 22; II, XIV, 176.
ويكتبها كذلك بصور أخرى، مثل:
فيرنتزه (Firenze):
Conv., IV, XX, 39.
فيورنسا (Fiorensa):
V., El., I, XIII, 22.
فلورنتيا (Florentia):
V., El., I, VI, 25; II, VI, 47; XII, 16.
Epis., I, tit; VII, 7; VIII, tit; IX, 2, 4.
ويشير إليها في مواضع عديدة من مؤلفاته، فيقول مثلًا إنها المدينة المليئة بالحسد (Inf., VI, 49)، والمدينة المنقسمة (Inf., VI, 61)، والمدينة المنحرفة (Inf., XVI, 9)، ووكر الحقد (Inf., XV, 78)، وموطن ميلاده (Inf., X, 26; XXIII, 94–96; Purg., XXIV, 79; Par., VI, 53; IX, 127)، ويسميها المدينة العظيمة على ضفة الأرنو الجميل (Inf., XXIII, 95). ويرجع اسمها إلى الرومان الذين أطلقوا عليها فلورنسا، ثم أصبحت فيورنتزا. وفي الغالب اشتُق الاسم من الزهرة (floreo, fiore)، أي: زهرة الزنبق، رمز المدينة، وتُسمَّى مدينة الزهور.
وتقع فلورنسا في قلب تسكانا على نهر الأرنو، وتحيط بها التلال؛ في الشمال تلال فييزولي (Fiesole) وجبل موريلو (Morello)، وفي الجنوب تلال سان مينياتو (San Miniato) وبلوزجواردو (Bellosguardo)، ويقسمها الأرنو قسمين. ويُقال إن الرومان أنشئوا فلورنسا بعد هدم فييزولي في عهد يوليوس قيصر، ثم هدمها توتيلا ملك القوط في القرن ٦، ويُقال إن شارلمان أعاد بناءها بعد ثلاثة قرون. وكانت فلورنسا في العصور الوسطى مقسمة أربعة أحياء أو أبواب، وسُميت بأسماء بوابات سور المدينة؛ ففي الشرق باب سان بانكراتزيو (Porta San Pancrazio)، وفي الغرب باب سان بيترو (San Pietro)، وفي الشمال باب الكاتدرائية (Il Duomo)، وفي الجنوب باب سانتا ماريا (Santa Maria)، وفي الوسط وُجد السوق القديم (Mercato Vecchio). وعندما اتسعت المدينة، وبُنيت لها أسوار جديدة، زادت أحياؤها، وحلَّ مكان حي سانتا ماريا حيُّ سان بييرو سكيرادجو (Sesto San Piero Scheraggio)، وحي البرجو (Il Borgo)، وأُضيفَ حي أولترارنو (Oltrarno). وفي الخمسين سنة السابقة على ميلاد دانتي (١٢٦٥)، زادت مساحة فلورنسا، وتكاثر سكانها، وتضاعفت ثروتها، وارتفع شأنها السياسي.
ومن المباني والمنشآت التي شهدها دانتي، أو شهد بدء إنشائها في فلورنسا، الجسر القديم (Ponte Vecchio)، ويُقال إنه يرجع إلى عهد الرومان، ثم هدمه فيضان ١٣٣٣، وأعاد بناءه تاديو جادي في ١٣٦٢. وأُنشئَ جسر كارايا (Ponte alla Carraia) في ١٢٢٠ لمنفعة ضاحية أنييسانتي (Ognissanti)، التي اشتهرت بنسج الحرير والصوف، وهدمه فيضان ١٣٣٣، وأُعيدَ بناؤه في وقت متأخر. وأُنشئَ جسر روباكونتي (Rubaconte)، الذي يُعرَف الآن بجسر جراتزيي (Grazic) في شرق الجسر القديم في ١٢٣٧. وأُقيمَ جسر سانتا ترينيتا (Santa Trinità) بين الجسر القديم وجسر كارايا في ١٢٥٢. ومن هذه المباني معمدان سان جوفاني (San Giovanni) الذي بُني في القرن السابع أو الثامن، وكنيسة سان مينياتو (San Miniato)، التي كانت قائمة قبل عهد شارلمان وجُدد بناؤها، والباديا (Badia)، الدير القديم للرهبان البندتيين، الذي أُنشئَ في ٩٧٨، وكنيسة سانتا أنونتزياتا (Santa Annunziata)، التي أُنشئت في ١٢٦٢، وكنيسة سانتا كروتشي (Santa Croce)، التي أُنشئت من ١٢٩٤ إلى ١٤٤٢، وكنيسة سان لورنتزو (San Lorenzo)، التي أُنشئت في ٣٩٠، واحترقت في ١٤٢٣، وأعاد آل مديتشي بناءها في القرن ١٥، وكنيسة سانتا ماريا نوفلا (Santa Maria Novella)، التي أُنشئت من ١٢٧٨ إلى ١٣٤٩، وكنيسة سان مارتينو دي بونوميني (San Martino de’ Buonomini)، التي أُقيمت في حوالي ١٠٠٠، وكنيسة سانتا ترينيتا (Santa Trinità)، التي أُنشئت في ١٢٥٠، وكنيسة سانتا ماريا دل فيوري (Santa Maria del Fiore)، وهي الكاتدرائية، وأُنشئت في مكان سانتا ريباراتا (Santa Riparata) من ١٢٩٤ إلى ١٤٥٦، وكنيسة الرحمة (Misericordia)، وأُنشئت في ١٢٤٤، ومستشفى الأبرياء (اللقطاء) (Ospedale degli Innocenti)، وأُنشئَ في ١٢١٨، ومستشفى سانتا ماريا نووفا (Santa Maria Nuova) بناه فولكو بورتيناري في ١٢٨٧، وقصر العمدة أو البرجلو (Palazzo del Podestà, II Bargello)، وأُنشئَ في ١٢٥٠، وقصر السنيوريا أو القصر القديم (Palazzo della Signoria, P. Vecchio)، وأُنشئَ من ١٢٩٨ إلى ١٣١٤.
وستصبح فلورنسا مركز حركة النهضة، وستكون بمثابة أثينا العصر الحديث في خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وسيرعى آل مديتشي (J. Medici) هذه الحركة العظيمة، وسيظهر في فلورنسا عباقرة يُخرجون روائع الأدب والفن والعلم والسياسة، مثل بتراركا (١٣٠٤–١٣٧٤)، وبوكاتشو (١٣١٣–١٣٧٥)، وسافونارولا (١٤٥٢–١٤٩٨)، وليوناردو دا فنتشي (١٤٥٢–١٥١٩)، وميكلأنجلو (١٤٧٥–١٥٦٤)، وماكيافلي (١٤٦٩–١٥٢٧). ولا تزال فلورنسا حتى الآن بثمراتها الخالدة مدرسةً عالمية يحج إليها الدارسون من أنحاء الأرض.
وقد زرت فلورنسا منذ صيف ١٩٣٤ إلى صيف ١٩٦٦ سبع عشرة مرة، وإني أَعدُّها مدينتي، وهي عندي من أعز مدن الدنيا، وهي ذات سحر وجمال وروعة ليس من السهل التعبير عنها.
٦٨  مارس (Mars): إله الحرب عند الرومان، وابن جوبيتر، وأبو رومولوس مؤسس روما، في الميتولوجيا القديمة، وكان حامي فلورنسا في العهد الوثني.
٦٩  وادي ماجرا (Val di Magra) يقع في طرف لونيدجانا، في الشمال الغربي من تسكانا، وكانت تابعة لآل مالاسبينا في عهد دانتي.
٧٠  بيتشينو (Piceno): المنطقة الواقعة بين مونتكاتيني ووادي سيرا، حيث وقعت المعركة بين البيض والسود في ١٣٠٢، وانتصر السود بقيادة مورويلو مالاسبينا.
٧١  أي: كل رجل من حزب البيض.
وحينما رسم رافايلو (١٤٨٣–١٥٢٠) صورة سان ميشيل الصغير وهو يقتل التنين، استوحى الأنشودات ٢٢ و٢٣ و٢٤، بما فيها من صور الشياطين والزواحف، كما استوحى الأنشودة ٢٣ بما فيها من صورة المنافقين الذين يسيرون تحت أردية وقلانس من الرصاص الثقيل. والصورة موجودة في متحف اللوفر في باريس.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤