الأنشودة السابعة والعشرون١

ابتعدت شعلة النار التي احتوت روح أوليسيس، وظهرت شعلة أخرى خرج منها صوت غريب، يشبه صوت بيريلُّوس داخل الثور النحاسي في الميتولوجيا اليونانية. وبعد قليل سمع دانتي صوتًا من شعلة النار يعبر عن رغبة صاحبه في التحدث إلى من سمع كلامه اللمباردي. تساءل صاحب الصوت عن أحوال رومانيا، وهل تعيش في حرب أم سلام. دعا فرجيليو دانتي إلى إجابة ذلك المعذب، فقال دانتي إن قلوب طغاة رومانيا لم تخلُ أبدًا من الحرب، ولو أنه لم يتركها في قتال سافر. وقال له إن رافنا تحت حكم آل بولنتا، وفورلي تحت حكم آل أورديلافي، وإن المالاتستيين ينهشان مونتانيا دي بارتشيتاتي، وماجيناردو دا سوزينانا يحكم فاينتزا وإيمولا. لم يعرف ذلك المعذب أن دانتي إنسان حي؛ ولذلك أعلن استعداده للإفصاح عن شخصه دون أن يخشى سوء الأحدوثة في الدنيا. قال المعذب جويدو دا مونتفلترو إنه كان من رجال الحرب، ثم أصبح من الرهبان الكرديليين، ولكن القسيس الأعظم بونيفاتشو الثامن أعاده إلى سابق آثامه. كان جويدو يقوم بأعمال الثعالب، واتخذ الحيل والخداع لبلوغ مآربه، وأراد التوبة، ولكن بونيفاتشو بحث عنه ودعاه كطبيب لكي يخلصه من حمَّى كبريائه. سأله الرأي فيما يفعل لكي يهدم قلعة بينسترينو، ومنحه الغفران مقدمًا، فأشار عليه جويدو بأن يبذل الوعود العريضة مع الوفاء بالقليل منها. وهكذا لم تنفع جويدو التوبة؛ لأنه لا يمكن الجمع بينها والرغبة في الإثم. وهبط إلى مينوس الذي أرسله إلى هذا الموضع من الجحيم لكي يلقى جزاءه الحق، ثم تحركت شعلة النار وهي تتألم وتتمايل وتهز قرنها المدبب. وسار فرجيليو ودانتي لبلوغ الخندق التاسع.

(١) كانت الشعلة عندئذٍ منتصبة إلى أعلى وهادئة؛٢ إذ لم تتكلم مزيدًا،٣ وكانت قد ابتعدت عنا بالإذن من الشاعر الحبيب،٤
(٤) حينما جعلت أخرى، وقد جاءت من ورائها،٥ عيوننا تتجه إلى طرفها، بالصوت المضطرب الذي خرج منها.٦
(٧) وكالثور الصقلي،٧ الذي أرسل خواره أولًا، في عويل ذلك الذي سواه بمبرده، وكان ذلك من العدل،٨
(١٠) واستمر يخور بصوت المعذب،٩ ومع أنه كان ثورًا مصنوعًا من نحاس، فقد بدا بالألم مطعونًا؛١٠
(١٢) هكذا عندما لم تجد الكلمات الحزينة، من البدء، طريقًا في النار ولا مخرجًا، تحولت إلى حسيس النار،١١
(١٦) ولكن بعد أن وجدت الكلمات طريقها إلى أعلى في طرف الشعلة، وهي تسبب لها تلك الهزات، التي تحدث للسان عند مرورها،
(١٩) سمعناها تقول:١٢ «أنت يا مَن أوجِّه إليه صوتي، وقد تكلم بلهجة لمبارديا وهو يقول:١٣ «والآن اذهب، فلست أطلب منك مزيدًا»،١٤
(٢٢) إني وإن كنت ربما تأخرت قليلًا، فلا يسؤك البقاء للتحدث معي، فإنك ترى أني غير مستاء وأنا أحترق!١٥
(٢٥) إذا كنتَ قد هبطتَ الآن توًّا، إلى هذا العالم الأعمى١٦ من تلك الأرض اللاتينية العزيزة،١٧ التي حملت منها كل خطيئتي،١٨
(٢٨) فقل لي أأهل رومانيا١٩ في حربٍ أم سلام؛ إذ كنت من الجبال الواقعة هناك، بين أوربينو٢٠ والقمة التي ينبع منها التيبر.»٢١
(٣١) وكنت لا أزال منتبهًا إلى أسفل ومنحنيًا، عندما لمس دليلي عطفي،٢٢ وهو يقول: «تكلم أنت، فهذا من اللاتين.»٢٣
(٣٤) وأنا الذي كنت حاضر الجواب، بدأت الكلام دون إبطاءٍ:٢٤ «أيتها النفس المختفية هناك من أسفل،٢٥
(٣٧) إن وطنك رومانيا ليس الآن، ولم يكن أبدًا، دون حربٍ في قلوب طغاته، بيدَ أني لم أتركه الآن في قتالٍ سافر.٢٦
(٤٠) ورافنا قائمةٌ كما كانت منذ سنواتٍ كثيرة،٢٧ ويجثم فوقها نسر بولنتا،٢٨ بحيث يغطي تشيرفيا بجناحيه.٢٩
(٤٣) والمدينة٣٠ التي قاست قبلُ تجربةً طويلة،٣١ وجعلت من الفرنسيين أكداسًا دامية، تجد نفسها بعدُ تحت المخالب الخضراء.٣٢
(٤٦) ودرواسا فيروكيو، العجوز والشاب،٣٣ اللذان وضعا مونتانيا في حالٍ سيئة،٣٤ هناك حيث اعتادا، يجعلان من الأسنان مثقبًا.٣٥
(٤٩) ويحكم مدينتَي لاموني وسانتيرنو،٣٦ الشبل ذو العرين الأبيض،٣٧ الذي يغير حزبه من الصيف إلى الشتاء.٣٨
(٥٢) وتلك المدينة التي يبلل جانبها السافيو،٣٩ كما هي تقع بين السهل والجبل، كذلك تعيش بين الطغيان والحرية.٤٠
(٥٥) والآن أرجو أن تخبرنا من أنت،٤١ ولا تكن أقسى مما كان عليه غيرك،٤٢ وليحفظ اسمك في الأرض صداه.»٤٣
(٥٨) وبعد أن زمجرت النار على أسلوبها قليلًا، خفق طرفها المدبب من ناحية لأخرى، ثم أرسلت هذه الأنفاس:٤٤
(٦١) «لو أني اعتقدت أن إجابتي كانت لشخص سيعود إلى الدنيا أبدًا،٤٥ لبقيت هذه الشعلة دون أن تحرك ساكنًا،
(٦٤) ولكن لما لم يكن قد رجع أبدًا من هذا العمق إنسان حي، إذا صح ما أسمع، فإني أجيبك دون أن أخشى سوء السمعة.٤٦
(٦٧) كنت من رجال الحرب، ثم أصبحت راهبًا كرديليًّا، معتقدًا أني أُكفِّر عن خطيئتي وقد تمنطقت هكذا،٤٧ ومن المؤكد أن اعتقادي كان سيتحقق،
(٧٠) لولا القسيس الأعظم،٤٨ فليُصِبه الشر! فهو الذي أعادني إلى آثامي الأولى، وأرجو أن تسمع مني كيف ولماذا.
(٧٣) بينما كنت صورة من عظم ولحم، كما منحتني إياها أمي، لم تكن أعمالي أعمال أسد، بل ثعلب.٤٩
(٧٦) كلَّ الحيل والطرق الخفية عرفتُ، وهكذا استخدمتُ فنونها، حتى خرج صداها إلى أطراف الأرض.٥٠
(٧٩) وحينما رأيت أني بلغت تلك الفترة من عمري، التي ينبغي على كل إنسانٍ أن يخفض فيها أشرعته، ويجمع حباله،٥١
(٨٢) وأن ما كان من قبلُ يسرني أصبح حينئذٍ يحزنني؛ جعلت نفسي راهبًا وأنا نادمٌ معترفٌ بالإثم، ويا بؤسًا لي! كان ينبغي أن ينفعني هذا!
(٨٥) إن أمير الفريسيين الجدد،٥٢ وقد أعلن الحرب على مقربة من لاتيرانو،٥٣ لا على العرب ولا على اليهود،٥٤
(٨٨) لأن كل عدوٍّ له كان مسيحيًّا، ولم يذهب أحدهم لفتح عكا،٥٥ ولم يتجر في بلاد السلطان؛٥٦
(٩١) إنه لم يُراعِ في شخصه المركز الرفيع٥٧ والنُّظم المقدسة، ولا في شخصي ذلك الحبل،٥٨ الذي اعتاد أن يجعل مَن تمنطقوا به أنحف جسمًا.٥٩
(٩٤) ولكن كما بحث قسطنطين عن سلفسترو٦٠ في داخل جبل سيراتي،٦١ ليشفيه من البرص، كذلك دعاني هذا طبيبًا،
(٩٧) لكي أشفيه من حمى كبريائه،٦٢ وسألني الرأي فلزمت الصمت؛ لأن كلماته بدت لي سَكرى.
(١٠٠) ثم استأنف القول: «لا يأخذنَّ قلبَك الشكُّ، إني أخلِّصك من الآن، ولتعلِّمني ماذا أفعل لكي أُلقي ببينسترينو إلى الأرض.٦٣
(١٠٢) إني مستطيع أن أفتح السماء وأغلقها؛ ولذلك فالمفتاحان اللذان لم يكونا عزيزين لدى سلفي هما اثنان.»٦٤
(١٠٦) وحينئذٍ دفعتني الكلمات الخطيرة، إلى حيث بدا لي أن الصمت أسوأ،٦٥ فقلت: «أبتاه»، ما دمت تُطهِّرني
(١٠٩) من تلك الخطيئة، التي عليَّ الآن أن أقع فيها، فإن الوعد العريض مع الوفاء القليل، سيجعلك مظفَّرًا فوق الكرسي الرفيع.»٦٦
(١١٢) ثم جاءني القديس فرنتشسكو عند موتي، ولكن قال له أحد الشياطين السود:٦٧ «لا تأخذه، ولا ترتكب معي خطأً.٦٨
(١١٥) إنه ينبغي أن يهبط إلى أسفل بين مساكيني؛٦٩ لأنه بذل خادع الرأي، ومنذ ذلك الوقت وأنا ممسكٌ به من شعره؛
(١١٨) لأنه لا يمكن غفران ذنوب من لا يندم، ولا الجمع بين التوبة وإرادة الشر، للتعارض الذي لا يبيح ذلك.»
(١٢١) وا بؤسًا لي! كيف تولاني الرعب، حينما أمسك بي وهو يقول: «ربما، لم تفكر أني كنت من أهل المنطق!»٧٠
(١٢٤) ثم حملني إلى مينوس، ولفَّف ذَنَبه ثماني مراتٍ حول ظهره المتصلِّب، وبعد أن عضَّه وهو في شدة الغضب،٧١
(١٢٧) قال: «هذا من الآثمين في النار السارقة»؛٧٢ ولذلك فإني مفقود حيث تراني، وفي هذا الرداء أتألم وأنا أسير.»٧٣
(١٣٠) وحينما أنهى كلامه هكذا، ارتحلتْ شعلة النار وهي تتألم، وتتمايل وتهز قرنها المدبب.٧٤
(١٣٣) مضينا إلى الأمام أنا ودليلي، فوق الصخر إلى أعلى حتى الجسر الآخر، الذي يغطي خندقًا٧٥ يؤدَّى فيه الحساب،
(١٣٦) لأولئك الذين يزرعون الفتن، فيحصدون الأوزار.٧٦
١  هذه تكملة للأنشودة السابقة، وتُعرَف بأنشودة جويدو دا مونتفلترو.
٢  أي: سكن لسان الشعلة عن الحركة.
٣  أي: امتنع أوليسيس عن الكلام.
٤  هكذا ينعت دانتي فرجيليو بالشاعر الحلو أو الحبيب أو الرقيق.
٥  احتوت هذه الشعلة روح جويدو دا مونتفلترو.
٦  يشبه صوت المعذب شهيق النار وزفيرها.
٧  صنع بيريلوس (Perillus) لفالاريس (Phalaris)، طاغية صقلية، ثورًا من النحاس لكي يحرق فيه أعداءه وهم أحياء، بحيث يخرج صراخهم الرهيب من فم الثور كأنه خُواره، كما ورد في الميتولوجيا القديمة.
وتوجَد صورة للثور الصقلي والنار مشتعلة من تحته، وتطل من ظهره المفتوح رءوس وصدور المعذبين، وهي في كنيسة سانتا ماريا في بومبوزا.
٨  كان من العدل أن يجرب فالاريس هذا التعذيب أولًا في صانع الثور النحاسي:
Ov., Tristia, III, 41 …; Ars Am., I, 653–656.
٩  كان المعذب في باطن الثور يطلق صراخه.
١٠  أي: إن الثور النحاسي بدا كثور حقيقي لفظاعة الصراخ الذي خرج من باطنه.
١١  أي: إن الألفاظ التي لم تجد لها مخرجًا من النار تحولت إلى صوت النار ذاتها.
١٢  هذا هو صوت جويدو دا مونتفلترو.
١٣  عرف أن فرجيليو من لمبارديا عندما سمع كلامه.
١٤  أي: عندما أباح فرجيليو الانصراف لروح أوليسيس منذ قليل.
١٥  هكذا حاول جويدو دا مونتفلترو أن يحمل دانتي على التحدث إليه.
١٦  لم يتبين أن فرجيليو يصحبه إنسان حي.
١٧  أي: أرض إيطاليا.
١٨  يعني أن التوبة والغفران البابوي لم يخففا شيئًا من خطيئته.
١٩  تقع رومانيا (Romagna) على حدود تسكانا، وتطل على الأدرياتيك.
٢٠  أوربينو (Urbino): مقر جويدو دا مونتفلترو، وهو موطن رافايلو سانتزيو، المصور العظيم.
٢١  جبل كورنارو (Monte Cornaro) في الأبنيين هي القمة التي ينبع منها نهر التيبر.
٢٢  سبق مثل هذا القول:
Inf., XII, 67.
٢٣  أي: إيطالي. وسبق هذا التعبير:
Inf., XXII, 65.
٢٤  أثار حديث جويدو دا مونتفلترو ذكريات رومانيا في نفس دانتي.
٢٥  هذا هو جويدو دا مونتفلترو (١٢٢٣–١٢٩٨ Guido da Montefeltro)، أحد زعماء الجبلين، واتخذ مقره في أوربينو، وهزم الجلف في أكثر من موقعة. ودافع عن فورلي ضد القوات الفرنسية التي أرسلها البابا مارتينو الرابع لحصارها. وفي النهاية حلت به الهزيمة، فأعلن خضوعه للبابا، ونُفي إلى بييمونتي، وأقام بعض الوقت في بيزا، وشهد مأساة الكونت أوجولينو، وأصدرت الكنيسة ضده قرار الحرمان. ودخل أخيرًا نظام رهبان الفرنتشسكان.
٢٦  سادت فترة سلام في رومانيا من ١٢٩٩، بتنازلها عن قلعة باتزانو لبولونيا، وإن لم يقضِ هذا على عوامل الخلاف بين زعماء الجلف والجبلين فيها.
٢٧  أصبحت رافنا تحت حكم آل بولنتا (I Polenti) منذ ١٢٧٠.
٢٨  كان النسر علامة آل بولنتا.
ويوجَد حَفر يمثِّل شارة نسر بولنتا، وهو في كنيسة سانتا أويفيميا في فيرونا.
٢٩  تشيرفيا (Cervia): قرية صغيرة في جنوب رافنا على ساحل الأدرياتيك.
٣٠  أي: فورلي (Forli) الواقعة في جنوبي غرب رافنا، وقد هزم جويدو دا مونتفلترو القوات الفرنسية التي أرسلها البابا للاستيلاء عليها في ١٢٨٢.
٣١  أي: حصار القوات الفرنسية لها شهورًا طويلة.
٣٢  كان الأسد الأخضر علامة آل أورديلافي (Gli Ordelaffi) الجبلين أصحاب فورلي.
ويوجَد حفر يمثل شعار هذه الأسرة، وهو في كنيسة سان بيادجو في فورلي.
٣٣  الدرواس: كلب الحراسة الضخم. وفيروكيو (Verrucchio) هي قلعة آل مالاتستا. والمقصود بدرواس فيروكيو العجوز، ودرواسها الصغير مالاتستا ومالاتستينو دي مالاتستا (Malatesta e Malatestino dei Malatesta)، اللذان حكما حكم الطغيان في ريميني في النصف الثاني من القرن ١٣. ومالاتستينو هو أخو جانتشوتو وباولو، أولهما زوج فرنتشسكا، والثاني عاشقها، كما سبق:
Inf., V, 72 …
٣٤  مونتانيا دي بارتشيتاتي (Montagna de’ Parcitati): زعيم الجبلين في ريميني، وقد حبسه آل مالاتستا، وقتلوه في ١٢٩٥.
٣٥  يعني أنهما نهشا لحم الناس بالأسنان.
٣٦  أي: مدينة فاينتزا (Faenza) الواقعة على مقربة من نهر لاموني (Lamone)، ومدينة إيمولا (Imola) الواقعة على مقربة من نهر سانتيرنو (Santerno).
٣٧  أي: ماجيناردو باجاني دا سوزينانا (Maghinardo Pagani da Susinana)، وكان رنكه على صورة أسد في محيط من الفضة، وحكم فاينتزا وإيمولا، وكان من الجبلين، ولكنه ساعد الجلف في فلورنسا، ومات في مطلع القرن ١٤.
٣٨  أي: إنه كان ينتقل من حزب الجبلين إلى حزب الجلف بسرعة، وتبعًا للمصلحة.
٣٩  أي: مدينة تشيزينا (Cesena) الواقعة على نهر السافيو (Savio) في شمالي إيطاليا.
٤٠  أي: إنها كانت تتمتع بالحرية، ولكن سيسيطر عليها مالاتستينو في ١٣١٤. وهكذا قدَّم دانتي عرضًا عامًّا لمدن رومانيا وذكرياتها.
٤١  يسأل دانتي جويدو دا مونتفلترو أن يعلن عن شخصه ويقص أخباره.
٤٢  يرجو دانتي ألا يرفض جويدو الإجابة، كما لم يرفض فرجيليو إجابته من قبل.
٤٣  أي: فلتبقَ سمعتك طيبة في الدنيا أمام ما قد ينالها من سوء.
٤٤  هكذا بدأ جويدو دا مونتفلترو الكلام.
٤٥  لم يكن جويدو قد عرف بعدُ أن دانتي إنسان حي.
٤٦  أي: إنه مطمئن إلى أن أخباره لن تذهب إلى الدنيا.
٤٧  هكذا يتحدث جويدو دا مونتفلترو عن نفسه، ويعبر بكلمات قليلة عن مأساته.
٤٨  أي: البابا بونيفاتشو الثامن، عدو دانتي اللدود، وسبق ذكره:
Inf., XV, 112; XIX, 53.
٤٩  أي: بينما كان على قيد الحياة بجسمه الذي ولدته عليه أمه، كانت له صفات الثعلب وأفعاله.
٥٠  يعني أنه عرف كل وسائل الخداع والغدر والخيانة، حتى طبقت شهرته الآفاق.
٥١  أي: عندما تقدم في السن. ويشبه هذا قول دانتي في «الوليمة»:
Conv., IV, (XXVIII.) 3–8.
٥٢  أي: البابا بونيفاتشو الثامن، أمير الفريسيين المنافقين الجدد، الذين شابهوا الفريسيين في عهد المسيح، وسبق ذكرهم:
Inf., XXIII, 116.
٥٣  كان قصر لاتيرانو (Laterano) مقر البابوات في روما في عهد دانتي، وكانت قصور آل كولونا (I Colonna) على مقربة منه. والمقصود أن البابا حارب آل كولونا وهزمهم.
٥٤  كان المفروض أن يحارب البابا المسلمين واليهود لا المسيحيين. وتأثر دانتي في هذا بالروح السائدة في أوروبا في عصر الحروب الصليبية. ونلاحظ في الوقت نفسه أن محاربة البابا لأعدائه من المسيحيين في الأرض الإيطالية ذاتها، دون العناية بمحاربة المسلمين واليهود، تعني تغير العقلية الأوروبية. وكان من أوائل من بدءوا هذا الاتجاه الإمبراطور فردريك الثاني في ١٢٢٩، كما أشرنا من قبل:
Inf., X, 119.
٥٥  يعني أن البابا كان عدوًّا للمسيحيين المخلصين الذين لم يذهب أحدهم للاشتراك مع المسلمين في فتح عكا، آخر معقل للصليبيين في الشرق، في ١٢٩١. وفي عداء البابا لهؤلاء تهكم وسخرية من جانب دانتي.
٥٦  ولم يتجر واحد ممن عاداهم البابا من المسيحيين مع المسلمين، ولم يقدموا لهم الأخشاب أو الأسلحة التي تعمل على تقوية المسلمين في البر والبحر، وكما فعل بعض التجار المسيحيين أو اليهود، وعلى الأخص من البنادقة، الذين خالفوا قرار البابا ضد التجارة في هذه المواد مع المسلمين، وكانوا جديرين وحدهم بعداء البابا. وكان الملك الأشرف خليل بن قلاوون، سلطان دولة المماليك البحرية (١٢٩٠–١٢٩٣)، هو الذي استولى على عكا. وسلاطين مصر الذين عاصروا دانتي بعد ذلك هم الملك الناصر محمد (١٢٩٣-١٢٩٤)، والملك العادل كتبغا (١٢٩٤–١٢٩٦)، والملك المنصور لاجين (١٢٩٦–١٢٩٩)، والملك الناصر محمد (السالف الذكر ١٢٩٩–١٣٠٩)، والملك المظفر ركن الدين بيبرس الثاني (١٣٠٩-١٣١٠)، والملك الناصر محمد (السالف الذكر ١٣١٠–١٣٤١).
٥٧  أي: مركز البابوية.
٥٨  الحبل كناية عن ثوب رهبان الفرنتشسكان.
٥٩  المقصود أن رهبان القديس فرنتشسكو كانوا يعيشون حياة الزهد والتقشف، ولذلك نحفت أجسامهم.
٦٠  هذه هي أسطورة قسطنطين، وإبلاله من البرص على يد سلفسترو.
٦١  جبل سيراتي (Monte Siratti)، بالقرب من روما، حيث كان يقيم البابا سلفسترو الأول (٣١٤–٣٣٥ Silvestro I.)، عندما كان يتعقبه الإمبراطور قسطنطين، وعمده وشفاه من البرص. وهنا نشأت أسطورة منحة قسطنطين وتنازله لسلفسترو عن روما والإمبراطورية الرومانية الغربية تعبيرًا عن امتنانه وشكره، وأثبت لورنتزو فالا في النصف الثاني من القرن الخامس عشر بطلان وثيقة التنازل. ويُعرَف جبل سيراتي في الوقت الحاضر بجبل سانت أوريستي.
٦٢  أي: رغبته في إذلال أعدائه.
٦٣  بنيسترينو (Penestrino) هي قلعة آل كولونا في شرق روما، وقد نافس آل كولونا البابا بونيفاتشو الثامن، وحدث قتال بين الجانبين، وانتصرت قوات بونيفاتشو في ١٢٩٨، واستولت على هذه المدينة. وتُسمَّى الآن بالسترينا (Palestrina).
٦٤  هذه إشارة إلى البابا تشليستينو الخامس (يوليو ١٢٩٤–ديسمبر ١٢٩٤ Celestino V.)، سلف بونيفاتشو الثامن، والذي تخلى له عن الكرسي البابوي بسهولة.
٦٥  يعني أن هذه الكلمات جعلته يفكر في أن الصمت هنا أسوأ من الكلام.
٦٦  هذه هي النصيحة الذهبية التي أدلى بها جويدو دا مونتفلترو إلى البابا بونيفاتشو لكي يضمن النصر على أعدائه. ويقال إن النصيحة العملية هي أن بونيفاتشو أمَّن آل كولونا، فسلموا له في ١٢٩٨، ثم نقض العهد وهدم قلعتهم، وإن كان من غير المؤكد أن بونيفاتشو كان محتاجًا فعلًا إلى مشورة جويدو دا مونتفلترو. وهكذا رسم دانتي البابا بونيفاتشو عدوه اللدود على هذه الصورة البشعة التي لا تناسب الرجل العادي، فضلًا عن رأس الكنيسة. وهذا هو انتقام دانتي من عدوه بطريقة أدبية، وقد أكسبه ذلك خلود الذكر ولو على هذه الصورة الكريهة.
٦٧  يمثل القديس فرنتشسكو الخير، ويمثل الشياطين الشر. واعتقد أهل العصر أن فرنتشسكو والشياطين يأتون عند موت الإنسان، وتذهب روحه إلى جانب الخير والشر حسب أعماله.
٦٨  أي: لا يرتكب فرنتشسكو خطأ مع الشيطان ويأخذ روحًا ليست من حقه.
٦٩  مساكيني يعني أتباعي.
٧٠  هذا شيطان يتكلم عن المنطق، ولا شك أن للشيطان منطقه!
٧١  مينوس قاضي الجحيم السابق الذكر:
Inf., V, 4–12.
٧٢  النار السارقة تخفي اللصوص بداخلها، وسبق مثل هذا التعبير:
Inf., XXVI, 41.
٧٣  أي: النار.
٧٤  هذا توافق بين ألم المعذبين وألم النار ذاتها. وهذا تعبير رائع عن العذاب والألم.
٧٥  أي: الخندق أو الوادي التاسع.
٧٦  هكذا سينال هؤلاء جزاءهم المناسب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤