الأنشودة الرابعة والثلاثون١

رأى دانتي عن بُعد هيكلًا يشبه طاحونة تحركها الريح وسط الضباب الكثيف، وكانت هذه دائرة يهوذا حيث يُعذَّب الخائنون إلى مَن أحسنوا إليهم. اعتصم دانتي وراء دليله وقد اعتراه الخوف، وشهد المعذبين في أوضاع مختلفة، وظهروا وكأنهم أعواد قشٍّ وُضعت في زجاج شفاف. أشار فرجيليو إلى لوتشيفيرو — إبليس — وسأل دانتي أن يتذرَّع برباطة الجأش. زاد خوف دانتي حتى لم يعد حيًّا ولا ميتًا، حينما رأى لوتشيفيرو بحجمه الهائل. وكان له ثلاثة وجوه؛ الأمامي منها أحمر اللون، والأيمن أبيض، والأيسر أسود، وكان له تحت كل وجه جناحان هائلان أضخم من أشرعة البحر، وجمَّد لوتشيفيرو بحركة أجنحته مياه كوتشيتوس وحوَّلها إلى ثلج. ومضغ بأفواهه الثلاثة يهوذا وبروتس وكاسيوس، الذين ارتكبوا الخيانة. هبط فرجيليو فوق جسم لوتشيفيرو مستعينًا بشعره كأنها درجات السُّلم، وتعلق دانتي بعنقه، وخرج الشاعران من ثغرة في صخرة. بدا لدانتي أن فرجيليو قد تحوَّل من الهبوط إلى الصعود عندما رأى ساقَي لوتشيفيرو قد اتجهتا إلى أعلى. تساءل دانتي أين ذهب الثلج، وكيف انقلب لوتشيفيرو رأسًا على عقب، وكيف سارت الشمس من المساء إلى الصبح في وقت قصير. وفسر فرجيليو لدانتي ما غمض عليه، وأوضح له أنهما اجتازا مركز الأرض، وانتقلا من نصف الكرة الأعلى إلى نصفها الأدنى الذي تغطى بالماء عندما هبط لوتشيفيرو من السماء إلى الأرض، وانتقل أغلب اليابس إلى النصف الأعلى، وأصبح جزء منه جبل المطهر في النصف الأدنى، وصعد الشاعران في كهف طويل، وخرجا إلى الفضاء حيث شهدا النجوم تتألق في كبد السماء.

(١) قال أستاذي: «إن ألوية٢ ملك الجحيم٣ تتقدم نحونا،٤ فانظر إلى الأمام إذا كنت تتبيَّنه.»
(٤) وكما إذا انتشر ضبابٌ كثيفٌ، أو حينما يخيِّم الليل على نصف كرتنا،٥ فتبدو على البعد طاحونةٌ تُديرها الرياح؛
(٧) بدا لي عندئذٍ أني أرى مثل هذا البناء، فاحتميتُ وراء دليلي خشية الريح؛ إذ لم يكن هناك من مُعتصَم سواه.
(١٠) وكنتُ قد بلغتُ موضعًا يعتريني الخوف إذ أصوغه شعرًا، حيث كانت مغطاة كل الأشباح،٦ وشفَّت كقشٍّ في زجاج.٧
(١٣) بعضٌ استلقى،٨ وانتصب آخرون قيامًا، هذا على رأسه٩ وذاك على عقبيه،١٠ ومال آخر بوجهه نحو ساقيه كالقوس.١١
(١٦) ولما تقدمنا إلى الأمام كثيرًا حتى راق لأستاذي أن يُريني الكائن الذي كان يزينه الوجه الجميل،١٢
(١٩) تراجع من أمامي، واستوقفني قائلًا: «ها هو ذا ديس،١٣ وانظر الموضع الذي يجب أن تتسلح فيه بقوة البأس.»
(٢٢) لا تسَلني أيها القارئ كيف أصبحتُ عندئذٍ خائر القوى مقرورًا، فلن أكتب ذلك؛ لأن كل قولٍ سيكون قاصرًا عنه.١٤
(٢٥) لم أمت ولم أبقَ حيًّا، وفكِّر لنفسك الآن، إذا كنتَ ذا حصاة من الحجا، كيف أصبحتُ محرومًا من هذا وذاك.١٥
(٢٨) لقد خرج بنصف صدره من الثلج إمبراطورُ العالم الأليم، وإني بالنسبة إلى طول ماردٍ لأقربُ
(٣١) من المردة إلى حجم ذراعيه، فانظر الآن كم ينبغي أن يكون ذلك الكل الذي يناسب مثل هذه الأجزاء!١٦
(٣٤) ولئن كان ذات يومٍ فائق الجمال كما هو قبيحٌ الآن، ورفع عينيه على خالقه،١٧ فهو جديرٌ أن يَصدُر عنه كل حزن.
(٣٧) آه، كم بدا لي من عُجاب العجب، حينما رأيتُ لرأسه ثلاثة وجوه!١٨ كان أحمرَ اللون ذلك الأماميُّ منها،١٩
(٤٠) والآخران كانا وجهين، اتصلا به على وسط كلتا الكتفين، واتحدت جميعًا في مكان اليافوخ،
(٤٣) وبين البياض والصُّفرة بدا الأيمن،٢٠ وكان الأيسر حين تراه مثل أولئك الذين يأتون من هنالك، حيث تنحدر مياه النيل.٢١
(٤٦) ومن تحت كلٍّ منهما خرج جناحان كبيران، كما يناسب مثل ذلك الطائر، ولم أرَ أبدًا أشرعةَ بحرٍ مثلها.
(٤٩) لم تكن ذات أرياش، بل كانت في صورة جناحَي الخفاش، وأخذ يحرِّكها حتى خفقت عنه ثلاث رياحٍ،٢٢
(٥٢) وبذا تجمَّد سائر كوتشيتوس. وبكى هو بستِّ أعين، فتقاطر على أذقانه الثلاثة الدمعُ والرغوة الدامية.
(٥٥) وفي كل فم مضغ بأسنانه أحد الآثمين، على طريقة دواليب الكتان، حتى جعل ثلاثة منهم يتألمون على ذلك النحو.
(٥٨) وللذي في الأمام لم يكن العض شيئًا يُذكَر إلى إنشاب المخالب؛ إذ بقيت فقاره عارية كلها من الجلد أحيانًا.٢٣
(٦١) قال أستاذي: «تلك النفس التي تلقى هناك عاليًا أشدَّ العذاب، هي يهوذا الإسخريوطي،٢٤ الذي رأسه في الداخل، ويحمل ساقيه إلى الخارج.٢٥
(٦٤) ومن الاثنين الآخرين اللذين يوجَد رأساهما إلى أسفل، بروتس هو ذلك الذي يتدلى من الوجه الأسود،٢٦ انظر كيف الْتوى ولا ينطق حرفًا!
(٦٧) والآخر هو كاسيوس،٢٧ الذي يبدو هكذا غليظ الأعضاء. ولكن الليل يعلو،٢٨ وعلينا الآن أن نرحل، فقد رأينا كل شيء.»
(٧٠) وكما طاب له احتضنتُ عنقه، واختار هو المكان والزمان الملائم، ولما امتدت الأجنحة بعيدًا،
fig12
لوتشيفيرو — إبليس — وعذاب الجليد. (أنشودة ٣٤: ٢٨ …)
(٧٣) علَّق نفسه بالجوانب الشَّعراء، ثم من شعرةٍ لأخرى نزل إلى أسفل،٢٩ بين الشعر الملبَّد والقشر المتجمد.
(٧٦) ولما وصلنا إلى موضعٍ ينحني فيه الفخذ عند ضِخَم الرِّدف، اتجه دليلي برأسه في صعوبةٍ
(٧٩) وجهد، حيث كانت هناك ساقاه، وتشبَّث بالشَّعر كرجل يذهب صُعدًا،٣٠ حتى ظننت أننا نعود ثانيةً إلى الجحيم.٣١
(٨٢) قال أستاذي وهو يلهث كإنسان متعب: «تعلَّق جيدًا؛ لأن علينا أن نرحل بمثل هذه الدرجات عن شرور كثيرة.»٣٢
(٨٥) ثم خرج من ثُغرةٍ في صخرةٍ ووضعني على حافتها لكي أجلس، وتقدم بعدُ نحوي بخطى المتئد.
(٨٨) رفعتُ عينيَّ، وظننتُ أني أرى لوتشيفيرو كما كنتُ قد تركته، ورأيته قد جعل ساقيه إلى أعلى،
(٩١) وإذا كنت قد أصبحت عندئذٍ مبلبل الخاطر،٣٣ هكذا فليفكر الدهماء الذين لا يرَون، كيف كان ذلك الموضع الذي عبرته.٣٤
(٩٤) قال أستاذي: «قُم، وانهض على قدميك، إن الطريقَ طويلٌ والسيرَ وعرٌ، وقد توسطت الشمسُ دورة الصباح.»٣٥
(٩٧) لم تكن ردهة قصر هناك حيث كنا، بل كهف طبيعي، ذو أرضٍ وعرة، يُعوِزه الضياء.
(١٠٠) قلتُ حينما نهضتُ واقفًا: «قبل أن أنزع نفسي من الهاوية، حدِّثني قليلًا أستاذي كي تُخرجني من الخطأ،٣٦
(١٠٣) أين الثلج؟ وكيف زُرع هذا رأسًا على عقبٍ هكذا، وكيف سارت الشمس من المساء إلى الصباح، في مثل هذا الوقت القصير؟»٣٧
(١٠٦) قال لي: «إنك ما زلت تتخيل أنك في الجانب الآخر من المركز، حيث تعلقتُ بشعر الدودة الخبيثة التي تخترق الدنيا.٣٨
(١٠٩) لقد كنتَ في ذلك الجانب، طالما كنتُ أهبط، وحينما استدرتُ،٣٩ عبرتَ الموضع الذي تنجذب إليه الأثقال من كل جانب.٤٠
(١١٢) وقد وصلتَ الآن تحت نصف الكرة، المقابل للنصف الذي يغطي كتلة اليابس الكبرى،٤١ وقد قضى تحت قمته٤٢
(١١٥) الرجلُ الذي وُلد وعاش دون خطيئة.٤٣ إن قدميك فوق مساحةٍ صغيرة٤٤ تكوِّن الوجهَ المقابل لدائرة يهوذا.٤٥
(١١٨) وهنا يصبح النهار، حينما يكون هناك مساء،٤٦ وهذا الذي جعل لنا من شعره سُلمًا، لا يزال مُثبتًا كما كان من قبل.٤٧
(١٢١) لقد سقط على هذا الجانب من السماء إلى أسفل،٤٨ والأرض التي كانت ممتدة هنا أولًا، اتخذت خشيةً منه نقابًا من البحر،٤٩
(١٢٤) وجاءت إلى نصف كرتنا، وربما لكي تهرب منه تركت هنا المكان الخالي، الذي يبدو من هذا الجانب ويندفع إلى أعلى.»٥٠
(١٢٧) هناك في أسفل مكانٌ يبعد كثيرًا عن بَعل زَبوب٥١ كامتداد قبره،٥٢ ولا يُعرَف بالنظر، ولكن بخرير
(١٣٠) جدولٍ،٥٣ يهبط هنا خلال فتحة الصخرة التي نحتها في مجراه، الذي ينعرج فيه وينحدر قليلًا.
(١٣٣) دخلتُ ودليلي ذلك الطريق الخفي،٥٤ لكي نعود إلى عالم الضياء، ودون أن نحفل بقسطٍ من راحة،
(١٣٦) صعدنا إلى أعلى،٥٥ هو الأول وأنا الثاني، حتى رأيت خلال ثُغرةٍ مستديرة، الكائنات الجميلة التي تحملها السماء،٥٦
(١٣٩) وهناك خرجنا لكي نستعيد رؤية النجوم.٥٧
١  هذه أنشودة لوتشيفيرو.
٢  يعني أجنحة لوتشيفيرو.
٣  ملك الجحيم يعني لوتشيفيرو.
٤  استعار دانتي هذا القول من نشيد الصليب لفينانتزيو فورتوناتو، أسقف بواتييه في القرن ٦.
٥  يوازن دانتي بين الطاحونة التي تتحرك في الضباب، ولوتشيفيرو الذي بدا من بعيد.
٦  وصل الشاعران إلى دائرة يهوذا حيث يُعاقَب الخائنون إلى من أحسنوا إليهم، وتُنسب إلى يهوذا الإسخريوطي الذي خان المسيح.
٧  هم كالقش، يعني أنهم نفاية البشر، ووُضعوا في زجاج، يعني أنهم كانوا داخل الثلج الشفاف، فظهرت حقيقتهم.
وعذاب الخونة عند دانتي في الجليد والزمهرير من القصيدة ٣٢ إلى ٣٤ يشبه من بعض الوجوه ما جاء في التراث الإسلامي:
ابن عربي، الفتوحات المكية (السابق الذكر)، ج١، ص٣٨٧.
الشعراني، مختصر تذكرة القرطبي (السابق الذكر)، ص٦٩.
٨  هؤلاء هم الذين خانوا من أحسنوا إليهم، وكانوا مساوين لهم.
٩  هؤلاء هم الذين خانوا من أحسنوا إليهم، وكانوا أعلى منهم قدرًا.
١٠  هؤلاء هم الذين خانوا من أحسنوا إليهم، وكانوا في مركز أقل.
١١  هؤلاء هم الذين خانوا من كانوا أعلى وأدنى منهم قدرًا.
١٢  أي: إنه كان أجمل الملائكة.
١٣  هذا هو ديس (Dis) أو لوتشيفيرو (Lucifero) أو الشيطان. وكان رأس الملائكة الذين ثاروا على الله، فسقط من السماء إلى الجحيم، مركز الأرض عند دانتي، وأصبح ملك الجحيم ومصدر الشرور. وأخذ دانتي ديس عن فرجيليو، وسبقت الإشارة إليه:
Inf., VIII, 68; XI, 65; XII, 39.
Virg., Æn., VI, 127, 269, 397; VII, 568; XII, 199 …
١٤  هكذا ساد دانتي الرعبُ حتى عجز عن الكلام.
١٥  أي: إنه لم يصبح حيًّا ولا ميتًا.
١٦  حاول بعض الناقدين تحديد حجم لوتشيفيرو، وجعل بعضهم طول ذراعه ٤١٠ أمتار، وطوله كله ١٢٣٠ مترًا.
١٧  هذه إشارة إلى ثورة لوتشيفيرو على الله.
لوتشيفيرو يعني حامل الضوء، أو المضيء، ويقابل في الإسلام إبليس. ولكن يوجَد خلاف بين كلٍّ منهما؛ لوتشيفيرو في المسيحية ثار على الله لأنه شعر بالغيرة من قدرة الإله، وقام ليناهضه، وحاول إغراء الله ذاته، أما إبليس في الإسلام فقد خرج على الله لأنه أحس بالغيرة نحو آدم، فلم يطع الله في السجود له، ولذلك أبقيتُ لفظ لوتشيفيرو كما هو.
وفي التراث الإسلامي بعض الشبه بعذاب لوتشيفيرو في الجليد والزمهرير بالنسبة لعذاب إبليس:
Cerulli, (op. cit.) pp. 166-167.
ابن عربي، الفتوحات المكية (السابق الذكر)، ج١، ص٣٩١.
١٨  يرى بعض النقاد أن المقصود بوجوه الشيطان الثلاثة مقابلة الأقانيم الثلاثة عند المسيحيين.
١٩  الوجه الأول ذو اللون الأحمر رمز الكراهية.
٢٠  الوجه الأيمن ذو اللون بين الأبيض والأصفر رمز للعجز.
٢١  الوجه الأيسر الداكن اللون كالأحباش — حيث ينبع نهر النيل — رمز للجهالة عند دانتي.
٢٢  هكذا تلقى دانتي بعينيه الجواب عن سؤال كان قد وجَّهه إلى فرجيليو من قبل:
Inf., XXXIII, 103–108.
٢٣  أي: إن هذا المعذب يهوذا لقي عذابًا مزدوجًا.
٢٤  يهوذا الإسخريوطي (Giuda Iscariota): أحد الرسل الاثني عشر، وقد خان المسيح في نظير المال:
Matt., XXVI, 14–16; Mar., XIV, 10–11; Luca, XXII, 3–6.
وقد رسم جوتو (١٣٦٦ / ١٢٦٧–١٣٣٧) صورة يهوذا يُقبِّل المسيح، وهو يضمر الغدر والخيانة، وهي في مُصلَّى الإسكروفنيي في كاتدرائية بادوا.
ورسم ليوناردو دا فنتشي صورة يهوذا في «العشاء الأخير» في كنيسة الرحمة في ميلانو، في أواخر القرن ١٥. ووضع ليوناردو يهوذا بين سائر القديسين الذين تبدو عليهم علائم الدهشة والاستنكار والأسى والأسف والحزن، وتبدو على وجه المسيح علائم الأسى والنبل والصفح والغفران، وتظهر على يهوذا علائم الغدر والحقد والغضب. تجهَّم وجه يهوذا، واتجه إلى الوراء، وانفرجت يده اليسرى فوق المائدة، واتكأ عليها بمرفقه الأيمن، وقلب بذراعه ملاحة صغيرة، وقد ساعدت هذه الحركة العصبية على الإفصاح عما ساوره من المشاعر الأثيمة.
٢٥  يشبه وضع يهوذا حالة السمعانيين من قبل:
Inf., XIX, 22 …
٢٦  جونيوس بروتس (٨٥–٤٢ق.م. Junius Brutus) الذي انضم في الحرب الأهلية إلى بومبي ضد يوليوس قيصر في ٤٩ق.م.، ولكن قيصرًا عفا عنه بعد موقعة فارساليا في ٤٨ق.م.، وعيَّنه في بعض الوظائف. ومع ذلك فقد انضم إلى المتآمرين على قيصر لإقامة الجمهورية الرومانية، وقتل قيصر في ٤٤ق.م. ولكن أوكتافيوس هزم قوات بروتس وكاسيوس معًا في معركة فيليبي في ٤٢ق.م.، وانتحر بروتس عقب الهزيمة.
وصنع ميكلأنجلو (١٤٧٥–١٥٦٤) تمثالًا نصفيًّا لبروتس، وهو في متحف البارجلو في فلورنسا.
٢٧  كايس كاسيوس (Caius Cassius) انضم في الحرب الأهلية إلى بومبي، وهرب بعد موقعة فارساليا إلى الدردنيل، وعفا عنه قيصر وعيَّنه في بعض الوظائف، ولكنه سرعان ما اشترك في التآمر على قيصر. وهُزم في موقعة فيليبي، فانتحر.
٢٨  أي: إن دانتي أجرى الرحلة خلال حلقات الجحيم التسع مدة استغرقت — في رأي بعض الدارسين — حوالي ٤٨ ساعة من مساء الخميس ٧ أبريل ١٣٠٠، إلى مساء السبت ٩ أبريل، وبلغ دانتي وفرجيليو المطهر في ساعة مبكرة من صباح الأحد ١٠ أبريل، بعد اجتيازهما منطقة العبور بين الجحيم والمطهر.
٢٩  كان الشعر بمثابة سُلم من الحبال.
٣٠  بدأ فرجيليو في الصعود عند بلوغه مركز الأرض عند السرة من بطن الشيطان.
٣١  اختلط الأمر على دانتي، فلم يعرف أكان صاعدًا أم هابطًا.
٣٢  أي: إن التخلص من عالم الآثام لم يكن أمرًا سهلًا.
٣٣  أي: بسبب وضع لوتشيفيرو الذي بدا لدانتي مقلوبًا.
٣٤  يعني أن دانتي لا يعبأ بمن يُصدِر أحكامه دون معرفة.
٣٥  يعني لفظ terza الجزء الأول من الأقسام الأربعة التي ينقسم إليها النهار، ابتداء من شروق الشمس في السادسة صباحًا في هذه المنطقة وقتئذٍ، ومنتصف الدورة الأولى يعني أن الساعة أصبحت حوالي السابعة والنصف صباحًا.
٣٦  يطلب دانتي إلى فرجيليو أن يوضح ما غمض عليه.
٣٧  ألقى دانتي بهذه الأسئلة الثلاثة طالبًا الإيضاح والتفسير.
٣٨  أي: إن لوتشيفيرو انقسم امتداده بين جزأَي الأرض.
٣٩  يعني حينما أخذ فرجيليو يصعد.
٤٠  أي: عندما عبر مركز الأرض ومركز الجاذبية.
٤١  كانت فكرة الناس عن الأرض في العصور الوسطى هي أنها منقسمة قسمين؛ نصف يابس يقابله نصف ماء.
٤٢  أي: بيت المقدس.
٤٣  أي: المسيح الذي عاش وصُلب ومات — عند المسيحيين — دون خطيئة.
٤٤  هذه منطقة صغيرة تقابل دائرة يهوذا، أصغر دوائر الحلقة التاسعة؛ لأنها تقع في نهاية المخروط الذي يكوِّن الجحيم.
٤٥  أي: إن الثلج في الوجه المقابل لمكان وقوف دانتي الحالي، وهذه هي الإجابة عن سؤال دانتي الأول.
٤٦  وهذه هي الإجابة عن سؤال دانتي الثاني.
٤٧  أي: إن لوتشيفيرو لم يغير وضعه الذي كان عليه منذ هبوطه من السماء، وهذه هي الإجابة عن سؤال دانتي الثالث.
وتوجَد صورة للوتشيفيرو برأس أشبه برأس الثور ومن حوله المعذبون في صورة الحكم الأخير والجحيم، وليس من الثابت نسبتها إلى فنان بعينه، وترجع إلى القرن ١٤، وهي في الكامبوسانتو في بيزا.
ورسم ميكلأنجلو صورة لوتشيفيرو في صورة الحكم الأخير بكنيسة سستو بالفاتيكان، وقد بدا بوجه مسيخ أغبر، وفم واسع، وأسنان كبيرة، وعينين تشعَّان الحقد والغضب والكراهية.
ويوجَد حفر يمثل لوتشيفيرو بثلاثة وجوه ويحتضن أفعى، ويرجع إلى القرن ١١، وهو في كنيسة القديس بطرس في تسكانيلا.
٤٨  يتفق هذا مع ما ورد في «الكتاب المقدس»:
Isia, XIV, 12, 15; Luca, X, 18; Apoc. XII, 9, …
٤٩  هذا هو اعتقاد أهل العصور الوسطى.
٥٠  هذا هو جبل المطهر كما تصوره دانتي.
٥١  بعل زبوب، أو بعلزبول (Belzebut): اسم من أسماء الشياطين. وذكره «الكتاب المقدس» على أنه ملك الشياطين:
Matt., XII, 24; Luca, XI, 15.
٥٢  أي: إنه هناك كهف طويل بمثابة قبر للشيطان لوتشيفيرو.
٥٣  هذا هو نهر ليتي (Lethe) في المطهر:
Purg., XXVIII, 130 …
٥٤  هذا هو الطريق الذي حفرته مياه نهر ليتي.
٥٥  لم يحفل الشاعران بالراحة لأنهما كانا حريصين على الخروج إلى عالم النور والضياء.
٥٦  الكائنات أو الأشياء الجميلة هي النجوم. وسبق هذا التعبير:
Inf., I, 40.
٥٧  ختم دانتي الجحيم والمطهر والفردوس بلفظ النجوم، وهي رمز الأمل، والخروج من الأسى والبؤس إلى السعادة الأبدية.
ويوجَد رسم بالموزايكو للجحيم يوضح صورة المعذبين وسط النيران والزواحف، وهناك شيطانان يوجهان خُطافَيهما نحو المعذبين، ويرجع إلى القرن ١٢، وهو في كاتدرائية تورتشيلو في البندقية.
وفي مُصلَّى استروتزي، بكنيسة سانتا ماريا نوفلا في فلورنسا، صورة ربما تكون من رسم أندريا أوركانيا أو أخيه ناردو دي تشوني (حوالي ١٣٥٧)، صورة تصور «جحيم» دانتي، وتبدأ بالغابة المظلمة، ثم مدخل الجحيم، فالحلقات التسع، ويظهر بها واحدةً بعد أخرى العذابُ الملائم لكل طائفة من الآثمين، كما رسمه دانتي، وتنتهي بلوتشيفيرو وسط الثلج والجمد.
وقد رسم لوكا سنيوريلي (حوالي ١٤٤١ / ١٤٥٠–١٥٢٣) صورة للجحيم، وقد ظهر فيها المعذبون الذين تفيض أعينهم باليأس والأسى والكراهية، وهم في أوضاع مختلفة؛ إذ انقلب بعضهم رأسًا على عقب، واستلقى بعض على الأرض، وأخذ فريق منهم يضربون بعضهم بعضًا، ويحلِّق الشياطين من فوقهم، على حين وقف الملائكة يشهدون كيف تأخذ العدالة مجراها. والصورة في مُصلَّى سان ابرتزيو في كاتدرائية أورفييتو.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤