الفصل الثالث

علم التوليد

إنه لأمرٌ مُثير للعَجب — وكأنه مُفاجأة — أن نكتشف أن القرون الماضية كان فيها رجالٌ مُولِّدون كما كان فيها نساءٌ قابلات. وكان احتراف الرجل لهذه المهنة مَدعاة للزِّراية بوجهٍ عام، وفي كثير من المناطق كان اعتراض الناس قويًّا ضد الرجال المُولِّدين، مثلما صاروا — فيما بعد — مُتعصِّبين ضد النساء الطبيبات؛ إذ كان المعتقَد أنه مما يُنافي اللياقة والحياء أن يلمس النفساءَ ووليدها رجلٌ غريب. وحتى نهاية القرن التاسع عشر لم يكُن قد اعتُرف بالذكور أعضاءً في المهنة الطبية، لهم تَخصُّصهم في أمراض النساء وفن القبالة. وبالرغم من هذا الوضع فمنذ أقدم العصور ألَّف الرجال في الموضوع، وكانت جهودهم لرفع مستويات القبالة مُجْدية للجميع.

وقد وضع سورانوس الإفيسوسي (٩٨–١٣٨م) في كتابه لطالبات الطب المعايير الصحيحة للقابلة؛ فينبغي أن تكون عارفة بالقراءة والكتابة، وخالية الذهن من الخرافات، بالإضافة إلى تَوقُّد الذهن وحِدَّة النظر والسمع، ويجب أن تكون ذات ذراعَين ورجلين قويَّتَين، ويدَين ناعمتين، وأصابع طويلة نحيلة، وأظافر قصيرة نظيفة. ويجب أن تكون مُتقِنة للتشريح وأصول الصحة والعلاجيات، وقادرة على التمييز بين أحوال الجسم السوية وغير السوية، وأخيرًا يجب أن تُحب عملها وتصون الأسرار بشرف. وباختصارٍ تكون القابلة أقدر الناس على معرفة كل ما يتعلق بالعلاجيات والغذائيات والجِراحة والصيدلة، وهي التي تستطيع أن تُعطيَ النصيحة الجيدة، لا تُربكها التعقيدات المفاجئة، وتكون مُتأهبة لإنقاذ حياة مريضتها ما أمكن ذلك؛ لأنها كثيرًا ما تُدعى لزيارة من عِلتهن شديدة.1

وهذه الصورة التي رسمها سورانوس لم يُكتَب لها أن تتحقق إلا في القرن السادس عشر، وما زالت الصورة المثالية لقابلته بعيدةً كل البعد عن قابلة اليوم، التي يسود الاعتقاد بأنها امرأة لا يكاد يتجاوز صنيعها أن تُساعد الأخريات في المخاض والولادة. وقد شهدت القرون ١٦ و١٧ و١٨ سلسلة من القابلات البارزات المكانة.

لويز بورجوا

وُلِدت لويز بورجوا في الحي الأرستقراطي المُسمَّى «سان جرمان» خارج أسوار باريس، ولم تدَّعِ الأسرة لنفسها عضوية الطبقة النبيلة، وإن كان والدها قطعًا من الأثرياء ذوي المكانة. وتعلَّمَت لويز القراءة والكتابة وتزوَّجت في وقتٍ مُبكِّر. كان زوجها مارتان بورسييه تلميذًا لجرَّاح الجيش العظيم أستاذ القبالة أمبرواز باريه (١٥١٠–١٥٩٠م)، وظل مُقيمًا في بيت باريه بصفته مُساعده لمدة عشرين سنة. وتقول بعض الروايات إن لويز أيضًا تتلمذت على باريه، ولكنه كان يُشارف السبعين عندما تزوَّجت بورسييه؛ ولذا فالأرجح أنها تتلمذت على زوجها. وعلى كل حال فإنها كانت تعرف باريه؛ إذ كتبت في أحد كتبها أنها رأت الجرَّاح العظيم باريه راقدًا على فِراش موته، ومع أنه كان في الثمانين إلا أن ذهنه كان صافيًا كالعادة، وكان كعادته مُتلهفًا على أن يتعلم شيئًا ممن يزورونه.2
وقد ترتَّب على تقاليد باريه ما وصفوه بأنه «عصرٌ جديد في الجِراحة، أحدث تقدمًا عظيمًا في علم التوليد». ولا نعلم بالتأكيد متى ثار اهتمام باريه بعلم التوليد، ولكن ذلك ربما كان قد حدث في السنوات الثلاث الواقعة في منتصف العقد الرابع من القرن، التي قضاها طبيبًا مُقيمًا في مستشفى أوتيل دييه ﺑ «باريس»، حيث كان من المُؤكَّد أن الأفعال الفظيعة لكثيرات من القابلات ملأته فزعًا وجزعًا.3
ويبدو أن لويز — التي كان لديها استعدادٌ فطري للقبالة — اكتسبت خبرتها من الممارسة على فقراء الجيرة التي أقامت فيها مع زوجها. وكان هذا من حسن حظها؛ ففي أثناء الاضطرابات السياسية التي حدَثَت في سنة ١٥٨٨-١٥٨٩م، والتي انتهت بتولِّي هنري الرابع العرش، استحال على زوجها أن يكسب عيشهما، وحسب رواية وليم جوردويل — وهو طبيب فيلادلفي في القرن التاسع عشر — يبدو أن بورسييه «كان رجلًا حسن الهيئة وزوجًا ودودًا؛ لأن زوجته تتحدث عنه بكل إعزاز، وتُقرُّ بدَينها العظيم له في معرفتها بالقبالة، غير أنه كان غير بارع في كسب المال وعاش بغير منصب، وكانت أسرته تزداد عددًا أسرع مما تزداد ممارسته وكسبه، فلم يكُن الحال مُرضيًا.»4
ولم يكُن مُباحًا في باريس لأي امرأة أن تُمارِس القبالة إلا إذا صارت «مُولِّدة قانونية»، وكانت لويز قد مارست القبالة بين الفقراء خمس سنوات بدون هذا الترخيص. وبما أنها الآن مُضطرَّة لأن تبحث لها عن مريضاتٍ أكثر ثراءً لتَعُول أسرتها، فلن يسعها أن تَرُوغ من القانون، ويقتضي القَبول في قائمة المُولِّدات القانونيات — والتي صارت نقابة للقابلات — تزكية من طبيب وجرَّاحَين وقابلتَين قانونيتين. ولم يكُن في الحصول على تزكية الثلاثة الأُول صعوبةٌ ما، ولم يكُن الشأن كذلك مع القابلتَين. ولما أرادت المُولِّدات أن يعرفن طبيعة عمل زوجها وعلِمن أنه جرَّاح، قُلن أولًا إنه ينبغي أن يُساعدها، وقُلن ثانيًا إن مكانته ستُضفي عليها امتيازًا غير عادل وتفوقًا على سائر القابلات؛ «فنحن لا نقبل في قائمتنا إلا زوجات التجار فقط؛ حتى لا تكسد سوقنا ويُضارَّ عملنا.»5

وأخيرًا حصلت على ترخيصها، وسرعان ما ازداد عدد عميلاتها بين الأثرياء، ثم بين النبلاء.

وكانت مدام بورسييه في السادسة والثلاثين، عندما دُعيَت للعناية بالملكة ماري دي ميدتشي قرينة هنري الرابع، وكانت العادة المتَّبَعة في ذلك الحين أن يستخدم رجال البلاط مُولِّدين من الذكور لتوليد عشيقاتهم، ولكن الملك — بالرغم من هذا — تعوَّد أن يعتمد على السيدة ديبوي التي أشرفت أربع مرَّات على مخاض عشيقته الحسناء جبرييل؛ لذا كان مفهومًا أن يُفضِّل امرأة لتوليد زوجته. وقد ثبَت أن ثقته في موضعها؛ فقد عُنيت مدام بورسيه بالملكة في سبع ولادات، ثم في ولادة من سيَغدو مستقبلًا لويس الثالث عشر. كتبت:
«وأحضَروا إلى الداخل كرسيَّ الولادة، وكان مُغطًّى بالمُخمَل القِرمزي. وحوالَي الساعة الرابعة صباحًا اختلط بمخاض الملكة وأوجاعه مغصٌ شديد، زاد في ألمها الفظيع من غير أن يُساعدها على الوضع. وبين الفَينة والفَينة كان الملك يوفد أحد الأطباء، فيدخل ليرى الملكة ويتحدث إليَّ كي يعرف ماذا يجري، فكان الأطبَّاء يسألونني: لو كانت هذه امرأةً عادية وكنت وحدك إزاء هذه الحالة، فماذا كنت فاعلة؟ فأطلب منهم بعض الأدوية، فكانوا يأمرون بإحضارها فورًا من الصيدلي الذي كان يقترح عليهم غيرها قائلًا إنها أفادت كثيرًا في حالاتٍ مُماثلة. ولما كنت أعرف شدة ولاء الصيدلي في خدمة جلالتها، ولعِلمي أن دواءه إن لم ينفعها كل النفع الذي يزعمه فهو لن يضرَّها؛ لذا كنت لا أعترض عليه وأعطيها إياه.»6

وظلَّت مدام بورسييه متَّصِلة بالبلاط لمدة ٢٧ سنة. وفي سنة ١٦٢٧م ماتت دوقة أورليان بحُمَّى نفاس بريتونية خبيثة وهي تحت إشرافها، ثم قدَّموا تقريرًا تشريحيًّا مُنطويًا على انتقاد لها، فردَّت عليهم كتابةً ونشرَت ردَّها الذي بلغ من إفحامه أن أحدًا من الأطباء لم يجرؤ على قَبول تحدِّيها، ولكن عملها في البلاط انتهى، وكرَّسَت السنوات التسع الباقية من عمرها لكتابة مذكراتها.

وكانت مدام بورسييه أول قابلة تنشر عملًا عن فن القبالة، وكان ذلك في سنة ١٦٠٩م، ثم ظهرت طبعةٌ ثانية سنة ١٦١٧م، وثالثة (مُوسَّعة كثيرًا) في سنة ١٦٢٦م، وصدرت الطبعة السادسة سنة ١٦٣٤م مُذيَّلةً بمُلحَق («مجموعة من الأسرار») حددت فيه الخطوط العريضة لعلاج كثير من الأمراض طبيًّا. واستمرَّت الطبعات الجديدة في الظهور لأكثر من مائة سنة، وكان من مُبتكَراتها طريقة الوضع القسري قبل أوانه في حالات النزيف الحاد.

«عندما تكون الحامل قد مُنِيت بفقد كبير من الدم، فلا بد من إخراج الطفل قسرًا باليد. وقد حدث لزوجة عضو في مجلس الشيوخ — وهي حامل في شهره السادس — أن ظهرت عليها هذه الأعراض، فأولَدَتها بأن قلبت وضع الجنين. واتَّضح أن هذا الإجراء لم يكُن قبل أوانه ولا بساعةٍ واحدة؛ وبذلك أنقذت حياتها وعاش الطفل يومَين. ولو كنت عرفت قبل ذلك الحين أن هذا الإجراء خليق بأن يُوقِف النزف، لكنت بذلك أنقذت حياة دوقة مونبازون.»7

وفي مُؤلَّفها الذي نشرَته سنة ١٦٠٩م — وهو مُهدًى إلى ماري دي ميدتشي — ذكرَت ما لا يقلُّ عن ١٢ وضعًا يمكن أن يوجد فيه الجنين داخل الرحم، وحدَّدت قواعد مُعينة للتصدِّي لكل وضع منها.

وفي طبعة سنة ١٦٢٦م أضافت فصلًا عنوانه «نصيحة إلى ابنتي» — وكانت الابنة قابلة كذلك — وفيه وصفت بعض المواقف التي كان عليها أن تتصدى لها؛ فقد كانت القابلة مُطالَبة بأن تَبْقى مع المريضة خمسة أسابيع قبل مَولد الطفل، وكانت الأسرة في اللحظة الحاسمة تدخل الحجرة وتتمشى جيئةً وذَهابًا مع الحامل الوشيكة الوضع، والحامل من الممكن أن تضع وليدها واقفةً أو راكعةً أو على الفِراش أو على كرسي الولادة الذي يرجع تصميمه الأساسي إلى أبقراط. وذكرت كيف احتشد مائتا شخص في نفس حجرة الولادة بعد ولادة أحد الأمراء أبناء الملك.

وعندما كان يتعين عليها أن تردَّ إلى الحياة وليدًا يبدو عليه أنه فارَقها، كانت تصبُّ النبيذ الدافئ من فمها إلى فم المولود كي يخترق البلغم المُتراكم، وتُدلِّك جسمه بقوة، وتغسله بالنبيذ الدافئ والماء الدافئ.

وكانت مدام بورسييه تنال جزاء خدماتها ألف دوقية ذهبية عن مَولد الصبي، وستمائة عن مَولد الفتاة، وتَصِلها — فضلًا عن هذا — هدايا كثيرة، ولم يتحقق قطُّ ما وعدها به الملك من معاشٍ مدى الحياة، مع أنها أنقذت حياة عدد من أطفاله الملكيين.

وقبل وفاتها بسنة التمسَت قابلات باريس من كلية الطب أن تُكلِّفها بإلقاء دروس عامة في علم التوليد، ولكن أعضاء الكلية — الذين أزعجتهم المشاحنات بين الأطبَّاء والحلَّاقين والجرَّاحين — رفضوا مُلتمَسهن.

ولمدام بورسييه تلميذةٌ خاصة نجيبة هي مرجريت دي تير دي لا مارش (١٦٣٨–١٧٠٦م)، ظلَّت سنوات كثيرة مُشرِفةً على القابلات بمستشفى أوتيل دييه، حيث أنشأت دراسةً مدتها ثلاثة أشهُر من التعليم والتدريب تُعلِّمهن فيها — من بين أشياء أخرى — كيف يتصدَّين لحالاتهن بدون مساعدة جرَّاح. وفي سنة ١٦٧٧م نشرت كتابًا من التعليمات للقابلات، تبيَّن منه أنها أستاذة في ذلك الفن كما أنها مُعلمةٌ مرموقة.

قابلات إنجليزيات

شهِد القرن السابع عشر بإنجلترا تحسينات كثيرة في فن القبالة، تمَّت على يد المُولِّدين الذكور والمُولِّدات الإناث على السواء. وكان برسيفال ويلوجبي (١٥٩٦–١٦٨٥م) يحتفظ بسِجلات لحالاته، وقد نشر طائفةً منها بعنوان «ملاحظات في فن القبالة»، وكان هدفه رفع مستوى مهارة قابلات الريف، وهن في الغالب نساء لم يتلقَّين أي تدريب صحيح؛ «كي أُعلمهن مِثل تلك الوسائل التي استخدمتها بنجاحٍ كبير».8
ولم يَقصر تعليمه على الولادة الطبيعية؛ فالولادة غير السوية كانت كثيرة الحدوث، وسببها عادةً تلك العِلة المسمَّاة كُساح الأطفال. وكانت القابلات غير المُدرَّبات يتصدَّين لتلك الحالة باستخدام «كُلَّاب القدر وإبر الحزم والملاعق الفِضية وخطاطيف وسكاكين التسقيف؛ كي يُظهرن المهارات الموهومة». ولمنع هذه الأساليب الوحشية كان يُدرب تلميذاته على ما يُسميه العملية اليدوية السهلة.9 وكان مُتنبهًا إلى الحاجة لأداةٍ علمية حقًّا، ولعله سمِع شائعات عن الكلاب المخاضي الذي كان قد اخترعه آل شمبرلين، وهم أسرة من المُولِّدين الذكور، ولكنهم لم يجعلوا اختراعهم هذا علنيًّا إلا بعد وفاة ويلوجبي بثلاثين سنة.

وقد علِم ويلوجبي فن القبالة لإحدى ابنتَيه، ويبدو أنها نجحت نجاحًا عظيمًا في هذا الفن، وكانت تُساعد أباها في الحالات الصعبة وفي كثير جدًّا من الحالات. وبسبب التحامل الشديد ضد الممارسين الذكور كانت مس ويلوجبي هي القابلة المنشودة المثالية.

وقد شجَّعت القابلات على ترويج هذا التحامل، وكنَّ يتبادلن التراشق الحادَّ بالألفاظ مع زملائهن الذكور. وفي سنة ١٦٣٤م عندما حاوَل بيتر تشمبرلين الثالث (١٦٠١–١٦٨٣م) أن يُؤسِّس اتحادًا للمُولِّدين من الجنسَين يكون هو على رأسه. قاوَمته المُولِّدات، وربما أسأن فَهْم دوافعه أو خِفن من السلطة التي قد يُخوِّلها لنفسه بذلك المنصب، فاتَّهَمنه بالتدخل في عملهن. وهذا مما يدعو للأسف؛ لأن آل تشمبرلين كانوا يؤمنون حقيقةً بأن مُولِّدي ومُولِّدات لندن ينبغي أن يكونوا أحسن تدريبًا وتعليمًا، وكان جزء من برنامجهم المقترَح أن يُيسروا ذلك التعليم. وكانت هذه ثانيَ محاولة يبذلها آل تشمبرلين لتنظيم المُولِّدين؛ فقد سبقتها عريضة التِماس قدَّمها بيتر الكبير (١٥٦٠–١٦٣١م) وبيتر الأصغر (١٥٧٢–١٦٢٦م) إلى السير فرانسس بيكون عضو المجلس الخاص لإنشاء جمعية للمُولِّدين، ولكنها رفضت على أساس أن الحكم الذاتيَّ للمُولِّدين «أمر ليس ضروريًّا ولا مُناسبًا».10

وأشهر قابلات تلك الفترة هما «جين شارب ومسز إليزابث سلير».

وبعد أن ظلَّت جين شارب تُمارِس مهنتها لمدة ثلاثين سنةً نشرت «الرفيق الكامل للقابلة» في سنة ١٦٧١م، وكانت تتمنَّى أن يضمن كتابها للعامة من الناس مخاضًا مأمونًا وسريعًا كالذي تتمتع به نساء الطبقة النبيلة الرقيقات التكوين. وكان واضحًا أنها مُتحاملة ضد زملائها المُولِّدين الذكور؛ لأنها نصحت قابلات إنجلترا أن يجعلن اعتمادهن على الله أكبر من اعتمادهن على جماعة الأطبَّاء.

وكانت «إليزابث سلير» مُولِّدةً مُمتازة؛ إذ إنها مُتعلمة تعليمًا حسنًا ومَركزها المالي متين. وقد عقدت العزم على ألا تدع الأمور على ما هي عليه، فناضلت في سبيل قضية القبالة، وفي اعتقادها أن مكانة المهنة لن تتحقق إلا إذا نظمت القابلات أنفسهن في الدراسة والعمل.

وقد حُكِم على مسز سلير الصريحة المُفوَّهة بالوقوف في آلة التعذيب أكثر من مرة؛ ففي ٣٠ من أبريل سنة ١٦٨٠م دُعِيت للمُثول أمام اللورد سكروجز كبير القضاة بتهمة الخيانة العظمى، وكان قوام التهمة أن «إليزابث سلير بالاشتراك مع خونةٍ أشرار في أبروشية سانت كليمنتس دينز اجتمعوا عمدًا وبطريقةٍ شيطانية، واتَّحدوا واتَّفقوا معًا ثم عمدًا وبطريقةٍ شيطانية، وبخبث وشر وغدر أجمَعوا رأيهم على التسبب في موت مولانا الملك المذكور وهلاكه هلاكًا مُحقَّقًا، وأن يخلعوه ويحرموه من تاجه وحكومته، وأن يتدخلوا ويُقيموا في المملكة الديانية الرومانية.»11
وجاء قرار المُحلِّفين بأنها غير مُذنِبة، وكالعادة المتَّبَعة طالَبوا مسز سلير أن تُعطيَ كلًّا منهم جُنيهًا، فكتبت إلى رئيس المُحلِّفين مُعتذرةً عن عدم الدفع، وعارضة عليه بدلًا من ذلك: «أرجوك يا سيِّدي أن تَقبَل خِدماتي المُتواضعة لك ولكل السادة الأماثل أعضاء مجموعتك، وكذلك السيِّدات عقيلتك وعقيلات حضراتهم. وإذا راقَكم ذلك فإني مُستعدَّة أن أخدمهن في مخاضهن بإخلاص لا يقلُّ عن إخلاصكم الذي خدمتم به العدالة في قضيَّتي.»12

وجمعت إحصائيات تُبين أنه في المدة من ١٦٤٢ إلى ١٦٦٢م، قضت ٦٠٠٠ امرأة إنجليزية نَحبهن أثناء المخاض، ووُلِد ٥٠٠٠ طفل ميِّتين، كما وقع ١٣٠٠٠ إجهاض، وزعمت أن ثلثَي هذه الخسائر راجع إلى نقص مهارة القائمات بالقبالة.

ووضعت خُططًا لمستشفًى ملكي حسن التزويد بالفنيين، ويُعَد نموذجًا للأناقة والنظافة، بل وتضمَّنت برنامجًا لتدبير المال الذي يحتاج إليه المشروع. وفي يونيو ١٦٨٧م قدَّمت إلى الملك جيمس الثاني «مشروعًا لإنشاء مستشفًى ملكي، وتدبير إيراد مِقدارُه خمسة أو ستة آلاف جنيه سنويًّا، عن طريق ولأجل إنشاء هيئة من القابلات البارعات ورعاية اللُّقطاء المتروكين الذين يُقبَلون بذلك المستشفى.»13 ووافَق الملك على المُضيِّ في الموضوع، ثم نسِي كل شيء بصدده.

ولكن حماسة إليزابث سلير لم تَفتُر عندما قصَّر الملك في البر بوعده، ولم تقلَّ حماستها عما كانت عليه في المناسبات الأخرى، وفي هذه المرة لم يشدُّوها إلى آلة التعذيب فحسب، بل أجبروها على أن تشهد بعينَيها إحراق كتبها، وهي عقوبةٌ بالغة القسوة في وقتٍ كان اقتناء مكتبة بذخًا عظيمًا.

وكان في إنجلترا قابلاتٌ مرموقاتٌ أخريات؛ فهذه هستر شو (التي لمعت سنة ١٦٣٤م) من أبروشية باركنج بلندن، تقاضت ألف جنيه تقريبًا في أغسطس سنة ١٦٦٦م أجرًا على براعتها من أبراهام باورت، وهو من النُّبلاء.

وفي ١٠ يونيو سنة ١٦٨٧م تولَّت مسز لاباني توليد ماري أوف مودينا الملكة زوجة جيمس الثاني، حين وضعت جيمس فرانسس إدوارد الذي لُقِّب فيما بعدُ المطالب بالعرش. وقد زعم كثيرون أن الأمير وُلِد ميتًا، وأن مسز لاباني قامت بتهريب طفل غريب وأحلَّته محله، ولكن هيو تشمبرلين — الذي كان المفروض أن يتولى الحالة لولا أنه كان مشغولًا بمريضة في تشاتام — أعلن أن هذا الزعم سخيف. وبرغم هذه الشائعات «تلقَّت من الملك، عن يد سيدني لورد جودولفن، أجرًا ضخمًا مقداره ٥٠٠ جنيه، وهو مبلغٌ كافٍ لتعويضها عن براعتها المبذولة وعن أي خسائر قد تكون تعرَّضت لها بسبب تشويه سُمْعتها.»14

جوستن دتريشن سيجموندين

نمت القبالة في ألمانيا أبطأ من نموها في فرنسا وإنجلترا، ومع هذا أنجب القرن السابع عشر قابلةً مُمتازة في شخص جوستن دتريشن سيجموندين (١٦٥٠–١٧٠٥م).

وقد مات والد جوستن — وهو قس إنجيلي في رونستوك بسيليزيا — عندما كانت في الرابعة؛ فلم تتلقَّ من التعليم إلا القليل.

وفي سن السابعة عشرة تزوَّجت مُعلم فروسية، وبعد سنتَين شعرت بأنها حامل، فأرسلت تستدعي قابلة فقالت لها إنها في المخاض، ولكن شيئًا لم يَحدث. وأكَّدت تشخيصَ القابلة الأولى ثلاثُ قوابل أخريات، وأخيرًا فحصتها زوجة جندي واكتشفت أنها ليست في حالة مخاضهن على الإطلاق، وأنها ليست حاملًا أصلًا، فدفعتها هذه التجربة إلى ضرورة تعلم كل ما يمكن أن تتعلمه عن التكوين الجسدي والوظائف الخاصة بجنسها، فقرأت رسالتَين عن جنس الذكور وجنس الإناث كتبها رينيه دي جراف (١٦٤١–١٦٧٣م) من دلفت بهولندا، فكان لها تأثيرٌ كبير على قرارها بأن تغدوَ قابلةً علمية حقًّا.

وظلَّت اثنتَي عشرة سنة تُمارِس القبالة بين صفوف الفقراء المحليين، وعلَّمَت قابلاتٍ أخريات كنَّ كثيرًا ما يستدعينها للاستشارة. ولما اتَّسعت دائرة شهرتها استخدمتها سيدات الطبقة العليا في ليجنتز، فيما يُسمى الآن بولندا. وبمرور الوقت عُيِّنت قابلة لبلاط أمير براندنبرج المنتخب وقابلة للعائلة المالكة البروسية. وفي سنة ١٦٨٨م دُعيَت إلى برلين لتُشرِف على مخاض زوجة فردريك الأول ملك بروسيا (١٦٥٧–١٧١٣م).

وبعد سنة نشرت على نفقتها الخاصة مجلدًا عن القبالة به صورٌ كثيرة بالحفر على النحاس، وكثير منها رسومٌ تخطيطية بيدها شخصيًّا، تُصور حالات مريضاتها. وكانت تُفضل الكتابة بالألمانية على اللاتينية المألوفة في هذه الموضوعات؛ كي تكون مفهومة للقابلات (على نحوِ ما كتب «باريه» قبل ذلك بقرن من الزمان بفرنسيةٍ بسيطة ليفهمها الحلَّاقون الجرَّاحون الذين لا يستطيعون القراءة باللاتينية)، ووُوجِهت فراو سيجموندين بنقدٍ عنيف، ولكن الكتاب أُعيدَ طبعه ست مرَّات وتُرجِم إلى الهولندية.

ونادت فراو سيجموندين بإعطاء الطبيعة فرصة إتمام المخاض بدون تَدخُّل، ونصحت القابلات أن يَدرُسن كيف يَقلبن وضع الأطفال الذين يكون نزولهم في وضعٍ رديء؛ حتى لا يَلحق الأمهاتِ في أثناء الوضع إلا أقلُّ ضرر. وكانت أدواتها في هذه العملية أولية جدًّا؛ أنشوطة أو خيطٌ تلفُّه حول القدم كي تجذب به القدمَين إلى أسفل، وتستخدم أحيانًا خُطافًا غير حاد، وكانت تستخدم أسلوب تمزيق الكيس النخطي (أو قرن الماء) لإيقاف النزيف، وهي طريقةٌ استخدمها — في نفس الوقت تقريبًا — مُعاصرها الفرنسي موريسو (١٦٣٧–١٧٠٩م) الذي كان كتابه عن أمراض الحمل (١٨٦٨م) هو الحُجة المعتمَد، إلى أن حلَّت محلَّه أعمالُ مدام بوافان التي نُشِرت ما بين ١٨١٢ و١٨٣٣م.

القابلات الفرنسيات في القرن الثامن عشر

وُلِدت «أنجليك مرجريت ليبورسييه دي كودراي» (١٧١٢–١٧٨٩م) في كليرمون فيران بالأوفرنيى، ودرست بمستشفى أوتيل دي دييه بباريس، ورُخِّص لها بالمزاولة سنة ١٧٤٠م، وبعد ذلك بقليل صارت كبيرة قابلات المستشفى. وكانت أساليبها في التعليم فريدة، ويبدو أنها سبقت الإنجليزي وليم سميلي (١٦٩٧–١٧٦٣م)، وإن عُزِي إليه الفضل في الابتكار، إلى استخدام مانكان يُمثل جذع امرأة، وقد صُنِع بحيث تستطيع أن تُدرِّب تلميذاتها بوساطته على عمليات الولادة. وفي ١٧٥٩م كلَّفَتها لجنةٌ ملكية بزيارة مستشفيات القبالة في مقاطعات فرنسا وإلقاء محاضرات فيها، واستمر راتبها — وهو ثلاثة آلاف جنيه فرنسي سنويًّا — يُصرَف لها بصفة معاش عندما تقاعدت، وطُبِع كتابها عن القبالة الذي نُشِر لأول مرة سنة ١٧٥٩م خمس مرَّات.

ومدام ماري-جونيه ديجيس (١٧٣٠–١٧٩٧م) تعلَّمَت القبالة لأول مرة على يد والدتها القابلة، ثم على يد زوجها «لوي ديجيس»، وهو مُوظَّف بصحة باريس. وعمِلَت مدام ديجيس قابلةً طبية قضائية (أي خبيرة قبالة) أمام محاكم باريس، وفي سجن شاتيليه قُرْب شالروا في بلجيكا. وعُيِّنت في ١٧٧٥م كبيرة قابلات في مستشفى أوتيل دي دييه بباريس، حيث أعادت تنظيم قسم الولادة من أساسه.

وقد أتمَّت ماري لويز لاشابيل (١٧٦٩–١٨٢١م) — وهي ابنة مدام ديجيس — عمل أمها، وكانت وهي طفلةٌ الرفيق المُلازم لأمها، وأثبتت أنها تلميذةٌ شديدة الذكاء. وفي سن الخامسة عشرة تولَّت بنفسها عملية ولادة في منتهى الصعوبة، فأنقذت حياة الأم والوليد معًا. وترمَّلت وهي في سن السادسة والعشرين. ولما كانت تعول ابنة لها فقد اتَّجهت اتجاهًا جِديًّا إلى ممارسة القبالة. وفي سنة ١٨٩٧م خلَفت والدتها في منصب كبيرة قابلات مستشفى أوتيل دي دييه. وفيما بعد، عندما نظمت مستشفى الولادة، عُيِّنت فيه كبيرةً للمُولِّدات، وعملت تحت رئاسة جان لوي بودلوك (١٧٤٦–١٨١٠م) كبير مُعلمي القبالة بالمستشفى وأعظم علماء الولادة في باريس. وكان بودلوك نفسه فيما مضى تلميذًا للقابلات، وكان يغبط مدام لاشابيل على يدَيها المرِنتَين، ويُعجَب بقدراتها العقلية، ويعدُّها أبرع قابلات زمانها في الولادات الصعبة. وتمكَّنَت مدام لاشابيل من انتزاع فسحة من الوقت للدراسة في هايدلبرج أقدم جامعات ألمانيا، وعند عودتها إلى باريس طُلِب إليها أن تُنظم مستشفًى للولادة وللأطفال في بور رويال جنوب غربي فرساي.

وقد جمعت مدام لاشابيل أثناء حياتها مادَّةً كافية لكتاب من ثلاثة مجلدات عنوانه «الممارسة العملية للتوليد، أو ذكريات وملاحظات مختارة». وقد نُسِّق ونُشِر على يد ابن أخيها أنطوان ديجيس (١٧٨٧–١٨٣٨م) الأستاذ بكلية طب مونبلييه بعد وفاتها بأربع سنوات بمرض السرطان في المَعدة. وهذه المادة العلمية قائمة على أساس أربعين ألف حالة قامت بتجميع إحصاءاتها. وكانت تعتقد أنه ينبغي استخدام الأدوات في أضيق نطاق (ولا تُستعمل إطلاقًا لمجرد تقصير أمد المخاض)، وذكرت أنها شخصيًّا لم تتدخل في عمل الطبيعة إلا في أقل من ٢٪ من حالاتها. ولم تنجح إلا بقدرٍ ضئيل جدًّا في مطالبتها بإبعاد كل الأشخاص غير الضروريين من حجرة الولادة. ولقيَت بعض مُبتكَراتها في توجيه وإدارة المخاض حظًّا أوفر من النجاح.

ولا بد أن هذه الرسالة الضخمة، التي تُغطي كل وجوه القبالة، كانت فوق مستوى القابلة النمطية كثيرًا جدًّا، خاصة وأنها خالية من الرسوم، والواقع أنها وُصِفت بأنها «نصبٌ تذكاري أقامه ابن أخ وفيٌّ لعمته البارعة».15

ومع هذا فقد قامت مدام لاشابيل بدورٍ رائد في إحداث كثير من التغييرات لصالح المرأة الحامل والوليد، تلك التغييرات التي ظهرت قُرْب نهاية القرن الثامن عشر.

أما ماري آن فيكتور جيلان (١٧٧٣–١٨٤٧م) التي قال البعض إنها ألمع خبيرات القبالة في زمانها، فوُلِدت في ضاحية مونتري قُرْب باريس، وعلَّمَتها الراهبات في مستشفى بايتامب جنوبيَّ باريس بثلاثين ميلًا. وفي سن الرابعة والعشرين تزوَّجت «لوي بوافان»، وهو مُساعد في إدارة الأملاك الوطنية، وسُرعان ما ترمَّلت ولها ابنةٌ وحيدة، فدرَست القبالة وحصلت على إجازتها في سنة ١٨٠٠م، واستقرَّت في فرساي، ولكنها بعد أن قُتلت وحيدتها في حادث عادت إلى باريس حيث عملت إحدى عشرة سنة تحت رئاسة مدام لاشابيل، ونشبت بينهما قطيعة بسبب ضرب تافه من الغَيرة، وليس — كما زعم البعض — بسبب نشر أول كتاب لها عن القبالة؛ فذلك لم يظهر إلا بعد تلك القطيعة. ورفضت مدام بوافان عِدَّة عروض مُغْرية، وقبِلَت وظيفة بأجرٍ أشبه بأجور الخدم في مستشفًى للمُومِسات. ولما تقاعدت بعد خمس وثلاثين سنة من الخدمة كان معاشها من الضآلة بحيث ماتت بعد سنة واحدة من الشلل والفاقة.

وهذا المُلخَّص لا يكشف عن حقيقة قدر هذه المرأة ومنزلتها، فقد نشرت عددًا من الكتب فيما بين سنة ١٨١٤–١٨٣٣م. وكان آخر أعمالها يحوي إحدى وأربعين لوحة ومائة وتسعة عشر شكلًا قامت بتلوينها جميعًا بنفسها. وقد وصف هنتر روب، الكاتب الطبي في أواخر القرن ١٩، كتابها هذا بأنه أحدث كتاب مُمكِن قبل ظهور البكتريولوجيا.16 وقد عهِد إليها جيوم ديبويترين، أمهر جرَّاحي زمنه، بِابنته كي تُولدها في مخاضٍ كان يُنذِر بالتعسر، قائلًا عنها إن لها في كلِّ طرفِ أنملة من أناملها عينًا مُبصِرة!

وفي سنة ١٨٢٧م منحتها جامعة ماربورج بألمانيا شهادة الدكتوراه الفخرية في الطب. وهذا شرفٌ قلما أُضفيَ على النساء.

ويقول تشارلس د. ميجس الأستاذ بكلية جيفرسون الطبية في فيلادلفيا ومؤلف «النساء وأمراضهن» (١٨٤٩م) عن مدام بوافان: إن «كتابتها تدل على أنها كانت من أعلم الأطباء. ولما كانت قد حظِيَت بممارسة المهنة على نطاقٍ واسع جدًّا فإن عِلمها وخبرتها الإكلينيكية العظيمة ومعرفتها الشخصية أخلق بالاعتماد عليها من جميع الأطباء المذكورين مُجتمعين …»17

آل زيبولد: الأم والابنة

رجينا فون زيبولد، زوجة طبيب في بلاط دارمشتات بألمانيا، وابنتها شارلوت فون زيبولد (١٧٦١–١٨٥٩م)، كلتاهما حصلتا على لقب «دكتور في التوليد» من جامعة جيسن. وكانت الأم قد حصلت في وقتٍ سابق على دبلوم القبالة من مدرسة للقابلات في فيرزبورج، أما الدكتوراه من جيسن فكانت فخرية (١٨١٥م). أما شارلوت التي كانت قد درست في جوتنجن في ١٨١١ و١٨١٢م، فتزوَّجت من جيسن سنة ١٨١٧م وعملت هناك.

وفي سنة تَخرُّج شارلوت فون زيبولد ماتت الأميرة شارلوت الإنجليزية وطفلها معًا أثناء الوضع، وبعد سنتَين دُعيَت شارلوت فون زيبولد إلى إنجلترا لتوليد دوقة كنت التي ستغدو الملكة فيكتوريا، ولو أنها تُركت لرعاية قابلة كالتي تولَّت الأميرة شارلوت لما كُتِب لفيكتوريا أن تتولى العرش.

وعن هؤلاء وغيرهن من القابلات في القرن ١٨ وأوائل القرن ١٩ تقتبس الدكتورة هيردميد قول هنتر روب: «إنهن لا ينبغي أن يُحكَم عليهن على مستوى القابلات المُنحطِّ في أيامنا؛ فقد كان عملهن هامًّا للغاية، وكانت تجرِبتهن وخبرتهن مما لا يكاد يوجد في زمانهن ما يُضارعهما … إن مثل أولئك القابلات يَفُقن — من وجوهٍ كثيرة — طبيب الولادة المُعتاد حتى في أيامنا هذه … فملاحظتهن الدقيقة وثباتهن على تقاليد الممارسة والبداهة السديدة ضروريةٌ اليوم كما كانت في القرن ١٨.»18

إن «مستوى القبالة المُنحط اليوم»، الذي وصفه روب سنة ١٨٩١، هو المسئول — إلى حدٍّ كبير — عن اختفاء القابلات عمليًّا منذ أوائل القرن ٢٠ في البلاد المتقدمة. ولكن في السبعينيات، وبسبب العجز في عدد أطباء التوليد المُحترفين، بدأ الناس يُشجعون التدريب على القبالة، وبدأت القابلات يظهرن باعتبارهن عناصر شِبه طبية عالية التدريب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤