الفصل الثالث عشر

الفزع

كان أندريه حزينًا تمامًا لكارثة صديقه. ومن حسن الحظ أن القدر يعوض قليلًا، وربما لا يكون أمرًا سيئًا — لكل الأطراف المعنية — أن يتخلى ديرفيو عن مشروع الاندماج وأن يترك الشركة الراهنة تمضي كما هي. وفي ٢٧ مارس ١٨٦٦م كتب أندريه يقول: «إن التفاصيل القليلة التي عرفناها عن هذه المؤامرة القذِرة كافية لأن نقدر شعور الاشمئزاز الذي أحسستَ أنت به، والرغبة التي تملَّكتْكَ في أن تنفض الغبار عن قدميك بسبب الحقد والوشايات التي لم تنجح، بعون الله، وإن كان شنيعًا أن يحس الإنسان أنه محاط بها.»

غير أن أندريه كان قلقًا على الشركة الزراعية، وكان هناك ما يدعو إلى ذلك. فلبنك ماركوارد حوالي ۸۰۰ سهم في الشركة الزراعية، دفع عن كل سهم منها ٨ جنيهات فحسب، ومعنى هذا أن البنك لن يخسر ٦٤٠٠ جنيه استثمرها فعلًا فحسب، وإنما سيخسر أيضًا بالإضافة ٩٦٠٠ جنيه عن ضمانه اثني عشر جنيها للسهم. وإذا كانت أرباح البنك الصافية سنويًّا لا تزيد عن مليون فرنك، فإن خسارة ٤٠٠ ألف فرنك تعتبر ضربة قوية، وإن لم تكن كارثة. أضف إلى ذلك أن الشركة الزراعية كانت مدينة — لبنك ماركوارد — على الحساب الجاري بحوالي ٢٠٠ ألف فرنك. ورغم أن هذا المبلغ قد غُطِّي بضمان ديرفيو الشخصي، إلا أنه ظل مصدرًا للقلق. فديرفيو ليس محصنًا من المتاعب، وهو شخصيًّا يملك ١٧ ألف سهم في الشركة الزراعية، أي ٨٥٪ من رأس مال بنكه.

وأراد أندريه أن يخرج من هذه الورطة، بأسرع ما يمكن وبأقل ما يمكن من الآلام. وفي نفس خطاب ٢٧ مارس أوضح أنه يستحيل على الشركة الزراعية أن تنفذ التزاماتها محقِّقة مكسبًا، وأن الأمل الوحيد هو بيع الشركة إلى «طرف ثالث» يتم «التنازل له عن الطلبات والاتفاقات والامتيازات والمزايا الأخرى بأقل الخسائر». ولم يكن هناك غموض فيما يعنيه أندريه بالشخص الثالث. فهو يقول في خطابه: «فلنأمل أن يتخذ الخديوي إجراءً يساعد مُساهميك سيئي الحظ على الخروج من المأزق دون افتضاح.»

والحقيقة أن معظم هذه النصيحة لم يكن ضروريًّا، فالشركة الزراعية أوقفت عملياتها في فبراير، ولم يمضِ على خطاب ۲۷ مارس الكثير حتى اضطرت الشركة إلى وقف الدفع. وكان أوبنهايم سريعًا في التصرف في مستوى الموقف؛ إذ بينما كان المساهمون الآخرون يصرخون ويغضبون، اتفق أوبنهايم سرًّا مع الخديوي على أن يبيع له نصيبه الكامل (۹۰۰۰ سهم) في الشركة بخَصم. ومع ذلك فكل هذا لم يكن كافيًا لكبت حماس ديرفيو. ولقد أدهش أندريه أن خطابات ديرفيو إلى شقيقه في باريس تُبين أنه كان يفكر في مشروع ضخم لامتصاص الشركة الزراعية، وبامتصاصها ينقذها. وفي ذلك تحدث ديرفيو إلى إسماعيل، وكانت النتائج كالعادة: حديثًا عن إعادة تنظيم الشركة، قرضًا كبيرًا، وخططًا جديدة لعظمة هذا الفرعون العصري!

وشعر أندريه أن الموقف لا يسمح إلا بالحديث الصريح مع ديرفيو. وفي ١٧ أبريل كتب إليه خطابًا يُعتبر من أشد خطاباته حدة. وبدأ الخطاب هادئًا مكرِّرًا عطفه على صديقه في متاعبه الشخصية، ثم دخل في صلب الموضوع. وعدد نقاطه واحدةً بعد الأُخرى؛ فالشركة الزراعية قد انتهت، وسمعة الأعمال المالية والتجارية المصرية قد أصيبت بضربة عنيفة. ومن وجهة نظر العالم الخارجي يُعتبر ديرفيو وأوبنهايم (وخصوصًا ديرفيو) مسئولَين عن تصرف — أو بالأحرى سوء تصرف — الشركة ومصيرها الأخير. والشركة الزراعية ليست حالة استثنائية.

فهي واحدة من عدد كبير من مثل هذه المشروعات، كلها نشأت برعاية الخديوي وبركاته، وكلها فشلت بدون استثناء. والخديوي رجل خبير في ابتزاز كل من حوله بوعوده الفارغة. وقد حان الوقت أن يدرك ديرفيو أن السراب هو السراب، وأن يتوقف هذا الجري الجنوني وراء ذهب كان دائمًا بعيدًا عن متناول يده. وباختصار، فإن على ديرفيو أن يصفي أعماله بشرف الآن قبل أن يصبح ذلك مستحيلًا. أما عن إسماعيل فينبغي أن يفهم أن ماضيه يُلزمه بإنقاذ الشركة الزراعية، وأن مستقبله المالي يعتمد على تصرفه في هذه المسألة. ولينسَ إسماعيل فكرة قرض جديد: «إن المرء يكون تركيًّا إلى الأعماق إذا كان يحلم بأن يطلب قرضًا من الناس للمرة الرابعة خلال ثمانية عشر شهرًا، وفي أعقاب قرضين فاشلين تمامًا، وعندما يكون المدين يفضل إشهار السكين على رقاب الناس كأسلوب في مواجهة التزاماته، ويلعب مع الدائنين كما يلعب الفأر مع القط.»

ويوضح الخطاب أن على ديرفيو، في الوقت ذاته، أن يفكر في شركته الخاصة: «لقد أصيبت شركتك في سمعتها وعملائها، وأفضل مساهميك يحاولون الانسحاب … إن اسمك محل مناقشة، وما دام أوبنهايم قد انسحب من الميدان، فأنت وحدك فيه دون تأييد، وجهًا لوجه مع كل شيء. كيف إذن تعيد كل شيء إلى المركز القوي؟ بشغل نفسك بأعمال شركتك، بتكريس كل الوقت الذي ضاع في السياسة لأحلام المشروعات العامة العظيمة لشركتك، بتضييق ارتباطاتك، برفض أي عملية بعيدة خطرة، بإشعار الحكومة أن عليها أن توقف اندفاعها، وأن هذا هو شرط تعاونك. وعليك أن تهتم في المرحلة القادمة بالأعمال المالية العادية، ولن تندم على ذلك.»

وفي نفس الوقت كان أندريه يتخذ إجراءاته الخاصة، فطلب تفصيلات أكثر عن حقيقة حساب ديرفيو: أوراقه وكمبيالاته، والتزاماته وأصلها، وعناصر الحسابات المدفوعة له، ونبه إلى الدُّفَع الضخمة المدفوعة للحكومة مقدمًا، والتي تبلغ حوالي نصف رأس مال ديرفيو السائل، وذكر ديرفيو أن حسابه مع بنك ماركوارد قد ظل راكدًا منذ مدة، وأن سحبه فوق رصيده بحوالي ٧٠٠–٨٠٠ ألف فرنك قد اتخذ طابع الائتمان الدائم، وأنه لا بد من وقف هذا. «إنني أفترض أنك ستتخذ الخطوات الضرورية لكيلا تكون مدينًا بعد ذلك إلا عرضًا، وبمبالغ أكثر تواضعًا.» كذلك حذر أندريه ديرفيو أنه لن يقدم أي ائتمانات على «الأرصدة التركية، أو برزخ السويس، أو أي أشياء بائرة من هذا النوع». وإذا أراد ديرفيو أن يدخل في صفقات من هذا النوع لحساب إسماعيل، فعليه أن يحصل على نقد عميله الخديوي، وسيصر أندريه على النقد في باريس.

لقد أنصف أندريه صديقه عندما حذره أنه لا يستطيع أن يعتمد في وقت الضيق على نفس المساعدة التي أخذها في وقت الرخاء.

فجوهر العمل المصرفي السليم المحافظ هو أن تقدم أقصى المساعدة لمن هم أقل من غيرهم احتياجًا لها. ولا غبار في أن تقرض النقود، بضمانات جيدة، لعملاء أثرياء يحتاجون إلى أموال جديدة لكسب أموال جديدة. أما الذي لا ينبغي أن يحدث فهو أن تقرض نقودًا لعملاء يحتاجون إلى المال كي لا يفقدوا مالًا آخر، ولقد انتقل ديرفيو من المجموعة الأولى إلى المجموعة الثانية.

ويختم أندريه الخطاب بفقرة طويلة لطيفة، يؤكد فيها له أنه لا يزال يثق فيه. لقد كان في إمكانه ألا يكتب كل هذا لولا أنه مقتنع أن ديرفيو سيستطيع في سهولة أن يستعيد نفوذه وازدهاره بالتركيز على الأعمال المصرفية التجارية المعتادة وتجنب «الطريق المحموم»، طريق تمويل الخديوي. ولكن هذه الكلمات المعسولة لم تخفف كثيرًا من تأثير الخطاب.

وفي نفس اليوم أرسل بنك ماركوارد مذكرة إلى ديرفيو وشركاه يذكرهم أنه ينتظر في أي لحظة منهم تسديد بعض هذا العجز، الذي لم يكن يلفت نظر أندريه منذ سنتين. وفي اليوم التالي، في ١٨ أبريل، أرسل بنك ماركوارد خطابًا إلى ديرفيو يطلب منه تسديد حساب الشركة الزراعية الذي انخفض إلى ٧٥٩٨٣ فرنكًا. وإذ كان ديرفيو قد ضمِن ائتمان هذه الشركة، فقد شعر البنك في باريس أن على ديرفيو أن يدفع، ثم يصفي حسابه مع الشركة الزراعية وقتما يشاء.

•••

وفي الاجابة على تأنيب أندريه ونصائحه، لم يكن أمام ديرفيو إلا أن يقول إن الأحوال ليست بالسوء الذي تبدو به. وفي خطاب بتاريخ ٢٦ أبريل ١٨٦٦م يشكر ديرفيو صديقه على «عواطفه الودية» في خطابه بتاريخ ۲۷ مارس، قائلًا: «يشعر الإنسان بالسعادة — وهو يجتاز ظروفًا صعبة مؤلمة — عندما يرى دليلًا على صداقةٍ وفية ومخلصةٍ كصداقتك.» وأكد ديرفيو انخفاض العجز في مسحوباته، وأن هذا العجز سينتهي تمامًا بمدفوعات في الطريق إلى أندريه. ولكن خطاب ديرفيو كان اعترافًا بضعفه، رغم أنفه.

لقد اعترف أن حسابه كان بالفعل راكدًا، ولكن السبب في ذلك أن «شريكه العزيز» جالو قد رفض دائمًا كل ائتمان حتى للمساهمين في البنك، وأن هذا السبب في اضطراره إلى شراء نصيب أحد حملة الأسهم، وقد اقترض ديرفيو من إسماعيل المبلغ المطلوب للشراء وهو ٣٢٥٠٠٠ فرنك. وثمة مساهم آخر بمبلغ ١٥٠٠۰۰ فرنك (واسمه دومريخر) أراد سُلفة بمائة ألف فرنك، ولما رفض جالو قرر أن يبيع نصف أسهمه. ومن حسن الحظ أن ديرفيو قد أقنع جالو بإعادة النظر في السلفة. هذا هو كل شيء، وليس هناك آخرون يريدون الانسحاب من البنك، وإن كان بعضهم قد أوضح أنه سينسحب في حالة أي توسع أو إعادة تنظيم.

وفي نفس الوقت كان ديرفيو يعتقد أن موقفه قد تحسن كثيرًا. فالجانب المشلول من رأس المال في أشياء مثل أسهم الشركة الزراعية والشركة التجارية والمحالج في الداخل وإقطاعية بالإسكندرية، لا يتعدى الثلث. أما الباقي فهو سائل: نقد ومخزونات ومبالغ لديرفيو قابلة للاسترداد لا يزيد ما عند الحكومة المصرية منها عن مليون فرنك. وعندما يحل شهر مايو لن يكون ديرفيو مدينًا لأحد على عن الإطلاق.

أما عن الشركة الزراعية فقد اعترف ديرفيو أنها أمر آخر. إن ديرفيو يقر بسوء إدارتها، وتلك كانت غلطته؛ فقد كان مسافرًا في الخارج لمدة ستة شهور، وقد سمح المسئولون عن إدارتها (باسيني، أنسلين، ريتشارد-كونج) للشركة أن تمضي إلى الجحيم. ولقد اجتمع عجز الإدارة ووباء الكوليرا وعجز الحكومة عن الدفع لما تم من أعمال فأدى ذلك إلى انهيار الشركة.

وعند عودته بذل ديرفيو كل جهده لإنقاذ الموقف. وفي آخر لحظة طلب الخديوي قرضًا لتسهيل عملية السيولة. ووافق إسماعيل ثم تراجع. ومن ناحية أخرى دفعت الحكومة بالفعل نصف مبلغ المائتي ألف جنيه المدينة به للشركة. ومن سوء الحظ أن النصف الآخر لم يدفع في انتظار إعداد الحسابات الدقيقة، غير أن ديون الشركة الزراعية لا تستطيع الانتظار. «إن الأتراك لا يفهمون هذا». وكما يقول ديرفيو فإن إسماعيل كان يشعر أنه «يفعل الكثير» عندما يقول للعالم إنه مسئول عن عدم حدوث أي خسارة لمساهمي الشركة الزراعية.

وعلى الرغم من أن ديرفيو غير راضٍ عن موقف إسماعيل، إلا أنه لا يستطيع أن يتخذ الموقف الحازم المبدئي الذي تقول به باريس. واعتقد أن الأفضل أن يبدأ في مفاوضات تفصيلية مع إسماعيل بدلًا من الضغط من أجل حل حاسم. وقد شعر ديرفيو أنه من الأنسب تصفية وضع الشركة الزراعية قبل سؤال إسماعيل التدخل لحماية مصالح المساهمين. ولا يشك ديرفيو في أن إسماعيل سيرعى مصالح كل واحد في نهاية الأمر. وفي هذا المجال أشار إلى ما حدث لأوبنهايم (عندما اشترى منه إسماعيل أسهمه). وليس هذا العمل علامة سيئة كما يظن أندريه، الذي يفكر بعقلية المسافر على سفينة تغرق، ينظُرُ خائفًا دورَه في النجاة بينما يتركها زملاؤه في قوارب النجاة. بل على العكس؛ فديرفيو، الذي يعرف مصر أفضل مما يعرفها أندريه، يعتبر موقف إسماعيل في مسألة أوبنهايم دليلًا على الاعتراف بالمسئولية «وهو الدليل الوحيد على مشاركة الخديوي في العملية».

ويختتم ديرفيو الخطاب بفقرة مُتردِّدة طَموحة:

«سأُنهي خطابي قائلًا: إنني واثق أننا سنخرج من هذه المسألة المحزِنة، التي أصبحت تمسُّني شخصيًّا أكثر من أي شيء آخر. كيف؟ لا أستطيع أن أعرف بعد، وربما كان الحل هو أن يعيد الخديوي شراء كل الأسهم، أو ربما بإعادة تنظيمٍ مع امتيازات أشغال كبيرة يُضمن الدفع فيها بطريقة ما محددة. وفي الحالة الأخيرة لا بد من قرض، وما تقوله لي أنت يجعلني أعتقد أن مثل هذا الحل ليس ممكنًا حاليًّا.»

إن المرء يكاد يسمع ديرفيو يتنهَّد أسفًا في آخر هذا الخطاب، ولقد استهدف خطاب ديرفيو أن يُجيب على انتقادات أندريه ويُهدئ مخاوفه. ولكن عندما يقرأ المرء هذا الخطاب لا بد أن يتساءل: كيف توقع ديرفيو أن يؤدي خطابه هذا إلى الهدف؟ فتقييمه لممتلكاته مثلًا، الذي وضع فيه المليونين ونصف مليون فرنك التي كان إسماعيل مدينًا بها له كمصدر سائل، لا بد قد جعل المموِّل الباريسي يرتعِد، ثم هناك الخمسة عشر ألفَ فرنك التي أقرَّ بها ديرفيو، والتي تمثل ثلث رأس ماله، متجاهلًا التزاماته باثني عشر جنيهًا عن السهم … أما عن حافظته المالية وحساباته وبضائعه غير المسمَّاة و«السوائل» الأخرى، فإن عجز ديرفيو عن تدبير ٣٢٥٠٠٠ فرنك نقدًا لشراء أسهم دومريخر حقيقةٌ كافية بذاتها لتوضيح الموقف. وأخيرًا، وربما هذا هو أشد ما يزعج، فإن السطور الأخيرة في خطاب ديرفيو توضح أنه لم يتخلص بعدُ من أوهامه، وبدأ أندريه يعتقد أن صديقه غير قابل للشفاء.

•••

وهكذا فإن محاولة ديرفيو المتهالكة في التفاؤل اعتمدت على الافتراض الحرِج بأن الشركات الضالعة مع البنك ستحل مشاكلها بطريقة ما، وستخرج سليمة من الأزمة؛ فالشركة الزراعية ليست إلا واحدة من مشاكل ديرفيو.

فهناك أيضًا شركة شقيقه ديدييه ج. ديرفيو وشركاه، المدينة بمبالغ كبيرة لرجال صناعة ومُورِّدي آلاتٍ شُحِنت فعلًا إلى مصر للشركة الزراعية والحكومة المصرية. وإذ كانت الجهتان عاجزتين فعلًا عن الدفع، كان على شركة ديدييه أن تُدبر المال عن طريق آخر أو تتوقف.

وفي الظروف العادية لم تكن مثل هذه الديون تمثل عقبةً جديَّة، فقد كان هناك دائمًا فارق زمني بين الإرسال من أوروبا والتحصيل في مصر، بالنسبة لشركة ديدييه. ولهذا واجهت الشركة المشكلة عن طريق ائتمانات من بنوك ماركوارد-أندريه بباريس، وأرلي-دوفور في ليون، وكافان-لوبوك في لندن، وبيوت مماثلة في ليفربول وزيورخ ومالهاوس، ومراكز أخرى في مقدمتها بنك إدوارد ديرفيو وشركاه بالإسكندرية. ولقد كان هذا البنك الأخير، بسُمعته وعلاقاته مع بنك ماركوارد، هو الذي مكَّن شركة جديدة برأس مال متواضع (٢٢٥٠٠٠ فرنك) كشركة ديدييه أن تحصل على ائتمانات بلغت أكثر من مليون فرنك من بيوت مالية تُعتبر أفضل بيوت أوروبا. وكان بنك ديرفيو وشركاه هو الذي عمل كوكيل وحامٍ لشركة ديدييه ديرفيو في صفقاتها المصرية الصعبة البطيئة، فأوجد لها العُملاء وحصل على الطلبات، وجمع قيمة الفواتير، وقدم الأرصدة مِرارًا وفي سخاء في مقابل مبيعات أو مدفوعات متوقَّعة، وتفاوض وطالب بالديون باسمها.

أما الآن فقد نضبت كل مصادر الائتمان، وأصبحت البيوت التجارية في إنجلترا والقارة عاجزة عن المساعدة أو غير راغبة فيها. وأندريه — الذي سمح لجوستاف ديرفيو أن يسحب كما يشاء على حساب أخيه — بدأ يشعر بالقلق من الضَّامن أكثر من المقترض. والأكثر من ذلك أن في هذه المرة لم تكن مسألة ديدييه-ديرفيو هي مسألة تأخير في الدفع فحسب، وإنما هو احتمال ألا يكون هناك دفع على الإطلاق.

ورغم مصاعبه لم يكن إدوارد ديرفيو ينتوي التخلي عن شقيقه. ورغم كل اهتمامه بذاته وأنانيته (فديرفيو ليس إلا بشرًا) كان مخلصًا في ولائه ووفائه لعائلته. وكل ما يملكه من أرصدة وضعها تحت تصرف جوستاف. والأكثر من ذلك أن ديرفيو كان مستعدًّا أن يُلقي في المعركة بثروته الشخصية، وهي غير موارده كممول. كتب إلى أندريه بتاريخ ٢٦ أبريل يقول: «إنني أطلب منك إذن باسم أخي استمرار الائتمان الذي قدمته له. وسيكون هذا بضمانتي الشخصية. وإذا كان هذا الضمان غير كافٍ لأسباب تتعلق بشركائك، فإنني أُوافق على أن يكون هذا بِرَهن الأرض التي أملكها في مرسيليا، التي تساوي على الأقل ٣٥٠٠٠٠ فرنك.» وفي هذا كان ديرفيو مُناوِرًا ماهرًا، فهو يعرف أن أندريه وشركاءه سيُسرعون بالاستفادة من أي ضمان يقدمه ديرفيو.

وازداد الموقف سوءًا خلال الأُسبوعين التالِيَين. ومرة أخرى تجمَّعت متاعب أوروبا لتُصيب مصر بالكوارث؛ فسوق النقود، الذي كان مشدودًا طول الشتاء ثم تحسن في مارس إلى حدٍّ ما، قد عاد إلى التوتر مرة أخرى. وفي هذه المرة كان العلاج غير مناسب بالتأكيد. فبعد ثمانية عشر شهرًا من الهبوط الذي تخللته أزمات غير منتظمة، لم يكن لدى السوق غير قوة قليلة مخزونة، وكان كافيًا أن تنتشر إشاعة سيئة أو تحدث تصفية مفاجئة، حتى يحثو السوق على قدميه.

وفي ٢٦ أبريل أرسل بنك ماركوارد-أندريه إلى كل مراسليه في مصر يطلب منهم إلا يُرسلوا إليه أي أوراق مالية خاصة باتحاد التجارة والائتمان الإمبراطوري، أو بشركة التجارة المصرية، أو بشكل عام أي شركة إنجليزية مساهمة. وهكذا أصبحت كل المخلوقات العجيبة التي وُلِدت من الرَّواج القديم موضوعة في القائمة السوداء. وفي الإسكندرية توقفت كل البيوت التجارية الخاصة التي اعتمدت على هذه الشركات في الائتمان، وانتظرت بأمل أن تنتهي الزوبعة في أوروبا. وفي نفس الوقت تحولت هذه البيوت إلى إسماعيل بحثًا عن المساعدة. فمن النادر أن تكون هناك شركة من أي حجم في مصر لم تربط جزءًا كبيرًا من رأس مالها على هيئة سلف، للوالي وحكومته. وبلغت الزيادة في مسحوبات إسماعيل وحدها من البنوك ما بين ٢٠ إلى ٣٠ مليون فرنك.

ومن سوء حظ هذه البيوت والمصرفيين الذين حاولوا أن يستردوا أموالهم «السائلة» أن الخزانة الخاصة والخزانة العامة كانتا فارغتين. وفضل إسماعيل أن يتجاهل مناشدات ورجاء مُقرِضيه، بدلا من المواجهة. وإذ كان إسماعيل قد أخذ كل قرش أمكن أن يجده، فقد نقل السلطة إلى مجلس وصاية، وأبحر إلى القسطنطينية ليشتري من الباب العالي امتياز انتقال العرش إلى أقرب خلفه. فالأرصدة التي في يده لا تسمح أن يفعل شيئًا من أجل مجتمع رجال الأعمال في مصر؛ إذ ستغرق هذه الأرصدة في بحرٍ من المطالب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أي مساعدة لبعض الشركات المحظوظة ستؤذي مشاعر الشركات الأخرى، وستؤدي إلى صعوبات جديدة. والأفضل إذن هو أن يترك كل المقرضين يُعانون سويًّا بشكل ديمقراطي. وأن يستخدم المال القليل المتاح لغرض قريب إلى قلبه.

وبدأت الإسكندرية تغلي. فإذا كانت قروض الخديوي في أوروبا لم تنجح فهذا من سوء حظه، ولكن مُقرضيه يريدون استرداد أموالهم. وحتى ديرفيو جمع أطراف شجاعته قائلًا لأندريه في ٩ مايو: «نحن جميعًا ننتظر بفارغ الصبر عودة الخديوي. إن قناصلنا مُصمِّمون على دفعه إلى تسوية كل ديونه لدى التجار الأوروبيين. ولن نقبل منه أوراقًا، بل نقودًا، وعليه أن يُدبر هذا من جيوب الفلاحين الذين أخذوا في إخفائها لسنين طويلة.»

•••

ظل يوم ١١ مايو سنة ١٨٦٦م مذكورًا زمنًا طويلًا في سوق لندن باسم يوم «الجمعة الأسود». ففي هذا اليوم انهارت شركة «الكورنر هاوس» العظيمة، وانهار معها الانتعاش الذي عرفته السوق في السنين الأولى بعد ١٨٦٠م، وبدأت المذبحة.

وتلت ذلك تصفيةٌ عامة، وارتفع سعر الفائدة في البنوك إلى ٧٪ في اليوم الثالث، ثم إلى ٨٪ في اليوم الثامن، وبتوقُّف شركة جيرفي ارتفع السعر إلى ١٠٪ خلال ثمانٍ وأربعين ساعة، وظل كذلك طيلة ثلاثة شهور، ولم يحدث مثل هذا بعد ذلك، إلا خلال الحرب الكبرى.

وفي ١٧ مايو، بعد أسبوع مرهِق في لندن جريًا وراء مصالح شركته، عاد ألفريد أندريه إلى باريس وجلس يكتب إلى ديرفيو خطابًا يُخبره فيه بالأنباء السيئة. والنصف الأول من الخطاب يصف الكارثة: ملايين من الفرنكات ضاعت في ضمانات وسِلَع، إفلاس الشركات المالية، الشلل الذي أصاب الأعمال في إيطاليا وبروسيا والنمسا وروسيا. أما فرنسا فقد صمدت مؤقتًا. وخصص باقي الخطاب لمشاغل مباشرة؛ مثل علاقة ديرفيو وشقيقه بماركوارد. وقال أندريه إنه مستعد أن يساعد جوستاف ديرفيو «في حدود معقولة، مع اعتبار الظروف القائمة والبتِّ في الأمور من يوم لآخر»، ما دام إدوارد مُتعاونًا. وهذا الشرط كان يعني أن على إدوارد ديرفيو ألا يدفع بأوراق مالية غير مضمونة، وألا يسحب على عملية القناة، وألا يرسل سندات مصرية. وهذا الشرط يستبعد، في الحقيقة، كل الأوراق المالية الموجودة في حافظة ديرفيو، كما يستبعد ٩٥٪ مما هو متاح في سوق الإسكندرية. وكالعادة حاول أندريه أن يخفف وَقْع الضربة بكلمات قليلة تحمل معنى الاعتذار:

«إنني، كما تعرف، لستُ منزعجًا في العادة، بل إنني أميل إلى الموقف المضاد ولا أعرف شيئًا أسوأ من إثارة المخاوف المتعجلة لدى الآخرين. ولكن الموقف حاليًّا ليس كذلك. إن ثمة أشياء كثيرة خطيرة يُخشى منها، وينبغي الاستعداد لها بكل الأسلحة. وإذا تحولت الأمور إلى وضع أفضل مما نعتقد، انتعشت التجارة بسرعة، ولن نكون آسفين على حرصنا حتى إذا كان قد فرض بعض التضحيات.»

وبعد خطاب ۱۷ مايو وردت برقية تحرم أوراق قناة السويس المالية وسندات الخزانة المصرية، وتسأل ديرفيو (وهذا هو الأخطر) ألا يسحب على الاطلاق حاليًّا. وإذ حُرِم ديرفيو من معينه الأساسي اضطرَّ إلى بيع جزء كبير من ضمانات تجارة كبيرة، وأن يشحن النقود إلى أوروبا. وليس هناك أبهظ من هذا الأسلوب في الدفع.

وفي نفس الوقت، تعثر ديدييه-ديرفيو. ففي كل شهر كان يحل موعد في الدفع، وبدا أن آخر مايو على وجه الخصوص وقت صعب. وأندريه يسأل ديرفيو أن يعد، كل الأوراق الضرورية لرهن أرضه في مرسيليا، وإدوارد ديرفيو بدوره يستعطف صديقه أن يستمر في مساعدة أخيه.

إن ديرفيو وشركاه لم يكونوا الوحيدين في هذا الموقف البائس، فكل رجال الأعمال في مصر كانوا في بلبلة كاملة. فكل إنسان يحاول أن يجمع، وكل إنسان لا يريد أن يدفع. أما البيوت الوطنية، التي هي أقل حساسية لسمعتها من البيوت الأوروبية، فقد أعلنت، ببساطة، إفلاسها. وناضل الأوروبيون، ومِثل مجموعة من الأفراد جمَعهم البحر العاصف وهم لا يعرفون السباحة، حاول كلٌّ منهم أن يشد زميله إلى أسفله لكي يُنقذ نفسه. وكان الكأس قد فاض بالشركة الزراعية، وتدهورت أرباحها بسبب توقف شركة الائتمان التجارية الإمبراطورية في ١٢ مايو؛ إذ كانت الشركة الزراعية قد سددت إلى بنك ماركوارد ۱۰۰۰۰۰ فرنك بكمبيالات على شركة الائتمان. ولقد رُفضت الكمبيالات بالطبع، ثم تولى أندريه تغطية الموقف وطلب من ديرفيو أن يُغطيه وفقًا للضمان الذي قدمه؛ أما البنك الإنجليزي-المصري، فقد وجد نفسه مُضطرًّا إلى إغراق كمية كبيرة من سندات الدائرة السنية لمواجهة التزاماته المباشرة، ولكن تكرار مثل هذه التضحية أمر لا يمكن التفكير فيه؛ فالبنك على وشك التوقف. وفي ١٩ مايو انهار البنك الأوروبي آخذًا معه — على الأقل — أكثر من ۱۰۰۰۰۰ فرنك من مصادر ديرفيو المحدودة. وتولى أندريه التغطية كالعادة وطلب التسديد الفوري.

وبعد الشركة الزراعية والبنك الإنجليزي-المصري كانت الشركة التجارية المصرية قد أصيبت بضربات عنيفة من جرَّاء الأزمة. وبدا مستقبلها أسود، حتى من خلال عُوَينات وردية اللون. فقد كانت دائنة للحكومة المصرية بمليون جنيه، وربطت مليونًا آخر في عمليات المضاربة بضمان القطن وغيره من الضمانات الغير سائلة. وكان جزءٌ كبير من رأس مالها مُودعًا في الشركة الزراعية، التي عقَّد انهيارها الموقف المعقَّد أصلًا. وإذ وُوجهت الشركة بحلول مواعيد الدفع ولم يكن في يدِها غير ثروة غير قابلة للاسترداد، اضطرت الشركة أن تطلب من المساهمين دفع ٣ جنيهات أخرى عن السهم. ولكن اختيار التوقيت في هذا الطلب كان سيئًا؛ فالأسهم الموجودة في السوق لا تقبل البيع بأي ثمن. وعندما عادت إلى مستواها مرة أخرى كانت تقبل بصعوبة بأقل من ٥٪ عن القيمة المدفوعة.

وثمة أسباب عديدة لكارثة الشركة التجارية، ومن أهمها سوء إدارة المسئولين، الذين تطلعوا إلى بعثرة أموال الشركة. وكما يقول ﻫ. كاي أحد مديريها في لندن: «إن ما نعاني منه ينتهي أخيرًا إلى هذا: أخذ مديرنا في الإسكندرية على عاتقه عمليات أكثر مما ينبغي، عمليات ليست سيئة في حد ذاتها؛ وإن كانت جمدت جزءًا كبيرًا من نقودنا، ولا سيما في ضوء المعونة التي كان علينا أن نقدمها للشركة الزراعية بشكل مباشر أو غير مباشر.» وبالمقارنة بذلك كانت متاعب الشركة مع الخزانة المصرية ليست إلا مِلحًا على جرح قاتل.

ومثل هذا الجرح كان من المحتم أن يكون قاتلًا في أي مكان باستثناء مصر. فهناك، عملت الشركة بسرعة على أن تجعل من الشيء الثانوي شيئًا رئيسيًّا، وأن تضع كل مصاعبها عند باب إسماعيل. وتقدمت الشركة بشكوى رسمية، إلى القنصلية البريطانية بهذا المعنى، وذكرت أمثلة على ذلك.

  • (١)

    عجز الخزانة عن أن تدفع قيمة العمليات التي تمت بعقد شفوي من الخديوي، وكان واضحًا أن مجلس الوصاية مُتردد في تسديد مبالغ تدَّعيها الشركة في ظل غياب الطرف الآخر.

  • (٢)

    مسئولية الخديوي في «فشل» قرض قيمته ٧٠٠ ألف جنيه إلى عمه حليم باشا، وهو قرض كان من الصعب أن يفشل؛ لأنه لم يكن مُزمعًا طرحه في السوق. وفي نفس الوقت تحرك القنصل الفرنسي للعمل بناءً على طلب رجال الأعمال الفرنسيين الذين كان من المحتَّم أن يُصيبهم سقوط الشركة التجارية المصرية. وهؤلاء كانوا يُكوِّنون مجموعة قوية، وإذا انهارت الشركة التجارية إنهار معها نصف البيرت المالية الخاصة بالإسكندرية.

وانتظر كل فرد عودة الخديوي. إن الخديوي ترك مصر في آخر أبريل في الوقت المناسب. وفي خلال أسبوعين بدأت البيوت المالية بالإسكندرية تطالب بالسداد الفوري. ومنذ حوالي ٥ مايو أضاف قناصل الدول أصواتهم إلى أصوات مواطنيهم. وكان أعضاء مجلس الوصاية في حيرة؛ فالخزانة فارغة، وكثير من المطالب تعتمد على ارتباطات شفوية مزعومة من جانب الخديوي الغائب. وفي ديكتاتوريات الشرق لا يتصرف الوزراء عادةً وَفق مبادئهم، أضف إلى ذلك أن إسماعيل أعطى، دون شك، أوامر بألا يدفع غير القليل.

غير أن الضغط كان يستحيل مقاومته. وفي ١٩ مايو تقدم قناصل إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وبروسيا بطلب مشترَك إلى مجلس الوصاية بأن تدفع الحكومة التزاماتها ومسحوباتها الرئيسية، وأن تفعل ذلك قدر الإمكان بدون إصدار أوراق مالية جديدة يمكن أن تسيء إلى قيمة الأوراق القائمة حاليًّا. وحذر القناصل بأنه إذا لم تدفع الخزانة فورًا فإن الحكومة ستكون مسئولة عن كل خسارة تقع بسبب التأخير.

ودفع هذا التهديد الوزراء للعمل، فقرَّروا جمع ضرائب شهرين مُقدمًا ودفع الحصيلة إلى المقرضين المتعجِّلين. وعلى الرغم من أن المحصول الأخير بيعَ منذ زمن طويل، وأن إيرادات المزارع كانت في أدنى مستوياتها خلال العام، إلا أن مجلس الوصاية كان يأمل أن يجمع بهذه الطريقة حوالي ٢٠ مليون فرنك.

ولكن الضرائب لا تُجمع في أيام، حتى في زمننا الحالي، ومن باب أولى في مصر عام ١٨٦٦م، وعشرون مليونًا من الفرنكات لم تكن كافية لتغطية الزيادة في مسحوبات الخديوي. ولكن أين هو إسماعيل؟ في ٨ مايو، انتزع إسماعيل من الباب العالي الموافقة على أن يكون نظام العرش بالوراثة. وفي التاسع عشر من مايو وصلت أنباء تفيد بأنه سيعود خلال أيام قليلة. ولكنه لم يعُد. وبدلًا من ذلك ظل يرسل إلى القاهرة يطلب نقودًا لدفع هدايا للسلطان ورشاوى لوزرائه والمصاريف العامة لإجازته، بينما نفد صبر رجال الأعمال في الإسكندرية مع كل شحنة من العملة تترك الإسكندرية. وفي السابع والعشرين من مايو، صدر في اسطنبول الفرمان الذي يُعلن النظام الجديد لعرش مصر. وأصبح حضور إسماعيل متوقَّعًا في أي يوم، ولكنه كان مشغولًا بحفلات تكريمه، إلى حد أنه فضل البقاء في البوسفور. وبجانب ذلك، فالأنباء التي ترِد من مصر لا تُشجع على الإسراع بالعودة؛ فخطابات وبرقيات مُموليه ومقاوليه وحاشيته ومنافقيه تتحدث عن المخالفات والاتفاقات والمطالبات قبل أن تقدم له كلمة تهنئة بنظام العرش الجديد.

وزاد سخطُ مُقرضيه وفاض الكيل. لقد حصل الخديوي على فرمانه، فلماذا يظل في القسطنطينية؟ إن كان يظن أنه يتجنب مسئولياته بهذه المراوغة عن الطفولية، فهو مخطئ. إن إسماعيل ظل يضرب البنوك ببعضها حتى وضعها جميعًا تحت رحمته، واستغل المجتمع المالي مدةً أطول من اللازم، ولا بد أن يكون هناك حد للاستبداد والتحكم. ويستطيع إسماعيل أن يفعل ما يريد نحو رعاياه الخاضعين، ولكنه سيكتشف عن قريب أن التجار والمصرفيين الأوروبيين ليسوا بهذا الاستسلام كما يبدو له. وإسماعيل لن يقيم خارج مصر إلى الأبد، وعندما يعود فمن المؤكد أنه سيجد استقبالًا «حارًّا» في انتظاره!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤