الفصل الرابع

السويد

(١) تكوين دولة السويد

تمثل السويد الدولة الكبرى في نورديا من حيث السكان والمساحة والتقدم الاقتصادي، وهي في الوقت ذاته أكثر دول نورديا ارتباطًا بالبلطيق ومشاكله السياسية وبدولة فنلندا، وبالرغم من أن للسويد جبهة بحرية طويلة نسبيًّا تطل على سكاجراك، ومن ثم على بحر الشمال — وبرغم أن هذه الجبهة ذات أهمية اقتصادية عالية للسويد الحديثة — إلا أن معظم السويد موجه بواسطة بنائه التضاريسي نحو الجبهة البحرية المطلة على بحر البلطيق وخليج بوثنيا، وقد ظلت السويد قرونًا طويلة تتبع هذا التوجيه الطبيعي.

ولقد عمرت أراضي السويد متأخرًا عن الدنمارك بفترة طويلة نظرًا لقسوة مناخ ما بعد العصر الجليدي مباشرة، وقد جاء المهاجرون الذين عمروا السويد من الجنوب في صورة صيادين وسماكين، وذلك حينما نمت الغابات المخروطية محل غطاء الجليد، وقد تعاقبت حضارات عدة في السويد أولها حضارة مجلموس التي تميزت باستخدام العظام وانتشرت في السويد من جزيرة زيلاند الدنماركية حتى حوض يمتلاند في شمال وسط السويد، وكان معظم النشاط الاقتصادي مركزًا حول الصيد البري وجمع البذور والثمار في داخل الغابات، ثم جاءت حضارة أرتبول التي تميزت بالاستقرار حول الشواطئ والفيوردات والأنهار، والاعتماد كثيرًا على السماكة، وكانت أدوات هذه الحضارة تصنع من الصوان وغيره من الحجارة، وأخيرًا جاءت الزراعة في صورة هجرة من الجنوب أيضًا، بينما ظل الصيد حرفة سكان الشمال والوسط لفترة طويلة.

وعلى وجه العموم فإن هجرات التعمير في السويد كانت تتجنب هضبة سمالاند الفقيرة في الجنوب، وتتجه مع السهول الساحلية من سكانيا إلى المناطق الغنية حول البحيرات الوسطى، وقد انتشرت الزراعة مع الرعي في خلال نهاية النيوليتي — العصر الحجري الحديث، وعصر البرونز نتيجة حركة رفع أرضية في اسكندنافيا عامة أدت إلى كشف مناظق التربة الفيضية أو الرسوبات الطينية الخصبة الصالحة للزراعة في وسط السويد.

وقد تبع ذلك تغير مناخي أدى إلى سوء الأحوال الزراعية في خلال عصر الحديد، ترتب عليه هجرة عكسية لكثير من الناس من وسط السويد في اتجاه الجنوب.

تنقسم السويد إلى ٢٤ قسمًا إداريًّا Lan وهذا التقسيم يرجع إلى القرن الثالث عشر، أما التقسيم القديم إلى مديريات ومحافظات Landskap فيرجع إلى العصور السابقة للتاريخ حينما كانت أقسام السويد المسكونة بالناس تكوِّن وحدات سياسية مستقلة، وقد تم فيما بعد اندماج هذه الوحدات المستقلة في وحدات سياسية أقل عددًا وأكبر مساحة Lagsagor تطورت فيما بعد إلى ٢٥ محافظة داخل دولة السويد المتحدة، وبرغم وجود هذه المحافظات في صورة عامة معترف بها إلا أنها لا تكوِّن وحدات إدارية، والواقع أن كثيرًا من المحافظات القديمة هي بعينها الأقاليم الإدارية الحديثة، مع بعض التغيرات في الحدود أو الأسماء، ولكن في الجنوب والوسط نجد بعض المحافظات قد قسمت إلى إقليمين أو ثلاثة أقاليم إدارية جديدة.
ومن الناحية التاريخية نجد مركزين أو نواتين للسويد، ويمكن أن نضيف إليهما نواة ثالثة، النواة الأولى هي المنطقة المحيطة ببحيرة مالرن — إقليم سفيا Svealand، والثانية هي إقليم جوتالاند في الجنوب الغربي من وسط السويد حيث كان الاستيطان السكاني كثيفًا في منطقة سهول أوستر جوتلاند، وكان يحيط بكل من هاتين النواتين غابات كثيفة، أما المركز الثالث فكان منطقة سكانيا الحالية في أقصى جنوب غرب السويد، والذي ضُم إلى السويد في فترة لاحقة، وقد كان هذا الإقليم كثيف السكان بحكم سهولته ومناخه ومواجهته للدنمارك التي كان يكوِّن معها وحدة حضارية وسياسية لفترة طويلة، ويعزله عن بقية السويد نطاق من الغابات الكثيفة صعبة الاختراق.

وقد تمكن أمراء أبسالا من بسط نفوذهم السياسي على كل منطقة بحيرة مالرن وكونوا مملكة سفيا في عصور مبكرة، وفي خلال عصر الفايكينج يبدو أنها اتحدت مع مملكة جوتالاند (حوالي القرن الحادي عشر كان هناك اتحاد ضعيف بين هذين الإقليمين)، وتوسعت مملكة سفيا صوب الشمال الغربي إلى إقليم دالارنا (أواسط نهر دال ألف)، ثم اتجه التوسع غربًا نحو إقليم فيرملاند (شمال بحيرة فينرن) الذي كانت تربطه بالنرويج وجوتالاند روابط وثيقة في فترة سابقة.

وفي خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر كانت الدنمارك تمثل القوة السياسية السائدة في منطقة اسكندنافيا، بما في ذلك السويد، وفي الربع الأول من القرن السادس عشر (١٥٢١–١٥٢٣) تمكنت ثورة السويديين بقيادة جوستاف فازا من الاستقلال عن الدنمارك.

وفي خلال فترة السيطرة الدنماركية كان هناك استعمار واستيطان كثيف للناس داخل السويد — يميزه أسماء الأماكن والبلاد التي تنتهي ﺑ Ryd, Sacter, Bo، وتداخل شديد بين النفوذ الذي تمارسه الوحدات السياسية والإدارية المختلفة، مما أدى إلى حصول اندماج وانصهار بين تلك الوحدات مهدا الطريق فيما بعد للأمجاد التي حققتها السويد خلال القرن السابع عشر.
fig17
خريطة رقم (١٧): تطور إمبراطورية السويد.

نمت السويد في القرنين السادس عشر والسابع عشر صوب النطاق القطبي وعبر خليج بوثنيا إلى الساحل الشرقي للبلطيق، وقد تلا ذلك تقلص للإمبراطورية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حيث استقرت حدودها إلى الوقت الراهن.

وقد نجحت السويد في أن تخلق من نفسها دولة بلطية عظمى، فقد سيطرت السويد على كل مصبات الأنهار في ذلك البحر فيما عدا منطقة بروسيا وسكانيا، وفي النصف الثاني من القرن السابع عشر، استطاعت السويد أن تطرد الدنماركيين تمامًا من سكانيا وشاطئ سكاجراك، وأن تبني ميناء جوتبرج خلال نهاية ذلك القرن، وكان ذلك إيذانًا بتحول اهتمامات السويد إلى بحر الشمال والبحار المفتوحة طوال السنة.

ثم بدأ عهد التقلص في الإمبراطورية السويدية سريعًا نتيجة لعدد من العوامل ومنها:
  • (١)

    امتداد النفوذ الروسي في شرق البلطيق وإنشاء سان بطرسبرج كرمز لاهتمامات الدولة الجديدة بالتوسع في البلطيق، وهو الأمر الذي انتهى بطرد السويد من فنلندا في أوائل القرن التاسع عشر (١٩٠٨) واحتلال الروس لها، حتى استقلت عنها في ١٩١٩.

  • (٢)

    نشوء دولة بروسيا كقوة جديدة أدى إلى طرد السويد من السواحل الجنوبية الشرقية والجنوبية لبحر البلطيق.

  • (٣)

    إنهاك السويد في حروب طويلة أدى إلى اضمحلال قوتها.

ولكن النتائج الهامة التي ترتبت على نشوء دولة السويد تتلخص في نقطتين جوهريتين:
  • أولًا: التوسع الاستقراري السويدي المستمر شمالًا في نورلاند.
  • ثانيًا: التوسع إلى مياه سكاجراك وسكانيا قد أدى إلى نتائج اقتصادية هامة للسويد خلال العصر الحديث، وخاصة نمو الروح البحرية وانتقال مركز الثقل الاقتصادي من الوسط إلى الجنوب الغربي، وفي نفس الوقت فإن الحدود الفاصلة بين أوبسالا — عاصمة دولة سفيا القديمة — وبين حدود نورلاند لا تزيد عن ١٥٠كم، ولكن هذه الحدود تمثل الحد الفاصل بين الاستغلال القديم والجديد في منطقتين من السويد: الوسط والشمال، وتبرز الأهمية الجوهرية لنورلاند في الوقت الحاضر من خلال عدد من الحقائق على رأسها الثروة التعدينية والطاقة الكهربائية والموارد الغابية الشاسعة.

(٢) تضاريس السويد

تكوِّن جبال فييل Fjaell في شمال غربي السويد — أعلى مناطق هذه الدولة، وتلتحم هذه الجبال بجبال النرويج الشمالية، ويكونان معًا السلسلة الفقرية الجبلية في شبه جزيرة اسكندنافيا، وتستمر هذه السلسلة من الجبال ممتدة إلى الجنوب في صورة نطاق يشمل غرب السويد، تمتد بمحاذاته الحدود المشتركة بين السويد والنرويج.

وتصل هذه الجبال إلى أعلى نقطة فيها في الشمال (٢١١٧ مترًا جنوب خط حديد كيرونا-نارفيك)، وتستمر مستوياتها في الانخفاض تدريجيًّا صوب الجنوب فتصل إلى قرابة ٧٠٠–٨٠٠ متر عند المنطقة التي يخترقها الخط الحديدي الممتد من ميناء تروند هايم النرويجي في اتجاه السويد عبر حوض يمتلاند.

وإلى الشرق من السلسلة الجبلية، يمتد نطاق هضبي يتميز بسطوح أثرت فيها عوامل الرفع، ويخترقها العديد من الأنهار التي حفرت لنفسها أودية تتراوح بين الضيق والاتساع حتى تسقط على حافة الهضبة وتواصل سيرها عبر سهول السويد الشرقية لكي تصب في النهاية في خليج بوثنيا.

وتتخذ سهول بوثنيا الساحلية منظرًا مغايرًا للمنظر الهضبي الداخلي، فالسهول مغطاة برسوبات عديدة ترجع لما بعد العصر الجليدي، فيما عدا بعض المناطق التلية التي تظهر فيها الصخور الأصلية بعد أن تعرت — بواسطة عوامل التعرية البحرية والجوية — من رسوبات العصر الجليدي.

ويلاحظ الجيولوجيون أن هناك حركة ارتفاع في الأرض ما زالت مستمرة، وأن الأنهار ما زالت تعمق مجاريها بالحفر في الإرسابات البحرية، ويقول هؤلاء الخبراء: إن الجزر العديدة الصغيرة التي توجد أمام سواحل الخليج بوثنيا وأمام منطقة استوكهولم ليست سوى قمم تلال المستقبل حينما ترتفع الأرض التي تواجه خط الساحل الحالي.

وعلى العموم فإن الشكل التضاريسي العام لشمال السويد هو عبارة عن شرائح طولية تبدأ من السلسلة الجبلية في الغرب، يليها نطاق الهضاب ثم السهل الساحلي في الشرق.

وعلى عكس هذا الترتيب الطولي تمامًا نجد وسط السويد يتكون من أراضٍ منخفضة تمتد عبر الدولة من الشرق إلى الغرب من شواطئ بحر البلطيق إلى مياه الكاتجات وسكاجراك، لكن هذه الأراضي المنخفظة لا تكوِّن سهلًا مستمرًّا، إنما تتكون من ثلاث مناطق منخفضة هي:
  • (١)
    سهل مالرن-هايلمارن Malaren-Hjalmaren الذي يمتد في القسم الشرقي حول البحيرتين اللتين تحملان نفس الاسم.
  • (٢)
    سهل فينرن Vanern الذي يحتل القسم الغربي، ويمتد حول بحيرة فينرن ومع وادي جوتا حتى شواطئ البحر.
  • (٣)
    سهل جوتا الشرقي والأوسط الذي يمتد حول بحيرة فيترن Vattern ويفصل بين هذه السهول الثلاثة أراضٍ مرتفعة نسبيًّا تتكون من تربات حجرية ومغطاة بغطاء غابي كثيف.

وتتكون هذه السهول من صخور من الزمن الأول والأركي تغطيها رسوبات حديثة، ويمتلئ السهل بالانكسارات التي تحتلها البحيرات، مثل بحيرة مالرن وفينرن، وهناك غيرهما آلاف البحيرات الصغيرة، وفوق السهل تمتد حافات طويلة تصل في ارتفاعها إلى نحو ٥٠–٦٠ مترًا في اتجاهات غير منتظمة، وكانت ظهور — جمع ظهر — هذه الحافات في الماضي تكوِّن طرقًا جيدة بعيدة عن الأرض الرخوة في المناطق المنخفضة، وهي تكوِّن الآن مصدرًا للحصى والرمال.

أما المرتفعات الجنوبية في السويد فتمثل جزيرة قديمة ارتفعت فوق مستوى البحار التي خلفت العصر الجليدي الأخير، وهي تكوِّن سطوحًا جرداء مليئة بالركامات الجليدية، وعلى هوامش هذه الهضبة توجد السهول الساحلية لجنوب السويد، بما في ذلك جزيرتا أولاند وجوتالاند في بحر البلطيق اللتان تتكونان من صخور تعود للزمن الأول، وسهول إقليم سكانيا بدورها تتكون أيضًا من صخور من الزمن الأول تغطيها صخور من العصر الكريتاسي، وفوق هذا وذاك توجد الإرسابات المتخلفة عن فترة ما بعد العصر الجليدي.

(٢-١) بحيرات السويد وأنهارها

تكوِّن البحيرات ما يوازي ٨٫٥٪ من مساحة السويد، وأكبر هذه البحيرات هي تلك التي تحتل السهل الأوسط.

البحيرة الارتفاع فوق البحر بالمتر المساحة كم٢ أكبر عمق بالمتر مساحة حوض التصريف كم٢
فنرن ٤٤ ٥٥٧١ ٩٧ ٥١٢٨٨
فيترن ٨٩ ١٩٠٨ ١٢٨ ١٩٩٦١
مالرن ٠٫٣ ١١٤٤ ٦٣ ٢٢٣٨٦
هايلمارن ٢٢ ٤٨١ ٢٥

ونتيجة للتعرية الجليدية وعملية الارتفاع الأرضي فإن أنهار السويد تشتمل في أجزاء من مجاريها على مظاهر حداثة كثيرة تؤدي إلى ظاهرات عدم النضوج المتمثلة في المساقط والمندفعات المائية والبحيرات، وكذلك يتضح من التاريخ المورفولوجي الحديث أن كثيرًا من خطوط تقسيم المياه بين الأنهار غير واضحة أو محددة.

ووجود الصخور المتحولة والطين الناجم عن التعرية الجليدية والبحرية يؤدي إلى قلة ظاهرة في المياه الباطنية، حتى في حالة عدم تجمد التربة، والاستثناء الوحيد هو وجود خزانات المياه الباطنية في مناطق الصخور الجيرية والرملية، وفي مناطق الجبال الشمالية الغربية يستمر غطاء الجليد مسيطرًا على الأرض لحوالي نصف العام، ويترتب على ذلك أن التصريف النهري في الموسم الشتوي يصبح ضئيلًا للغاية، بينما في الصيف تعاني المنطقة ككل من فيضانات عالية نتيجة ذوبان الغطاء الجليدي، وتصل ذروة الفيضانات بعد ذوبان الجليد الأسفل ثم جليد أعالي الجبال، وكان يمكن لهذه الفيضانات العالية أن تصيب الأودية النهرية بالكوارث لولا وجود البحيرات الكثيرة التي تقوم مقام الخزان المعادل للفيضانات.

وأهم أنهار السويد هي من الشمال إلى الجنوب:
  • مونيو: الذي يكون الحدود بين السويد وفنلندا، وفي حوض رافده تورني تقع منطقة كيرونا الغنية بمصادرها من خام الحديد.
  • لولي: تقع منطقة جيليفار الغنية بخام الحديد في الحوض الأوسط لهذا النهر، وعلى مصب النهر يقع ميناء لوليا الذي أقيم فيه مصنع للحديد تابع للدولة.
  • أندالز: يقع حوض يمتلاند في أجزائه العليا ويصب في وسط ساحل السويد على خليج بوثنيا بالقرب من ميناء سوندسفال.
  • دال ألف: يجري جزؤه الأدنى في القسم الشمالي من إقليم سفيا الشرقي، وهو على وجه العموم يكون الحدود بين وسط وشمال السويد.
  • جوتا ألف: نهر قصير بين بحيرة فينرن وساحل السويد على الكاتجات، وبرغم قصر مسار هذا النهر إلا أنه يكون وسيلة للملاحة النهرية عبر سهول السويد الوسطى، كما تقع عليه مناطق صناعية كثيرة على رأسها جوتبورج التي تقع على مصب النهر.

(٣) مناخ السويد

تتمتع السويد عامة بمناخ ذي حرارة مرتفعة بالقياس إلى درجات العرض التي تقع فيها، وذلك راجع إلى التعديل الناجم عن تأثيرات المحيط الأطلنطي الشمالي — تيار الخليج — بالإضافة إلى كتل الهواء الجنوبية الغربية الدافئة.

ومما يؤكد هذه الحقيقة أن متوسط درجة الحرارة في شهر يناير/كانون ثاني أعلى بمقدار عشر درجات مئوية في السويد عما هو متوقع لدرجات العرض المماثلة، ومتوسط حرارة يوليو/تموز أعلى بثلاث درجات.

لكن امتداد السويد في درجات عرض كثيرة — حوالي ١٥ درجة عرضية بين درجات العرض ٥٥–٦٩ شمالًا، ووقوع حوالي ١٥٪ من الدولة شمال الدائرة القطبية الشمالية قد أديا إلى وجود اختلافات كبيرة بين شمال السويد وجنوبها، ومما يزيد من حدة التناقض بين المنطقتين أن القسم الجنوبي من السويد يتكون من سهول وهضاب قديمة قليلة الارتفاع، وأنه يكوِّن شبه جزيرة تطل على أجزاء من بحر الشمال مما يساعد على بروز أثر التعديل المناخي إلى الدفء، بينما القسم الشمالي من السويد يظل بعيدًا عن تأثيرات المحيط الأطلنطي، وهو يطل على خليج بوثنيا الذي يتجمد خلال الشتاء، فضلًا عن أنه يقع خلف الفييل السكندنافية، وكل هذه العوامل — بالإضافة إلى الموقع في درجات العرض الشمالية — تميل بشمال السويد إلى القارية والبرودة عن القسم الجنوبي.

ويعوض قصر فصل الصيف في شمال السويد:
  • (١)

    ارتفاع درجة حرارة الصيف ارتفاعًا نسبيًّا.

  • (٢)

    طول ساعات النهار (عند الحدود الفنلندية السويدية هناك ٥٣ يومًا لا تغيب فيها الشمس عن الأفق).

  • (٣)

    طول ساعات الفجر والغسق عامة في السويد وخاصة في الشمال، مما يؤدي إلى ارتفاع محسوس في الحرارة.

  • (٤)

    قلة غطاء السحب في الصيف يؤدي إلى رفع درجة الحرارة التي تستقبلها الأرض؛ إذ إن تأثير أشعة الشمس يصبح مباشرًا.

  • (٥)

    كثافة غطاء السحب في الشتاء مما يؤدي إلى تقليل فاقد الحرارة المشعة من الأرض إلى الفضاء الخارجي، وبذلك يحتفظ نسبيًّا بحرارة الأرض لفترة زمنية كبيرة.

وتؤدي هذه الظروف جميعًا إلى أن شمال السويد عامة يتلقى في شهر يونيو/حزيران مقدارًا من الإشعاع الشمسي أكثر مما تتلقاه كل من مدريد وروما على حدة.

وتتدرج كمية الأمطار الساقطة عامة في القلة كلما اتجهنا شرقًا، وهي بذلك أعلى ما تكون في منطقة الجبال الغربية وعلى الساحل الجنوبي الغربي حيث يزيد ما يسقط من الأمطار سنويًّا عن ألف مليمتر، ولكن الجبال الغربية تتلقى في مجموعها كمية من الأمطار تزيد في بعض مناطقها عن ألفي مليمتر، وبذلك يلعب ارتفاع التضاريس أثره في كمية المطر بالقياس إلى الإقليم الهضبي الجنوبي الغربي، وتتمتع منطقة شمال برجسلاجن أيضًا بكمية أمطار وفيرة، أما جنوب السويد ووسطها وغربي نورلاند فتسقط فيها كمية أمطار متوسطة تتراوح بين ٥٠٠ و٧٠٠ مليمتر في السنة، ويمثل إقليم نوربوتن وسواحل خليج بوثنيا أقل مناطق السويد مطرًا لوقوعها في ظل الجبال.

وتبلغ كمية المطر الساقطة أقصاها في أواسط وأواخر الصيف، وفي بعض الأحيان نجد قمة مطر صغيرة أخرى في شهر أكتوبر/تشرين أول؛ بينما أقل كمية مطر هي تلك التي تسقط في أوائل الربيع، ولكن إلى جانب ذلك فهناك كمية كبيرة من الثلج المتساقط الذي يُغطي معظم السويد بغطاء أبيض طوال الشتاء، وتبدو الطبيعة كلها كما لو كانت تغط في سبات عميق، ومع ذلك فالشتاء هو فصل النشاط والحركة في وسط وشمال السويد، وذلك بالنسبة إلى الذين يعيشون على حرف الغابات، وإلى معدني خام الحديد وعمال النقل.

أما الربيع في السويد فهو قصير جدًّا لدرجة أن كثيرًا من الكتاب يعتقدون أن في السويد فصلين: صيف لا بأس بدفئه وشتاء طويل تغطي فيه الثلوج أسوار الحقول والبيوت وتتجمد الأنهار ومسطحات البحيرات، ويصبح الانتقال سهلًا ومباشرًا وغير مرتبط بالطرق التي لا تظهر تحت غطاء الجليد، ولكن في جوتالاند يمتد الربيع والخريف امتدادًا زمنيًّا أطول بكثير مما في الوسط والشمال، ولا شك في أن ذلك مرتبط بتأثير نفوذ البحر.

ولعل مدى فصل الإنبات هو دليل على التغير الحراري الموسمي، وتحسب عدد أيام الإنبات في نورديا على أساس الأيام التي يزيد متوسط الحرارة اليومي فيها في الربيع والخريف عن ثلاث درجات مئوية فوق الصفر.

وبناء على هذا المقياس نجد أن فصل الإنبات في إقليم سكانيا يبدأ في أول أبريل ويستمر حتى بداية ديسمبر (حوالي ثمانية أشهر — مثله في ذلك مثل الدنمارك)، أما في وسط السويد (وجنوب شرق النرويج وجنوب فنلندا حوالي درجة العرض ٦٠ شمالًا)، فإن فصل الإنبات والنمو النباتي يمتد من أول مايو إلى الأسبوع الأول من نوفمبر (حوالي ستة أشهر)، وتتأخر بداية موسم الإنبات على طول سواحل خليج بوثنيا السويدية والفنلندية معًا حوالي عشرة أيام أخرى عن بدايته في وسط السويد (أي يبدأ حوالي ١٠–١٥ مايو)، وذلك نتيجة للتأثير البارد لخليج بوثنيا والبلطيق، ولكن يعوض ذلك أن البحر يؤثر مرة أخرى في تأخير انخفاض درجة الحرارة خلال الخريف، ويؤدي التأثير البحري إذن إلى أن فصل الإنبات يمتد زمنيًّا في مناطق بوثنيا الساحلية لفترة مساوية لتلك التي يرصدها الباحثون في وسط السويد — وإن تأخر موعد البداية والنهاية لهذا الفصل عن مثيلهما بحوالي عشرة أيام.

وفي منطقة الدائرة القطبية نجد فصل الإنبات يبدأ في حوالي ٢٠ مايو، ولكنه يبدأ في أول مايو على الساحل النرويجي في العروض القطبية، ويدل على مدى تأثير البحر على النرويج، ويستمر هذا الفصل أربعة أشهر فقط (أواخر سبتمبر، بينما يستمر إلى أواخر أكتوبر على الساحل النرويجي)، ويعوض هذا النقص في طول موسم الإنبات أن الإشعاع الشمسي طويل الأمد كما سبق أن ذكرنا.

(٤) التربة

تتغير التربة كثيرًا من مكان لآخر في السويد، وهذا التغير مرتبط بدون شك بالتعرية الجليدية التي عاشتها الأراضي الاسكندنافية حتى العصر الحديث، وفي إقليم نورلاند نجد التربة مستمدة من الإرسابات البحرية اللاحقة للعصر الجليدي؛ ولذا فهي تربة خالية من الأحجار وصالحة للزراعة بسهولة، أما الأراضي التي يظهر فوقها إرسابات جليدية فوق الرسوبات البحرية، فإنها مليئة بالأحجار مما يصعب معها القيام بالأعمال الزراعية.

وعلى وجه العموم فإن التربة ضعيفة ولم تصل بعد إلى مرحلة النضوج وذلك راجع إلى رطوبة الجو وبرودته الدائمة، وهما عاملان لا يساعدان على تكوين وإنضاج التربة، ونلاحظ تشابهًا كبيرًا بين أنواع التربة والتركيب الجيولوجي، فأحسن التربات هي تلك المشتقة عن صخور الكمبري والسيلوري — الرملية والجيرية — التي تحتوي على غذاء النبات — وخاصة الجير، وتوجد مثل هذه التكوينات الصخرية في سكانيا وأولاند وجوتلاند وأحواض منعزلة في منطقة البحيرات الوسطى وإقليم يمتلاند، ومناطق صغيرة متفرقة في شرق وسط السويد — وتمتد أيضًا في جنوب فنلندا وإستونيا عبر البلطيق.

وكذلك نجد قيمة عالية للتربات المشتقة من الصخور الجيرية الكريتاسية، مثلها في ذلك مثل التربة المشتقة من الصخور الكمبروسيلورية، وهذه توجد أيضًا في إقليم سكانيا الغربي والجنوبي، وفيما عدا ذلك فإن التربات السويدية الأخرى محتاجة دائمًا إلى كميات كبيرة من الجير كل سنة، كما تحتاج الحقول إلى صرف جيد للمياه الزائدة خلال موسم الفيضان وإلا تأخر نمو المحصول كثيرًا.

(٥) النبات الطبيعي

اشتركت عوامل التغير المناخي وأشكال التربة في ظهور تغيرات كثيرة في شكل الغطاء النباتي، ففي المناطق التي تعلو عن ٥٠٠ متر نجد الغطاء النباتي فقيرًا في الأنواع ومتفرقًا غير كثيف، وتسيطر عليه الأعشاب والأشنيات والطحالب إلى جانب أنواع قزمية من أشجار البتولا، وفي أسفل هذه المناطق الألبية نجد مساحات واسعة من غابات البتولا المتنوعة حسب أنواع التربة، ففي المناطق ذات التربة الجيدة تنمو البتولا إلى ارتفاعات عالية، كما تنمو الأعشاب وغيرها مما يميز النمو النباتي الأرضي بالكثافة والغزارة، أما في التربات الفقيرة فإن النمو الأرضي قليل ولا ترتفع الأشجار كثيرًا إلى أطوال عالية.

وإلى أسفل نطاق غابات البتولا تمتد مساحات كبيرة من الأشجار المخروطية التي تغطي معظم أراضي السويد، وتتعدد أنواع هذه الأشجار لكن يسودها الصنوبر الاسكتلندي والتنوب، ويظهر البلوط في الأجزاء الجنوبية من السويد إلى جوار الأشجار المخروطية الأخرى، وإلى جانب ذلك كانت غابات الزان والبلوط تغطي مساحات كبيرة، ولكن معظمها أزيل لتحل الحقول الزراعية محلها.

(٦) سكان السويد

تضم السويد شعبًا متجانسًا بصورة كبيرة؛ إذ لا توجد سوى أقليات صغيرة العدد هي: ٢٥ ألفًا من الفنلنديين، وهؤلاء هم من أصل الفنلنديين الذين شجعتهم حكومة السويد منذ القرن السادس عشر على الهجرة إلى دالارنا وهيلسنجلاند وميدلباد من أجل استغلال ثروة السويد الغابية في القسم الجنوبي في نورلاند، وهناك أيضًا حوالي خمسة آلاف من اليهود وسلالة ثلاثمائة من الوالون الحرفيين الذين استقدموا إلى السويد خلال القرن السابع عشر، وأخيرًا فإن هناك حوالي سبعة آلاف ينتمون إلى قبيلة اللاب.

وأصل اللاب، كما قلنا، من شمال آسيا وزحفوا غربًا إلى شمال أوروبا ثم دخلوا اسكندنافيا ووصلوا في هجرتهم جنوبًا حتى إقليم دالارنا، وحصلوا على حقوق الرعي فيه سنة ١٨٨١، وقد تغيرت حرفة حوالي نصف لاب السويد من الرعي البدائي للرنة إلى السماكة أو — بمساعدة الحكومة — إلى الزراعة مع تربية الرنة كمصدر ثانٍ للثروة، وللاب الرعاة حق عبور حدود النرويج والسويد وفنلندا والاتحاد السوفيتي بمقتضى اتفاقيات دولية قديمة ترجع إلى ١٥٩٥ و١٦١٣.

وتسود اللغة السويدية كل أنحاء السويد فيما عدا أجزاء هامشية على الحدود الفنلندية حيث تسود لغة الفن.

وتمتلك السويد مجموعة من الإحصاءات الحيوية عن عدد السكان على فترة زمنية طويلة، وتشير هذه الإحصاءات إلى صحة ما ذهب إليه مالتوس عن «الضوابط الإيجابية» التي تقلل عدد السكان كلما زادوا عن حجم الموارد الاقتصادية المتاحة.

وفي عام ١٨٠٠ كان عدد السكان في السويد ٢٫٣٥ مليونًا من الأشخاص زادوا إلى سبعة ملايين في عام ١٩٥٠، ونتيجة لانخفاض نسبة المواليد والوفيات فإن الزيادة الطبيعية للسكان ضئيلة، وحتى هذه الزيادة الصغيرة تزداد صغرًا باستمرار الهجرة إلى الخارج، خاصة في اتجاه الولايات المتحدة، ولقد أدى ذلك إلى نقص في الأيدي العاملة السويدية لفترة لا بأس بها، وقد اقترح على السويد أن تشجع الهجرة إليها لتعوض نقص الأيدي العاملة، وقد ترتب على ذلك أن عدد المهاجرين إلى السويد قد أصبح يزيد قليلًا على عدد المهاجرين من السويد، وذلك منذ ثلاثينيات هذا القرن، وأن الزيادة أصبحت واضحة منذ الأربعينيات.

fig18
خريطة رقم (١٨): وسط السويد وجنوب النرويج.

ولا شك أن ذلك مرتبط بتدفق اللاجئين من الدول المجاورة خلال الحرب العالمية الثانية، وقد عاد معظم هؤلاء اللاجئين، ولكن بعضهم استقر نهائيًّا في السويد، وخاصة من دول البلطيق المجاورة — لتوانيا ولاتفيا وأستونيا وألمانيا … إلخ.

وقد وافقت الحكومة السويدية على أن تستقبل خمسمائة من العمال المهرة من شمال إيطاليا، وعددًا مماثلًا من العمال الصناعيين والزراعيين المهرة من المجر، وعددًا آخر مماثلًا من يهود بولندا، وفي الوقت نفسه هناك اتفاق يسهل تبادل العمال بين السويد والدنمارك، وكل هذا من أجل التغلب على مشكلة نقص القوى العاملة.

وتدلنا الإحصاءات على أن هناك تيارًا مستمرًّا للهجرة من الريف إلى المدن مما يؤدي إلى نقص مستمر في سكان الريف والطاقة العاملة الزراعية، ففي عام ١٨٠٠ كان ١٠٪ من سكان السويد من ساكني المدن، وفي عام ١٩٥٢ ارتفعت نسبة ساكني المدن إلى ٤٨٪ من مجموع سكان الدولة، وقد ازداد تيار هذه الهجرة قوة بعد إلغاء أنظمة النقابات الخاصة بالحرف منذ ١٨٤٦، وترتب عليه ازدياد السكن المديني بسرعة أكبر من الدول الأوروبية الأخرى، وفي عام ١٩٦٧ بلغت نسبة غير العاملين في الزراعة ٨٨٪ من مجموع السكان.

ومن الجدير بالملاحظة أن نسبة النمو في السكن المديني في الوقت الحاضر تزداد في منطقة الساحل الغربي عنها في بقية السويد، ففي ١٨٠٠ كانت نسبة سكان المدن في هذا الساحل ١٥٪ من مجموع سكان مدن السويد، وفي أوائل هذا القرن ارتفعت هذه النسبة إلى ٢٥٪، وهي في زيادة مستمرة، ولعل في هذا إشارة واضحة إلى الأهمية الاقتصادية للساحل الغربي في مجالات الصناعة والنقل والتجارة البحرية.

وينتشر سكان الريف بشيء من العدالة على معظم الريف السويدي، باستثناء نورلاند حيث يتركز السكن الريفي في مجالات منعزلة متباعدة مرتبطة بحرفتي الزراعة وقطع الأخشاب معًا.

(٧) النشاط الاقتصادي

(٧-١) الزراعة

كانت الزراعة التقليدية في السويد تقوم في المناطق الخصبة المحدودة الانتشار، وبالتالي كانت القرى كبيرة ومتجمعة، وكان محراث الحيوان هو أداة الزراعة الرئيسية، كما كانت خصوبة التربة تزداد بواسطة حرق الأشجار وتوزيع رمادها على التربة، لكن الخوف من حرائق الغابات كان سببًا من أسباب منع هذا النوع من الحريق.

ومنذ منتصف القرن الثامن عشر صدرت عدة تشريعات لتحسين الأحوال الزراعية منها تجميع الشرائح الزراعية في ملكيات مجمعة قدر الإمكان، وقد ترتب على ذلك أن القرى المتجمعة قد تبعثر سكانها في داخل المزارع، ومن ثم تبعثر السكن الريفي، وذلك كما حدث في الدنمارك من قبل.

وفي خلال هذا القرن تشجع الحكومة نشأة الملكيات الزراعية الصغيرة حول المدن الكبيرة، ومنذ عام ١٨٠٠ إلى عام ١٨٧٠ كان هناك نشاط ملحوظ في استصلاح الأراضي ونمو السكن الاستيطاني في الأراضي التي لم تكن تُزرع من قبل، وترتب على ذلك أن تضاعفت مساحة الأرض الزراعية ثلاث مرات خلال تلك الفترة وحدها، لكن هذا النمو في المساحة المزروعة توقف بتأثير عاملين:
  • (١)

    نمو إنتاج الحبوب الأمريكية واتجاه فائضها عبر الأطلنطي إلى سوق أوروبا.

  • (٢)

    ازدياد هجرة السكان من الريف السويدي إلى المدن أو إلى القارة الأمريكية.

وبالرغم من انخفاض عدد السكان الزراعيين في السويد إلا أن الإنتاج الزراعي قد تزايد، ولا شك أن هذا راجع إلى التحسينات الفنية في الزراعة، وخاصة استخدام نظام الدورة الزراعية الكثيفة وتقليل مساحة البور وتنويع المزارع وتخصصاتها، وتحسين أنواع البذور التي تؤدي إلى ازدياد المحصول، وأخيرًا تحسين أنواع الماشية.

وتشبه الزراعة السويدية الحالية مثيلتها في الدنمارك من حيث مرونتها، فقد ترتب على انخفاض أسعار الحبوب اتجاه الزراعة إلى الألبان ومنتجاتها، وقد زادت كمية الزبدة المصدرة عن المستورد لأول مرة عام ١٨٧٠، ولكن نظرًا لأن موارد الثروة في السويد أكثر تنوعًا من الدنمارك، وخاصة في جانب إنتاج المعادن والسلع الصناعية، فإن السويد لم تركز كثيرًا على اتجاه تحويل الزراعة إلى المنتجات الحيوانية مثلما فعلت الدنمارك.

ويمكن أن نقسم السويد إلى ثلاث مناطق زراعية هي:
  • (١)
    المنطقة الجنوبية: هنا تشترك عوامل المناخ الجيد والتربة الخصبة في جعل هذه المنطقة أكبر منتج للحبوب وبنجر السكر إلى جانب محاصيل أخرى متعددة.
  • (٢)
    المنطقة الوسطى: نتيجة لتجمع بعض العوامل الطبيعية فإن هذه المنطقة قد أصبحت تنتج محاصيل جذرية درنية والقليل من الحبوب.
  • (٣)
    المنطقة الشمالية: لا تتلاءم الظروف المناخية مع تنوع محصولي، ولذلك نجد التركيز في هذه المنطقة على زراعة محاصيل غذاء الماشية، ومن ثم فإن الزراعة هنا تتجه بشدة إلى الاعتماد على تربية الحيوان.

وفضلًا عن ذلك فإن هناك شروطًا معينة لكل محصول على حدة تجعل زراعته محددة بنطاقات معينة، أو على الأقل تجعل إنتاجه أوفر وعائده أكثر في مناطق محددة، وفي السويد نجد زراعة البطاطس تمثل أكثر المحاصيل امتدادًا إلى الشمال، تليها زراعة الشعير ثم الشيلم والشوفان، ويكاد الحد الشمالي للأراضي المزروعة قمحًا يتفق مع حد انتشار غابات البلوط — أي الحدود الجنوبية لنورلاند، وتتحدد أراضي بنجر السكر بالمنطقة الجنوبية.

والحد الأدنى لنمو حبوب صناعة الخبز (القمح – الشعير – الشيلم … إلخ) هو ٤٠٠ مليمتر من الأمطار، ولكن الأمطار الكثيرة مع التربة السيئة تمنع نجاح مثل هذه المحاصيل، وتتحول مثل هذه المناطق إلى نمو الأعشاب والقرطم.

وتحتل حقول السويد ما يوازي ٩٪ من مساحة أراضي الدولة، يضاف إليها نحو ٢٫٦٪ من أراضي الحشائش والأعشاب، وتحدد أشكال التضاريس عامة مناطق انتشار الحقول الزراعية، وعلى وجه العموم تتركز الزراعة في الأراضي السهلية ذات التربة الخصبة في الجنوب والوسط والشرق، وتمثل منطقة سكابيا أكثف أقاليم الزراعة في الدولة بحيث إن أربعة أخماس المنطقة تزرع، والخمس الباقي تحتله أراضي الغابات والحشائش، وقد انكمشت مساحة أراضي الحشائش في السويد خلال السنوات السبعين الماضية نتيجة لنمو مساحة الحقول الزراعية وذلك لسهولة تحويلها إلى الزراعة بالقياس إلى أراضي الغابات.

وفي بداية القرن التاسع عشر كان نظام الزراعة عبارة عن دورة يتعاقب فيها البور مع الحبوب، وكان الفلاحون يعتمدون على الأعشاب والحشائش الطبيعية كغذاء للماشية، لكن النظام الحالي يعتمد على زراعة النباتات الدرنية كعلف للماشية، أما القمح الشتوي فتتركز زراعته في محافظة مالموهوس Malmohus في جنوب غرب إقليم سكانيا، بالإضافة إلى زراعته في وسط السويد كتطور حديث، والقمح في وسط السويد يحتل الأراضي الخصبة الجيرية، ويتجنب التربات الرملية التي تترك لشيلم الشتاء، وينتشر القمح الشتوي حتى شمال برجسلاجن وجنوب دالارنا التي تكون الحدود الشمالية لزراعة القمح، بالإضافة إلى أن التربة هنا ضعيفة والمحصول قليل — درجة عرض ٦٠ شمالًا، وقد أدى تحسين البذور وتهجينها إلى إنتاج أنواع من القمح ذات غلة تبلغ ضعف ما كان الفدان يغله في ١٨٨٠.

وخلال الحرب العالمية الأولى بدأت زراعة القمح الربيعي تنتشر في مساحات لم تكن تزرع فيها من قبل، وهذا النوع من القمح يتميز بنسبة عالية من الجيلوتين، مما أدى إلى تقليل كمية المستورد من القمح الصلب للحصول على الطحين، ولا يزال القمح الربيعي موجودًا في سكانيا وسهول جوتا الشرقية — بين بحيرتي فينرن وفيترن، ولو أنه كان يزرع في التربات الفقيرة، ومن ثم كانت الغلة ضعيفة، ولكن مع ازدياد الطلب على الطحين فإن القمح الربيعي أخذ يغزو الأراضي الجيدة الخصوبة، ويسد الإنتاج الحالي احتياجات السوق المحلية.

وقد كان الشيلم في الماضي هو محصول الحبوب الرئيسي، لكنه أعطى مكانه للقمح الشتوي في معظم الأقاليم الجنوبية عدا إقليمي كريستيانستاد وبليكنج — في جنوب شرق سكانيا وجنوب سمالاند، حيث لا تصلح التربة الرملية وأمطار الربيع وأوائل الصيف القليلة لإنتاج محصول جيد من القمح الشتوي.

ويزرع الشعير على أساس بذره في الربيع، وهو على نوعين الأول مجهد وكثير الغلة ويزرع في مالموهوس وجزيرتي أولاند وجوتلاند، أما النوع الثاني فيزرع في نورلاند ويحتل حوالي عشر مساحة الأرض الزراعية في هذا الإقليم الشمالي، وقد نقصت مساحة الشعير نتيجة نمو المساحة المحصولية للشوفان، ويستغل ثلاثة أخماس محصول الشعير للماشية والباقي يستهلك كطحين أو لعمل البيرة.

أما الشوفان فقد أصبح أكبر محصول من الحبوب مساحيًّا منذ ١٨٥٠، وأصبح محصولًا للتصدير وخاصة في الفترة بين ١٨٧٠ و١٩٠٠، ويتركز إنتاج الشوفان في السهول الساحلية الغربية وحول بحيرة فينرن، أما في الأقاليم الشمالية فإن الشوفان يستهلك كعلف أخضر للماشية.

وتنتشر حقول البطاطس بكثرة في داخلية نورلاند حيث توجد مخاطرة كبيرة نتيجة للصقيع ويسوق المحصول في أنحاء السويد لسد احتياجات السوق الزراعية والمدنية، وغلة الفدان من البطاطس هي أعلى ما تكون في نورلاند، وليس معنى ذلك أن البطاطس محصول متخصص في أقاليم الشمال، بل لأن البطاطس تزرع في الأراضي الفقيرة في وسط وجنوب السويد مما يؤدي إلى غلة أقل من أراضي الشمال؛ إذ تخصص أفقر الأراضي الرملية على سفوح التلال في جنوب السويد لزراعة البطاطس، ومحصول هذه الأراضي يذهب إلى مصانع صناعة النشا ونوع من الخمور — شنابس، وتوجد مساحات لا بأس بها حول المدن مخصصة للبطاطس من أجل احتياجات سوق المدن المحلية، ويقدر الدارسون أن نصف محصول البطاطس السويدي عامة يذهب كعلف للماشية، وخمسي المحصول يذهب إلى الاستهلاك البشري، والباقي يستهلك لصناعة النشا والخمور واستخدامه كتقاوي للزراعة.

ويمثل بنجر السكر — الشمندر — المحصول شديد التوطن من المحاصيل الزراعية في السويد، يتحدد بالمنطقة الجنوبية الغربية نظرًا لاحتياجه إلى شروط خاصة من التربة والعمالة، وبالرغم من أن هذا المحصول جديد بالنسبة للزراعة في السويد — إذ بدأت الزراعة في الثمانينيات من القرن الماضي فقط — إلا أن إنتاجه أصبح كافيًّا لسد احتياجات السوق الداخلية كلها، ومن العوامل التي تشجع زراعته أن مخلفات المحصول ومنتجاته الجانبية تعود إلى الفلاحين كعلف للماشية — فضلًا عن أرباحه الصناعية.

وفيما يلي بعض الأرقام التي توضح قيمة المحاصيل الأساسية وتطورها في السويد:

جدول ٤-١: تطور نمط استخدام الأراضي الزراعية في السويد (نسب مئوية من مجموع الأراضي الزراعية).
المحصول ١٩١١–١٩١٥ ١٩٤١–١٩٤٥ ١٩٦٥
مجموع مساحة الأراضي المزروعة (ألف هكتار) ٣٦٩٢ ٣٧٣٨ ٣٢١١
(١) محاصيل الغذاء الإنساني: ٢١٪ ٢١٪ ١٨٪
القمح والشيلم ١٤٪ ١٣٪ ١١٪
البطاطس والبنجر ٧٪ ٧٪ ٤٪
نباتات الزيوت صفر ١٪ ٣٪
(٢) محاصيل العلف الحيواني: ٧٠٪ ٧٤٪ ٧٧٪
حبوب (شعير – شوفان) ٣٢٪ ٢٧٪ ٣٦٪
حشائش وأعشاب ٣٨٪ ٤٧٪ ٤١٪
(٣) أراضي البور ٩٪ ٥٪ ٥٪

يتضح من هذا الجدول أن مساحة الأراضي الزراعية قد أخذت تنكمش نتيجة نقص اليد العاملة، لكن الإنتاج يتزايد نتيجة عوامل التحسين السابقة الذكر، وأكبر دليل على ذلك أن مساحة محاصيل الغذاء الإنساني قد قلت خلال الفترة التي تغطيها الأرقام المذكورة (نصف قرن)، لكن الإنتاج وقيمته قد زادا كثيرًا، وفي الوقت نفسه نلاحظ ارتفاعًا مستمرًّا في المساحة المحصولية للعلف الحيواني، وهو أمر مرتبط باتجاه السويد إلى المنتجات الحيوانية اتجاهًا معقولًا (على نحو ما فعلته الدانمرك)، وقلة مساحة البور توضح حركة استصلاح الأراضي واستخدام دورة زراعية كثيفة.

جدول ٤-٢: قيمة الإنتاج الزراعي في السويد (نسب مئوية) على أساس أسعار ١٩٦٠–١٩٦٥.
المحصول ١٩٥٠-١٩٥١ ١٩٦٤-١٩٦٥
القيمة الإجمالية للإنتاج (مليون كرون سويدي) ٥٠٥١ ٥٠٥٧
(١) الإنتاج النباتي العام — المحاصيل: ٢٠٫٦٪ ٢٣٫٥٪
الحبوب ٧٫٣٪ ١١٫٥٪
البطاطس وبنجر السكر ٨٫١٪ ٧٫٢٪
محاصيل أخرى ٥٫٢٪ ٤٫٨٪
(٢) الإنتاج الحيواني العام: ٧٩٫٤٪ ٧٦٫٥٪
الألبان ومنتجاتها ٤٣٫٧٪ ٣٤٫١٪
اللحوم — ماشية وخنازير ٢٩٫٢٪ ٣٥٫٥٪
منتجات حيوانية أخرى ٦٫٥٪ ٦٫٩٪

ويوضح هذا الجدول أن الإنتاج الحيواني ما زال أعلى بكثير من الإنتاج الزراعي، ولو أن هناك هبوطًا ملحوظًا في الإنتاج الحيواني لحساب الإنتاج الزراعي، ولعل ذلك مرتبط بالمضاربات والمنافسات القوية الحاصلة في السوق العالمية للمنتجات الحيوانية، وكذلك تدل القيمة الفعلية للمنتجات الزراعية والحيوانية عامة على أن الزراعة السويدية قد بلغت حد التوسع النهائي؛ لأن القيمة لم تزد خلال اﻟ «١٥» سنة الموضحة في الجدول إلا بقدر ضئيل.

(٧-٢) الثروة الحيوانية

اتضح من الجدول (٤-٢) أن المنتجات الحيوانية تساوي أكثر من ٧٥٪ من مجموع منتجات الريف السويدي، وتتنوع الثروة الحيوانية كثيرًا، لكن أهمها هي الماشية والخنازير على النحو الذي يوضحه الجدول (٤-٣).
جدول ٤-٣: الثروة الحيوانية في السويد (آلاف الرءوس).
الحيوان ١٩٣٢ ١٩٥٨ ١٩٦٥
الماشية ٢٩٢٠ ٢٥٤٢ ٢٢٥٠
الخيول ٦١٢ ٢٤٤ ١٠٩
الأغنام ٤٦٨ ١٣٩ ٢٢٠
الماعز ٥٠ ٨
الخنازير ١٤٩٥ ٢٠٣١ ١٨٨٤
الدواجن ١١٥٠٤ ٧٥٠٣ ٨٠٤٨

النقص العام الذي نلاحظه في أعداد الثروة الحيوانية — خاصة في الماشية والخنازير — راجع إلى تغير نمط الزراعة وتحول عدد من المزارع إلى التخصص الزراعي المحصولي فقط، بدلًا من اشتراك المحصول والحيوان معًا على الطريقة التقليدية، وقد قدر عدد المزارع التي تغيرت إلى هذا التخصص المحصولي بحوالي خمس عدد المزارع.

كذلك فإن نقص إنتاج الألبان — كما سبق أن أوضحه الجدول (٤-٢) راجع إلى قلة وتناقص واضحين في أعداد أبقار اللبن.

ويرتبط عدد الماشية بحجم المزرعة ارتباطًا وثيقًا، فالمزارع الصغيرة تمتلك أعدادًا من الماشية أعلى بالتناسب مع حجمها من المزارع الكبيرة، وهذه الظاهرة واضحة في نورلاند وأقاليم الغابات أكثر من وضوحها في المناطق السهلية والجنوبية، فالمزرعة الصغيرة تركز على إنتاج الألبان، بينما المزرعة الكبيرة تمتلك حيوانات لحوم ونسبة عالية من الحيوان الصغير الذي يُربى أغلبه للحوم.

وقد نقص إنتاج الألبان بمقدار ١٦٪ في الفترة بين ١٩٥٣ و١٩٦٥، وفي عام ١٩٦٥ كان مقدار اللبن المنتج ٣٫٧ مليون طن، توزع استهلاكه على النحو التالي:
  • (١)

    ثلث اللبن المنتج يذهب للاستهلاك المباشر طازجًا.

  • (٢)

    الثلثان الباقيان يستخدمان في انتاج الزبد والجبن.

ولا يزال اللبن يكوِّن حوالي ٣٨٪ من دخل المزارع، يليه إنتاج اللحم الذي يكوِّن ٣٥٪، وبذلك فإن منتجات الحيوان تكون في المتوسط أكثر من ٧٠٪ من دخول المزارعين — وهو ما ينسجم مع الدخول العامة للإنتاج الريفي كما جاء في جدول (٤-٢).

وقد انخفض عدد الخيول بسرعة نظرًا لأن الاحتياج إليها في العمليات الزراعية قد قل كثيرًا نتيجة دخول الميكنة إلى الزراعة، وقد لوحظ أن أعدادها قد انخفضت سنويًّا بمقدار ١٥٪ في فترة السنوات الخمس ١٩٦١–١٩٦٥.

وتكثر الخنازير في سكانيا والسهل الساحلي بين جوتبورج ومالمو — محافظة هالاند، وكذلك تزداد نسبة تركز الدواجن بشدة في جنوب السويد، ومعظم الإنتاج يُجمد ويُستهلك داخليًّا وخارجيًّا، وأخيرًا فإن أعداد الأغنام ضئيلة جدًّا في مناطق السهول، بينما تكثر في شمال السويد وهضاب جوتلاند، في حين اختفت الماعز تمامًا.

ومنذ ١٩٢٤ بدأت تربية حيوانات الفراء وتشتمل على الثعلب الفضي والأزرق، والمينك وقندس المستنقعات، وعند اللاب نجد قطعان الرنة قد ازداد عددها من ١١٠٠٠٠ رأس عام ١٨٥٥ إلى ٢٣٥٠٠٠ رأس عام ١٩٢٥، لكن الرقم هبط إلى حوالي ٢٠٠٠٠٠ في الأربعينات، وتحتاج الرنة إلى هجرة موسمية واسعة مما يؤدي إلى نوع من النزاع على المراعي بين اللاب والمزارعين السويديين في نورلاند، لكن الرعي التقليدي للاب قد بدأ ينكمش كثيرًا، فبدلًا من تسوير مناطق الرعي لمنع خروج الرنة أصبح الراعي يركب موتوسيكلات — درجات نارية — لزيارة القطيع ومنعه من الخروج عن الأراضي المخصصة له، وتستخدم لحوم وجلود الرنة محليًّا عند اللاب خلال الشتاء — بعد تجفيف وتدخين اللحوم، وهناك نوعان من الرنة: الغالبية هي رنة الجبال المهاجرة، والأقلية رنة الغابات التي يمتلكها المزارعون ويربونها في المزارع.

ومن بين الأسباب الجوهرية في تقدم الزراعة والثروة الحيوانية عامة نشأة الحركة التعاونية التي أنشأت محطات للألبان وتعليب البيض والمسالخ في مناطق كثيرة مما قلل من نفقات النقل، كما أن هذه التعاونيات تقدم الخبرات الفنية وتحسين النسل والبذور والتسهيلات الائتمانية.

(٧-٣) الثروة الغابية

يلعب استغلال الغابات دورًا هامًّا في اقتصاديات السويد — سواء كان ذلك من أجل استخدام الأخشاب في عمل الفحم النباتي الذي قامت عليه جذور الصناعة السويدية في الماضي، أو كان من أجل استخدام الخشب في البناء وعمل الألواح أو عمل الورق، والسويد أغنى في مواردها الغابية من النرويج، هناك ازدياد مستمر في إنتاج الخشب السويدي مقداره حوالي خمسين مليون متر مكعب سنويًّا.

والشجرة التجارية الأولى في غابات السويد هي ثلاثة أنواع من أشجار الصنوبر ذات الجذع السميك والفروع والأغصان القليلة والبناء الخشبي المتناسق، وتضرب أشجار الصنوبر جذورًا طويلة تخترق التربة إلى أعماق أبعد من أشجار الشربين، كما أن الصنوبر لا يحتاج إلى تربات غنية، فهو ينمو في التربات الرملية أو الجافة أيضًا مما يجعل انتشاره واسعًا، وفي مقابل ذلك فإن الشربين ينمو بجوار بعضه بصورة أكثف من الصنوبر كما أنه يبلغ مرحلة نضجة بسرعة أكبر من الصنوبر.

ففي إقليم دالارنا لا تنمو أشجار الصنوبر إلى مرحلة نضجها قبل ٢١٠ سنة، وتقل الفترة أو تطول مع الاتجاه جنوبًا أو شمالًا على التوالي، ففي إقليم فيرملاند تحتاج الشجرة إلى ١٨٠ عامًا، بينما تحتاج إلى ٣٠٠ سنة لكي تنضج في نورلاند.

ومن ناحية النشاط الاستغلالي للغابات نجده مرتبطًا بالزراع الذين يمارسون الزراعة في النطاق الغابي، ففي خلال موسم الإنبات يقوم الفلاح برعاية الحقل، وفي خلال الشتاء يتحول الشخص نفسه إلى حرف الغابة المختلفة، وهذا يعطي الفلاح دخلًا إضافيًّا يحتاجه بشدة؛ إذ إن إنتاجه الحقلي أقل من تزويده بالدخل الأمثل، وقد أمكن إحداث استخدام جيد للثروة الغابية بواسطة إنشاء مزارع صغيرة داخل النطاقات الغابية أدت إلى إيجاد عمالة مستقرة استقرارًا دائمًا داخل هذا النطاقات، بدلًا من الاعتماد على العمالة الموسمية المهاجرة التي لا يمكن ضبطها عدديًّا ونوعيًّا السنة تلو السنة، أما الفلاحون الذين يزرعون حقولهم في مناطق السهول الخصبة فهم أبعد عن الاشتراك في حرف الغابة.

وقد كان الطلب على الخشب السويدي كبيرًا محليًّا، وفي التجارة الخارجية، وبخاصة مع احتياجات ألمانيا وهولندا وبريطانيا إلى كميات كبيرة من الخشب؛ لصناعة السفن وبناء المرافئ والاحتياجات العامة الأخرى.

وعلى أثر قلة استخدام الفحم النباتي في صهر المعادن السويدية وقلة تدخل الهيئات الخاصة والحكومية السويدية في تنظيم استغلال الغابات، فإن ملكية واستغلال غابات السويد الشمالية قد وقعت في براثن ملاك أجانب من الاسكتلنديين أو الألمان أو النرويجيين الذين يشترون الحيازات الغابية من الفلاحين البسطاء الذين لا يعرفون استغلالها استغلالًا أمثل، وليست لديهم الخبرة والمال لتوظيفهما في هذه الثروة الطبيعية الهائلة، وقد قام الملاك الأجانب باستغلال الغابات السويدية أبشع استغلال، وخاصة الموجودة منها إلى جوار الأنهار أو بالقرب منها، للدرجة التي كتب معها الكتاب في تلك الحقبة (١٨٦٠) أنه أصبح من المتعذر أن نرى في في تلك المناطق القريبة من الأنهار أشجارًا يزيد عمرها عن خمسين عامًا.

وقد بدأ هذا الاستغلال البشع اعتبارًا من عام ١٨٥٠، خاصة بعد أن ألغت بريطانيا نظام الضرائب الجمركية العالية التي فرضتها على الأخشاب المستوردة لصالح ولحماية واردات الأخشاب الكندية إلى بريطانيا، وقد حسن المستغلون الأنهار وأقاموا رقابة شديدة على مسار الخشب المقطوع وتجنب فقدانها عند المندفعات المائية لدرجة أن الفاقد منها كان لا يزيد عن واحد في المائة فقط، وحتى ١٨٧٠ كان الاستغلال يسير بسرعة كبيرة إلى أن بدأت المنافسة الأمريكية وهبطت الأسعار، ولكن نمو صناعة الورق والسليلوز قد عوض عن ذلك، ولو كانت الأمور قد تُركت على حالها لفترة زمنية أطول لكانت السويد حاليًّا من الدول غير ذات القيمة في إنتاج الموارد الغابية.

ولقد بدأت صناعة الورق في السويد منذ القرن السادس عشر، ولكنها لم تثبت وتنمو كصناعة قوية إلا بعد اختراع عجينة الورق في منتصف القرن الماضي، وبعد اختراع عمل العجينة كيميائيًّا في سبعينيات القرن الماضي، وتستهلك صناعة الورق كميات كبيرة من الخشب إلى جانب استهلاك كبير للطاقة، وقد نمت صناعة الورق السويدية من ١٢ ألف طن عام ١٨٧٧ إلى ربع مليون طن ١٩٠٧، وإلى نصف مليون طن في ١٩٣٠ — صدر منها ٣٨٠ ألف طن، ووصل الإنتاج إلى ٧٤٠ ألف طن عام ١٩٦٥.

وتتركز صناعة عجين الورق على مصبات الأنهار المطلة على خليج بوثنيا، وفي منطقة فيرملاند حول بحيرة فينرن، أما مصانع الورق فتتركز في وسط السويد ومنطقة نوركيبنج، ومناطق محدودة من موانئ خليج بوثنيا (بيتيا – أوتفيكن – جيفليه – هاستافيك) وفي دالارنا.

(٧-٤) السماكة

كان لموقع السويد المطل على بحر البلطيق والشمال أثرٌ واضح في إعطاء الفرصة لنمو حرفة السماكة قديمًا وحديثًا — ولو أنها في هذا الوضع أقل بكثير من النرويج، فالبلطيق لا يعطي أسماكًا جيدة كبحر الشمال، وواجهة النرويج على ذلك البحر وعلى الأطلنطي الشمالي أكبر بكثير مما تمتلكه السويد.

وأهم أسماك البلطيق نوع من الرنجة يسمى Stromming لا يزيد طوله عن عشرين سنتيمترًا، أما مصايد الساحل الغربي فأغنى بكثير، وأهم أسماكه الرنجة والماكريل إلى جانب وجود أنواع أخرى، ويصعب التنبؤ بتجمعات سمك الرنجة التي تصاد بالشباك الضخمة من السفن الحديثة، ولهذا فإن الدراسات تشير إلى مواسم صيد غنية وأخرى فقيرة تمتد كل منها بضع سنوات، ومن السنوات الغنية: ١٥٥٦–١٥٨٧، ١٦٦٠–١٦٧٥، ١٧٤٧–١٨٠٨، ١٨٧٧–١٩٠٠، وأكبر كمية صيد سجلت في السويد كانت في عام ١٧٨٧ — أنزلت في جوتبورج، وكانت ثعابين البحر المهاجرة تصاد بكثرة قبيل الحرب العالمية الثانية وتصدر إلى ألمانيا، وهناك أيضًا مصايد الماء العذب من الأنهار والبحيرات، ومن أهم ما تنتجه هذه المصايد نوع من القشريات شبيه بالإستاكوزا، يستهلك محليًّا على أنه من أطايب الطعام.

وقد لوحظ أن عدد العاملين بالسماكة قد تناقص بسرعة من ١٤ ألفًا عام ١٩٤٩ إلى ثمانية آلاف في عام ١٩٦٣، وكذلك تناقص عدد الذين يقومون بالصيد كحرفة ونشاط ثانوي — حوالي سبعة آلاف شخص، وبالرغم من تناقص عدد القوارب إلا أن أحجام القوارب والسفن التي تعمل حاليًّا أكبر بكثير من السابقة، كما أن الكمية المصادة أكبر مما كانت في الماضي نتيجة تجهيزات السفن الحالية بالوسائل الحديثة في الصيد، ومع التطور الحديث أصبح الأرخبيل الصغير الذي يقع إلى الشمال من جوتبورج مركز السماكة الأساسي، وأصبح ميناء هونوكلوفا ميناء الصيد الأول في السويد — ١٥كم شمالي جوتبورج.

وقد بلغت كمية الأسماك المصادة ٣٦٥ ألف طن عام ١٩٦٥، وبذلك تحتل السويد المركز الرابع في هذا النوع من الإنتاج بين دول نورديا الخمسة — في السنة نفسها بلغت أنصبة دول نورديا من الأسماك المصادة: ٢٢٨٠٠٠٠ طن للنرويج، ١١٩٩٠٠٠ طن لأيسلندا، ٩٨٦٠٠٠ طن للدنمارك وفارو، ٣٦٥٠٠٠ طن للسويد، ٧٤٠٠٠ طن لفنلندا، هذا وتكوِّن الرنجة حوالي ٧٠٪ من أسماك السويد المصادة — وهي النوع الأول من أسماك نورديا كلها.

(٧-٥) الطاقة

باستثناء حقل الفحم الصغير في سكانيا — الذي ينتج سنويًّا حوالي ٣٠٠ ألف طن — فإن السويد تعاني عجزًا كبيرًا في موارد الفحم، مثلها في ذلك مثل بقية نورديا، ولكن هذا العجز يعوضه وجود الطاقة المائية بوفرة وبكثرة، فتضاريس السويد وبحيراتها العديدة وأمطارها الموزعة باعتدال نسبي على مدار السنة، قد ساعدت كلها على حسن تصريف المياه الجارية لولا فترات الصقيع الطويلة والفيضانات الناجمة عن ذوبان الجليد وانتهاء فترات الصقيع التي تجعل كمية الماء الجارية في الأنهار متذبذبة.

وبرغم ذلك فإن الطاقة الكهربائية المولدة من الأنهار هي الأساس الذي تنبني عليه الصناعة الحديثة في السويد، ومعظم الطاقة المائية المستخدمة موجودة في إقليم نورلاند انظر الخريطة رقم (١٣)، ويوضح الجدول التالي مصادر الطاقة في السويد بالمقارنة بدول نورديا.
جدول ٤-٤: مصادر الطاقة في نورديا (١٩٦٥).
السويد النرويج الدنمارك فنلندا أيسلندا
الطاقة المنتجة الطاقة الكهرومائية مليار ك و س ٤٦٫٤ ٤٨٫٩ ٩٫٤ ٠٫٦
الطاقة الحرارية ٢٫٧ ٠٫١ ٧٫٤ ٤٫٦
الفحم ٠٫١ ٠٫٤
الطاقة المستوردة الفحم مليون طن ٣٫١ ٠٫٨ ٤٫٥ ٣٫٤
بترول خام ٣٫٨ ٢٫٨ ٣٫٤ ٢٫٣
بترول مكرر ومشتقاته ١٥٫٠ ٢٫١ ٦٫٧ ٣٫٠ ٠٫٥
طاقة كهربائية مليار ك و س −٠٫٨ −٢٫١ ١٫٧ ٠٫٦
جملة الطاقة «معادلة بالفحم» مليون طن ٣٦٫٨ ١٣٫٩ ٢٠٫٢ ١٢٫٨ ٠٫٨
جملة الكهرباء المستهلكة مليار ك و س ٤٢٫٢ ٤٢٫٠ ٨٫١ ١٣٫٤ ٠٫٥
الكهرباء المستهلكة في الصناعة ٢٦٫٢ ٢٥٫٩ ٢٫٥ ٩٫٩ ٠٫١
ملاحظات على الجدول:
  • (١)

    ك و س = كيلوات ساعة.

  • (٢)

    تتعادل مصادر الطاقة بالفحم على النحو التالي:

طن بترول خام = ١٫٣٣ طن من الفحم — طن واحد من منتجات البترول المكررة = ١٫٥ طن من الفحم.

ألف ك و س = ٠٫١٢٥ طن من الفحم.

ويوضح الجدول السابق أن السويد تنتج كمية من الطاقة الكهربائية تفيض في الوقت الحاضر عن احتياجات الاستهلاك بقدر ضئيل، وأن إنتاج السويد هو الثاني بعد النرويج في هذا المصدر من مصادر الطاقة، وتستورد السويد كميات من الفحم والبترول ومشتقاته، بحيث تحتل مركز الصدارة في استيراد هذه المصادر من الطاقة بالقياس إلى دول نورديا تليها في ذلك الدنمارك.

وعلى أساس نسب التحويل التي تتعادل بها مصادر الطاقة بالفحم نجد أن السويد لا تستطيع أن تستغني عن مصادر الطاقة المستوردة، فإذا عادلنا كل مصادر الطاقة نجد الصورة التالية:

جدول ٤-٥
مصدر الطاقة الإنتاج بالوحدات الخاصة الإنتاج معادلًا بالفحم ٪ من مجموع الطاقة
جملة مصادر الطاقة معادلة بالفحم ٣٦٫٨٠ مليون طن ١٠٠٪
جملة الطاقة الكهربائية ٨٫١ مليار ك و س ٦٫١٥ مليون طن ١٦٪
البترول الخام المستورد ٣٫٨ مليون طن ٥٫٠٥ مليون طن ١٣٪
البترول المكرر المستورد ١٥ مليون طن ٢٢٫٥٠ مليون طن ٦٣٪
الفحم المستورد ٣٫١ مليون طن ٣٫١٠ مليون طن ٨٪
وتستهلك الصناعة ٤٢٪ من مجموع الطاقة في السويد من مصادرها المختلفة في مقابل ٣٤٪ تذهب إلى الاستهلاك المنزلي والتدفئة، و٢٤٪ لاستهلاك وسائل المواصلات الكهربائية، ومعنى ذلك أن الصناعة والسكان والخدمات تعتمد اعتمادًا كبيرًا على مصادر الوقود المستوردة وخاصة البترول ومشتقاته المكررة التي تكون ٧٥٪ من مجموع مصادر الطاقة كما هو واضح من جدول (٤-٥).

وتحتل نورلاند المركز الأول في إنتاج الطاقة في السويد، ففي عام ١٩٦٥ كان المنتج من الكهرباء ٤٦ مليار ك و س، منها ٣٠ مليارًا تنتج في نورلاند، ولا تزال في نورلاند مصادر أخرى للطاقة الكهربائية غير مستغلة؛ إذ إن المستغل من إمكانات الإقليم يساوي حوالي ٤٠٪ فقط، وعمر الطاقة الكهربائية حوالي ٩٠ سنة، فأول محطة أقيمت عام ١٨٨٢ عند ريفورس على نهر فيسكان في غرب السويد ثم تبعتها محطات أخرى، وكان أول خط لنقل التيار من نورلاند إلى منطقة الصناعة في وسط السويد قد أنشئ في عام ١٩٣٦، وتتبادل السويد مع النرويج نقل الطاقة على شبكة تصل بينهما، وذلك لمواجهة توقف بعض المحطات في حالة تجمد الأنهار، وكذلك هناك شبكة تحمل التيار الكهربائي من السويد إلى الدنمارك عبر الكاتيجات، وتنقل الكهرباء من الدنمارك إلى السويد في حالة هبوط مستوى الأنهار.

(٧-٦) التعدين وتشغيل المعادن

تمثل هذه المجموعة من الحرف تقليدًا قديمًا في السويد، وما زالت تحتل المركز الأول بين أشكال النشاطات الاقتصادية، فهي تكوِّن بالإضافة إلى الصناعة نحو ٣٦٪ من الإنتاج القومي السويدي — الذي كان يساوي ١٥٫٥ مليار دولار عام ١٩٦٥ — بالقياس إلى الزراعة والغابات والأسماك التي كوَّنت ٩٪ من قيمة هذا الإنتاج القومي للعام نفسه.

وتعتمد هذه الحرفة على وجود خامات معدنية غنية ساعد على استغلالها وجود طاقة مستمدة من الفحم النباتي والطاقة المائية، ويبدو أن أول استخدام للمعادن في السويد كان مرتبطًا بخامات الحديد المستخرجة من تكوينات المستنقعات وكان صهرها يتم بواسطة أفران بسيطة، ولكن الحاجة إلى الحديد قد زادت بشدة في القرن السادس عشر نتيجة للحروب المستمرة التي قادها الملوك الطموحون في السويد، وقد أدى هذا بالملوك إلى استقدام فنيين وخبراء من الألمان والوالون والفلمنك مما ساعد على تنمية صناعة الحديد السويدية، ومن بين الشخصيات الهامة التي استقدمت إلى السويد كان لويس دجير L. de Geer الوالوني — من لييج — الذي لعبت سلالته فيما بعد دورًا هامًّا في الحياة الثقافية في السويد، وقد أسس دجير مصانع الأسلحة في فنسبانج ودانيمورا مستخدمًا عمالًا وأخصائيين من الوالون، وعلى هذا الأساس ذي التوجيه العسكري، بنيت جذور الجودة الصناعية والهندسة السويدية الحالية.

وحينما كان الفحم النباتي هو العنصر الجوهري لصناعات تشغيل المعادن كانت السويد تسود وتسيطر على العالم الأوروبي لتوفر خاماتها المعدنية ومواردها الهائلة من الفحم النباتي، وقد استخدم السويديون أولًا الخامات المعدنية الموجودة في تكوينات المستنقعات، ثم أخذوا في استخدام خامات إقليم برجسلاجن الموجودة حول البحيرات الوسطى وشمالها، وأشرفت السويد على احتكار صناعات الحديد والصلب في العالم في القرن الثامن عشر، ففي عام ١٧٤٠ كانت السويد تنتج خمسي الحديد العالمي.

ولكن حينما بدأ استخدام فحم الكوك في صهر المعادن وظهور الحديد الزهر في بريطانيا وغيرها هبط نصيب السويد من ٣١٪ من حديد وصلب العالم إلى ٨٪ فقط عام ١٨٢٠، وإلى ١٫٣٪ عام ١٩٠٠.

وهكذا هبط الإنتاج لأن استخدام الطاقة الكهربائية لم يكن قد بدأ بعد، وكان استيراد الفحم إلى السويد أمرًا مكلفًا يزيد من نفقات الإنتاج ويجعل السويد عاجزة عن منافسة الدول الأوروبية الأخرى، ولكن السويد تحتل الآن مكانًا ملحوظًا في إنتاج الحديد والصلب، وذلك بالرغم من صغر حجمها مساحة وسكانًا، وبالنسبة لكونها من الدول الصناعية التي ينقصها الفحم.

وقد أدى تصدير خام الحديد من نورلاند خلال هذا القرن إلى نوع من التعادل في قيمة الإنتاج القومي المعدني، فبدلًا من تصدير الحديد والصلب اتجهت السويد إلى تصدير خامات كيرونا الحديدية الغنية عبر ميناء نارفيك إلى أوروبا والولايات المتحدة معًا، وقد ساعدت هذه الصادرات على أن تستورد السويد الفحم اللازم لصناعاتها المعدنية.

وهناك عدد من الظواهر الطبيعية التي شجعت نمو صناعة الحديد والصلب في السويد، وأول هذه العوامل هو كثرة وجود الخام الجيد النوع، سواء كان ذلك خام الحديد الهيماتيتي الأحمر الذي يوجد بكثرة في وسط السويد — إقليم برجسلاجن — أو الحديد المغناطيسي الأسود الذي يسود في تكوينات شمال السويد، والخام الهيماتيتي تصل نقاوته إلى ٧٠٪ وهو كذلك خالٍ من الشوائب مثل الفسفور والكبريت، أما في الشمال فإن الخام مختلط بالفسفور، وهو الذي يصدر بكميات كبيرة، بينما الخام غير الفسفوري هو الذي يستخدم محليًّا في السويد.

وقد ساعد التقدم في بناء أفران الصهر — أفران بسمر ابتداء من ١٨٥٨، ثم أفران سيمنز-مارتن ابتداء من ١٨٦٥، ثم الأفران الكهربائية التي تستخدم الفحم النباتي ابتداء من ١٩٠٩ — على تركيز خامات الحديد وتخليصها من الشوائب، ولكن أفران الفحم النباتي لا تزال تستخدم في معامل معينة؛ لأنها تعطي إنتاجًا أجود من أفران الكوك في صفات معينة.

fig19
خريطة رقم (١٩): الثروة المعدنية في السويد. (أ) شمال السويد. (ب) وسط السويد.
وباستخدام الصلب السويدي الممتاز أقامت السويد أسس صناعة معدنية ذات جودة عالية، تجد لها سوقًا رائجة في العالم الخارجي، ومن أمثلة هذه الصناعات الذائعة الصيت عالميًّا مواقد بريموس Primus على الكيروسين، ولمبات Age، وكرات التحميل الصلبة SKF وآلات حلب الأبقار ألفا لافال Alfa-Laval، ولا شك أن هذه الشهرة راجعة إلى المهارة التقليدية للمهندسين والعمال المهرة.
ولا يشكل الحديد ومنتجاته الصناعية كل شهرة السويد التعدينية والصناعية فقط، ففي ١٢٨٠ بدأ استغلال النحاس في برجسلاجن على نحو منظم بواسطة شركة نحاس برجسلاجن المساهمة Stora Kopparbergs Bergslags Aktiebolag، ولم تقتصر أعمال التعدين على نحاس منطقة فالون Falun بل تعدتها إلى الفضة من زالا Sala والزنك والرصاص من أمبرج Ammeberg، وقد بدأت صادرات النحاس خلال العصور الوسطى بكميات قليلة، لكنها زادت نتيجة حادثة سياسية.

ففي ١٦١٣ خسرت السويد الحرب ضد الدنمارك، وكان عليها أن تدفع تعويضات عالية لتستعيد ميناء الفسبورج — الذي كان يمثل ميناء السويد الوحيد على الساحل الغربي في ذلك الوقت، ولكي تستطيع الدولة دفع هذا التعويض الباهظ أصدرت قرارًا باحتكارها تجارة النحاس، وأخذت تصدره بكثرة إلى الخارج مقابل الفضة التي قبلتها الدنمارك، وأصبحت مناجم فالون خلال القرن السابع عشر أكبر مناجم النحاس في العالم، ووصل إنتاجها القمة في عام ١٦٥٠ بما يقابل ثلاثة آلاف طن، وبرغم ضآلة هذا الرقم بالقياس إلى إنتاج النحاس من أي من مناطقه الرئيسية الحالية، إلا أنه كان يسيطر على السوق الأوروبية كلها بالإضافة إلى إنتاج ترانسلفانيا — جزء من رومانيا الحالية — في تلك الفترة.

وكان إنتاج النيكل السويدي لا بأس به وله سوقه الرائجة إلى أن فتحت مناجم سد بري الكندية الغنية مما اضطر مناجم النيكل في السويد إلى الإغلاق، ولم يكن بالمستطاع استغلال زنك آمبرج إلى أن ظهرت المصاهر الكهربائية التي تقلل كثيرًا من نفقات صهره بالوقود المعدني.

ويختلف تنظيم استغلال المعادن وتشغيلها بين الشركات الصغيرة المحلية والشركات الكبرى التي تسيطر فعلًا على هذا المضمار من النشاطات الاقتصادية، ومن أكبر الشركات شركة نحاس برجسلاجن المساهمة — التي سبق ذكرها، ولا تقتصر الشركة على أعمال استخراج وتصنيع النحاس، بل تتنوع اهتماماتها إلى صناعات كيميائية كبيرة في فالون لإنتاج حامض الكبريتيك والصودا الكاوية، وتمتلك نصف مناجم جرانجزبرج وثلث مناجم دانيمورا، وتمتلك بالإضافة إلى ذلك أكبر مصانع الحديد والصلب في أوروبا الشمالية: مصانع دومنارفت Domnarvet ومصاهر جيزنج الكهربائية، ولها أفرانها الخاصة في سيدرفورس لإنتاج أنواع من الصلب الممتاز، ومعامل عجائن الورق في سكوتسكار وأكبر مصنع سويدي للورق في كفارنسفيدن، وتستخدم في معملها الأخير أخشاب الغابات التي تمتلك امتيازها والتي تقدر بأكثر من مليون فدان كانت قد حصلت عليها في الماضي لإنتاج الفحم النباتي، وعلى هذا النحو من إمبراطوريات الحديد والصلب والغابات نجد عدة أسماء أخرى على رأسها أسرة أوديهولم Uddeholm التي تحتكر الغابات والحديد والصلب في شمال بحيرة فينرن — شرقي فيرملاند، وأسرة بيلرود Billerud التي تحتكر غابات وحديد غرب فيرملاند كلها حتى حدود النرويج.
fig20
خريطة رقم (٢٠): صناعة الحديد والصلب في السويد. توضح الخريطتان ١ و٢ تركز صناعة الحديد والصلب في وسط السويد حيث نمت المصانع الكبيرة (خريطة رقم ٢) على حساب المعامل الصغيرة المبعثرة (خريطة ١)، أما الخريطة (٣) فتوضح مصانع الحديد والصلب عام ١٩٦٤ حسب حجم العمالة.
ولقد تطورت صناعة الحديد والصلب السويدية كثيرًا بعد التحسينات الكثيرة التي طرأت على هذه الصناعة، ففي عام ١٨٣٠ كانت الصناعة ريفية إلى حد كبير — أي موزعة في صورة أفران صغيرة بسيطة التركيب في مناطق إنتاج الخام، وقد بلغ عدد هذه المعامل الصغيرة في تلك السنة ستمائة معمل، انخفضت إلى مائتي معمل عام ١٩٢٠، ثم إلى ٣٥ معملًا عام ١٩٦٢ — انظر ١ و٢ في الخريطة رقم (٢٠).
وقد حدث الانكماش في عدد مصانع الحديد والصلب نتيجة إلى قدرة المتنافسين الكبار على ضم وشراء المعامل الصغيرة وإقفالها واستثمار أموالهم في تشييد مصانع حديثة المعدات كبيرة الحجم، كما أن تقدم وسائل النقل قد ساعد على إنشاء المصانع الجديدة في أماكن مناسبة غير تلك التي في ساند فيكن — غربي جيفل — ودومنارفت وهاجفورس التي شيدت بين عامي ١٨٦٠ و١٨٨٠ حينما كان الاحتياج إلى الفحم النباتي ضروريًّا، وقرب مساقط مائية صغيرة للحصول على الطاقة، ولكن بعد إمكان مد شبكات الطاقة إلى مسافات طويلة، وتطور وسائل النقل البحري للفحم، كان يمكن أن تنشأ هذه المصانع قرب الموانئ، مثل مصنع لوليا الحكومي الذي أنشئ عام ١٩٤٠ على ساحل بوثنيا مستهلكًا لخام حديد جيلفار ومصنع أوكسلوسوند Oxlosund الذي أنشئ على ساحل البلطيق جنوبي ستكهولم عام ١٩٥٧، ومصنع كالينجي على الساحل الجنوبي وهالمشتاد على الساحل الغربي، وهما يستخدمان الحديد الخردة المستوردة بحرًا بصورة أساسية.

وبرغم جودة الحديد والصلب السويدي وذيوع صيته، وتصديره إلى الخارج، إلا أن السويد تستورد من هذه السلع أكثر مما تصدر، فالصناعة السويدية تستهلك جانبًا من المنتج المحلي وتحتاج إلى كميات أخرى لكفاية مصانعها، وتدل الأرقام التالية على هذه الحقيقة كما تشير أيضًا إلى القيمة العالية للمنتج السويدي.

جدول ٤-٦: تجارة الصلب في السويد ١٩٦٦.
الكمية بالطن القيمة بمليون كرون سويدي
الصادرات ٩٨٤٠٠٠ ١٦٥٢
الواردات ١٢٤٢٠٠٠ ٨٩٤
وتتخصص مصانع الصلب الحالية على النحو التالي:
  • (أ)

    مصانع إنتاج الصلب الممتاز: ساند فيكن — أكبر مصانع السويد حاليًّا، هوفورس، سوراهامار، أفستا، فاجرستا، هيلفورس، بوفورس، هاجفورس.

  • (ب)

    مصانع صلب البناء والأغراض العامة: دومنارفت، وأهم مصانع الصلب الكهربائية، أوكسلوسوند، لوليا، نيكروبا، سميديباكن.

هذا؛ وقد بلغت كمية الحديد والصلب المنتجة في السويد عام ١٩٦٧ حوالي ٧٢٨٠٠٠٠ طن منها ٤٧٦٨٠٠٠ طن من الصلب، والباقي من الحديد الزهر.

(٧-٧) الصناعات السويدية الأخرى

تتميز السويد عن جاراتها من دول نورديا بسمعة طيبة في مجال السلع الصناعية، وبسمعة ممتازة في أنواع معينة من السلع، ويمكن أن نميز ثلاثة أقاليم صناعية هي:
  • (١)

    الجنوب الذي تتركز فيه صناعات النسيج والطحين والسكر والزجاج والفخار وتكرير البترول.

  • (٢)

    الوسط الذي يتميز بتمركز الصناعات الهندسية والصناعات التي تستخدم الأخشاب.

  • (٣)

    الشمال حيث تسيطر الصناعات القائمة على الغابات: مناشر الأخشاب ومعامل الورق.

وقد لعب وجود الخامات دورًا أساسيًّا في توطين الصناعات في مناطق معينة قديمًا، لكن سهولة المواصلات في الوقت الحاضر، وإمكانية نقل الخامات برًّا وبحرًا قد ساعدت على إعادة تنظيم التوزيع الجغرافي للصناعات وتركيزها في نقاط محدودة بدلًا من انتشارها في صورة معامل ومصانع صغيرة عند مصدر الخامة، وعلى هذا فإن التقدم الفني عامة قد ساعد على تغيير الأسس الجغرافية الأولى لنشأة وتوطن الصناعات.

ولقد رأينا هذا سابقًا في صناعة الحديد والصلب، ونلاحظه كذلك في الصناعات الميكانيكية التي أخذت تبتعد عن مصادر الخامات أحيانًا، وتمتد لتشيد — على سبيل المثال — مصانع آلات الطحين في هيزلهولم في شمال سكانيا — جنوب السويد، وآلات صناعة الورق في هيرنوزاند على ساحل خليج بوثنيا، وأدوات المناجم والتعدين في استوكهولم، وصناعة السفن في جوتبورج ومالمو وغيرهما من المواني الغربية.

لقد بدأت الصناعات الهندسية في السويد بداية حديثة في عام ١٨٧٠، وانتشرت جوار المناجم ومعامل الحديد، كما أنشئت أيضًا في المدن الرئيسية في وسط السويد حيث تتوفر اليد العاملة، وتتمركز هذه الصناعة حاليًّا في نطاق يمتد من استوكهولم إلى بوفورس قرب كارلسكوجا — شمال شرق بحيرة فينرن، والتركيز الأعظم هو حول بحيرة مالرن وبحيرة هيالمارن القريبة، وهناك مناطق أخرى صغيرة في شرق جوتالاند الشرقية وحول يونيكيبنج وهوسكفارنا — بحيرة فيترن، ومدينة جوتبورج وغربي سكانيا.

وفي عام ١٩٦٥ بلغت اليد العاملة في التعدين والصناعات المعدنية الهندسية ٥١٠ آلاف شخص؛ أي ٥١٪ من مجموع العمالة الصناعية، وقد ساهمت هذه الصناعات ﺑ ٣٥٪ من قيمة مجموع صادرات السويد في الستينيات من هذا القرن.

وهناك دائمًا ارتباط بين الصناعات الهندسية وتلك المعتمدة عليها، فمثلًا تشتمل مجموعة جونسون الصناعية على مؤسسات مختلفة: الحديد والصلب في أفستا، ترسانة بحرية في لندهولمن (جوتبورج)، وشركة ملاحة بحرية (خطوط جونسون)، ولهذه المجموعة أيضًا ناقلات بترول ومعامل تكرير البترول (في نيناشامن جنوبي استوكهولم) وأكبر خطوط أوتوبيس في السويد (لينبوس).

وقد نمت صناعة بناء السفن منذ بداية هذا القرن، وبعد الحرب العالمية الثانية أصبحت السويد واحدة من كبار الدول التي تبني السفن؛ إذ إن ترسانتها البحرية تنزل إلى البحر حوالي ١٠٪ مجموع الحمولة المنزلة سنويًّا في العالم، ونصف هذه السفن تصدر إلى العملاء، وتوجد في جوتبورج أكبر ترسانة في السويد، ففيها شركات: أريكسبرج، وجوتا فركن ولندهولم، وفي مالمو توجد شركة كوكومز، وهناك أيضًا ترسانات أصغر في أوديفالا Uddevalla شمالي جوتبورج وفي هيلسنجبورج ولاندزكرونا شمال مالمو، وعلى هذا يحتكر الساحل الغربي حوالي ٩٠٪ من صناعة السفن.

وفي الفترة الواقعة بين القرنين السادس عشر والثامن عشر أخذت صناعة الأسلحة والذخائر تتركز في عدة مدن وأماكن في شرق السويد، وخاصة في فينسبانج — التي أنشئت بواسطة إدارة هولندية وكانت تصدر الأسلحة إلى أوروبا بطريق أمستردام، وقد انتقلت مصانع فنسبانج هذه فيما بعد إلى بلدة بوفورس — قرب بحيرة فينرن.

وفي وسط السويد نجد أيضًا تركزًا جزئيًّا للمصانع المنتجة للآلات الزراعية والتعدينية واستغلال الغابات وصناعة الأدوات، لكن الآلات الزراعية توجد أساسًا في جنوب السويد، والآلات المستخدمة في استخلاص الثروة الغابية متمركزة في الإقليم الأوسط.

وصناعة السيارات صناعة حديثة وتلقى منافسة قوية، ولكن قيمة صادرات السيارات السويدية في عام ١٩٦٥ إلى بلدان نورديا والولايات المتحدة غطت نحو ٦٠٪ من قيمة واردات السويد من السيارات العالمية، وتوجد مصانع شركة فولفو في جوتبورج ومصانع سكانيا فابيس في سودرتالي جنوبي استوكهولم ومصانع شركة ساب Saab في ترولهاتان، وتنتج الشركة الأخيرة طائرات في مدينة لينكوبنج.

وشركة فولفو هي أكبر شركات السيارات في السويد، وتمتلك ١٥ مصنعًا في السويد إلى جانب مصنع جوتبورج الرئيسي، كما أن لها مصنعًا في كندا، وتستخدم فولفو ٢٥ ألف عامل منهم ١٣ ألفًا في جوتبورج وحدها، وتصنع «الموتورات» في بلدة سكوفده — في فيستر جوتلاند، وصندوق التروس في بلدة كوبنج — بحيرة مالرن، وجسم السيارة في أوفشتروم — إقليم بليكنج في الجنوب، والجرارات في إسكلتونا، والموتورات الرشاشة في ترولهاتان، وقد باعت فولفو في عام ١٩٦٣ من السيارات الخصوصية ١١٢ ألف سيارة و٣٢ ألف شاحنة نصفها وجد طريقه إلى الخارج.

وتتمركز مصانع الأدوات الكهربائية في أماكن محدودة، أكبرها في استوكهولم حيث توجد مصانع إريكسون للتليفونات، والثلاجات — البرادات، والمكانس الكهربائية — إلكترولوكس، أما مصانع إنتاج الأدوات الكهربائية عالية الفولت مثل التوربينات والمولدات فتوجد في فستراس — شركة ASEA، ولهذه الشركات الكبرى فروع في أنحاء العالم، وتستخدم إريكسون ٤٤ ألفًا من العاملين، وشركة ASEA ٣٤ ألفًا.
ومن الشركات الصناعية الكبيرة A. B. Gasackumulator, Lighthouses. AGA وشركة Tall — شركة لافال للتوربينات، وهما في استوكهولم، وشركة SKF “Svenska Kullagerfabriken” لعمل بيضات التحميل الفولاذية، ومركزها الأساسي في جوتبورج ومصانع الحديد التي تمتلكها توجد في مدينتي هوفورس وهيلفورس، ويعمل في هذه الشركة ٦٨ ألفًا منهم سبعة آلاف وخمسمائة في جوتبورج، ولها موظفون ووكلاء في خارج السويد، وهي تصدر حوالي ثلثي الإنتاج للخارج.

وإلى جانب الصناعات الهندسية والإنشائية المختلفة توجد أيضًا عدة صناعات أخرى على رأسها صناعة النسيج والملابس، وتضم هذه الصناعة ٩٪ من الطاقة العاملة الصناعية في السويد، وهي — كصناعة — أكثر تطورًا من مثيلاتها في الدول الصناعية الأوروبية القديمة، وتتركز هذه الصناعة في منطقة بوراس إلى الشرق من جوتبورج، كما تنتشر أيضًا حول مدن جوتبورج ومالو ونوركوبنج، أما صناعة الملابس فتوجد في المدن الكبرى.

fig21
شكل رقم (٢١): نصيب دول نورديا من الإنتاج الصناعي في نورديا وقيمة الإنتاج ١٩٦٠.

وقد دخلت صناعة نسيج القطن في السويد في ثلاثينيات القرن الثامن عشر، وقد أنشئ أول مصنع في إلينجاس شمال شرقي جوتبورج، وقد ظل هذا هو المصنع الوحيد لفترة طويلة، وفي خلال الحرب النابليونية والحصار الذي فرضته بريطانيا على أوروبا تحولت منطقة بوراس من التيل والكتان والصوف إلى القطن؛ لأن ميناء جوتبورج ظل مفتوحًا كميناء حر خلال تلك الحرب، ومنذ عام ١٨٢٠ أصبحت منطقتا بوراس وجوتبورج مراكز أساسية لنسيج القطن في السويد.

أما نسج الصوف فهو أوسع انتشارًا من القطن، وإن كانت نوركوبنج تمثل المركز الرئيسي لهذه الصناعة التي توطنت فيها منذ القرن السابع عشر، وتوجد صناعة نسج الكتان والجوت في منطقة بوراس-جوتبورج منذ عام ١٨٤٠، كما توجد في مناطق أخرى من غرب السويد، وتعتمد هذه الصناعة على الصوف الخام المستورد من الخارج اعتمادًا كليًّا برغم أن الكتان كان قد زُرع خلال فترة الحرب الثانية في جنوب السويد.

وأخيرًا فإن صناعة الملابس بكافة أنواعها تتمركز في جوتبورج واستوكهولم ومالمو، وإلى حد ما في بوراس أيضًا، وهناك مناطق صغيرة لهذه الصناعة منتشرة في مدن مختلفة، والملاحظ أن هذه الصناعة تتمركز في المدن الكبرى حيث توجد سوق الاستهلاك الكبير، كما أنها تظهر في داخل منطقة الصناعات الهندسية الآلية؛ لأنها تستخدم النساء بنسبة كبيرة في عمالتها، وهن لا يجدن عملًا في منطقة الصناعات الثقيلة التي تكاد أن تكون حكرًا على العمالة من الذكور.

أما الصناعات الغذائية فتوجد في الموانئ ومنطقة السهول حيث تتوفر الخامات، وتضم هذه الصناعات عددًا كبيرًا من العمالة، وتتميز مطاحن الحبوب بحداثة آلاتها، وتتركز في كل من استوكهولم وجوتبورج ومالمو وكالمار، وتمتلك التعاونيات الزراعية معظم المسالخ ومعامل الألبان ومنتجاتها في صورة وحدات صناعية كبيرة مجمعة، وتقتصر صناعة السكر على جنوب غرب سكانيا بالقرب من مالمو، وكذلك توجد في المنطقة نفسها مصانع تعليب الخضروات المنتجة في الإقليم، وتكاد تحتكرها شركة فندوس Findus التي بدأت كشركة لعمل الكاكاو والشيكولاتة في استوكهولم، ولهذه الشركة مصنع كبير لتجميد الأسماك في همرفست بشمال النرويج، كما أنها قد اندمجت مؤخرًا مع شركة «نسله» السويسرية.

وتقوم صناعة السمن الصناعي على الزيوت النباتية المنتجة في السويد — التي تقدم لها الحكومة الكثير من المعونات للإبقاء على زراعتها في محاولة للاكتفاء الذاتي، ويوجد عشرون مصنعًا متخصصًا في هذه الصناعة منتشرة في الجنوب والوسط، أكبرها تلك الموجودة في نوركوبنج وكالمار، وتشرف الدولة على إنتاج وتسعير هذه الزيوت النباتية لكيلا تنافس الزبد الطبيعية، وأخيرًا فإن صناعة النشا والكحول تكاد تتركز في الجنوب حيث يزرع البطاطس، بالإضافة إلى استخدام خامات أخرى — إضافة السكر إلى السلفات الناجمة عن مخلفات مصانع العجائن في نورلاند، أما صناعة السجائر وغيرها من منتجات التبغ فاحتكار للحكومة منذ عام ١٩١٤، وتوجد هذه الصناعة في مدينة مالمو، وتعتمد على التبغ المستورد بعد أن توقفت زراعته في شرق سكانيا منذ فترة.

وتقوم صناعة الأسمنت — التي أنشئت قرب مالمو عام ١٨٧٣ — على الموارد المحلية من الصخور الجيرية، وبالرغم من انتشار معامل الأسمنت في وسط وشرق السويد إلا أن الجنوب لا يزال يسيطر على حوالي نصف عدد المصانع، ولا شك أن إنشاء معامل الأسمنت في وسط وشرق السويد يرجع إلى الرغبة في تخفيف أعباء النقل من الجنوب إلى مناطق الاستهلاك الكبيرة في الوسط.

(٧-٨) النقل والمواصلات

في خلال عصر ما قبل الصناعة كانت هناك شبكة من الطرق المحلية الممتدة بين المدن والقرى المتجاورة وعدد قليل من الطرق الرئيسية، وهذه كلها لم تكن ملائمة للنقل الثقيل، لكن كان لا بد من نقل قضبان الحديد المنتجة في برجسلاجن إلى الموانئ لتصديرها، وكانت غالبية حركة نقل الحديد تحدث في الشتاء باستخدام زحافات الجليد، ولإمكان عبور الأنهار والبحيرات المتجمدة سطوحها دون الحاجة إلى اللف والدوران حولها، وكان من المعتاد أن تقل كمية الحديد المنقولة للتصدير إذا كان الشتاء قليل الثلوج، وكذلك كان الحال بالنسبة للفحم النباتي.

أما في الصيف والربيع فكانت السلع الثقيلة تلجأ إلى وسائل النقل المائي في البحيرات والأنهار الملاحية، وفي أواخر القرن الثامن عشر، وأوائل القرن التاسع عشر تطورت معارف بناء الأهوسة على الأنهار لتعديل مستويات المياه في مناطق الانحدارات الكبيرة، وتمكين الملاحة بهذه الطريقة من الاستمرار في الداخل، وبناء على هذا بدأ عهد القنوات في السويد، ففتحت قناة ترولهاتيه للملاحة سنة ١٨٠٠ مما سهل الملاحة ونقل قضبان الحديد عبر بحيرة فينرن ونهر جوتا ألف إلى ميناء جوتبورج، كما أدت إلى تحسين شامل ومباشر لاقتصاديات إقليم بحيرة فينرن — خاصة بعد نقل الأخشاب على هذا الطريق المائي أيضًا، وفي عام ١٨٣٢ افتتحت قناة جوتا بين البلطيق وبحيرة فينرن عبر بحيرة فيترن، لكن كثرة الأهوسة في مسافات قصيرة، وضيق القناة لم يجعلا لهذا الطريق المائي أهمية تجارية حقيقية، كذلك أنشئت عدة قنوات صغيرة بين بحيرات وسط السويد، خاصة من أجل صناعة الحديد والصلب، وباستثناء قناة ترولهاتيه التي وسعت أهوستها مرة في عام ١٨٤٤ ومرة أخرى عام ١٩١٦، وقناة سودرتالي Soedertalje بين البلطيق وبحيرة مالرن، فإن بقية قنوات السويد غير مفيدة تجاريًّا مما أدى إلى إقفال بعضها، أو استخدامها للسياحة وأغراض النزهة.

وقد بدأ عهد السكك الحديدية في صورة عربات الخيول التي تجري على القضبان في منطقة مناجم برجسلاجن بين البحيرات لتجنب النقل البري العادي لهذه السلع الثقيلة، ثم يعاد النقل على القوارب، ومن أمثلة ذلك طريق ينجن-دالاجرنسن في فيرملاند الذي كان يتكون من خمس عشرة بحيرة وأحد عشر جزءًا من الطريق الحديدي بالمعنى السابق ذكره — تربط بين البحيرات، ولهذا كان الحديد ينقل ويفرغ ٢٥ مرة قبل أن يشحن على سفن بحيرة فينرن عند كريستيانهامن.

وفي عام ١٨٥٣ وافق البرلمان السويدي على منح امتيازات إنشاء خطوط حديد الدولة، ولكن تنظيم مناطق السكك الحديدية كان قد راعى في البداية ألا تنافس هذه الطرق الجديدة مسارات القنوات والأنهار، بل تعبرها وتتعامد عليها، ولا شك أن ذلك نتيجة المنافسة التي كانت قائمة بين النقل المائي الداخلي والنقل الحديدي الجديد خلال القرن التاسع عشر، وكان على الطرق الحديدية ألا تمر في المناطق الكثيفة السكان، بل تمر في مناطق السكن كوسيلة من وسائل تعمير تلك الأراضي وإدخالها في دائرة النشاطات الاقتصادية الحديثة، ولأسباب عسكرية أبعدت الخطوط الحديدية عن المناطق الساحلية، وعلى هذا نجد الخط الرئيسي بين استوكهولم وجوتبورج لا يمر بالسهول الوسطى الكثيفة السكان والكثيرة القنوات، بل يمر في مناطق الهضبة الفقيرة الممتدة جنوبي البحيرات، وكذلك يمر الخط الرئيسي بين استوكهولم ومالمو عبر هضبة سمالاند الفقيرة والقليلة الزراعة، وعلى هذا نشأت مدن مزدوجة على أبعاد من بعضها: القديمة بعيدة عن الخط الحديدي، والحديثة تقع على مسار ذلك الخط، وقد أدى ذلك إلى كساد وتدهور المدن القديمة بينما ازدهرت المدن الحديثة بنشأة الصناعة فيها، مثال ذلك مدن أيسلوف وهزلهولم والفستا وهي مدن جديدة تقع على المسار الرئيسي للخط الحديدي الجنوبي في مقابل المدن القديمة: هيربي، كريستيانستاد، فاكسيو، ولا شك أن ذلك قد أضر كثيرًا بالنمو الطبيعي للسويد في تلك الفترة، وإن كان مرور الخطوط الحديدية في الأراضي الجديدة يعتبر توجيهًا اقتصاديًّا جيدًا إذا كانت الأراضي التي سيمر فيها هذا الخط صالحة لاستغلال جيد وليس مجرد استغلال هامشي، أما خطوط حديد نورلاند فقد أنشئت بمحاذاة الساحل، وعلى بعد حوالي خمسين كيلومترًا منه، بحيث تمتد خطوط فرعية من الخط الرئيسي إلى موانئ ومدن بوثنيا.

وقد بدأ تشغيل الخطوط الحديدية في السويد عام ١٨٥٥ على طريق قصير في منطقة التعدين في إقليم فيرملاند، وفي ١٨٥٦ بدأت أجزاء من خط استوكهولم-جوتبورج، ومالمو في العمل، وفي ١٩٠٠ كانت أطوال الخطوط الحديدية قد وصلت إلى عشرة آلاف كيلومتر، ووصلت في ١٩٣٧ إلى ١٧ ألف كم بعد إتمام الخط الشمالي الداخلي (جيلفار-بحيرة فينرن) الذي يجري في مناطق بكر، وسكن بشري نادر، وقد استمر بناء هذا الخط نصف قرن كامل، ذلك لأن رأس المال السويدي لم يكن كافيًا لتمويله طوال الوقت، وكان لا بد من عقد قروض بشأنه مع بريطانيا.

وقد بنيت خطوط الدولة على أساس المقياس الدولي العادي، لكن في الفترة بين ١٨٧٠–١٨٩٠ منحت شركات صغيرة عدة امتيازات، فبنت خطوطًا حديدية ضيقة لكي تختصر في رأس المال المستثمر، لكن النتيجة النهائية أن النقل على هذه الخطوط أصبح أكثر كلفة نظرًا لتكاليف إعادة الشحن من الخطوط الدولية إلى الضيقة، وتدريجيًّا أصبح استخدام هذه الطرق غير اقتصادي فهُجِرت، وفي عام ١٨٨٠ كانت الدولة تمتلك نحو ٣٣٪ من أطوال الخطوط الموجودة، ولكن منذ الثلاثينيات أممت الدولة كل الخطوط الحديدية.

وفي تلك الفترة التي أممت فيها السكك الحديدية بدأت وطأة المنافسة تظهر وتشتد بين النقل الحديدي والسيارات والشاحنات، لكن تلك المنافسة توقفت مؤقتًا خلال الحرب العالمية الثانية، وعادت إلى الظهور بشدة بعد ذلك، والحقيقة أن المنافسة تؤدي إلى فقدان أطوال كثيرة من الخطوط الحديدية لأهميتها، ولذلك تعدد إغلاق عدة محطات حديدية لعدم جدواها.

وفي الوقت الحاضر نجد أكبر نقل سلعي يتم على الخطوط الرئيسية في جنوب السويد، وعلى خط حديد لوليا-نارفيك (حديد لابلند)، ويحمل الخط الأخير نحو ٢٥ مليون طن من البضائع المنقولة على الخطوط السويدية البالغة ٦١ مليونًا من الأطنان (١٩٦٥)، وعلى هذا فإن خط لابلند يعوض خسائر السكك الحديدية السويدية في بقية قطاعاتها.

وتنقل السكك الحديدية في مثلث استوكهولم – مالمو – جوتبورج بضائع كثيرة بالإضافة إلى خط الشمال في وسط السويد الذي ينقل في الشتاء الأخشاب من نورلاند، والمعادن من فيرملاند إلى جوتبورج.

وهناك أيضًا تجارة مزدهرة تنقل حديديًّا عبر البحر إلى أوروبا بواسطة أربعة موانئ عبور:
  • (١)

    هيلسنجبورج-هلسنجور (شمال شرقي زيلند على مضيق السوند، وهي أضيق مسطح مائي بين السويد والدنمارك).

  • (٢)

    مالمو-كوبنهاجن (عبر مضيق السوند أيضًا).

  • (٣)

    ترليبورج-ترافيمنده (الميناء الخارجي لميناء لوبيك على ساحل ألمانيا الغربية على البلطيق).

  • (٤)

    ترليبورج-زاسنيتز (نهاية خط حديدى من برلين إلى البليطق في ألمانيا الشرقية).

وإلى جانب ذلك فإن هناك عابرات كثيرة لنقل السيارات بين السويد والدنمارك، وترتبط خطوط حديد السويد بالخطوط النرويجية في عدة أماكن أهمها خط الشمال إلى ميناء نارفيك، وخط الوسط إلى ميناء تروندهايم، وخط الجنوب إلى أوسلو.

وتنقل الخطوط الحديدية إلى الداخل جميع أشكال الوقود المعدني (فحم كوك – بترول ومشتقاته)، وأهم موانئ استقبال هذه الأنواع من الوقود هي جوتبورج واستوكهولم ومالمو وهيلسنجبورج ونوركوبنج وجيفل وسوندسفال ولوليا، ومعظم ما يصل ميناء استوكهولم يبقى لاستهلاك هذه المدينة الكبيرة وضواحيها.

ومنذ أن حلت مشكلة نقل الطاقة الكهربائية إلى مسافات بعيدة، تغيرت الطاقة المستخدمة في الخطوط الحديدية الرئيسية إلى الكهرباء بدلًا من الفحم والديزل، وفي الوقت الحاضر تنقل حوالي ٩٠٪ من البضائع المحمولة بالسكك الحديدية على الخطوط المكهربة، وذلك برغم أن نصف أطوال السكك الحديدية هي التي نالها التغير فقط، وتأتي السويد في المرتبة الثانية بعد سويسرا في كهربة الخطوط الحديدية، وأما بقية الخطوط فإنها تستخدم الديزل كطاقة محركة، ومن الظاهرات الجديرة بالاهتمام أن الخطوط الحديدية المزدوجة في السويد مقتصرة على خطوط استوكهولم-جوتبورج، واستوكهولم-مالمو، واستوكهولم-نوركوبنج، أما الباقي فخطوط مفردة.

الطرق البرية والنقل بالشاحنات والسيارات تنافس السكك الحديدية بصورة ملحوظة، ففي الفترة بين عامي ١٩٥٣–١٩٦٦ تزايد عدد السيارات من ٤٠٠ ألف إلى ١٫٩ مليون سيارة، وزاد عدد الشاحنات من ١٠٣ آلاف إلى ١٣٤ ألفًا، وبالمثل زاد عدد الباصات من ٨٢٠٠ إلى ١١٠٠٠.

ولقد ترتب على توطن الصناعات الغذائية خاصة في مناطق محدودة زيادة العبء على النقل في مناطق الإنتاج إلى أسواق الاستهلاك، وكذلك أخذ النقل داخل الغابات بالشاحنات يحل تدريجيًّا محل النقل بواسطة الأنهار — بفضل عاملي السرعة وعدم تلف الأخشاب ببلها في مياه الأنهار فترة طويلة.

وقد أوضحت الدراسات التي تمت في عام ١٩٦٤ على أن نسبة النقل قد توزعت على وسائل النقل المختلفة على النحو التالي:

جدول ٤-٧
وسيلة النقل ١٩٥٠ ١٩٥٥ ١٩٦٠ ١٩٦٤
الشاحنات ٢٠٪ ٢٦٪ ٣٤٪ ٣٩٪
السكك الحديدية ٦٣٪ ٦٠٪ ٥٥٪ ٥١٪
النقل المائي ١٧٪ ١٤٪ ١١٪ ١٠٪
جملة الحمولة المنقولة لكل وسائل النقل (ألف طن ك م) ١٣٫٧ ١٧٫٢ ١٩٫٩ ٢٥٫٥

وتنقل الشاحنات ثلثي الإنتاج الغابي والزراعي بينما تكوِّن المعادن ربع الحمولة المنقولة حديديًّا، وتوضح الأرقام والنسب السابقة زيادة النقل عامة بالنسبة لكل وسائل النقل، مع تزايد ملحوظ للنقل البري على حساب الحديدي والنهري.

وتتركز الطرق البرية في منطقة السهول الوسطى وحول بحيرة مالرن واستوكهولم وعلى طول الطريق الدولي — أوروبا ٤ — بين مالمو واستوكهولم، وعلى طول سواحل نورلاند، وتوضح مناطق شرقي السويد وغربي السهول الوسطى نفس نمط الضعف الذي نجده في شبكة الخطوط الحديدية.

وفي مجال انتقال الأشخاص نجد دورًا متزايدًا للسيارات الخصوصية على حساب وسائل النقل الأخرى، وقد تزايد هذا الدور بسرعة مخيفة بلغت عشرة أمثالها في السنوات الخمس عشرة (١٩٥٠–١٩٦٤)، ويرتبط هذا بمميزات السيارة الخاصة في الانتقال السريع مع الراحة مقابل بطء المواصلات العامة، ولا شك أيضًا أن ارتفاع مستوى المعيشة، وازدياد الدخول قد ساعد على نمو هذا النمط من انتقال الأشخاص.

وأخيرًا فإن النقل الجوي ما زال مركزًا بين المدن الرئيسية الثلاث: استوكهولم وجوتبورج ومالمو، وهناك أيضًا حركة لا بأس بها للطيران على طول سواحل خليج بوثنيا، ومع جزيرتي جوتلاند وأولاند، وفي عام ١٩٦٤ بلغ عدد المسافرين جوًّا من مطارات السويد نحو ثلاثة ملايين شخص، منهم قرابة النصف في رحلات جوية داخل السويد والباقي في رحلات دولية.

وتمثل حركة السياحة عبئًا على وسائل النقل، ففي عام ١٩٦٤ بلغ عدد الذين دخلوا السويد من غير البلدان الاسكندنافية ١٫١ مليون شخص، ويمثل هذا الرقم زيادة مقدارها ٥٠٪ بالنسبة لأرقام عام ١٩٦١، وأكبر أعداد السياح تأتي من ألمانيا الغربية ثم أمريكا ثم بريطانيا.

(٧-٩) التجارة

تأتي السويد في المرتبة الثالثة بين دول العالم في مقدار الدخل القومي موزعًا على عدد السكان وذلك بعد الولايات المتحدة وكندا، ويساوي سكان السويد ٠٫٣٪ من مجموع سكان العالم، لكن تجارة السويد الخارجية تكوِّن ٢٪ من قيمة جملة التجارة الخارجية العالمية، وهي تحتل المرتبة الخامسة بعد نيوزيلندا وبلجيكا وكندا وسويسرا فيما يختص بقيمة التجارة الخارجية موزعة على عدد السكان.

ولقد ظلت تجارة السويد الخارجية حتى أواسط القرن الماضي مقتصرة على السلع الحديدية والقطران والشيلم، كما كانت هذه التجارة محددة بالدول الأوروبية المجاورة، ومع دخول الصناعة بدأ التغيير يطرأ على نمط تجارة السويد، خاصة بعد تحسين وسائل المواصلات وقدرتها على استيعاب حمولات كبيرة، وبعد زوال الحواجز التجارية إلى حد كبير.

وقد كانت سياسة الدول المستوردة من السويد تفضل استيراد السلع السويدية نصف المصنعة والخامات الصناعية، وفي مقابل ذلك كانت الصناعة السويدية مجبرة على إنتاج سلع يمكن أن تشتريها بأسعار أرخص من السوق الخارجية، وكان ذلك نوع من المعادلة لتخفيض قيمة وارداتها.

وفي الوقت الحاضر نجد أن أهم الواردات بالنسبة للسويد هي أنواع الوقود المعدني المختلفة، وخاصة البترول — ١٩ مليون طن عام ١٩٦٥، ويكفي الإنتاج الزراعي والحيواني الاستهلاك الداخلي في السنوات العادية، لكن ارتفاع مستوى المعيشة قد أدى إلى زيادة في واردات الغذاء من الفواكه والخضروات والتبغ والأنبذة، وفي مقابل ذلك نجد صادرات قليلة من الحبوب ومنتجات الحيوان، ويوضح الجدول التالي حقائق التجارة الخارجية للسويد خلال عام ١٩٦٦.

جدول ٤-٨: قيمة التجارة الخارجية للسويد في عام ١٩٦٦ (مليون كرون سويدي).
السلعة الصادرات الواردات الميزان
الجملة ٢٢١٠٢ ٢٣٦٦٣ −١٥٦١
الأغذية والمشروبات والتبغ ٧٠٠ ٢٩٤٢ −٢٢٤٢
جملة الخامات ٥٥٠٢ ٤٣١٦ +١١٨٦
أخشاب ١٤٢٢ ٦٨
عجين الورق ٢٣٣٢ ٥
الخامات المعدنية ١٢٠٧ ٤١٠
الوقود ١٣٧ ٢٦٨٦
المنتجات الكيميائية ٨٣١ ١٨٧٢ −١٠٤١
السلع المصنعة ٧٢١٧ ٧٦٦٧ −٤٥٠
الورق ٢٠٧٢ ١٩٩
المنسوجات ٥٣٧ ١٢٨٣
الحديد والمعادن ١٨٤٦ ١٩٣٠
الآلات ووسائل النقل ٧٨٥٢ ٦٨٦٦ +٩٨٦
آلات غير كهربائية ٣٨٩٣ ٣٠٩٤
آلات كهربائية ١٣٦٥ ١٦٢٣
السفن والسيارات ٢٥٩٣ ٢١٤٩

والملاحظ أن حوالي ٨٠٪ من صادرات السويد و٧٥٪ من وارداتها عبارة عن علاقات تجارية مع الدول الأوروبية، وقد كانت ألمانيا الغربية على رأس قائمة الدول الموردة للسويد، والآن أصبحت على رأس الدول المستوردة من السويد، أما سوق السلع السويدية الحالية فهي مركزة في دول نورديا — تشتري هذه الدول حوالي ربع الصادرات السويدية، وذلك باستثناء خامات المعادن التي تذهب إلى السوق الأوروبية، وكذلك نحو ٩٠٪ من الأخشاب.

وأكبر ميناء يتعامل في تجارة السويد هو جوتبورج، إذا استثنينا ميناء لوليا الذي يتعامل أساسًا في خامات ومصنعات حديد الشمال، يلي ذلك ميناء مالمو وهيلسنجبورج، ويغطي ميناء استوكهولم على النشاط التجاري لكل من مينائي جيفل ونوركوبنج، وعلى صورة مصغرة لموانئ أمريكا وكندا على البحيرات العظمى نجد أيضًا مينائي فستراس وكارلستاد الداخليين — الأول على بحيرة مالرن والثاني على بحيرة فينرن — يمثلان موانئ حركة تجارية للسفن المحيطية.

وتبلغ حمولة الأسطول التجاري السويدي ٤٫٥ مليون طن في عام ١٩٦٦ ويتكون ثلثه من ناقلات البترول، وقد سبق أن ذكرنا أن أكبر شركات الشحن توجد في كل من جوتبورج واستوكهولم.

وتوضح الجداول التالية القيمة العامة للإنتاج والاستهلاك في السويد بالمقارنة بدول نورديا الأخرى، وهي لا تحتاج إلى توضيح؛ لأن دلالتها على مكانة السويد في هذه المجموعة من الدول الشمالية واضحة:

جدول ٤-٩: صادرات (نورديا ١٩٦٣).
السلعة كل نورديا الدنمارك فنلندا النرويج السويد
مليون دولار ٪ النسبة المئوية من قيمة جملة صادرات نورديا
الجملة (مليون دولار) ٧٢٦٩ ١٨٦٩ ١١٤٢ ١٠٧٠ ٣١٨٧
الجملة (نسبة مئوية) ١٠٠٪ ٢٦٪ ١٦٪ ١٥٪ ٣٤٪
الأغذية والمشروبات والتبغ ١٢٦١ ١٧٫٤ ٧٦ ٣ ١٣ ٨
الأخشاب وعجائن الورق ١٠٩٩ ١٥٫١ ١ ٣٨ ٧ ٥٤
خام الحديد ٢٢٧ ٣٫١ ١ ٥ ٩ ٨٥
خامات أخرى غير غذائية ٢٥٤ ٣٫٥ ٤٢ ١٠ ٢٢ ٢٦
وقود معدني وشحومات ٥٧ ٠٫٨ ٢٠ ١ ٥٣ ٢٦
زيوت ودهون نباتية وحيوانية ٣٦٣ ٥ ٣٠ ٥ ٣٤ ٣١
مصنعات خشبية وورق ٨٨٩ ١٢٫٢ ٣ ٤٧ ١٢ ٣٨
معادن مصنعة ٥٩٠ ٨٫١ ٤ ٥ ٤٢ ٤٩
سلع مصنعة أخرى ٣٧٦ ٥٫٢ ٢٥ ٦ ١٤ ٥٥
آلات ووسائل نقل ١٨١٨ ٢٥٫٠ ٢٢ ٨ ٨ ٦٢
مصنعات مختلفة ٢٩٧ ٤٫١ ٤١ ٦ ١١ ٤٢
جدول ٤-١٠: واردات نورديا (١٩٦٣).
السلعة نورديا الدنمارك فنلندا النرويج السويد
مليون دولار ٪ النسبة المئوية من قيمة جملة صادرات نورديا
الجملة (مليون دولار) ٨٥١٠ ٢١١٩ ١٢٠٠ ١٨١٦ ٣٣٧٣
الجملة (نسبة مئوية) ١٠٠٪ ٢٥٪ ١٤٪ ٢١٪ ٤٠٪
الأغذية والمشروبات والتبغ ١٠٦٣ ١٢٫٥ ٢٧ ١٦ ١٩ ٣٨
خيوط نسيجية ١٢٣ ١٫٤ ٢٦ ٢٢ ١٤ ٣٨
خامات حديدية ١٠٢ ١٠٢ ٦ ٦٤ ٣٠
خامات أخرى غير غذائية ٤٧٦ ٥.٦ ٣٦ ١٣ ١٨ ٣٣
وقود معدني وشحومات ١٠١٠ ١١٫٩ ٢٧ ١٢ ١٦ ٤٥
زيوت ودهون نباتية وحيوانية ٧٢٣ ٨٫٥ ٢٧ ١٦ ١٩ ٣٨
منسوجات ٥٣٧ ٦٫٣ ٢٨ ١٣ ١٧ ٤٢
المعادن الأساسية ٤٦٣ ٥٫٤ ٢٧ ١٨ ٢٠ ٣٥
سلع مصنعة أخرى ٧٩٦ ٩٫٤ ٣٠ ١١ ١٧ ٤٢
آلات ووسائل النقل ٢٥٥٨ ٣٠٫١ ٢٠ ١٥ ٢٧ ٣٨
مصنعات مختلفة ٦٢٠ ٧٫٣ ٢٢ ٩ ٢٠ ٤٩
جدول ٤-١١: الاتجاهات الرئيسية لتجارة نورديا (١٩٦٥).
مكان الوارد والصادر النسبة المئوية لجملة نورديا الدنمارك فنلندا النرويج السويد
واردات صادرات وارد صادر وارد صادر وارد صادر وارد صادر
١٠٠٠ ١٠٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠
نورديا ١٩٫٢ ٢٢٫٥ ٢٠ ٢١ ١٩ ١٣ ٢٧ ٢٥ ١٤ ٢٦
بريطانيا ١٤٫٧ ١٧٫٧ ١٧ ٢٣ ١٥ ٢٠ ١٢ ١٨ ١٥ ١٣
دول EFTA الأخرى* ٣٫٨ ٣٫٠ ٤ ٤ ٤ ١ ٣ ٢ ٤ ٤
ألمانيا الغربية ٢٠٫١ ١٤٫٣ ٢٢ ١٦ ١٩ ١١ ١٦ ١٤ ٢٢ ١٤
دول السوق الأوروبية المشتركة ١٤٫٥ ١٤٫١ ١٥ ١٠ ١٣ ١٧ ١٣ ١١ ١٦ ١٧
الولايات المتحدة ٧٫٩ ٧٫١ ٨ ٨ ٥ ٦ ٧ ٩ ٩ ٦
الدول الأخرى ١٩٫٨ ٢١٫٣ ١٤ ١٨ ٢٥ ٣٢ ٢٢ ٢١ ٢٠ ٢٠
EFTA: منظمة التجارة الأوروبية الحرة، وكانت تتكون من السويد والنرويج والدنمارك والنمسا وسويسرا وبريطانيا والبرتغال. وقد دخلت بريطانيا والدنمارك السوق الأوروبية المشتركة في عام ١٩٧٣، ولا نعرف ماذا ستئول إليه حالة هذه المنظمة بعد ذلك.

(٨) الدراسة الإقليمية للسويد

يحسن بنا أن نختم الكلام عن السويد بدراسة إقليمية موجزة للمميزات العامة لكل من أقاليم الدولة الثلاثة الشمال والوسط والجنوب.

(٨-١) نورلاند أو الإقليم الشمالي

مساحة نورلاند تقرب من ٢٦٠ ألف كيلومتر مربع أو أكثر من نصف مساحة السويد، وحدها الجنوبي هو الجزء الأدنى من وادي Dal Alv ويقول السويديون: إنه إلى الشمال من وادي دال لا يوجد بلوط أو نبلاء ومعظم أراضي نورلاند مغطاة بغابات كثيفة من الصنوبر والتنوب والبتولا، وفي نورلاند توجد عدة أنهار كبيرة أو ما يسمى alv من أهمها أنجرمان وأندالز ألف ودال ألف، وتمر كلها في شلالات ومندفعات مائية عند سقوطها من الجبال الغربية، وتستخدم كثيرًا في نقل الأخشاب، وفي توليد الطاقة، ويقدران في نورلاند ٨٠٪ من احتمالات توليد الطاقة في السويد والجزء الأكبر منها لم يستغل بعد، وعند مصبات الأنهار على خليج بوثنيا نشأت موانئ كثيرة تستخدم الأنهار كطرق اختراق إلى الداخل.
وقد بدأ الاستقرار على الساحل منذ القرن الرابع عشر، وأُنشئ عدد من المدن في حوالي سنة ١٦٠٠، وتبدأ سلسلة المدن الساحلية على مصب أنجرمان وغيرها من المدن، وقد أدت Lulea نهاية خط الحديد إلى كيرونا ونارفك، ثم أوميا Umea ثم هيرنيزاند Hernoesand على مصب أنجرمان وغيرها من المدن، وقد أدت حركة ارتفاع أرضي إلى فقدان الكثير من المدن لأهميتها كموانئ، وكان لا بد من موانئ جديدة على مبعدة عدة أميال نزولًا مع النهر، وفيما بين ميناء سوندسفال على مصب أندالزالف وترندهايم على الساحل النرويجي يمتد خط حديدي يخترق سكندنافيا مع وادي النهر إلى الفلد الأعلى في الجبال الوسطى الاسكندنافية، وكان ذلك جريًا وراء الطريق البري القديم الذي يعبر شبه الجزيرة في هذه المنطقة لوجود استيطان قديم في مدينة أوسترسوند التي تقع فيما يشبه الحوض في بيد مونت يمتلاند Jemtland، وهذا الحوض قد قطع في منطقة من الشست والحجر الرملي والجيري مكونًا تربة جيدة ذات تصريف جيد، وفوق هذا فإنها تقع في منطقة تنخفض فيها السلاسل النرويجية فيما يشبه الفتحة الكبيرة مما يجعلها تتأثر بمناخ الأطلنطي الدافئ، ونجم عن ذلك ما يشبه الواحة الغنية في يمتلاند، تمتلئ ببحيرات هادئة وزراعة نشطة وسط محيط هائل من الغابات الرطبة والهضاب الجرداء المتجمدة.

وباستثناء حوض يمتلاند هذا وسلسلة الاستقرار المدني على السهل الساحلي، فإن معظم بقاع نورلاند كانت لا تزال على طبيعتها الغابية القليلة الاستغلال لغير أغراض الخشب حتى منتصف القرن الماضي حينما اكتشفت على أنها احتياطي السويد أرضًا وموارد، وأخذ الناس يتكلمون عن إمكاناتها غير النهائية كما كان الأمريكيون يتكلمون عن الغرب الأمريكي.

وفي بداية الاستغلال كان الخشب الدافع الأول الذي دفع بحدود نورلاند الطبيعية من الساحل إلى الداخل: الخشب لأغراض الورق والبناء والفحم النباتي، وتحولت مدينة سندسفال إلى مركز مهم للصناعات الكيميائية، ثم جاء دور الطاقة بعد بناء سد بوريوس Projus وغيره على نهر لول ألف غربي جليفار مما أعطى المنطقة طاقة رخيصة، وبدأ خط حديدي جديد يتقدم شمالًا حتى وصل إلى لوليا وجيلفار عام ١٨٨٧ وفتح بذلك الطريق أمام استغلال حديد نوربوتن ولابلند السويدية، ونوربوتن منطقة دون القطبية معظمها هضبي عالٍ ونباتاته قليلة من فصائل التندرا وتجمعات من البتولا القزمية، وهذه المنطقة عاش فيها عدد قليل من اللاب مع قطعانهم من الرنة على المراعي الفقيرة، وفي المنطقة توجد عدة تلال ترتفع فوق السطح الهضبي المنبسط، وتحتوي على خام حديد ممتاز (٦٠–٧٠٪ معدن)، وعاق استغلالها نسبة الفسفور فيها حتى عام ١٨٨٠ حينما اكتشفت طرائق جديدة للاستغلال، ثم تقدم خط حديد لوليا جيلفار شمالًا إلى منطقة الحديد الغنية في كيرونا، ثم ربط المنطقة كلها بالأطلنطي عند ميناء نارفيك النرويجي الخالي من الجليد طوال العام، وتصدر الآن عدة ملايين من أطنان هذه الخامة الجيدة إلى مصاهر أوروبا وأمريكا، كما بنت السويد مصنعًا للحديد والصلب في لوليا تحت إدارة الدولة، وسوف يقلل هذا المصنع استخدام الكوك ويحل محله الطاقة الكهربائية، وقد أدى التصنيع والتعدين إلى نشوء بعض الزراعات الغذائية أهمها البطاطس والخضروات خلال الصيف القصير.

وتقع كيرونا (٢٠٠٠٠ شخص) في قلب نوربوتن وهي أهم مدن تعدين الحديد، وبالرغم من بعدها الشديد إلى الشمال بالنسبة لمناجم أوروبا فإنها مدينة تنمو بسرعة من مضرب خيام لأبي صغير في بداية هذا القرن إلى مدينة حديثة جديدة تقع على منحدر يواجه تلين هما كيرونافارا ولوسافارا اللذان يبدوان كما لو كانا مرتفعين صناعيين نتيجة العمل الإنساني المستمر الذي جعل القمة مسطحة، وأقام عشرات المدرجات على السفوح، وبنى منخفضًا واسعًا مسطحًا ما زال يتسع نتيجة تفجيرات الديناميت المستمرة والحفارات الميكانيكية الضخمة، ويستمر العمل ليل نهار تحت أضواء كاشفة مستمرة تحيل كل ساعات اليوم إلى نهار ساطع الضوء، ومن أول أكتوبر إلى أبريل يكون الجو قاسيًا قارسَ البرد مع موجات رياح لاذعة، ولكن العمل يستمر في المناجم لتحميل القطارات الطويلة المتجهة إلى لوليا ونارفك، أما جيلفار فإنها تمثل منطقة استغلال أقدم، وتقع على الخط الحديدي ذاته، وكذلك بودن — بالقرب من لوليا، فهي مركز تعدين ومقر القيادة العسكرية الشمالية.

وفي كيرونا تناقض شديد بين الحضارة الحديثة وحضارة اللاب البدائية، ولكن التأقلم اللابي يسير في هدوء ودون قفزات إلى الحضارة الصناعية، وبما أن المعدن وفير فإن الرخاء الحالي في كيرونا قد يستمر فترة طويلة، فالمقدر أن احتياطي حديد نوربوتن يعادل ملياري طن.

وفي نورلاند معادن أخرى غير الحديد، فالنحاس قد عدن قرب جيلفار، وفي إقليم اللاب الجنوبي معادن أخرى كالنحاس والذهب والفضة في منطقة بوليدن، كذلك فإن وجود المساقط المائية بكثرة يفتح آفاق الصناعات الكهرومعدنية والكهروكيمائية، وعلى هذا فإن الخامات المعدنية والأخشاب هي الثروة الرئيسية لنورلاند الجديدة، أما الزراعة فما زالت قليلة برغم الاعتناء بالمزارع الموجودة حاليًّا، ولهذا فإن نورلاند تستورد الأغذية وتصدر ملايين الأطنان من الخامات، وعاصمة نوربوتن هي لوليا (٢٩٥٠٠ شخص) وبها كما قلنا مصنع الصلب، أما سكان نورلاند فيبلغون ٢٦٠ ألفًا، وأهم المدن الأخرى في نورلاند هي مدينة سندسفال (٢٩٠٠٠ شخص) عاصمة الصناعات المرتبطة بالأخشاب.

(٨-٢) وسط السويد أو إقليم البحيرات

عند مصب دال ألف تبدأ أولى المدن السويدية القديمة «جيفليه Gâvle» (٥٣ ألف شخص) وهي تقع عند نقطة التقاء نورلاند بوسط السويد، وعمر المدينة وتنوع صناعاتها وعدد سكانها ومساحتها يؤكد أنها تقع ضمن السويد الوسطى، وإلى الجنوب منها تبدأ المظاهر العامة الحضارية في التغير وكذلك المظاهر الطبيعية، فهناك تنوع كبير من الأشجار، ومساحات كبيرة مجتثة من الغابة لأجل الزراعة، ولكن التمييز الواضح بين نورلاند ووسط السويد حضاري: درجة فعالية الإنسان في المظهر الطبيعي ونوع المدن وعمرها، وتتميز وسط السويد بأنهار سريعة ومنحدرات وبحيرات كثيرة، والتربة مختلفة عن نورلاند: فالتربة التحتية متنوعة، وهناك عدد من المنخفضات التكتونية بينها بعض الهورست وخطوط الركامات الجليدية مما يضاعف تغير المنظر، والغابات منتشرة في مناطق التربة الفقيرة الصخرية أو الرملية، بينما تزرع الأرض ذات التربة الطينية أو اللومية، والمناخ الدافئ نسبيًّا يسمح بزراعة شيء من القمح ونباتات العلف، والماشية أحد مصادر الثروة الرئيسية، وإلى بضعة قرون خلت كانت الضريبة هنا تدفع في شكل رءوس ماشية.

وأهم من المظهر الريفي المختلف في وسط السويد هو الشبكة الكثيفة من المدن الصناعية، ومنذ فترة طويلة يتميز وسط السويد باقتصاد متنوع مشترك من الزراعة إلى تربية الحيوان إلى الصناعة الحرفية، واليوم تسيطر المدينة الصناعية على المظهر العام للإقليم، وأدت الحرفية القديمة إلى إنتاج سلع صناعية ذات جودة عالية، تقتضي وجود مهارة عالية في العمالة، وهذه المنطقة هي التي أعطت الصناعات السويدية الشهرة الطيبة التي تتمتع بها في أرجاء العالم.

وقاعدة هذه الصناعات هي الأخشاب والحديد، كما في نورلاند، ولكنهما قد استغلا منذ فترة طويلة، وفي أبسالا — العاصمة القديمة لسفيا والتي بنيت من جديد بعد احتراقها أوائل ق ١٨ شبكة طرق تنبعث منها منذ القرن الخامس عشر في كل اتجاه، وتحتوي الآن على صناعات قليلة — الدراجات والورق، وعلى سوق إقليمية، ويبلغ عدد سكانها خمسة وسبعون ألف شخص.

وفي منتصف المسافة بين منطقة أبسالا والحدود النرويجية توجد المنطقة المركزية للصناعة السويدية: برجسلاجن، وقد ظهر هذا الاسم في القرون الوسطى لوصف نوع من عمليات تنظيم التعدين أصدره الملك، ويتميز هذا التنظيم الاستغلالي بنوع من الاستقلال الذاتي والحقوق وبامتلاك المناجم ومساحات من الغابات فيما حولها، وكانت كل برجسلاجن عبارة عن جماعة اقتصادية ذات كفاية ذاتية: أرض زراعية وفلاحون يقدمون الغذاء، وعمال مناجم وحرفيون يصنعون الحديد ويقومون بعمليات النقل داخل إقليمهم، وفي القرن السابع عشر كان هناك خمسة عشر برجسلاجن معظمها شمال أبسالا، ثم زحف هذا النظام غربًا إلى أن أصبحت المنطقة شمال البحيرات الوسطى تعرف الآن باسم برجسلاجن دون أن يكون لهذا الاسم المضمون التنظيمي القديم الذي تطور إلى النظم الصناعية الحديثة.

هذا؛ ويوجد في هذه المنطقة عدد من الخامات المعدنية ذات النسبة العالية من المعدن، كالحديد والمنجنيز والرصاص وغير ذلك مما سبقت الإشارة إليه، وإلى جانب ذلك فإن الغابات الصنوبرية الشاسعة في الإقليم تشكل منذ القدم خامة لا تنضب للصناعات الخشبية والورقية، أما الطاقة فلها مصدران: الفحم النباتي قديمًا — وهو لا يزال يستخدم لإنتاج أنواع ممتازة من الحديد والصلب، والطاقة المولدة حديثًا من المساقط المائية المتعددة، وبذلك فإن الصناعة في إقليم برجسلاجن قد ارتكزت، قديمًا وحديثًا، على خلفية طيبة من الخامات المتعددة الوفيرة، ومصادر الطاقة الجيدة، أضيفت إليها المهارة البشرية الناجمة عن الخبرة الطويلة، والملاحظ أن الصناعات المعدنية تميل إلى التركيز في القسم الشرقي من برجسلاجن، بينما تتوطن الصناعة المرتبطة بالأخشاب والورق في قسمه الغربي.

fig22
خريطة رقم (٢٢): (١) منطقة برجسلاجن. (٢) منطقة ڤستراس — صناعات هندسية. (٣) منطقة استوكهولم الصناعية المتنوعة. (٤) منطقة إسكلتونا — صناعات هندسية. (٥) منطقة أوريبرو الصناعية. (٦) منطقة جوتالاند الشرقية — مناطق نوركوبنج ولنكوبنج الصناعية. (٧) منطقة بوراس — صناعات نسيج. (٨) منطقة جوتبورج-جوتا ألف الصناعية. (٩) منطقة سمالاند — صناعات الزجاج. (١٠) منطقة سكانيا الغربية — صناعات متنوعة.
وحينما نصل إلى البحيرات الكبرى نصل أيضًا إلى المدن الكبيرة ذات الصناعات المتعددة، أما البحيرات الكبرى الثلاث فهي: مالرن Malaren عبارة عن فيورد شرقي غربي يتصل بالبلطيق عبر مضيق صغير نشأت عليه استوكهولم، أما بحيرة فيترن فتقع إلى الجنوب الغربي من مالرن، وهي عبارة عن انكسار طولي محوره شمالي جنوبي، ثم بحيرة فينرن تقع في الغرب وهي أكبر البحيرات الثلاث، وحدود هذه البحيرات الجنوبية واضحة بواسطة خط ركام جليدي، وتربط عدة أنهار هذه البحيرات معًا، وهناك طريق ملاحي داخلي يسمى «قناة جوتا» يمر وسط السويد من جوتبورج على الساحل الغربي إلى نوركوبنج على الساحل الشرقي مارًّا ببحيرتي فينرن وفيترن، والأرض في هذا الإقليم زراعية خصبة على وجه العموم ولكن النمو الصناعي قد غطى على الاقتصاد الزراعي مما أدى إلى انكماش مدن زراعية كانت في الماضي مدنًا كبرى.
وتظهر حول بحيرة مالرن عدة صناعات: ففي كوبنج تتركز الصناعات الميكانيكية، وفي فستراس نشأت الصناعات الكهروهندسية، وفيها مقر شركة ASEA العالمية لصناعة التوربينات والآلات الكهربائية والمحولات وغير ذلك، وفي اسكلزتونا كانت توجد مصانع السلاح السويدية القديمة منذ منتصف القرن السابع عشر، لكنها الآن المركز الرئيسي لصناعة الملاعق والسكاكين والشوك، مماثلة بذلك شفيلد الإنجليزية وسولنجن الألمانية، وقد انتقلت مراكز صناعة الأسلحة — بعد تغيرها إلى الأسلحة النارية — إلى المنطقة الواقعة حول مدينة بوفورس — تنطق أحيانًا بفرز، حيث تنتج بنادق معروفة بهذا الاسم، إلى جانب المدافع والمدافع المضادة للطائرات والدبابات والذخيرة، وتشاركها في ذلك مدينة كارلزكوجا القريبة منها، والتي أنشئت في ١٩١١ ونمت بسرعة كبيرة منذ ذلك التاريخ.

وعلى الطرف الغربي من بحيرة هيلمارن — أصغر البحيرات الرئيسية في وسط السويد، تقع مدينة أوريبرو، التي يبلغ سكانها نحو ٧٥ ألفًا، وهي من أقدم المدن في المنطقة الوسطى، وتعد هذه المدينة مركزًا لصناعة الورق والأحذية والورشة الأولى لإصلاح السكك الحديدية في السويد، وفي غربي بحيرة فينرن توجد عدة مدن منها كريستينهاجن لصناعة التوربينات وكارلشتاد للورق ومنتجات خشبية أخرى، وفيما بين البلطيق وبحيرة فيترن توجد أيضًا عدة مدن قديمة ارتبطت في نشأتها بمراكز الديانة قبل أن تتحول السويد إلى اللوترية منها لينكوبنج، وأهمها الآن نوركوبنج على فيورد بلطي — ٩٠ ألفًا، وهي المركز الرئيسي للمنسوجات القطنية والصوفية بالإضافة إلى الورق، كما أنها نهاية قناة جوتا على البلطيق.

وبرغم النمو الكبير للسكان في مجموعة مدن وسط السويد بين ١٩٣٠–١٩٤٥ بمقدار تراوح بين ٥٠٪ و٢٥٪ إلا أن هذا النمو قد انتابه البطء، وذلك نتيجة نمو استوكهولم أيضًا.

وقد نشأت استوكهولم عام ١٢٧٣ على المدخل الشرقي لبحيرة مالرن، كحصن يحمي الداخل من هجمات القراصنة، وقد نشأت المدينة القديمة والقصر الملكي في جزيرة شتادن وسط نهر Norstrom وهو عبارة عن وصلة بين البحيرة والبلطيق، ومستوى الماء متذبذب؛ لأنه يعتمد على كمية المياه التي تأتي بها الأنهار إلى بحيرة مالرن، وفي خلال الربيع ومع ذوبان الجليد قد يغرق الفيضان وسط المدينة، ولكن في خلال فترة الجفاف فإن مستوى البحيرة ينخفض، مما يؤدي إلى انعكاس مسار الماء في نور شتروم، فيصبح من البحر إلى البحيرة، وبرغم وجود محطمات الجليد التي تعمل على فتح الميناء طول الشتاء للملاحة، إلا أن استوكهولم ليست كما كانت في الماضي من حيث التجارة والنشاط الملاحي، وقد نمى سكان المدينة من ١٦ ألفًا عام ١٩٣٥ إلى ٩٣ ألفًا عام ١٨٥٠، ثم إلى نحو ثلث مليون في أول هذا القرن، وقد بلغ عدد السكان ٨٠٥ آلاف عام ١٩٥٩، وتقترب الآن من المليون.
وقد امتدت رقعة استوكهولم إلى مناطق حديثة جدًّا بعضها عمائر عالية وبعضها فيلات مريحة ذات حدائق واسعة، وهي في مجموعها مدينة عليها مظهر الرخاء وفيها الكثير من المباني التي تذكر بتاريخ مجيد، وحتى عام ١٨٥٠ هيأ الملوك لاستوكهولم سبيل التقدم بتركيز تجارة برجسلاجن ونورلاند فيها وأصبحت استوكهولم بذلك عاصمة التجارة في المحيط البلطي، وبرغم انتقال غالبية التجارة السويدية إلى ميناء جوتبورج إلا أن استوكهولم ما زالت تتحكم في الأعمال المالية والسياسية للدولة بالإضافة إلى نمو الثقافة والروح الأكاديمية وتركزها في العاصمة، كذلك بنيت حول استوكهولم عدة صناعات دقيقة ومعقدة مثل التليفونات والسينما ومواقد الكيروسين والأجهزة الكهربائية، وغير ذلك مما جعل استوكهولم تقع وسط محيط صناعي جديد، وأصبحت المنطقة تضم أكثر من مليون ونصف مليون شخص نتيجة نشوء عدة مدن وضواحٍ حول العاصمة معتمدة تمامًا على المدينة الرئيسية وإن كانت منفصلة إداريًّا عنها، وتضم استوكهولم وإقليمها سكان السويد، ونظرًا للنفوذ العمراني للمدينة فإن المدن الكبيرة تظهر على بعد معقول منها.

(٨-٣) الإقليم الجنوبي

أما القسم الجنوبي من السويد جنوب البحيرات الوسطى فإنه يتمتع بمناخ أكثر دفئًا نتيجة وقوعه على ساحل متصل ببحر الشمال، مما يؤدي لظهور أثر تيار الخليج، وفي هذا القسم أغنى إقليمين زراعيين في السويد وهما: Vester Gotland في الشمال الغربي وسكانيا Scania في الجنوب، وفيما بينهما يظهر إقليم سمالاند Smaland مقفرًا، والقسم الشمالي مكون النايس يحيطه من الشرق البحيرات والغرب خليج سكاجراك، وفيه تظهر تربة خصبة نتيجة التراكم فيما بعد الجليد، وكان هذا أحد مناطق السويد الأكثر ازدحامًا بالسكان، والحرفة الأساسية هي تربية الماشية وزراعة مواد غذائية من بنجر ولفت وشعير وشوفان، ومنتجات الألبان مهمة بالنسبة للسويد في هذه المنطقة، والمدن صغيرة وريفية الطابع مثل سكارا وفالكوبنج ومعظمها قرى كبيرة، أما مدينة «تيداهولم» ففيها مصانع سيارات وكبريت، وفي بوراس مناسج، وقرب اتصال قناة جوتا وبحيرة فينرن مساقط كبيرة أقيم عليها سد يولد ٢٥٠ ألف حصان عند ترولهاتن — ٣١ ألفًا، وتستهلك الطاقة في صناعات القاطرات والمخصبات والورق والأحذية والبلاستيك والكبريت.

ويحتل إقليم سمالاند وسط الجنوب وهو معروف بفقره، تربته غير جيدة وجوه بارد ملبد بالغيوم وغاباته قليلة، ومعظمه مغطى بالحشائش والبطائح، وكان العسل ونوع من الخشب من أهم صادرات سمالاند إلى أن أقيم به مصنع للزجاج في القرن الثامن عشر، ومنذ ذلك الوقت أصبح الزجاج السويدي الفاخر يأتي من رمال هذه المقاطعة، وانتشرت صناعة الزجاج إلى سواحل البلطيق حيث التربة أحسن، ومدينة كالمار تشتهر بوقوعها في منطقة ذات تربة جيدة تنتج البنجر وتتاجر مع الجزر المجاورة أولاند وجوتلاند، وفي الجنوب ميناء كارلسكرونا الطبيعي الجيد الذي أصبح قاعدة بحرية مهمة، وشواطئ جزيرتي أولاند وجوتلاند صخرية جيرية وتربة أولاند أحسن وتُربى فيها الماشية، أما في جوتلاند فالأغنام هي أهم الحيوانات، ولجوتلاند أهمية تاريخية، وقد كان ميناؤها «فسبي» إحدى مدن الهانزا الهامة نتيجة لأن الفضة كانت تنتج فيها بكثرة في الماضي، ولكنها الآن مدينة ساحلية زراعية هادئة وكل ما بقي من أمجادها كنائسها القوطية الطراز وأسوارها الضخمة.

وقد انتقل نشاط مناطق السويد الجنوبية إلى سواحل سكاجراك وكاتجات، بعد تحريرها من الدنمارك في القرن ١٧، وتاريخ المنطقة البحري قديم، وإلى اليوم ما زالت هناك عدة مدن ساحلية صغيرة تعيش على صيد الأسماك، وفي منتصف هذا الساحل وعلى مصب جوتا ألف القادم من بحيرة فينرن أنشأ الملك جوستاف أدولف عام ١٦١٨ ميناء جوتبورج أو جوتنبورج التي أصبحت الآن الميناء الأول للسويد، وتوجد فيها الآن عدة هيئات ملاحية كبيرة — بناء سفن وشركات ملاحية عديدة، وعدد السكان قرابة أربعمائة ألف لا يعيش معظمهم على البحر، بل هناك صناعات كهربائية ومناسج وصناعة آلات النسيج، ومن المدينة وفي اتجاه الداخل عدة مدن صغيرة كلها صناعية (أغذية – نسيج – كيمائيات).

وإلى الجنوب عند ميناء هالمشتات الصغيرة (٣٦ ألفًا) تبدأ سكانيا، وهي شبه جزيرة صغيرة لها أهمية كبرى، سكانها قرابة مليون، وتمتد جنوبًا صوب الدنمارك كما لو كانت معبرًا إلى أوروبا، تربتها خصبة ومناخها أحسن ما في السويد من حيث درجة العرض والتأثير البحري، كل هذا جعل سكانيا منطقة إنتاج الحبوب بالنسبة للسويد، والزراعة هنا مشابهة للدنمارك، والدورة الزراعية تشترك فيها زراعة القمح وبنجر السكر والعلف مع استخدام كثير للمخصبات، وتوجه الزراعة أيضًا إلى الإنتاج الحيواني والألبان والدواجن، وفي سكانيا نحو ٢٤٠٠٠ مزرعة معظمها ملكيات أكثر من خمسين فدانًا، والمنطقة الجنوبية الغربية المواجهة للدنمارك أخصب وأغنى نتيجة التربة الجيدة ونتيجة العلاقات التجارية والصناعة، وأكبر المدن مالمو ثالث مدن السويد عمرها يعود إلى القرن ١٦، وقد تحطمت ودمرت في سنة ١٧٢٠ وتقهقر عدد سكانها إلى ٢١٣٦ شخصًا ثم ارتفع الآن إلى ٢٢٥ ألفًا، وإلى الشمال منها هالسنجبورج (٧٦ ألفًا) وفيها معدية مثل مالمو تربط السويد مع الدنمارك، ومعامل السكر والدقيق والمخصبات والآلات الزراعية، وفي مالمو يبدأ الخط الحديدي والطريق البري بين استوكهولم والقارة الأوروبية، وبقربها حقل فحم صغير، وفيها صناعة الأسمنت والزيوت الغذائية والصابون والبيرة وبناء السفن، ولهذا فالمنطقة كلها كثيفة السكان جدًّا ولا يفوقها سوى منطقة استوكهولم، وإلى جوار مالمو مدينة لوند المركز الديني والجامعي الهام في الوقت الحاضر.

(٩) خلاصة

يتضح من الدراسة الموجزة السابقة كيف أن السويد قد استفادت أكبر الفائدة من ظروفها الخاصة، بل زادت على ذلك بإمكانيات بشرية حضارية عالية أدت بالسويد إلى أن تصبح في مقدمة العالم من نواحٍ كثيرة.

وبالرغم من أن الحزب الحاكم في السويد هو الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يحكم السويد منذ عام ١٩٣٢ حتى الآن، إلا أن السويد في هيكلها الأساسي دولة رأسمالية، فمعظم اليد العاملة في شركات خاصة، ولا يوجد سوى «٥٫٥٪» من كل العمال يعملون في أجهزة الدولة، وبغض النظر عن الشركات الصناعية وقطاع الخدمات، فإن صناعة التعدين فقط هي الصناعة الوحيدة المؤممة في السويد.

وتسيطر خمس عشرة أسرة معروفة على معظم النشاط الاقتصادي في السويد، وأكبر هذه الأسر هي أسرة فالنبرج التي تسيطر على ثلث السوق المالية السويدية، وتحكم مباشرة وبطريقة غير مباشرة تسعًا من الشركات الصناعية في السويد، ومن هذه الشركات شركة SAAB التي تبني السيارات والطائرات وشركة SKF، وشركة إلكترولوكس، وبذلك فإن أسرة فالنبرج تتحكم أيضًا في ثلث حجم الصادرات السويدية، والمركز الرئيسي لأعمال هذه الأسرة هو بنك إنسكليدا في استوكهولم الذي اتحد أخيرًا مع مجموعة بنك سكاندينافسكا ليُكوِّن بذلك إمبراطورية المال في أوروبا الشمالية بدون منازع.
وقد ترتب على شكل النشاط الاقتصادي في السويد ونظم التأمين الاجتماعية أن العمالة في قطاع الخدمات، وأن الأرباح في السويد عامة، أعلى من مثيلها في بلدان أوروبا المتقدمة بالنسبة للفرد، لكن إلى جانب ذلك فإن العبء الضريبي على الأفراد أيضًا أعلى من مثيله بالنسبة لبلاد أوروبا الأخرى، وتوضح المقارنة التالية هذه الصورة توضيحًا لا داعي معه للإطالة:
السويد ألمانيا الغربية
متوسط أجرة العامل الصناعي في الساعة (مارك ألماني) ٨٫٩٢ ٦٫٩٤
العبء الضريبي للفرد في السنة (مارك ألماني) ٣٦٩٦ ١٥٠٢
منه ضريبة الدفاع للفرد في السنة (مارك ألماني) ٥٥٧ ٣٧٨
ميزانية الخدمات الاجتماعية لكل فرد (مارك ألماني) ١٨٦٧ ١٦٧٤
منها بالنسبة لكبار السن (مارك ألماني) ٦٣٨ ٥١٦
عدد السيارات الخاصة لكل ألف من السكان ٢٨١ ٢٢٠

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤