رابعًا: نقد ابن رشد

(١) ثلاثية فصل المقال، مناهج الأدلة، تهافُت التهافت

تُمثل ثلاثية ابن رشد النظرية «فصل المقال»، و«مناهج الأدلة»، و«تهافت التهافت» وِحدة واحدة.١ «فصل المقال» يضع النظرية، اتِّفاق الحكمة والشريعة، و«مناهج الأدلة» يكشف عن سوء استعمال الحكمة للدفاع عن الشريعة كما فعلت الأشعرية، و«تهافت التهافت» سوء فهم الشريعة لهدم الحكمة كما فعل الغزالي. وقد قام الفارابي من قبل في ثلاثية «تحصيل السعادة» بوضع أسس الفلسفة الشاملة ثم «فلسفة أفلاطون» لبيان اتِّفاقها مع فلسفة أرسطو ثم «فلسفة أرسطو» لبيان اتِّفاقها مع فلسفة أفلاطون.٢ «فصل المقال» النظرية و«مناهج الأدلة» تطبيقها في علم الكلام نقدًا له وتحريرًا للشريعة منه، و«تهافت التهافت» تطبيقها في الحكمة وتحريرًا لها من الشريعة. «فصل المقال» الإيجاب، و«مناهج الأدلة» و«تهافت التهافت» السلب المزدوج بصرف النظر عن الترتيب الزماني من سوء تأويل الأشاعرة للشريعة في «مناهج الأدلة» وسوء تأويلهم للحكمة في «تهافت التهافت».
فابن رشد على هذا النحو هو صاحب المشروع الفلسفي المتكامل الذي خصَّص لاتفاق الحكمة والشريعة «فصل المقال»، ولنقد علم الكلام «مناهج الأدلة»، وللدفاع عن الفلسفة «تهافت التهافت»، ولاتِّفاق الحكمة الحضارية بين الحضارتين الإسلامية واليونانية في شروحِه وتلاخيصه وجوامعه على أرسطو، وفي رد الفروع إلى الأصول في «بداية المجتهد» والضروري في أصول الفقه.٣

(٢) مناهج الأدلة

وهي المحاولة الأولى في تاريخ علوم الحكمة، بل وفي باقي العلوم العقلية النقلية لنقد علم الكلام نقدًا جذريًّا باسم الفلسفة كما حاول الغزالي القضاء في «تهافت الفلاسفة» على الفلسفة باسم علم الكلام. هي أول محاولة بعد ابن سينا لنقد علم الكلام بقول بُرهاني بعد أن اكتفى الإخوان وأبو حيان بالأقوال الجدلية والخطابية باسم العقل وليس باسم الإشراق. ولأول مرة يتحوَّل النقد الجزئي إلى موضوعات علم الكلام إلى نقدٍ كلي إلى النسق الأشعري برمته دون وضع علم كلام فلسفي أو إشراقي بديل كما فعل ابن سينا أو أبو حيان. فلا بديل عن علم الكلام إلا علوم الحكمة. لم يَرفض الغزالي علم الكلام، بل حرمه على العوام في «إلجام العوام عن علم الكلام». أما ابن رشد فقد نقده للعامة وللخاصة على السواء مركزًا على الأشعرية كما فعل ابن تيمية بعد ذلك مركزًا على المعتزلة والشيعة، القدرية والرافضة. وهو موقف الفقهاء مثل ابن حزم وابن تيمية وابن الصلاح. وقد يكون ابن رشد في «مناهج الأدلة» فقيهًا أكثر منه متكلمًا أو فيلسوفًا. يدلُّ «مناهج الأدلة» على نضج الموضوع، نقد علم الكلام، اعتمادًا على المصادر الأولى، وتحليلًا لبِنيته الداخلية بالرغم من مسائله المتفرِّقة وإظهارًا للرأي الخاص من داخل الموضوع وليس من خارجه، والرد على المتكلمين بطرقهم، جدلًا بجدل، ونظرًا بنظر، ودليلًا بدليل. وإذا كان الكندي قد بدأ يتحوَّل من الكلام إلى الفلسفة في البداية فإن الفارابي يُخلِّص الفلسفة من الكلام في النهاية. وإذا كانت الفلسفة في البداية قد تولَّدت من علم الكلام فإنها في النهاية تقضي على أبيها دفاعًا عن استقلالها. وبين البداية والنهاية، يعرض الفارابي ويُعلم، ويجمع ابن سينا ويؤلف دوائر معارف دون أن يبدو التزام الفلسفة إلا في الرسائل الصغرى.٤
والعنوان نفسه دال لفظًا لفظًا «الكشف عن مناهج الأدلة والتعريف بما وقع فيها من الشُّبه المزيغة والبدع المضلة.» ويعني «الكشف» التوضيح والبيان والإعلان، كما يعني «التعريف» الإعلان والإخبار. فابن رشد يُوضِّح ويبين وينبه ويحذر، ولا يضع ويجمع مثل ابن سينا. ويعني تعبير «مناهج الأدلة» طرق الاستِدلال والنظر، و«عقائد الملة» أي معتقدات الأمة وليست عقائد الله، إيمان مجتمع معين في لحظة تاريخية معينة. فالعقائد تصورات اجتماعية ورُؤى إنسانية من أجل إعادة تأسيس العقائد بطريقة البرهان.٥ وأهم شيء هي العقائد أي التصوُّرات قبل الأفعال والسلوك أو ما يُسمى بلغة العصر الثقافة الشعبية. والسبب في ذلك هو التأويل أي سوء التعامل مع النص. وهو التأويل الذي لم يأذَن به الله ورسوله. فالتأويل أمر شرعي وليس موقفًا كلاميًّا. والنتيجة وقوع الشبه المزيغة والبدع المضلَّة. فالشبهة نظريًّا أخف من البدعة، تُؤدِّي إلى الزيغ. أما البدعة فعمليًّا تؤدي إلى الضلال. الشبه للمُعتزلة والبدع للأشعرية.
وتدور المعركة في جو القديم، انتصارًا للفلسفة ضد الكلام والتصوف. ويظهر التضاد بين الكلام والحكمة. فبالرغم من خروج الحكمة من الكلام في البداية كما هو الحال عند الكندي إلا أنهما أصبحا في النهاية متضادَّين، لكل منهما طريقة في النظر، الجدل أو البرهان. ينقد ابن رشد علم الكلام دفاعًا عن الإسلام وانتصارًا له باسم الحكمة. «فمناهج الأدلة» كتاب ملتزم، له موقف واتجاه. يدرس علم الكلام بفلسفة في التاريخ والحضارة واضعًا إياه في نشأته وتطوره التاريخي. فهو علم تاريخي وليس علمًا مقدسًا كما عرض محمد عبده في مقدمة «رسالة التوحيد».٦
ويتحدَّث ابن رشد عن «المتكلمين من أهل ملتنا»؛ أي إنها طائفة من الداخل وليست من الخارج تُمثل موقفًا من العقائد، من تراث الأمة وثقافتها. وأحيانًا يتحدث عن المتكلمين عامة ويقصد الأشعرية خاصة. وأحيانًا يجمع بين العام والخاص في «المتكلمين من الأشعرية». ولما كانوا فرقة في التاريخ انقسموا إلى متقدمين ومتأخِّرين. وأحيانًا يستعمل ابن رشد اسم العلم، علم الكلام، صناعة الكلام، تجريدًا له عن أصحابه بعد أن أصبح نمطًا فكريًّا أو قولًا جدليًّا مُستقلًّا عن التاريخ. ويُستعمَل لفظ المتكلمين أكثر من لفظ الكلام علمًا أو صناعة للدلالة على أنهم فرقة أكثر منهم علمًا، جماعة أكثر منهم أصلًا. أما الفرق، المعتزلة أو الأشعرية فإنها تُمثِّل تيارًا فكريًّا أو اختيارً نظريًّا. ويستعمل ألفاظ الحكماء والقدماء والفلاسفة بمعنى واحد، لا فرق بين وافد وموروث. والحكماء مثل المتكلمين قدماء ومحدثين. وقدماء الفلاسفة هم محدثو الحكماء، لفظ وافد ولفظ موروث. وتُوضَع الفرق الكلامية داخل الفرق الإسلامية كلها، الحكماء أولًا والصوفية ثانيًا مما يدلُّ على قرب الكلام من الحكمة أكثر من التصوف. لذلك يضم الكلام إلى الحكمة مرة واحدة.٧
وأشهر طوائف المتكلمين في زمان ابن رشد أربعة: الأشعرية وهم عند أكثر الناس أهل السُّنة، فرقة السلطة واختيار الدولة، والمعتزلة والباطنية والحشوية.٨ ويَسخر ابن رشد منها كلها؛ إذ إنه يُطلق على كل منها «التي تُسمى». وهي الفرق المشهورة التي يعرض ابن رشد لها. وهي مناهج أكثر منها فرق. فالحشوية منهج في البراهين على وجود الله أو في غيرها. وقد أطال ابن رشد في الأشعرية وكأنها هي الفرقة في حين أن الحشوية والمعتزلة تقريبًا لا يُمثلان شيئًا.٩ ولم يذكر الباطنية لأن ليس لها أدلة نظرًا لأنها منهج ذوقي وربما لاعتمادها على منهج الأشعرية. يعرض ابن رشد أسماء الفرق والتيارات، كاتجاهات دون أماكن أو أشخاص أو تواريخ. فما يهمُّ هو تحليل الخطاب الكلامي واكتشاف بِنْيته. وتصنيف الطوائف تصنيفًا بنيويًّا. الأشاعرة ضد المعتزلة، والحشوية ضد الباطنية. والكل بمعيار التأويل، سوء التأويل أو حسنه بين الأشاعرة والمعتزلة، وظاهر التأويل وباطنه بين الحشوية والباطنية. فالأشاعرة حشوية المعتزلة، والمعتزلة باطنية الحشوية، والحشوية أشعرية المعتزلة، والباطنية معتزلة الأشاعرة. والهجوم على الأشعرية له الأولوية على الهجوم على المتكلِّمين عامة أو المعتزلة خاصة. لذلك يقصر تردُّد لفظ الأشعرية بعد أن أصبح تيارًا يتجاوز شخص الأشعري، فيتحول شخص بمفرده إلى سلطة. ولهم قدماء ومُحدثون أي إنهم تيار متطور في التاريخ وأحيانًا يتوحَّد مع أهل السنة؛ أي الاستئثار بالحق كله مع أن أهل السنة تعبير في مقابل الشيعة. ويضمُّ المعتزلة والخوارج والمرجئة وغيرهم من فِرَق أهل السنة، الفرقة الناجية. وقد استقرَّت هذه التسميات قبل ابن رشد، ولكن ظل سلاح الألقاب مشهورًا، أهل السنة والاستقامة والحديث، فرقة السلطة. وهو معنى مدحي. المعتزلة الذين اعتزلوا وفارقوا الجماعة، معنى قدحي، والأشعرية نسبة للأشعري، واشتقاقًا من الفرد وليس من الجماعة أشاعرة. والحشوية من الذين يضعون المادة في الصفات. والصوفية الذين يَلبسون الصوف أو يُصفون القلب. تُعطي الفرقة التي تُؤرخ الاسم المدحي لنفسها والاسم القدحي لخصومها. ودخلت الفرق غير الإسلامية ضمن الفرق الكلامية، النصارى ثم اليهود والبراهمة.
ويهاجم ابن رشد الغزالي بشخصه. فهو أشعري مع الأشاعرة، وصوفي مع الصوفية، وفيلسوف مع الفلاسفة. وهو ليس نقدًا لأن رسالة المفكر الإسلامي أن يعمل في كل العلوم، الكلام والفلسفة والتصوف. هو أصولي مع الأصوليين في «المُستصفى»، متكلم مع المتكلمين في «الاقتصاد»، فيلسوف مع الفلاسفة في «مقاصد الفلاسفة»، صوفي مع الصوفية في «الإحياء». وابن رشد كذلك، متكلِّم مع المتكلِّمين في «المناهج»، وفيلسوف مع الفلاسفة في «التهافت» و«فصل المقال»، وفقيه مع الفقهاء في «البداية» وطبيب مع الأطباء في «الكليات». وقد جاء أبو حامد بعد الخوارج ثم المعتزلة ثم الأشعرية ثم الصوفية فطم الوادي على القرى؛ أي إنه هدم كل شيء تم بناؤه من قبل.١٠

وقد نشأت الفرق من التأويل ظاهرًا أو باطنًا. وكلها اعتقدت في الله اعتقادات مختلفة، وحرَّفت كثيرًا من ألفاظ الشرع عن ظاهرها إلى تأويلات تأييدًا لهذه الاعتقادات. وزعمت أنها الشريعة الأولى التي قصد بها جميع الناس. وأن مَن زاغ عنها فهو كافر أو مُبتدع. وكلها أقاويل محدثة، وتأويلات مبتدعة إذا ما قورنت بمقاصد الشرع. ويَنتهي ابن رشد إلى أنها كلها طوائف وليست فرقًا. والطائفة لفظ قدحي، يدلُّ على جماعة مذهبية مغلقة. تختلف في الاعتقادات في الله، وتحرف ألفاظ الشرع، وتخرجها عن ظاهرها، وأسقطوا هذه التأويلات على الاعتقادات، فالاعتقادات تأتي من الذات لا من الموضوع، من المتكلم لا من النص. وتُكفر المخالف كما يكفرها المخالف. وينتهي الأمر إلى تكفير الكل والوقوع في الضلال. بل تقع الحروب فيما بينها وتسفك الدماء. الفرق اضطراب وتشويش وخلط وكأن الحضارة زيغ، والتاريخ مسار من الوحدة إلى التفرُّق، ومن الهدى إلى الضلال. وهو موقف الفقهاء بوجه عام الذين يقومون بدور التطهير الحضاري بين الحين والآخر إذا ما طغى العقل على النقل، والوافد على الموروث، وتعدَّدت الرؤى، وتكافأت الأدلة، كما فعل أحمد بن حنبل والغزالي وابن تيمية والحركة السلفية بوجه عام. وهذا كله خروج عن مقاصد الشرع وعرفهم لمقاصد الشريعة، وهو ما أكَّده الشاطبي بعد ذلك أيضًا ودرءًا للمخاطر الخارجية قبل سقوط غرناطة آخر مدينة أندلسية بعده بنحو خمسين عامًا.

اختلف المتكلمون في المُؤول وغير المُؤول. فالأشعريون يتأوَّلون آية الاستواء وحديث النزول. وإذا لم يستطيعوا، أشاعرة ومعتزلة، فهم الأمثال بعلم بعيد فإنهم يقعون في التشبيه. فالأفضل لهم عدم التأويل. وهذا في الحقيقة ليس نقدًا للأشاعرة بل مدحًا لهم حرصًا على التنزيه ودرءًا لمخاطر التشبيه. لذلك يضع ابن رشد في الخاتمة قانون التأويل.١١

وقد تجاوَز الخوارج ثمَّ المعتزلة ثمَّ الأشعرية ثم الصوفية موضوع التأويل، وخرجوا على التأويل الشرعي. ولا يذكر ابن رشد مثالًا لتأويل الخوارج. وربما كان يقصد تأويل «لا حكم إلا لله». وأحيانًا تكون المقارنة بين الفرقتين الكبيرتين، الأشعرية والمعتزلة، في ممارسة التأويل. لقد نشأت فرق الإسلام بسبب التأويلات والظنون بأنَّ على الشرع أن يصرح بها وكفرت وبدعت بعضها بعضًا.

لقد بلغت القوة النظرية لبعض المتكلمين القوة الجدلية كما هو واضِح من بعض تأويلات الأشعرية والمعتزلة، وبالرغم من أن الأشاعرة أقل تأويلًا من المعتزلة يقع اللوم على الأشعرية بعد أن أصبحت التيار الغالب فأوقعت الناس في التباغض والحروب، وفرقت الشرع والناس كل تفريق. وكفرت كل من لم يعرف الباري بالطرق التي وضعوها في كتبهم وهم، عند ابن رشد، الكافرُون الضالون بالحقيقة، تكفيرًا بتكفير، واستبعادًا باستبعاد، لا فرق بين الأشاعرة وابن رشد. فالكلام تشغيب في مقابل التقليد. وكلاهما ضد النظر. وقد دعا الله الجمهور إلى معرفته عن طريق وسط يرتفع به عن حضيض المقلِّدين. والاعتياد على هذه الأقاويل منذ الصبا هو الذي جعل طرق الأشعرية تنتشر بين الناس، وسبب الانخلاع من المعقولات.١٢
يخرج المتكلمون على ظاهر الشرع. ويتأوَّلون كما يفعلون في قولهم في العالم فإنه ليس في الشرع أن الله كان موجودًا مع العدم المحض ولا يوجد حتى فيه. هنا يبدو ابن رشد ظاهري النزعة يرفض تأويل المتكلمين مع أنه يُمارس التأويل ويضع فيه قانونًا في نهاية «مناهج الأدلة». هو موقف فقهي؛ إذ لا يُعقد إجماع على تأويل، ولا يُتصوَّر أن يكون فيه إجماع كما أقر الغزالي بذلك في «فيصل التفرقة». فالمسافة ليست بعيدة بين ابن رشد والغزالي من هذه الناحية.١٣
وكثير من أصول الأشاعرة سوفسطائية، تجحد كثيرًا من الضروريات مثل ثبوت الأعراض، وتأثير الأشياء بعضها في بعض، ووجود الأسباب الضرورية للمُسببات والصور الجوهرية والوسائط وهي طرق ينقصها شرائط البرهان، ولا تفضي بيقينٍ إلى وجود الله. هي طرق لا هي مع الخواص ولا هي مع الجمهور. ليست يقينية خاصة بالعلماء ولا هي من الطرق العامة المشتركة للجميع أي الطرق البسيطة القليلة المقدمات، القريبة النتائج، المعروفة بنفسها. لا تقنع الخاصة، ولا تفهمها العامة كالمنطق عند الفقهاء الذي لا يُفيد الذكي ولا يَنتفع به البليد. يكشف العلماء عورها؛ لأنها غير برهانية وصعبة على الجمهور وبعيدة عن طباعِه. كل براهين الأشاعرة على وجود الله تشغيب وشكوك عويصة لا يتخلَّص منها العلماء المهرة بعلم الحكمة فضلًا عن العامة. ولو كُلف الجمهور بها لكان من باب تكليف ما لا يطاق.١٤
طرق الأشاعرة ليست طرقًا شرعية. لم تردَّ بالنص. وكل متكلِّم يَجتهد رأيه في استنباط الأدلة من الآيات والأحاديث. وليس بأحدها بأولى من الآخر. لم يقصد إليها الشارع في تعليم الجمهور أو نبَّه الله عليها ودعا الناس إلى الإيمان من قبلها. وهناك طرق في الكتاب أفضل منها وهو حكم قاس على الأشعري؛ لأن دليل التمانع مُستقًى من النص مثل دليلي العناية والاختراع عند ابن رشد. ابن رشد هنا نقلي، يرى أن الكتاب مصدر كل برهان. كما أنه يَرفض اجتهاد المتكلمين عامة والأشاعرة خاصة مع أنها اجتهادات تُحاول تنظير الآيات وايجاد أسس عقلية لها. وتتعدَّد الاجتهادات طبقًا لفهم الآيات وقدرات العقل. واجتهادات ابن رشد نفسها، طرق الشرع من الكتاب العزيز، اجتهادات مثل غيرها قد يراها البعض أيضًا كما يرى هو طرُق المتكلمين.١٥

وطرق الأشعرية المشهورة لإثبات وجود الله ليست طرقًا نظرية يقينية ولا شرعية يقينية. لا تتَّفق مع يقين العقل ولا يقين النقل. في حين نبه الكتاب على أدلة وجود الصانع. وقد جمعت بين صفتي اليقين والبساطة. وهي قليلة المقدمات، قريبة النتائج. فائدتها تمرين العقل على الاستدلال وإيجاد التطابق بين العقل والوحي. كما أن طرق العقل التي سلَكها الأشاعرة للتصديق بوجود الله ليست هي الطرق الشرعية التي نبَّه الله عليها، ودعا الناس إلى الإيمان بها. وهنا يبدو ابن رشد فقيهًا. فمن الذي يكتشف هذه الطرق إلا المتكلِّم؟

ومِن ثَمَّ لا بد من الاجتهاد لإخراجها كما تفعل الأشعرية وابن رشد على حد سواء لا فضل لأحدهما على الآخر، ومن طرقهم المشهورة بيان أن العالم حادث، وإثبات الحدوث عن طريق تركيب الأجسام من أجزاء لا تتجزَّأ وطريقتهم في إثبات حدوث الجزء الذي لا يتجزأ وهو الجوهر الفرد طريقة معتاصة، تذهب على كثير من أهل الرياضة في صناعة الجدل فضلًا عن الجمهور. وهي طريقة غير برهانية ولا تُفضي بيقين إلى وجود الباري. كما أن أدلة الأشعرية لإثبات الجزء الذي لا يتجزَّأ أدلة خطبية مثل استدلالهم المشهور بأن الفيل أعظم من النملة؛ لأنَّ أجزاءه أزيد من أجزائها. فهو مؤلف من أجزاء وليس كلًّا واحدًا بسيطًا. إذا فسد الجسم فإنه ينحل إليها، وإذا تركب فإنه يَتركب منها. وهو خلط بين الكم المنفصل والكم المتصل.١٦
والسؤال هو: وهل وجود الله يثبت نظرًا أم يثبت عملًا، بالبراهين العقلية أم بجهاد الفرد ونضال الجماعة والدفاع عن مصالح الأمة وفي قمة ذلك يأتي الشهداء؟ يُمكن نقد الأدلة النظرية كلها، ويبقى الدليل الغائي، الله كفاية للكون تتحقق بجهد الأفراد والجماعات حتى يتحوَّل الوحي لنظام مثالي للعالم.١٧

وأما طرق المعتزلة فلم يعرفها ابن رشد لأنه لم تَصِل إلى الأندلس من كتبهم شيء يمكن معرفة طرقهم منها. لم تصل كتبهم إلى المغرب، وعدمت في المشرق، ولم تبقَ أفكارهم في معظمها إلا من خلال الخصوم، ومُتكلِّمي السلطان. ومع ذلك يحكم ابن رشد بأن تكون طرقهم من جنس طرق الأشعرية وأن تأويلاتهم لآيات كثيرة وأحاديث كلها ظنون صرَّحوا بها للجمهور في حين أن المعتزلة ليست لهم أدلة نظرية على وجود الله ولكن لديهم تصوُّر لله؛ لأنهم لا يأخذون الطبيعة سلمًا لله كما تفعل الأشاعرة وقد بلغ المعتزلة والأشاعرة القوة الجدلية وإن كانت المعتزلة في الأكثر أوثق أقوالًا.

ويأتي ابن رشد بالبديل، معرفة عقائد الشرع التي لا يتمُّ الإيمان إلا بها، وهي مقاصد الشارع اعتمادًا على التأويل الصحيح. غرض مناهج الأدلة البحث عن الظاهر من العقائد التي قصد الشرع حمل الجمهور عليها، وانجرى في ذلك كله مقصد الشارع بحسب الجهد والاستطاعة. ومقياس الظاهر لصحة العقائد تجعل ابن رشد ظاهريًّا للجمهور وباطنيًّا للعلماء. ولا يستعمل ابن رشد لفظ الخاصة في مقابل العامة بل العلماء في مقابل الجمهور. مقصد الكتاب معرفة ظاهر الشرع وليس تأويله. وطرق الكتاب هي الأتمِّ إقناعًا وتصديقًا. أما طرق الأشاعرة والمعتزلة فإنها لا تقبل النصرة بطبعها ولا تتضمَّن التنبيه لأهل الحق على التأويل الحق، ولا هي حق. لهذا أدَّت إلى كثير من البدع. طرق الكتاب أتمُّ إقناعًا. تقبل النصرة بطبعها، وتنبه أهل التأويل على التأويل الحق. ولا توجد عند الأشاعرة ولا المعتزلة ويُمكن معرفتها بحسن استخدام النظر وحسن استخدام التأويل حتى يظهر اتفاق الحكمة والشريعة.

ومنهج ابن رشد منهج عكسي، يقوم على تفهُّم مقاصد الشرع وتأويل النصوص طبقًا لظاهرها. وهو المنهج الأصولي الظاهري. فهم المقاصد أولًا ثم الارتداد منها لتأويل ظاهر الشرع. العلم الغائية تسبق العلة المادية، والقصد الكُلي يسبق التأويل الجزئي والمقاصد هي التي حددها الأصوليون وأبلغها الشاطبي: وضع الشريعة ابتداءً دفاعًا عن الضروريات الخمس: الحياة (النفس)، والعقل، والحقيقة الثابتة (الدين)، والكرامة (العرض)، والثروة (المال). فأصول الفقه هو الأصل الذي يَرتكز عليه أصول الدين. والأصولي هو المتكلِّم وليس المتكلم هو الأصول. أصول الفقه هو الأصل، وأصول الدين الفرع. والأصول الكلية لا خلاف عليها بين الأصوليين. فهي مُستقراة من أحكام الشريعة تطابق العقل والمصلحة. بل إنها أصبحت علمًا مستقلًّا هو علم «الاشباه والنظائر» أو «علم القواعد الفقهية» الذي يضع القواعد والمقدمات العامة للاستدلال بحيث يكون القياس الشرعي صحيحًا ومنتجًا. وأسلوبه أسلوب الفتاوى. يبدأ بسؤال متخيَّل ثم يجيب عنه. وهو الأسلوب القرآني في الآيات التي تبدأ بلفظ «ويسألونك».

ولكن يظلُّ السؤال: ماذا لو اختلف المتكلِّمون في فهم المقاصد وتأويل النصوص؟ ما مقياس الصواب والخطأ؟ تظل كل المحاولات تأويلات ذاتية وتدَّعي كلها الموضوعية في وضع مقاصد الشرع. ولا يُمكن لأصولي فرض فهم معيَّن للعقائد وتأويله الظاهر على الناس وإلا أصبح متكلمًا يجوز عليه نقد المتكلمين. لا يوجد مقياس صوري لصحة العقائد. ولا يوجد مقياس موضوعي لمعرفة مقاصد الشرع ما دام النص أصبح مقروءًا. ولا يُوجد صدق نظري للعقائد. فهي بواعث على السلوك، ونداء إلى العمل، وأقرب إلى الصيرورة التاريخية.

يبحث ابن رشد عن العقل الشرعي أي الطرق الشرعية لفهم الكتاب فهل هذا مُمكن؟ هل توجد طرق شرعية في الكتاب أم إنها متوقفة على قراءة ابن رشد له؟ ولماذا لم يُدركها الأشعرية وهم حريصون عليها حرص ابن رشد، وهم أهل السنة وهو الفقيه؟ وما هي المقاييس الموضوعية لهذه الطرق الشرعية التي لا تتوقَّف على فهم القارئ؟ وما دام هناك قارئ فما هي المقاييس الموضوعة له حتى تخفف من حدَّة الاهواء والمصالح؟

وكل فِرَق الملة تثبت القياس إلا طائفة تُدعى الحشوية سخرية منها. وهم مَحجُوجون بالنصوص. فابن رشد يستعمل منهج النص الذي تقبله الحشوية لنقد موقفهم في رفض النظر والقياس. فعندهم أن الطريق إلى الله السمع لا العقل أي إن الإيمان بوجوده الذي كلف الناس التصديق به. يكفي فيه أن يَتلقى الإنسان من صاحب الشراع ويؤمن به كما يتلقَّى من أحوال المعاد وكل ما لا دخل فيه للعقل. وهو ضلال ظاهر، وتقصير في حق الشرع الذي نصب الأدلة على معرفة الله نصًّا، والإقرار به. كما تظهر في أكثر من آية الدعوة إلى التصديق بوجود الباري بأدلَّة عقلية منصوص عليها. ويعترض الحشوية على العقل بأنه لو كان الإيمان واجبًا بالفعل لدعا إليه النبي الناس. فالإيمان بالسمع لا بالعقل. ولو كانت العرب تَعترف بالباري تعالى فلم الدليل النظري عليه؟ ألا يكون ذلك تحصيل حاصل؟ والحقيقة أنه لا يوجد إنسان بلغ به ضعف العقل وبلادة الذهن لا يفهم الأدلة الشرعية. النص بديهي فطري، يُخاطب الذهن ويتَّجه إلى الشعور كالدليل إن لم يكن أعمق وأحرَّ وأمتن. والحنابلة حشوية أيضًا لأنهم يحملون آية الاستواء وحديث النزول على ظواهرها في حين يُؤَوِّلها الأشاعرة. وقد ذكرها الحنابلة في معرض صفة الجسمية في معرفة التنزيه وإثباتهم لها. والشرع أقرب إلى الإثبات منه إلى النفي. وهي من الصفات المسكوت عنها عند ابن رشد. يوجب الشرع إثبات الجسم مثل اليدين والوجه ولكن على نحوٍ أتمَّ وأكمل في الله عما في الإنسان.١٨

ويتَّهمها ابن رشد بأنها ضالة مع أنها تأخذ بالظاهر ولا تُؤول مثله. والتأويل عمل في الآيات قد يُخطئ وقد يصيب. وقد يكون عمل الآية في النفس أوقع. ابن رشد متكلِّم يَنسى مواقفه الظاهرية الأولى. الفرق بين ابن رشد والحشوية ليس بعيدًا. كلاهما ظاهريان، يرى الدليل النصي في الظاهرية والدليل الباطني في النص عند ابن رشد.

وبالرغم من ذكر الباطنية كفرقة رابعة في الإحصاء الأول إلا أنه يشار إليهم كصوفية وكأن الباطنية صوفية، والصوفية باطنية. ولم يَستعرض ابن رشد طرق الصوفية لأنها ليست نظرية أي مركبة من مقدمات وأقيسة. طريقها ذوقي. والمعرفة تَقذف في القلب بناءً على كبح جماح النفس، وإماتة الشهوات، وإقبالها بالفكرة على المطلوب. ويعتمدون في ذلك أيضًا على ظواهر الشرع مثل ابن رشد. فالكل إلى رسول الله منتسب. ويُسلم ابن رشد بوجود هذا الطريق للخاصة وليس للعامة مثل الفلسفة والكلام. ولو كان عامًّا لبطل النظر، والقرآن دعوة إلى النظر. كما يوافق على أن يكون العمل بهذا المعنى شرط لصحة النظر، أداة للمعرفة وليس المعرفة ذاتها. التصوف للخاصة وليس للعامة. والقرآن دعوة للنظر وللفعل على حد سواء. التصوف طريق شرعي بمعنى العمل وإن كان ناقصًا في النظر. ويلاحظ أن حكمه على التصوف أخف من حكمه على الكلام. لذلك لم يستطع مشروعه العقلاني التخفيف من سيادة التصوف في المغرب العربي وانتصار الغزالي في النهاية وسيادته في التاريخ. مع أن التصوف والأشعرية واجهتان لعمله واحدة، فنقد أحدهما دون الآخر خطوة إلى الأمام، وخطوة إلى الخلف كملأ لقربة مقطوعة.١٩
بالرغم من نقد ابن رشد للباطنية إلا أنه يعتبر الله يختص برحمته من يشاء، ويوفقهم إلى فهم شريعته واتباع سنته ويطلعهم على مكنون علمه ومفهوم وحيه ومقصد رسالة نبيه إلى خلقه، والكشف عن زيغ الزائغين من أجل الملة وتحريف المبطلين من الأمة. وهي لغة الفقهاء حراس الشرع التي لا تَختلف عن لغة أهل السنة أو لغة دعاة الباطنية. كل فريق يشعر أن الله اختاره لإنقاذ الأمة ضد المنحرفين المارقين الخارجين عليها. لذلك يُشيع مفهوم الخاصة والعامة عند الجميع، متكلِّمين وحكماء وصوفية. كل منهم يظن أن من الخاصة وغيره من العامة. والعجيب أن يؤمن ابن رشد بحديث «الفرقة الناجية» الذي يُشكك في صحته ابن حزم والذي يستخدمه الأشعرية منذ الغزالي في «الاقتصاد» للدفاع عن أهل السُّنة ضد الخصوم.٢٠
وتفرض قسمة الناس إلى خاصة وعامة عدة تساؤلات. هل علم الخاصة علم باطني بالضرورة يقوم على التأويل؟ ألا يكون علمًا اجتماعيًّا يدافع عن مصالح الناس؟ وإذا كان كذلك فكيف يحجب ويكون للخاصة مع أنه يدافع عن مصالح العامة ويكون العامة أولى بمعرفته؟ وإذا كان علم الخاصة هبة من الله لهم وليس اكتسابًا مثل علم العامة فكيف يُمكن الاستفادة منه وتعليمه للناس؟ ولماذا يكون للخاصة اليقين وللعامة الظن، علم الخاصة من الله وعلم العامة من الناس؟ وماذا عن الشرع الذي ترك الناس على الواضحة ليلها كنهارها دون ما حاجة إلى علم الخاصة واحتكار التأويل لهم في مقابل علم العامة؟ ولماذا تكون العامة عاجزة عن التفكير، مستبعدة من العلم في حاجة إلى خاصة تقودها؟ أليست هذه نظرة تكبر ووصاية واستعلاء على الجماهير، وهو النقد الموجه عادة إلى المثقفين؟ ألا تنتج العامة قياداتها الفكرية؟ وهل هي قسمة شرعية، الخاصة هم الراسخون في العلم الذين يعرفون التأويل، أهل الباطن كما هو في قصة الخضر وموسى أم إنها قسمة واقعية نظرًا لظروف التعليم واختلاف الطبائع يقرُّها الشرع أم إنها قسمة بنيوية في طبيعة الذهن نظرًا لتطابق الوحي والعقل والطبيعة، جمعًا بين ما هو كائن، الواقع، وما ينبغي أن يكون، الذهن خاصة وقد أجمعت على القسمة طوائف الأمة، متكلمين وحكماء وصوفية حتى الأصوليين في المُفتي والمستفتي؟ وهل يجوز حجب العلم عن العامة دون تعليمها فتتحوَّل إلى خاصة؟ هل هي قسمة ثابتة أم متحركة؟ ألا يتغير الخاصة إلى عامة لو كان فهمها أقل، والعامة إلى خاصة لو كان فهمها أعمق؟ وعيب الخاصة في الأغلب أنهم فقهاء السلطان في كل عصر للسيطرة على العامة مع وجود خاصة أخرى تَلتحِم بمصالح العامة ضد السلطان وخاصته ثم تقوم خاصة السلطان بتكفيره واستبعاد خاصة العامة وهم مُعارضو السلطان، فتتهمهم خاصة السلطان بالخروج على الشرع والكفر كما حدث للحلاج والسُّهروردي. ألا يمكن الجمع بين علم الخاصة واتباع السنة، بين الباطن والظاهر؟ هل تعني الخاصة ضرورة التأويل وبالتالي الانتهاء إلى الزيغ والضلال؟ وقد تختلف الخاصة بينها، خاصة المتكلمين مع خاصة الحكماء، خاصة أهل النظر وخاصة أهل الذوق، فأيهما لديها اليقين.٢١
١  تمَّ عرض «فصل المقال» و«تهافت التهافت» في الفصل الثاني عن الحكمة والشريعة.
٢  تمَّ عرض ثلاثية الفارابي في الفصل الأول «العرض الجزئي والعرض الكلي» في الجزء الأول «العرض» من المجلد الثاني «التحوُّل».
٣  تمَّ عرض الشروح والملخصات والجوامع في الجزء الثالث والشروح من المجلد الأول (النقل). أما «بداية المجتهد» فيدخل ضمن إعادة بناء الفقه من العلوم النقلية في «من العقل إلى النقل».
٤  ومن المحدِّثين محمود قاسم. ولكن يبدو أن المحدثين ما زالوا فقهاء، خطابيِّين، سلفيين، نقدًا وتجريحًا، سبًّا وذمًّا لفريق أو مدحًا وثناءً لفريق آخر بسرعة وانطباعية وبمنهج تاريخي يجمع بين النظرة الخطابية والنزعة العِلمية، دفاعًا عن ابن رشد دون تأويل أو قراءة، وربطًا بتاريخ المشرق والمغرب في معركة الغزالي وابن رشد، محمود قاسم: الكشف عن مناهج الأدلة، مقدمة ص٣–١٢٦.
٥  وقد حاولت إعادة تأسيس العقائد كأيديولوجية ثورية في «من العقيدة إلى الثورة»، وكما فعل فيورباخ في «جوهر المسيحية».
٦  مناهج، ص١٣٢.
٧  هناك تشابه بين «مناهج الأدلة» و«من العقيدة إلى الثورة» في أن كليهما محاولة لنقد علم الكلام القديم وتطويره باسم العقل عند ابن رشد وباسم المصالح العامة عندي.
٨  ذكر ابن رشد في مناهج الأدلة: المتكلِّمون (٢٢)، المتأخرون من المتكلمين (٢)، صناعة الكلام (٣). الأشعرية (٣٠)، أشعرية (٧)، الأشعري، قدماء الأشعرية، أهل السنة (١)، المعتزلة (١٩)، الحشوية (٣)، الجبرية (٢)، الخوارج، الباطنية (١)، الحكماء (٦)، الحكماء القدماء (٤)، القدماء، الفلاسفة (١)، الصوفية (٣)، الدهرية، النصارى (٢)، البراهمة (١). وفي فصل المقال: الأشعرية (١٢)، المتكلمون، الكلام (١٠)، المعتزلة (٤)، الحنابلة، الحشوية (١). الضميمة: المتكلمون (٢).
٩  الأشعرية (١٥ص)، الحشوية (٢)، المعتزلة (سطران).
١٠  فصل ص٢٧، مناهج ص١٨٢.
١١  مناهج ص١٣٥، ١٣٨، ٢٤٨–٢٥١، فصل ص١٦، ٣٥.
١٢  مناهج ص٢٠٧، فصل ص٢٨.
١٣  انظر دراستنا «الاشتباه في فكر ابن رشد»، عالم الفكر، الكويت ١٩٩٨.
١٤  مناهج ص١٤٨، ١٣٦-١٣٧، ١٩٣.
١٥  مناهج ص١٣٥، ٢٥٠، فصل ص٢٢، ٣٤.
١٦  وهو النقد الذي وجهه برجسون أيضًا لعلم النفس التجريبي والوضعية الاجتماعية.
١٧  وهذا ما وصل إليه كانط في استحالة البراهين القبلية والبعدية على وجود الله واستبقاء الدليل الغائي. وهو ما أكَّد أيضًا فشتة وهيجل. وتحقيق الوحي كنظام مثالي للعالم ما تُسمِّيه الحركات الإسلامية المعاصرة الحاكمية انظر دراستنا «الحاكمية تتحدى»، هموم الفكر والوطن، ج١، التراث والعصر والحداثة ص٤٢٩–٤٥٠.
١٨  مناهج ١٣٤-١٣٥، ١٧٠-١٧١، فصل ص١١، ١٦.
١٩  مناهج ص١٤٩، ١٣٢.
٢٠  «من العقيدة إلى الثورة» ج٥ الإيمان والعمل والإمامة، ص٣٩٨–٤٠٦.
٢١  مناهج، ص١٣٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤