الفصل السادس

الأخلاقيات

نعمل نحن الصحفيون المصورون عمل الأوصياء على الجمهور؛ فيتمثل دورنا الأساسي في الإخبار بصريًّا عن الأحداث المهمة ووجهات النظر المتنوعة في عالمنا المشترك. فهدفنا الأسمى هو التصوير الكامل والأمين للموضوع الموكل إلينا. وبوصفنا صحفيين مصورين، نحمل مسئوليةَ توثيق المجتمع وحفظ تاريخه بالصور. (الجمعية الوطنية لمصوري الصحافة، ٢٠٠٤)

يعتقد كثيرون أن وسائل الإعلام الإخبارية لديها مشكلةٌ في المصداقية. لكن يبدو أن معظم الصحفيين لديهم فكرةٌ واضحة عن مهنتهم وما تقتضيه من إنصافٍ وأمانةٍ وقابليةٍ للتصديق.

نحن [محرري الصور والمصورين] نعمل جميعًا داخلَ سلسلة متصلة من التصوير الفوتوغرافي الوثائقي والشخصي والتوضيحي، ونعلم المقبول في الصورة الإخبارية وغير المقبول. التلاعبُ غيرُ مقبولٍ؛ فأي شيء يغيِّر معنى الصور ليس مقبولًا. يمكنك تغيير سمة جمالية، لكن لا يمكنك تغيير المحتوى. لا أعتقد أننا يجب أن نحمل في جيوبنا ميثاقًا أخلاقيًّا في كل مكان؛ فمعظم الناس يعرفون القضايا الأخلاقية. (ويلز، ٢٠٠٤)

على الرغم من ذلك، تحدث حالات خرق للسلوك الأخلاقي، ومن أجل الحفاظ على ثقة مستهلكي الأخبار، تتعامل وسائلُ الإعلام الإخبارية، بوجه عام، بسرعةٍ وحسمٍ مع الصحفيين الذين يتجاوزون الحد. يقول محرر الصور في قسم التحقيقات في صحيفة شيكاجو تريبيون، جيفيري بلاك: «من الأشياء البالغة الأهمية في مجال الصحافة الشرفُ والثقةُ؛ لأنه صحيحٌ أن التريبيون يبلغ عمرها ١٥٠ عامًا، وبها كثير من العاملين، لكن الأهم من ذلك أن عملنا كله يعتمد على ما يؤمن به الناس» (بلاك، ٢٠٠٤)؛ فالمصداقية لها أهمية بالغة في العمل الإخباري.

يشير بعض الصحفيين إلى مفهوم «الموضوعية» لإظهار عرضهم غير المتحيِّز للأخبار؛ ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن تحقيق الموضوعية أمرٌ غير ممكن، وبدلًا من ذلك، يؤكِّدون أن أهداف الصحافة لا بد أن تكون الإنصافَ والصدقَ والشمولَ. على الرغم من الانتقاد العلني للصحافة أقول، من واقع خبرتي، إن الصحفيين يعملون بجدٍّ لفعل الأشياء على نحوٍ صحيح، ولديهم إحساسٌ عميق بالإنصاف. يعني هذا شيئًا مختلفًا عن التزام «الموضوعية». يجلب الصحفيون، سواء النصوصيون والبصريون، معهم في كل قصة يسردونها خبراتهم الحياتية وتوجهاتهم، لكنَّ مهنيَّتَهم تحثُّهم على جمع المعلومات من مصادر شديدة التنوع، وتقديم هذه المعلومات بأكبر قدرٍ ممكن من الأمانة. يقول بلاك إن جزءًا كبيرًا من أداء الوظيفة على نحوٍ صحيحٍ يكمن في تحمُّل كل فردٍ مسئوليةَ طرح الأسئلة وإجراء المناقشات.

أعتقد أنه من المهم أن تؤدي دورَك الصغير. أعني أن شخصًا ما يقول: «أنت محرِّرُ صور، ما مدى أهمية هذا؟» حسنًا، لا بد أن تكون هذه الصورُ دقيقةً، ولا بد أن تكون معلومات التعليق عليها دقيقةً، ويجب أن تكون طريقةُ جمع المعلومات طريقةً أمينةً. لا بد أن تُوضَع كل هذه الأشياء في الاعتبار عند تنفيذ العمل، ومن المهم أن تطرح أسئلةً وتحافظ على التواصُل طوال «العملية»؛ فالأمر لا يتعلَّق برؤية فردية وأحادية توجد لدى شخصٍ ما؛ الأمر يتعلق بالقصة، وفهم القصة على نحوٍ صحيح.

على سبيل المثال: حدث نقاش في أحد الاجتماعات عن الحصول على اقتباسات من الناس [ونشرها]. كانت الفكرة الأساسية هي: «هل تُرتَّب التعليقات؟» سأستخدم مثالَ دالي. سيُدْلِي حاكمُ شيكاجو بتصريحٍ، وربما لن يكون صحيحًا من الناحية النحوية؛ فربما ينتهي الحال بالكاتب أن يكتب: «هذا ما قاله دالي؛ الاقتباس.» هذا هو الاقتباس — ما قيل — وفي هذه الحال، لن يصلحه الكاتب. ثم يمكن للكاتب أن يكتب، اعتمادًا على المقولة: «ربما يكون هذا ما قاله «دالي»؛ بمعنى ربما أن هذا ما كان يقصده.» لكنك تترك ما قاله دالي كما هو. على الأقل، هكذا نتعامل مع الأمر في قسمنا.

لديك مناقشات حول الاقتباسات؛ لديك مناقشات حول كل شيء، بدايةً من: «هل يبدو هذا عنصريًّا؟»، «هل يبدو هذا منحازًا؟»، «هل يبدو أننا نتحيَّز لجنس معين؟»، «هل يبدو أننا نلتزم بالعدل والإنصاف عند تصويرنا هذا الموقف؟» لا تريد أن تنحاز إلى أي جانب؛ ولذلك لديك هذه المناقشات. (بلاك، ٢٠٠٤)

يطالب مالِكو المؤسسات الإخبارية وكبار المحررين أن يحافظ الصحفيون على معايير أخلاقية مرتفعة، لعلمهم بأن ثقة مستهلكي الأخبار مهمةٌ للغاية لحياة المشروع التجاري. ينصُّ الميثاق الأخلاقي لصحيفة ذي نيويورك تايمز على ما يلي:

يتشاطر المراسلون والمحررون والمصورون وجميع أعضاء فريق العمل في صحيفة ذي نيويورك تايمز الاهتمامَ المشترك والأساسي نفسه بحمايةِ نزاهة الصحيفة. وكما ورد في التصريح المشترك للقيادة الإخبارية والتحريرية والتجارية للصحيفة في عام ١٩٩٨: «أكبرُ نقطةِ قوةٍ لدينا هي أصالةُ التايمز وسمعتها، ويجب ألَّا نفعل شيئًا قد يقوِّضها أو يُضْعِفها، وأن نفعل كلَّ ما في وسعنا لتدعيمها.»

في وقت تتزايد فيه شكوك الجماهير، المبرَّرة، في تجرُّد بعض الصحفيين والصحف ودقتهم ونزاهتهم، يتحتم على التايمز وطاقم العمل فيها أن يحافظوا على أعلى المعايير الممكنة لضمان ألَّا يفعلوا شيئًا قد يُضعِف ثقةَ القراء وإيمانهم بأعمدتنا الإخبارية. (نيويورك تايمز، ٢٠٠٣)

بينما ينظر المُلاك إلى الأخلاقيات على أنها ضرورة تجارية، يبدو أن التزام معظم الصحفيين بالمبادئ الأخلاقية ينبع من إحساس بالمهنية. قاد مدير التصوير في صحيفة ميامي هيرالد، لويس ريوس، مسعًى كتَبَ فيه جميعُ المصورين ومحرِّري الصور العاملين في الهيرالد آراءَهم حول سبب أهمية الامتناع المطلق عن تغيير أيٍّ من محتويات الصور، وسبب ضرورة الحفاظ على سلامة الصورة. ونُشِرت آراء قسم التصوير في الصفحة المقابلة للمقال الافتتاحي في الصحيفة (استيبر، ٢٠٠٤).

يتطلَّب أسلوبُ التعامُل الأخلاقي مع الصحافة المصورة من المصوِّر ما هو أكثر من ضمان سلامة الصورة؛ فلا بد أن تُوضَع الصور داخلَ السياق، ولا بد أن يتمكَّن المصورون من الإحساس بالموقف، وباللحظة، وبالحالة النفسية، ثم يتمكنوا من نقل هذا الشعور إلى محرري الصور. ويجب على محرِّري الصور مناقشة المهام مع المصورين؛ حتى يجمعوا المعلومات التي ستمدُّهم بالسياق. من الناحية النموذجية، تكون لدى محرر الصور فرصة للحديث مع الكاتب أيضًا. يقول بلاك: «أنت تريد جمْعَ أكبر قدرٍ ممكن من الآراء والأفكار المختلفة عن صورة معينة قبل أن تقرِّر، «حسنًا، هذه هي الصورة المنشودة»» (بلاك، ٢٠٠٤).

توجد بمعظم غرف الأخبار حاليًّا إرشاداتٌ للتعامُل مع القضايا الأخلاقية في الصحافة المصورة، تتصدَّى عادةً للتغيير الرقمي للصور، ومعاملة الأشخاص موضوع الصور. تطوَّرَتِ المعاييرُ الأخلاقية في الصحافة المصورة، إلى حدٍّ ما، استجابةً للتكنولوجيا المتغيِّرة، ولكنْ جاء هذا التطوُّر أيضًا نتيجةً للتوقُّعات الأكثر وعيًا لمستهلكي الأخبار. في أوائل القرن العشرين، بدأ الناس «يُسلمون بكون الصور معيارَ الحقيقة» (جوسم، ١٩٨٨، ص٥٣)، إلا أن الإصدارات الإخبارية لم تتوقَّف كثيرًا أو تستغرق الوقتَ الكافي في التعامل مع القضايا الأخلاقية، من حيث أسلوب استخدام الصور، أو إساءة استخدامها. يقول مؤرخ الصور مايكل كارلباخ:

كانت الصور التي تُطبَع في الصحف والمجلات (في أوائل القرن العشرين) تُغيَّر كثيرًا؛ حتى تصبح أكثر استساغةً للجمهور، أو من أجل تعزيز تأثيرها؛ فكان مصمِّمو الرسومات يضيفون زخارفَ وخطوطًا عريضةً، وكانت الصور تُقَصُّ وتُزيَّف وتُكدَّس في مخطَّط تصويري كثيف. وأيًّا ما كان مدى دقة الصورة الأصلية، لم يكن ما يظهر فعليًّا في الصور على الصفحات المطبوعة يمتُّ للواقع إلا بأوهنِ صلةٍ أحيانًا. (كارلباخ، ١٩٩٧، ص٣٢)

بدأ المصورون أيضًا يزيِّفون الصورَ منذ أكثر من قرنٍ مضى؛ حتى تستطيع الصحفُ والمجلاتُ نشْرَ صورٍ «تؤكِّد» القصصَ (المؤثرة على نحوٍ مُبالَغ فيه)؛ على سبيل المثال:

حرَّف المصورون، الذين أرادوا بشدة وصْفَ الحرب [الحرب العالمية الأولى]، لكنهم مُنِعوا من تخطِّي المنطقة الآمنة خلف خطوط المواجهة؛ الحقيقة. شعر كثير منهم بأنه لا خيارَ أمامهم إلا هذا؛ فقد كان رؤساء التحرير في بلادهم يُطالَبون بصورٍ؛ لذلك فعلوا ما بوسعهم، باستخدام الدبلوماسية وعلاقاتهم العسكرية، لبناء مواقف واقعية ويمكن تصديقها. (كارلباخ، ١٩٩٧، ص٩٢)

حاليًّا، يُفصَل المصورون الإخباريون من العمل بسبب تزييف الصور، لكن هذه الممارسة لا تزال موجودة. يواجه الصحفيون المصورون ضغطًا مستمرًّا من أجل صنع صور مذهلة من الناحية الجمالية، تشتمل على المحتوى الذي يطلبه رؤساءُ التحرير. في كثيرٍ من الأحيان، يشاهد رؤساءُ التحرير صورًا للأحداث في التلفاز، ويريدون معرفةَ لماذا لم يحصل المصورون من إصداراتهم الصحفية على مثل هذه الصور. لكن «في عصر «إعادة التمثيل الخادعة في نشرات الأخبار الشبكية»» (لاكايو، ١٩٩٥، ص١٦٩)، ربما يتعذَّر على مصوري الصور الثابتة «توثيق» الحدث بالطريقة نفسها (أو توثيقه بأي طريقةٍ) مثلما يحدث في التقارير المتلفزة. بالإضافة إلى هذا، نادرًا ما يتوافر للمصورين الوقت الكافي لصنع صورة أو مجموعة من الصور المؤثرة.

ذات مرة، أثناء تحريري مهمة أُوكِلَتْ إلى أحد المصورين في قسم «فيدا إي إستيلو» (المعيشة والأناقة) في صحيفة إليونيفرسو، اتضح لي أن المصور «لفَّقَ» الصورَ. واجهتُ المصوِّر، وقال لي إنه لم يكن لديه إلا عشر دقائق فقط لالتقاط صورتين (إحداهما صورة شخصية، والثانية صورة «واقعية») لتُنشَرا مع قصةٍ عن أحد الفنانين. تحدَّثْنا بصراحةٍ عن تلفيق الصور؛ دمَّرتُ الصورَ السالبة المزيفة، وأخبرتُ محرر القسم أنه سيتحتم عليه إما استخدام الصورة الشخصية وحدها، أو تأجيل موعد نشر هذه القصة. في البداية، احتجَّ محرر القسم، لكنه في النهاية وجد قصةً بديلةً لذلك الأسبوع، وقدَّمَ طلبًا جديدًا من أجل التقاط صورةٍ لهذا الفنان.

يتحدَّث مدير التصوير، تيم راسموسن، عن الضغوط التي كانت تدفعه إلى تلفيق الصور في السنوات الأولى من عمله مصورًا في إحدى المجلات.

شعرتُ باليأس تمامًا من سير الأمور في عالم المجلات كله. كانت الأخلاقيات مختلفة تمامًا عمَّا تعلَّمْتُه، وما اعتقدتُه بشدة؛ فكلُّ مَن عملتُ لصالحه في نيويورك، بلا استثناء، لمَّحَ لي في مرحلةٍ ما، أو أخبرني مباشَرةً، بأنني إن لم أَعُدْ بصورٍ التقطتُها فسيكون لزامًا عليَّ أن ألفِّق الصور؛ حتى تصبح معي صورٌ عند عودتي، وأنه من غير المقبول أن تُوكَل إليَّ مهمةٌ ولا أنفِّذها. هذا يمثِّل ضغطًا هائلًا على مصور شاب …

أعتقد أن الذين يعملون في الخارج على صنع الأخبار يتسمون بالنزاهة. الأمر كله يبدأ عند تسلُّم مهمة؛ أعني عندما تُوكَل إليَّ مهمةُ الذهاب إلى لويل في ولاية ماساتشوستس لمدة أسبوع من أجل تغطية موضوع الهجرة. لا سبيلَ أبدًا إلى صنع قصة في هذا الإطار الزمني. لم تكن لديَّ اتصالاتٌ، ولا موضوعاتٌ؛ لم يكن لديَّ شيءٌ. لم أكن أملك إلا مسوَّدةَ قصةٍ كتبها مراسل، وكان عليَّ أن أحاوِل التقاطَ صور واقعية تعبِّر عنها؛ كان هذا صعبًا للغاية. لا أقول إن المصورين في المجلات لا يلتزمون بالأخلاق، وإنما أعتقد أنهم يتعرضون لضغط هائل من أجل تسليم الصور، وبعضهم لا يرى مشكلة [في تلفيق الصور]. (راسموسن، ٢٠٠٦)

في عام ١٩٩٤ فُصِل المصور المحنك في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، مايك ميدوز، بسبب تلفيقه صورةً وُزِّعت في جميع أنحاء الدولة.١ كانت صورة ميدوز لرجل إطفاء يرشُّ الماء على نفسه من مسبح منزلٍ يحترق بصدد ترشيحها لنيل جائزة بوليتزر، حينما أخبر رجل الإطفاء الموجود في الصورة الصحيفة بأنه تصرَّف كما قال له ميدوز. يقول المصور لويس سينكو، زميله في صحيفة لوس أنجلوس تايمز:

كان مايك ميدوز رجلًا لطيفًا. كانت شخصيته حادة، لكننا كنا نتفق جيدًا. شعرتُ بخيبة أمل بالغة لفعله شيئًا كهذا؛ لأن ذلك كان الخطأ الوحيد الذي فعله الرجل. كان صحفيًّا نَشِطًا. كان يضع أحدثَ الأخبار التي يراها أو يسمع عنها على الماسح الضوئي، وأعتقد أنه هكذا عُيِّن ضمن طاقم العاملين … لأنه كان صحفيًّا متفانيًا؛ لذلك، لا أعلم كيف كان فكره بينما كان يفعل ذلك لسنوات كثيرة جدًّا. (سينكو، ٢٠٠٤)

تميِّز الصحفُ عادةً بين قسمَي الأخبار والتقارير الخاصة من حيث الطريقة التي قد تُستخدَم بها الصور على نحو أخلاقي. يقول محرر الصور، هال ويلز، إنهم في صحيفة لوس أنجلوس تايمز لا يستخدمون أبدًا الصورَ التوضيحية أو الصورَ المقطَّعة في القسم الأول من الصحيفة وقسم «كاليفورنيا»، وإنما تُستخدَم هذه التقنيات في أقسام التقارير الخاصة. «من خلال الحفاظ على معايير بصرية مرتفعة، تعكس الحقيقة والأمانة في قسم الأخبار، أعتقد أن القراء بدءوا يدركون: «حسنًا هذا القسم الأول من الصحيفة، ولن أرى هنا أي أشياء مضلِّلة»» (ويلز، ٢٠٠٤).

مع ذلك يشك كثيرٌ من القراء في الصور في عصرنا الحالي؛ لأنهم يعرفون قدرةَ أدوات البرمجيات المحوسبة، مثل فوتوشوب، التي يمكنها تغيير الصور رقميًّا، ولا تترك إلا القليل من آثار التغييرات. ظهر إدخال رتوش على الصور منذ بدايات التصوير الفوتوغرافي، لكنه أصبح أخطرَ في عصرنا الحالي بسبب طبيعة التلاعب الرقمي الذي يصعب اكتشافه.

كان الخبراء يكتشفون دومًا الأشكالَ التقليدية من الرتوش [قلم الرصاص، والبخاخ، والمبيِّض، وسائل إخفاء العيوب]، بل كان يسهل على أي شخص اكتشافها غالبًا. أما أشكال إعادة الصياغة الإلكترونية فهي مختلفة. فعليًّا، يستحيل تحديد ما إذا كانت مثل هذه الصور تعرَّضَتْ لتعديلٍ أم لا، فيبقى احتمال قدرة الصور على الكذب قائمًا بطرق لم تكن واردة في الماضي. (لاكايو، ١٩٩٥، ص١٦٨)

يشرح كيرك ماكوي، محرر الصور في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، الأمر قائلًا:

أعتقد أن برنامج فوتوشوب تسبَّب في كابوس حقيقي للمحررين؛ فهم يخشون من تعديل الناس للصور من أجل الحصول على صور أفضل، أو تعتيم الحواف الخارجية بشدة من أجل إظهار الأشخاص موضوع الصور. أعتقد أننا بدأنا فعْلَ هذا في وقتٍ سابقٍ داخلَ الغرفة المظلمة القديمة باختراع عبارة «يد الإله» [وهي عبارة تُستخدَم بين الصحفيين المصورين للتعبير عن الحرق أو التعتيم لجميع المساحات في إطار الصورة المفترض تقليل إظهارها. في هذه الحالة يكون التعتيم شديدًا، وتنتج عنه صورة شكلها مصطنع]، وهو أمر كان مسموحًا به؛ لكننا، الآن وفجأةً، نتعرَّض للتوبيخ [أو ما هو أسوأ]، إذا استخدمنا هذا الأسلوبَ.

في وقتٍ مبكرٍ من تاريخ الصحافة المصورة [قبل برنامج فوتوشوب]، كان لدى الصحف مسئولون عن إضافة الرتوش، وظيفتُهم تغييرُ الصورة فعليًّا بالكامل. يؤدِّي هذا كله إلى فقدان الثقة في طبيعة التصوير الفوتوغرافي.

ظهر أحد أكبر أمثلةِ هذا عقبَ وقوعِ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ إذ نُشِرت صورةٌ على أحد المواقع الإلكترونية، يظهر فيها رجلٌ يقف في شرفة مراقبة، والطائرة تتجه نحوه في الخلفية. انتشرت هذه الصورة وعليها تعليق: «هذه صورة من كاميرا عُثِر عليها، وظهَّرَ شخصٌ ما الفيلمَ، وها هي الطائرة تتجه نحو المبنى.» إلا أن الجميع أدركوا فيما بعدُ أن هذا الرجل يرتدي معطفًا ثقيلًا في الصيف وغطاء رأس صوفي، وأن الضوء المُسلَّط عليه يأتي من اتجاهٍ، في حين أن الضوء المُسلَّط على الطائرة قادمٌ من اتجاه آخَر.» (ماكوي، ٢٠٠٤)

يشرح ماكوي مثالًا آخَر، عندما استخدم مصور مستقل عيَّنَه أداةَ «الاستنساخ» (وهي أداة في برنامج فوتوشوب تسمح للمرء بنسخ أحد أجزاء الصورة ولصقه في جزء آخَر من الصورة نفسها أو في صورة أخرى)؛ حتى يتمكَّن من وضع سيجارة رقميًّا في يد الشخص موضوع الصورة. لاحَظَ ماكوي أن السيجارة ظهرت أكثر من مرة على طول حافة الإطار؛ ومن ثم اتصل بالمصور، وطلب منه إرسال الملف الخام (الأصلي). اعترف المصور بنَسْخ السيجارة ولصقها في الصورة، وبدأ يوضِّح السببَ الذي دفعه لفعل هذا، لكن ماكوي أخبره أن يرسل الملف الخام فحسب؛ لأن الإضافة الرقمية لعنصرٍ إلى الصورة تنتهك السياسةَ الأخلاقية لصحيفة لوس أنجلوس تايمز. «أهم شيء أننا نخوض عمليةً مضنيةً حتى نعرض الحقيقة على قرَّائنا، ونحاول ألَّا نخرق القواعد. أظن أننا نفصل الذين يكسرون القواعد، ونحن جادُّون للغاية بهذا الشأن» (ماكوي، ٢٠٠٤).

فُصِلَ مصور صحيفة لوس أنجلوس تايمز، بريان فالسكي، في عام ٢٠٠٣ «لكسره القواعد» في أثناء تصويره للحرب في العراق؛ فقد صنع فالسكي — المصور الذي عمل لفترة طويلة، منذ عام ١٩٩٨، لدى صحيفة لوس أنجلوس تايمز — صورةً رقمية من خلال دمج جزأين معًا من صورتين أخريَيْن. لسوء حظ فالسكي، شاركَت التايمز صورتَه مع صحف أخرى تملكها شركة تريبيون؛ فنشرَتْ صحيفة هارتفورد كورانت صورةَ فالسكي في صفحتها الأمامية، وكان توم ماجواير، مدير تحرير التصوير والرسومات المساعد في صحيفة كورانت، مسئولًا عن قرار استخدام صورة فالسكي. «يقول ماجواير: «لقد كانت صورةً رائعةً، ولم أنتبه لما بها من تلاعُب، وأشعر بالسوء تجاه كل الذين اشتركوا في الأمر». انتبَهَ آخَرون لهذا التلاعُب؛ فكان أحد الموظفين في صحيفة كورانت يستعرض الصورَ لأحد أصدقائه، ولاحَظَ ما بَدَا استنساخًا في هذه الصورة» (إربي، ٢٠٠٣أ).

بعد إخطار ماجواير بهذا الانتهاكَ، اتصل بكولين كروفورد، مدير التحرير المساعد للتصوير في صحيفة لوس أنجلوس تايمز. يقول رئيس تحرير صحيفة لوس أنجلوس تايمز، جون كارول: «تلقَّى كولين هذا الاتصالَ في مساء يوم الثلاثاء على ما أظن، ولم يخبرني بالأمر حتى صباح يوم الأربعاء. نظرتُ في الصورة، وأشهد أن الأمر استغرَقَ برهةً حتى رأيته» (كارول، ٢٠٠٤). في وقتٍ لاحقٍ في هذا اليوم، استطاع كروفورد التحدُّثَ مع فالسكي الذي اعترف بالخطأ الذي ارتكَبَه. ويواصل كارول:

تحدَّثْتُ في الأمر مع كولين، ومع دين [باكويه] مدير التحرير، وربما مع أناسٍ آخَرين أيضًا، وقرَّرْتُ أنه لا بد من فصله. لم يكن هناك حلٌّ آخَر. وقرَّرْتُ أيضًا أن يُنفَّذ هذا القرارُ الآن وليس لاحقًا. لم أفصل أيَّ شخصٍ في حياتي دونَ إخباره بهذا داخل المكتب؛ لذلك أخبره كولين بأن يعود، وأخبره بأنه فُصِل من العمل.

في اليوم التالي نشرنا داخل الصحيفة الصورَ الثلاث؛ «الصورة» المجمَّعة، ثم الصورتين اللتين صُنِعت منهما، مع شرحٍ لما حدث. وفي الصفحة الأولى، نشرنا تعقيبًا لرئيس التحرير يقول فيه ما حدث بالضبط. كان لا بد لنا من إنقاذِ سمعة الصحيفة؛ ولهذا فصلناه بسرعةٍ؛ ففي اللحظة التي عُرِف فيها الأمر أصدرنا تصريحًا بأننا لا نقبل بهذا على الإطلاق، وأننا لن نتصرَّف على هذا النحو مع قرَّائنا، وأننا سنتحدَّث بصراحةٍ عن الأمر. عاد بريان، ويُحسَب له أنه دخل وسار إليَّ ونظر في عينيَّ، وقال: «نعم فعلتُ هذا، وأنا آسف بشدة. لقد كانت غلطة عمري. أعلم أنني ربما لن أعمل في أية صحيفة مرةً أخرى.» فانبهرتُ باعترافه بما فعل، وبأن ما فعله كان خطأ؛ لذلك تمنَّيْتُ له كلَّ الخير.

حصلنا على ردودٍ من الجماهير؛ لم يكن بها أيُّ احتجاجٍ عنيف؛ فنحن نخضع لمراقبة الناس عن كثب على الإنترنت وفي البرامج الحوارية طوال الوقت، وسيحاولون دومًا استنباطَ شيءٍ من هذا الحدث، مثلًا أننا نزيف الأخبار، لكني أعتقد أن أي شخص سينظر إلى الموقف، سيكون واضحًا تمامًا له ما حدث بالفعل؛ فقد كان هذا مجرد مصوِّر محبَط من عجزه عن الحصول على الصورة التي أرادها، فصنعها على شاشة الكمبيوتر.

عرف الجميع هنا أن الأمر لم يكن أن بريان لم يكن يعلم أن ما فعله كان خطأً، وإنما كان التصرف التعليمي الأساسي الذي فعلناه أننا فصلناه. الجميع يعلمون هذا. وأنت بذلك توجِّه رسالةً إلى العاملين لديك بأن هذا أمر غير مقبول، كما توجِّه به رسالةً إلى قرائك بأن هذا لا يتوافق مع معاييرنا. (كارول، ٢٠٠٤)

يقول المصور في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، لويس سينكو:

كان [فالسكي] يحصل على جميع المهام الرائعة؛ كان أعزب، وكان مصورًا جيدًا، وكان بارعًا كثيرًا في النواحي التكنولوجية. لماذا يفعل شخص ما هذا؟ الآن لم تَعُدْ تعمل هنا، ولم تَعُدْ تحصل على هذه المهام الرائعة. بعد النظر إلى عمل فالسكي، في اليوم التالي نشرنا هذا التصحيح مع لوحة بها الصور الثلاث، وأعتقد أن أيَّ واحدةٍ من الصور كانت ستَفِي بالغرض. (سينكو، ٢٠٠٤)

كتب فالسكي معتذرًا إلى طاقم العاملين في قسم التصوير في صحيفة لوس أنجلوس تايمز:

حدث هذا بعد يوم عمل طويل وحار وشاق للغاية، لكن هذا ليس عذرًا. أنا نادم بشدة على تشويهي سمعة صحيفة لوس أنجلوس تايمز، تلك الصحيفة التي تُطبق أعلى المعايير الصحفية، وشركة تريبيون، وكل العاملين في التايمز، خاصةً المصورين ومحرري الصور الرفيعي الموهبة البالغي التفاني، وأصدقائي الذين جعلوا فترةَ عملي في الصحيفة طوالَ أربع سنوات ونصف السنة تجربةً قيِّمةً في حياتي.

لقد حافظتُ طوالَ حياتي المهنية على تحقيق أعلى المعايير الأخلاقية، ولا يسعني حقًّا تفسير فشلي الكامل في تقدير الأمور في هذا الوقت. ربما أتمكَّن من التوصُّل إلى هذا في الليالي القادمة التي سيجافيني النوم فيها. (إربي، ٢٠٠٣ب)

قدَّمَت الصحيفة التي تصدر في ميامي باللغة الإسبانية، إلنوِيبو هيرالد، مثالًا آخَر للتلاعب الرقمي غير الأخلاقي حينما جُمِعت صورتان رقميًّا في ٢٥ يونيو عام ٢٠٠٦ من أجل تكوين صورة واحدة. في حين كان دافع فالسكي للتلاعُب هو تحسين الصورة من الناحية الجمالية، كانت معالجة إلنويبو هيرالد هاتين الصورتين مدفوعةً بأغراض سياسية. نُشِرت صورة أربع عاهرات يراوِدْنَ سائحًا أجنبيًّا، في حين يقف رجالُ الشرطة وسيدةٌ وبنتٌ صغيرة بجوارهن، على مساحة خمسة أعمدة في القسم الأول من الصحيفة. وكُتِب في العنوان «العاهرات: لحم رخيص يشتهي الدولارات». في هذه الحالة لم يكن المصور مسئولًا عن هذه الإهانة، وفي الحقيقة، حثَّ المحررين على الامتناع عن استخدام الصور المتلاعَب بها.

روَّجَت [الصورة المنشورة] أجندةً مضادةً لكاسترو في صحيفةٍ يروِّج لها ملَّاكها الجدد، ماكلاتشي وشركاؤه، على أنها «أكثر صحيفة باللغة الإسبانية تمتعًا بالاحترام والتداول في الولايات المتحدة بأكملها».

وربما الأسوأ من ذلك، أن قرار أصحاب المناصب العليا في إلنويبو طغى على اعتراضات المصور المخضرم، روبرتو كولتون، الذي التقط الصورتين منذ سنوات عديدة في كوبا [ولم يردوا على اتصالٍ طلبًا للتعليق]. علَّقَ منسق الصور، أورلاندو ميلادو، على هذا قائلًا: «جُمِع شيئان معًا.» «عبَّر [كولتون] عن قلقه من الصورة لهذا السبب وغيره، ولم يُرِدْ في الأساس استخدامها».

لماذا إذن طبعَت الصحيفةُ هذه الصورة؟

أجاب ميلادو عن هذا قبل أن يوجهني إلى لويس جارسيا، أحد فناني إلنوِيبو، قائلًا: «كان ذلك قرارًا اتخذه محرِّرٌ آخَر.»

قال لي جارسيا عندما اتصلتُ به هاتفيًّا: «أتذكَّر جمعي بين شيئين من أجل ذلك القسم. سأذهب لأحضره، وسأعاود الاتصال بك.» لم يتصل بي قطُّ، ولم أتلقَّ ردًّا على ثلاث رسائل متابَعة أرسلتُها، ولا على رسالتين تركتهما مع أندريه رينالدو، الذي يحرِّر القسمَ الذي ظهرَتْ فيه الصورة؛ قسم سِبتيمو دِيا (اليوم السابع).

تركتُ أيضًا رسائلَ كثيرة مع أومبيرتو كاستيلو، رئيس التحرير التنفيذي للصحيفة؛ وجلوريا لِيال، رئيس التحرير المساعد، ولم أتلقَّ ردًّا عليها أيضًا.

علَّقَ أحد الصحفيين المحليين على هذا قائلًا: «لك أن تتوقع مثل هذا التصرف من صحيفة شيوعية.» «لكن هذا غير مقبول في مؤسسة إخبارية شرعية.» (ستراوس، ٢٠٠٦)

أوضح شرح إلنويبو هيرالد الذي نُشِر في الصفحة السادسة من القسم الأول يوم ٢٧ يوليو عام ٢٠٠٦؛ أن الخطأ حدث نتيجةَ أنه لم يُذكَر أن الصورة المجمعة رقميًّا كانت «صورة توضيحية»؛ ومن ثَمَّ أعطى هذا للقراء الانطباعَ بأنها كانت صورة حقيقية (شوير روث، ٢٠٠٦).

أما القواعد المتعلقة بأشكال التلاعب الرقمي الأخرى مثل «إنقاص الكثافة» (جعْل أماكن مختارة في الصورة أفتح)، و«زيادة الكثافة» (جعل أماكن مختارة في الصورة أغمق)؛ فإنها أقل وضوحًا من القواعد التي تحكم استخدام أداة «الاستنساخ». وحتى القواعد المتعلِّقة بالتصحيح الرقمي لِلَّوْن فإنها غير محددة؛ على سبيل المثال: كتبت وكالة أسوشييتد برس:

لا يُسمَح إلا بالأنماط المعتمدة للأساليب القياسية لطباعة الصور؛ مثل: زيادة الكثافة، وإنقاص الكثافة، وتعديل الألوان، والقص. وتقتصر إضافة الرتوش على إزالة الخدوش الطبيعية وبقع الغبار.

يجب دومًا التفكير جيدًا في عملية تعديل الألوان، من أجل ضمان المحاكاة الأمينة للأصل، وفي حالة وجود لون غريب أو تنسيق لوني غير معتاد، يُذكَر هذا في التعليق على الصورة. ويجب أن يحدث التعديل اللوني في أضيق الحالات. (أسوشييتد برس، ٢٠٠٣)

تعرَّضَ مصوِّر صحيفة ذي شارلوت أوبزرفر، باتريك شنايدر، للإيقاف عن العمل في عام ٢٠٠٣ بسبب إفراطه في زيادة كثافة صور رجال الإطفاء الحاصلة على جوائز. عرض شنايدر أن يقدِّم عملَه هذا بوصفه أداةً تعليميةً عن الأخلاقيات في عددٍ من المؤتمرات وحلقات الدراسة. يقول كيني إربي من معهد بوينتر:

أثناء عرضٍ تقديمي في المؤتمر السنوي الرابع عشر للنساء في الصحافة المصورة الذي تُقِيمه الجمعية الوطنية لمصوري الصحافة، شارَكَ شنايدر مع الحضور حصريًّا تقنيات برنامج فوتوشوب التي يستخدمها؛ أدوات إنقاص الكثافة وزيادتها، وأداة القص. لم تكن هذه تقنيات معقدة، ولكنَّ تعديلاتٍ أوليةً جدًّا أدَّتْ إلى إزالة معلومات ثانوية في الخلفية — أو ربما كانت محورية — كان من الممكن أن تساعد المشاهدين في فهم المحتوى والسياق. من وجهة نظري، يجب هنا أن تكون لنا وقفة.

لكونها صناعةً، حان وقتُ الامتثال للدقة؛ فلا توجد مساحة كبيرة للعفو عن الذين يكسرون الثقةَ المقدَّسة في المصداقية. (إربي، ٢٠٠٣ب)

بعد حادث عام ٢٠٠٣ أعلن شنايدر: «لن أخفِّف لونَ الخلفية كثيرًا هكذا أبدًا» (فيجوال إديتورز، ٢٠٠٦). لكن في عام ٢٠٠٦ طُرِد شنايدر من الأوبزرفر بسبب تغييره رقميًّا ألوانَ صورة أخرى لأحد رجال الإطفاء. وفي خطابٍ إلى القراء، كتب رئيس تحرير شارلوت أوبزرفر، ريك تيمز:

الدقةُ من أقدس قِيَمنا الصحفية، وينطبق هذا على الصور التي ننشرها، تمامًا كما ينطبق على الكلمات.

لذا يؤسفني كثيرًا أن أبلغكم أن ألوانَ إحدى الصور التي نُشِرت في عدد يوم الخميس غُيِّرت على نحوٍ غير لائقٍ قبل نَشْرها.

ظهرت الصورة، التي التقَطَها مصوِّر الأوبزرفر، باتريك شنايدر، في الجزء الأمامي من قسم الأخبار المحلية وأخبار الولاية. كانت الصورة لأحد إطفائيي مدينة شارلوت، واقِفًا على سلَّمٍ، ومن خلفه ضوء الشمس في الصباح الباكر.

في الصورة الأصلية، كانت السماء رماديةً مائلةً إلى اللون البني، ومع تحسينها باستخدام برنامجٍ لتحرير الصور، أصبحَت السماءُ حمراءَ داكنةً، وحصلت الشمسُ على هالة أوضح.

تنصُّ سياسة الأوبزرفر بشأن الصور أنه: «لا تغييرَ في ألوان المشهد الأصلي المصوَّر.»

قال شنايدر إنه لم يقصد تضليلَ القراء، وإنما مجرد استعادة لون السماء الفعلي؛ فقد قال إن اللون اختفى عندما عرَّضَ الصورة للضوء لفترة قليلة من أجل تجنُّب وهج الشمس …

نعتذر عن هذا الخطأ؛ فثقتكم مهمة لنا، وسنفعل ما في وسعنا حتى نضمن نزاهةَ جميع الصور التي ننشرها من الآن فصاعدًا. (تيمز، ٢٠٠٦)

بينما تنتهك التقنيةُ الرقمية، التي تتيح دمْجَ صورتين معًا لتكوين صورة واحدة، القواعدَ الأخلاقية للصحافة المصورة، انتهاكًا سافرًا، فإن تغيير الألوان رقميًّا هو أمرٌ أكثرُ ذاتيةً نوعًا ما. تقول سياسة الأوبزرفر بشأن الصور: «لا تغييرَ في ألوان المشهد الأصلي المصوَّر.» ويقول شنايدر إنه أراد «استعادة لون السماء الفعلي». من الصعب علينا تخيُّل كيف استطاع شنايدر تذكُّر اللون الدقيق أو «الفعلي» للسماء عقب انتهائه من أداء المهمة. في الوقت نفسه، «تُغيَّر» الألوان عن ألوان المشهد الأصلي باستخدام إمكانيات النَّسْخ والإعدادات في الكاميرا؛ فربما كانت الألوان في ملف شنايدر الأصلي مختلفة بالفعل عن تلك التي «رآها» بعينَيْه أثناء التقاطه الصورة.

يستطيع المصورون والصور خداعَ القراء بطرق أخرى غير التلاعُب الرقمي؛ فكما أوضحنا في الفصل الثالث، يبدأ الصحفيون عملَهم وفي أذهانهم مفهوم، ثم يعثرون على رموز تمثِّل المفهومَ. يُرسَل المصورون، عادةً، في مهامَّ من أجل التقاطِ صورٍ ترمز للمفاهيم التي يقترحها الكُتَّاب والمحررون؛ ويمكن أن يؤدِّي هذا إلى حدوثِ لبسٍ أو حتى غش.

على سبيل المثال: نُشِرت مع قصة الصفحة الأمامية من صحيفة يو إس إيه توداي يوم ١٦ فبراير عام ١٩٩٢، والتي كانت عن العصابات في لوس أنجلوس، صورةٌ توضيحية لأعضاء عصابةٍ يلوِّحون بالمسدسات. كانت القصة تتحدَّث عن احتمالِ حدوثِ عنفٍ في لوس أنجلوس إذا حصل رجال الشرطة الأربعة الذين اتُّهموا في قضية رودني كينج على براءةٍ من التُّهَم الفيدرالية التي وُجِّهت إليهم. خُدِع الأشخاص الذين ظهروا في الصورة؛ إذ أقنعهم المصوِّر بأن هذه الصورة ستُنشَر مع قصةٍ عن برنامجٍ مُعَدٍّ لحصولِ أعضاء العصابات على وظائف نظير تسليمهم أسلحتهم. فيما بعدُ، اعترفَتْ صحيفة يو إس إيه توداي بما حدث من خداعٍ، لكن هذا المثال يوضِّح الطريقةَ التي يمكن أن يُساء بها استخدامُ الرموز الفوتوغرافية في التعبير عن المفاهيم.

أتذكَّرُ صورةً نشرناها عندما كنتُ مديرًا للتصوير في صحف كوبلي في شيكاجو. كانت القصة تدور حول وجود رهانات عرَضية كلَّ يوم؛ كيف يراهن الناس على كل شيء، بدايةً من الأحداث الرياضية، وحتى كَمْ سيزن الطفل الحديث الولادة، ومَن الذي سيحصل على درجةٍ أعلى. تناقشتُ مع محرر القسم ومحرر التصميم في الأفكار المتاحة لصورةٍ تتماشى مع هذه القصة، وقرَّرْنا أن يذهب المصوِّر إلى ملعب جولف محلي، ويصور لاعِبِي الجولف من خلفهم ومن بعيد؛ حتى لا تظهر وجوههم. التقَطَ المصورُ الصورةَ تمامًا كما تخيَّلْناها، وفي اليوم التالي نُشِرت مع القصة.

في وقتٍ لاحق من هذا اليوم تلقَّيْتُ اتصالًا هاتفيًّا من أحد لاعبي الجولف في الصورة؛ فقد استطاع أصدقاؤه وأفراد أسرته التعرُّف عليه وعلى زملائه من لاعبي الجولف في الصورة، بسبب الزي ولغة الجسد … إلخ. كان مُحِقًّا في غضبه من ربطه بقصةٍ عن «الرهانات» بسبب وجوده في الصورة. اعتذرتُ له، ونشرنا بوضوحٍ اعتذارًا في صحيفة اليوم التالي. فشلتُ في تدبُّرِ كلِّ الاحتمالات والعواقب لالتقاطِ صورةٍ لأشخاص كيفما اتفق من أجل التعبير عن مفهوم معين.

على النحو نفسه، أحيانًا ما تُختار الصور من أجل تدعيم الكلمات المذكورة في العنوان. ويمكن أن تسبِّب هذه الممارسة أيضًا مشكلاتٍ. يقول نائب مدير التصميم في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، مايكل وايتلي:

نرغب دومًا في التعبير عن جوهر الموقف، وليس بالضرورة مضاهاة الصورة تمامًا وما تقوله الكلمات؛ على سبيل المثال: إذا كانت لدينا صورةٌ عن لحظةٍ تظهر فيها علاماتُ الغضب على وجه شخصٍ ما، ونقول: «هذا الشخص أخفَقَ في شيءٍ ما.» حينئذٍ نكون اخترنا وضْعَ الاثنين معًا. قد نوفِّقُ بذلك بين الصورة والكلمات، لكننا ربما لا نعكس بذلك حقيقةَ الموقف، وهذا يهمني حقًّا.

في الواقع، في هذا الأسبوع، خسر فريق ولايتنا، الليكرز، أمام فريق بيستونز، ونشرنا صورةً؛ وهي صورة جميلة جدًّا، لكني أعتقد أنها كانت غير دقيقة. كانت صورةَ كوبي وهو يمسح العرقَ عن وجهه بقميصه (انظر شكل ٦-١). كان كوبي يرفع قميصه حتى يمسح به عرقه عن وجهه، والتقط المصوِّر الصورةَ في هذه اللحظة وقميصه يغطِّي وجهَه بالكامل، فتبدو الصورة كما لو أنه يغطِّي وجهه لشعوره بالخزي.٢ حسنًا، لم يكن هذا ما حدث على الإطلاق، لكننا نشرنا هذه الصورة على ستة أعمدة، وكان هذا تقريبًا ما أشارت إليه. كتبنا عنوانًا يقول: «هزيمة نكراء»؛ فكان عنوانًا مؤثِّرًا وتحته صورة كوبي وهو يغطِّي وجهَه نوعًا ما.
fig14
شكل ٦-١: نهاية عصر؟ كوبي براينت، الذي سجَّلَ ١٢ نقطة في سبعٍ من أصل ٢١ تصويبة أثناء المباراة التي فاز بها فريق بيستونز، ربما تكون هذه آخِر مباراة له مع فريق ليكرز بعد ثمانية مواسم حصل فيها على ثلاث بطولات. صورة لوولي سكاليج. حقوق الطبع: ٢٠٠٤، لوس أنجلوس تايمز، أُعِيد طبعها بإذن.

أعتقد أن الأمر كان به قدرٌ من الخداع للقراء. أعتقد أننا لم نُعْطِهم صورةً أمينة عن واقع الموقف. وربما كانت لدينا صور أدنى — أقل جاذبيةً من الناحية البصرية — لكنها تعبِّر عن مشاعر أصيلة. أما الصورة التي نشرناها فهي مُرْضِية بقدرٍ أكبر من الناحية الجمالية، ولكنه كان يمسح العرقَ عن وجهه، ولم يكن يغطِّي وجهه، كما أنها التُقِطت في منتصف المباراة. أعتقد أن هذه الأشياء قد تضرُّ بمصداقيتك الفوتوغرافية؛ فيجب ألَّا تبحث دومًا عن صورٍ تتماشى حرفيًّا مع الكلمات؛ فأفضل شيء أن ترجع خطوة للوراء، وتقول: «كيف نعكس حقيقةَ هذا الموقف؟ وهل هذه الصورة تحديدًا تؤدِّي هذا الغرض؟» لأن هذا هو سبب استخدامك للصور؛ نَقْل الشعور للقارئ كما لو أنه كان موجودًا في الموقف. (وايتلي، ٢٠٠٤)

تلجأ الصحف أحيانًا إلى استخدام صور أرشيفية لتُنشَر مع إحدى القصص؛ ولهذه الممارسة مخاطرها كما يشرح محرِّرُ الصور في صحيفة شيكاجو تريبيون، جيفري بلاك:

أعددنا قصةً عن «طريق قاعة المشاهير السريع»، أطلقنا عليها هذا الاسمَ بسبب وجود قاعات مشاهير كثيرة متجاورة على طول هذا الطريق السريع بالتحديد. وكانت لدينا صورة نُشِرت لقاعة مشاهير «كرة القدم الأمريكية» في كانتون، بولاية أوهايو، التقَطَها أحدُ مصوِّرينا في عام ١٩٩٩. كانت مشكلة هذه الصورة أنهم حدَّثوا قاعةَ المشاهير من الداخل.

التُقِطتْ هذه الصورة في عام ١٩٩٩ — منذ خمس سنوات، وقد تغيَّرَ المكان في الوقت الحالي — لذلك انتهيتُ إلى كتابةِ شرحٍ عليها، وأننا نأسف لوجود خطأ؛ لأنها كانت صورة أرشيفية. لم نذكر أنها كانت صورة أرشيفية، وأن القاعة كانت هكذا. كان ينبغي علينا أن نذكر ذلك. (بلاك، ٢٠٠٤)

إحدى أصعب المعضلات الأخلاقية التي تواجه المحررين هي قرارُ نشرِ صورةٍ تحتوي على آثارٍ واضحة التفاصيل للعنف؛ فتكون هذه المشكلةُ ذات بُعْدَيْن. فمن المرجَّح أن يرى أصدقاء الضحية (أو الضحايا) وأقاربهم الصورةَ؛ ومن ثَمَّ يُجبَر المحررون على التخفيف من وطأة المأساة. في كثيرٍ من الأحيان يضع المحررون في اعتبارهم ما إذا كان الضحية أحد السكان المحليين أم لا، ظانِّين أن أهالي الضحايا غير المحليين أقل احتمالًا أن يروا الصورة. في صحف كوبلي في شيكاجو، كنتُ واحدًا ضمن مجموعةٍ من المحررين الذين اتَّخَذُوا قرارَ نشرِ صورةٍ لحادث سيارة قُتِل فيه ثلاثة أشخاص. كان كتف أحد الضحايا وذراعه واضحتَيْن في الصورة، ودار نقاش مطوَّل حول إنْ كان من الضروري أن يرى القراءُ التفاصيلَ بمثل هذا الوضوح. أيَّدَتْ نشْرَ هذه الصورة حقيقةُ أن الحادث وقع في تقاطُع خطير — شهد وقوع بضع حوادث أخرى — وأن ركابَ السيارة كانوا من خارج البلدة. على الرغم من أنني كنتُ أحد المحررين الذين أيَّدوا استخدامَ الصورة، ما زلتُ أستخدِم هذه الصفحةَ الأمامية بوصفها جزءًا من مناقشةِ مسألة الأخلاقيات، ولستُ مُقتنِعًا بأننا فعلنا الصواب.

في ١٦ أبريل عام ٢٠٠٧ قتَلَ طالبٌ في جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا ٣٢ شخصًا في حرم جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا، ثم انتحر. نشرت صحيفة ذي فيرجينيان-بايلوت صورةً مؤثرةً لناجٍ جريحٍ وهو يُحمَل من أحد المباني (انظر شكل ٦-٢). نُشِرت الصورة على ستة أعمدة في الجزء العلوي من الصفحة الأمامية للفيرجينيان-بايلوت، وأظهرَتْ تفاصيلَ قاسيةً لحالة الضحية، وشيئًا بَدَا للبعض مثل العضو الذكري للرجل. استجاب كثير من قراء الصحيفة استجابةً عنيفةً لهذه الصورة، ولقرار الصحيفة نشْرَها في صفحتها الأمامية. وفي ١٧ من أبريل، استخدَمَ رئيسُ تحرير فيرجينيان-بايلوت، دنيس فينلي، مدوَّنةَ الصحيفة ليَصِفَ للقراء والموظفين عمليةَ اتخاذ القرار، فقال:
fig15
شكل ٦-٢: ذي فيرجينيا-بايلوت، ١٧ أبريل، ٢٠٠٧. أُعِيدت طباعتها بإذنٍ من صحيفة ذي فيرجينيان-بايلوت.
تدور الشكاوى حول أمرين:
  • (١)

    اختيار الصورة للصفحة الأمامية، في حين أنها عنيفة للغاية ومهينة.

  • (٢)

    أن الصورة تُظهِر العضو الذكري للرجل.

سأتحدَّث أولًا عن النقطة الثانية. تصوير العضو الذكري للضحية ليس واضحًا في الصورة. التقط هذه الصورةَ آلان كيم، وهو يعمل في جريدة روانوك التابعة لنا، وقد فحص آلان ودان بيتي، مدير قسم التصوير في صحيفة روانوك، صورًا أخرى التُقِطت على نحوٍ متتالٍ قبل هذه الصورة وبعدها، واتضح لهما أن هذه قطعةُ قماشٍ، أو جزءٌ من العصابة الضاغطة لوقف النزيف. تلقَّيَا هما أيضًا اتصالاتٍ بسبب استخدامهما للصورة.

والآن، النقطة الأولى: كان هذا قرارًا صعبًا. تناقشنا طويلًا حول استخدام هذه الصورة في اجتماع السادسة والربع الذي يدور حول الصفحة الأمامية؛ فلدينا معاييرُ صارمة للغاية عندما يتعلَّق الأمرُ بنشر صورة واضحة التفاصيل مثل هذه؛ لذا طرحنا العديدَ من الأسئلة:

هل كان هذا الشخص ميتًا؟ لا، على حدِّ قول آلان كيم، الذي قال إن الشرطة كانت تحمل الناجين وتترك المتوفَّيْن. هل تُوفِّي في وقتٍ لاحق؟ نحن لم نعلم هذا [فالضحية الذي يظهر في الصورة هو كيفن ستيرن، الطالب في السنة الأخيرة في جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا الذي نجا]. هل هو من الطلاب المحليين؟ لم نكن نعلم هذا؛ إذ لم تُعلَن أية أسماء أمسِ. نحن ندقِّق للغاية عند نشر صورٍ مثل هذه الصورة، خاصةً إذا كنَّا نعتقد أن أسرةَ هذا الشخص تعيش هنا. نعلم أننا خاطرنا بحقيقة أن الشخص ربما يكون من السكان المحليين، وربما يكون تُوفِّي بعد التقاط الصورة. هل كان من الممكن التعرُّف عليه؟ لا. وهذا يساعد عادةً عند التفكير في نشر صورة مثل هذه.

عقب مناقشة الصورة والنظر في الاختيارات الأخرى، قرَّرْنا نشرها لأنها كانت تعبِّر بصدقٍ عن هول الحدث الذي لا تفصله عنَّا سوى ساعات قليلة؛ فرأينا أننا سنصبح غير مسئولين إذا حاولنا التخفيف من بشاعة هذه القصة؛ فهذا ثاني أسوأ إطلاقِ نارٍ جماعي في تاريخ العالَم، لا الولايات المتحدة، بل العالم. وإذا اتسمنا بالرهافة في وقتٍ كهذا، فلن يفيد هذا قرَّاءنا. هل أَثَرْنا الغضبَ والتقزُّز لدى بعض القراء وبعضكم؟ أنا متأكد من هذا، لكننا شعرنا أن واجبنا أن نصوِّر كَمَّ الغضب والفزع في هذا الحدث.

لا يكون مثل هذه القرارات سهلًا أبدًا، لكن توجد أوقات تطغى فيها الظروف على أي رغبة في حماية قرائنا من الوقائع الوحشية للحياة، ونحن مُجبَرون على نشر هذه الوقائع، وسيكون فعل أي شيء أقل من هذا إخلالًا بمسئوليتنا عن قول الحقيقة.

شكرًا لاستماعكم. يسعدنا الرد على أي تعليقات.

دنيس فينلي، رئيس تحرير ذي فيرجينيان-بايلوت. (فينلي، ٢٠٠٧)

حصل خطاب فينلي على ردودِ فعلٍ كانت في معظمها إيجابيةً من قرَّاء المدونة؛ فبَدَا أنهم قدَّروا قيمةَ صراحته بشأن عملية صنع القرار، وأنهم علموا أن هذا القرار اتُّخِذ بعد مناقشةٍ وتفكيرٍ طويلين.

يقول خبير أخلاقيات الصور، بوب ستيل: «إذا كانت الكتابةُ للقراء من أجل شرح القرارات السابقة أسلوبًا مشروعًا، فربما يكون على رؤساء التحرير أن يفكِّروا في أن يكونوا أكثر مبادرةً إلى شرح عملية صنع القرار. فمتى أُتِيح لهم هذا، يمكنهم شرح مبرِّرهم في عمودٍ أو شريطٍ جانبي في وقتِ نشْر القصة و/أو الصورة؛ حتى يتوافر للقراء سياقُ القرار في علاقته بالمنتَج نفسه» (ستيل، ٢٠٠٤). وتُقدِّم صورة أخرى نشرَتْها صحيفة ذي فيرجينيان-بايلوت مثالًا لهذا: «حين نشرت ذي فيرجينيان-بايلوت صورةَ جثمان ضابط أمريكي وهو يُسْحَل في شوارع مقديشو في الصومال، كتب مدير التحرير، كول كامبل، تفسيرًا في اليوم نفسه للقراء حول قرار الصحيفة» (ستيل، ٢٠٠٤).

لا تكون جميع القضايا الأخلاقية حاسمةً أو محددةً بوضوحٍ في الميثاق الأخلاقي، ويحتاج بعضها إلى مناقشةٍ بين مجموعة كبيرة ومتنوِّعة من الناس. هذا أحد أسباب ضرورة وجود تنوُّع داخل غرفة الأخبار، وسبب أهمية وجود خطِّ تواصُلٍ مفتوح مع المجتمع أيضًا؛ فحينما توجد ضرورةٌ لصنع قرارات أخلاقية صعبة، سيكون من المؤكَّد تقريبًا أن فردًا أو مجموعةً ما لن يكون سعيدًا بالنتائج. المهم أن تكون ثمة عمليةٌ مطبقةٌ، يمكن من خلالها مناقشة القضايا بالكامل وبصراحة؛ حتى يمكن اتخاذُ قرارٍ منصفٍ وعن وعي.

[يجب أن تعكس العملية] انتباهًا للمبادئ الصحفية، واهتمامًا حقيقيًّا بالقضايا الأخلاقية، وإدراكًا لعواقب القرار على مختلف الأطراف المعنية، واستعدادًا لاستكشاف أساليبَ بديلةٍ من أجل تعظيم قول الحقيقة وتقليل الضرر على الأفراد المعرَّضين له.

تُحسِّن المؤسساتُ الإخبارية التي تقدِّر قيمةَ صنْع القرارات على أساسٍ أخلاقيٍّ مهاراتها في هذه العملية على النحو نفسه الذي تطوِّر به مهاراتها في النقل الإخباري والكتابة والتحرير؛ فغرفةُ الأخبار المتمرسة في مهارةِ صنْع القرار على أساس أخلاقي هي أقدرُ على حلِّ المعضلات على نحوٍ أسرع، وأكثر فعاليةً، حتى في المواعيد النهائية. (ستيل، ٢٠٠٤)

(١) ملحق

(١-١) مقتطفات من الميثاق الأخلاقي لصحيفة ذي نيويورك تايمز

يجب أن تكون الصور التي تُنشَر في صفحاتنا، التي تدَّعِي أنها تُصوِّر الواقعَ، أصيلةً من جميع الجوانب؛ فلا ينبغي إضافة أفراد أو أشياء، أو إعادة ترتيبها، أو عكس ترتيبها، أو تشويهها، أو إزالتها من المشهد (باستثناء ممارسة القص المعترف بها بغرض حذف الأجزاء الزائدة الخارجية). ويجب قصر ضبط الألوان أو التدرج الرمادي، في أضيق الحدود، على الحالات الضرورية من أجل إنتاج صورة أكثر وضوحًا ودقة، تمامًا مثل «زيادة الكثافة» و«إنقاص الكثافة» اللذين كانا يحدثان من قبلُ في تظهير الصور في الغرفة المظلمة. يجب ألَّا تُلفَّق صورُ المواقف الإخبارية. وفي حالات الكولاج، والمونتاج، والصور الشخصية، والصور الإيضاحية لتصميم الأزياء أو المنازل، والمواقف الخيالية المفتعلة، والصور التوضيحية لطرق استخدام الأجهزة؛ لا بد أن يكون تدخُّلنا جليًّا للقارئ، وخاليًا، بما لا يدع مجالًا لِلَّبْس، من نية الخداع. يجب أن تذكر التعليقات على الصور وإسنادها أي تدخُّل نفعله إذا وجد أبسط احتمال للشك. وتجب استشارة مدير التصميم، أو محرر البيانات الإدارية في الصحيفة، أو مكتب الأخبار، في الحالات المشكوك فيها أو عند اقتراح تطبيق استثناءات (نيويورك تايمز، ٢٠٠٣).

(١-٢) بيان السياسة في وكالة أسوشييتد برس

صدر البيان التالي لسياستنا بشأن التعامل الإلكتروني مع الصور في عام ١٩٩٠، في بداية ظهور الإرسال العالي السرعة للصور ومعالجتها رقميًّا. وهو ينطبق على وقتنا الحالي تمامًا مثلما كان ينطبق على وقت صدوره.

أثار التصويرُ الإلكتروني تساؤلاتٍ جديدةً حول ما هو أخلاقي في عملية تحرير الصور. ربما كان السؤال جديدًا، لكن الإجابات كلها تنبع من القِيَم القديمة.

ببساطة، لا تغيِّر وكالةُ أسوشييتد برس الصورَ؛ إذ يجب أن تعبِّر صورنا دومًا عن الحقيقة.

أصبح الكمبيوتر أداةً متقدِّمةً للغاية في تحرير الصور؛ فقد أخرجنا من الغرفة المظلمة ذات المواد الكيميائية، حيث أصبحت أساليب الطباعة الماكرة، مثل زيادة الكثافة وتقليلها، أساليب صحيفة مقبولة لفترة طويلة. أما الآن، فحَلَّ محلَّ هذه المصطلحات مصطلحُ «التلاعب بالصورة» و«التحسين». وإذ يمكن أن يُساء بناء هذه المصطلحات الواسعة، فلا بد لنا من وضع الحدود، وإعادة ذكر بعض المبادئ الأساسية.

لن يحدث تغيير «أبدًا» في محتوى الصورة، أو تلاعب بأي طريقة.

ولا تُقبل إلا القواعد الراسخة للأساليب القياسية في طباعة الصور، مثل زيادة الكثافة وإنقاصها، وتعديل الألوان، والقص. وتقتصر إضافة الرتوش على إزالة الخدوش وبقع التراب العادية.

يجب التفكير بجدية دائمًا في تصحيح الألوان، من أجل التأكد من إعادة الإنتاج الأمينة للصورة الأصلية. وستُذكَر بوضوحٍ حالاتُ وجودِ ألوان أو درجات لونية غريبة في التعليق على الصورة. ويجب أن يكون تعديل الألوان في حدِّه الأدنى دومًا.

في أي وقت، عندما يظهر تساؤل بشأنِ مثلِ هذه القضايا، استَشِر أحدَ كبار المحررين على الفور.

نزاهة تقرير أسوشييتد برس المصوَّر هي أهم أولوياتنا، ولا أولويةَ لشيءٍ على مصداقيته. (أسوشييتد برس، ٢٠٠٣)

(١-٣) الميثاق الأخلاقي للجمعية الوطنية لمصوري الصحافة

تمهيد

تعترف الجمعية الوطنية لمصوري الصحافة، وهي جمعية مهنية تدعم أعلى المعايير في مجال الصحافة، باهتمامها بحاجةِ كل شخص إلى أن يكون مُلِمًّا تمامًا بالأحداث العامة، وأن يكون معترَفًا به بصفته جزءًا من العالم الذي نعيش فيه.

يعمل الصحفيون المصورون بوصفهم أمناء على العامة، ودورنا الأساسي هو تقديم التقارير بصريًّا، عن الأحداث المهمة، وعن وجهات النظر المختلفة في عالمنا المشترك، وهدفنا الأساسي هو التصوير الأمين والشامل للموضوع الذي نعمل عليه. وبصفتنا صحافيين مصورين، فعلينا مسئولية توثيق المجتمع، والحفاظ على تاريخه من خلال الصور.

تستطيع الصور الفوتوغرافية ولقطات الفيديو كشفَ الحقائق الكبرى، وفضْحَ الأخطاء والإهمال، وبثَّ الأملِ والتفاهم والربط بين الناس في جميع أنحاء العالم عبر لغة التفاهُم البصري. كما يمكن الصور أن تتسبَّب في أذًى بالغ إذا كانت متطفِّلة بقسوةٍ، أو متلاعَبًا بها.

يهدف هذا الميثاق إلى تحقيق أعلى جودة في أشكال الصحافة المصورة كافة، وإلى تقوية ثقة الجمهور بهذه المهنة. يُقصَد بها كذلك أن تكون أداة تعليمية لكلٍّ من المزاوِلين لهذا المجال، والذين يقدِّرون قيمة الصحافة المصورة. ولهذه الغاية، تعرض الجمعية الوطنية لمصوري الصحافة الميثاق الأخلاقي التالي:

الميثاق الأخلاقي

الصحفيون المصورون وأولئك الذين يُدِيرون إنتاجَ الأخبار المرئية مسئولون عن الالتزام بالمعايير التالية في عملهم اليومي:
  • كُنْ دقيقًا وشاملًا في تمثيل الأشخاص موضوع الصور.

  • قاوِمْ إغراءَ فرص الصور الملفَّقة.

  • اسْعَ إلى الكمال، ووفِّر السياقَ عند التصوير أو التسجيل للأشخاص. تجنَّبْ إظهارَ الأفراد والمجموعات بصورة نمطية. أدرِكِ التحيُّزَ الشخصي، واعمل على تجنُّب حضوره في العمل.

  • عامِلْ كلَّ الأشخاص موضوع الصور باحترام وكرامة. وامنح اهتمامًا خاصًّا للأشخاص الضعفاء، وتعاطفًا مع ضحايا الجرائم أو المآسي. ولا تتطفَّلْ على لحظات الحزن الخاصة إلا عندما يكون الجمهور بحاجة بالغة الأهمية ومبرَّرة لرؤيتها.

  • أثناء تصوير الأشخاص، لا تسهم عمدًا في تغيير الأحداث أو تسْعَ إلى تغييرها أو التأثير فيها.

  • يجب أن يحافظ التحرير على سلامة محتوى الصورة الفوتوغرافية وسياقها.

  • لا تتلاعَبْ بالصور أو تُضِفْ صوتًا أو تغيِّرْه بأية طريقة يمكنها تضليل المشاهدين أو إساءة تمثيل الأشخاص.

  • لا تدفَعْ أموالًا إلى المصادر أو الأشخاص أو تكافئهم ماديًّا على معلوماتهم أو مشاركتهم.

  • لا تقبَلْ هدايا أو معروفًا أو تعويضًا من أولئك الذين ربما يسعون إلى التأثير في التغطية الإعلامية.

  • لا تخرِّبْ عمدًا جهودَ الصحفيين الآخرين.

مثاليًّا، يجب على الصحفيين المصورين:
  • أن يجتهدوا من أجل ضمان التعامل مع شئون الناس في العلن. والدفاع عن حقوق كل الصحفيين في الوصول إلى المعلومة.

  • أن يفكروا بفاعلية، مثل دارسي علم النفس وعلم الاجتماع والسياسة والفن، من أجل التوصل إلى رؤية فريدة وتمثيل مميز. والعمل بشهية نَهِمة للأحداث الحالية ووسائل الإعلام المرئية المعاصرة.

  • أن يسعوا من أجل تحقيق تواصل كامل وغير مقيَّد مع الأشخاص موضوع الصور، واقتراح بدائل للفرص السطحية أو المتسرعة، والسعي للحصول على وجهات نظر متنوعة، والعمل على إظهار وجهات النظر غير الشائعة أو غير الملحوظة.

  • أن يتجنبوا التورُّطَ السياسي أو المدني أو التجاري أو أية ممارسة أخرى قد تعرِّض الاستقلال الصحفي للمرء للخطر، أو تعطي انطباعًا بتعرُّضه للخطر.

  • أن يحرصوا على التحلي بالكياسة والتواضع عند التعامل مع الأفراد.

  • أن يحترموا سلامةَ اللحظة المصورة فوتوغرافيًّا.

اجتهِدْ بالقدوة والتأثير، لتحافِظ على الروح والمعايير المرتفعة المُشار إليهما في هذا الميثاق. وعندما تتعرض لمواقف لا يكون فيها التصرف المناسب واضحًا، اسْعَ إلى استشارة مَن يُطبِّقون أعلى معايير المهنة. يجب أن يستمر الصحفيون المصوِّرون في دراسة حرفتهم والقواعد الأخلاقية التي توجِّهها (الجمعية الوطنية لمصوري الصحافة، ٢٠٠٤).

(١-٤) «مبادئ إرشادية للصحفي» بقلم بوب ستيل

اسْعَ وراء الحقيقة، وعبِّرْ عنها بأوفى شكل ممكن

  • ثقفْ نفسك باستمرارٍ؛ حتى تستطيع، في المقابل، تثقيفَ الجمهور وإشراكه وتعليمه بطريقة واضحة ومثيرة في القضايا المهمة.

  • كنْ أمينًا ومُنصِفًا وشجاعًا في جمع معلومات دقيقة، ونقلها، وتفسيرها.

  • أَعْطِ صوتًا للذين لا أصوات لهم.

  • حاسِبْ أصحابَ السلطات.

تصرَّفْ باستقلالية

  • احرسْ بقوةٍ دورَ الرقابة الجوهري الذي تلعبه الصحافة في مجتمع مفتوح.

  • ابحثْ عن وجهات النظر المتنافسة، وانشرها دون التأثر دون داعٍ بالذين يستخدمون سلطتهم أو موقعهم ضد الصالح العام.

  • ابْقَ متحررًا من الارتباطات والأنشطة التي ربما تعرِّض نزاهتَك للخطر أو تدمِّر مصداقيتك.

  • اعلمْ أن القرارات الأخلاقية الجيدة تتطلَّب مسئوليةً شخصيةً مدعومة بجهود مشتركة.

قلِّل الضررَ إلى أقل حدٍّ ممكن

  • كُنْ متعاطفًا مع الذين يتأثَّرون بأفعالك.

  • عامِل المصادرَ والأشخاص موضوع الصور والزملاء بوصفهم أناسًا يستحقون الاحترامَ، لا مجردَ وسائل لتحقيق أغراضك الصحفية.

  • اعلم أن جمع المعلومات ونقلها قد يسبِّبان ضررًا أو إزعاجًا، لكن يمكنك موازنة هذه السلبيات باختيار بدائل تحقِّق أفضلَ تأثيرٍ ممكن لهدفك المتمثِّل في سرد الحقيقة.

اطرحْ أسئلةً جيدة حتى تتَّخِذ قراراتٍ أخلاقيةً جيدة

  • ماذا أعرف؟ وما الذي أريد أن أعرفه؟

  • ما هدفي الصحفي؟

  • ما اهتماماتي الأخلاقية؟

  • ما السياسات التنظيمية والإرشادات المهنية التي يجب أن أضعها في اعتباري؟

  • كيف يمكنني إشراك أناسٍ آخَرين، لديهم وجهات نظر مختلفة وأفكار متنوعة، في عملية صنع القرار؟

  • مَن المعنِيُّون الذين يتأثَّرون بقراري؟ وما دوافعهم؟ وأيٌّ منها دوافعُ مشروعة؟

  • ماذا لو كانت الأدوارُ معكوسةً؟ كيف كنتُ سأشعر لو كنتُ مكانَ أحد المعنيِّين؟

  • ما العواقب المحتملة لأفعالي، على المدى القصير؟ وعلى المدى الطويل؟

  • ما الخيارات المتاحة أمامي لتعظيم مسئوليتي في سرد الحقيقة وتقليل الضرر؟

  • هل أستطيع توضيحَ تفكيري وقراري وتبريرهما بالكامل؛ لزملائي، وللأطراف المعنية، وللعامة؟ (ستيل، ٢٠٠٤)

(١-٥) الميثاق الأخلاقي لجمعية تصميم الأخبار

(أُقِرَّتْ في ٣٠ أغسطس، ٢٠٠٦).

تمهيد

بصفتنا أعضاء في جمعية تصميم الأخبار، نلتزم بتطبيقِ أعلى المعايير الأخلاقية للصحافة المصورة — لكل الأشكال الصحفية — بما يتوافق وقِيَمَ الدقة والإنصاف والأمانة والإحاطة والشجاعة.

الدقة

الدقة هي القيمة الأساسية في الصحافة، ويجب ألَّا تكون موضعَ مساوَمة؛ فعلينا أن نقدِّم محتوًى يخلو من الأخطاء، على منابرنا الإعلامية كافة. وعلينا التأكُّد من أن المحتوى الذي نقدِّمه هو تمثيلٌ يمكن التأكُّد من صحته للأخبار، وللأشخاص موضوع الصور. نحن نَعِدُ بألَّا نضلِّل، عن عمدٍ أبدًا، الذين يعتمدون علينا في تقديم خدمة عامة لهم، وسنصحِّح الأخطاء بحزمٍ وعلانيةٍ. وعلينا أن نلتزم الدقة مع زملائنا، تمامًا كما نلتزم بها مع جمهورنا.

الأمانة

نقدِّر قيمةَ التفكير والتعبير الأصيلين. سيخلو عملنا من التزييف والخداع؛ يشمل ذلك السرقةَ الأدبية والتلفيق. فنحن سننسب المحتوى لأصحابه، ونحترم حقوق الطبع والنشر، وسنسعى إلى الحفاظ على خلوِّ المحتوى الإخباري من المصالح الخاصة، داخلَ المؤسسة الإخبارية وخارجَها. نحن نؤمن بقيمة الشفافية، والإفصاح عن التفكير الكامن وراء القرارات المهمة؛ بدايةً من ذِكْر المصادر، وحتى كلمة رئيس التحرير في الصفحة الأمامية.

الإنصاف

لا بد من تحرِّي الإنصاف البالغ؛ فنحن نعلم أن عملنا قد يكون له تأثيرٌ كبير على الأفراد الذين نغطِّي موضوعاتهم؛ ومن ثَمَّ، فلا بد أن نوازِن باحترامٍ بين هذا وحاجة الرأي العام لمعرفة ما يحدث. حتى حينما يتعذَّر تجنُّب الضرر في السعي وراء سرد الحقيقة، فإننا سنسعى بجد للحد منه، وسنستمع إلى الذين ينتقدوننا. ويجب أن يكون حكمنا في هذه الأمور مبنيًّا على فكرتنا عن الصواب والخطأ بطريقةٍ تتوافق مع قِيَمنا المهنية.

الإحاطة

سنظل حَذِرين في مهمتنا التي تتمثَّل في محارَبة التحيُّز وتزعُّم الإصلاحات المطلوبة. سنتجنَّب الأنماطَ المكررة في إعداد التقارير، والتحرير، والعرض، والتوظيف، وسيصبح التنوُّع بمعناه الواسع سمةً لعملنا.

نحن نتقبَّل مسئوليةَ فهمِ مجتمعاتنا، والتغلُّب على التحيُّز في التغطية الممثلة للمجموعات التي تشكِّل مجتمعنا. بمرور الوقت، يجب أن ترى مجموعاتٌ، وأساليبُ حياة، وخلفياتٌ كثيرة نفسَها وقِيَمَها ممثَّلةً في الأخبار.

الشجاعة

يحتاج الصحفيون إلى شجاعة أدبية، وأحيانًا جسمانية، من أجل الاضطلاع بمسئوليتهم عن خدمة العامة. يتطلَّب الأمرُ شجاعةً للدفاع عن قِيَمٍ مثل الدقة والأمانة والإنصاف والإحاطة. وتكون مثل هذه الشجاعة ضروريةً لتحقيق النزاهة الشخصية، وبناء المصداقية. ويشمل هذا شجاعةَ تخطِّي الحدود الصارمة. يجب أن نتحدى التفكيرَ التقليدي ونستكشف سرْدَ القصص بطرقٍ مبتكرةٍ؛ حتى نساعد في تغييرِ فهْمِ جمهورنا عالَمًا يزداد تعقيدًا.

يحتل التفكير المنطقي والحَرْفية، والموضوعية والتفكير التقليدي مكانةً مهمةً، لكنْ يجب أن تكون مكانةُ التخيُّل والحدس، والإبداع المسئول والتقمُّص العاطفي كذلك.

هوامش

(١) «لم يتأكَّد فعليًّا، إلا بدايةً من حرب فيتنام، أن أيًّا من الصور الشهيرة كانت ملفَّقةً. وهذا أمر ضروري للسلطة الأخلاقية لهذه الصور … فنيًّا، أصبحَت احتمالات معالجة الصور أو تعديلها إلكترونيًّا أكبر من أي وقت مضى؛ غيرَ محدودة تقريبًا. إلا أن ممارسة اختراع صور إخبارية درامية وتلفيقها من أجل الكاميرا، يبدو أنها في سبيلها إلى الاندثار» (سونتاج، ٢٠٠٣، ص٥٧، ٥٨).
(٢) كتب المصور وولي سكاليج في تعليقه: «كوبي براينت، لاعب فريق الليكرز، وهو يمسح عرقه، في المباراة الخامسة ضد فريق بيستونز، في نهائيات دوري كرة السلة الأمريكي، في استاد ذي بالاس أوف أوبورن هيلز، يوم الثلاثاء». أما التعليق الذي نُشِر فيقول: «نهاية عصر؟ كوبي براينت، الذي سجَّلَ ٢١ نقطة في سبعٍ من أصل ٢١ تصويبة، أثناء فوز فريق بيستونز، ربما تكون هذه آخِر مباراة له مع فريق الليكرز بعد ثمانية مواسم حصل فيها على ثلاث بطولات.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤