مقدمة الطبعة الثالثة

حاولت مرةً أخرى، وأنا أراجع هذا الكتاب للمرة الثانية، أن أنتفع من الاقتراحات المتعددة التي تلقيتها من الأساتذة الذين درسوه وألموا به إلمامًا كافيًا. ولا شك أنني لم أتمكن من أن أُضمِّن الكتاب إلا جزءًا من هذه الآراء، وإلا لكان عليَّ أن أؤلف كتابًا جديدًا كل الجدة، ولكني أخذت على الأقل بعديد من المقترحات التي تكرر إبداؤها من أشخاص كثيرين.

ولقد كانت أبرز التغيرات التي أدخلتها على هذه الطبعة، إضافة فصل ختامي عن النزعة الإنسانية والوجودية؛ ذلك لأن طلب معلومات عن هاتين الحركتين كان هو أكثر الاقتراحات التي تلقيتها تكرارًا. كذلك فقد أعدت كتابة معظم الفصلين المتعلقين بالميتافيزيقا، ولا سيما الأقسام الخاصة بالمذهب الثنائي والمذهب التعددي. ويبدو أن هناك إجماعًا في الآراء على أن هذين كانا أصعب فصول الطبعتين السابقتين؛ ولذا حاولت أن أزيدهما قربًا إلى أفهام الطلاب، فأضفت إلى هذا الغرض مزيدًا من الأمثلة الملموسة، واهتممت بتفرعات المذهب الثنائي والمذهب التعددي في الميادين الأخرى.

ولقد أضفت قسمًا مطولًا تتبعت فيه تاريخ مفهوم «الواجب»، ليكون قبل كل شيء بمثابة مدخل إلى دراسة مذهب «كانت» الأخلاقي. وإني لعلى ثقة من أن هذه الإضافة ستجعل الطلاب أكثر تعاطفًا مع موقف «كانت» الصارم القاطع، وذلك حين يلمون ببعض الآراء التي كانت فلسفته الأخلاقية رد فعل عليها.

كذلك فإني أعدت كتابة جزء من الفصل الخاص بالمثالية، وتوسعت بوجهٍ خاص في باركلي. ذلك لأنني كنت قد تلقيت عدة اقتراحات بتحسين هذا الفصل، وقد أخذت بها على قدر ما كان ذلك ممكنًا من الوجهة العملية. وفضلًا عن ذلك فقد توسعت في الفصل الخاص بالتصوف، مع الاهتمام بوجه خاص بالتصوف من حيث هو موقف معرفي (إبستمولوجي).

أما قائمة المصطلحات، التي كانت من قبل مطولة، فقد زيدت قليلًا، وذلك بوجه خاص لكي تشتمل على المصطلحات الواردة في الإضافات المشار إليها من قبل. وقد حاولت في كل الأحيان أن أجعل الكتاب متمشيًا مع أحدث التطورات في ميدان الفلسفة. وصحيح أن الأفكار الفلسفية قد لا تكون سريعة التغير، ولكن من المؤكد أن المراجع والأمثلة واهتمامات الطلاب تتغير بسرعة أكبر بكثير مما يدركه معظمنا، ولا بد للمؤلف الشاعر بمسئوليته من أن يأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار عندما يراجع كتابه.

أما الأشخاص الذين قدموا إليَّ اقتراحات مفيدة بشأن تنقيح هذا الكتاب بفهم أكثر مما يتسع المقام لذكره، ولكن س. ن. ستوكتون، من كلية بيكرزفيلد، يستحق ثناءً خاصًّا على أفكاره المفصلة المطولة بشأن طريقة تحسين الكتاب. ومن الحظ سوء أنني لم أستطع، لأسباب عملية، أن أنفذ إلا قدرًا يسيرًا من اقتراحاته الرائعة. كذلك تستحق ماري أليس آرنت، وفرجينيا كوتكين، ثناءً عطرًا على مساعدتهما في الأعمال الكتابية.

هنتز ميد
باسادينا، يناير ١٩٥٩م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤