الفصل الرابع

سلوك المستهلِك والمشتري وعرض القيمة المقترَحة

يُعَد فهمُ سلوكيات كلٍّ من المستهلِك والمشتري عاملًا أساسيًّا لنجاح المُسوِّقين في إطلاق حملاتٍ تسويقية فعَّالة؛ لأن سلوكيات المستهلِكين (أي المستخدمين النهائيين للمنتجات) والمشترين على مستوى المنظمات (أي مشتري المنتجات بغرض الاستخدام التجاري) مُختلفة. والمقصود بسلوكيات المستهلك والمشتري تصرفاتهم عند الحصول على السلع والخدمات واستهلاكها. فمن خلال فَهْم الكيفية التي يفكر بها المستهلكون، والتي يتصرفون بها أثناء اتخاذ القرارات المتعلقة بأنشطة الشراء، يستطيع المسوِّق ممارسة بعض التأثير والتحكم في أفعالهم. وكذلك يستطيع المسوِّقون التأثير في أنماط الشراء في العمليات التجارية بين المنظمات من خلال فهمهم سلوك المشترين.

عملية صنع القرار الخاصة بالمستهلِكين

يمكن فهمُ سلوك المستهلِكين على أكمل وجه من خلال العناصر الرئيسية التالية: (١) تحديد دافع المستهلِكين؛ أي احتياجاتهم ورغباتهم، (٢) صنع القرار؛ أي كيفية اتخاذهم القرارات، (٣) سلوكيات ما بعد الشراء؛ أي ما يفعلونه بعد عملية الشراء.

يتخذ معظم الناس قراراتهم الشرائية بتعمُّد مقصود؛ لأنهم دائمًا ما يفكرون قبل القرار. يبدأ قرار إجراء عملية الشراء بالاعتراف بوجود حاجة إلى منتج معيَّن لتلبيةِ نقصٍ ما. ثم يتبع ذلك بحثٌ عن معلومات عن الحلول الممكنة وتقييم تلك المعلومات، وقد يشمل هذا التقييم أيضًا أخذ بعض آراء الأشخاص المؤثرين في الحسبان. ثم يُتخذ القرار ويُشترى المنتج. وهكذا قد اكتملت عملية الشراء، لكن المستهلِك يشارك بعدئذٍ في تقييم أداء المنتج بعد الشراء ليقرِّر مدى رضاه عنه، وهذا بدوره سيُتيح للمرء ما يحتاج إليه من معلومات عند عملية الشراء التالية لتلبية حاجة مشابهة (انظر الشكل رقم ٤-١).
fig6
شكل ٤-١: عملية اتخاذ قرار الشراء.

يرتبط جزء إدراك المشكلة من عملية صُنع القرار بالدافع إلى الشراء من أجل تلبية حاجة أو شهوة أو رغبة معيَّنة. ويؤثر نوع النقص الذي يلزم سدُّه في تحديدِ ما إذا كان الدافع حاجةً مُلحَّة أم شهوة أقل إلحاحًا. فإذا شعرت بالعطش مثلًا، ستبحث فورًا عن شيء تشربه لإشباع هذه الحاجة. أمَّا الشهوة، فمن أمثلتها أن تريد السفر لقضاء عطلة، وأمَّا الرغبة، فقد تكون الذهاب إلى أستراليا مثلًا. وهكذا قد تستطيع بسرعة وبقليل من التخطيط أن تلبِّي شهوة السفر لقضاء عطلة، لكن تحقيق رغبتك في الذهاب إلى أستراليا تحديدًا قد يستغرق وقتًا أطول، نظرًا إلى بُعد المسافة الجغرافية والتكلفة؛ لذلك قد تحتاج إلى قضاء المزيد من الوقت للادخار من أجل تمويل الرحلة والتخطيط والاستعداد لها.

تعتمد عملية البحث عن المعلومات على الدافع والسياق. فقرارات الشراء يُمكن أن تكون ذات استغراق منخفِض (أي بسيطة، بمعنى أنها تستغرق وقتًا ومجهودًا ضئيلًا) أو ذات استغراق عالٍ (أي معقَّدة، بمعنى أنها تستغرق وقتًا ومجهودًا كبيرًا). وعادةً ما يرتبط مستوى الاستغراق في عملية اتخاذ القرار بقيمة المنتج الذي يُشترى ومدى أهمية اتخاذ المشتري الاختيار الصحيح. فعند البحث عن المعلومات، يخوض المشتري العملية نفسها، ولكن إذا كان قرار الشراء عالي الاستغراق، فمن المحتمَل أن يستغرق البحث وقتًا أطول ويكون أوسع نطاقًا. وقد تكون عملية الشراء منخفضة الاستغراق اندفاعيةً بديهية، كشراء قالب شوكولاتة لأنك ترغب في تناول وجبة خفيفة؛ وفي هذا النوع من الشراء، من المرجَّح أن يكون البحث سريعًا للغاية. أما في عمليات الشراء المعقَّدة ذات الاستغراق العالي، كاختيار وجهة لقضاء العطلة أو شراء سيارة جديدة، فمن المرجَّح أن يستغرق البحث وقتًا أطول بكثير؛ لأنَّ المشتري يريد جمع معلومات أكثر عن الخيارات المتاحة، وإجراء مقارنات، وجمع الآراء من عدة أشخاص مؤثرين قبل الاختيار؛ لأن المخاطرة ستكون أعلى، والاستثمار سيكون أكبر.

أما المرحلة التالية في عملية صنع القرار، فهي تقييم البدائل والاختيار. وفي حالة شراء المنتجات التي تتطلب مستوًى منخفضًا من الاستغراق، من المرجَّح أن يقتصر التقييم على تقييم سريع للخيارات الفورية المتاحة (وليكن مثلًا أي قوالب الشوكولاتة هي الموجودة على الرف)، وربما يكون مستندًا إلى التجارب السابقة التي تناول فيها المشتري هذه الأنواع من قوالب الشوكولاتة. وأمَّا في حالة المنتجات التي تتطلب مستوًى عاليًا من الاستغراق، فمن المرجَّح أن يستغرق التقييم وقتًا أطول، ويتضمن جمع توصيات الآخرين وتقييماتهم وآرائهم، بالإضافة إلى مراجعة المنشورات الترويجية ذات الصلة للحصول على أفضل العروض المتاحة. وفي كلتا الحالتين، سيكون الاختيار نهاية مرحلة التقييم وستتبعه عملية الشراء. وهنا أيضًا سيعتمد طول الوقت الذي تستغرقه عملية الاختيار والشراء على مستوى الاستغراق الذي يتطلبه شراء المنتج؛ فعند شراء المنتجات المنخفضة الاستغراق، يأخذ المشتري السلعة ببساطة، ويدفع ثمنها بالطريقة المناسبة. أما عند شراء المنتجات العالية الاستغراق، فيمكن أن تكون عملية الاختيار متبوعةً بمناقشة خيارات الشراء مع البائع، وإعداد طريقة للدفع، والتفاوض بشأن تسليم السلع أو الخدمات.

ثم يأتي الجزء الأخير من عملية صنع القرار، وهو تقييم ما بعد الشراء. فمعظم عمليات الشراء تكون متبوعةً بتقييم لأداء المنتج. وفي حالة شراء قالب الشوكولاتة، قد يتمثل هذا التقييم في التحقق من أنها تلبِّي حاجتك إلى تناول وجبة خفيفة وأن مذاقها جيد. فهذه المعلومات ستؤثر بعدئذٍ في عملية الشراء التالية التي ستُجريها في ظروف مماثلة. وفي المنتجات التي تتطلب مستوًى عاليًا من الاستغراق، من المرجَّح أن يستغرق التقييم وقتًا أطول فور اكتمال عملية الشراء. وقد يصاب المشتري أيضًا بحالة من التنافر المعرفي بعد الشراء؛ أي يشعر بقلق من أن يكون قد أجرى عملية شراء خاطئة. وهكذا قد تستغرق عملية تقييم ما بعد الشراء فترةً تصل حتى إلى سنوات، بناءً على قيمة المنتج. فعادةً ما يمكن أن يُبرِز الأصدقاء وأفراد العائلة مزايا السيارة التي اشتروها، أو يعبِّروا عن مخاوفهم بشأن بعض عيوبها وسماتها حتى بعد سنوات من شرائها.

السلوك الشرائي للمستهلِك

يُقصَد بسلوك المستهلِك كيفية تعامُل المشتري المحتمَل مع اتخاذ قرار بشراء شيء ما لاستخدامه الخاص. وتؤثر هذه العملية في كيفية استهلاك المشتري للسلع أو تجربة الخدمات. وفي هذا الصدد، يوضِّح فيليب كوتلر أن قرارات شراء المستهلك لا تحدث بمعزل عن غيرها، بل إنها مشروطة بعدد من التأثيرات. فالثقافة تؤثر تأثيرًا كبيرًا في عملية صنع القرار لدينا؛ لأنها توجِّهنا إلى المنتجات المقبول شراؤها (انظر الشكل رقم ٤-٢).

تتكون الثقافة من القيم والتصورات والاحتياجات والسلوكيات المكتسَبة لدى كل فرد في مجموعة معيَّنة. وتُعَد الثقافات الوطنية محدَّدة بوضوح تام، وتؤدي إلى ظهور احتياجات ورغبات ومطالب مختلفة في المناطق الجغرافية المختلفة. وكذلك تنقسم الثقافات الوطنية إلى ثقافات فرعية ذات قيم مشتركة يمكن أن تُحدِث مزيدًا من التغيير في سلوك الشراء لدى المستهلكين. تتمثل الثقافة الفرعية في مجموعة من الأشخاص لديهم أنظمة قيم مُتشاركة، أو تجارب حياتية مشتركة، كشعب القوط، وعُشاق كرة القدم، ومتابعي موسيقى «الهيفي ميتال»، أو حتى راكبي الدراجات؛ لأنهم يتسمون بخصائص محدَّدة تجعل لديهم تفضيلات فريدة لمنتجات معينة. ويمكن أن تؤدي هذه الثقافات الفرعية إلى ظهور شرائح سوقية مهمة يمكن للمسوِّق استهدافها؛ إذ يمكن تصميم المنتج طبقًا لتفضيلات الثقافات الفرعية مع تكييف الرسائل التسويقية لتلبية احتياجاتهم، مثل شركة هارلي-ديفيدسون التي نجحت في استهداف راكبي الدراجات النارية الذين يمثِّلون ثقافةً متفرِّعة من «الثقافة الأمريكية» الأقدم.

fig7
شكل ٤-٢: العوامل المؤثرة في السلوكيات الشرائية.

تشير الثقافات الرئيسية والثقافات الفرعية إلى ماهية المجموعات الأهم تأثيرًا في اتجاهات الشراء، والقرارات الفردية. ففي بعض الثقافات، يكون لأصحاب العمل التأثير الأكبر، بينما في ثقافات أخرى، يكون للمجتمع ككلٍّ التأثير الأكبر على الرأي، وهذا التأثير يصل إلى الناس من خلال الرسائل الحكومية ووسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الوطنية، كحملات مناهضة القيادة تحت تأثير الكحول التي تُجريها حكومة المملكة المتحدة في كل عام تزامنًا مع عيد الميلاد المجيد. وإلى جانب تأثيرات الثقافات الرئيسية والثقافات الفرعية على ما نشتريه، فإننا نتأثر بالأشخاص الأقرب إلينا، كأفراد أسرتنا وأصدقائنا المباشرين، والمجموعات التي تهمنا، مثل مجموعتنا المرجعية.

تُعتبر المجموعة المرجعية هي الأشخاص أو الشخص الذي يؤثر التأثير الأكبر في سلوكياتنا، ويُرسي المعايير والقواعد التي نستند إليها في الحُكم على أنفسنا وتعديل سلوكياتنا. ويتمنى معظمنا الانتماء إلى مجموعة أو مجموعات معيَّنة، وغالبًا ما نجد أننا «نسير مع القطيع» في عدد من القرارات المتعلقة بالطريقة التي نعيش بها. يمكن أن تكون المجموعات المرجعية صغيرة؛ أي تتألف من أفراد الأسرة المباشرين والأصدقاء المقرَّبين، أو ربما زملاء مقرَّبين من مجموعات العمل أو الأنشطة الترفيهية. ويمكن أن تكون بعض المجموعات المرجعية كبيرة، فتشمل مجموعات اجتماعية أو طبقة كاملة، أو مجتمعات عبر الإنترنت، أو جماعات دينية.

ويمكن أيضًا أن تتشكل قراراتنا الشرائية بتأثير من قادة الرأي والخبراء المهمين لنا، الذين يستخدمون وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية مرارًا للتعبير عن آرائهم وتفضيلاتهم (انظر الشكل رقم ٤-٣). وكذلك يمكن لمواقع التقييم، مثل «تريب أدفيزور»، أن تستضيف مناقشات متعلقة بجودة العروض المختلفة والأغراض التي تُلبيها، وغالبًا ما ينخرط المستهلِكون في «دردشة» عن مشترياتهم الأخيرة، وينشرون الآراء والخبرات. ويعتمد مدى تأثُّرنا بكل هذه التأثيرات على مواقفنا النفسية.

ومن أهم العوامل المؤثرة في عملية صنع القرار لدينا هو إدراكنا للكيفية التي ينبغي أن نتصرف بها في المواقف المختلفة. فإدراكنا هو العملية التي نختار من خلالها المعلومات ونفسِّرها لنستطيع فهم العالم من حولنا. ومن ثَم، يتشكل الإدراك من خلال تجربتنا الشخصية في الحياة والتعليم. فعلى سبيل المثال، نتخذ كل يوم آلافًا من قرارات الاختيار لأننا نتعرض لكثير من المعلومات الجديدة والمتكررة، ونختار الانتباه إلى بعض الجوانب وتجاهل البعض الآخر. وهذه القرارات تُشكِّل إدراكنا للعالم والكيفية التي يُمكن بها أن نتكيف معه. ولذا فإن عملية الاختيار هي التي يأمل المسوِّقون في التأثير عليها والاستفادة منها، فيُرسلون رسائل تجذب المجموعة المستهدَفة من المستهلِكين (شريحة الزبائن) على أمل التناغم مع تصورات المستهلِكين عن الأشياء المهمة لهم.

fig8
شكل ٤-٣: العوامل المؤثرة في قرارات الشراء.

وتتأثر قراراتنا الشرائية أيضًا بظروفنا الحالية. فالظروف الطارئة، كتعطُّل السيارة مثلًا، ستخلق حاجةً مُلحَّة إلى اتخاذ قرار معقَّد بسرعة. وهكذا ربما يُقرر المرء شراء أقرب سيارة متاحة تلبِّي معاييره الأساسية، دون مراعاة بعض العوامل المهمة الأخرى، كخيارات الخدمة أو مكانة العلامة التجارية. أو قد يكون الدافع وراء عمليات الشراء ظروفًا خاصة، كمهرجان ديني أو عطلة وطنية أو حدث شخصي، مثل عيد ميلاد أو ذكرى سنوية، وهذه الظروف ستحدِّد وقت اتخاذ قرارات الشراء. وعليه، يحتاج مسئولو التسويق إلى فهم الكيفية التي يشتري بها المستهلكون، والأوقات التي يشترون فيها، والأماكن التي يشترون منها، والعوامل المؤثرة في عاداتهم الشرائية.

تأثير التسويق في سلوك المستهلِك

إنَّ المزيج التسويقي الموجَّه يهدف إلى توجيه المشترين المحتملين نحو التفكير في منتَجات معيَّنة. وصحيح أنَّ الجهود الترويجية يُمكن أن تُغْري المشترين بالشراء، لكن كيفية تعاملهم مع الشراء قد تتحدد أيضًا وفق تجاربهم الشخصية في عمليات الشراء السابقة وعلاقتهم بالعلامة التجارية. ومع أنَّ معظم عمليات الشراء تتم استجابةً لاحتياجات شخصية، فإنها يمكن أن تتأثر بالمجموعات التي ننتمي إليها، أو تلك التي نطمح إلى الانضمام إليها. وهذا يوضِّح في الحقيقة أن قرارات الشراء مدفوعة جزئيًّا باستجابات متنوعة لعروض الشراء: استجابات عقلانية (ما أحتاج إليه) وسلوكية (ما فعلته من قبل) وعاطفية (ما أريده). فربما نشتري حذاءً طويلًا أسود أو أخضر من طراز «ويلنجتون» لإبقاء أقدامنا جافَّة، لكننا أيضًا قد نشتري حذاءً طويلًا باللون الوردي الفاتح الممزوج ببقع بيضاء لنعبِّر عن مشاعرنا وشخصيتنا.

ومن الطرق التي يمكن للمسوِّقين التأثير بها في المستهلِكين أن يستهدفوا كل جزء من عملية صنع القرار على حدة. فأولًا، سيرغب المسوِّقون في تعزيز الوعي بمنتجاتهم من خلال إنشاء العلامات التجارية والإعلانات والعلاقات العامة والتوصيات الشفوية من المؤثرين المشهورين، بحيث تظهر في مرحلة البحث من عملية صنع القرار. ومن الأمثلة على ذلك الإعلانات المستمرة عن منتجات التأمين عبر التلفزيون والراديو والإنترنت وفي الصحافة. فالمسوِّقون لا يعرفون متى سيبحث المستهلِكون عن هذا النوع من المنتجات؛ لأنَّ خِدمات التأمين تُجدَّد كل عام في الوقت الذي اشتُريَت فيه أصلًا. ومن ثَم، يستخدم المسوِّقون التسويق المستمر لضمان أنَّ أسماءهم ستؤخذ في الحسبان عند التجديد. ويريد المسوِّقون أيضًا توافر المعلومات الدقيقة بسهولة على صفحات الإنترنت ومحركات البحث أثناء مرحلة البحث عن المعلومات، ويرغبون في أن تكون التوصيات المنشورة عنهم في وسائل التواصل الاجتماعي إيجابية. فعلى سبيل المثال، قد تؤثر تعليقات موقع «تريب أدفيزور» في اختيارنا للفنادق أو المطاعم. وقد يميل المشترون إلى خيار معين متأثرين بسمعة العلامة التجارية، أو خبرة مندوبي المبيعات، أو خيارات التسعير المرنة، أو التوزيع الذي يُسهِّل الحصول على المنتج، أو كل هذه العوامل معًا.

قد يتأثر الاختيار أيضًا بالمناقشات مع العائلة والأصدقاء، ولكن يظل المسوِّقون قادرين على التأثير في الاختيار النهائي بإطلاق عروض ترويجية جذَّابة (كتخفيضات أو عروض خاصة أو هدايا)، وتعليقات الاستحسان الإيجابية على مواقع التواصل الاجتماعي ونهج التسويق القائم على تعزيز الولاء. فاستخدام بطاقات الولاء وبرامج المكافآت يُعَد من أكبر الأساليب المتوسعة التي أثرت في مشتريات المستهلِكين في السنوات الأخيرة. فالعديد من المنظمات، لا سيما في قطاعات الضيافة والسفر والبيع بالتجزئة، تستخدم بطاقات ولاء تمنح المستهلِك ميزة شبيهة بالعضوية تعطيه حق الحصول على معاملة تفضيلية أو هدايا مجانية أو غيرها من أشكال الإغراء. والغرض منها هو تشجيع المستهلك على أن يُكرِّر اختيار عرض المنظمة بدلًا من عروض منافسيها، وهو ما يساعد المنظمة على الاحتفاظ بالمستهلكين وضمان ولائهم لعلامة تجارية معيَّنة. أمَّا الشراء الفعلي، فيتأثر أساسًا بالعمليات الفعالة والتوزيع وخدمات العملاء. وأخيرًا، يعتمد تقييمُ ما بعد الشراء على أداء المنتج، ومدى الطمأنينة والثقة التي يشعر بها المُستهلِك من خلال الرسائل الترويجية التأكيدية، وخدمات العملاء الفعالة. ومن ثَم، يمكن للمسوِّق استخدام عناصر مختلفة من المزيج التسويقي للتأثير في كل مرحلة من عملية صنع القرار.

سلوك المشتري على مستوى الشركات

إنَّ عملية صنع قرارات الشراء على مستوى الشركات تتأثر بسياقها. فعادةً ما يكون المستهلِكون أفرادًا يشترون لتلبية حاجة أو رغبة شخصية. أمَّا المشترون على مستوى الشركات، فيشترون لتلبية احتياجات مجموعة ما أو منظمة معينة؛ ولذا فإن القرار غالبًا ما يشمل العديد من الأطراف المترابطة، بما في ذلك مبادرون ومؤثرون ومشترون وصانعو قرار ومستخدمون (انظر الجدول رقم ٤-١). وهذا يعني أنَّ المشترين عليهم التفاوض مع آخرين داخل المنظمة وكذلك التفاوض مع المورِّد. وفي هذه النوعية من عمليات الشراء، عادةً ما توجد «لجنة» مختصة بالشراء أو وحدة معنية بصنع قرارات الشراء، خاصة للمنتجات الباهظة الثمن أو الفريدة، وهذا قد يجعل مندوبي المبيعات يجدون صعوبة في معرفةِ ما يريده المشترون على مستوى الشركات وكيفية التأثير عليهم.
جدول ٤-١: المشاركون في شراء المنتجات التي تستخدمها المنظمات أو القطاعات الصناعية
الأدوار في وحدة اتخاذ القرار الوظيفة
المُبادر الشخص الذي يقترح وجود حاجة يمكن تلبيتها بعملية شراء معينة.
المؤثِّر الشخص الذي يملك آراءً مُفعَمة بالخبرة ويُقدِّم التوجيه.
صانع القرار الشخص المخوَّل باتخاذ قرار الشراء.
المشتري الشخص الذي يُقدِّم طلب الشراء.
المستخدِم الشخص الذي يستهلك المنتج.

تتسم سوق التعاملات بين الشركات بعدد من الميزات الفريدة التي تغيِّر السلوكيات الشرائية لدى المشاركين في عملية الشراء. وغالبًا ما يكون الغرض من عمليات الشراء على مستوى الشركات هو الإنتاج أو إعادة البيع. ويتضمن الشراء الهادف إلى الإنتاج شراء آلات جديدة (سلع رأسمالية) ومواد خام وخدمات مثل أنظمة تكنولوجيا المعلومات. أما الشراء الهادف إلى إعادة البيع، فيقوم على شراء المنتج بسعر الجملة ثم إعادة بيعه بسعر أعلى لمشترٍ أو مستهلِك آخر. وتُعَد قيمة سوق الشركات كبيرة؛ لأنَّ كل منتج استهلاكي يُشترى يوجد مقابله العديد من عمليات الشراء بين الشركات لدعم إنتاجه. فمصنِّعو السيارات مثلًا يحتاجون إلى شراء مكوِّنات المحرك والإطارات وأقمشة المقاعد والألياف الصلبة والكربونية والزجاج وآليات الأبواب ومجموعة الدفع والمكونات الكهربائية وأجهزة التحكم الإلكترونية ومواد بلاستيكية والملحقات الأخرى لصنع سيارة متكاملة.

وكذلك تحتاج الشركة المصنِّعة إلى شراء سلع رأسمالية، كآلات الإنتاج والتشغيل، والتكفُّل بتخزين السلع النهائية ونقلها. ويجب شراء جميع هذه السلع والخدمات بالسعر والجودة المناسبَين. ولكن من المهم ملاحظة أن الطلب على منتجات الإنتاج هذه سيعتمد على طلب المستهلكين على المنتج النهائي (وهو ما يُسمى الطلب المشتق).

تخضع عملية الشراء على مستوى الشركات للعديد من «الضوابط والتوازنات» المنظماتية لضمان إجراء أفضل شراء بأفضل سعر للشركة؛ ولذا تُعَد عملية الشراء في هذا السياق أقل اعتمادًا على المشاعر من شراء المستهلكين العاديين. فالمنظمات قد وضعت كثيرًا من الإجراءات والممارسات لتقليل تأثيرات المشاعر الإنسانية في سلوك الشراء على مستوى الشركات. ولكن وُجد أن المشاعر ما زالت تؤدي دورًا مهمًّا في قرارات الشراء. فشركتا «تيسكو» و«وول مارت» مثلًا تُجريان مداورة بين الموظفين في فرق الشراء لديهما بانتظام، بحيث تكون قرارات الشراء مستنِدة فقط إلى احتياجات الشركة وأدائها، وليس علاقة الموظفين مع مندوبي المبيعات. ترتبط وظيفة المبيعات ارتباطًا وثيقًا بوظيفة التسويق على مستوى الشركات، وقد استعان العديد من المنظمات بفِرق مبيعات مخصَّصة لإدارة العلاقات والتفاعلات على مستوى الشركات (انظر الفصل الخامس).

ومن السمات الفريدة الأخرى لسوق التعاملات بين الشركات أنَّ المنتجات عادةً ما تكون معقَّدة، وكذلك عملية شرائها. فكثيرًا ما يتخلل عملياتِ الشراء عددٌ من المفاوضات الفردية بشأن مجموعة متنوعة من المكوِّنات، وتعتمد أحيانًا على توريد منتجات تكميلية أو إضافية. وتعقيد العناصر المراد شراؤها يجعل بعض المورِّدين يقدِّمون حُزمًا من الحلول. وينطبق هذا عندما تشتري الشركة المصنِّعة عدة مكوِّنات من مورِّد واحد؛ إذ يجمِّع الأجزاء اللازمة ويضعها معًا لبيعها في عرض واحد، كمورِّد لأجهزة الكمبيوتر يُورِّد لإحدى المنظمات شبكةً من تلك الأجهزة مكوَّنة من مكوِّنات واردة من شركات مصنِّعة مختلفة. وهذه الممارسة تجعل حُزمة الحلول قيِّمة للمشتري، فشراؤها يوفر له الوقت الذي كان سيستهلكه في التفاوض مع مجموعة من المتعاقدين المختلفين. كما أنها تفيد المورِّد أيضًا؛ إذ يمكنه أن يفرض على الحل الذي يقدِّمه ككلٍّ أو حُزمة الحلول كلها رسومًا أكبر مما يُفرَض على كل عنصر على حدة.

يرى فيم بيمانس، الخبير الرائد في مجال التسويق الموجَّه نحو الشركات، ثلاثة عوامل تُهيمن على سلوكيات الشراء في أسواق التعامل بين الشركات: (أ) فئة الشراء، و(ب) نوع المنتج، و(ج) أهمية الشراء للمشتري. يمكن أن تنقسم «فئة الشراء» إلى إعادة شراء أو شراء جديد أو إعادة شراء معدلة. إذا كانت إعادة شراء (أي تكرار شراء نفس المنتج)، فقد يكون المشتري هو الشخص الوحيد الذي يشارك في عملية الشراء؛ لأن المورد والمنتج معروفان جيدًا؛ لذا لا توجد حاجة للتفاوض، وتكون المعاملات الورقية جاهزةً بالفعل. أمَّا الشراء الجديد، فقد يتضمن وحدة اتخاذ القرار الكاملة الموجَزة في الجدول رقم ٤-١؛ لأنَّ المواصفات والشروط والأسعار تكون مفتوحة للتفاوض، وغالبًا ما تكون مفتوحة للمنافسة بين المورِّدين. ومن ثَم، فعملية الشراء في حالة الشراء الجديد تستغرق وقتًا أطول في التفاوض وتكون أكثر تعقيدًا؛ نظرًا إلى وجودِ قدرٍ أكبر من الآراء التي يجب أخذها في الحسبان قبل اتخاذ القرار. أمَّا عملية إعادة الشراء المعدلة، فهي عملية وسطية بين إعادة الشراء والشراء الجديد، وتنطبق عندما يتوجب إجراء بعض التغيير على عملية الشراء المتكرر استجابةً لتغير الظروف أو تحديثات على المنتج.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ نوع المنتج ووظيفته وما إذا كان سلعة أو خدمة، كلها عوامل تحدِّد طبيعة عملية الشراء التي تُجرى ودرجة تَكرارها. فيما تتحدد أهمية الشراء للمنظمة من خلال القيمة (الفوائد) التي يمنحها الشراء، وتكلفته الإجمالية، ونُدرته النسبية. كلما زادت أهمية الشراء للمنظمة، زاد الوقت وعدد الأشخاص وحجم الجهد في عملية صنع القرار.

إنشاء عرض قيمة مقترَحة

كما ذكرنا آنفًا، يجب أن تكون استراتيجيات التسويق معتمِدة أساسًا على الزبائن، وأن تركِّز على طبيعة القيمة المقترَحة. تتمثل قيمة الزبون في الرضا الذي يشعر به عندما يشتري شيئًا ما، وذلك بالنسبة إلى تكلفة ذلك الشراء. وعرض القيمة المقترَحة هو بيان بالفوائد والمزايا المتوقَّعة للزبائن (المستهلِكين والمشترين) عند شراء منتج معيَّن، ويمكن استخدامه لعرض المنتج للبيع بنجاح. ويمكن أن تشمل الفوائد المتوقَّعة سماتٍ مثل أداء وظائف محدَّدة، بما في ذلك مستوى الجودة المتوقَّع، والمشاعر المصاحبة الناشئة عند شراء منتج، كالهيبة والإثارة والرضا والقناعة والثقة على سبيل المثال.

يُذكَر أنَّ أول من طرح مصطلح «عرض القيمة المقترَحة» هما لانينج ومايكلز، عندما أوضحا أن الشركات في الواقع تُعَد أنظمة مُدارة لتوصيل قيمة معيَّنة. فعرض القيمة المقترَحة في حد ذاته هو الوعد بتقديم مجموعة من الفوائد والمزايا (الملموسة وغير الملموسة) التي سيقدِّرها الزبون، والتي ستجذبه إلى العرض. هذا وتوجد مزايا عديدة تجنيها الشركة عندما يكون لديها عرضُ قيمة مُقترَحة واضح، من بينها أنه يُطلِع الزبائن بسرعة على ما تقدِّمه تلك الشركة، ويُطمئنهم بأنهم سيحصلون على أفضل قيمة مقابل أموالهم، ويوضِّح لهم كيف سيحل هذا الشراء مشكلةً مؤرِّقة لدى هذا الزبون المحتمَل (انظر الشكل رقم ٤-٤).
fig9
شكل ٤-٤: عرض القيمة المقترَحة الذي طرحته شركة ميل تشيمب.

ويمثِّل عرض القيمة المقترَحة إحدى طرق نقل عروض البيع الفريدة (أي السمات التي تقنع العملاء بأفضلية المنتج) إلى السوق من خلال تحديد كيفية اختلاف هذا العرض و/أو تفوُّقه على عروض المنافسين. ولإتاحة معلومات عمَّا ينبغي إدراجه في عرض القيمة المقترَحة، ينبغي أخذ الأسئلة الآتية في الحسبان:

  • (١)

    ما الذي تحتاج إليه المجموعة المستهدَفة من منتَجنا؟

  • (٢)

    ما الفوائد التي سيحصل عليها الزبون ويقدِّرها؟

  • (٣)

    ما الشكاوى التي يحاولون تجنُّبها أو المشكلات التي يريدون حلها؟

  • (٤)

    ما الذي سنُنتجه لتلبية تلك الاحتياجات؟

  • (٥)

    كيف يتفوق هذا العرض على عروض أقرب منافسينا؟

ولإنشاء عرض قيمة مُركَّز يستطيع اجتذاب الزبائن المستهدَفين وإقناعهم، يجب على المسوِّقين مراعاة ثلاث مراحل:

  • (١)

    تحديد الفوائد والمزايا التي سيستمتع بها الزبون بالضبط.

  • (٢)

    ربط هذه الفوائد والمزايا بالآليات التي ستنقلها إلى العميل.

  • (٣)

    تحديد الفوائد والمزايا التي تُبرِز أساس تميزهم في السوق.

يقترح فيليب كوتلر أنَّ إنشاء عرض قيمة ناجح يستلزم تعديل السعر والمزايا المقدَّمة مقارنةً بمنافسيك. وأكثر الأوضاع إفادةً في هذا السياق هو تقديم مزايا أكثر للزبائن بسعر أعلى من أسعار المنافسين من أجل تحقيق أكبر قدر من الربح. أو يُمكن تحقيق النجاح أيضًا بتقديم السعر نفسه أو سعر أقل من المنافسين مع مزايا أكثر أو المزايا نفسها، لكنَّ هوامش الربح الفردية عندئذٍ ستكون أقل على الأرجح. وتجدُر الإشارة هنا إلى أنَّ تقديم المزايا نفسها بسعر المنافسين نفسه لن يضيف قيمة إلا بوجود شيء من الحصرية، كعلامة تجارية معيَّنة أو ميزة الموقع.

ويجب بعدئذٍ كتابة بيان عرض القيمة المقترَحة، الذي يُفترض أن يشرح أهمية العرض لحل مشكلات الزبائن، والفوائد (القيمة) القابلة للقياس، وكيفية اختلاف هذه العروض عن عروض المنافسين. وأحد الاقتراحات بخصوص هذا البيان أنه ينبغي أن يتضمن عنوانًا رئيسيًّا جذَّابًا ولافتًا للنظر يُلخِّص ماهية العرض المُقدَّم والفئة المُستهدَفة به في جملة قصيرة واحدة. ثم ينبغي أن يكون العنوان الرئيسي متبوعًا بفقرة من جملتَين إلى ثلاث جُمل تشرح العرض المُقدَّم، وهُوية المستفيدين المحتملين منه، ولماذا يحل هذا العرض المشكلة أو يلبِّي الحاجة. ويمكن أن يتضمن الجزء التالي من عرض القيمة المقترَحة قائمة أو رسمة بيانية تُلخِّص الفوائد الرئيسية بوضوح وتُعبِّر عنها بمقادير كمية. وكذلك ينبغي أن يتضمن العرض التقديمي منظرًا لافتًا كصورة للمنتج أو استخدامه (انظر الشكل رقم ٤-٤).

ينبغي إظهار عرض القيمة المقترَحة في كل نقطة وُلوج إلى مؤسستك، وعلى الموقع الإلكتروني، وعبر البريد المباشر (رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو الخطابات)، وكُتيبات الصور، والعروض الترويجية في أماكن البيع، وفي الدعاية الإعلانية. بل ينبغي في الحقيقة أن يظهر عرض القيمة في أي مكان من المرجَّح أن تتعامل فيه المجموعة المستهدَفة مع المنظمة. غير أنَّ عرض القيمة ليس مجرد بيان مهمة أو شعار لفظي مُعبِّر عن العلامة التجارية؛ لأنه يكون موجَّهًا إلى العملاء المستهدَفين فقط، ويوضِّح السبب الذي يدفعهم إلى الشراء منك لا من منافسيك. وقد أوضح الأكاديميان الأستراليان، أدريان بين وبيني فرو، أنَّ عرض القيمة المقترَحة له وظيفة أخرى مُهمة، وهي التيقن من أن المنظمة كلها تفهم ما تُقدِّمه، وبذلك يستطيع أفرادها الإسهام في إنشاء هذه القيمة. وفي مثال ميل تشيمب الوارد أعلاه، يتمثل ما تُقدِّمه المنظمة في منصة تسويق شاملة لمساعدة الشركات الصغيرة على النمو من خلال إنشاء قوائم بريدية ونشرات إخبارية وحملات تسويقية مؤتمتة، وإدارتها. الفكرة أنه يساعد المنظمة لفهم الهدف المراد تحقيقه، ويساعد العميل لفهم ما يُقدَّم له، وهو ما يُعزز الشفافية في علاقتهما معًا.

تكمُن النظرية في أنَّ القيمة تنشأ لكلٍّ من العميل والمورِّد، وينبغي أن يستفيد كلاهما من التعامل التجاري بينهما، ماليًّا وجوهريًّا. ويمكن قياس ما إذا كانت قيمة العرض موجبة أم سالبة بحساب القيمة المالية للفوائد مطروحًا منها التكاليف المرتبطة بتحقيق تلك الفوائد. ولفهم كيفية استيعاب عرض القيمة في سياقات الأعمال (المجالات) المختلفة، يتوجب تَبنِّي أسلوب منهجي لابتكار مقترَحات ذات أهمية للشريحة المستهدَفة. أمَّا اتباع النهج «الشامل جميع المزايا» (أي محاولة إقناع العميل بأنَّ كل ما نقدِّمه أفضل مما يقدِّمه منافسونا)، فقد يكون أقل فعالية من إنشاء عرض قيمة ينقل المزايا المحدَّدة التي تتوافق مع الاحتياجات الصريحة للعملاء المستهدَفين.

ولهذا يجب وضعُ عملاء محدَّدين في الحسبان عند إنشاء عرض القيمة، ويجب دعمه بأبحاث تسويقية. وينبغي استخدامه لتحديد وظائف العرض الرئيسية، والمزايا المقدَّمة، ومشكلات العملاء التي يجب معالجتها. وعادةً ما يختلف عرض القيمة باختلاف وحدة الأعمال، ليس هذا فحسب، بل إنه يختلف أيضًا باختلاف المنتجات، وشريحة العملاء. وكذلك يجب مراجعة كل عرض من عروض القيمة المقترَحة وتحديثه بانتظام على غرار قيم العلامة التجارية؛ لأنَّ احتياجات العملاء لا تبقى على حالها، والمنافسين لا يقفون مكتوفي الأيدي. وهكذا يتوقع العملاء فوائد مختلفة بمرور الوقت؛ لأن الأسواق تزدهر وتجارب العملاء تتغير، ويغيِّر المنافسون عروض القيمة المقترَحة الخاصة بهم وفقًا لذلك.

ففي قطاع الطيران مثلًا، تعرض أبرز شركات الطيران الغالية، مثل بي إيه ولوفتهانزا وكاثي باسيفيك، على عملائها قِيمًا غير ملموسة متمثِّلة في نقلهم بمستوًى موعود به من الراحة، مع كفاءة عالية وخدمة تُراعي احتياجاتهم، وتُعزز تلك الشركات عروض القيمة المقترَحة هذه بتقديم هدايا على شكل منتجات مادية مثل الكمامات وسدادات الأذن والجوارب وعبوات معجون الأسنان وفرش الأسنان وخيارات طعام إضافية. أمَّا عروض القيمة التي تقدِّمها شركات الطيران المنخفضة التكلفة، مثل رايان إير وإيزي جيت وساوث ويسترن، فتُبرِز انخفاض تكلفتها وكفاءتها، مع إتاحة كل المزايا الأخرى لشرائها بتكلفة إضافية. وهكذا فإنَّ عروض القيمة تتيح مِفتاح نجاح أي منظمة بإخبار عملائها بالسبب الأول الذي يجعلهم يفضِّلون هذا المنتج على منتجات المنافسين، والتوضيح لكلٍّ من الموظفين والعملاء ما يجعل تلك المنظمة أو العلامة التجارية فريدة من نوعها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤