الفصل الرابع

الانطلاق

(١) تعلم كيفية قراءة اللغة

تتمثَّل الخطوة الأولى لتعلُّم اللغةِ الهدفِ في تعلُّم كيفية قراءتها؛ لذا يتعيَّن عليك أن تعرف صوتَ كلِّ حرف أو مجموعة من الحروف. ربما تبدو الحروف مألوفة، لكن ربما يكون لها صوت مختلف في اللغة التي تدرسها عن ذلك الصوت الذي تعرفه.

يُنطَق الحرف سي c في لغة الملايو واللغة الإندونيسية مثل صوت ch في اللغة الإنجليزية؛ أما في اللغة الإسبانية، فيُنطَق كصوت k في اللغة الإنجليزية، أو ﮐ th إذا تبعه الحرف i أو e. وفي اللغة البولندية، يُنطق الحرفان cz مثل ch في اللغة الإنجليزية، بينما يُنطَق الحرفان sz مثل sh في الإنجليزية. ويُنطَق الحرف w مثل صوت الحرف الإنجليزي v في العديد من اللغات الأوروبية. ويُنطق الحرفان eu في اللغة الألمانية مثل الصوت oy في الإنجليزية؛ يعني هذا أن كلمة أوروبا Europa في الألمانية تُنطَق «أُووي روب اه». ينبغي أن تتعلَّم الأصواتَ الساكنة والأصواتَ المتحركة؛ حتى إذا قرأتَ كلمةً غير مألوفةٍ يُمكنك — على الأقل — أن تسأل أحدهم عن معناها.

عندما كنتُ أتعلم الألمانية، كنتُ قادرًا على القراءة بصوت مسموع من نصوص مكتوبة؛ مما كان يُذهِل أصدقائي الألمان؛ لقد بَدَا الأمر وكأني مُلِمٌّ بلغتهم بدرجةٍ تفوق قدرتي الحقيقية بكثير. وكنتُ أستطيع قراءةَ نصوص باللغة البولندية لأصدقائي في بولندا، على الرغم من درايتهم بأن إلمامي بلغتهم كان في أقل الحدود آنذاك.

تقدِّم معظم الكتب الدراسية الأساسية هذه المعلوماتِ، سواء أكانت في المقدمة أم في الفصل الأول منها، وكنتُ أقرأ هذا الشرح من كتابين مختلفين على الأقل. ليس عليك أن تحفظ كلَّ المعلومات؛ فسرعان ما ستأتي المعرفةُ بينما تتعلَّم اللغةَ.

من الضروري أن تتابع النصَّ المسجل من الشرائط التسجيلية أو الأسطوانات المضغوطة لتعلم النطق الأصلي السليم. لا تُعِرِ اهتمامًا للفَهم في هذه المرحلة، اهتمَّ فقط بتعلُّم أصوات اللغة وكيفية تطابُق اللغة المكتوبة مع اللغة المنطوقة. إحدى مزايا تعلُّم معظم اللغات، بخلاف اللغة الإنجليزية، هي أنها تُنطَق مثلما تُكتَب إلى حدٍّ كبير. سمعتُ الألمان يشكون من التهجية الألمانية. واللغة الروسية لها بعض الصفات الغريبة، لكن — بصفة عامة — تتبع اللغةُ المنطوقة اللغةَ المكتوبة. على أي حال، ينبغي لك معرفة قواعد التهجية والنطق، حتى في اللغة الإنجليزية.

جرِّبْ أن تقرأ النصوص بصوتٍ عالٍ من أجل الممارسة. أنت لستَ في حاجةٍ إلى فهم الكلمة التي تردِّدها.

(٢) التعلُّم من الكتب الدراسية

متى تشعر بالرضا عن تحصيلك في التهجية والنطق، فَقَدْ آنَ الأوانُ لبدء تعلُّم اللغة. اقرأ أول فصلين أو ثلاثة فصول من عدة كتب. اقرأ النصَّ الأجنبي بصوتٍ عالٍ. غالبًا ما سيكون محتوى هذه الفصول من الكتب المختلفة متشابِهًا إلى حدٍّ ما، وهذا أمر حسن؛ أولًا: لأن التكرار مفيد، وثانيًا: قد تقودك الاختلافات في الشروح إلى فَهْم أفضل.

في هذه المرحلة، كنتُ أقرأ بضعة أمثلة فقط من التمارين المكتوبة في الكتب، أو ربما أصيغ بضعةَ أمثلة في عقلي أو أنطقها بصوتٍ عالٍ؛ إذ سيحين وقتُ العمل الجاد في حلِّ التمارين لاحقًا.

تشرح الدروس الأولى بعضًا من أساسيات اللغة. في بعض اللغات، قد لا توجد «أدوات تنكير وتعريف»، بمعنى أنه لا يوجد مقابلٌ ﻟ a أو the؛ فكلمة a book «كتاب» أو the book «الكتاب» هي ببساطة book؛ فالسياق يُعرِّفَك إذا كانت الكلمة معرفةً أم نكرةً. وفي كثير من اللغات، لكلِّ كلمةٍ جنسُها الخاص من حيث التذكير أو التأنيث؛ فعلى سبيل المثال: يمكن أن تكون كلمةُ «طاولة» table مذكرةً أو مؤنثةً أو محايدة. لا تنظر إلى هذه الفروق على أنها مشكلات، وإنما اعتبرها مغامرة.

عادةً ما أقوم بتمييز أي شيء لا أفهمه في كتابي الدراسي بأن أضع خطًّا بالقلم الرصاص إلى جانب النص، وأرسم إلى جانبه نجمة أو علامة نجمية، ثم أقلِّب سريعًا في الصفحات القليلة التالية، وأكتب رقم الصفحة التي يوجد بها الصعوبة التي علَّمتُ عليها بالقلم الرصاص في جانب أسفل الصفحة. بعد ذلك، بعدما أنتهي من قراءة بضعة دروس أخرى، أتذكر الرجوع إلى الجزء الصعب لأرى ما إذا كانت الصعوبة قد زالت أم لا. إذا كانت لا تزال موجودة، يمكن أن أقوم بمحاولة أخرى.

ويتمثَّل مغزى استعانتي بالعديد من الكتب الدراسية في أنني إذا واجهتُ صعوبةً في أحدها، فإنني — على الأرجح — أقرأ شرحًا مختلفًا في الكتب الأخرى؛ الشرح الذي ربما يكون منطقيًّا أكثر ويحلُّ المشكلة. أما إذا ظلت المشكلة قائمةً، فإنني أدوِّن نقطة عدم الفهم هذه في الصفحات التالية أيضًا من كتابي، وأدوِّن ملاحظةً بها في دفتري ريثما أسأل أحد الأشخاص المُلمِّين باللغة.

إذا استهل الكتاب بشرح التصريفات (الأشكال المختلفة التي تتخذها الأفعال) في هذه المرحلة، فاقرَأ الشروح، لكن لا تحاوِلْ أن تحفظ الأشكال المختلفة عن ظهر قلب؛ فأنت لستَ مُطالَبًا في هذه المرحلة إلا بالتعرُّف عليها.

(٢-١) موجتان

لقد تعلَّمْتُ هذه الطريقة التي أوردتُها باختصارٍ للتوِّ في الأعلى، من مناهج «آسيميل» لتعلُّم اللغات. ذاكِرْ كتابك الدراسي مقسَّمًا على «موجتين»؛ تتضمَّن الموجة الأولى قراءةً سريعة لكل الفصول وقراءةَ التمارين الواردة عليها، لكن ليس بالضرورة أن تحلَّها. يمكنك أن تجرِّب حلَّ بضعة أمثلة، سواء أكان في ذهنك أم بصوت مرتفع؛ لتتأكَّد من أنك فهمتَ الفكرة، لكنك لستَ مطالَبًا بأكثر من ذلك. اقرأ شرْحَ القواعد النحوية وقواعد تصريف الأفعال، لكن لا تشغل بالك بحفظها؛ لا تهتمَّ في هذه المرحلة إلا بإدراك القواعد.

أثناء الموجة الأولى، عجِّلْ من سرعة تقدُّمك في المنهج قدر استطاعتك. لا تشغلْ بالك في هذه المرحلة إلا بالفهم والإدراك. ينبغي أن تصبَّ تركيزك على فَهم النص المكتوب، وأيضًا فهم اللغة المنطوقة في تسجيلاتك. لا يهمُّ إذا كنتَ تتذكَّر المفردات أو أنك ما زلتَ تنسى معاني الكلمات؛ كلُّ ما عليك هو أن تواصِل عمليةَ التعلُّم، وسوف تحفظ معاني الكلمات مع التكرار.

تبدأ الموجة الثانية بعد مرور فترةٍ من ستة إلى ثمانية أسابيع من بدء الدراسة. فبينما تواصِل المذاكرةَ في الفصل العاشر أو العشرين من الموجة الأولى، ارجعْ إلى الفصل الأول لتبدأ موجتك الثانية من الدراسة. في هذه المرة، حِلَّ التمارين تحريريًّا وشفويًّا، وحاوِلْ أن تترجِم من لغتك الأم إلى اللغة الأجنبية. اقرأ شروحَ القواعد النحوية مرةً أخرى؛ ستكون في هذه المرة مفهومةً أكثر من سابقتها، بل ستجدها أيضًا سهلةً؛ لأنك دأبت على تطبيقها على مدار الشهرين الماضيين. في الموجة الأولى يكون التعلُّم سلبيًّا، أما في الثانية فيكون فعَّالًا.

(٣) استخدام كتاب العبارات

الآن استعِنْ بكتاب العبارات المُخصَّص للمسافرين. اقرأ التعبيرات الأساسية وردِّدْها بصوت مرتفع. في الغالب، يبدأ الكتاب بالتحيات والتعبيرات المهذَّبة؛ مثل: «مرحبًا»، و«رافقتك السلامة»، و«من فضلك»، و«شكرًا لك»، و«إني آسف»، و«معذرةً»، و«أين دورة المياه؟» ردِّدْ هذه العبارات بصوت مرتفع عدة مرات في اليوم، وسرعان ما ستصبح جزءًا من معرفتك عن اللغة.

اكتب أي عبارات مهمة وأي عبارة قد تبدو مهمةً للغاية في دفترك. كنتُ أُدوِّن كلمات «الاستفهام»؛ مثل: «أين»، و«متى»، و«كيف»، و«لماذا»، و«ماذا». وحروف الجرِّ والأظرف مهمة أيضًا؛ مثل: «في»، و«إلى»، و«من»، و«خارج»، و«بداخل»، و«قريب»، و«فوق» و«تحت» و«أعلى»، و«أسفل». يُمكنك أن ترسم مخططًا بيانيًّا لتوضيح معنى أدوات الجرِّ والأظرف هذه كما هو موضَّح في الشكل ٤-١.
fig1
شكل ٤-١: مثال على مخطَّط بياني يوضِّح أدوات الجرِّ والأظرف.

أيضًا أضِفْ عبارات مثل: «عمَّ تتحدث؟» و«ما هذا؟» و«هذا …» و«ما مقدار …؟» و«كَمْ عدد …؟» و«هل لديك …؟» و«ما ثمن هذا؟» و«من فضلك مرِّرْ إليَّ …» و«دوِّن هذا من فضلك.»

لستَ مضطرًّا إلى حفظ كل هذا دفعة واحدة؛ إذ ستؤدِّي قراءتها مرةً واحدة — على الأقل — في اليوم بصوت مرتفع إلى حفظها سريعًا في ذاكرتك الدائمة. كنتُ أحاول قراءتها مرةً في الصباح الباكر، ثم مرةً أخرى في الليل قبل النوم مباشرةً. أعِدَّ لنفسك جدولًا لتُرتِّب فيه فعْلَ ذلك.

بينما تكتب العبارات وتتعلَّمها، انظر المعنى الحرفي لكل عبارة، وأيضًا المعنى المستخدَم في الاستخدام الدارج لِلُّغة؛ لن يبني هذا حصيلتَك اللغوية من المفردات فحسب، وإنما سيُعمِّق فهمَك لِلُّغة والثقافة أيضًا.

على سبيل المثال: تعني عبارة terimah kasih في كلٍّ من اللغة الإندونيسية ولغة الملايو: «شكرًا لك»، لكن الترجمة الحرفية لهذه العبارة — التي لا تظهر في الكتب الدراسية وكتب العبارات — هو: «إليك مودتي». دَوِّنْ كلًّا من الترجمة الحرفية والترجمة المستعمَلة في اللغة الدارجة في دفترك. تحقَّقْ من المعنى الحرفي بالاستعانة بالقاموس.

(٣-١) تعلَّمِ اللغةَ التي تحتاجها

إذا كانت هناك جُمَلٌ وعبارات تتوقَّع أن تحتاج إليها عند زيارتك لأحد البلدان الأجنبية، ولا يحتوي عليها كتاب العبارات الخاص بك، فاسألْ أحد المتحدثين باللغة ليُخبرك كيف تقولها، ثم دوِّنها في دفترك. ستحتاج إلى الكلمات والتعبيرات التي تمثِّل أهميةً لك، وليس تلك التي يرى مؤلِّفُ كتابِ تعلُّم اللغة أنها مهمةٌ.

عندما عملتُ مهندسًا في معامل اللغات في ألمانيا، كان عليَّ أن أكتب تقارير؛ حاولتُ التهرُّب من كتابة هذه التقارير لانعدام ثقتي في قدرتي على كتابتها، إلا أن الشركة أصرَّتْ على هذا، فطلبتُ من أحد المهندسين الألمان أن يخبرني بالجُمَل التي كنتُ بحاجةٍ إلى معرفتها؛ سألته قائلًا: «كيف تقول إنك عايرت الآلة؟ وكيف تقول إنك فحصتَ كلَّ الوحدات؟» كنتُ أعرف كيف أقول كلَّ هذا عندما أتحدَّث إلى أحدهم وجهًا لوجه، لكنني أردتُ التأكُّد من أنني أكتبها بلغة ألمانية صحيحة. كتبتُ هذه الجُمَل التي أخبرني بها المهندس الألماني في صفحة، وكذلك نسختُ التقريرَ الذي كتبه لتوِّه عن العمل الذي كنَّا قد انتهينا منه من فورنا. وبالاستعانة بالملاحظات كدليل، وجدتُ أنني كنتُ قادرًا على كتابة تقارير ممتازة عن عملي، بل اكتشفتُ أيضًا أن تقاريري التحريرية كانت مكتوبةً بلغة ألمانية أفضل — على الأرجح — من تقاريري الشفهية؛ فثمة عدد محدود من الكلمات والعبارات اللازمة لكتابة هذه النوعية من التقارير، سواء أكانت تقارير فنية، أم طبية، أم رياضية. كان بإمكاني الاستعانة بالجملة الأساسية: «استبدال الصمام الثنائي التالف»، وجعلها: «استبدال المكثف الكهربائي التالف»، أو «استبدال الترانزستور التالف»، أو «استبدال الدائرة المدمجة التالفة»، أو «استبدال المُقاوِم التالف». كان يكفيني حوالي اثنتي عشرة جملة أساسية لكي أصف أي شيء — تقريبًا — كان يتعيَّن عليَّ القيام به لإصلاح نظام معمل اللغات. وبعد أول تقريرين أو ثلاثة كتبتُها، لم أضطر قطُّ إلى اللجوء إلى ملاحظاتي مرةً أخرى؛ كل ما هنالك أنني كنتُ في حاجةٍ إلى أن أُقحَم في موضوعِ كتابةِ التقارير، بعدها كنتُ مسرورًا بذلك. لم يكن الأمر سيئًا بقدر ما خشيتُ.

(٤) استخدام كراسات الملاحظات

كما ذكرتُ من قبلُ، كنت أحتفظ بثلاثة دفاتر، أو يمكنك الاحتفاظ بالمزيد إن كنتَ ترغب في ذلك. كنتُ أحتفظ بأحدها للمذاكرة في كتبي الدراسية وأي تمارين مكتوبة؛ بحيث أكتب المفردات في الخلف، وأُعلِّم إلى جانبها أين ظهرت الكلمة لأول مرة في الكتاب. كنتُ أكتب إلى جانب الكلمة: «أ٣»، أو «ب٥»؛ بمعنى أنها ظهرت في الكتاب «أ» في الدرس الثالث، أو الكتاب «ب» في الدرس الخامس. حالما تبدأ في فعل هذا، يجدر بك أن تراجع قوائمك؛ اقرَأْها كلَّها بانتظام، وربما تفضِّل أن تحتفظ بالمفردات في دفتر منفصل.

أُدوِّن الملاحظات والعبارات التي أريد أن أتعلَّمَها في دفتر آخَر، ويكون هذا الدفتر بمنزلة كتاب اللغة خاصتي؛ أُدوِّن في هذا الكتاب مفردات أيام الأسبوع، وأيضًا الأرقام، والألوان، وكيف تخبر الآخرين بالوقت. ثمة بعض العبارات التي ينبغي أن تلمَّ بها حتى تتدبَّر أمورك؛ دوِّنها في دفترك؛ إذ يمكنك أن تنقذ حياتك إذا عرفتَ كيف تقول: «من فضلك، استدعِ الطبيب أو عربة الإسعاف.»

أذكر إحدى المرات التي كنتُ أقف فيها في محطة حافلات، بعد وصولي إلى ألمانيا بوقت قصير؛ كان هناك رجل يقف بالطريق عند الطرف الآخَر من المحطة وظهره للإشارة. رأيت الحافلة قادمةً ورأيت أن الرجل في وضع خطير، على ما يبدو؛ وعليه هَممتُ بأن أنادي عليه لأحذِّره، ولم أستطِعِ التفكيرَ في المرادف الألماني لكلمة «انتبه» أو أي تحذير مناسب آخَر. وبينما كنت لا أزال أحاول صياغةَ أي عبارة أو كلمة باللغة الألمانية لأحذره، صدمَتِ الحافلة الرجلَ في كتفه وسقط مصابًا على الأرض؛ لهذا السبب كنتُ حريصًا على إضافة التحذير «انتبه!» إلى قائمة مفرداتي، وأيضًا مرادف كلمة «النجدة».

كان هناك مترجمان فوريان يقفانِ مستندَيْنِ إلى حاجز سفينة، فسأل أحدهما الآخَر قائلًا: «هل تستطيع السباحة؟»

أجاب الآخَر: «لا، لكن يمكنني أن أستدعي النجدة بتسعِ لُغات مختلفة.»

كذلك، دوِّنْ في هذه الكراسة المفردات الخاصة بك؛ وهي الكلمات والعبارات التي ستحتاج إليها لخدمة أغراضك الخاصة؛ فإذا كنتَ لاعبَ كرة قدم، فستحتاج إلى مفردات خاصة بِكرة القدم؛ وإذا كنتَ ستلعب شطرنج، فلا بد أن تتعلَّم مصطلحات الشطرنج؛ وإذا كنتَ ستتعلم إحدى اللغات لأسباب متعلِّقة بالعمل، فستحتاج إلى الإلمام بمفردات معيَّنة متعلِّقة بعملك. عليك الاحتفاظ بكل هذا في دفترك.

(٥) قاعدة ٨٠ / ٢٠

عام ١٩٠٦، وضع عالم الاقتصاد الإيطالي فيلفريدو باريتو معادلةً رياضية لوصف التوزيع المتفاوت للثروات في بلده؛ حيث لاحَظَ أن ٢٠ بالمائة من الأفراد يملكون ٨٠ بالمائة من الثروة.

بعدما سجَّل باريتو ملاحظته وصاغ معادلته، لاحَظَ كثيرون آخَرون ظواهرَ شبيهة، كلٌّ في دائرة اختصاصه. عادةً ما تُطبَّق قاعدة ٨٠ / ٢٠ على إدارة الوقت والمبيعات وغيرها من مجالات إدارة الأعمال. تتمثَّل الفكرة في أن ٨٠ بالمائة من المبيعات يقوم بها ٢٠ بالمائة من رجال مبيعات الشركة، و٨٠ بالمائة من النتائج التي نحصل عليها تنتج عن ٢٠ بالمائة من وقتنا؛ فالثمانون بالمائة المتبقية من وقتنا غير مُثمِرة فعليًّا، وتمثِّل ٢٠ بالمائة من الأشياء المعروضة للبيع ٨٠ بالمائة من مبيعاتك.

يمكن تطبيق هذا المبدأ على تعلُّم اللغة: تكوِّن ٢٠ بالمائة من كلمات اللغة ٨٠ بالمائة من المحادثات والكتابات، بل في الحقيقة النسبةُ أكبرُ بكثير. إذا تعلَّمْتَ ألفَ كلمة أساسية فحسب في لغةٍ من اللغات، فستتمكَّن من إجراء محادثات في معظم الموضوعات، وتنقل المعنى الذي تريده بوضوح. ينجح الأطفال الصغار في توصيل كثيرٍ من المعاني باستخدام كلمات معدودات.

بالطبع أنت لا تريد التحدُّث كطفل، لكن بمقدورك أن تتحدَّث إحدى اللغات بطلاقة واضحة عن طريق تعلُّم الكلمات والعبارات الصحيحة، بل إذا اخترتَ مائة كلمة استراتيجية جوهرية يمكنك أن تقول الكثير. وقد قرأتُ من قبلُ أن أكثر ١٠٠ كلمة شيوعًا في أي لغة تمثِّل ٥٠ بالمائة من أي محادثة؛ هذه هي الكلمات التي تحتاج إلى أن تتعلَّمَها أولًا، ثم ابنِ على هذا الأساس.

(٦) اختَرْ مفرداتك

عندما تُقدِم على تعلُّم اللغة الأساسية، يجدر بك أن تتعلَّم أولَ ما تتعلَّم الكلماتِ المفيدةَ التي تتردَّد كثيرًا. بعدَ تعلُّم التحيات الأساسية والتعبيرات المهذَّبة، ينبغي أن تتعلَّم الكلمات والعبارات التي ستحقِّق أقصى نفْعٍ لك؛ هكذا تعلَّمْتُ التحدُّثَ بلغة إيطالية فعَّالة في ظرف أسبوعين فحسب.

أرجِّح البدءَ بتعلُّم الكلمات والعبارات الأساسية مثل «أودُّ أن …»؛ فهذه عبارة مفيدة في جميع اللغات، يمكنك أن تستعملها في قول: «أود الحصول على غرفة»، «أود الحصول على كوب من القهوة»، «أود مقابلة السيد سميث»، «أود الذهاب إلى باريس»، «أتمنَّى تناوُلَ الطعام في مطعم فرنسي» وهكذا. والغريب أنني لم أتعلَّم هذه العبارة المهمة قطُّ في غضون الثلاث أو الأربع سنوات الأولى من تعلُّمي اللغة الفرنسية في المدرسة الثانوية؛ وذلك لأنها تتضمَّن الشكل الشرطي للفعل، ومع ذلك فهي عبارة سهلة في الفرنسية: je voudrais. ليس من الضروري فَهْم كيف تتكوَّن الجُمَل الشرطية حتى تستخدم هذه العبارة وتفهمها. ينبغي أن تكون هذه العبارة من أوائل العبارات التي تتعلَّمها في اللغة الهدف:
  • في اللغة الألمانية: Ich möchte.
  • في الإيطالية: Vorrei.
  • في الروسية: Ya bi khotel.
  • في الإسبانية: Me gustería.

اكتشِفْ كيف تقول هذه العبارة في اللغة التي تتعلَّمها؛ لعلها تكون بالغةَ البساطة.

أدرِجْ تحت الفئة نفسها عباراتٍ؛ مثل: «أحتاج»، و«أحب»، و«أرغب»، فتعلُّمُ مثل هذه الكلمات مفيدٌ؛ لأنه لا يتعيَّن عليك في كثيرٍ من اللغات أن تُلِمَّ بكافة أشكال الأفعال التي تتبع هذه العبارة؛ إذ يتبعه مصدر الفعل فحسب، وهذا يتيح أمامك مجالًا واسعًا.

أضِفْ إلى هذه القائمة الأفعال التالية:

أن أحصل على … … … …
أن أذهب … … … …
أن أذهب إلى … … … …
أن أتحدث … … … …
أن أتحدث إلى … … … …
أن أفهم … … … …
أن أرى … … … …
أن آكل … … … …
أن أشرب … … … …
أن أفتح … … … …
أن أغلق … … … …

ثم أضِفِ الأسماءَ التالية:

غرفة (بدورة مياه/مكان للاستحمام) … … … …
طاولة (لفرد/لفردين) … … … …
تاكسي … … … …
سيارة … … … …
طبيب … … … …

يمكنك أن تقول الآن: «أريد غرفة»، أو «أحتاج إلى طبيب»، أو «أريد غرفة بدورة مياه». يمكنك أن تقول أيضًا: «أودُّ التحدُّثَ إلى السيد سميث»، و«أتمنى الذهاب إلى ميلانو»، و«أودُّ مقابلةَ المدير»، و«أريد تناوُل الطعام في غرفتي». لاحِظْ أنه في كثيرٍ من اللغات عندما يتبع الفعلُ عبارةَ «أودُّ»، دائمًا ما يكون هذا الفعل في المصدر؛ لذا لستَ مضطرًّا إلى الإلمام بكافة أشكال الفعل حتى تقول ما تريد.

وإليك بعض الكلمات الفعَّالة الكثيرة التكرار:

أنا … … … …
أنت … … … …
هو … … … …
هي … … … …
هو وهي لغير العاقل … … … …
نحن … … … …
أنتم … … … …
هم … … … …
معي … … … …
معك … … … …
الآن … … … …
قريبًا/سريعًا … … … …
لاحقًا … … … …
في التو … … … …
اليوم … … … …
الغد … … … …
أمس … … … …
إذا … … … …
عندما … … … …
جيد … … … …
سيئ … … … …
سهل … … … …
صعب … … … …
جدًّا … … … …
أكثر … … … …
أقل … … … …
يسارًا … … … …
يمينًا … … … …

والعبارات البالغة التكرار والفعَّالة أيضًا:

هل لديك …؟ … … … …
أين …؟ … … … …
أيمكنني أن …؟ … … … …
هل من الممكن …؟ … … … …
أتسمح لي …؟ … … … …
هل من المسموح …؟ … … … …
من فضلك، اكتب لي هذا. … … … …
من فضلك، مرِّر الزبد/الملح/إلى آخِره. … … … …
من فضلك، تحدَّثْ رويدًا رويدًا. … … … …
اسمي … … … … …
ما اسمك؟ … … … …
من فضلك، اكتب هذا. … … … …
لماذا؟ … … … …
لأن … … … … …

اكتب كل هذه العبارات في دفترك؛ فهذا أكثر فعاليةً من الطريقة التي تتبعها غالبيةُ كُتبِ تعلُّم اللغات.

في اللغات المشتقة من اللغة اللاتينية؛ مثل: الفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، ثمة طريقة مختصرة لتعلُّم زمن المستقبل؛ حيث لا يتعيَّن عليك أن تُلِمَّ بزمن المستقبل الخاص بكل فعل، وإنما يمكنك أن تستهِلَّ جملتك بعبارة: «سوف أنوي أن …» كي تُفصِح عن نواياك المستقبلية:
  • سوف ألعب.

  • سوف ألتقي السيد سميث غدًا.

  • سوف أتناول الطعام في الفندق.

  • سوف أشتري تذكرة.

مرةً أخرى، أذكِّرك بأنه لا يتعيَّن عليك في بعض اللغات سوى إضافة مصدر الفعل بعد هذه العبارة، إلا أن هذا لا ينطبق على جميع اللغات. استكشِفْ ما إذا كانت هناك استراتيجية مكافِئة يمكن استخدامها في اللغة الهدف.

إنَّ تعلُّمَ الكلمات والعبارات المذكورة أعلاه سيُمكِّنك من التحدث بجُمَل مفهومة وعملية في أقل من أسبوع، وتعلُّمُ هذه الكلمات والعبارات أفضلُ كثيرًا من تعلُّم عبارات فارغة مثل: «قلم عمتي فوق مكتب عمي.»

قد لا تفهم كلَّ ما يُقال لك، لكن بمقدورك أن تقول ما تريده كي توصل المعنى الذي تريد إيصاله. ولا يمكنك التحكُّم في المفردات التي يستخدمها الآخَرون عند التحدُّث إليك، لكن يمكنك قطعًا التحكُّم في مفرداتك. عادةً ما أنجح في توصيل المعنى الذي أريده أثناء مرحلة تعلُّم اللغة؛ على الأقل بنحوٍ غير مباشِر إذا لم أتمكَّن من فعل هذا بنحو مباشِر؛ فربما أضطر إلى الحديث «عن» موضوعٍ بنحوٍ غير مباشِر؛ لأنني لا أعرف الكلمات الصحيحة لأستخدمها، لكن بمقدوري عادةً أن أجد طريقةً ما لأقول ما أريد. انظُرْ إلى هذه المواقف على أنها مغامَرة. عندئذٍ، عندما يفهم الشخص الذي تتحدَّث إليه ما تحاول أن تقوله، اسأله كيف كان ينبغي أن تقول هذا بطريقة صحيحة.

أحاول أن أتوقَّع الصعوبات التي يمكن أن تواجهني وأتعامل معها مقدَّمًا من خلال إجراء محادثات تخيُّلية مع نفسي باللغة المراد تعلُّمها، وعندما أكتشف أن هناك كلمة أو عبارة لا أعرفها، أبحث عنها أو أسأل أحد متحدِّثي اللغة «قبل» أن أحتاج إليها في موقف حقيقي، ثم أُدوِّنها في دفتري.

ستحتاج أيضًا إلى تعلُّم الأرقام والألوان وأيام الأسبوع، وإلى التمكُّن من فهمِ الوقت والتعبيرِ عنه، وإلى فهم الأرقام لتعرف مقدار ما يتعيَّن عليك دفعه من نقود. دوِّنْ كلَّ هذا في دفتر تعلُّم اللغة، وراجِعْ ما كتبتَه كلما أُتِيحت لك الفرصة.

(٧) اللغة الرسمية في مقابل اللغة غير الرسمية

يضمُّ معظم اللغات أسلوبَيْن للمخاطبة: أحدهما رسمي، والآخَر غير رسمي. هناك أسلوب غير رسمي لمخاطبة الأفراد الذين تعرفهم جيدًا، مثل أفراد عائلتك والأطفال الصغار، وهناك أسلوب رسمي للتحدُّث مع الأفراد الذين لا تعرفهم معرفة قوية.

في اللغة الفرنسية، تختلف الكلمتان الرسمية وغير الرسمية المرادفتان للضمير «أنت»: الكلمة غير الرسمية هي tu، والكلمة الرسمية هي vous، وفي اللغة الألمانية هما: du وsie. في كلتا هاتين اللغتين، سيؤثِّر اختيار الضمير أنت — إذا كان رسميًّا أو غير رسمي — في شكل الفعل الذي لا بد أن تستخدمه؛ وبلا شك ينبغي أن تتعلَّم استخدام اللغة الرسمية أولًا، لكن ينبغي أن تطَّلِع على اللغة غير الرسمية أيضًا. احرص على فهم الفرق بينهما، وأنك تعرف ما تقول؛ فاستخدام الأسلوب الخطأ يمكن أن يُسبِّب إهانةً كبيرة. ينطوي كثيرٌ من اللغات على مستويات مختلفة من الرسمية؛ على سبيل المثال: تحتوي لغة الملايو على أشكالٍ متنوِّعة من أساليب المخاطبة، وتستخدم كلٌّ من اللغتين الصينية واليابانية نظامًا تبجيليًّا معقدًا لإظهار الاحترام للأفراد الذين يتحدَّث المرءُ إليهم مباشَرةً، أو أولئك الذين يتحدَّث عنهم. استكشِفِ الأسلوبَ المناسب للمخاطبة في اللغة الهدف عن طريق استشارة متحدِّثي اللغة الأصليين.

(٨) الأبجدية

ينبغي لك أن تتعلَّم أسماءَ الحروف الأبجدية لِلُغتك الهدف؛ لأنك كثيرًا ما ستتعرض للسؤال: «كيف تتهجَّى هذه الكلمة؟» لعل الحروف الأبجدية الخاصة باللغة التي تدرسها هي نفس الحروف الأبجدية لإحدى اللغات التي تعرفها، لكن أؤكِّد لك أن نطْقَ أسماء الحروف سيكون مختلفًا.

سيطلب منك الأفراد أن تتهجَّى اسمك؛ فينبغي أن تستطيع أن تتهجَّى اسمك دون تذبذُب؛ ومن ثَمَّ مارِسْ ذلك إلى أن تتمكَّن من حفظه. سيتعيَّن عليك أيضًا أن تسأل الأفرادَ كيف يتهجَّوْن أسماءهم. وكثيرًا ما سيتهجى الأفراد لك بعض الكلمات، ويمكنك أن تطلب منهم دائمًا أن يكتبوا لك الكلمات غير المألوفة، لكنك ستظل في حاجةٍ إلى معرفة طريقة نطق أسماء الحروف. ذات مرة، عندما انتقلنا إلى العيش في ألمانيا، اضطررتُ إلى إجراء مكالمة لاستدعاء الإسعاف؛ كنَّا نقطن في شارع سلما Selmastrasse، كنتُ أجد صعوبةً في نطق الحرف «إل» L في الألمانية، وكان عليَّ تهجِّي اسمِ الشارع في التليفون حتى يفهمني المستمع؛ حينها عرفتُ أهميةَ امتلاك هذه المهارة.

(٩) حفِّزْ نفسك

كي تظل في المسار الصحيح، ضَعْ أهدافًا لكل يوم؛ على سبيل المثال: قد تقول لنفسك: اليوم سوف أنتهي من الدرس الرابع عشر في الكتاب الدراسي وأترجم ثلاث نكات. قدِّمْ وعدًا لنفسك بأن تكافِئها إذا نجحتَ في إتمام مهمتك؛ شجِّعْ نفسك على التحصيل بأن تعِدَها بشيء من قبيل: «عندما أنتهي من مذاكرة أول عشرين درسًا، سوف أشتري لنفسي …» يمكن أن تشتري لنفسك أي شيء، بدءًا من تناوُل وجبة في أحد المطاعم التي تقدِّم طعامًا مرتبطًا بثقافة اللغة التي تتعلَّمها، ووصولًا إلى قرص مضغوط جديد باللغة التي تتعلَّمها، أو مجرد الحصول على يوم إجازة للاستجمام. إن الإغراء هو إحدى الطُّرق التي تحفِّز نفسك بها على تحقيق المزيد.

ضَعْ خطة طوارئ للأيام التي ينعدم فيها لديك الحماس بالمرة، ربما شيئًا أشبه ﺑ: «إذا لم أكن قادرًا على شحذ همتي للمذاكرة في كتابي الدراسي، فسأستمع إلى أحد شرائط تعليم اللغة بينما أؤدِّي الأعمال المنزلية اليومية أو أقود السيارة.» فالاستماع إلى شريط تعلُّم اللغة المهمة المرجوَّة سيؤدِّي إلى تحفيزك على كل حال. حضِّرْ شيئًا محدَّدًا ترى أنه سينجح معك.

•••

أنت الآن تسير على النهج الصحيح صوبَ تحقيق أهدافك. سأوضح لك في الفصل التالي كيف تُعِدُّ منهجًا لتعلُّم اللغة الأساسية التي تمكِّنك من تدبُّر أمرك؛ سيكون هذا جزءًا محوريًّا من دراستك لِلُّغة، وسيمكِّنك من الوصول إلى هدفك للتحدُّث باللغة وفهمها أسرع من معظم المناهج أو الكتب الدراسية لتعليم اللغة. وستكون قد وضعتَ منهجَ اللغة الأساسية بنفسك، وسيكون منهجك الخاص الذي يتناول اللغةَ التي ترى «أنت» أنها مهمة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤