الدُّبُّ وَالشَّهْدُ

فِي الرَّبِيعِ الْمَاضِي، وَقَعَ اخْتِيَارُ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ عَلَى الدُّبِّ لِيَتَوَلَّى رِعَايَةَ النَّحْلِ وَحِرَاسَةَ خَلَايَاهُ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَمَّا اشْتهرَ بِهِ مِنَ الْوَلَعِ بِالشَّهْدِ، وَأَقْرَاصِ الشَّهْدِ، وَلَكِنْ مَنْ يَنْتَظِرُ مِنَ الْعَجْمَاوَاتِ أَنْ تَعْقِلَ إِلَى حَدِّ اجْتِنَابِ مِثْلِ هَذِهِ الْهَفَوَاتِ؟!

وَعَلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، يَجِبُ أَلَّا يَغِيبَ عَنْ بَالِنَا أَنَّ مهمَّةَ حِرَاسَةِ خَلَايَا النَّحْلِ لَا تَطِيبُ لِأَيٍّ كَانَ.

وَقَبِلَ الدُّبُّ حَمْلَ أَعْبَاءِ مَنْصِبِهِ بِكُلِّ خُضُوعٍ وَامْتِثَالٍ.

وَبَعْدَ قَلِيلٍ قَامَتْ فِي الْغَابَةِ ضَجَّةٌ؛ لِأَنَّ الدُّبَّ نَقَلَ مَا كَانَ فِي الْخَلَايَا مِنْ أَقْرَاصِ الشَّهْدِ إِلَى وِجَارِهِ فِي سَفْحِ الْجَبَلِ.

وَقَامَتْ قِيَامَةُ الْحَيَوَانَاتِ وَقَعَدَتْ، وَانْتَهَى الْأَمْرُ بِرَفْعِ الْأَمْرِ إِلَى الْمَحْكَمَةِ، فَحَكَمَ الْقَاضِي بِعَزْلِ الدُّبِّ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مُلَازَمَةَ جُحْرِهِ وَحِيدًا طُولَ فَصْلِ الشِّتَاءِ، بِلَا أَنِيسٍ أَوْ جَلِيسٍ، وَأَهْمَلَ الْحُكْمُ أَمْرَ الشَّهْدِ الْمَسْلُوبِ وَلَمْ يُشِرْ إِلَى وُجُوبِ رَدِّهِ إِلَى أَصْحَابِهِ.

وَهَكَذَا قَضَى «أَبُو سَمْرَةَ» شِتَاءً سَعِيدًا، قَرِيرَ الْعَيْنِ بِوَحْدَتِهِ؛ يَلْحَسُ عَسَلَهُ مِنْ أَقْرَاصِهِ بِلَا شَرِيكٍ أَوْ رَقِيبٍ …!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤