الفصل السادس عشر

«الجسد الروحاني»: حول ما يمكن اعتباره «مطلقًا» في العلاقة بين الله والمادة والمعلومات

مايكل ويلكر

ينطلق هذا الفصل من منظور لاهوتي، لكنَّ ذلك المنظور يضع في اعتباره أيضًا معلومات عن تطوُّر الفلسفة والميتافيزيقا الكلاسيكية، وبعض الخبرات في الحوار العالَمي بين العلم والدين في العشرين سنة الأخيرة. سوف أطرح السؤال التالي: هل لنا أن نتصوَّر ونفهم الواقع الذي قصده اللاهوت الكلاسيكي حين تحدَّث عن «الجسد الروحاني»؟ وعلاوة على ذلك، هل يُمكن إقناع أصحاب التوجهات غير اللاهوتية أن ذلك المفهوم ليس منطقيًّا في سياق الدين فحسب، بل إن من شأنه أن يكون تنويريًّا حتى في خارج ذلك السياق لأنه متأصِّل في الواقع وليس منحصرًا في سياق نوع واحد معقَّد من النقاشات؟

يتطلب التحضير للإجابة عن هذين السؤالين بضع خطوات تمهيدية معقدة. أولًا، يجب التمييز بين الميتافيزيقا «القديمة» و«الحديثة» باعتبارهما إطارين ممكنين لنهجنا ذلك. ثانيًا، يجب أن نقف على فهم للخلق في ضوء الروايات الواردة عنه في الكتاب المقدس وفي ضوء الميتافيزيقا «القديمة». ثالثًا، وَفق روايات الخلق في الكتاب المقدَّس، نجد أن مفهوم الخالق باعتباره المُقيم للكون فقط من الناحية الروحانية ليس مُرضيًا ولا مُخلِّصًا للروح. رابعًا، سيؤهلنا ذلك لفهم دور القيامة في الإبداع الإلهي بصفة عامة، ويقدم لنا فهمًا لطبيعة «الجسد الروحاني» ليسوع المسيح بصفة خاصة وأهميته. خامسًا، سنُحاول فهم القوة التحويلية للجسد الروحاني وإسهام البشر والمخلوقات الأخرى فيه. على هذا الأساس نريد أن نُشرِك المُفكِّرين الأكاديميين غير اللاهوتيين معنا في الحوار ونسألهم إذا كان من الممكن أن يكون للتفاعُل الداعم والمُخلِّص والرافع بين الله والخلائق والمعلومات الروحانية ما يناظره في مجالات الخبرة التي يُعنون بها، وما إذا كان يُمكنه أن يتصدى للتصورات الاختزالية للمادة. نُجيب عن هذا السؤال وَفق الميتافيزيقا «الحديثة».

(١) التمييز بين الميتافيزيقا «القديمة» و«الحديثة»

اقتراحي التمييز بين الميتافيزيقا «القديمة» و«الحديثة» لا يُقصَد منه أن الميتافيزيقا «القديمة» قد عفا عليها الزمن وينبغي أن تحلَّ محلها الميتافيزيقا «الحديثة». إنما الميتافيزيقا «الحديثة» هي ردُّ فعل بنَّاء على القلق من أنه بعد كانط لم يَعُد من الممكن استخدام الميتافيزيقا وسيلة لإنتاج الأفكار النهائية والحاسمة عن الواقع الإجمالي. والفلسفة بلا شكٍّ عليها أن تواجه معضلة في المجتمعات المعاصرة الحديثة، وهي تعدُّد الأنماط الحياتية والفكرية داخل الأوساط الأكاديمية والفكرية، إلى حدِّ أنه لم يَعُد من الممكن ترتيبها على نحو مقنع «هرميًّا وَفق قيمتها».١ في هذا السياق، يُمكن استخدام الميتافيزيقا «القديمة» لتوفير منظور مناقض للإطار المعرفي الحالي، لا سيَّما داخل الأوساط الأكاديمية الغربية؛ وذلك عن طريق مقارنته بالمنظورات الكونية والنظَريات المعرفية من الحقب الماضية. وبسلوكها نهجًا أكثر تحفظًا ورسوخًا، تعالج الميتافيزيقا «الحديثة» ذلك التحدِّي عن طريق اختزالها الطرح الميتافيزيقي في استكشاف مساحتَين من الدراسة والبحث.

كان ألفريد نورث وايتهيد هو أول مَن فرَّق تفريقًا مفيدًا بين الميتافيزيقا القديمة والحديثة (دون أن يستعمل هذين المُصطلحين). فهو، على جانب، يقول عن الميتافيزيقا «القديمة»: «أعني بمُصطلح «الميتافيزيقا» العلم الذي يسعى إلى اكتشاف الأفكار العامة التي لا غنى عنها في تحليل كل ما يحدث» (وايتهيد، ١٩٦٠، صفحة ٨٢). وعلى الجانب الآخر، في سياق حديثه عن الميتافيزيقا «الحديثة»، هو لا يتحدَّث عن «الميتافيزيقا» إجمالًا بل عن ميتافيزيقا دون تعريف، وعن «وصفٍ ميتافيزيقي نابع من مجال بحث واحد معيَّن، والذي قد ترسخ عن طريق برهنته على كفاءته وإمكانية تطبيقه في مجالات بحث أخرى» (وايتهيد، ١٩٦٠، صفحة ٨٦ والتي تليها). يُوضح وايتهيد أنه يمكن أن ينبثق «نوع من» الميتافيزيقا من مجالات مُتنوعة؛ الرياضات، أو علم، أو دين، أو الحدس. فما إن تنشأ نظرية مشتركة بين مجالي بحثٍ على الأقل، عن طريق الإشارة إلى أن الأفكار والمفاهيم والعمليات الفكرية الأساسية تصلح في كلا المجالَين، نكون في خضمِّ وضع «وصف ميتافيزيقي»، ونسير نحو شكلٍ من الميتافيزيقا أُشيرُ إليه باسم الميتافيزيقا «الحديثة».

ما يميز الميتافيزيقا «الحديثة» هو أنها نهج تفكير «تصاعدي» لا «تنازلي». ويحاول ذلك النوع من الميتافيزيقا تنمية الحدس وتفنيده، والارتقاء به إلى مستويات عقلية أعلى عن طريق وضعه في سياق «مجالات بحث» معيَّنة يستلزم استكشافها أنماطًا معيَّنة من التفكير. ووجود فروق بين التفكير الحدسي والتفكير الذي يستلزمه الانخراط في أحد تلك المجالات على الأقل، ناهيك عن وجود فروق في أساليب البحث المعرفي بين اثنَين على الأقل من هذه المجالات (على سبيل المثال العلم واللاهوت)، يدفعنا إلى تطوير ميتافيزيقا «حديثة».

(٢) مفهوم الخلق في الميتافيزيقا «القديمة» وفي روايات الكتاب المقدس الكلاسيكية

معظم الأفكار اللاهوتية والفلسفية حول «الخلق» يغلب عليها مفهوما «الحدوث» و«القيام بالغير». الخلق كاسم (creatura) هو الطبيعة والكون أو كلِّ مُتصوَّر بشكلٍ غامض مشتق من ومعتمد في وجوده على واحدة أو أكثر من القوى أو الكيانات الشخصية أو الإرادات المُتعالية التي غالبًا ما تُسمى الله أو الآلهة. أما الخلق كفعل (creatio) فهو النشاط أو الطاقة التي تُحدِث الطبيعة أو الكون أو الكُل (الذي عادة ما يشير صراحة إلى التاريخ والثقافة) وتبقيها معتمدة عليها، حتى بشكل مطلق. في إطار ذلك المنظور، لاقت أفكار ومفاهيم عن الله مثل كونه «الواقع المُحدِّد لكل شيء» (بولتمان، وبانينبرج)، و«أساس الوجود» (تيليش)، و«المرجعية النهائية» (جي كوفمان)، و«من نَعتمِد عليه مُطلقًا» (شلايرماخر) رواجًا كبيرًا.٢

في تمايُز كبير، تعرض لنا قصة الخلق الآبائية في الإصحاح الأول من سفر التكوين صورة أدق تفصيلًا. فبكلمة الله، صارت المادة العشوائية قادِرة على اكتساب الصور والأشكال والطاقة والحياة. فالنجوم والأرض والماء والبشر خُلِقوا كي يُشاركوا الله بفاعلية طاقته وقدرته. وقد استُعمِلَت الأفعال المُستخدمة في عملية الخلق الإلهي أيضًا للدلالة على مشاركة المخلوقات في عملية الخلق، أحياءً كانوا أم جمادات. وإزاء التخوف المنتشر من اعتبار اشتراك الخالق والمخلوق في الخلق «تآزرًا»، لا بد من إدراك أن قصة الخلق هذه لا تتعامل من منظور العلاقات بين بنيتَين فقط (الله والخلق، الله والعالم، الله والبشر). تتْبع تلك الرواية منظور العلاقة بين بِنية الله وبِنًى أخرى عديدة تُمنَح فيها مخلوقات معيَّنة حصةً مِن قُدرة الخلق الإلهي حسب مكانتها. فالمخلوقات تُشارك بطرق عدة في تكوين الخليقة. ففيما يخص السماوات، تحكم النجوم الأزمنة وأيام الأعياد، والأرض تُخرِج المخلوقات، والبشر موكلون بأن يحكموا المخلوقات، ومن ثَم فهم يَعكسون صورة الله.

في تلك العلاقة بين الله وأطراف متعدِّدة، ليس لمخلوق قدرة على أن يتصرف نيابة عن الله، مع ذلك فإن المخلوقات تَمتلك قدرةً كبيرة على الخلق. وتلك القدرة تمكن البشر وغيرهم من المخلوقات من أن يمارسوا قُدرتهم على الخلق بحرية ويتصرَّفوا على نحو مستقل؛ ناهيك عن أنها تُمكنهم من تعريض أنفسهم للخطر والهلاك. وتوجد عدة مؤشرات في قصة الخلق تدعم ذلك الفهم الواقعي في مُقابل أوهام «صانع الساعات المثالي» (والتي دائمًا ما تأتي ملازمة لمسألة العدالة الإلهية). إذن المخلوقات المشاركة في الخلق تظلُّ مخلوقات. فرغم ما لديهم من قدرة، هم ليسوا آلهة (كما تعتبرهم بعض روايات الخلق القديمة). وكذلك ليست السماوات والشمس والقمر والنجوم والأرض بقُوى إلهية. كما أن نبرة أن البشر هم «السادة والمُخضعون» التي تعكسها «الدعوة إلى التسلُّط» السيئة السمعة تشير إلى أنه يجب موازنة الصراع بين البشر والحيوانات على موارد البقاء المشتركة. من الواضح أن البشر قد مُنِحوا الأفضلية، مع ذلك، في خضمِّ سعيهم وراء تحقيق مصالحهم الذاتية وتفضيلهم تكاثرهم وانتشارهم في ربوع الأرض، عليهم أن يعكسوا صورة الله للمخلوقات الأخرى، وهو ما يَعني أن يتصرفوا وَفق التصورات القديمة للحكام النُّبلاء فيُعاملوا الضعفاء برحمة وعدل.

ويبدو أن من يرفض هذا المنظور الواقعي للخلق، الذي يأخذ على محمل الجد حقيقة أن حياتنا محدودة وأنها تقوم على حساب حياة أخرى وأن قدرة المخلوقات على المشاركة في الخلق تَستتبِع أن يكون لديها القدرة على تعريض الذات للخطر، لديه حُجة داحضة لذلك الفهم من الرواية الآبائية نفسها، وهي حجة يَستحيل دحضها. أو ليست قصة الخلق التوراتية تدعونا إلى اعتناق المنظور الميتافيزيقي بتوكيدها المُتكرِّر على «حُسن» المخلوقات؟ فقد تكرر ذكر أن الله رأى الكيانات المخلوقة المشاركة في الخلق والمساحات المخلوقة «حَسَنة» (سفر التكوين، ١: ٤، ١٠، ١٢، ١٨). حتى إن الله رأى أن كل ما خلقه «حسن جدًّا» (سفر التكوين، ١: ٣١): «ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدًّا». وكلمة «حَسَن» (بالعبرية tob) معناها «داعم للحياة». لكن الموجودات المخلوقة وحتى المُشاركة في الخلق، حتى لو كانت داعمة للحياة للغاية، فهي لم تَبلُغ رتبة المجد الإلهي. ويظل الفرق بين المجد الإلهي والمخلوقات التي حكم الله بأنها «حسنة» و«حسنة جدًّا» قائمًا. فالعالم المخلوق ليس الفردوس.

(٣) «الخلق» نفسه يُشير إلى أن الله أكثر من مجرد داعم للكون

في النقاشات بين العلم والدين أو العلم واللاهوت وأصدائها التي تَصِل إلى العامة، جرت العادة أن يمزج بعض العلماء منظوراتهم الملخصة بالهيبة والإجلال الديني لقدرة الخالق وحكمته. ويُدلِّل على تلك الآراء بقوة الرياضيات والتفكير المنطقي في كشف أسرار الطبيعة، والإبداع الجلي والنظام المتناغم المُدهش المُلاحظ في الكون، وخصوبة الحياة وقدرتها على توليد «أشكال أعلى».٣ لكنَّ آخرين يخرجون من تلك المناقشات وقد خلُص كل منهم إلى الآتي: «كلما أمعنت النظر في ذلك العالم، وجدته عديم الغاية». أو يُوافقون وايتهيد في رأيه إذ قال: «الحياة سرقة وتحتاج إلى تبرير».

هنا ندرك حقيقة أن أي «معرفة فطرية بالإلهي» مرتبطة بمشكلات ملحة، كما بَيَّن جون كالفن بوضوح في مطلع كتابه «أسس الدين المسيحي» سنة ١٥٥٩. أي منظور يعتبر الله خالقَ الكون وداعمَه لن يتغلَّب أبدًا على حسِّ التناقض والاضطراب الناتجين عن أي لاهوت «طبيعي» عن الخلق. يصف كالفن ذلك «الإحساس المتأصل بالإلهي» — الذي يراه مُسلَّمة لا تقبل النقاش — بأنه «غير راسخ ومتذبذب» (كالفن، ١٥٥٩، الجزء الأول، الفصل الثالث، القسم الثالث).

إذا لم نُفنِّد تلك الخبرة الواقعية للخلق من خلال منظور الميتافيزيقا «القديمة»، فسيلزم أن نقر بأن قوة تُقيم الكون فقط — مهما كانت جبارة — ليسَت أهلًا لأن توصف بأنها «إلهية». وبالمِثل، لا يرقى تجسيد تلك القوة ولا «غايتها» لأن يوصفوا بأنهما «الإله». وإزاء محدودية الحياة وحقيقة أنها تقوم على حساب حياة أخرى، وأن قدرة المخلوقات على المشاركة في الخلق تَنطوي على إمكانية تعريض الذات للخطر وإهلاكها، لا بد لنا أن نسأل الخلاص والرفعة من إله خالق كي نسمو فوق التناقض البالغ الذي صوَّرناه لتونا.

وكما هو واضح «الخلاص والنجاة» في تلك الحالة لا يَعني فقط تقويم مسار العمليات الطبيعية. لا شكَّ أن حياتنا وخبراتنا الدنيوية من ولادة وشفاء ومسامحة وتصالح وسلام تعكس عمق عناية الله وإرشاده لخلقه. وتلك الخبرات من شأنها أن تَستدعي الامتنان والفرح والتمجيد والإجلال. لكن يظل سؤال يلح علينا وهو: هل يُمكن أن تتجاوز قدرة الله على الإبداع محدودية حياة المخلوقات نفسها وتناقُضها العميق؟ هذا السؤال لا يمكن طرحه وإجابته دون التطرُّق إلى موضوعين صعبَين في علم الأُخرويات (الإسخاتولوجي)؛ وهما الخلق الجديد والقيامة.

(٤) الإبداع الإلهي كما يتجلَّى في قيامة المسيح وجسده الروحاني

إن يسوع المسيح المُقام من الموت ليس هو يسوع الناصري كما كان قبل صَلبه وقيامته وإعادة إحيائه. ويبدو أن بعض الشهود على القيامة في إنجيل لوقا — وقطعًا جميع الأصوليِّين المسيحيِّين ونُقادهم – يخلطون بين القيامة والإحياء الجسَدي، رغم أن الرؤى المتعلقة بهذا الموضوع في الكتاب المقدس جلية. تَنقل لنا نصوص الكتاب المقدس وقائع توقير بالسجود جرت من قبل شهود في حضرة تجلٍّ إلهي، مع أن خبرة تجلِّي الله تكون ممزوجةً بالشك.٤ قيامة المسيح هي واقع له سماتُ شيء حسِّي، وفي الوقت نفسه يحتفظ بطابع خارقٍ للطبيعة. وتُعدُّ قصة عمواس موضِّحة لذلك جدًّا؛ فقد أمسكت عينا التلميذَين عن معرفة المسيح الذي قام. ولما أدى طقس كسر الخبز، انفتَحَت عيناهما وعرفاه. ثم تقول الآية التالية: «ثم اختفى عنهما». وعوضًا عن الشكوى من معايشتِهما لحدث مخيف، أو رؤية رُوح أو شبح، تذكَّر التلميذان خبرة أخرى لم تَبدُ في حينها تجلِّيًا: «ألم يكن قلبنا مُلتهبًا فينا إذ كان يُكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟» (لوقا، ٢٤: ٣٠ والآيتان التاليتان لها).

عرف الشاهدان المسيح المُقام لا من سلامه وكسر الخبز وتحية السلام، وطريقة توضيحه لهما الكتب وبغيرها من العلامات فحسب، بل من مظهره أيضًا في الضوء. وهذا يُناقض بوضوح أي خلط بين القيامة والإحياء الجسَدي. وتؤكد عدة خبرات مُتنوِّعة قابلَ فيها شهود المسيح أنه باقٍ وسيظلُّ حاضرًا «بجسده» بيننا. على النقيض تُبين روايات القبر الفارغ لحظة تجلٍّ واحدة فحسب، وهو حتى إن كان تجليًا مَهيبًا من الرسل السماويِّين، فهو لا يكفي لإقامة إيمانٍ على أساسه. بل إن ما بقيَ بعد القبر الفارغ هو الخوف والدهشة والصمت (كما جاء في إنجيل مرقص). في الوقت نفسه، ذاع الاعتقاد بأنَّ الجسد قد سُرِق، واستُخدِمَ لترويج الشائعات، وانتشَر (في إنجيلي يوحنا ومتى). وَفقًا لإنجيل لوقا، جرى تجاهُل ما شاهدته السيدتان عند القبر باعتباره «ثرثرة نسائية».

لكن تأكُّد قيام المسيح لا يدلُّ على أنه موجود على الصورة التي كان عليها قبل صلبه وقيامته. في الواقع، كامل جوهر شخصه وحياته موجود الآن «في الروح وفي الإيمان». هذا الوجود «في الروح وفي الإيمان» يصعب فهمه، ليس فقط على أصحاب الفكر الطبيعاني والعلمي الذين عادةً ما يُركزون بدلًا من ذلك على مزايا ومناقب الإحياء الجسدي. على النقيض، فإن كمال شخصية المسيح وحياته يُؤكد على جماعة الشهود المتَّحدين في الروح والإيمان وذكراه في النصوص المقدسة. على هذا النحو، فإن كامل حياة يسوع، أي، قوة تأثيره وقدراته، حاضر وفاعل في المسيح المُقام والمرفوع.

وجود المسيح المُقام يَعكس قوى الحبِّ والتسامح والشفاء ومحبَّته للأطفال والضعفاء والمنبوذين والمرضى والبؤساء. علاوة على ذلك، فإن القدرة على مصارعة ما أطلق عليه «السلاطين وولاة العالم» تبدأ تتَّضح في وجوده؛ على سبيل المثال في صراعه مع المؤسسات السياسية والدينية بحثًا عن الحقيقة والمُطالَبة بالعدل الحقيقي. إن شخص يسوع المسيح وحياته مصدر تحفيز لتجديد الأعراف والثقافات وغيرها من التأثيرات الإبداعية. وقد أدرك الشهود وجود المسيح المقام من خلال العديد من العلامات — بما فيها علامات بسيطة — تدلُّ على المحبة والشفاء والتسامح والإخلاص والتقبل والسعي الحثيث إلى العدالة والحقيقة. على هذا المنوال التدريجي، المسيح وملكوت الرب «قادمان».

إلى جانب هذا القدوم المنبثق الذي يُصلي المسيحيُّون لأجله «الصلاة الربانية»، تتناول نصوص الكتاب المقدس أيضًا المجيء الأخير لابن الإنسان. وهي تتطرَّق إلى رؤى إسخاتولوجية، وهي رُؤى بالضرورة لأنَّ المسيح المُقام المرفوع لا يأتي في سنة محدَّدة أو منطقة محددة من العالم. إنما يأتي في جميع الأزمنة وجميع المناطق في العالم. وكما تقول عقيدة الآباء الرسل، هو يسود «الأحياء والأموات». تلك الرؤية مُتعالية بالضرورة على كل التصورات الطبيعية والتجريبية. لكن تلك الرؤية المهمَّة والشافية تُعارض الفوقية الظاهرة والمستترة لدى ثقافات وحِقَب معينة.

إذا لم تكن لدينا سوى رؤية ابن الإنسان آتيًا وجميع الملائكة القدِّيسين معه «فإننا أشقى جميع الناس» كما قال بولس الرسول في الإصحاح ١٥ من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس. فالحديث عن المسيح «الآتي» يصير مُطمئنًا؛ لأنَّ «الآتي» لن يُكشَف عنه لأول مرة في نهاية الزمان، بل هو بينَنا بالفعل الآن باعتباره المسيح المصلوب المُقام؛ ولأن المصلوب المُقام كان موجودًا في صورة يسوع التاريخي قبل الصلب والقيامة وعُرِف من خلال قرب حياته وأعماله البشرية من البشر وهو في صورته المتجسِّدة. لهذا السبب، لا يمكن أن نفصل ذكرى يسوع التاريخي عن إدراك أن المسيح المصلوب المُقام موجود وسوف «يعود» في المجيء الثاني. وأنَّ الله الخالق والمنجي موجود هنا، يحيط مخلوقاته بعنايته ويدعم الحياة في صراعها مع قوى الخطيئة والموت. تلك القوى مُمثَّلة بوضوح في صليب المسيح.

على صليب المسيح، أُدِين يسوع باسم السياسة والدين. وأُعدِم باسم القانون اليهودي والروماني. حتى الرأي العام كان ضدَّه: «فصرخوا أيضًا: «اصلبه!»» (مرقص، ١٥: ١٣-١٤). اليهود وغير اليهود، اليهود والرومان، أبناء البلد والأجانب جميعُهم اتَّفقوا على ذلك. اتحدت جميع السلاطين والقُوى، وانهار «جهاز المناعة» العالَمي. في واقعة الصَّلب، سقطت الحسابات والموازَنات التبادلية بين الدين والسياسة والقانون والأخلاقيات. وتضاءلت جميع الصراعات بين المحتلِّين وأصحاب الأرض، وبين القوة الكبرى والمضطهَدين. حتى تلاميذ المسيح خانوه؛ إذ تركوه وهربوا، كما تُبيِّن بوضوح روايات واقعة العشاء الأخير وقصة بستان جَثسيماني، و«ليلة الخيانة».

يكشف الصليب كما تقول نصوص الكتاب المقدس أن «الكل تحت الخطية». إنه يكشف ليلةً لم يَهجُرِ اللهُ فيها يسوع نفسه فحسب، بل العالم بأكمله. يكشف الصليب وجود العوز والشقاء، لا في ساعة موت يسوع فحسب، بل أيضًا باعتبارهما خطرًا حقيقيًّا موجودًا في كل وقت. والقيامة مُخلِّصَة من ليلة الهجر. ما يجلب الخلاص هو فِعلُ الله لا المساعي البشرية. لا تتجلى القوة المُخلِّصة الحقيقية والضرورة الحتمية للقيامة إلا في مواجَهة الصليب. وفي مواجهته تُدرَك حقيقة أن الله وحده هو المخلِّص للبشرية في ضوء إمكانيةِ وحقيقة أنَّ البشرية إن تُركت وحدها فستَهلك رغم النوايا الطيبة والأنظمة المتقَنة الإحكام. حتى «القانون الحسن» لله يُمكن للبشر أن يُفسدوه تمامًا ويسيئوا استغلاله تحت سلطة الخطية. حينها تَنتصِر الانحرافات في الدين والقانون والسياسة والرأي العام. ومن ثَم فإنه من الضروري أن ندرك أن الله هو منقذ البشرية، وأنها من دونه تضيع تمامًا. والكيفية التي يُنقِذها بها مُهمة أيضًا؛ فهي وإن كانت نافذة فإنها تدريجية لا تتحقَّق بحدث عظيم يَصحبه تهليل. وبقدر ما يُعدُّ تصوير لوحة مذبح إيزنهايم للقيامة مذهلًا، فإن شهود القيامة في روايات الكتاب المقدس يصفُون حقيقة فعل الله المُخلِّص وصفًا مختلفًا تمامًا.

(٥) القوة التحويلية للجسد الرُّوحاني: الإعانة والنجاة والتكريم في الحياة الأبدية

رغم أن اختبار المسيح المُقام من جانب الشهود الأوائل أو المُعاصِرين له طابع الرؤى والذكريات والتخيلات التنبؤية، فهو ليس مجرَّد ظاهرة عقلية أو روحية. فهم يتفاعلون مع التمثيل الذاتي للمسيح المُقام المرفوع في جسده بعد القيامة ويُشاركون في حياته الحقيقية. التعدُّدية الهيكلية للشهود القانونيِّين، والتعددية الهيكلية للشهود المسكونيين، والتعددية٥ الهيكلية للاهوت المتعدد المجالات، وتعدُّد الشهود الفرادى في المجتمعات الباحثة عن الحقيقة كلها تُعارض التصورات الوهمية للمسيح، والتفسيرات الأخلاقية المُتفائلة الوهمية المسندة إليه والأيديولوجيات الوهمية القائمة عليه. ما يُنقِّي ويُطهِّر شهود المسيح وعمل الثالوث المقدس، ويحفظه من أن يُخلط بأي شكل من أشكال التدين المصطنع هو الاستجابة المُخلِصة والواقعية لوجوده وكلمته.
وكي تحصل تلك الاستجابة، يلزم احترام الاتصال والانفصال بين حياة وجسد يسوع قبل قيامته، ويسوع المسيح المُقام المرفوع، والمسيح باعتباره الحاكم والمُخلِّص للعالم عند قدومه الثاني. وقد وصف بولس الرسول الاتصال المذهل بين جسد المسيح قبل قيامته وبعدها مستعينًا بصورة الحبة المزروعة والنبات المُكتمِل (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس ١٥: ٣٦–٣٨، ٤٤). غير أن ذلك الاتصال المُذهل مرتبط بانفصالات تكاد تكون مروعة: ««موت» الحبة وإيجاد الله «لخلق» [جديد] (١٥: ٣٨، علامات التمييز من وضعي). إن شكل جسدنا الفاني بالكامل سيُغير (metaschematizo كما في رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي ٣: ٢١) إلى جسدٍ جديد يكون على الصورة غير الفانية لجسد مجده والذي سيكون مختلفًا نوعيًّا عن جسدنا الأول. سيكون أفضل بكثير منه، حمدًا لله!» (لامب، ٢٠٠٢).
يُعبر مصطلح «الجسد الروحاني» عن الانفصال والاتصال. ولما كان بولس الرسول قد فرق بين «اللحم والدم» (sarx، باعتباره مادة فانية) و«الجسد» (soma، باعتباره مادة شكَّلها العقل والروح القدس على صورة كيان روحاني حي حامل للمعلومات ومُخبر بالمعلومات)، فإن بإمكانه أن يفهم الاتصال والانفصال على النحو الآتي: الجسد باعتباره لحمًا ودمًا تُسيطِر عليه قوى غير إلهية سيفسد ويموت؛ وسيُعاد خلق الجسد في صورة جسد رُوحاني بنعمة الله في القيامة.٦ ومع أن الجسد «المادي» محكوم عليه قطعًا بالفساد والموت، فإنه زاخر بالطاقات والعمَليات المنطقية اللازمة للإعانة الذاتية والبقاء الذاتي، لكن تلك الطاقات ليسَت كافية لإيجاد «الجسد الروحاني»؛ إذ تُؤدِّي في نهاية المطاف إلى «الخطية والموت».

لن يكون ثمة أي أمل حقيقي في حيواتنا إذا لم يكن هناك اتصال بين وجودنا الجسدي على الأرض — الذي يُشكِّله بلا ريب جسدنا المادي — وجسدنا الرُّوحاني الذي تُشكِّله قوى الإيمان والحب والأمل. يتحدَّى بولس الرسول أهل كورنثوس الذين يريدون أن يَربطوا بين المسيح في هذه الحياة وفي الأبد، لكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يتركوا مساحة لأي سلوك متعلِّق بالجنس والطعام، فالجسد الدنيوي سيموت في كل الأحوال. «في منظور بولس الكلي … واقع الخلاص ليس واقعًا مُنفصلًا عن الحياة الخارجية العادية، وليس مجرد واقع ديني للحياة الداخلية للشخص. بل يضم ويشمل الخبرة الإنسانية برمَّتها، والشخصية برمتها … ولذلك السبب بالتحديد، يتحدَّث بولس عن «القيامة» لا عن أشياء مثل «الخلود الروحاني» و«الأرواح المتسامية»» (لامب، ٢٠٠٢، صفحة ١٠٤ والتي تليها).

تلك الواقعية الأنثروبولوجية مُرتبطة بواقعية إسخاتولوجية تنظر إلى أي تصور عن الخلق في ضوء الخلق الجديد. تلك الواقعية الإسخاتولوجية تؤكد أن الله الخالق ليس مجرد مُعين أو مقيم للكون؛ لأنَّ ذلك الكون مليء بالغموض واليأس الناتجين عن حرية المخلوقات المشاركة في الخلق وإمكانية إساءة استخدامها؛ إنه مليء بالغموض واليأس نتيجة للوحشية الكامنة للحياة البشرية ومحدوديتها الموجودة في الجسد المادي. مجرَّد اليقين، بأن الله الثالوث يفتح أمام الخليقة إمكانات أكثر ثراءً من حيواتهم المحدودة التي تنتهي بالموت في أوانهم أو غير أوانهم، ليس كافيًا لأن يَنبني عليه إيمان وأمل قوي في وجود أبدي في الجسد الروحاني. وفقًا لبولس الرسول، وجود المسيح المُقام — مُنفصلًا عن حياته وجسده قبل القيامة ومتصلًا بهما، وبالتوجه الروحاني القوي والمعلومات التي يخبر بها ذلك الحضور — يفتح منظورًا جديدًا تمامًا. أولئك الذين يعيشون في المسيح باعتبارهم أعضاءً في جسدِه — بوعي أو بغير وعي منهم — يتحوَّلون إلى مثله ويستمرُّون في الحياة الأبدية لله.

لكن ليست حياة المؤمنين بالمسيح والمُتبعين له فقط هي التي تكتسب ذلك المنظور المُؤدي إلى الخلاص من خلال المشاركة في ذلك الجسد الروحاني. ففي طقس الإفخارستيا، تُشارك «مادتا» الخبز والخمر في تكوين الجسد الرُّوحاني أيضًا. وتصير عطايا الخلق (لا عطايا الطبيعة فقط، بل أيضًا عطايا التفاعل بين الطبيعة والثقافة المباركة بالفعل بعمل الروح القدس)٧ عطايا «الخلق الجديد». الخبز والخمر لا يَبنيان الأجساد الطبيعية للمجتمعين بالمعنى المجازي فحسب. فباعتبارهما «خبزًا وخمرًا من السماء»، وباعتبارهما جسد المسيح ودمه، هما يبنيان أعضاء جسد المسيح، أعضاء «الخلق الجديد»، وحاملا ثمار وعطايا الروح القدس. هنا يصير الاتصال بين الخلق والخلق الجديد، بين الخليقة على حالَيها القديم والجديد، حاضرًا في خضم الانفصال الغالب. المعلومات الروحانية — التي لم أجد مُصطلحًا أفضل لها بعد — تعمل على مستوى الأجساد والعقول المادية من خلال وجود المسيح في الكلمة والسر، مما يُؤدِّي إلى تحولات مُنبثقة هادئة وإن كانت في بعض الأحيان هائلة. ويَبقى أن نبحث ما إذا كانت تلك العملية يمكن أن يكون لها نظائر في مجالات بحث واهتمام غير دينية أو حتى مجالات بحث علمية. بالاستعانة بالميتافيزيقا «الحديثة»، ينبغي أن نُحاول استكشاف تلك التناظُرات في التفاعُلات بين «الله والمادة والمعلومات» أو بالأحرى بين «الله والمخلوقات الدنيوية والتوجه الروحاني».

(٦) بعض الدروس والرُّؤى لأجل الحوارات المتعدِّدة التخصُّصات حول ذلك الموضوع

في هذا الصدد، من شأن منهج بولس الأنثروبولوجي أن يقدم لنا بعض الأدلة، حين نتأمل وصفه لأفعال الروح. من المنظور اللاهوتي والأنثروبولوجي، يُمكِّن الروح القدس الوجود المشترك والاتصال وحتى التفاعُل مع الغائبين، ومن ثَم فإنه يجعلهم حاضرين في غيابهم. من خلال الرُّوح القدس، يتواصل الله غير المرئي مع الروح البشرية ويبث إليها بواعث إبداعية. لكن قدرة الروح على التواصل يمكن أن تبتدئ بطريقٍ بشَريٍّ من أسفل إلى أعلى. وفقًا لبولس، حتى الغائبون يُمكن أن يتواصلوا تواصلًا حقيقيًّا مع الآخرين «بالروح»، رغم وجودهم في موضع مختلف من الزمان والمكان. بتذكُّر زياراته وتعاليمه ووعظه، ومن خلال توسُّلاته لله، وكذلك من خلال خطابات الآخرين ورسائلهم، فإن بولس حاضر في المجتمع «بالروح». وحضوره ذلك ليس مجرَّد محض خيال.

يرى بولس أنه حاضر «روحانيًّا» في المجتمع. ففي الإصحاح الخامس من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس، يصف عملية التواصُل الرُّوحاني والفعل المشترك تلك إذ يقول: «فإني أنا كأني غائب بالجسد ولكن حاضرٌ بالروح، قد حكمتُ كأني حاضر في الذي فعل هذا، هكذا: باسم ربنا يسوع المسيح إذ أنتم ورُوحي مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح» (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس، ٥: ٣–٤). «اسم» و«قوة ربنا» وقطعًا روح ربنا (مع أنها لم تُذكَر صراحة في تلك الفقرة)، لها دور مهمٌّ هنا في اتصال الجمع، حتى وإن كان دورًا عامًّا للغاية؛ أي بحضور جسدي مشترك ودون حضور جسدي. لكن ليس من الضروري الإشارة إلى «الروح القدس» كي تُفهَم عملية الاتصال الروحاني تلك بين بولس وأهل كورنثوس. إذ يمكن أن نشرح الوظائف الأساسية للروح البشرية دون تطرق مباشر إلى الجوانب اللاهوتية.

الذاكرة والخيال ليسا مجرَّد «موجودات عقلية» في «الخبرات الذاتية الداخلية»، تصادف أنها تتواصل وتتقاطع بطريقة غريبة فينتج عنها الفهم المشترك والإجماع والبحث الجمعي الموجه عن الحقيقة. وبصفتِهما أمورًا تدعم اليقين الفردي والإجماع بين أفراد الجماعة، والتقدم الموجه للمُجتمعات الباحثة عن الحقيقة،٨ فإن لهما قطعًا «نقاطًا مرجعية» في الزمكان الطبيعي والمادة المرتبطة به. لكن في الانتقال من التجربة المادية إلى الأشكال المشتركة من الذاكرة٩ والتصورات المشتركة، هناك «ثراء روحاني» للواقع المادي المُختبَر وتحول له. بالاصطلاح العلماني، ذلك التحول ومشاركة العقل فيه وصفه ويليام ووردزوورث على نحو بديع في قصيدته الشهيرة «أزهار النرجس»:
أبصرتُ عشرة آلاف منها في لمحة،
تتمايَل برءوسها في رقصة مَرِحة …
حدقتُ وحدقتُ لكنِّي لم أفطن
إلى الكنز الذي وهبته إيَّاي برقصها؛
إذ إنني حين أرقُد في فراشي،
خاليَ البال أو مُتأملًا،
تتراءى لعَين عقلي الداخلية،
التي هي نعمة الخلوة،
فيمتلئ قلبي بالسرور والفرحة،
ويرقص معها.

المراجع

  • Assmann, J. (1992), Das kulturelle Gedächtnis, München: Beck.
  • Assmann, J. (2000), Religion und kulturelles Gedächtnis, München: Beck.
  • Calvin, J. (1559), Institutes of the Christian Religion, trans. Henry Beveridge (2008), Peabody, MA: Hendrickson Publishers.
  • Eckstein, H.-J., and Welker, M., eds. (2006), Die Wirklichkeit der Auferstehung, 3rd ed. Neukirchen-Vluyn: Neukirchener Verlag.
  • Habermas, J. (1987), Metaphysik nach Kant, In Theorie der Subjektivität, eds. K. Cramer et al., Frankfurt: Suhrkamp, 425–443.
  • Lampe, P. (2002), Paul’s concept of a spiritual body, In Resurrection: Theological and Scientific Assessments, eds. T. Peters, R. Russell and M. Welker, Grand Rapids: Eerdmans, 103–114.
  • Peters, T., Russell, R., and Welker, M., eds. (2002), Resurrection: Theological and Scientific Assessments, Grand Rapids: Eerdmans.
  • Polkinghorne, J., and Welker, M. (2001), Faith in the Living God, A Dialogue, Philadelphia: Fortress; London: SPCK.
  • Welker, M. (1999a), Creation and Reality, Philadelphia: Fortress.
  • Welker, M. (1999b), Was ist Pluralismus? In Wertepluralismus, Sammelband der Vorträge des Studium Generale der Ruprecht-Karls-Universität Heidelberg im Wintersemester 1998/99, Heidelberg: C. Winter.
  • Welker, M. (2000a), Kirche im Pluralismus, 2nd ed. Gütersloh: Kaiser.
  • Welker, M. (2000b), What Happens in Holy Communion? Grand Rapids: Eerdmans.
  • Welker, M. (2008), Kommunikatives, kollektives, kulturelles und kanonisches Gedächtnis, In Jahrbuch fur Biblische Theologie, Bd. 22: Die Macht der Erinnerung, Neukirchen-Vluyn: Neukirchener Verlag, 321–331.
  • Whitehead, A. N. (1960), Religion in the Making, (originally 1926), New York: Meridian.
١  طالِع هابرماس (١٩٨٧، صفحة ٤٣٤)، باعتباره صوتًا مُمثلًا لذلك الرأي.
٢  طالِع ويلكر (١٩٩٩أ)، بخاصة الفصل الأول.
٣  طالِع بولكينجهورن وويلكر (٢٠٠١).
٤  طالِع أيضًا إكستين وويلكر (٢٠٠٦)، وبيترز وراسل وويلكر (٢٠٠٢، بخاصة الصفحات ٣١–٨٥).
٥  من الضروري أن نُفرِّق بوضوح بين التعدُّدية المُتعدِّدة الأنظمة الحساسة للسياق ومجرَّد مجموعة «متنوعة» من الأفراد والجماعات ذوي الأهداف والآراء المختلفة. فالنوع الأول يتطلَّب فهم نمط معقَّد من البِنى وتداول السلطة؛ أما الثاني فلا يُمثل إلا رؤية نسبوية ناعمة. للمقارنة، طالع ويلكر (١٩٩٩ب، الصفحات ٩–٢٣؛ ٢٠٠٠أ).
٦  من الضروري ألا نربط «اللحم والدم» بالمادة بمفهومها النيوتني باعتبارها «جُسيمات صلبة جامدة لها كتلة وغير قابلة للاختراق وقابلة للتحريك». فيجب عدم الخلط بين مفهوم الجسد الذي «من لحم ودم» و«الشيء المادي» الذي ليس فيه أي معلومات.
٧  طالِع ويلكر (٢٠٠٠ب).
٨  نسيج المجتمعات الباحثة عن الحقيقة موصوفٌ في الفصل الأخير من عمل بولكينجهورن وويلكر (٢٠٠١).
٩  طالِع أسمان (١٩٩٢، ٢٠٠٠)؛ وويلكر (٢٠٠٨، الصفحات ٣٢١–٣٣١).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤