الفصل الثامن

النقد الرقمي

إن ثورة تكنولوجيا الاتصالات العالمية التي بدأت بإنتاج أول حاسوب قابل للبرمجة بشكل كامل في خمسينيات القرن العشرين قد وصلت إلى عدد متزايد من الجوانب المادية للحياة، وقدَّمت حلولًا هندسية لمشاكل موجودة منذ زمن طويل. وفي حين زادت المصارف والشركات الناشئة من كمية استخدامها للحواسيب وتكنولوجيا الشبكات من أجل المدفوعات وحفظ السجلات، إلا أن الابتكارات التي نجحت لم تُقدِّم شكلًا جديدًا من النقد، وجميع الابتكارات التي حاولت تقديم شكل جديد من النقد باءت بالفشل. لهذا، يُمثِّل البيتكوين أول حل رقمي حقيقي لمشكلة النقد، وفيه نجد حلًّا محتملًا لمشاكل قابلية البيع وسلامة وسيادة النقد. فلقد عمل البيتكوين دون فشل خلال السنوات التسع الماضية، وإذا استمرَّ في العمل على هذا النحو في التسعين سنةً القادمة، فسيُمثِّل حلًّا مقنعًا لمشكلة النقد، مانحًا الأفراد ميزة السيادة على نقودهم؛ وذلك لأنه مقاوم للتضخم غير المتوقَّع، كما أنه قابل للبيع بشكل كبير على صعيد المكان والزمان والقياس. وإذا استمرَّ البيتكوين بالعمل كما يعمل حاليًّا، فإن جميع التقنيات السابقة التي وظَّفها البشر كنقد؛ مثل الأصداف، والملح، والماشية، والمعادن الثمينة والأوراق النقدية الحكومية، قد تبدو كتقنيات غريبة عفا عليها الزمن في عالمنا الحديث؛ مثل عدادات بجوار أجهزة الحواسيب الحديثة.

ولقد رأينا كيف أن ظهور علم المعادن قد أنتج حلولًا لمشكلة النقد، حلولًا متفوِّقة على الخرز والمحَّار وغيرها من الأدوات، ورأينا كيف أن ظهور العملات المُنتَظمة قد سمح للعملات الذهبية والفضية بالظهور كأشكال نقدية متفوِّقة على الكتل المعدنية غير المنتظمة، كما ورأينا كيف أن المصارف المدعومة بالذهب قد سمحت للذهب بالهيمنة كمعيار نقدي عالمي؛ ممَّا أدَّى إلى إلغاء الصفة النقدية للفضة. وانطلاقًا من ضرورة إضفاء الطابع المركزي للذهب، انبثق النقد الحكومي المدعوم بهذا الذهب، والذي كان أكثر قابليةً للتداول من حيث القياسات، ولكن أتى مع ذلك الزيادة الحكومية للعرض النقدي والسيطرة القسرية اللذَين دمَّرا في نهاية المطاف سلامة وسيادة النقد. ففي كل خطوة على الطريق، شكَّلت الحقائق والتطوُّرات التكنولوجية المعاييرَ النقدية التي وظَّفها البشر، وكانت عواقب ذلك هائلةً على الاقتصادات والمجتمعات. فالمجتمعات والأفراد الذين اختاروا معيارًا نقديًّا سليمًا استفادوا بشكل كبير مثل الرومان تحت قيادة قيصر، والبيزنطيين تحت قيادة قسطنطين، والأوروبيين الذين كانوا جميعًا تحت حكم المعيار الذهبي. أمَّا أولئك الذين كانوا يملكون نقدًا غير سليم أو ضعيفًا من الناحية التكنولوجية مثل سكان جزيرة ياب مع وصول أوكييفي، أو سكان غرب أفريقيا الذين استخدموا الخرز الزجاجي، أو الصينيين الذين كانوا تحت حكم المعيار الفضي في القرن التاسع عشر؛ فقد دفعوا ثمنًا باهظًا.

ويُمثِّل البيتكوين حلًّا تكنولوجيًّا جديدًا لمشكلة النقد، وُلِدَ من العصر الرقمي، مُستخدمًا العديد من الابتكارات التكنولوجية التي تمَّ تطويرها على مدى العقود القليلة الماضية، ومستفيدًا من التجارب العديدة لإنتاج نقد رقمي؛ وذلك لتقديم شيء كان من المستحيل تصوُّره قبل اختراعه. ولفهم الكيفية، سنقوم بالتركيز على الخصائص النقدية للبيتكوين بالإضافة إلى الأداء الاقتصادي للشبكة منذ إنشائها. لهذا السبب، إن هذا الفصل لن يتعمَّق كثيرًا في التفاصيل التقنية لعمليات شبكة البيتكوين، بل سيركِّز على الخصائص النقدية لعملة البيتكوين، تمامًا كما تُركِّز بعض الكتب على مناقشة معيار الذهب فقط ولا تقوم بمناقشة خواصه الكيميائية.

(١) البيتكوين كنقد رقمي

لفهم أهمية وجود التكنولوجيا للعملات النقدية الرقمية، من المهم النظر إلى العالم قبل اختراع عملة البيتكوين؛ حيث يمكن بسهولة تقسيم طرق الدفع إلى فئتَين مختلفتَين غير متداخلتَين:
  • (١)

    المدفوعات النقدية: وهي التي تتم شخصيًّا بين طرفَين. وتتميَّز هذه المدفوعات بكونها فوريةً ونهائية، ولا تتطلَّب الثقة في أي طرف متعاقد، ولا يوجد أي تأخير في تنفيذ عملية الدفع، ولا يمكن لأي طرف ثالث التدخُّل بفعالية لوقف هذه المدفوعات. وتتمثَّل العقبة الرئيسية في هذه الطريقة بضرورة تواجد الطرفَين في نفس المكان في الوقت ذاته، وهي مشكلة تزداد حدة؛ وذلك لأن الاتصالات قد زادت من احتمالية رغبة الأفراد بالتعامل مع أشخاص ليسوا في مكان قريب منهم.

  • (٢)
    المدفوعات عبر وسيط: وهي التي تتطلَّب طرفًا ثالثًا موثوقًا به وتشمل الشيكات، والبطاقات الائتمانية، وبطاقات الدَّين، والحوالات المصرفية، وخدمات تحويل الأموال، والابتكارات الحديثة مثل PayPal، وحسْب التعريف، إن الدفع عبر وسيط يتضمَّن طرفًا ثالثًا يدير عملية تحويل النقد بين الطرفَين المتعاملَين. والمزايا الرئيسية للمدفوعات عبر وسيط هي سماحها بإجراء المدفوعات دون الحاجة لتواجد الطرفَين في نفس المكان في الوقت ذاته، والسماح للعميل بالدفع دون الحاجة إلى حمل النقود. أمَّا العقبة الأساسية فيها فتتمثَّل بالثقة المطلوبة في تنفيذ هذه التحويلات، وبمخاطر اختراق الطرف الثالث، وبالتكلفة والوقت اللازمَين لإتمام وتصفية عملية الدفع؛ وذلك من أجل السماح للمتلقي بإنفاق المال.

فلدى كل من الطريقتَين ميزات وعيوب، ويلجأ معظم الناس إلى مزيج من الطريقتَين في تحويلاتهم المالية. وقبل اختراع البيتكوين، احتوت المدفوعات عبر وسيط جميع أشكال المدفوعات الرقمية. وطبيعة الأشياء الرقمية منذ اختراع أجهزة الحاسوب أنها ليست نادرةً أو شحيحة، حيث يمكن إعادة إنتاجها بشكل سهل، وبالتالي كان من المستحيل اتِّخاذ أحدها كعملة؛ وذلك لأن إرسالها لن يؤدي إلا إلى نسخها ومضاعفتها. لهذا السبب، وجب وجود وسيط لتنفيذ أي شكل من أشكال الدفع الإلكتروني بسبب خطر الإنفاق المزدوج؛ حيث إنه لم يكن هناك طريقة تضمن صدق ونزاهة الدافع بشأن نقوده وعدم استخدامه لها أكثر من مرة، ما لم يكن هناك طرف ثالث موثوق به يُشرف على الحساب، ويستطيع التحقُّق من سلامة ونزاهة التحويلات التي تمَّ إجراؤها. لهذا الأمر، اقتصرت التحويلات النقدية على عالَم الاتصال المباشر الفيزيائي، في حين أن أشكال المدفوعات الرقمية وجب أن يُشرف عليها طرف ثالث.

لكن وبعد سنوات من التجرِبة المبتكرة وارتكاب الأخطاء من قِبل العديد من المبرمجين، ومن خلال الاعتماد على مجموعة واسعة من التقنيات، كان البيتكوين أول حل هندسي يسمح بإجراء مدفوعات رقمية دون الحاجة إلى الاعتماد على وسيط ثالث موثوق به. وبكونه أول كِيان رقمي محدود الكمية، أصبح البيتكوين أول مثال على «النقد الرقمي».

فهناك العديد من العيوب في إجراء التحويلات عبر طرف ثالث موثوق به، وهذا ما يجعل النقد الرقمي مسألةً قيِّمة للكثيرين؛ فالأطراف الثالثة بطبيعتها هي ضعفٌ أمني إضافي؛١ فوجود طرف إضافي في التحويلات يطرح في حد ذاته مخاطر؛ لأنه يحمل معه احتمالات جديدةً للسرقة أو الفشل التقني. علاوةً على ذلك، إن الدفع عن طريق وسطاء يجعل الأطراف عرضةً للمراقبة والحظر من قِبل السلطات السياسية. وبعبارة أخرى، عند اللجوء إلى أي شكل من أشكال الدفع الرقمي، فلا يوجد هناك خيار سوى الثقة في الطرف الثالث والسلطات السياسية التي تحكمه، والخضوع لخطر إيقاف السلطة السياسية لعملية الدفع تحت ذرائع الأمن أو الإرهاب أو غسل الأموال. وما يزيد الطين بلة، هو أن المدفوعات عبر وسيط تتضمَّن دائمًا مخاطر الاحتيال؛ ممَّا يرفع تكاليف التحويلات ويؤخِّر التسوية النهائية للمدفوعات.

بعبارات أخرى، إن المدفوعات عبر وسيط تسلب النقد جزءًا كبيرًا من خصائصه كوسيط تبادل يسيطر عليه مالكه، مع منحه سيولةً عالية لبيعه وقتما يشاء. فتاريخيًّا، أكثر خصائص النقد ثباتًا هي قابلية الاستبدال (أيُّ وحدة من النقد تعادل أي وحدة أخرى)، والسيولة (قُدرة المالك على البيع بسرعة بسعر السوق). وبهذا، يختار الأفراد نقدًا قابلًا للاستبدال وذا سيولة مرتفعة لأنهم يريدون تحقيق السيادة على نقودهم، حيث يحتوي النقد ذو صفة السيادة في طياته على كل الإذن اللازم لإنفاقه، والرغبة في احتفاظ الأفراد به تتعدَّى قدرة الآخرين على فرض ضوابط عليه.

وفي حين أن المدفوعات عبر وسيط تقضي على بعض الميزات المرغوبة للنقد، إلا أن أوجه القصور هذه ليست موجودةً في التحويلات النقدية المادية. فبعد ازدياد كمية التجارة والتوظيف عبر مسافات طويلة بفضل الاتصالات الحديثة، أصبحت التحويلات النقدية المادية باهظةً بشكل غير عملي، كما أن التوجُّه نحو المدفوعات الرقمية قام بالتقليل من مقدار السيادة التي يمتلكها الناس على أموالهم الخاصة، تاركًا هؤلاء الناس خاضعين لأهواء الأطراف الثالثة التي لم يكن لديهم خيار سوى الثقة بهذه الأطراف. علاوةً على ذلك، إن الابتعاد عن الذهب، وهو النقد الذي لا يستطيع أي أحد طباعته، والاتجاه نحو العملات الورقية التي تُسيطر البنوك المركزية على المعروض منها، قد قلَّل من سيادة الأفراد على ثرواتهم، وتركهم عاجزين أمام التآكل البطيء لقيمة نقودهم بسبب تضخيم البنوك المركزية للعرض النقدي من أجل تمويل عمليات الحكومة. وبشكل متزايد، أصبح من غير العملي مراكمة رءوس المال والثروات دون الحصول على إذنٍ من الحكومة المُصدِرة لتلك النقود.

فالدافع لإنشاء ساتوشي ناكاموتو للبيتكوين كان هو طرح «شكل من العملة الإلكترونية بنظام نظير إلى نظير» لا يتطلَّب الثقة في أطراف ثالثة لإجراء التحويلات، ولا يمكن تعديل عرضها من قِبل أي طرف آخر. بعبارة أخرى، إن البيتكوين سيجلب ميزات النقد المادي المرغوبة (عدم وجود وسطاء، نهائي التحويلات) إلى عالم التكنولوجيا الرقمية، وسيجمعها مع سياسة نقدية صارمة لا يمكن التلاعب بها لإحداث تضخم غير متوقَّع لصالح طرف خارجي على حساب مالكيها. وقد نجح ناكاموتو في تحقيق ذلك عبر استخدام عدد قليل من التقنيات المهمة وغير المفهومة بشكل واسع؛ وذلك من خلال إنشاء شبكة نظير إلى نظير مُوزَّعة مع عدم وجود نقطة واحدة من الفشل، وتشمل خاصية الدمج، والتوقيعات الرقمية ونظام إثبات العمل.٢
فلقد ألغى ناكاموتو حاجتنا للثقة في الأطراف الثالثة عن طريق إنشاء البيتكوين على أساس يعتمد بشكل شامل ودقيق على عمليَّتَي «الإثبات والتحقُّق». ويمكن القول إن الميزة التشغيلية الرئيسية للبيتكوين هي التحقُّق، وبسبب ذلك فقط، تمكَّن البيتكوين من إزالة حاجتنا للثقة كليًّا.٣ وفي هذه الطريقة، يجب أن يتم تسجيل كل تحويل من قِبَل جميع أعضاء الشبكة بحيث يتشارك جميعهم في سجلٍّ مشترك يحتوي على جميع الأرصدة والتحويلات. وعندما يقوم عضو من الشبكة بتحويل مبلغ إلى عضو آخر، يمكن لجميع أعضاء الشبكة التحقُّق من امتلاك المرسل لرصيد كافٍ، ثم تتنافس العقد لتكون أول من يقوم بتحديث السجل وإضافة كتلة جديدة من التحويلات كل عشر دقائق. ولكي تتمكَّن العقدة من إضافة كتلة من التحويلات إلى السجل، يجب عليها أن تُنفق طاقة المعالجة على حل المسائل الرياضية المعقَّدة التي يصعُب حلها، ولكن يسهُل التحقُّق من صحة هذا الحل، وهذا ما يُدعى بنظام إثبات العمل POW، وفقط بعد إيجاد حل صحيح، يمكن إدخال كتلةٍ والموافقة عليها من قِبَل جميع أعضاء الشبكة. وفي حين أن هذه المسائل الرياضية لا علاقة لها بتحويلات البيتكوين، إلا أنه لا غنى عنها لتشغيل النظام؛ حيث إنها تُجبِر العُقد على إنفاق طاقة المعالجة من أجل توثيق التحويلات، وسيتم إهدار هذه الطاقة إذا ما قامت هذه العقد بإدراج تحويلات احتيالية. وبمجرد أن تحل العقدة نظام إثبات العمل بشكل صحيح وتعلن عن التحويلات، تُصوِّت عقد الشبكة الأخرى على صحته، وبمجرَّد أن تصوِّت الأغلبية لصالح الموافقة على الكتلة، تبدأ العقد بإيداع التحويلات إلى كتلة جديدة ليتم ربطها بالكتلة السابقة والقيام بحل نظام إثبات العمل الجديد للكتلة الجديدة. الأهم من ذلك، هو أن العقدة التي تُودع كتلةً صالحة من التحويلات للشبكة تحصل على «مكافأة الكتلة»، والتي هي عبارة عن أمرَين؛ بيتكوين جديد يتم إضافته إلى العرض الحالي، بالإضافة إلى كل رسوم التحويلات التي يتم دفعها من قِبَل الأشخاص الذين يحولونها.

إن هذه العملية تُدعى «التعدين»، مُستمَدة من تعدين المعادن الثمينة؛ ولهذا السبب، عُرفت العقد التي تحل نظام إثبات العمل باسم المُعَدِّنين، وتقوم مكافأة الكتل بتعويض هؤلاء المُعدِّنين عن الموارد التي أنفقوها على نظام إثبات العمل. وفي حين أنه في البنوك المركزية الحديثة يتم توظيف النقود المُنشَأة حديثًا لتمويل الإقراض والإنفاق الحكومي، إلا أنه في البيتكوين يتم تخصيص النقود الجديدة فقط إلى أولئك الذين يُنفقون مواردهم لتحديث السجل؛ فقد قام ناكاموتو ببرمجة البيتكوين لإنتاج كتلة جديدة كل عشر دقائق تقريبًا، بحيث تحتوي كل كتلة على مكافأة قدرها ٥٠ قطعةً نقدية في السنوات الأربع الأولى من عمل شبكة البيتكوين، لتُنصَّف بعد ذلك إلى ٢٥ قطعةً نقدية، ثم تُنصَّف مرةً أخرى بعد أربع سنوات، ويستمر هذا النمط.

فكمية البيتكوين المُنشَأة قد تمَّ برمجتها مسبقًا ولا يمكن تغييرها بغض النظر عن مقدار الجهد والطاقة المستهلكة على نظام إثبات العمل، ويتم تحقيق هذا من خلال عملية تُدعى تعديل الصعوبة، والتي هي غالبًا أذكى جانب من جوانب تصميم البيتكوين. فمع اختيار المزيد من الناس الاحتفاظ بالبيتكوين، فإن هذا يؤدِّي إلى ارتفاع قيمته السوقية، وسيجعل من تعدين العُملات الجديدة أمرًا مربحًا بشكل أكثر؛ ممَّا سيدفع المزيد من المُعدِّنين إلى إنفاق المزيد من مواردهم لحل مسائل نظام إثبات العمل. والمزيد من المُعدِّنين يعني المزيد من قوة المعالجة، والتي من شأنها أن تؤدِّي إلى حلول لمسائل نظام إثبات العمل بشكل أسرع، وبالتالي زيادة مُعَدل إصدار عُملات جديدة من البيتكوين. لكن مع ازدياد قوة المعالجة، فإن البيتكوين سيزيد من صعوبة المسائل الرياضية اللازمة للحصول على مكافآت التعدين؛ وذلك لكي يضمن أن إنتاج كل كتلة جديدة سيتسمر باستغراقه لعشر دقائق تقريبًا.

إن عملية تعديل الصعوبة في التكنولوجيا الأكثر موثوقيةً في صنع النقد الصعب والحد من ارتفاع نسبة المخزون إلى التدفُّق، كما أنها تجعل البيتكوين مختلفًا بشكل جوهري عن كل أنواع النقد الأخرى. ففي حين أن ارتفاع قيمة أي نقد يؤدِّي إلى تخصيص موارد أكثر لإنتاجه، وبالتالي يزيد من عرضه، إلا أنه عند ارتفاع قيمة البيتكوين، فإن زيادة الجهود المبذولة لإنتاجه لا تؤدِّي إلى إنتاج المزيد من عملات البيتكوين. وبدلًا من هذا، يؤدِّي ذلك فقط إلى زيادة طاقة المعالجة الضرورية لإيداع تحويلات صالحة إلى شبكة البيتكوين، والتي من شأنها أن تجعل الشبكة أكثر أمانًا وأكثر صعوبةً على الاختراق. لهذا، إن البيتكوين هو أصعب نقد تمَّ اختراعه على الإطلاق؛ فلا يمكن لارتفاع قيمته التسبُّب بزيادة عرضه، بل يؤدِّي ذلك إلى جعل الشبكة أكثر أمانًا ومناعة ضد الهجمات.

فبالنسبة لكل أنواع النقد الأخرى، فإنه مع ارتفاع قيمتها، يبدأ كل من يستطيع إنتاجها بإنتاج المزيد منها، سواء أكانت حجارة الراي أو أصداف البحر أو الفضة أو الذهب أو النحاس أو النقود الحكومية؛ حيث إن الجميع سيكون لديهم الحافز لمحاولة إنتاج المزيد منها. وكلما ازدادت صعوبة إنتاج كميات جديدة من النقد كاستجابة لزيادات الأسعار، ازداد احتمال استخدامه وتبنيه على نطاق واسع، وازدهر المجتمع بشكل أكبر؛ لأن هذا يعني أن جهود الأفراد في إنتاج الثروة سيتم توظيفها في خدمة بعضهم، لا في إنتاج النقد، وهو نشاط لا قيمة له في المجتمع؛ وذلك لأن أي عرض نقدي يُعتبَر كافيًا لتشغيل أي اقتصاد. لهذا السبب، أصبح الذهب هو النقد الأساسي لكل مجتمع متحضِّر؛ تحديدًا لأن إنتاجه هو الأصعب، ولكن عملية تعديل صعوبة البيتكوين تجعل إنتاجه أكثر صعوبةً حتى من الذهب؛ فالزيادة الكبيرة في سعر الذهب على المدى الطويل ستقود إلى إنتاج كميات أكبر منه، لكن مهما ارتفع سعر البيتكوين، فإن عرضه سيبقى كما هو، ولكن ستزداد مناعة وأمن شبكته.

إن أمن البيتكوين يكمن في عدم التماثل بين تكلفة حل نظام إثبات العمل الضروري لإيداع التحويل إلى السجل، وبين تكلفة التحقُّق من صحة هذا الحل. فتسجيل التحويلات يكلِّف كميات متزايدةً من الكهرباء وقوة المعالجة، لكن تكلفة التحقُّق من صلاحية التحويلات تقترب من الصفر، وستبقى عند ذلك المستوى بغض النظر عن المدى الذي سيصله نمو البيتكوين. لهذا، إن محاولة إيداع تحويلات احتيالية إلى سجل البيتكوين هو أشبه بالتعمُّد لإهدار الموارد على حل نظام إثبات العمل ليكون الناتج هو رفض هذه التحويلات ودون أي تكلفة تقريبًا، وبالتالي حجب مكافأة الكتلة عن المُعدِّن.

ومع مرور الوقت، ستزداد صعوبة تغيير السجل؛ وذلك لأن الطاقة المطلوبة ستكون أكثر من الطاقة التي أُنفقت بالفعل، والتي تنمو مع مرور الوقت. فلقد نمت هذه العملية التكرارية المعقَّدة بشكل كبير لتتطلَّب كميات هائلةً من طاقة المعالجة والكهرباء، ولكنها بالمقابل تُنتج سجل ملكية وتحويلات لا شك بصحتها، دون الحاجة إلى الاعتماد على مصداقية أي طرف ثالث. بمعنى أنه تمَّ إنشاء البيتكوين على مبدأ التحقُّق ١٠٠٪ والثقة ٠٪.٤
يمكن تشبيه السجل المشترك الخاص بالبيتكوين بحجارة الراي في جزيرة ياب التي تمَّت مناقشتها في الفصل الثاني؛ بأنه لا يتطلَّب إجراء التحويلات تحريك النقد فعليًّا، لكن في جزيرة ياب، كان على السكان الالتقاء لإعلان نقل ملكية الحجر من شخص لآخر، وستعرف البلدة بأكملها من يمتلك هذه الحجارة. أمَّا في البيتكوين، يقوم أعضاء الشبكة ببث تحويلاتهم لجميع أعضاء الشبكة الذين سيتحقَّقون من أن المرسل لديه الرصيد اللازم لإجراء التحويل، ثم القيام بإيداعه للمتلقي. وللدرجة التي تتواجد بها العملات الرقمية؛ فهي ببساطة عبارة عن إدخالات على السجل، والتحويل المُوثَّق يقوم بتغيير ملكية هذه العُملات في هذا السجل من المرسل إلى المتلقي، بحيث يتم تعيين ملكية العملات من خلال العناوين العامة، وليس من خلال أسماء حامليها، ويتم تأمين الوصول إلى العملات التابعة لعنوان ما من خلال ملكية المفتاح الخاص، وهو سلسلة من الرموز مشابهة لكلمة المرور.٥

وفي حين أن الثقل الفيزيائي لحجر الراي يجعل من قابليته للقسمة أمرًا غير عملي أبدًا، إلا أن البيتكوين لا يواجه هذه المشكلة؛ حيث إن عرض البيتكوين يتكوَّن من ٢١٠٠٠٠٠٠ عملة كحد أقصى، كل منها قابلة للقِسمة إلى ١٠٠٠٠٠٠٠٠ ساتوشي؛ ممَّا يجعلها قابلةً للبيع بشكل كبير على مختلِف القياسات. وفي حين أن حجارة جزيرة ياب كانت عمليةً لعدد قليل من التحويلات في جزيرة صغيرة ذات عدد صغير من السكان الذين يعرفون بعضهم البعض بشكل جيد للغاية، إلا أن البيتكوين يتمتَّع بقابلية بيع فائقة عبر المكان وذلك لأن سجله الرقمي مُتاح لأي شخص متصل بالإنترنت في أي مكان من العالم.

وما يحافظ على صدق ونزاهة عُقد البيتكوين بشكل فردي، هو أنه إذا كان مالكها غير نزيه فسيتم اكتشافه على الفور؛ ممَّا يجعل عدم الأمانة مماثلًا بفعاليته لعدم القيام بأي شيء، لكنه يطرح تكلفةً باهظة. أمَّا على الصعيد الجماعي، فإن ما يمنع الأغلبية من التواطؤ والتآمر على التصرُّف بعدم أمانة هو أنها إذا نجحت في تقويض نزاهة سجل التحويلات، فستُدمَّر القيمة الكلية للبيتكوين وستنهار قيمته لتقترب من اللاشيء؛ فالتآمر يُكلِّف الكثير لكنه سيؤدِّي بحد ذاته إلى فقدان قيمة الغنيمة. بعبارة أخرى، يعتمد البيتكوين على الحوافز الاقتصادية ممَّا يجعل الاحتيال أكثر كلفةً من مكافآته.

ولا يتم الاعتماد على كِيان واحد للحفاظ على السجل، ولا يمكن لفرد واحد تغيير هذا السجل دون موافقة غالبية أعضاء الشبكة؛ فصلاحية التحويلات ليست مرهونةً بقرار سلطة واحدة، بل بالبرنامج الذي يشغل العقد الفردية على الشبكة.

لقد قام «رالف ميركل»، مخترع هيكل بيانات شجرة ميركل Merkle المُستخدَم لتسجيل التحويلات في البيتكوين، بتقديم وصفٍ رائع للبيتكوين:

إن البيتكوين هو المثال الأول لشكل جديد من أشكال الحياة، إنه يعيش ويتنفَّس على شبكة الإنترنت. يعيش لأنه يستطيع أن يدفع للأشخاص مقابل إبقائه حيًّا. يعيش لأنه يُقدِّم خدمةً مفيدة يدفع الناس له كي يقدِّمها. يعيش لأن أي شخص في أي مكان يمكنه تشغيل نسخة من شيفرته. يعيش لأن جميع النُّسخ العاملة منه تتحدَّث باستمرار مع بعضها البعض. يعيش لأنه إذا تمَّ إيجاد نسخة تالفة منه فسيتم التخلُّص منها بسرعة دون ضجة أو فوضى. يعيش لأنه يتسم بالشفافية بشكل جذري حيث إنه بإمكان أي شخص رؤية شيفرته وما الذي تفعله بالضبط هذه الشيفرة.

لا يمكن تغييره، لا يمكن الجدال معه، لا يمكن التلاعب به، لا يمكن إتلافه، لا يمكن إيقافه، لا يمكن مقاطعته حتى. وإذا دمَّرَت حرب نووية نصف كوكبنا، فسيستمر بالعيش دون انقطاع، وسيستمر بتقديم خدماته، وسيستمر بالدفع للأشخاص من أجل إبقائه حيًّا.

فالطريقة الوحيدة لإيقافه هي بقتل كل خادم يستضيفه، وهذا أمر صعب؛ وذلك لأن الكثير من الخوادم تستضيفه في الكثير من البلدان، كما أن الكثير من الناس يريدون استخدامه. وبشكل واقعي، إن الطريقة الوحيدة لقتله هي بجعل الخدمة التي يقدِّمها غير مفيدة وقديمة لدرجة أن لا أحد سيرغب في استخدامها، قديمة لدرجة أن لا أحد يريد دفع ثمنها، ولا أحد يريد استضافتها.

وعندها، لن يملك البيتكوين مالًا يدفعه لأي أحد، ثم سيموت من الجوع. ولكن ما دام هناك أشخاص يريدون استخدامه، فمن الصعب جدًّا قتله أو إتلافه أو إيقافه أو مقاطعته.٦

فالبيتكوين هو تقنية تنجو لنفس سبب نجاة عجلة القيادة أو السكين أو الهاتف أو أي تقنية أخرى؛ فهو تقنية توفِّر لمستخدميها فوائد من استخدامها؛ بحيث يتم مكافأة المستخدمين والمُعدِّنين ومديري العقد اقتصاديًّا بسبب تفاعلهم مع البيتكوين، وهذا ما يبقيه مستمرًّا. ومن الجدير بالذكر أن جميع الأطراف التي تساهم بتشغيل البيتكوين قابلة للاستبدال؛ فلا أحد ضروري لعمل البيتكوين، وإذا أراد أي شخص تغيير البيتكوين، فإن البيتكوين قادر تمامًا على الاستمرار في العمل كما هو دون الاعتماد على أي مُدخَل قد يقوم به أي شخص عليه. وسيساعدنا هذا على فهم الطبيعة الثابتة للبيتكوين في الفصل العاشر، ولماذا ستؤدِّي محاولات إجراء تغييرات جدية في شيفرة البيتكوين إلى حتمية إنشاء نسخة بديلة منه أقل قيمة؛ حيث ستكون هذه النسخة عاجزةً على إعادة خلق التوازن الاقتصادي للحوافز التي تحافظ على البيتكوين وتجعله مستمرًّا وغير قابل للتغيير.

كما يمكن فهم البيتكوين على أنه شركة ناشئة ومستقلة توفِّر شكلًا جديدًا من النقد وشبكة مدفوعات جديدة. فلا يوجد هيكل شركة أو مجلس إدارة لهذه الشركة؛ حيث إن جميع القرارات تكون تلقائيةً ومبرمجة مسبقًا. ويمكن للمبرمجين المتطوِّعين في مشروع مفتوح المصدر عرضُ تغييرات وتحسينات على الشيفرة، لكن القرار سيكون بأيادي المستخدمين للموافقة على اعتمادهما أم لا. والقيمة المقترَحة لهذه الشركة تتمثَّل في أن عرضها النقدي غير مرن بتاتًا كاستجابة لزيادة الطلب والسعر؛ بدلًا من ذلك، يؤدِّي الطلب المتزايد على البيتكوين إلى تكوين شبكة أكثر أمانًا بسبب تعديل صعوبة التعدين. فيستثمر المُعدِّنون الكهرباء وقوة المعالجة في البنية التحتية التعدينية التي تحمي الشبكة لأنهم يُكافئون على ذلك، ويدفع مستخدمو البيتكوين رسوم التحويلات ويشترون القطع النقدية من المُعدِّنين لأنهم يريدون استخدام النقود الرقمية والاستفادة من ارتفاع قيمة العملة مع مرور الوقت، وفي أثناء هذه العملية، فإنهم يموِّلون استثمار المُعدِّنين عبر تشغيل الشبكة؛ فالاستثمار في أدوات تعدين نظام إثبات العمل يجعل الشبكة أكثر أمانًا، ويمكن فهمه على أنه رأس مال الشركة. وكلما ازداد الطلب على الشبكة، ازدادت قيمة رسوم التحويلات ومكافآت المُعدِّنين، الأمر الذي يتطلَّب المزيد من طاقة المعالجة لتوليد عملات جديدة؛ ممَّا يزيد من رأس مال الشركة ويجعل الشبكة أكثر أمانًا، وإنتاج العملات أكثر صعوبة. إن هذا ترتيب اقتصادي منتِج ومربِح لكل المعنيين؛ ممَّا يؤدي بدوره إلى استمرار نمو هذه الشبكة بوتيرة مذهلة.

فبهذا التصميم التكنولوجي، استطاع ناكاموتو اختراع «النُّدرة الرقمية». فالبيتكوين هو المثال الأول على السلعة الرقمية النادرة التي لا يمكن إعادة إنتاجها بشكل غير محدود. وعلى الرغم من بساطة إرسال شيء رقمي من موقع إلى آخر عبر شبكة رقمية، كما هو الحال في البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو تنزيل الملفات، إلا أنه من الأدق وصف هذه العمليات ﮐ «نسخ» بدلًا من «إرسال»؛ وذلك لأن الأشياء الرقمية تبقى مع المرسل، ويمكن إعادة إنتاجها بلا حدود. لهذا، إن البيتكوين هو المثال الأول على السلعة الرقمية التي تزول فيها ملكية المرسل بعد الإرسال.

وبعيدًا عن الندرة الرقمية، يُعتبر البيتكوين أيضًا المثال الأول على «الندرة المطلقة»، وهو السلعة الوحيدة ذات السيولة (الرقمية أو المادية) التي كميتها ثابتة مُحدَّدة لا يمكن زيادتها. فحتى اختراع البيتكوين، كانت الندرة دائمًا نسبية، ولم تكن مطلقةً أبدًا؛ فهناك اعتقاد خاطئ شائع بتصوُّر أن أي سلعة مادية هي محدودة أو نادرة بشكل مطلق، لكن يجدر الإشارة أن الحد الأقصى لكمية إنتاج أي سلعة لا يحدَّد مع مدى انتشارها في هذا الكوكب، وإنما يتم تحديده بالجهد والوقت المكرَّسَين لإنتاجها. فمع ندرته المطلقة، يحتفظ البيتكوين بقابليته الكبيرة للبيع عبر الزمن، وهذه نقطة أساسية سيتم شرحها بشكل أكبر في الفصل التاسع المتعلِّق بدور البيتكوين كمخزن للقيمة.

(٢) العرض والقيمة والتحويلات

لطالما كان من الممكن نظريًّا إنتاجُ أصل ذي معدل نمو عرض ثابت أو منخفض؛ وذلك للسماح له بالحفاظ على دوره النقدي، ولكن تَبيَّن أن الواقع كما هو الحال دائمًا، أكثر تعقيدًا من النظريات؛ فمن المستحيل أن تسمح الحكومات للأطراف الخاصة بإصدار عملاتها الخاصة وتَجاوز الطريقة الرئيسية التي تُموِّل بها الحكومة ذاتها وتنمو؛ فالحكومة ترغب دائمًا باحتكار إنتاج النقود وتواجه إغراءً قويًّا للانخراط في زيادة العرض النقدي. ولكن مع اختراع البيتكوين، توصَّل العالَم أخيرًا إلى شكلٍ من أشكال النقد الصناعي يتمتَّع بالضمان الصارم في المحافظة على معدَّل نمو عرض منخفض. وبهذا، يُقصي البيتكوين خبراء الاقتصاد الكلي، والسياسيين، والرؤساء، والقادة الثوريين، والدكتاتوريين العسكريين، ونُقاد التلفاز من السياسة النقدية تمامًا. فيتم تحديد نمو العرض النقدي عبر وظيفة مُبرمَجة يعتمدها جميع أعضاء الشبكة. ولربما كان هناك وقت عند بداية هذه العملة كان ممكنًا فيه تغيير جدول التضخم، ولكن هذا الوقت قد ولَّى. فبالنسبة لجميع الغايات والأهداف العملية، إن جدول التضخم في البيتكوين مثل سِجل تحويلاته، غير قابل للتغيير.٧ وفي حين أنه في السنوات الأولى من وجود البيتكوين كان معدل النمو في عرضه مرتفعًا جدًّا، ولم يكن هناك ضمان موثوق أن جدول العرض هذا لن يتبدَّل، لكن مع مرور الوقت، انخفض معدل نمو العرض وارتفعت مصداقية الشبكة في الحفاظ على جدول العرض، ولا تزال المصداقية ترتفع مع مرور كل يوم لا يتم فيه إجراء تغييرات جدية على الشبكة.
fig14
شكل ٨-١: عرض البيتكوين ومعدَّل نمو عرض البيتكوين، إن افتُرض أنه يتم إصدار كتلة كل ١٠ دقائق بالضبط.
فعند ولادة الشبكة، تمَّ برمجة مكافأة الكتلة لتكون ٥٠ بيتكوين لكل كتلة بحيث يتم إضافة كتل البيتكوين إلى السجل المشترك كل عشر دقائق تقريبًا. وفي كل أربع سنوات تقريبًا أو بعد صدور ٢١٠٠٠٠ كتلة، تنخفض مكافأة الكتلة إلى النصف. وقد حدث الانتصاف الأول في ٢٨ نوفمبر في عام ٢٠١٢م، وبعد ذلك انخفض إصدار عملات البيتكوين الجديدة إلى ٢٥ قطعةً نقدية لكل كتلة، وفي ٩ يوليو عام ٢٠١٦م، انخفض مرةً أخرى إلى ١٢٫٥ قطعة نقدية لكل كتلة، وسينخفض إلى ٦٫٢٥ في عام ٢٠٢٠م. فوفقًا لهذا الجدول الزمني، سيستمر العرض في الزيادة بمعدَّل متناقص، ليقترب تقريبًا من ٢١ مليون قطعة نقدية في وقت ما من عام ٢١٤٠م، وعند هذه النقطة لن يتم إنتاج المزيد من عملات البيتكوين الجديدة (انظر الشكل ٨-١).

وبما أن العملات الجديدة لا تُنتَج إلا بعد إصدار كتلة جديدة، وبما أن كل كتلة جديدة تتطلَّب حل مسائل نظام إثبات العمل، فهناك تكلفة حقيقية لإنتاج عملات بيتكوين جديدة. ومع ارتفاع سعر البيتكوين في السوق، تدخُل المزيد من العقد للتنافس على حل مسائل نظام إثبات العمل للحصول على مكافأة الكتلة؛ ممَّا يزيد من صعوبة حل هذه المسائل، الأمر الذي يجعل الحصول على المكافأة أكثر تكلفة، وبالتالي سترتفع تكلفة إنتاج البيتكوين بشكل عام مع سعر السوق.

فبعد تحديد جدول نمو هذا العرض، قسَّم ساتوشي كل بيتكوين إلى ١٠٠ مليون وحدة، والتي سُميت فيما بعدُ باسم «ساتوشي» تقديرًا له. وتقسيم كل بيتكوين إلى ٨ خانات يعني أن العرض سيستمر في النمو بمعدَّل متناقص حتى عام ٢١٤٠م تقريبًا، وعندها ستمتلئ الخانات جميعها لتصل إلى ٢١ مليون قطعة نقدية. وتناقص معدَّل النمو يعني أنه سيتم تعدين أول ٢٠ مليون قطعة نقدية بحلول عام ٢٠٢٥م تقريبًا، بحيث تبقى مليون قطعة نقدية ليتم تعدينها على مدى قرن آخر.

إن عدد العملات الجديدة التي يتم إصدارها لا يمكن التنبُّؤ به بدقة من خلال الخوارزمية؛ وذلك لأن الكتل الجديدة لا يتم تعدينها كل عشر دقائق بالضبط؛ نظرًا لأن عملية تعديل الصعوبة ليست عمليةً دقيقة، بل هي مُعايرة تتعدَّل كل أسبوعَين، ويمكن أن تحقِّق الرقم المتوقَّع أو لا، اعتمادًا على عدد المُعدِّنين الجُدد الذين يدخلون أعمال التعدين. ففي عام ٢٠٠٩م، عندما استخدم عدد قليل جدًّا من الناس البيتكوين، كان الإصدار أقل بكثير من الجدول، أمَّا في عام ٢٠١٠م، كان أعلى من الرقم النظري المتوقَّع من العرض. وبالطبع، ستتباين الأرقام الدقيقة، ولكن هذا التباين في النمو النظري سيتناقص مع ازياد العرض. والأمر الثابت الذي لن يحصل فيه تباين هو سقف عدد العملات، وحقيقة أن معدَّل نمو المعروض سيستمر في الانخفاض؛ حيث يتم إضافة عدد متناقص من العملات إلى مخزون متزايد من العملات. وبحلول نهاية عام ٢٠١٧م، تمَّ بالفعل تعدين ١٦٫٧٧٥ مليون عملة، وتُشكِّل هذه نسبة ٧٩٫٩٪ من جميع العملات التي سيتم إصدارها؛ فبلغت نسبة نمو العرض السنوي في عام ٢٠١٧م ٤٫٣٥٪؛ حيث انخفضت عن نسبة ٦٫٨٪ في عام ٢٠١٦م. ويبيِّن الجدول ٨-١ نمو العرض الفعلي للبيتكوين (BTC) ومعدَّل نموه. وإذا نظرنا بتمعُّن إلى جدول عرض البيتكوين خلال السنوات القادمة، فسيمنحنا هذا تقديرات عن عرض ومعدَّل النمو، وستختلف الأرقام الفعلية عن هذا بالتأكيد، لكن ليس بشكل كبير. انظر (الجدول ٨-٢).٨
جدول ٨-١: عرض البيتكوين ومعدَّل النمو.
العام عرض البيتكوين الإجمالي (بالملايين) معدَّل النمو السنوي (٪)
٢٠٠٩م ١٫٦٢٣ ٢٠٩٫١٣
٢٠١٠م ٥٫٠١٨ ٥٩
٢٠١١م ٨ ٤٢
٢٠١٢م ١٠٫٦١٣ ٣٢٫٦٦
٢٠١٣م ١٢٫١٩٩ ١٤٫٩٤
٢٠١٤م ١٣٫٦٧١ ١٢٫٠٦
٢٠١٥م ١٥٫٠٢٩ ٩٫٩٣
٢٠١٦م ١٦٫٧٥ ٦٫٨
٢٠١٧م ١٦٫٧٧٥ ٤٫٣٥
جدول ٨-٢: عرض البيتكوين ومعدَّل النمو (المتوقَّع).
العام عرض البيتكوين الإجمالي (بالملايين) معدَّل النمو السنوي (٪)
٢٠١٨م ١٧٫٤١٥ ٣٫٨٢
٢٠١٩م ١٨٫٠٥٥ ٣٫٦٨
٢٠٢٠م ١٨٫٥٢٧ ٢٫٦١
٢٠٢١م ١٨٫٨٥٥ ١٫٧٧
٢٠٢٢م ١٩٫١٨٤ ١٫٧٤
٢٠٢٣م ١٩٫٥١٢ ١٫٧١
٢٠٢٤م ١٩٫٧٥٨ ١٫٢٦
٢٠٢٥م ١٩٫٩٢٣ ٠٫٨٣
٢٠٢٦م ٢٠٫٠٨٧ ٠٫٨٢
fig15
شكل ٨-٢: النسبة المئوية للنمو المتوقَّع لعرض البيتكوين والعملات الوطنية على مدى ٢٥ عامًا.
يستنبط الشكل ٨-٢ معدَّل نمو عرض العملات الاحتياطية العالمية الرئيسية والذهب في السنوات الخمس والعشرين الماضية وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين القادمة، ويقوم بزيادة عرض البيتكوين عبر معدَّلات النمو المبرمجة. فمن خلال هذه الحسابات، سيزداد عرض البيتكوين بنسبة ٢٧٪ في السنوات الخمس والعشرين القادمة، في حين أن عرض الذهب سيزداد بنسبة ٥٢٪، والين الياباني بنسبة ٦٤٪، والفرنك السويسري بنسبة ١٦٩٪، والدولار الأمريكي بنسبة ٢٧٢٪، واليورو بنسبة ٢٨٦٪، والجنيه البريطاني بنسبة ٤٢٩٪.

قد يساعدنا هذا الشرح في تقدير قابلية بيع البيتكوين وإدراك مدى تحقيقه لوظائف النقد؛ فمع انخفاض معدَّل نمو عرضه إلى ما دون مستوى الذهب بحلول عام ٢٠٢٥م، فإن قيود البيتكوين الموجودة به على عرضه قد تجعل عليه طلبًا كبيرًا كمخزن للقيمة. وبعبارة أخرى، قد يكون لديه صفة قابلية البيع عبر الزمن. فطبيعة البيتكوين الرقمية التي تجعل إرساله بشكل آمن في جميع أنحاء العالم أمرًا سهلًا، تجعله أيضًا قابلًا للبيع عبر المكان بطريقة لم يسبق رؤيتها في أشكال النقد الأخرى. في حين أن قابليته للقسمة إلى ١٠٠٠٠٠٠٠٠ ساتوشي تجعله قابلًا للبيع على صعيد القياسات.

علاوةً على ذلك، إن قضاء البيتكوين على سيطرة وتحكُّم الوسطاء واستحالة تقويض أي حكومة له أو مصادرته، ستجعله خاليًا من العيوب الرئيسية للنقود الحكومية. ومع تقديم العصر الرقمي لنا الكثير من التحسينات والكفاءات في معظم جوانب حياتنا، يمثِّل البيتكوين قفزةً تكنولوجية هائلة إلى الأمام في الحل النقدي لمشكلة التبادل غير المباشر، قد تكون أهميتها مماثلةً لأهمية الانتقال من استخدام الماشية والملح إلى الذهب والفضة.

وفي حين يزداد عرض العملات التقليدية باستمرار، وتنخفض قوتها الشرائية، إلا أنه حتى هذه اللحظة شهد البيتكوين ارتفاعًا ملحوظًا في قوته الشرائية بالرغم من الزيادة المعتدلة والمتناقصة والمحدودة في عرضه. فمكافأة المُعدِّنين، الذين يتحقَّقون من صحة التحويلات بعملات البيتكوين، تُولِّد لديهم اهتمامًا قويًّا بالحُفاظ على نزاهة الشبكة؛ ممَّا يؤدِّي بدوره إلى ارتفاع قيمة العملة.

لقد بدأت شبكة البيتكوين العمل في يناير عام ٢٠٠٩م، ولفترة من الوقت كانت بمثابة مشروع غامض يستخدمه عدد قليل من الناس في قائمة تراسل مشفَّرة، وربما كان أهم حدث في حياة البيتكوين هو اليوم الأول الذي تحوَّلت فيه العملات الرمزية في هذه الشبكة من كونها عديمة القيمة من الناحية الاقتصادية إلى امتلاكها لقيمة في السوق؛ ممَّا أكَّد أن البيتكوين قد اجتاز اختبار السوق؛ فقد عملت الشبكة بنجاح كافٍ لدرجة اقتناع فرد ما بالتخلي عن النقود المادية للحصول على بعضٍ من عملاتها الرمزية. لقد حدث هذا في أكتوبر عام ٢٠٠٩م، عندما أُبرمت مقايضة عبر موقع على الإنترنت يُدعى New Liberty Standard، وتمَّ بيع البيتكوين بسعر ٠٫٠٠٠٩٩٤$. وفي مايو عام ٢٠١٠م، تمَّ استخدام البيتكوين لأول مرة في عملية شراء فعلية في العالم الحقيقي؛ حيث دفع أحدهم ١٠ آلاف بيتكوين مقابل ٢ بيتزا بقيمة ٢٥$؛ حيث بلغ سعر البيتكوين ٠٫٠٠٢٥$. مع مرور الوقت، سمع المزيد من الناس عن البيتكوين وأصبحوا مهتمين بشرائه، واستمر السعر في الارتفاع أكثر.٩
فَطلبُ السوق على عملات البيتكوين الرمزية يأتي من حقيقة أنها مطلوبة لتشغيل أول (وحتى الآن الوحيد) نظام نقدي رقمي موثوق وفعال.١٠ فحقيقة أن هذه الشبكة قد عملت بنجاح في أيامها الأولى قد أعطى عملتها الرقمية صفة قابلية الجمع في أوساط المشفِّرين والليبراليين، الذين حاولوا تعدينها باستخدام أجهزة الحاسوب الخاصة بهم، وفي النهاية بدءوا بشرائها من بعضهم البعض.١١ وحقيقة أن هذه العملات الرمزية كانت محدودةً بشكل صارم ولا يمكن نسخها وتقليدها، قد ساعدها على كسب صفة القابلية للتجميع. فبعد أن جمعه الأفراد لاستخدامه على شبكة البيتكوين، وبعد اكتسابه لقيمة اقتصادية، بدأ البيتكوين يأخذ دورًا نقديًّا؛ وذلك لأن العديد من الناس طالبوا به كمخزن للقيمة. إن تسلسل هذه الأنشطة يتطابق مع نظرية لودفيج فون ميزس عن «نظرية التراجع» حول أصول النقد، والتي تنص على أن السلعة النقدية تبدأ كسلعة في السوق، وتُستخدم بعد ذلك كوسيط للتبادل. وبهذا الأمر، لا تختلف قابلية البيتكوين للتجميع في المجتمعات الصغيرة عن قيمة الأصداف البحرية، وحجارة الراي والقيمة الجمالية للمعادن الثمينة، والتي اكتسبت من خلالها دورًا نقديًّا؛ ممَّا أدَّى إلى ارتفاع قيمتها بشكل كبير.
وبما أن البيتكوين جديد وفي أوائل انتشاره، فإن سعره قد تأثر بشدة بتقلُّب الطلب عليه، ولكن استحالة زيادة عرضه بشكل قسري من قِبَل أي سلطة كاستجابةٍ لارتفاع الأسعار، يُفسِّر الارتفاع الحاد والسريع في القوة الشرائية للعملة. فعندما يزداد الطلب بشكل كبير على البيتكوين، لا يمكن للمُعدِّنين زيادة الإنتاج بشكل يتعدَّى الجدول المحدَّد له، ولكن هذا أمر يستطيع مُعدِّنو النحاس فعله. كما لا يمكن لأي بنك مركزي التدخُّل لإغراق السوق بكميات متزايدة من البيتكوين، مثل ما اقترح «غرينسبان» على البنوك المركزية فعله مع الذهب. فالطريقة الوحيدة لتلبية الطلب المتزايد في السوق تكمن برفع السعر بما فيه الكفاية لتحفيز أصحاب بعض العملات الرمزية على بيعها للوافدين الجُدد، وهذا يساعد على تفسير أسباب ارتفاع سعر البيتكوين من ٠٫٠٠٠٩٩٤$ في ٥ أكتوبر عام ٢٠٠٩م في أول تحويل مسجَّل، إلى ٤٢٠٠$ في ٥ أكتوبر عام ٢٠١٧م، بزيادة قدرها ٤٢٢٥٢٠٠٠٠٪ في ثمانية أعوام، وبلغ معدَّل النمو السنوي المركَّب ٥٧٣٪ سنويًّا (انظر الشكل ٨-٣).١٢
fig16
شكل ٨-٣: سعر البيتكوين مقابل الدولار الأمريكي.

ولكي يرتفع سعر البيتكوين، يجب على الأشخاص الاحتفاظ به كمخزن للقيمة وليس إنفاقه فقط، وفي حال عدم وجود أشخاص راغبين في الاحتفاظ بالعملة لفترة زمنية طويلة، فإن الاستمرار في بيع العملة سيُبقي سعرها منخفضًا وسيمنعها من الارتفاع.

فبحلول نوفمبر عام ٢٠١٧م، بلغت القيمة السوقية الإجمالية لجميع عملات البيتكوين المتداولة ما يقارب ١١٠ مليار دولار، معطيةً إياها قيمةً أكبر من عرض النقود بمعناه الواسع للعملات الوطنية لمعظم البلدان. فإذا كان البيتكوين بلدًا، فستحتل قيمة عملته المرتبة ٥٦ في قائمة أهم العملات الوطنية في جميع أنحاء العالم، وستساوي تقريبًا حجم العرض النقدي للكويت أو بنغلاديش، وستكون أكبر من حجم العرض في المغرب والبيرو، لكنها أقل من كولومبيا وباكستان. وإذا تمَّ مقارنتها مع عرض النقود بمعناه الضيق، فستكون قيمة عرض البيتكوين في المرتبة ٣٣ في العالم، مع قيمة مماثلة لعرض النقود بمعناه الضيق للبرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا. وربما تكون واحدة من أبرز الإنجازات التي حقَّقتها شبكة الإنترنت أن اقتصادًا إلكترونيًّا قد نما في تسع سنوات بعد ظهوره بشكل عَفْوي وطوعي حول شبكة صمَّمها مبرمج مجهول، بل وأصبح يملك قيمةً أكبر ممَّا هو مُحتفَظ به في العرض النقدي لمعظم الدول القومية والعملات الوطنية.

فتُعتبر هذه السياسة النقدية المحافظة والارتفاع في القيمة السوقية للبيتكوين أمرًا جوهريًّا لنجاح عمليات البيتكوين؛ وذلك لأنها هي السبب في إعطاء المُعدِّنين الحافز لإنفاق الكهرباء وقوة المعالجة للتحقُّق من صحة التحويلات بنزاهة. فلو تمَّ إنشاء البيتكوين وفق سياسة النقد السهل مثل ما يوصي به خبيرو الاقتصاد الكينزيون أو النقديون، فكان عرضه النقدي سيزداد بما يتناسب مع عدد المستخدمين أو التحويلات، ولكن في هذه الحالة كان سيظل تجرِبةً هامشية بين محبي التشفير على الإنترنت. وعندها، لم يكن سيتم تخصيص أي قدر كبير من قوة المعالجة لتعدينه؛ حيث إنه لن يكون هناك أي فائدة من الاستثمار بكثافة في التحقُّق من التحويلات، وحل مسائل نظام إثبات العمل من أجل الحصول على العملات الرمزية التي سيتم تخفيض قيمتها كلما ازداد عدد الأشخاص الذين يستخدمون النظام. لهذا، يمكن القول إن السياسات النقدية التوسعية للاقتصادات الحديثة ذات النقود الورقية والاقتصاديين التابعين لها، لم تجتَز مطلقًا اختبار السوق في تبنيها طواعيةً، لكن وبدلًا من ذلك، تمَّ فرضها عبر قوانين الحكومة، كما نوقش في السابق. وكنظام طوعي لا يوجد فيه آلية لإجبار الناس على استخدامه، كان البيتكوين سيفشل في جذب طلب كبير عليه، ونتيجةً لذلك كان لن يتم ضمان مكانته ومنزلته كنقد رقمي ناجح. وفي حين أنه يمكن إجراء التحويلات دون الحاجة إلى الثقة في طرف ثالث، إلا أن الشبكة ستكون عرضةً للهجوم من قِبَل أي جهة فاعلة خبيثة تحشد مقادير كبيرةً من قوة المعالجة. بعبارة أخرى، من دون اعتماد سياسة نقدية محافظة وآلية لتعديل الصعوبة، فإن البيتكوين كان سينجح نظريًّا كنقد رقمي، لكنه كان سيبقى غير آمن بشكل كبير، بحيث لا يمكن عمليًّا استخدامه على نطاق واسع. وفي هذه الحالة، إن أول منافس للبيتكوين سيعتمد سياسة النقد الصعب، فإنه سيجعل من عملية تحديث السجل وإنتاج الوحدات الجديدة أمرًا أكثر تكلفةً بشكل تدريجي. والتكلفة المرتفعة لتحديث السجل ستعطي المُعدِّنين الحافز ليكونوا نزيهين بتحديث هذا السجل؛ ممَّا سيجعل الشبكة أكثر أمانًا من المنافسين مُتَّبعي سياسة النقد السهل.

fig17
شكل ٨-٤: التحويلات السنوية على شبكة البيتكوين.
إن النمو والزيادة في السعر هو انعكاس للاستخدامات والمكاسب المتزايدة التي توفِّرها الشبكة لمستخدميها، كما أن عدد التحويلات على الشبكة ازداد أيضًا وبسرعة كبيرة؛ ففي حين أنه تمَّ تنفيذ ٣٢٫٦٨٧ تحويل في عام ٢٠٠٩م (بمعدَّل ٩٠ تحويلًا في اليوم)، إلا أن الرقم نما إلى أكثر من ١٠٣ مليون تحويل في عام ٢٠١٧م (بمعدَّل ٢٨٤٫٧٩٧ تحويل يوميًّا)، واقترب العدد التراكمي للتحويلات من ٣٠٠ مليون تحويل في يناير عام ٢٠١٨م. يوضِّح الجدول ٨-٣١٣ والشكل ٨-٤١٤ معدَّل النمو السنوي. وفي حين أن الزيادة في التحويلات مثيرة للإعجاب، إلا أنها لا تتوافق مع الزيادة في قيمة المخزون الإجمالية لعملة البيتكوين، والدليل على ذلك هو أن عدد التحويلات أقل بكثير ممَّا كان سيتم في اقتصاد ذي عملة تساوي قيمتها قيمة عرض البيتكوين؛ حيث إن ٣٠٠٠٠٠ تحويل يوميًّا هو عدد التحويلات التي تتم في بلدة صغيرة وليس في اقتصاد متوسط الحجم، وهو مساوٍ تقريبًا لقيمة عرض البيتكوين. علاوةً على ذلك، فإنه مع الحجم الحالي للكتل في البيتكوين والتي تقتصر على ١ ميغابايت، فإن ٥٠٠٠٠٠ تحويل في اليوم هو معدَّل قريب من الحد الأعلى الذي يمكن تنفيذه من قِبَل شبكة البيتكوين، والذي يجب أن يتم تسجيله من قِبَل جميع أعضاء الشبكة. وحتى عندما تمَّ الوصول إلى هذا الحد وتمَّ الإعلان عن وجوده على نطاق واسع، فإن النمو في قيمة العملة وقيمة التحويلات اليومية لم يتراجع. ويشير هذا إلى أن مُتبنِّي البيتكوين يُقدِّرونه كمخزن للقيمة أكثر من تقديرهم له كوسيط للتبادل، وسيتم مناقشة هذا في الفصل التاسع.
جدول ٨-٣: التحويلات السنوية ومتوسط التحويلات اليومية.
متوسط التحويلات اليومية التحويلات العام
٩٠ ٣٢٦٨٧ ٢٠٠٩م
٥٠٧ ١٨٥٢١٢ ٢٠١٠م
٥٢٠٧ ١٩٠٠٦٥٢ ٢٠١١م
٢٣٠٨١ ٨٤٤٧٧٨٥ ٢٠١٢م
٥٣٨٠٥ ١٩٦٣٨٧٢٨ ٢٠١٣م
٦٩٢٠٠ ٢٥٢٥٧٨٣٣ ٢٠١٤م
١٢٥١٠٠ ٤٥٦٦١٤٠٤ ٢٠١٥م
٢٢٦٠٦٧ ٨٢٧٤٠٤٣٧ ٢٠١٦م
٢٨٤٧٩٧ ١٠٣٩٥٠٩٢٦ ٢٠١٧م
كما وازدادت أيضًا القيمة السوقية للتحويلات على مدى عمر الشبكة؛ حيث إن الطبيعة المميَّزة لتحويلات البيتكوين تُصعِّب من عملية تقدير القيمة الدقيقة للتحويلات بالبيتكوين أو بالدولار الأمريكي، لكن أشارت أدنى التقديرات إلى بلوغ حجم يومي يُقدَّر ﺑ ٢٦٠٠٠٠ بيتكوين في عام ٢٠١٧ مع نمو متقلِّب للغاية على مدى عمر البيتكوين. وفي حين أن قيمة تحويلات البيتكوين لم تزدد بشكل ملحوظ بمرور الوقت، إلا أن القيمة السوقية لهذه التحويلات بالدولار الأمريكي قد ازدادت؛ فبلغ حجم التحويلات ٣٧٥٫٦ مليار دولار أمريكي في عام ٢٠١٧م، وبحلول عيد ميلاده التاسع، قام البيتكوين بمعالجة تحويلات بقيمة نصف تريليون دولار منذ نشأته، مع حساب قيمة الدولار الأمريكي في وقت التحويل (انظر الجدول ٨-٤).١٥
جدول ٨-٤: القيمة الإجمالية السنوية للتحويلات على شبكة البيتكوين مقدَّرةً بالدولار الأمريكي.
العام القيمة الإجمالية المحوَّلة مقدرةً بالدولار
٢٠٠٩م ٠
٢٠١٠م ٩٨٥٨٨٧
٢٠١١م ٤١٧٦٣٤٧٣٠
٢٠١٢م ٦٠٧٢٢١٢٢٨
٢٠١٣م ١٤٧٦٧٣٧١٩٤١
٢٠١٤م ٢٣١٥٩٨٣٢٢٩٧
٢٠١٥م ٢٦٦٦٩٢٥٢٥٨٢
٢٠١٦م ٥٨١٨٨٩٥٧٤٤٥
٢٠١٧م ٣٧٥٥٩٠٩٤٣٨٧٧
الإجمالي ٤٩٩٤٠٢١٩٩٩٨٧
fig18
شكل ٨-٥: متوسط قيمة رسوم التحويلات على شبكة البيتكوين مقدرةً بالدولار الأمريكي، مقياس لوغاريتمي.
هناك مقياس آخر لنمو شبكة البيتكوين وهو قيمة الرسوم المطلوبة لمعالجة التحويلات؛ ففي حين أنه يمكن نظريًّا معالجة تحويلات البيتكوين بشكل مجاني، إلا أنه يتحتَّم على المُعدِّنين معالجتها، وكلما ارتفعت الرسوم، ازدادت فرصة المعالجة وسرعة تحصيلها؛ ففي الأيام الأولى عندما كان عدد التحويلات صغيرًا، قام المُعدِّنون بمعالجة التحويلات التي لم تتضمَّن رسومًا؛ وذلك لأن «دعم الكتلة» للعملات الجديدة ذاتها كان يستحق العناء. ومع ازدياد الطلب على تحويلات البيتكوين، كان بوسع المُعدِّنين أن يكونوا أكثر انتقائية؛ لذا قاموا بمنح الأولوية للتحويلات ذات الرسوم الأعلى؛ فقد كانت الرسوم أقل من ٠٫١ دولار لكل تحويل حتى أواخر عام ٢٠١٥م، ثم بدأت بالارتفاع فوق ١ دولار لكل تحويل في أوائل عام ٢٠١٦م. ومع الارتفاع السريع في سعر البيتكوين عام ٢٠١٧م، وصل متوسط رسوم التحويل اليومي إلى ٧ دولارات بحلول نهاية نوفمبر (انظر الشكل ٨-٥).
وفي حين أن سعر البيتكوين قد ارتفع بشكل عام بمرور الوقت، إلا أن هذا الارتفاع كان شديد التقلُّب، ويبيِّن الشكل ٨-٦ الانحراف المعياري بِناءً على ٣٠ يومًا للعائدات اليومية في السنوات الخمس الماضية من تداول البيتكوين. وفي حين يبدو أن معدَّل التقلُّبات في انخفاض، إلا أنه لا يزال مرتفعًا جدًّا مقارنةً بالعملات الوطنية والذهب، ولا يزال هذا التوجُّه ضعيفًا جدًّا كي نستطيع الجزم فيما إن كان هذا الانخفاض سيستمر أو لا. وقد تمَّ ذكر مؤشِّر التقلُّب بناءً على ٣٠ يومًا للدولار الأمريكي في الشكل ٨-٦ لتزويدكم بما يكفي لاستيعاب الفكرة.
fig19
شكل ٨-٦: مؤشِّر التقلُّب الشهري (بفواصل ٣٠ يومًا) للبيتكوين والدولار الأمريكي.
إن التمعُّن في بيانات أسعار الذهب والعملات الوطنية والرقمية يُظهر تغيُّرًا ملحوظًا في ثبات سعر السوق لهذه العملات، فتمَّ جمع العوائد اليومية للذهب وأهم العملات الورقية والبيتكوين في السنوات الخمس السابقة، وكان لكل العملات الوطنية الرئيسية انحرافًا معياريًّا أكبر بسبع مرات من الانحراف المعياري للبيتكوين (شاهد الجدول ٨-٥).١٦

إن تقلُّبات البيتكوين هذه تنبثق من حقيقة أن عرضه غير مرن بتاتًا ولا يستجيب لتغيُّرات الطلب عليه؛ وذلك لأنه قد تمَّ برمجته للنمو بمعدَّل مُحدَّد سلفًا. لكن بالنسبة لأي سلعة عادية، فإن الاختلاف في الطلب سيؤثِّر على قرارات الإنتاج لمنتجي هذه السلعة؛ بحيث تؤدِّي الزيادة في الطلب عليها إلى زيادة إنتاجها، وبالتالي تعديل الارتفاع في السعر؛ ممَّا سيسمح لمنتجيها بزيادة الأرباح. بينما انخفاض الطلب عليها سيؤدِّي إلى ميل المنتجين إلى تخفيض العرض؛ ممَّا يسمح لهم بتقليل الخسائر. توجد حالة مماثلة في العملات الوطنية من المتوقَّع فيها أن تحافظ البنوك المركزية على استقرار نسبي في القوة الشرائية لعملاتها من خلال وضع معايير لسياستها النقدية لمواجهة تقلُّبات السوق.

فبوجود جدول للعرض غير متجاوب إطلاقًا مع الطلب، ومع عدم وجود بنك مركزي لإدارة هذا العرض، فمن المحتمل أن يكون هناك تقلُّبات خصوصًا في المراحل المبكِّرة عندما يتغيَّر الطلب بصورة غير منتظمة للغاية من يوم لآخر؛ وذلك لأن الأسواق المالية التي تستخدم البيتكوين ما تزال صغيرة. ولكن مع نمو حجم السوق إضافةً لتعقيد وعمق المؤسسات المالية التي تستخدم البيتكوين، فمن المرجَّح أن ينخفض هذا التقلُّب.

جدول ٨-٥: متوسط النسبة المئوية للتغيُّر اليومي والانحراف المعياري في سعر العملات في السوق مقدرةً بالدولار الأمريكي في الفترة الممتدَّة بين ١ سبتمبر عام ٢٠١١م و١ سبتمبر عام ٢٠١٦م.
الانحراف المعياري متوسط النسبة المئوية للتغيُّر اليومي العملة
٠٫٠٠١٣٦ ٠٫٠٠٠٠٢ الين الصيني
٠٫٠٠٣٠٥ ٠٫٠٠٠١٥ الدولار الأمريكي
٠٫٠٠٥٥٩ ٠٫٠٠٠٠٥ الجنيه الإسترليني
٠٫٠٠٥٦ ٠٫٠٠٠١٩ الروبية الهندية
٠٫٠٠٥٧٩ ٠٫٠٠٠١٣− اليورو
٠٫٠٠٦١ ٠٫٠٠٠٢ الين الياباني
٠٫٠٠٦٩٩ ٠٫٠٠٠٠٣ الفرنك السويسري
٠٫٠١٠٩٩ ٠٫٠٠٠١٨− الذهب
٠٫٠٥٠٧٢ ٠٫٠٠٣٧ البيتكوين

ومع وجود سوق أكبر ذي سيولة أكثر، من المحتمل أن تصبح التغيُّرات اليومية في الطلب أصغر نسبيًّا؛ ممَّا يسمح لصُناع القرار في السوق كالتُّجار بالاستفادة من تقليل تغيُّرات الأسعار وتخفيف السعر. لكن لن يتحقَّق هذا إلا إن احتفظ عدد كبير من المشاركين في السوق بالبيتكوين بقصد التمسُّك به على المدى الطويل، الأمر الذي سيزيد من القيمة السوقية لعرضه بشكل كبير، ويجعل وجود سوق كبيرة ذات سيولة أمرًا ممكنًا عبر استخدام قسم صغير من العرض فقط. فإذا وصلت الشبكة إلى حجم مستقر في نقطة ما، فإن تدفُّق النقود منها وإليها سيكون متساويًّا نسبيًّا، ويمكن أن يستقر سعر البيتكوين عندها. وفي مثل هذه الحالة، سيكتسب البيتكوين مزيدًا من الثبات مع امتلاكه أيضًا لسيولة كافية لكي لا يتقلَّب بشكل كبير مع تحويلات السوق اليومية. لكن ما دام معدَّل تبني البيتكوين مستمرًّا بالزيادة، فإن ارتفاع قيمته سيجذب المزيد من الراغبين بامتلاكه، فينتج عن ذلك ارتفاع أكثر في القيمة؛ ممَّا سيجعل هذا الانخفاض في التقلُّب أمرًا بعيد المنال. وطالما أن البيتكوين بحالة نمو، فإن سعر عملاته الرمزية سيتصرَّف مثل سهم في شركة ناشئة يحقِّق نموًّا سريعًا للغاية، ولكن إذا توقَّف نمو البيتكوين واستقر، فإنه سيتوقَّف عن جذب تدفُّقات الاستثمار عالية الخطورة، وسيصبح مجرَّد أصل نقدي عادي يُتوقَّع أن ترتفع قيمته قليلًا في كل عام.

ملحق الفصل الثامن

فيما يلي وصف موجز لثلاث تقنيات يستخدمها البيتكوين:

  • الدمج والتشفير (Hashing): هو عملية تأخذ أي تيار من البيانات كمُدخَل وتُحوِّلها إلى مجموعة بيانات ذات حجم ثابت (المعروفة باسم الهاش)، باستخدام معادلة رياضية غير قابلة للعكس. بصيغة أخرى، يمكن ببساطة استخدام هذه العملية لإنشاء هاش ذات حجم موحَّد لأي جزء من البيانات، ولكن لا يمكن تحديد السلسلة الأصلية للبيانات من الهاش. ويُعتبر الدمج أمرًا ضروريًّا لتشغيل البيتكوين حيث يتم استخدامه في التوقيعات الرقمية، ونظام إثبات العمل وهيكل أشجار «ميركل»، ومحدِّدات التحويلات، وعناوين البيتكوين والعديد من التطبيقات الأخرى. ويسمح الدمج في جوهره بتحديد جزء من البيانات في العلن دون الكشف عن أي شيء يخص تلك البيانات، والتي يمكن استخدامها بشكل آمن وموثوق لمعرفة ما إذا كانت تمتلك عدة أطراف البيانات ذاتها.
  • تشفير المفتاح العام: هو طريقة للمصادقة تعتمد على مجموعة من الأرقام المترابطة رياضيًّا؛ مفتاح خاص، ومفتاح عام وتوقيع واحد أو أكثر. يمكن للمفتاح الخاص الذي يجب أن يبقى سريًّا أن يُولِّد مفتاحًا عامًّا يمكن توزيعه بحرية؛ وذلك لأنه لا يمكن تحديد المفتاح الخاص من خلال دراسة المفتاح العام، ويتم استخدام هذه الطريقة للمصادقة؛ حيث إنه بعد أن ينشر شخص ما مفتاحه العام فإنه يمكنه دمج وتشفير بعض البيانات ثم التوقيع على الهاش تلك بمفتاحه الخاص لإنشاء توقيع. فيمكن لأي شخص يمتلك البيانات ذاتها إنشاء الهاش ذاتها والتأكُّد من أنه قد تمَّ استخدامها لإنشاء التوقيع؛ عندئذ، يمكنها مقارنة التوقيع مع المفتاح العام الذي تلقَّته من قبل، ورؤية أنهما مرتبطان رياضيًّا؛ ممَّا يثبت أن الشخص ذا المفتاح الخاص قد وقَّع على البيانات التي تُغطيها الهاش. فالبيتكوين يستخدم تشفير المفتاح العام للسماح بتبادل آمن للقيمة عبر شبكة مفتوحة غير آمنة. ويمكن لحامل البيتكوين الوصول إلى البيتكوين الخاص به فقط إذا كان لديه المفاتيح الخاصة المرتبطة به، بينما يمكن توزيع العنوان العام المرتبط به على نطاق واسع. يمكن أيضًا لجميع أعضاء الشبكة التحقُّق من صحة التحويل بالتحقُّق من أن التحويلات التي أُرسلت النقودُ من خلالها قد جاءت من مالك المفتاح الخاص المناسب. ففي البيتكوين، إن الشكل الوحيد للملكية هو ملكية المفاتيح الخاصة.
  • شبكة نظير إلى نظير: هي بُنية شبكية يمتلك فيها جميع الأعضاء امتيازات ومسئوليات متساويةً اتجاه بعضهم البعض، ولا يوجد منسِّقون مركزيون يمكنهم تغيير قواعد الشبكة. فمشِّغلو العقد الذين لا يتفقون مع طريقة عمل الشبكة، لا يستطيعون فرض آرائهم على أعضاء الشبكة الآخرين أو تجاوز حدود امتيازاتهم. والمثال الأكثر شهرةً لشبكة نظير إلى نظير هو BitTorrent، وهو بروتوكول لتبادل الملفَّات عبر الإنترنت. وفي حين أنه في الشبكات المركزية يقوم الأعضاء بتحميل الملفات من خادم مركزي يستضيفهم، إلا أنه في اﻟ BitTorrent، يقوم المستخدمون بتحميل الملفات من بعضهم البعض مباشرة، وتكون الملفات مقسمةً إلى أجزاء صغيرة. وبمجرد أن يقوم المستخدم بتحميل جزء من الملف، فإنه يمكن استخدام ذلك الجزء كبذرة لهذا الملف؛ ممَّا يسمح للآخرين بتحميله منه. فمن خلال هذا التصميم، يمكن أن ينتشر ملف كبير بسرعة كبيرة نسبيًّا دون الحاجة إلى خوادم كبيرة وبنية تحتية ضخمة لتوزيعه، كما أنه يحمي المستخدمين أيضًا من إمكانية حدوث نقطة واحدة من الفشل والتي من الممكن أن تُقوِّض العملية. فتتم حماية كل ملف تمَّت مشاركته على الشبكة من خلال هاشٍ رقمية والتي يمكن التحقُّق منها بسهولة للتأكد من عدم تلفه من أي عقدة تشاركه. وبعد أن تمَّ اتخاذ إجراءات صارمة من قِبَل سلطات تطبيق القانون على مواقع تبادل الملفات المركزية مثل Napster، طبيعة اﻟ BitTorrent اللامركزية تعني أنه لا يمكن لقوات تطبيق القانون إغلاقه أبدًا. ومع زيادة عدد مستخدمي الشبكة في جميع أنحاء العالم، مثَّل BitTorrent في مرحلة ما حوالي ثلث حركة الإنترنت على مستوى العالم. إن البيتكوين يستخدم شبكةً تشبه شبكة BitTorrent، لكن في BitTorrent يتشارك أعضاء الشبكة في أجزاء البيانات التي تشكِّل فيلمًا أو أغنية أو كتابًا، أمَّا في البيتكوين فيتشارك أعضاء الشبكة بسجل لجميع تحويلات البيتكوين.
١  اقرأ كتاب نِك سابو، «الأطراف الثالثة الموثوقة هي نقاط ضعف أمنية»، ٢٠٠١م. متوفِّر على الموقع http://www.nakamotoinstitute.org.
٢  يوجد وصف موجز للتقنيات الثلاث الأولى من هذه في ملحق هذا الفصل، بينما يتم نقاش نظام إثبات العمل بمزيد من التفصيل في هذا الفصل وفي الفصل العاشر.
٣  كونراد غراف، «بشأن أصول البيتكوين: مراحل التطوُّر النقدي» (عام ٢٠١٣م). متوفِّر على الموقع: http://www.konradsgraf.com.
٤  أنا لا أنوي جر هذا الكتاب والقارئ إلى التساؤل عن أسئلة غيبية، ولكن خطر ببالي أن سِجل تحويلات البيتكوين قد يكون المجموعة الوحيدة من الحقائق الموضوعية في العالم. يمكنك أن تجادل (كما يفعل العديد من الفلاسفة) بأن كل حقيقة هي غير موضوعية، وأن صحتها تعتمد على الشخص الذي يقولها أو يسمعها، ولكن يتم إنشاء سجل تحويلات البيتكوين من خلال تحويل الكهرباء وطاقة المعالجة إلى حقيقة دون الحاجة إلى الاعتماد على كلام أي شخص آخر.
٥  الطريقة الوحيدة لامتلاك البيتكوين هي بالسيطرة على المفاتيح الخاصة، وإذا تمكَّن شخص ما من الوصول إلى مفاتيحك الخاصة، فستصبح عملات البيتكوين الخاصة بك له/لها؛ فسرقة المفاتيح الخاصة مثل سرقة الدولارات المادية أو الذهب، إنها نهائية ولا عودة فيها. ولا يوجد سلطة يمكنك الاتصال بها لإلغاء السرقة. هذا جزء لا مفر منه من كون البيتكوين نقدًا، وهي نقطة مهمة يجب أن يفهمها المستثمرون المحتملون في البيتكوين بشكل كامل قبل وضع أي مبلغ من المال في البيتكوين؛ فتأمين المفاتيح الخاصة ليس مهمةً بسيطة، وعدم القدرة على تأمينها هو أمر محفوف بالمخاطر.
٦  رالف ميركل، «المنظَّمات المستقلة غير المركزية، الديمقراطية والحكم»، مجلة كرايونيكس، المجلد ٣٧ العدد ٤ (يوليو–أغسطس عام ٢٠١٦م)، الصفحة ٢٨–٤٠، ألكور: http://www.alcor.org.
٧  اقرأ الفصل العاشر للاطلاع على مناقشة بشأن ثبات البيتكوين ومقاومته للتغيير.
٨  المصدر: حسابات الكاتب.
٩  يمكن إيجاد تفاصيل عن التحويلتَين في كتاب ناثانيال بوير «الذهب الرقمي».
١٠  راجع الفصل العاشر لمعرفة سبب عدم قدرة إطلاق اسم النقد الرقمي على نسخ البيتكوين المُقلَّدة.
١١  لقراءة نقاش جيد عن هذه النقطة، راجع كتاب كايل توربي «إليك ما يفقده مؤيِّدو استخدام الذهب بشأن قيمة البيتكوين الفعلية»، مجلة فوربس النقد الرقمي، متوفِّر على الموقع: https://www.forbes.com/sites/ktorpey/2017/10/27/heres-what-gold-bugs-miss-about-bitcoins-intrinsic-value/#219507c92d88.
١٢  المصدر: مؤشر كوينديسك لسعر البيتكوين، متوفِّر في الموقع http://www.coindesk.com/price.
١٣  المصدر blockchain.info.
١٤  المصدر blockchain.info.
١٥  المصدر blockchain.info.
١٦  أسعار جميع العملات مقدرةً بالدولار الأمريكي، بينما تمَّ استخدام مؤشر الدولار الأمريكي من أجل الدولار الأمريكي. بيانات العملة الوطنية من البيانات الاقتصادية للاحتياطي الفيدرالي في «سانت لويس»، بيانات الذهب من مجمع الذهب العالمي، بيانات البيتكوين من الموقع coindesk.com.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤