المصادر وشكر وتقدير

أسجل في هذه الملاحظات أكبر الديون الفكرية في عنقي، وأذكر بعض المختارات التي قد يحتاج القارئ المهتم إلى البحث فيها رغبةً منه في المزيد من التمعن في هذه المسائل، وأناقش كذلك بعض المسائل التي لم يتسع لها متن الكتاب.

لقد تعلمت الكثير عندما قدمت هذه الحجج في نسختها الأولى في محاضرات سيلي في كامبريدج في يناير عام ٢٠٠٨، وأود أن أتقدم بخالص الشكر لأعضاء هيئة كلية التاريخ على كرم الضيافة (وعلى أنهم استأمنوا على الماضي شخصًا لا يمت للمؤرخين بصلة!) لقد تعلمت المزيد أيضًا عندما قدمت نسخًا لاحقة منها في محاضرات رومانيل-فاي بيتا كابا بجامعة برينستون ومحاضرات بيدج-باربر في جامعة فيرجينيا في مارس وأبريل من عام ٢٠٠٩. كان تحليلي للشرف محورًا لمناقشات مثمرة دارت بين جدران قسم الفلسفة في جامعة بنسلفانيا في مارس من عام ٢٠٠٩، حيث ألقيت محاضرة وحيدة كانت تركز على الحجة الفلسفية، وكذلك في جامعة ليبزيج في يونيو عام ٢٠٠٩، حيث ألقيت محاضرة تختلف قليلًا عن سابقتها حول الموضوع ذاته. وفي نوفمبر عام ٢٠٠٩، ألقيت محاضرة ليبنيز حول الشرف في الأكاديمية النمساوية للعلوم في فيينا، التي أتاحت لي المزيد من المساعدات، خاصة وأنني كنت قد أوشكت على الانتهاء من الكتاب. ولا أنسى المناقشات التي دارت حول «حياة الشرف» بيني وبين طلاب جامعيين في أثناء حلقة نقاش صغيرة في برينستون في خريف ٢٠٠٩، وهي مناقشات لا تقل أهمية عن سواها في إضفاء اللمسات الأخيرة على الكتاب.

للأسف لا أذكر على وجه الدقة من قال وما الذي قاله وأين قاله، ولكن إذا تعرفت على رأي من آرائك تبادلناه في إحدى هذه المناسبات، فاعلم أن لك خالص شكري. كما أدين بالفضل للعديدين ممن تحدثت معهم عن الشرف على مدار الأعوام القليلة الماضية. ويبقى أسفي الوحيد على عدم قدرتي على إدراج جميع آرائهم الثاقبة. لقد قدم لي بوب وايل، محرر كتابي في دار نشر نورتون، العديد من الاقتراحات المفصلة والمفيدة؛ وهاتان السمتان، التفصيل والنفع، مميزتان لعمله (كما يعلم كل من حظوا به محررًا). أما عن متعة العمل معه، فهي سمة أخرى يتمتع بها كنتُ قد لمستها في أثناء عملي معه في كتابي «الكوزموبوليتانية: مبادئ الأخلاق في عالم من الغرباء» (نيويورك: دابليو دابليو نورتون، ٢٠٠٦). وأخيرًا، وكما جرت العادة، لا بد أن أشكر هنري فايندر على مساعدته لي في كل مرحلة من مراحل تأليف هذا الكتاب، ولا سيما على قراءته ومساعدتي ليس في مراجعة مسودة واحدة فقط، بل في مراجعة مسودتين كاملتين سابقتين أقل جودة. (لقد رافقني في كامبريدج وفي فيينا كذلك؛ الأمر الذي تطلب منه أن يجلس ويستمع إليَّ وأنا ألقي محاضرة عن الشرف أربع مرات!)

لجأت في كافة الاقتباسات والمقتطفات إلى تحويل التهجي إلى التهجي الأمريكي دون ضجة، عند الضرورة، ولكنني احتفظت بالهجاء الأصلي لعناوين الكتب والمقالات. جميع الاقتباسات من الكتاب المقدس مصدرها نسخة الملك جيمس. أما عن مصدر الاقتباسات من «القرآن الكريم» فهي ترجمة عبد الله يوسف علي (لندن: إصدارات ووردسورث، ٢٠٠٠). أما غير ذلك من الترجمات فهي ترجمتي الخاصة، ما لم أشر إلى عكس ذلك (بما في ذلك تحويل كلمات السير توماس مالوري إلى إنجليزية حديثة!) أما عن تفاصيل مصادر الاقتباسات والمقتطفات، فقد أودعتها في القسم التالي لهذا الفصل. تحققتُ من وجود جميع الروابط الإلكترونية في ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٩. (ثمة ملف يحتوي على هذه الروابط الإلكترونية المتاحة للتحميل في مكتبة الوثائق أسفل الصفحة الإلكترونية التالية: www.appiah.net.) أما عن العبارة المقتبسة التي تتصدر هذا الكتاب، فمصدرها كتاب صامويل تايلور كولريدج، «السيرة الأدبية: أو صور وصفية لحياتي وآرائي الأدبية» (لندن: جورج بيل آند صانز، ١٩٠٥، صفحة ١١٣).

المقدمة

من بين الكلاسيكيات الحديثة في ذهني التي تدور حول الثورة العلمية: كتاب بول فيرابند «ضد المنهج» (أتلانتيك هايلاندز، نيوجيرسي: هيومانيتيس برس، ١٩٧٥)، وكتاب ألكسندر كويري «من العالم المغلق إلى الكون اللامتناهي» (بالتيمور: جونز هوبكنز يونيفرستي برس، ١٩٦٨)، وكتابا توماس كوهن «الثورة الكوبرنيكية: علم الفلك الكوكبي في تطور الفكر الغربي» (كامبريدج، ماساتشوستس: هارفارد يونيفرستي برس، ١٩٥٧)، و«بنية الثورات العلمية» (شيكاجو: يونيفرستي أوف شيكاجو برس، ١٩٦٢).

يستند تفريقي بين مبادئ الأخلاق والأخلاقيات على ما تعلمته من رونالد دوركين، وبإمكانك أن تجده في العديد من أعماله. انظر، على سبيل المثال، كتابه «الفضيلة السيادية: المساواة بين النظرية والتطبيق» (كامبريدج، ماساتشوستس: هارفارد يونيفرستي برس، ٢٠٠٢)، الصفحات ٢٤٢–٢٧٦. كما أن أحد أعمالي السابقة يدور حول موقع الهوية، هو كتاب كوامي أنطوني أبياه، «مبادئ أخلاق الهوية» (برينستون: برينستون يونيفرستي برس، ٢٠٠٥)، و«الكوزموبوليتانية: مبادئ الأخلاق في عالم من الغرباء».

الفصل الأول: اندثار المبارزة

أدين بالفضل في هذا الفصل بأكمله إلى كتاب في جي كيرنان: «المبارزة في التاريخ الأوروبي: شرف الأرستقراطية وسيادتها» (نيويورك: أكسفورد يونيفرستي برس، ١٩٨٨)، وذلك لدراسته الاستقصائية الشاملة لظهور المبارزة وانهيارها؛ كما أدين بالفضل لستيفن داروال الذي ميَّز بين الاحترام التقديري والاحترام الإقراري، وهو التمييز الذي أستند إليه في هذا الكتاب، في مقاله «نوعان من الاحترام»، المنشور في دورية «إثيكس»، العدد ٨٨ لعام ١٩٧٧، الصفحات ٣٦–٤٩.

أما العبارة المقتبسة التي تتصدر الفصل فمصدرها القاعدة الرابعة عشرة من كتاب «الممارسة الأيرلندية للمبارزة والغرض من الشرف»، التي يستشهد بها جوزيف هاميلتون في كتابه «دليل المبارزة» (مينيولا، نيويورك: دوفر ببليشكاشن، ٢٠٠٧، صفحة ١٤٠)، (وهي إعادة نشر لطبعة عام ١٨٢٩). النص الكامل للجملة هو كالتالي: «يكون شاهدا المبارزة من مرتبة متكافئة في المجتمع مع طرفي المبارزة اللذين جاءا ليشهدا عليهما؛ على اعتبار أنه من الجائز أن يصبح الشاهدُ طرفًا من أطراف المبارزة، سواءٌ باختياره أو عن طريق الصدفة، والتكافؤ لا غنى عنه.» وعلى الرغم من كون «الممارسة الأيرلندية» وثيقة على درجة بالغة من الأهمية، فإليها يستند العديد من مواثيق المبارزة التي نُشرت في أمريكا في مطلع القرن التاسع عشر، فمن المذهل أنها تقوم على أساسٍ من المصادر التاريخية الواهية؛ فينقل جوزيف هاميلتون عن السير جوناه بارينجتون في كتابه «صور وصفية من زمانه» (١٨٢٧) (لندن: لينش كونواي، ١٨٧١) صفحة ٢٧٧، وما يليه. كان بارينجتون قد أقيل من منصبه بصفته قاضيًا للمحكمة العليا في أدميراليتي في أيرلندا عام ١٨٣٠ بتهمة الاختلاس. وليس هذا بالسبب الوحيد الذي يجعله مصدرًا غير موثوق به. فكما قال الكاتب الأيرلندي ويليام فيتز-باتريك، في كتابه ««رب من أرباب الأراضي الزائفين» والمخبرون عن عام ١٧٩٨ مع إطلالة على معاصريهم» (الإصدار الثالث) (دبلن: دابليو بي كيلي، ١٨٦٦) صفحة ٢٨٩، معلقًا على كتاب بارينجتون: فإنه «على الرغم من كونه مسليًا إذا ما اعتبرناه كتابًا خفيفًا، فإنه ليس بالمصدر الجدير بالثقة الكاملة إذا ما اعتبرناه مصدرًا تاريخيًّا». أما هاميلتون نفسه فيقول: «ربما ينبغي علينا أن نعتذر عن الإسهاب في نقل العديد من الصفحات عن السير جوناه بارينجتون، الذي يُعتبر بوجه عام مصدرًا مشكوكًا في صحته.»

وقد نصَّ قانون الاختبار لعام ١٦٧٨ على أن يقسم أعضاء مجلس اللوردات ومجلس العموم القسم التالي: «أشهد، وأعلن، بصدق وبإخلاص، والرب على قسمي شهيد، بأنني أُومِنُ بأنه ليس في سر العشاء الرباني ثمة استحالة لعنصري الخبز والنبيذ إلى جسد المسيح ودمه، أو أي شخص كان، في أثناء طقس التكريس أو ما بعده؛ وأن التشفُّع بمريم العذراء أو غيرها من القديسين والتقديس لهم، وأن ذبيحة القداس، كما هو متعارف عليه في كنيسة روما، كلها ضرب من ضروب الخرافات والوثنية …» كما نصت تعديلات أخرى للقانون على أيمان مماثلة. وقد جاء قانون الإغاثة الكاثوليكية ليبطل هذه الأيمان.

لفرانك هندرسون ستيوارت كتاب غاية في الروعة اسمه «الشرف» (شيكاجو: يونيفرستي أوف شيكاجو برس، ١٩٩٤) يناقش فيه وجهة نظره في أن الشرف هو الحق في الاحترام. انظر الفصل الثاني والملحق الأول على وجه الخصوص. إلا أنه يرى أن حس الشرف تطورٌ حديثٌ نسبيًّا، وربما يعود إلى إنجلترا في منتصف القرن السابع عشر؛ كما يرى أنه كلما صار حس الشرف أكثر محورية في مجتمع ما، قلَّت القدرة على التمسك بفكرة الشرف والدفاع عنها. ويرجع هذا في أحد أسبابه إلى أن حس الشرف يصبح على نحو متزايد جزءًا لا يتجزأ من النزاهة، جزءًا لا يتجزأ من شيء هو أقرب لكون المرء أمينًا على مبادئه صادقًا مع نفسه. هذا مبدأ مهم من المبادئ العليا الأخلاقية، وهو مبدأ محوري في حياة البشر تشكله أفكار عن الأصالة ذات طابع رومانسي، كما هو حالنا نحن الحدثاء. انظر أبياه: «مبادئ أخلاق الهوية»، الصفحات ١٧–٢١. يقول ستيوارت إنه لا داعي لأن نفصل بين هذه الفضيلة على وجه الخصوص وغيرها من الفضائل، مانحين إياها مكانة خاصة — احترامًا منظمًا — دون غيرها، وهي مكانة عادة ما تصاحب الشرف. أما عن الطريقة الثانية التي يعتقد ستيوارت أن حس الشرف المتنامي يقوِّض بها الشرف ذاته فيقول: إنه كلما صار حس الشرف داخليًّا أكثر فأكثر، زادت صعوبة التعرف على ما إذا كان شخص ما لديه هذا الحس أو لا. وأوافق ستيورات الرأي على أن سمو مكانة حس الشرف عملية تاريخية مهمة.

ويحاول ستيوارت كذلك إثبات وجود توجه آخذ في النمو غرضه المساواة بين ميثاق الشرف والأخلاقيات، لأسباب من المفترض أنها واضحة، إلا أنني أعتقد أن المساواة بين الأخلاقيات والشرف ليست مساواة كاملة بالدرجة التي قد توحي بها هذه الفكرة. إلا أن الغرض من حجتيْه هو إقناعنا بأنه حالما يصبح حس الشرف لبَّ المسألة، يتوافر لك السبب الكافي لأن تتخلى عن منظومة الشرف بأكملها. ويبدو لي أن مصدر القلق الثاني هذا قد غابت عنه نقطة تتعلق بحس الشرف كنت قد أكدت عليها سابقًا؛ ألا وهي، أن حس الشرف يدفع الناس إلى فعل الصواب، سواءٌ وُجِد من يراقبهم أو لا؛ لأن الأشخاص الذين يتمتعون بالشرف يهتمون بأن يكونوا «جديرين» بالاحترام، ولا يكتفون بنيل الاحترام.

أما بخصوص مصدر قلقه الأول، الذي يذهب إلى أنه لا داعي لأن نمنح النزاهة مكانة خاصة دون غيرها من الفضائل، فإن ردي يأتي في جزءين: الأول ورد في الفصل الأخير، عندما أوضحت السبب وراء النفع الذي يعود من حس الشرف، ولا سيما في سياقات مهنية بعينها، أما الثاني فكان عندما أصررت على أن الشرف يأتي في المرتبة الثانية بطريقة ما، حتى في تلك الحالات التي تضع فيها الأخلاقيات المعيار الذي يحافظ الشرف على وجوده. وحيثما كانت معايير الشرف أخلاقية في طبيعتها، يصبح التقدير من نصيب من يحسنون صنعًا من منطلقٍ أخلاقي ما. وعليه فإن الاهتمام الذي نوليه للشرف في مثل تلك الحالات ليس إلا أبسط السبل التي تجعل مناط التقدير من عدمه مرتكزًا على اهتماماتنا الأخلاقية.

في ثقافة الشرف عند ويلينجتون أسباب خاصة تفسر لماذا ينبغي على رئيس للوزراء ألا يمارس المبارزة، فكان أحد الأسباب أن أي اتهامات توجه لسلوكه بصفته الرسمية لم تعد مسألة شرف شخصي؛ وبالتالي، فإنه قد يكون مختلفًا في الرأي مع اللورد وينتشيلسي حول القضية الكاثوليكية، إلا أن اختلاف الرأي هذا يتعذر أن يكون في حد ذاته سببًا للمبارزة. ولم يحل هذا دون تحدي الناس بعضهم البعض للمبارزة من حينٍ لآخر عند شن هجوم على شخصهم في البرلمان. فها هو دانيال أوكونل، ذلك الأيرلندي الوطني الذي جاء انتخابه تمهيدًا للسبيل أمام إقرار قانون الإغاثة الكاثوليكية، وذلك عندما انتُخِب ثم حُرِم من مقعده بسبب رفضه قسم يمين قانون الاختبار، ها هو يقسم ألا يتبارز أبدًا عقب مقتل جون داستير في مبارزةٍ في عام ١٨١٥. (كما دبَّر مصدر دخل سنوي لإعالة ابنة جون داستير.) وعندما نعت أوكونل اللورد ألفانلي بقوله «المهرج الذي يملؤه الغرور» في مجلس العموم عام ١٨٣٥، تحدى الأخير أوكونل في مبارزة. إلا أن أوكونل التزم بقسمه، وهو بالطبع ما ينبغي على أي سيد نبيل أن يفعله؛ فدخل ابنه مورجان المبارزة بالنيابة عنه؛ فتبادل مورجان أوكونل واللورد ألفانلي إطلاق الرصاص ثلاث مرات، دون أن يسفر هذا عن أي إصابات. كان هذا التوجه العام في بريطانيا نحو اعتبار السياسة مجالًا غير ملائم لإصدار التحديات للدخول في مبارزات، يتناقض تناقضًا صارخًا مع ما كان يحدث في الولايات المتحدة في الوقت ذاته. انظر كتاب جوان بي فريمان «شئون الشرف: السياسة القومية في الجمهورية الجديدة» (نيوهافن: ييل يونيفرستي برس، ٢٠٠١).

الرسائل المتبادلة بين النظيرين وشاهدَي المبارزة الخاصين بهما، وتقرير الطبيب هيوم حول المبارزة، والخطاب الرائع الذي وجهه جيرمي بنثام إلى ويلينجتون بخصوص المسألة، كلها موجودة في كتاب لآرثر، دوق ويلينجتون: «برقيات، ومراسلات، ومذكرات للمارشال آرثر دوق ويلينجتون كي جي»، حرَّره دوق ويلينجتون (الابن) (لندن: جون موراي، ١٨٧٣) المجلد الخامس، الصفحات ٥٣٣–٥٤٧. تستمر رواية الطبيب هيوم للأحداث، التي كان قد كتبها لدوقة ويلينجتون، لصفحات وصفحات، وقد استندتُ إلى هذا التقرير فيما يتعلق بأحداث المبارزة التي استهللتُ بها الفصل. أما عن تشارلز جرفيل، الذي استندتُ إلى روايته هو الآخر بشأن المبارزة، فهو حفيدٌ لكل من دوق بورتلاند (من ناحية والدته) وإيرل وورويك (من ناحية والده). وقد تلقى تعليمه في جامعة إيتون وكرايست تشيرش كوليدج في أوكسفورد، كما كان وصيفًا في حفل تتويج الملك جورج الثالث. انظر كتاب تشارلز سي إف جرفيل: «مذكرات جرفيل: دفتر يوميات لفترة حكم كل من الملك جورج الرابع، والملك ويليام الرابع، والملكة فيكتوريا»، حرَّره هنري ريف (لندن: لونجمان، جرين آند كو، ١٨٩٩).

أما الحوار الذي دار بين بوزويل وجونسون فجدير بعرضه بالكامل: «طُرِحت قضية المبارزة للمناقشة. جونسون: «لا توجد حالة في إنجلترا كان مقتل أحد المتقاتلين فيها «محتومًا»؛ فإذا تغلبت على خصمك عن طريق نزع سلاحه، فهذا كافٍ، رغم أنه يجب ألا تقتله؛ لقد استعدت شرفك وشرف أسرتك بالقدر الذي تكفله أي مبارزة. وليس من الشجاعة في شيء أن تجبر خصمك على القتال من جديد عندما تدرك أنك تمتاز عليه بمهاراتك وبراعتك، وإلا فما الذي يمنعك من أن تذهب إليه وتذبحه أثناء نومه في فراشه؟ عندما تبدأ المبارزة، من المفترض توافر عنصر التكافؤ؛ ذلك لأن المهارة ليس لها الغلبة على الدوام، فالأمر في غالبه يعتمد على حضور الذهن؛ بل وعلى الحوادث أيضًا. فيجوز أن يكون اتجاه هبوب الرياح في وجه أحد الطرفين. كما يجوز أن يسقط، وقد ترجح مثل هذه الأشياء كفة طرف على طرف، فالمرء يعاقب بما فيه الكفاية عندما يُدعى إلى مبارزة، ويعرِّض حياته للخطر.» إلا أنني عندما أشرت إلى أن الشخص المصاب يعرض حياته للخطر مثله مثل الطرف الآخر، كان منصفًا في اعترافه بأنه يعجز عن تفسير المنطق وراء المبارزة.» المصدر كتاب جيمس بوزويل «حياة صامويل جونسون. الحاصل على الدكتوراه الشرفية في القانون. بالإضافة إلى دفتر يوميات جولة في جزر هبرايدز»، حرَّره ألكسندر نابير (لندن: جورج بيل آند صانز، ١٨٨٩)، المجلد الخامس، صفحة ١٩٥.

الإحصائيات التي استشهدت بها في مسألة العقوبة القصوى في إنجلترا مصدرها العنوانان التاليان على شبكة الويب العالمية:

دافع روبرت شومايكر مؤخرًا عن وجهة نظر بديلة تفسر اندثار المبارزة، معللًا بأنه جاء نتيجة «سلسلة من التغيرات الثقافية المتشابكة، بما في ذلك حساسية مفرطة متزايدة تجاه العنف، ومفاهيم جديدة داخلية حول شرف الطبقة الراقية، وتبني معايير «مهذبة» وعاطفية صارت تحكم السلوك الذكوري». ذكر هذا روبرت بي شومايكر في مقاله «ترويض المبارزة: الذكورية، والشرف، والعنف الطقسي في لندن»، الصفحات من ١٦٦٠ إلى ١٨٠٠، في دورية «ذا هيستوريكال جورنال»، المجلد ٤٥، رقم ٣ (سبتمبر ٢٠٠٢)، الصفحات ٥٢٥–٥٤٥. ويعزو نهاية العملية نهائيًّا إلى «توجهات قضائية متغيرة؛ تغير في قانون التشهير، ومراجعة لقانون مواد الحرب، وسياسة رفض منح معاشات لأرامل الضباط الذين لقوا حتفهم في مبارزات» (صفحة ٥٤٥). ويجوز النظر إلى عنصر من عناصر هذه الرواية البديلة من زاوية ظهور مثل أعلى جديد يليق بالسادة النبلاء؛ ألا وهو، الشرف بصفته تلطفًا وكياسة، كما عبر عنه نيومان. فالمعايير «المهذبة» الجديدة تعطي إشارات جديدة عن المكانة الاجتماعية. ومن ثم، ها هو المَثل الأعلى المتمثل في الشجاعة البدنية — أو النموذج النيتشوي ما قبل الحداثة لطبقة النبلاء — ينهار لمجرد أن تجار الأقمشة الكتانية صاروا يقاسمونهم فيه بكل سرور. فكان على النبلاء وحلفائهم من الطبقة الجديدة أن يجدوا شيئًا آخر، وبالتالي تؤدي فكرة نيومان الغرض المطلوب. ولا يعني هذا بالضرورة أن المثل الأعلى الأقدم منه قد صار طي النسيان تمامًا.

الفصل الثاني: تحرير الأقدام الصينية

أنا ممتن للغاية لشواي-يي لين على دعمها البحثي لي في مراجعة هذا الفصل، فقد تمكنت من التحقق من صحة الفقرات التي وجدتها مترجمة عن طريق مقارنتها بالنص الصيني الأصلي، كما أمدتني بالعديد من المعلومات المفيدة عن الصين في تلك الفترة. وبالطبع أعلن مسئوليتي الشخصية عن كافة الحجج التي أوردتها في هذا الفصل. وقد استقيت معلوماتي الخاصة عن هذا الموضوع إلى حد كبير من مصدرين أساسيين هما: كتاب «عادة ربط الأقدام الصينية: تاريخ عادة مثيرة للشهوة وللعجب» للكاتب هاورد إس ليفي (نيويورك: والتون راولز، ١٩٦٦)، وكذلك رسالة ماجستير بعنوان «الحركة المناهضة لعادة ربط الأقدام في الصين (١٨٥٠–١٩١٢)» للباحثة فيرجينيا تشيو-تين تشاو، في جامعة كولومبيا، ١٩٦٦.

وأشير إلى المدن الصينية بأسمائها المتعارف عليها اليوم. كمثال على ذلك، أستخدم بكين وجوانجتشو بدلًا من اسميهما القديمين.

يستند حديثي عن الإمبراطورة الأرملة تسي شي إلى كتاب ستيرلينج سيجروف «المرأة التنين» (نيويورك: فينتدج، ١٩٩٢)، وكذلك إلى كتاب جوناثان سبنس «البحث عن الصين الحديثة» (نيويورك: دابليو دابليو نورتون، ١٩٩١)، وكتاب جون كينج فايربانك «الثورة الصينية العظيمة: ١٨٠٠–١٩٨٥» (نيويورك: هاربربيرينيال، ١٩٨٧). ثمة تصوران متباينان للغاية لدور تسي شي في أثناء فترة حكمها. فيراها سيجروف كائنًا سلبيًّا خاضعًا لتلاعبات رجال من أصحاب النفوذ كانوا ينتمون للطبقة الراقية، فكانت امرأة أمية، غير حازمة في قراراتها، يصدر عنها تصرفات حاسمة من حين لآخر بإيعاز من إحدى الشخصيات الرئيسية. ولدى سيجروف حجة مقنعة ترى أن تصويرها على أنها ديكتاتورة ماكرة وقاسية، مهووسة بسلطتها الشخصية، يرجع — إلى حد كبير — إلى روايات محرَّفة (وأحيانًا مخْتلَقة) مصدرها كُتَّاب صينيون وأجانب في مطلع القرن العشرين كانت لهم مآرب شخصية. لستُ في وضع يسمح لي بالفصل بين وجهة النظر هذه ووجهة النظر الأكثر تقليدية التي تَنسِب إليها العديد من الأحداث الرئيسية في سياسة تلك الفترة التي كانت تشغل فيها منصب الإمبراطورة الأرملة. ولكنني، مسترشدًا بكلام سيجروف، تجنبت أن أنسب إليها العديد من وقائع القتل التي قلبت ميزان السلطة من حولها رأسًا على عقب، والتي تعد جزءًا من أسطورة المرأة التنين القديمة. وعلى الرغم من كل ذلك، ثمة لحظات في رواية سيجروف نفسها كانت فيها تسي شي الشخصية الحاسمة التي تملك زمام الأمور، ولا سيما أثناء أزمات انتقال الحكم التي تلت وفاة الإمبراطور شيان فنج والإمبراطور تونج تشي وتلك التي وقعت بنهاية المائة يوم.

يُلقِي سيجروف قدرًا كبيرًا من اللوم لسمعتها تلك على كاهل كانج يووي، الذي كتب الكثير وردد الكثير من الكلمات التي كانت تنتقدها بشدة بعد أن نُفي بنهاية المائة يوم. وربما لهذا السبب تكبد سيجروف مشقة إضافية لدحض مزاعم كانج التي تذهب إلى أنها لعبت دورًا أساسيًّا في أحداث تلك الفترة. قرأت مصادر أخرى كانت أقل قسوة في حكمها على كانج. انظر على سبيل المثال مقال لوك إس كوانج «السياسة الصينية في مفترق طرق: تأملات حول إصلاحات المائة يوم لعام ١٨٩٨»، المنشور في «مودرن آجين ستاديز»، المجلد ٣٤، رقم ٣) (يوليو ٢٠٠٠)، الصفحات ٦٦٣–٦٩٥؛ ومقال لوانج جونتاو «ديمقراطيون كونفوشيوسيون في التاريخ الصيني»، منشور في كتاب لدانيال إيه بيل وهاهم تشايبونج بعنوان «الكونفوشيوسية للعالم الحديث» (كامبريدج: كامبريدج يونيفرستي برس، ٢٠٠٣)، الصفحات ٦٩–٨٩.

وبالتالي، فإن ما كُتِب عن تاريخ فترة المائة يوم والدور الذي لعبه كانج على وجه الخصوص، يعج بالأمور الخلافية. انظر مقال يونج-تسو وانج «إعادة النظر في المذهب التعديلي: كانج يووي وحركة الإصلاح لعام ١٨٩٨»، في «جورنال أوف آجين ستاديز»، المجلد ٥١، رقم ٣ (أغسطس ١٩٩٢)، الصفحات ٥١٣–٥٤٤. ويوجه وانج النقد للرؤية التعديلية لدور كانج التي تبنَّاها هوانج تشانج جيان في عمل له نُشر بالصينية؛ انظر كتاب هوانج تشانج جيان وكسو بيانفا شي يانجيو («دراسات في تاريخ إصلاحات عام ١٨٩٨») (نانجانج: تشونج يانج يانجيو يوان ليشي يويان يانجيو سو، ١٩٧٠)؛ وكتاب كانج يووي وكسو تشن زوي («مذكرات عام ١٨٩٨ الأصلية لكانج يووي») (تايباي: تشونج يانج يانجيو يوان، ١٩٧٤)؛ ومقال زايتان ووكسو تشنجبيان («ناقش انقلاب ١٨٩٨ مرة أخرى»)، في «دالو زاتشي»، المجلد ٧٧، رقم ٥ (١٩٨٨)، الصفحات ١٩٣–١٩٩؛ ومقال زوتشو وكسو بيانفا شي يانجيو دي زاي جيانتاو («إعادة النظر في دراستي حول تاريخ إصلاحات عام ١٨٩٨»)، المنشور في «تشونج يانج يانجيو يوان ديرجي جوجي هانكسو هويي لونوانجي» (أو «وقائع مؤتمر علم الحضارة الصينية الدولي الثاني الذي استضافته أكاديميا سينيكا») (تايباي: تشونج يانج يانجيو يوان، ١٩٨٩)، الصفحات ٧٢٩–٧٦٨. بعض حجج هوانج متاحة باللغة الإنجليزية في كتاب للوك كوانج بعنوان «لوحة فسيفسائية للأيام المائة: شخصيات وسياسة وأفكار عام ١٨٩٨» (كامبريدج، ماساتشوستس: مركز دراسات شرق آسيا، هارفارد يونيفرستي، ١٩٨٤). وأنا مدين بالفضل لملخص توضيحي لتلك الأيام ورد في كتاب جوناثان سبنس «البحث عن الصين الحديثة»، في الصفحات ٢٢٤–٢٣٠.

يطلق على حاملي الدرجة الثانية أو «الجورن» (الذي كان كانج لا يزال واحدًا منهم عندما أعدَّ العريضة ذات العشرة آلاف كلمة في عام ١٨٩٥) اسمٌ ثانٍ هو «جونجتشي»، والذي يعني حرفيًّا «المركبة العامة»، حيث كانت الحكومة الإمبراطورية تتكفل بإرسال وسيلة مواصلات لنقلهم إلى اختبارات «الجينشي» على نفقتها الخاصة. وهكذا سميت العريضة فيما بعد باسم «عريضة المركبة العامة». وقد وقَّع على العريضة ٦٠٣ من الجورن على الأقل، على الرغم من مزاعم كانج نفسه بأنه قد وقَّع عليها قرابة الألف ومائتين. (وقد نقل فايربانك عن صديق له قوله التالي: «إنه يرفض أن يعدل وجهة نظره لتطابق الواقع، بل على العكس، كثيرًا ما يلجأ إلى إعادة صياغة الحقائق لتدعم وجهة نظره.» المصدر كتاب فايربانك «الثورة الصينية العظيمة»، صفحة ١٣١.) للاطلاع على تسجيل كانج لوثيقة «عريضة المركبة العامة» ومزاعمه حول درجة اتساعها، انظر كتاب كانج بعنوان «كانج نانهاي زيبيان نيانبو» («السيرة الذاتية المرتبة زمنيًّا لكانج نانهاي»؛ أي كانج يووي)، في مجموعة كتب محررها شان يونلونج تحت عنوان «جينداي تشونجو شيلياو كونجكان» («مجموعة البيانات التاريخية للصين الحديثة») (تايباي: وينهاي تشوبانشي، ١٩٦٦)، المجلد ١١، صفحة ٣٠. انظر أيضًا إحدى قصائده التي تلقي ضوءًا على هذه الواقعة في كتاب حرره تانج تشيجون بعنوان «كانج يووي تشنجلون جي» (أو «مجموعة المقالات السياسية لكانج يووي») (بكين: تشونجهوا، ١٩٨١)، المجلد ١، صفحة ١٣٨ (شواي-يي لين، مراسلات شخصية، ١٧ فبراير ٢٠٠٩).

على الرغم من تعيين كانج في مجلس التجارة بعد اجتيازه اختبارات الجينشي في عام ١٨٩٥، يبدو أنه لم يتسلم مكتبه، حيث كان يمضي وقته في التدريس ونشر الكتب والصحف في الفترة من عام ١٨٩٥ وحتى عام ١٨٩٨ فيما بين شنغهاي وجوانجتشو. انظر كتاب كانج يووي «كانج نانهاي زيبيان نيانبو» الصفحة ٣٢، والصفحات ٣٧–٤٢.

وفيما يتعلق بالزعم الذي يذهب إلى أن عادة ربط الأقدام كانت تشجع على الإخلاص في الحياة الزوجية، تشير شواي-يي لين (مراسلات شخصية، ١٧ فبراير ٢٠٠٩) إلى أن «جوناثان سبنس يعطي مثالًا جيدًا على هذا الزعم في كتابه «وفاة السيدة وانج»، حيث حاولت السيدة وانج الهرب مع عشيقها إلا أنها عجزت عن مواصلة الركض بسبب قدميها المربوطتين». وقد لفتت نظري أيضًا في الوقت ذاته إلى كتاب لي يو «التعبير العرضي عن المشاعر الهامدة» الذي وصفته لين بأنه «مجموعة شهيرة من المقالات التي تدور حول النظريات الأدبية والتذوق الأدبي في الصين في القرن السابع عشر. وتعد مناقشته لأقدام النساء المربوطة على الأرجح إحدى أكثر التعبيرات صراحةً عن الولع بالأقدام المربوطة في إمبراطورية الصين السابقة. انظر كتاب لي يو «شوشينج أوجي» (تايباي: تشانجان، ١٩٩٠)، الصفحات من ١١٩–١٢١.

ومن المثير للاهتمام إلى حد كبير أنه يبدو أن بعض أفراد المانشو اعتمدوا عادة ربط الأقدام؛ لأن أحد العناصر الأساسية في حكم المانشو كان سلسلة من القوانين التي تهدف إلى تنظيم السلوك الشخصي على أساس أخلاقي التي تطالب الصينيين وأفراد المانشو بارتداء ملابس مختلفة حتى يحافظ كل من الفريقين على هويته الخاصة. انظر كتابًا من تحرير جيل كوندرا بعنوان «موسوعة جرينود للملابس عبر تاريخ العالم، المجلد ٢: الصفحات ١٥٠١–١٨٠٠» (وستبورت، كونيتيكت: جرينود برس، ٢٠٠٧): صفحة ١٢٢.

ويمكن أن نعتبر ما أصر عليه عالم الاجتماع الياباني ناجاو ريوزو، الذي عمل في شنغهاي على مدار أربعين عامًا قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، في حديثه الذي وجهه لليفي عام ١٩٦١، مقياسًا لعدد الأشخاص في منتصف القرن العشرين الذين كانوا يؤمنون بالحاجة إلى حماية شرف الأمة، والذي أظهره تحول الصينيين بعيدًا عن عادة ربط الأقدام، حيث قال: «إن الصينيين نبذوا هذه الممارسة لا بسبب سخرية الأجانب منهم، وإنما بسبب تغير نظرتهم الذهنية التي كان السبب فيها تغلغل الحضارة الغربية.» (ليفي، كتاب «عادة ربط الأقدام الصينية»، صفحة ٢٨٢). فقد شعر بكل وضوح بالحاجة إلى الإصرار على عرضه البديل؛ ولكن — وكما حاولت أن أثبت بعد ذلك — ليس من الضروري أن نأخذ هذه التفسيرات على أنها بدائل بعضها لبعض.

الفصل الثالث: القضاء على الاسترقاق على جانبي الأطلسي

يرجع الفضل في فهمي لحركة التحرير من العبودية البريطانية إلى كتاب كريستوفر ليزلي براون الرائع «رأس المال الأخلاقي: أسس حركة إلغاء العبودية البريطانية» (تشابل هيل: يونيفرستي أوف نورث كارولينا، ٢٠٠٦)، وهو كتاب استرشادي أساسي. وأود أن أذكر أحد الدوافع التي استنفرت ويلبرفورس وأصحابه، وهو دافع لا علاقة له بالحجة التي حاولت إثباتها في النص الأساسي. فكما يقول براون، لقد منحت حركة إلغاء العبودية الإنجيليين «فرصة للفوز على تلك الحملات الأخرى المناهضة للرذيلة، التي كانت لولا ذلك مثيرة للشكوك. فقد صار التوجه المناهض للاسترقاق متماشيًا مع ذوق العصر بحلول الثمانينيات من القرن الثامن عشر، فقد صار مرتبطًا بالتأدب والوعي والنزعة الوطنية والالتزام بالحرية البريطانية. وقد تمكن الإنجيليون، عن طريق قيادتهم لحركة إلغاء العبودية، من الاستفادة من تلك الارتباطات الأكثر إيجابية بغرض إضفاء صبغة خيرية أقل قمعية على حملتهم الأوسع نطاقًا من أجل الإصلاح الأخلاقي» (صفحة ٣٨٧). وبالطبع، لم يربط الإنجيليون بين مناهضة الاسترقاق والنزعة الوطنية، أو بين اعتداد البريطاني بنفسه وحملة بريطانيا من أجل الحرية. وقد صيغت تلك العلاقة في خطاب المناظرات حول الاستقلال الأمريكي.

تعرض دوق ويلينجتون للتهكم والسخرية على صفحات مجلة «ذا تايمز» في عام ١٨٣٣ عندما سجل «أصدقاء الدوق النبيل» في مجلس اللوردات وجهة نظرهم (اعتراضًا منهم على تمرير قانون تحرير العبيد) التي مفادها أن «الخبرة المكتسبة من كافة الأمم على مر العصور أثبتت أن الرجل الذي تُترك له حرية الاختيار بين العمل من عدمه لن يعمل أجيرًا في العمالة الزراعية في الأراضي المنخفضة بالمناطق المدراية». ذكر هذا سيمور دريشر في كتابه «التجربة العظيمة: العمالة الحرة مقابل الاسترقاق في الإعتاق البريطاني» (نيويورك: أكسفورد يونيفرستي برس، ٢٠٠٢): صفحة ١٤١. كان هذا انتصارًا لاعتقاد أيديولوجي يؤمن بالعمالة الحرة على العديد من الأدلة والبراهين.

ثمَّة جدل كبير دائر منذ إصدار كتاب إي بي طومسون «صناعة الطبقة العاملة الإنجليزية» (نيويورك: فينتادج، ١٩٦٥) حول ما إذا كان مصيبًا في زعمه بوجود طبقة عاملة بالفعل بحلول العقد الرابع من القرن التاسع عشر. وقد ذهب كريج كالهون في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين إلى أن حركات مطلع القرن التاسع عشر عكست سيطرة الراديكاليين الحرفيين على العمال الصناعيين الجدد، كما كانوا ذوي طابع محلي أكثر منه قوميًّا، وكلا الزعمين لا يتفق وفكرة طبقة عاملة إنجليزية واحدة واعية لذاتها. كانت النزعة الراديكالية للحرفيين رجعية في الأساس، في حين كان العمال الصناعيون سعداء بالإصلاح؛ ووفقًا لروايته، فإن تلك القرارات منطقية للغاية. «كان لزامًا على مجتمعات العمال التقليديين الإطاحة بالعلاقات الاجتماعية الجديدة وإلا زالوا هم أنفسهم عن الوجود، في حين «كانت تستطيع الطبقة العاملة الجديدة أن تجني نطاقًا واسعًا غير محدود من الإصلاحات التحسينية دون تغيير لوجودها الجمعي في الواقع».» المصدر كتاب كالهون، «مسألة الصراع الطبقي: الأسس الاجتماعية للراديكالية الشعبية أثناء الثورة الصناعية» (شيكاجو: يونيفرستي أوف شيكاجو برس، ١٩٨٢): صفحة ١٤٠، وقد استشهد به جريجوري كلايز في مقاله «انتصار النزعة الإصلاحية ذات الوعي الطبقي في الراديكالية البريطانية، ١٧٩٠–١٨٦٠» في «ذا هيستوريكال جورنال»، المجلد ٢٦، رقم ٤ (ديسمبر ١٩٨٣): الصفحات ٩٧١-٩٧٢.

لم يمضِ وقت طويل على ما قاله كالهون حتى قدم كل من دوروثي طومسون وجاريث ستيدمان جونز تصوراتهما الشهيرة المنازعة للميثاقية في مقال جاريث ستيدمان جونز «إعادة النظر في الميثاقية»، المنشور في كتاب «لغات الطبقات الاجتماعية: دراسات في تاريخ الطبقة العاملة، ١٨٣٢–١٩٨٢» (كامبريدج: كامبريدج يونيفرستي برس، ١٩٨٤): الصفحات ٩٠–١٧٨؛ وكتاب دوروثي طومسون «الميثاقيون: سياسة شعبية في الثورة الصناعية» (نيويورك: بانثيون، ١٩٨٤). إلا أنه على الرغم من هذه النزاعات التأريخية، تمكَّن مايلز تايلور من التقدم باقتراح، بمجرد أن انقشع غبار الخلاف، وهو أنه ثمة قصة مشتركة وراء الجدل الدائر فيما بين طومسون وستيدمان جونز؛ ألا وهي، أن «الميثاقية كانت في الغالب حركة للفقراء الكادحين، وكانت كثيفة في مناطق التصنيع، إلا أنها أُضفي عليها صبغة قومية حقيقية من خلال صحافتها، وشبكة قادتها». المصدر مقال لتايلور بعنوان «إعادة النظر في الميثاقيين: البحث عن نوع من التوافق في تأريخ الميثاقية»، في «ذا هيستوريكال جورنال»، المجلد ٣٩، رقم ٢ (يونيو ١٩٩٦): صفحة ٤٩٠.

إن زعمي بوجود قدر لا بأس به من العنصرية الصريحة في إنجلترا في وقت إلغاء العبودية لن يكون محل جدل في الوقت الحاضر؛ فلا يحتاج المرء سوى أن يقرأ ما كتبه كارليل حتى يقتنع بهذا. وعلى الرغم من كل ذلك، ينبغي أن نذكر أن فريدريك دوجلاس، الذي كان قادرًا بحق على التعرف على الإهانات العنصرية، قد أمضى ما يزيد على العام ونصف العام في بريطانيا في أربعينيات القرن التاسع عشر، وقد أنكر تمامًا أن يكون قد عُومِل بقلة احترام. ففي مارس من عام ١٩٤٧، ألقى دوجلاس خطابًا أمام حشد هائل في لندن تافرن في «وداع للشعب البريطاني» قال فيه: «سافرت إلى كل شبر في هذا البلد، في إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا وويلز، وقمت برحلات على الطرق السريعة والشوارع الجانبية والسكك الحديدية والقوارب البخارية … لم أرَ قطُّ في أي من وسائل النقل تلك، أو في وسط أي طبقة من الطبقات الاجتماعية أيَّ شخص ينظر إليَّ نظرة ازدراء، أو يصدر عنه أي تعبير قد أفسره بأنه شيء من عدم الاحترام لي بسبب لون بشرتي؛ على الإطلاق!» (يمكن الاطلاع على هذا الخطاب على الموقع الإلكتروني لمركز جيلدر ليرمان لدراسة الاسترقاق، والمقاومة، والإلغاء في جامعة ييل http://www.yale.edu/glc/archive/1086.htm).

كانت استراتيجية دوجلاس، كما سبق ورأينا، قوامها الدخول في المعركة الدائرة بين الشرف البريطاني والشرف الأمريكي، فكان يحتاج إلى أن يظهر التناقض بين وطنه وبريطانيا حتى يتسنَّى له استغلال رأي الغرباء في أن يغرس في نفوس بني وطنه إحساسًا بالخزي القومي تجاه الاسترقاق الأمريكي. ولذلك، ما كان لفته الانتباه إلى العنصرية البريطانية ليخدم حجته، لكن الشيء المؤكد على أي حال هو أن خطبه العديدة كانت في الغالب تحظى بحضور مؤيدين متحمِّسين من الطبقة العاملة. وعادة ما يرجع بروز صورة من صور العنصرية المناهضة للسود أكثر ضراوة وواسعة الانتشار إلى فترة ما بعد إلغاء العبودية. انظر كتاب دوجلاس إيه لوريمر بعنوان «اللون، والطبقة، والفيكتوريون: مواقف إنجليزية من الزنوج في منتصف القرن التاسع عشر» (نيويورك: هولمز آند ماير، ١٩٧٨).

كتب السير جون سيلي عن الدخول البريطاني في دور المهيمن في تجارة الرقيق على جانبي الأطلسي، فقال: «إن هذا يعني بكل بساطة أننا من حيث مبادئنا لم نكن أفضل حالًا من غيرنا من الأمم في هذا الصدد، وأننا، بعد أن احتللنا أخيرًا أرفع المراتب فيما بين الأمم التجارية في العالم، وبعد أن سحبنا البساط من تحت إسبانيا من خلال نجاحاتنا العسكرية، صرنا نمتلك من غير قصد النصيب الأكبر من هذه التجارة الخبيثة.» المصدر كتاب لسيلي بعنوان «توسع إنجلترا» (بوسطن: روبرتس براذرز، ١٨٨٣): صفحة ١٣٦. وقد كانت له إشارة شهيرة في مقدمته لهذا العمل يقول فيها: «يبدو أننا، إذا جاز التعبير، قد غزونا نصف العالم وأهلناه بالسكان في نوبة من شرود الذهن.» (٨). فتجارة الرقيق إذن، من وجهة نظره، مثلها مثل الإمبراطورية، تحصَّلوا عليها وسط حالة من شتات الفكر على ما يبدو. وتوضح تلك الفقرات، بالإضافة إلى رواية ليكي، مدى خطورة المسألة بالنسبة للرجل الإنجليزي في أواخر القرن التاسع عشر الذي كان يريد أن ينأى ببلده قدر الإمكان عن شرور تجارة الرقيق. انظر كتاب ويليام إدوارد هارتبول ليكي بعنوان «تاريخ الأخلاق الأوروبية من أغسطس وحتى تشارلمان»، المجلد ١، الطبعة الثالثة بعد التنقيح، (نيويورك: دي أبلتون، ١٩٢١).

ويعد الاقتراح الذي يذهب إلى أن الكرامة هي الحق في الاحترام اقتراحًا معياريًّا، إلا أن المقترح الذي تقدمت به لقصر إطلاق مصطلح «كرامة» على استحقاق الاحترام «الإقراري» لم يكن إلا لأغراض اصطلاحية فنية. لا أزعم وجود تمييز واضح في اللغة يفرِّق بين الحق في الاحترام الإقراري والاحترام التقديري على هذا النحو، إلا أننا، في اعتقادي، في حاجة إلى أن نُوجِد مثل هذا التمييز إذا ما أردنا أن نُوجِد مكانًا للتقدير وللحق في التقدير في مجتمع تظلُّه الديمقراطية بظلها. إننا في حاجة ماسة إليه إذا كنا بصدد مقاومة الاقتراح البديل الشهير لبيتر بيرجر الذي يقضي بأن «الكرامة» قد حلت محل «الشرف»، حتى صار «الشرف» مفهومًا قاصرًا على الأرستقراطيات، وقد قاومت هذا الاقتراح بالفعل. انظر مقال بيتر بيرجر بعنوان «اندثار الشرف»، في «يوروبيان جورنال أوف سوسيولوجي»، العدد الحادي عشر (١٩٧٠): الصفحات ٣٣٩–٣٤٧.

كون الموضوعات المطروحة هنا ذات علاقة بالمصطلحات الفنية في جزء منها لا يعني بالضرورة أنها بلا جوهر، فأنا أطالب بمكان لكل من الحق التنافسي وغير التنافسي في الاحترام، أو بعبارة أخرى، للتقدير وللكرامة. نحن متفقون على أن الارتباط بين الحق في الاحترام والطبقة الاجتماعية هو ارتباط خاطئ من الناحية المعيارية، وأن هذا الارتباط قد أُبطل تاريخيًّا، إلا أنه يجدر بنا الإصرار على أنه ربما لا نقر علنًا في العادة بأننا «بالفعل» الأفضل أو أننا نملك «بالفعل» ما هو أفضل من سوانا في الوقت الحاضر، بيْد أن هذا بالتأكيد ليس إلا ضربًا من ضروب لطف التعبير. صحيح أن المتكبرين وحدهم هم من يتعطفون على أساس الطبقة الاجتماعية وحسب. ولكن، في الواقع، توجد العديد من المعايير التي نهتم بها والتي يمكن أن نقيِّم نجاح المرء على أساسها؛ ونحن نؤمن بأن النجاح في الوفاء بهذه المعايير أو الفشل في ذلك أمر مهم بالنسبة لنا؛ وأن منح التقدير لمن يبذل قصارى جهده هو استجابة حتمية، ومناسبة، لمثل هذا الإنجاز.

تَقدَّم ديفيد برايون ديفيز باقتراح مؤخرًا في كتابه «العبودية غير الإنسانية»، ويذهب إلى أن حملة الإلغاء عكست الحاجة المشتركة إلى عمالة ماهرة وإلى أن يقوم أرباب العمل «بتكريم اليد العاملة الأجيرة، بل ورفعها إلى مراتب النبلاء، بعد عصور طويلة من النظر إليها بازدراء». المصدر كتاب ديفيز بعنوان «العبودية غير الإنسانية: بداية الاسترقاق ونهايته في العالم الجديد» (نيويورك: أكسفورد يونيفرستي برس، ٢٠٠٦): صفحة ٢٤٨. لقد تطلب تحديث الاقتصاد تحوُّل المجتمع من مجتمع كان فيه أصحاب المراتب الدنيا منتجين بالإكراه إلى مجتمع أصبحوا فيه مستهلكين أحرارًا. وقد كانت منتجات مزارع الرق من السكر والبن والقطن والتبغ أُولى البضائع الاستهلاكية الحديثة. ويأتي الاقتراح الذي تقدم به ديفيز تعقيبًا على اقتراح مماثل تقدم به المؤرخ ديفيد إلتيس، إلا أن إلتيس، في رأي ديفيز، «لم يطوره لسوء الحظ» (المصدر السابق، صفحة ٢٤٧). ولكنني كنت أتمنى أن يقوم ديفيز نفسه بتطوير الفكرة أكثر من ذلك بقليل. وأعتقد أنه ثمة حكمة كبيرة في الإقرار بأن فئة العاملين وفئة أرباب العمل كلتاهما كانت لديها من الأسباب ما دفعها للاهتمام بكرامة اليد العاملة.

كانت أصوات الناخبين من الطبقة العاملة أقل أهمية من توجهات الطبقة العاملة ذاتها في سياق مسألة التدخل البريطاني في الحرب الأهلية؛ فقد كتب جون ستيوارت مِل يقول: «ينبغي أن يكون شعار أي سياسي راديكالي هو الحُكم عن طريق الطبقة المتوسطة لصالح الطبقات العاملة.» المصدر «الأعمال الكاملة لجون ستيوارت مِل»، المجلد ٦: «مقالات حول إنجلترا وأيرلندا والإمبراطورية»، حرَّره جون إم روبسون (تورونتو: يونيفرستي أوف تورونتو برس؛ لندن: روتلدج آند كيجان بول، ١٩٨٢). فصل: إعادة تنظيم الحزب الإصلاحي، عام ١٨٣٩، http://oll.libertyfund.org/title/245/21425/736500. كان هذا ما أُنجز في الأساس بحلول مطلع الستينيات من القرن التاسع عشر، إلا أن حق الطبقة العاملة في الاقتراع لم يتحقق على نحو واسع النطاق حتى إصدار قانون الإصلاح الثاني لعام ١٨٦٧. أما ألكسندر ماكدونالد وتوماس بيرت، وهما العضوان فيما أُطلق عليه الائتلاف الليبرالي-العمالي، وكلاهما كان من عمال المحاجر، فلم يصبحا عضوين بالبرلمان بصفتهما من العمال إلا بحلول عام ١٨٧٤.

الفصل الرابع: حروب على المرأة

وفقًا لكتاب «حقائق العالم لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية»، يمثل البشتون ٤٢ بالمائة من تعداد السكان الأفغاني؛ أي ما يناهز ١٤,١ مليون نسمة، و١٥,٤٢ بالمائة من تعداد السكان الباكستاني؛ أي ٢٧,٢ مليون نسمة، وترتبط الهوية البشتونية في هاتين الدولتين بالتحدث بلهجة من لهجات الباشتو؛ ومن ثم، يزيد مجموع التعداد السكاني للبشتون في هاتين الدولتين عن ٤١ مليون نسمة — أفغانستان: https://www.cia.gov/library/publications/the-wrold-factbook/geos/countrytemplate_af.html؛ باكستان: https://www.cia.gov/library/publications/the-wrold-factbook/geos/pk.html. وفي الهند، يطلق على من ينحدر من أصل البشتون الباتان، ويقال في بعض الأحيان إن عدد الباتان الهنود يبلغ ضعف عدد البشتون الأفغان. انظر، على سبيل المثال، مقال شمس الرحمن علوي بعنوان «الباتان الهنود يتوسطون من أجل السلام في أفغانستان»، المنشور في صحيفة «هندوستان تايمز»، ١١ ديسمبر ٢٠٠٨: http://www.hindustantimes.com/StoryPage/StoryPage.aspx?sectionName=NLetter&id=3165e517-1e21-47a8-a46a-fc3ef957b4b1. إلا أن معظم هؤلاء لا يتحدثون الباشتو، لغة البشتون، وفي الإحصاء الهندي الرسمي للسكان لعام ٢٠٠١، لم يعلن سوى ١١ مليون هندي أن لغتهم الأصلية هي الباشتو: http://www.censusindia.gov.in/Census_Data_2001/Census_Data_Online/Language/Statement1.htm. إذن، ثمة ٥٢ مليون نسمة على الأقل في العالم يتحدثون الباشتو، وما يزيد على ٧٠ مليون نسمة يتخذون نوعًا من أنواع البشتون هوية لهم. (يوجد كذلك بضع مئات الآلاف من البشتون على الأقل في الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية.)
وحتى يتسنَّى لنا استيعاب النطاق الدلالي لبعض المصطلحات المستخدمة في الباشتو بمعنى الشرف، فلنتأمل بعض العينات من مداخل معجم للباشتو القديمة-الإنجليزية: ghairat، مفرد، مذكر … تواضع، حياء، شجاعة، شرف. ٢. غيرة، عداوة، منافسة، إحساس لطيف بالشرف.» والاسم المركب nam-o-nang، شرف، سمعة؛ خزي، عار»، حيث إن «نام» تعني «اسم». كما أن ثمة كلمة مشتقة من العربية: ab-ru، مفرد مذكر … شرف، سمعة، شخصية، صيت، حسن الصيت.» هنري جورج رافرتي، «قاموس البشتو، أو لغة الأفغان: مع تعليقات على أصل اللغة، وعلاقتها باللغات الشرقية الأخرى»، الطبعة الثانية، مع إضافات كثيرة (لندن: ويليامز آند نورجايت، ١٨٦٧): الصفحات ٧٤٥، و٩٨٩، و٩٦٧، و٤؛ http://dsal.uchicago.edu/dictionaries/raverty.
توضح اللجنة القومية الباكستانية المعنية بمكانة المرأة (NCSW) في «تقرير بشأن مرسوم القصاص والدية» كيف أن التفاعل بين مجموعة متنوعة من التغيرات التي طرأت على القانون لم يكن لصالح المرأة. ويرجع السبب وراء هذا في جزء منه إلى القرارات التي اتخذها القضاة في تأويل القانون. ومن ثمَّ، يسمح المرسوم للقاضي أو القاضية بأن يصدر حكمًا وفقًا لتقديره، حتى إذا وافق الورثة على قبول الدية، إلا أن هذا الأمر لم يرد قط في قضايا جرائم الشرف. ويخرج قارئ التقرير بانطباع عام بأن البعض في النظام القضائي يتفقون مع توجهات العديد من أعضاء مجلس الشيوخ ممن رفضوا دعم الاقتراح الذي يقضي بتوجيه النقد لجريمة قتل سامية ساروار. (يمكن الحصول على نسخة من «تقرير بشأن مرسوم القصاص والدية» (NCSW)، ١٩٩٠، من قاعدة بيانات الأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن العنف ضد المرأة على الرابط التالي: http://webapps01.un.org/vawdatabase/searchDetail.action?measureId=18083&baseHREF=country&baseHREFId=997).

الفصل الخامس: دروس وموروثات

إن أفضل الكتب التي نُشِرت مؤخرًا حول الآلية الاجتماعية للتقدير هو كتاب لجيفري برينان وفيليب بيتي بعنوان «اقتصاد التقدير» (نيويورك: أكسفورد يونيفرستي برس، ٢٠٠٥)، وهو كتاب وجدتُه مفيدًا للغاية. فكتابهما يدور حول التقدير، لا حول الحق في التقدير، كما كان هدفهما البحث في هيكلة المؤسسات بغرض نشره. إذن يختلف محور اهتمامهما عن محور اهتمامي، وإن كان مكملًا له.

للاطلاع على آخر الأعمال التي نُشرت حول العمليات النفسية الأساسية التي «تجنِّدها» المنظومات الثقافية للأخلاقيات، انظر مقال جوناثان هايت وكريج جوزيف بعنوان «مبادئ الأخلاق الحدسية: كيف يولِّد الحدس المعد فطريًّا فضائلَ متغيرة ثقافيًّا»، «ديدالوس»، (خريف ٢٠٠٤): الصفحات ٥٥–٦٦؛ ومقال جوناثان هايت وفريدريك بيوركلاند بعنوان «الحدسيون الاجتماعيون يجيبون عن ستة أسئلة حول علم النفس الأخلاقي»، في كتاب محرره والتر سينوت-أرمسترونج، بعنوان «علم النفس الأخلاقي»، المجلد ٢ من سلسلة كتب «العلم المعرفي للأخلاقيات: الحدس والتنوع» (كامبريدج، ماساتشوستس: ماساتشوستس إنستيتيوت أوف تكنولوجي، ٢٠٠٨): الصفحات ١٨١–٢١٨. ومن بين الأعمال التي استعرضاها بغرض تحديد أوجه الانتظام عبر الثقافات كانت: كتاب دونالد براون بعنوان «العموميات الإنسانية» (فيلادلفيا: تمبل يونيفرستي برس، ١٩٩١)؛ وكتاب فرانز دي وال بعنوان «دمث الأخلاق: أصول الصواب والخطأ في الإنسان وغيره من الحيوانات» (كامبريدج، ماساتشوستس: هارفارد يونيفرستي برس، ١٩٩٦)؛ ومقال إس إتش شوارتز ودابليو. بيلسكي، بعنوان «نحو نظرية للمحتوى والبنية العالمية للقيم: امتدادات ومكررات عابرة الثقافات»، المنشور في «جورنال أوف بيرسوناليتي آند سوشيال سايكولوجي»، العدد ٥٨ (١٩٩٠): الصفحات ٨٧٨–٨٩١؛ وكذلك اقتراح «مبادئ الأخلاق الثلاثة» صاحب التأثير الكبير والموضَّح بالتفاصيل في مقال لريتشارد شودر وآخرين بعنوان «الأخلاقيات «الثلاث الكبرى» (الاستقلال الذاتي، والمجتمع، والألوهية)، والتفسيرات «الثلاثة الكبرى» للمعاناة»، والمنشور في كتاب حرره إيه برانت وبول روزين، بعنوان «الأخلاقيات والصحة» (نيويورك: روتليدج، ١٩٩٧): الصفحات ١١٩–١٦٩.

استندت في روايتي لتجربة مختاران بيبي في المقام الأول على سيرتها الذاتية المنشورة تحت الاسم التي صارت تُعرف به اليوم، وهو مختار ماي، بعنوان «باسم الشرف: مذكرات» (نيويورك: أتريا بوكس، ٢٠٠٦). هذه المذكرات من النوع الذي يكتبه مؤلف محترف على أساس المحادثات التي تدور مع صاحبها، كتبتها ماري-تريز كاني في الأصل باللغة الفرنسية، وقد استعانت بخدمات مترجمَيْن عن اللغة السراییکیة، لغة الميروالا. ولنيكولاس كريستوف وشيريل وودون أيضًا رواية ساحرة ومتعمقة عن حياة مختار ماي بعنوان «نصف السماء: تحويل القمع إلى فرصة للمرأة حول العالم» (نيويورك: راندوم هاوس، ٢٠٠٩). أما عن التقارير حول أحداث ٢٢ يونيو ٢٠٠٢، والمتاحة في العديد من المصادر في الصحف وعلى شبكة الإنترنت، فهي متباينة في تفاصيلها، إلا أن الحقائق الأساسية لا خلاف جاد عليها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤