الفصل الثاني

التعليم

أخذ الغربيون اسم المدرسة من كلمة يونانية بمعنى الفراغ؛ لأن طلب العلم كان في الزمن القديم شاغلًا من شواغل الفراغ يستطيعه من يستغني عن العمل أو يعجز عنه، فمن علامات الزمن أن تصبح المدرسة مدار العمل كله، لا يستغني عنه أحد في جميع الوظائف الاجتماعية، وتدعو إليه ضرورات المعيشة كما تدعو إليه مطالب الفهم والتهذيب.

لا بد من المصانع لتزويد العالم بمعرفة المعيشة، ولا بد من الخبراء والصناع لإدارة المصانع، ولا بد من المدرسة لتخريج الخبراء والصناع، ويكاد المختصون بتدبير مطالب التعليم الفني في الحاضر والمستقبل أن يشعروا بأن الحاجة أكثر من العدد المطلوب.

يقول مؤلفو كتاب مائة السنة التالية:

تعتبر الولايات المتحدة في الوقت الحاضر أدق المجتمعات تركيبًا صناعيًّا في العالم، إذ تمهد الفرص التي تكاد لا تحصى للتعليم من شتى فروعه مع الحرية في اختيار الوظائف والأغراض الفنية، فإذا درسنا الموارد التي تؤخذ منها القوى الفكرية دراسة نقد وتحليل تسنى لنا أن نلم بمثال حسن لقضايا العرض والطلب في مسألة تدبير المهندسين والعلماء مع الحرية الاقتصادية.

ومنذ سنوات عدة يلاحظ النقص في عدد العلماء والمهندسين، وهو نقص يزداد حرجًا، ولا نرى له الآن نهاية قريبة، وبلغ من حرجه أن المنظمات الصناعية تحد من جهود البحث والتحسين لقلة العاملين المدربين.

وتتباين الآراء عن السبب الصحيح لهذا النقص الحاضر، فيرى بعضهم أنه راجع إلى نقص المواليد في سنوات الكساد، وما تلاه من نقص الإقبال على معاهد التعليم العليا حوالي سنة ١٩٥٠، ويرى آخرون أن كثرة الطلب على الخبراء من جراء النفقات الكبيرة على شئون الدفاع هي التي أدت إلى الشعور بذلك النقص، وسنرى — على أية حال — أن النقص إنما جاء من دقة التركيب الصناعي في الولايات المتحدة، وقصور وسائل التدريب، والتحضير عن مداركة الطلب على حسب الحاجة.

وبعد الإفاضة على هذا النحو في شرح وجوه الحاجة إلى الطاقة الفكرية، وازدياد هذه الحاجة على توالي الأيام عقد مؤلفو الكتاب فصلًا بعنوان: «مدى الطاقة الفكرية المدخرة» بدءوه بهذا السؤال: ما هو أقصى ما يتيسر لنا من ذخيرة الطاقة الفكرية؟ ثم أجابوا عنه بما يلي:

إننا نستطيع أن نحصل على ضعفي عدد العلماء والمهندسين إذا أزلنا العوائق التي نتعرض من جرائها لنقص التعليم بين الفئة الصالحة لإتمام تعليم الكليات في العلوم والهندسة، ويتضاعف هذا العدد مرة أخرى إذا فتح باب التعليم الفني للنساء، وأمكن إغراؤهن بالإقبال عليه، وشجعن على هذا الإقبال، وهذه الزيادة المضاعفة تعطينا أربعة أمثال العدد الذي نخرجه الآن من العلماء والمهندسين دون أن نمس بمطالب الصناعات الأخرى، وكذلك يزداد نفع ذوي الكفايات الفنية إذا نحن أحسنا استخدام قواهم كما ينبغي، وشجعناهم على المزيد من الإنتاج والابتكار، فتصبح ذخيرتنا من الطاقة الفكرية ثمانية أضعاف ما نحصل عليه الآن، وقد تقدم أن لاحظنا أن المحصول السنوي وعدد المتخرجين من العلماء والمهندسين يبلغ عشرة أضعافه كل خمسين سنة في الولايات المتحدة منذ سنة ١٨٠٠، وتساءلنا هل يمكن تكرار ذلك في نصف القرن الباقي منذ اليوم إلى سنة ألفين؟ فنقول: إن تكرار ذلك مرجح، وإنه فيما يتعلق بالولايات المتحدة يستطاع الوصول إلى عشرة أضعاف ما لدينا من المحصول الفني، وعدد العلماء والمهندسين، وربما كان ذلك هو الختام.

ومن المهم أن ننبه أن هذه النتيجة ميسرة بغير حاجة إلى حمل الطلاب على ترك الدراسات الأخرى التي تساوي هذه الدراسات في اللزوم والفائدة، فليس في تقديرنا أن يزيد عدد الخريجين من العلماء والمهندسين، وأن تتغير نسبتهم المطردة منذ ثلاثين سنة، بل تبقى على حالتها إلى نهاية القرن العشرين.

ومن المهم كذلك أن نذكر أن المدد الذي يتوافر لنا من العلماء والمهندسين لن يظل على ازدياد إلى غير نهاية في المستقبل على نسبة هذه الزيادة فيما مضى، وفي أوروبا — كما في الولايات المتحدة — ينقص مدد الطاقة الفكرية، فيبلغ عدد العلماء والمهندسين في أوروبا الغربية أربعمائة وخمسة وعشرين ألفًا من مجموعة السكان الذين يبلغون مائة وأربعة وخمسين مليون نسمة، ويقابل ذلك في الولايات المتحدة سبعمائة وستون ألف مهندس من عدد السكان الذي يبلغ مائة وثمانية وستين مليون نسمة، وينطبق على الحالة في القارة الأوروبية كل ما ينطبق عليها في الولايات المتحدة، مع ملاحظة الفارق بين التعليم الجامعي هناك، والتعليم الجامعي عندنا، ففي الولايات المتحدة يلاحظ أن ثلاثين في المائة من كل طبقة من طبقات السن ينبغي أن يتمموا التعليم في الكلية، على حين أن التعليم العالي في أوروبا مقصور على النخبة القليلة، ولا تزيد نسبة المتممين للتعليم بالكليات على خمسة في المائة، وسيزداد عدد العلماء والمهندسين زيادة كبيرة كلما اتسع نطاق التعليم الحر، وتمكن الطالب من المضي فيه إلى غاية استعداده.

على أن الحالة في الاتحاد السوفيتي تختلف عن كلتا الحالتين، وتتيح لنا بابًا نافعًا من أبواب المقارنة بين النظم والإجراءات، ففي الاتحاد السوفيتي ينظم التعليم العام بحيث يوافق حاجة الدولة، وينظر إلى مهمة التعليم نظرة عالية، والشاب الروسي يشجع على الترقي في درجات التعليم إلى أعلى ذروتها، وينال من الامتيازات والوظائف بقدر ما ينال من محصول الدراسة، وينتقل الطالب من درجة إلى درجة في مراحل الدراسة حسب نجاحه في امتحانات المسابقة، وتتكفل الدولة بنفقات التعليم، وقد يمنح بعض الطلاب معونة في أثناء سنواته المدرسية، وتتجه العناية في التعليم العالي إلى العلوم الفنية، كما تتجه إلى الطب والزراعة وصناعة التدريس، ونحو نصف طلاب المعاهد العليا يتفرغون لهذه الدراسات، وستون في المائة منهم متخصصون للدراسة الفنية والعلوم الطبيعية.

فالاتحاد السوفيتي يشعر بمسيس الحاجة إلى التعليم الفني لمتابعة التقدم السريع في سياسة التصنيع، وينجم عن ذلك أن يلاحظ في نظام التعليم أن يجور عدد الفنيين على عدد المتخصصين للمباحث الذهنية، وإذا تخرج الطالب من المدرسة العليا يكون قد أمضى ست سنوات في علم الحياة «البيولوجي»، وخمس سنوات في العلوم الطبيعية، وأربع سنوات في الكيمياء، وأربعا في الرياضيات، يقابل ذلك عندنا أن الطالب الذي يريد أن يتخصص للعلم يمضي سنتين في دراسة علم الحياة، وسنة في العلوم الطبيعية، وسنة في الكيمياء، وثلاث سنوات في الرياضيات. والطالب الروسي في مستوى تعليم الكلية يعتبر من السعداء المجدودين إذا استطاع أن يصل إلى مدرسة فنية؛ لأنه يتمكن بذلك من الارتقاء إلى الطبقة الممتازة في البلاد الروسية اليوم، وفي وسعه بوظيفته العلمية أو الهندسية أن يقتني سيارة، ويسكن في جناح مستقل، ويحصل على مرتب حسن، ويشغل مركزًا من مراكز التقدم والنفوذ، وعلى هذا نجد أن الروسيين قد عملوا بكثير من النظم والإجراءات التي بحثناها فيما تقدم، ورأينا أنها مجدية في الاستكثار من المهندسين والعلماء في الولايات المتحدة، فالاتحاد السوفيتي إذن قدوة يحتذى بها فيما يمكن إدراكه إذا روعي في نظام التعليم كله أن يدار لغرض واحد، وهو تخريج أكبر عدد مستطاع من العلماء والمهندسين والأطباء والمدرسين مع التضحية القريبة بالدراسات الأخرى من قبيل العلوم الإنسانية والأشغال والتجارة. وقد كان من نتيجة هذه الخطوة أن الاتحاد السوفيتي يسبق الولايات المتحدة، ويخرج ضعف ما تخرجه من المهندسين والعلماء.

ويلوح لنا من المحتمل أيضًا أن هذه الفجوة ستتسع فترة أخرى من الوقت. ويضاف إلى هذا أن جميع المهندسين والعلماء في الاتحاد السوفيتي يعملون في صناعاتهم على حين أن الذين يعملون في صناعاتهم عندنا حوالي ثلثي المهندسين وثلث العلماء، وأن نحو الثلث من الفنيين في الاتحاد السوفيتي نساء، ومعدل النسبة في تخرج المهندسين والعلماء هناك توحي إلينا أن الأمة التي تريد أن تقتدي بالاتحاد السوفيتي، وتتخذ لها خطة كخطته الصارمة في التهوين من شأن الدراسات غير الصناعية سوف تصل إلى نتيجة أكبر من النتيجة التي أشرنا إليها آنفًا، ولكن مع تضحية ذات بال بالحرية.

وفي وسعنا عند تقدير الطاقة الفكرية المدخرة في الأمم المتخلفة أن نجري على المنهج الذي توخيناه عند الكلام على الولايات المتحدة؛ لأن توزيع الملكات الذهنية على قدر ما نعلم مشابه لتوزيعها بيننا، ويكاد أن يكون المتوسط من ثلث أبناء الأمة إلى نصفهم قادرين من وجهة الملكات الذهنية على كسب معرفتهم في معاهد التعليم العليا.

وهنالك — كما لا يخفى — عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية يرى معها أنه من البعيد — إن لم يكن من المستحيل — أن تقدر تلك الأمم اليوم على تخريج المتعلمين في الكليات بهذه النسبة، فليس ثمة دلائل على التقدم الذهني ظاهرة في المجتمعات البدائية أو في تلك المجتمعات التي لا بد لها من تركيز جهودها المباشرة لتحصيل ضروراتها من الطعام والمأوى، مما يسمح لنا — نظريًّا — أن نقدر وجود ودائع من الطاقة الفكرية لم تمس إلى الآن في أرجاء العالم، وبينما تتناقص هذه الودائع في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية تظل في العالم بجملته ودائع عظيمة منها. فإذا استطاعت الهند بما فيها من سكان يبلغون ثلثمائة وستين مليونًا أن تخرج من المهندسين والعلماء عددًا يضارع في نسبته أقصى ما نستطيع تخريجه — أي أربعة أمثال عددهم الحاضر — ففي وسعها أن تخرج أربعمائة وخمسمائة ألف كل سنة، وهو عدد يكاد يساوي عدد المتعلمين من حاملي البكالوريا العلمية عندنا في الوقت الحاضر.

وظاهر — من ثم — أن رصيد الطاقة الفكرية العالمية عظيم جدًّا، وكلما مضت الأمم الأخرى في التصنيع تضاعف العمل الذي يبقى على الطاقة الفكرية أن تنجزه، وقد يتيسر لنا في الولايات المتحدة أن نستورد الخبراء من الخارج، ونعتمد على الاستيراد كوسيلة موقوتة إلى حين، إذ لا بد أن يأتي الزمن الذي يوجب استبقاء هؤلاء الخبراء في البلدان التي نشئوا بين ظهرانيها، ومتى نظرنا إلى الأمد الطويل جاز لنا أن نقدر أن العالم سيعتمد على محصوله من الطاقة الفكرية في أعمال التصنيع، كما نعتمد نحن على طاقتنا الفكرية الآن.

وبعد عرض هذه التقديرات عن مطالب العالم من الطاقة الفكرية استجابة لضرورات التصنيع والتموين، عرج مؤلفو الكتاب على تقدير عوامل النكسة التي قد تعرض لبرامج التنظيم في المجتمعات المصنعة على احتمال وقوع الحرب أو توقعها، وما يستدعيه هذا التوقع من صرف الجهود إلى أعمال الدفاع والتسليم.

قالوا من فصل عنوانه: نظرة إلى الأمد البعيد:

إن المجتمع المصنع أشد استهدافًا للخلل والتهدم مما يخطر للكثيرين؛ لاشتماله على شبكة متوشجة من المناجم والمصانع يصل بينها مباشرة — وغير مباشرة — نظام متماسك من المواصلات، مما ينجم عنه شل الحركة في المجتمع كله إذا أصيبت مفاتيحه المحكمة، ويتبع ذلك امتناع وسائل الإصلاح بعد وقوع التعطيل، فلا تتأتى إعادة الشبكة إلى العمل قبل تعريض المجتمع كله للهلاك.

واستطرد المؤلفون من ذلك إلى بيان أثره في البلاد التي لم يتم تصنيعها، فضربوا المثل بإقليم كجزيرة سيلان، وقالوا: «إنها إذا حدث — مثلًا — أنها لم تستطع أن تحصل على المادة المطهرة المعروفة بالدي دي تي، فقد يفضي هذا النقص إلى تفشي الوباء، وزيادة الوفيات فجأة زيادة جائحة تمتنع معها أساليب الوقاية السهلة، فيسري الوباء إلى البلاد التي تجاورها، وتأوي مئات الملايين كالهند والصين، وتتعرض هذه البلاد للدمار الجائح كما تعرضت له مجتمعات وافية التصنيع.»

قالوا: وأهم من ذلك أن القدرة على الحرب تزداد بازدياد القدرة على التصنيع، فالأمة التي تملك معدات الحرب لا بد أن تملك نظامًا صناعيًّا واسع النطاق، أو أن تزود بهذه المعدات ممن يملكونها. وكلما امتدت حركة التصنيع زاد عدد الأمم التي تقدر على الحرب، وعلى تزويد نفسها بأسلحتها من المدافع والطائرات والقذائف النووية، وقد رأينا أن اليابان وبلاد الاتحاد السوفيتي كانت بين أحدث الأمم التي دخلت ميدان التصنيع، وآل بها الأمر إلى المواقف الخطرة كلما تهيأت لها معدات القدرة على شن الحروب الحديثة، ترى ماذا عسى أن يحدث إذا تسنى لأمم كالهند والصين أن تملك هذه المعدات؟

ومن جوانب الخطر التي تواجهنا ذلك التلهف المعقول من قبل الشعوب على تحسين أحوالها، فالتصنيع عمل بطيء عند النظر إلى عمر الإنسان، ومدة سنوات خمس أو عشر، تبدو من حيث التصنيع خطوة سريعة جدًّا من خطى النمو والتقدم، ولكن الإنسان الفرد يحتاج إلى أمد من الزمن كي يشعر بالتحسن في معيشته، ويعود سبب من أسباب ذلك إلى أن الجهود الأولى من محاولات التصنيع ينبغي أن تخصص لإقامة العدد والمعامل التي تستعد للإنتاج بعد ذلك، فتبنى المعامل التي تصنع الآلات والأدوات، ويقصر إنتاج السلع والبضائع المستنفدة على أقله وألزمه، ومعنى ذلك بلغة الاقتصاد أن يكون هناك ادخار ورأس مال متجمع، يترتب عليه تأجيل انتفاع المستنفد بالصناعة إلى حين، ثم يترتب على هذا التأجيل في المدن الناشئة على الخصوص شعور بالقلق يؤدي إلى الاضطراب والعنف، ويشتد هذا القلق مع إبطاء تهيئة المطلوب من الأغذية على حسب الاستعداد الحاضر. وقد رأينا أنه من الممكن في السنين الخمسين التالية زراعة وجه الأرض للحصول على غذاء يكفي سكان الكرة الأرضية المتكاثرين إذا استطعنا تجويد العمل الذي نقوم به الآن، وقد يتسنى لنا تدبير الغذاء في القرن المقبل إذا توخينا في الإنتاج وسائل أفضل من بعض الوسائل غير الاقتصادية التي نتوخاها الآن، ولكن مما يؤسف له أن إنتاج الطعام الكافي لا يمنعه مانع من الوجهة النظرية، في حين أنه من وجهة التنفيذ لا يستطاع سنة بعد سنة حسب الزيادة في عدد الأنفس خلال تلك السنة، وما لم يتيسر لنا إقلال النسل أو التعجيل بالإنتاج فعلينا أن نتوقع من أعمال التصنيع أن أقاليم يجوع سكانها، ويظلون زمنًا طويلًا في المستقبل جائعين، وثمة خطر آخر نواجهه إذا أفضى قلق الشعوب المتخلفة إلى إقامة الحكومات المستبدة محاكاة للاتحاد السوفيتي؛ أملًا في التعجيل بخطوات الادخار والتصنيع وتعميم الزراعة، وقد وقع ذلك فعلًا في الصين، وتحاول الهند أن تحقق برامج التصنيع على أساس النظم الديمقراطية في بيئة اقتصادية بعضها على نمط اشتراكي، وبعضها خاضع للولاية الخاصة، فإذا استمر التصنيع واستمرت زيادة السكان وقلت الأطعمة واشتد القلق والتذمر، فلا ندري هل تقوى الديمقراطية هنالك على مقاومة الطوارئ التي خلقتها، ويجوز أن تقضي عليها؟ ففي هذه الأيام التي يتأتى فيها قلب النظام الديمقراطي بين ليلة ونهار، يتعذر التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية؛ لما يتوافر للحكام من ذرائع الإقناع والإخضاع.

فإذا أمكن في الحقبة التالية أن نتجنب الحرب النووية، وأمكن الأقاليم المتخلفة في الوقت الحاضر أن تحقق برامج التصنيع، فقد اقتربنا من الزمن الذي يتم فيه تصنيع العالم، ويستطاع فيه أن نقيم أودنا باستخدام الأردأ فالأردأ من المواد الصالحة، حتى نلجأ أخيرًا إلى صخور القشرة الأرضية وإلى غازات الهواء وأمواه البحار، ويومئذ تكون صناعة المناجم قد زالت وخلفتها مصانع كيمية متشبعة الأغراض، تتزود من الصخر والهواء وأمواه البحار، وتفيض منها موارد تشمل الماء العذب والقوى الكهربائية، ومواد الوقود السائل والمعادن، ومتى أفضى الإنسان إلى هذه المرحلة من ثقافته، فقد بلغ إلى الطريق التي لا رجعة فيها، فلا استئناف بعدها للطريق إذا وقع الخلل والانتقاض في نظم التصنيع العالمية، فإن السير على برامج التنظيم إنما سهل الابتداء به، والمضي فيه بما كان في حوزة الإنسان من موارد الحديد والفحم والنحاس والنفط والكبريت، وغيرها من المواد النافعة، وكلها صائرة إلى النفاد بعد حين، ولكن معارفنا النفيسة تتيح لنا أن نستغني عنها ما دامت حضارة التصنيع قائمة، أما إذا وقعت الواقعة واختلف صوت الحضارة، فمن المشكوك فيه أن نقدر بعد ذلك على النهوض فوق طبقة المعيشة الزراعية.

إن المصادر اللازمة لإعادة الانتفاع بالصخر وماء البحر، وإعادة تركيب النظم المتشابكة من برامج التصنيع قد تكون أعظم جدًّا مما يستطاع السيطرة عليه. وتصور مثلًا أن القوة اللازمة لإعادة الشبكة الصناعية لا بد أن تستمد من مصادر نووية، وأن هذه المصادر لا بد أن تقام بوقود غير وقود الفحم والنفط وكل وقود عدا الصخور، ففي هذه الحالة — مع فقدان الطاقة الصالحة — يتعذر الانتفاع ببقايا الحضارة الصناعية، وسيأتي اليوم الذي قد تنسحب فيه المعرفة الفنية، وتجنح إلى الاحتجاب، وقد حدث في القرون الوسطى أن أمناء تلك العصور استخدموا وجهات الرخام الرومانية في المباني الجديدة حقبة من الدهر، بعد نسيان الكثير مما عرفه الرومان من هندسة البناء، وأن الذي يحدث عدا في مثل هذه الحالة لأعظم مما حدث من قبل بكثير.

وكذلك نرى أن مشكلات الغد كثيرة خطيرة، وأننا من الوجهة النظرية قادرون على تدبير حلولها بما نملكه من القدرة الفكرية، ومثال ذلك أن بعض الأخطار يسهل اتقاؤها بإقامة الهيئات الدولية التي يراد بها منع الحروب كهيئة الأمم المتحدة وسائر الهيئات التي تشرف عليها، وغير هذه الأخطار قد يسهل اتقاؤه ببذل الجهد في الإقلال من ظروف التعرض والاستهداف، وغيرها قد يسهل اتقاؤه بالاتفاق بين المجتمعات المصنعة على تمهيد دور الانتقال إلى التصنيع في المجتمعات المتخلفة بأقل ما يستطاع من المشقة، ويتم هذا الانتقال بإعارة رأس المال والإعانة بالخبرة الفنية، كما يتم أيضًا بابتداع أساليب مستحدثة في الصناعة والزراعة والتعليم وتحديد النسل، وهي أساليب لم تستخدم في الغرب حتى الآن لقلة الحاجة إليها، ولكنها قد تجدي كبير الجدوى في البلاد التي لا تزال آخذه ببرنامج التطور.

وقد شرعنا منذ خمس وعشرين سنة في جمع المعلومات النافعة للاهتداء إلى أفضل الأساليب لمعونة البلاد المتخلفة على إنتاج طعامها، وأخذنا ندرك بعض العقد والعوائق التي تحد من محاصيل الزراعة، ورأينا أن سير العمل بطيء في مشروعات الزراعة؛ لأنه يستدعي تعليم العدد الكبير من الزراع، وتعديل طرائقهم وأساليب تفكيرهم وآرائهم الثقافية، ومأثوراتهم التقليدية، وهي جميعًا مما يعسر تغييره في وقت قريب، وإننا لفي مسيس الحاجة إلى مزيد من الفهم والإحاطة بعوامل نشر الأساليب الزراعية الجديدة، وتشجيع المجتمعات المتخلفة على قبول المعرفة المستحدثة، وكذلك ينبغي النظر في أمر تحديد النسل عند البحث في ترقية الأحوال الاقتصادية، ولعل الصعوبة في تحديد النسل في المجتمعات الزراعية ترجع إلى الآراء والمعتقدات. على أن تحديد النسل عندها يفيد في التطور الاقتصادي، ويعتبر بمثابة الزيادة في محصول الزراعة والصناعة، ومن الواضح أن الشعوب التي تريد المحافظة على نقص نسبة الوفيات ينبغي أن تقابل ذلك بنقص المواليد، ومؤدى ذلك قبول تحديد النسل، وأن تكون الحيطة لاتقاء الجوع والفاقة بمقدار قبوله في أوسع نطاق.

بيد أننا أمعنا النظر وأبعدناه إلى أقصى المدى فيما نترقب للعالم الواسع من الأطوار خلال القرن المقبل، فالمشاكل الكبرى من قبل الصناعة أهون من مشاكل العلاقات بين الناس، ودواعي التفاهم بينهم على التعاون والاتفاق، وأن ينظموا أنفسهم بحيث تنصرف عبقريتهم، وتصورهم إلى المشكلات التي تواجههم، وتتلخص مشكلتهم الكبرى في موالاة قوانا الفكرية بالتوسيع والتوفير والتحسين والتعبئة والتجهيز.

إن العلماء السلوكيين والأخلاقيين أخذوا يكشفون الغطاء عن بعض مبادئ السلوك الإنساني، وسيزدادون بها علمًا، ويعولون عليها في تربية أطفال أهم وأسلم، وفي تمكين الناشئين من الانتفاع — أتم انتفاع — بملكاتهم ومواهبهم، ولنا أن نأمل الاهتداء إلى آراء خير من آرائنا الحاضرة في إدراك طبائع الإنسان، وأسرار التفكير المنتج، وأسرار التخيل والبصيرة الباطنة، وكلما ازددنا علمًا بدوافع حركات الجماعات وبواطن السلوك الاجتماعي والسياسي، أعان هذا العلم على توجيه العواطف والأحاسيس إلى العمل البنائي والأهداف الصالحة، وعلى صرفه عن أعمال الهدم والعدوان، والإكثار شيئًا فشيئًا من عدد الشبان القادرين على الابتكار والإبداع، ولكن هل تتوافق المساعي الموجهة إلى الإصلاح الحيوي والسلامة البدنية، والمساعي الموجهة إلى تنمية الإدراك وسلامة التفكير؟ وهل يتخذ الإنسان الخطوة اللازمة في الوقت اللازم لحسن التصرف في مسائل التصنيع التي تفتأ تتشابك وتتركب على الدوام؟ هل يسوس الإنسان دوافع شعوره قبل أن تهلكه وتقضي عليه؟ ذلك هو محور المشكلات جمعاء.

لقد رأينا أن الإنسان قادر — من حيث المبدأ — إذا أراد أن يعيش عيشة الوفر والإنشاء في نطاق الحرية، وظاهر أن الصعوبات جمة، والأخطار كثيرة، ولكن الأمر الواضح هو ما ينبغي على الإنسان أن يقوم به لتذليل العقبات، ويبقى علينا أن نرى غدًا هل يدرك هذه المشكلات في حينها ليبلغ إلى حظ من السلامة أوفر وأعلى، أو يسمح بضياع حظه الراهن من الحضارة، وذهابه إلى حيث لا نجاة ولا مآب، ومصير المجتمع الصناعي يدور حول السؤال عن اقتدار الإنسان على العيش مع أخيه الإنسان.

•••

هذه البحوث التي لخصنا بعضها، وترجمنا بعضها بقليل من التصرف، قد ألمت بمستقبل التعليم فيما يواجه ضرورات التموين والتصنيع، وفيما يواجه ضرورات التفاهم والتعاون بين الأمم خلال الفترة التي تنقضي في تعميم هذا التعليم والترغيب فيه، ويرى الخبراء أن إعداد العالم للمعيشة الحرة الرخية أمرٌ مستطاع ميسر الأسباب إذا صحت عزيمة الإنسان عليه.

وليس أوسع من آفاق التعليم وأغراضه عند الكلام على أثره في حاضر العالم ومستقبله، ومن هذه الآفاق الواسعة أفق التعليم فيما يحدثه الآن، وما يحدثه غدًا من الأثر السريع في تكوين المجتمع وتأليف طبقاته وهيئاته التي تتولى شئون معيشته ومعاملاته، وهو ذلك التكوين الذي يرتبط بكل مصير قريب نتصوره لسياسة الأمم في داخلها، وسياسة الأمم المشتركة بينها. ومن أهم البحوث التي اطلعنا عليها أخيرًا بحث للخبير الاقتصادي الأمريكي الأستاذ بيتر دراكر Druker عن تكوين الكثرة الاجتماعية من أصحاب المرتبات، ونتائج هذا التكوين فيما يتعلق بمذاهب الاجتماع، وأطوار الشعوب وخطط السياسة الكبرى. وقد افتتح الأستاذ بحثه مشيرًا إلى الزيادة المطردة منذ سنوات ثلاث في عدد أبناء الطبقة المكونة من ذوي المهن الصناعية والفنية والإدارية بين سكان الولايات المتحدة، وقال: «إنه يعني بها الطبقة التي تجملها كلمة الطبقة الوسطى من أصحاب المرتبات.» ثم قال:

منذ ثلاث عشرة سنة — يوم خرجنا من الحرب العالمية الثانية — كان عمال الصناعة لا يزالون أكبر طائفة من طوائف المجتمع الأمريكي، ينتمي إليها واحد من كل أربعة في المجتمع، وكان ذلك ختام فترة بدأت منذ مطلع القرن التاسع عشر حين نشأت عندنا معامل المصنوعات، أما الآن فواحد من كل خمسة ينتمي إلى طائفة أصحاب المرتبات المختصين بالفن والإدارة، ويقرب عددهم من ثلاثة عشر مليونًا.

إلى أن قال:

وفي سنة ١٩٧٥ أي بعد سبع عشرة سنة فحسب نترقب أن يبلغ نتاجنا الصناعي ضعفي نتاجنا في الوقت الحاضر، وأن يزداد عدد الصناع بيننا بمقدار الثلث، ولكن الطائفة التي تعلو نسبة زيادتها على نسبة الصناع، ونسبة السكان جميعًا هي الطبقة الوسطى من أصحاب المرتبات، ومتى تمت دراسة الصبية والبنات الذين يدخلون المدارس الآن، ومضت سبع عشرة سنة، تضاعف عدد أبناء هذه الطبقة ضعفين، ووجب أن تكون نسبتهم نحو الخمسين من جملة القوى الصناعية.

ثم لاحظ الأستاذ دراكر ظواهر الزيادة في أنواع المصنوعات التي صاحبت نمو هذه الطبقة، فقال: إنها تتمثل على الخصوص في زيادة المطبوع والمتداول من الكتب الشعبية، وإن أثر هذه الطبقة ينجلي شيئًا فشيئًا في ثقافة الأمة، وسياستها وقيمها وعلاقاتها الاجتماعية، إلى أن قال بعد الإشارة إلى نظريات كارل ماركس: «إنه قد مضى عليها الآن قرن من الزمان، وأنها كانت تقوم على نظرة جريئة تنبئ عن ظهور الصانع، وعامل المكنة قوة نامية محركة في المجتمع، ومضت بعد ذلك خمس وسبعون سنة كان الصناع وعمال المكنات فيها حقًّا أكثر الطوائف نموًّا، وإن لم يبلغوا قط نصاب الكثرة في مجتمع من المجتمعات الصناعية، غير أنهم كانوا على حدة أكثر الطوائف عددًا في كل مجتمع منها، مما أكسب الماركسية قوتها ونفاذها باعتبارها عقيدة وفلسفة على الرغم من مواطن ضعفها، واليوم — في الولايات المتحدة وغيرها — تنجم طبقة جديدة، وتسرع في نموها الذي يجعلها أكبر طائفة مستقلة بين مختلف الطوائف، وهؤلاء هم الفنيون أصحاب المرتبات الذين لا هم بأصحاب رءوس الأموال ولا بالصعاليك، ولا هم بالمستغِلين ولا بالمستغَلين.»

•••

وفي بحث آخر يجمل الأستاذ دراكر إحصاءات التعليم بالنسبة إلى هذه الطبقة، فينقل عن إحصاءات مكتب العمل أن حملة الشهادات العليا أصبحوا في السنة الماضية — ١٩٥٧ — هم الكثرة الغالبة بين المشتغلين بالصناعة في الولايات المتحدة، قال: «إنني لما بدأت العمل منذ نحو ثلاثين سنة كان التعليم الثانوي هو الندرة المستثناة، وكنت أنا يومئذ منفردًا وحدي بإتمام هذا التعليم بين الكتبة الشبان في مكتب من مكاتب التصدير، ولم يكن رؤسائي يكتمون عني أن هذا التعليم كان عقبة — لا عدة صالحة — في سبيل الأعمال التجارية، وكان الذهاب إلى الجامعة في ذلك الحين مقصورًا على القلة النادرة جدًّا بين المتعلمين، ولعلها كانت أكثر يومئذ من مثيلاتها في بلاد أوروبا الغربية.»

•••

والنتيجة الطبيعية لتعميم التعليم الصناعي على هذه السعة، وبهذه السرعة أن تصبح الكفاءة البدنية أقل الكفاءات المطلوبة لتدبير لوازم المجتمع، وتنظيم معاملاته وعلاقاته، وأن تتوزع الأعمال بين كفاءات كثيرة: فكرية، ونفسية، وذوقية، لا يتأتى حصرها في طائفة واحدة، ولا يتأتي — من ثم — أن تطغى على المجتمع لتسليط مشيئتها عليه دون أن يلحقها شيء من الضرر الذي يلحق سائر الطوائف، وقد يأتي اليوم الذي تناط فيه الجهود الإنسانية بالأعمال التي يغنى فيها الإنسان على تفاوت ملكاته، ولا تؤديها الآلات مستقلة بها أو بإشراف من يديرها، فلا يتولى الفنيون عملًا تقوم به المكنات في الوقت الحاضر والمكنات التي تترقى وتبلغ غايتها من الدقة بافتنان المخترعين والمقترحين من نوابغ الفكر والصناعة في المستقبل. وبعض هذه المكنات يقال عنه اليوم: إنه «يفكر» على سبيل المجاز، ويجري العمل فيه على نسق يشبه عمل الدماغ الإنساني في تلقي الإشارة، ونقل التنبيهات، وتنفيذ المقترحات، وكلما استدقت معارف العلماء بالكهربية الدماغية، وروقبت حركات الدماغ أثناء انفعالاته وتوجيهاته لحركات الأعضاء تبين الفارق بين عمله العقلي الخاص بالإنسان وعمله الجسدي من قبيل رد الفعل الذي تستطاع محاكاته في المكنات، وسيكشف الغد عن حدود هذه المكنات في أداء الأعمال التي لم توكل قبل الآن لغير الإنسان العاقل، فليس من المنتظر أن تجمع المكنة بين وظائف الأمر والتنفيذ، ووظائف الابتكار والتقليد، ولكنها ستؤدي — ولا شك — كثيرًا من المساعدات الفكرية التي تستنفد الآن جهود الملايين من حذاق المتعلمين.

يقول الدكتور جورج تومسون Dr. Gerorge Thomson من أصحاب جائزة نوبل في العلوم من فصل بعنوان: الفكر الصناعي والطبيعي في كتاب المستقبل المكشوف The Foreseeable Future:

من السائغ أن نترقب زمنًّا تحل فيه المعرفة الحقة بعمل الدماغ محل هذه المعرفة المترددة، وأصعب من ذلك أن نقدر أثر هذه المعرفة في الحياة الإنسانية، وأتكلم عما أعلم فأرى أن قليلًا من المعرفة السطحية قد ارتفعت ارتفاعًا عظيمًا بإعجابي وتقديري للإنسانية، فإن هذه المكنة المعقدة التي نملكها جميعًا — أو التي هي نحن أن شئت — بما احتوته من دقائق تبلغ عشرة آلاف الملايين، وبما بينها من خيوط الاشتباك في العمل لتفوق كل حد ترتقي إليه أية صنعة نقدر عليها، وتخالف كل ما نعهده من هذه الكائنات التي ندرسها نحن الطبيعيين مخالفة الصور في طلاء الجدران للبلورات الحقيقية.

ثم قال: إن عرفاننا كيف نشعر قد يكون أعظم أثرًا في أعمالنا من عرفاننا كيف نفكر ونتصور، وقد يدهشنا كيف يمكن أن نبقي نوازع العصبية الجامحة بعد العلم — من الوجهة الكهربية — بمجراها الذي جرت عليه عند تكوينها.

لننظر إلى الفكاهة مثل هذه النظرة، فإنما النكتة — كما هو ظاهر — مسألة انطلاق تيار أو إفلات مجموعة من الدوافع المتناقضة لنتخذ لها نسقًا آخر، فهل تبقى فيها أعجوبتها إذا علمنا بهذا النسق الآخر: ما هو وكيف يكون؟ إنني لأرجو ذلك حقًّا، فلا ينقص من متعتنا بالمسرحية أو القصة علمنا بأنها مؤلفة، ولعل الأمور التي يجب على الناس أن يكبروا من خطرها هي التي تصاب أشد المصاب من جراء ذلك، فإن المبادئ ليعسر الثبات عليها بعد العلم بأنها أشبه شيء بالدورة الكهربية، وقد ينجم من ثمة ضرر على الخصوص لتلك العقول — غير القليلة — التي يخيل إليها أن الرجوع بأصول الإنسان إلى أصول الإحياء الدنيا يغض من كرامة البشرية، وإنه لمن المهم عند من يحرصون على استبقاء المبادئ — وليس منا من لا يحرص عليها — أن يوطنوا أنفسهم على ما يكون من هذه الحقيقة، وأن يتعلموا كيف يحافظون على ما نشعر الآن أنه جدير بالمحافظة عليه، وإن تبدلت منه الصورة دون الجوهر، وإنه لمن الخطأ أن يرد على الخاطر أن العلم والقيم شيئان مختلفان لا يؤثر أحدهما على الآخر، فإن الكون الذي يحيط بأفكارنا وأحاسيسنا واحد، وليس فيه جزء ينفصل كل الانفصال عن سائر أجزائه.

•••

إلى هذا الأمد يمتد الأمل في التعليم والصناعة، وتتعدد الآمال فتتفق ولا تتفق، ولكنها على الحالين لا ينتفي منها الأمل في انتفاع الفكر بالصناعة، وانتفاع الصناعة بالتفكير.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤