رابعًا: القياس/الاجتهاد

رأينا فيما سبق كيف حاوَل الشافعي أن يؤسِّس «السُّنة» على «الكتاب» بتأويل كلمة «الحكمة» في القرآن، وقد حاوَل بالمثل أن يؤسِّس حجية «الإجماع» على «السُّنة» حتى يصبح الإجماع بدوره نصًّا،١ وفي تأسيس «الاجتهاد» لا يحتاج الشافعي للإجماع ليحقق ذلك فقد تداخَل الإجماع مع السُّنة، بحيث صار التمييز بينهما يتسم بالصعوبة؛ ولذلك يؤسِّسه مباشرة على «الكتاب».٢ وقد مرَّ بنا في نصوصٍ كثيرة استشهدْنا بها من كلام الشافعي في سياقات متعدِّدة كيف أنه يفرق بين نمطين من الأحكام، نمط يكون الحكم فيه مبنيًّا على الظاهر والباطن، وهو ما يسميه الشافعي «الحكم بإحاطة»، والنمط الثاني من الأحكام ينبني فيه الحكم على الظاهر فقط دون الباطن، وهو ما يُطلِق عليه اسم «الحكم بغير إحاطة» ويقع الاجتهاد/القياس داخل دائرة هذا النمط الأخير، ويمكن لنا بناء على هذا التقسيم أن نحدد دور القياس في منظومة الشافعي من خلال الشكل التالي:
figure

(١) القياس: طلبٌ بالعلامات

يتخذ الشافعي من نموذج الاتجاه إلى القبلة، بعيدًا عن المسجد الحرام؛ أي في حالة عدم وجوده داخل دائرة الإدراك الحسي، مثالًا يعود إليه دائمًا كلَّما أراد أن يشرح معنى القياس والاجتهاد، ومعنى ذلك أن القياس ينحصر في اكتشاف حكم موجود بالفعل في النصوص الدينية، وإن كان وجوده خافيًا أو مستترًا، وهذا التصوُّر لحدود الاجتهاد/القياس يتطابَق مع تلك المسلَّمة التي تحوَّلت إلى مبدأ فحواه أنه ليست: «تنزل بأحدٍ من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها.»٣ وتصوُّر الاجتهاد بأنه اكتشاف ما هو موجود بالفعل يحصر دور العقل المجتهد — أو القائِس — في حدود معرفة الدلائل والعلامات الكاشفة عن ذلك الموجود في الخارج؛ أي في الكتاب أو في السنة، وعلينا حين يتحدث الشافعي عن دلالة الكتاب أن لا يغيب عن بالنا ذلك التداخُل الدلالي الذي أقامه — وشرحنا حدوده وأبعاده سلفًا — بين الكِتاب والسُّنة؛ ولذلك لا يجب أن نعجب أو ندهش إذ يجعل الشافعي من الاجتهاد/القياس مجرَّد اكتشاف للدلالة المستترة في الكتاب، فللكتاب، بالمعنى الشامل نمطان من الدلالة: الأولى دلالة إبانة، والثانية دلالة إشارة:
إن الله أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء، والتبيين من وجوه: منها ما بين فرضه فيه، ومنها ما أنزله جملةً وأمر بالاجتهاد في طلبه، ودلَّ على ما يطلب به بعلاماتٍ خلقها في عباده دلَّهم بها على وجه طلب ما افترض عليهم، فإذا أمرهم بطلب ما افترض دلَّك ذلك — والله أعلم — دلالتين: إحداهما أن الطلب لا يكون إلا مقصودًا بشيءٍ أن يتوجه له أن لا يطلب الطالب متعسفًا، والأخرى أنه كلَّفه بالاجتهاد في التآخِي لما أمره بطلبه … قال الله عز وجل: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وشطره قصده وذلك تلقاؤه … وقال: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فهذا شيء ما كلفت الإحاطة به في أصله، وإنما كلفت الاجتهاد … ولا يكون الاجتهاد إلا لمن عرف الدلائل عليه من خبرٍ لازِم أو كتاب أو سُنة أو إجماع، ثم يطلب ذلك بالقياس عليه بالاستدلال ببعض ما وصفت.٤

وإذا كانت حدود الاجتهاد/القياس تقف عند حدود الاستدلال على عينٍ ثابتة موجودة بالدلائل الظاهرة فإن الانتقال من الدليل/ العلامة إلى المدلول/الحُكم ينبغي أن يكون محكومًا بإدراك العلاقة الرابطة بين الدليل والمدلول، أو بين العلامة وما تدل عليه. ويكاد الشافعي أن يحصر هذه العلاقات في المماثَلة والمشابَهة على مستوى الوقائع التي يجري القياس للحكم فيها، وتتدرج علاقات المشابَهة تلك من الوضوح والغموض على الوجه التالي: تماثلٌ يقوم على الكم؛ أي علاقة القليل بالكثير في التحريم، فما حُرِّم قليله فكثيره حرام:

«فأقوى القياس أن يُحرِّم الله في كتابه، أو يُحرِّم رسول الله القليل من الشيء، فيعلم أن قليله إذا حرِّم كان كثيره مثل قليله في التحريم أو أكثر بفضل الكثرة على القلة.»٥

ومثل هذه العلاقة يجب أن تنعكس في الإباحة والتحليل، بمعنى أن إباحة الكثير تعني إباحة القليل، وليس من الضروري أن يكون العكس صحيحًا دائمًا. وعلى أساس التماثل الكَمِّي يفهم الشافعي معنى «المثل» في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ (المائدة: ٩٥):

«فكان المثل — على الظاهر — أقرب الأشياء شبهًا في العظم من البدن. واتفقت مذاهب مَن تكلم في الصيد من أصحاب رسول الله على أقرب الأشياء شبهًا من البُدْن، فنظرْنَا ما قُتِل من دواب الصيد، أي شيء كان من النعم أقرب منه شبهًا فديناه به، ولم يحتمل المِثل من النعم القيمة فيما له مِثل في البُدْن من النَّعم إلا مستكرهًا باطنًا، فكان الظاهر الأعلم أَولى المعنيين بها، وهذا الاجتهاد الذي يطلبه الحاكم بالدلالة على المِثل. وهذا الصنف من العلم دليل ما وصفتُ قبل هذا. على أن ليس لأحدٍ أبدًا أن يقول في شيء: حَلَّ ولا حَرُم إلا من جهة العلم، وجهةُ العلمِ الخبرُ في الكتاب أو السُّنة، أو الإجماع، أو القياس.»٦

وإذا كانت «المماثَلة» الكمية، وعلاقات القلة والكثرة، تدخل باب القياس من قبيل التساهل، فإن علاقة «المشابَهة» — وهي مستوى أقل من المماثَلة — هي العلاقة التي يبدأ بها القياس المعتَد به. والشافعي لا يقف موقِف الدفاع عن دخول علاقة المماثَلة داخل دائرة القياس والاجتهاد، بل يكاد يتفق بالسكوت مع من يرون أن قياس الكثير على القليل في التحريم لا يدخل في مفهوم القياس، وكذلك قياس القليل على الكثير في التحليل والإباحة. وقد تقع المشابَهة بين الواقعة المنصوص على حُكمها وبين الواقعة التي لا نص فيها من جهةٍ واحدة، فيشتركان في العلة، وهذا هو قياس الشبيه والنظير، وهذا هو القياس المباشر. وقد تكون علاقة المشابَهة أكثر تعقيدًا، فتشبه الواقعة موضوع القياس واقعتين منصوصًا على حكمهما، لكن جهة تشابهها مع إحداها تختلف عن جهة تشابهها مع الأخرى، ويكون على المجتهِد في هذه الحالة أن يُحدِّد أي وجهي الشَّبه أولى بالقياس، وهذا هو ما أطلق عليه بعد ذلك اسم: «قياس الأَوْلى».

والقياس ما طُلِب بالدلائل على موافقة الخبر المتقدِّم من الكتاب أو السُّنة؛ لأنهما علم الحق المفترَض طلبه، كطالب ما وصفتُ قبله من القبلة والعدل والمثل، وموافقته تكون من وجهين: أحدهما أن يكون الله ورسوله حرَّم الشيء منصوصًا أو أحلَّه لمعنى، فإذا وجَدْنا ما في مثل ذلك المعنى فيما لم ينص فيه بعينه كتاب ولا سنة؛ أحللناه أو حرمناه؛ لأنه في معنى الحلال والحرام، أو نجد الشيء يشبه الشيء منه والشيء من غيره، ولا نجد شيئًا أقرب به شبهًا من أحدهما؛ فنلحقه بأَوْلَى الأشياء شبهًا به، كما قلنا في الصيد.٧
هذا التدرج في علاقات الدالِّ والمدلول يبدو أنه تدرُّج يبدأ بالعام الشائع، وينتهي إلى الخاص النادر، يبدأ من المماثَلة (علاقة القليل والكثير) ويتوسط بالمشابَهة في معنى الحكم، أو علته، وينتهي بالتشابه المركَّب المتعدد الأوجه. وهذا الترتيب التدرجي يستدعي إلى الذهن نفس الترتيب لعلاقات التشابه عند البلاغيين، التي تنتقل من الحسي إلى المعنوي في علاقةٍ تتصاعد معها قيمة التشبيه بقدرته على تنبيه العقل لاكتشاف العلاقات الموجودة بين الأشياء، والتي يتفطن لها الشاعر دون أن يكون مبدعًا لها،٨ ومِثل البلاغِيِّين يرى الشافعي أن المجتهِد/القائس يصل إلى اكتشاف الدلالة المستتِرة في النصوص، والتي تشير إلى الوقائع الجديدة، ولكنه لا يجب أن يتجاوز إطار النصوص/العلامات ليبدع حلولًا جديدة، لو فعل ذلك لم يكن قائسًا، بل يكون مستحسنًا متلذذًا قائلًا برأيه:
ليس لأحدٍ دون رسول الله أن يقول إلا بالاستدلال، بما وصفتُ في هذا، وفي العدل، وفي جزاء الصيد، ولا يقول بما استحسن، فإن القول بما استحسن شيء يُحدِثه لا على مثالٍ سبق.٩ وإنما الاستحسان تلذُّذ، ولا يقول فيه (= القياس) إلا عالِم بالأخبار عاقِل للتشبيه عليها، إذا كان هذا هكذا كان على العالِم أن لا يقول إلا من جهة العلم — وجهةُ العلم الخبرُ اللازم — بالقياس بالدلائل على الصواب حتى يكونَ صاحِب العلم أبدًا متبعًا خبرًا وطالِب الخبر بالقياس، كما يكون متبع البيت بالعيان، وطالب قصده بالاستدلال بالأعلام مجتهدًا.١٠

وإذا كان مفهوم «الاستدلال على عينٍ ثابتة بالعلامات والدلائل» مفهومًا يضيق دائرة القياس فإن الشافعي يحاول بتعداده لأنماط التشابُه الثلاثة السابقة أن يُوهِم باتساع مدى القياس وتعدد ضروبه؛ ولأنه يعلم أن «المماثَلة» الكمية تعني الدخول المباشر في حكم النصوص، فإنه لا يتوقف طويلًا عند قول من ينكرون وقوعه في مجال القياس، ويمضي ليكشف في النهاية عن تصوره للقياس بأنه: «ما عدا النص من الكِتاب والسُّنة» يقول:

وقد يمتنع بعض أهل العلم أن يسمي هذا (= المماثلة الكمية) «قياسًا» ويقول: هذا معنى ما أحل الله وحرَّم، وحمد وذم؛ لأنه داخلٌ في جملته، فهو بعينه، لا قياس على غيره، ويقول مثل هذا القول في غير هذا، مما كان في معنى الحلال فأحل، والحرام فحرَّم، ويتمنع أن يسمي «القياس» إلا ما كان يحتمل أن يُشبِه بما احتمل أن يكون فيه؛ شبهًا من معنيين مختلفين، فصرفه على أن يقيسه على أحدهما دون الآخر، ويقول غيرهم من أهل العلم: ما عدا النص من الكِتاب والسُّنة، فكان في معناه فهو قياس، والله أعلم.١١

ومعنى ذلك أن الشافعي يخوض معركةً على مستوى الفكر، يبدو فيها كما لو كان يوسِّع دائرة القياس في حين أنه يُضيِّقها حقيقة. إن القياس الحقيقي في نظر «بعض أهل العلم» — على حد تعبير الشافعي — هو «قياس الأولى»؛ لأنه يمثِّل اجتهادًا حقيقيًّا، وهم لذلك يخرجون قياس المماثلة، وقياس التنظير، من دائرة الاجتهاد، وواضحٌ أن الشافعي ممن يعتبرون أن «القياس» هو كل ما عدا النص من الكِتاب والسُّنة، ويدخل بذلك في مجال الاجتهاد/القياس كل محاولات استنباط الدلالة، هكذا يبدو الشافعي ظاهريًّا كما لو كان يكرس الاجتهاد، والواقع أنه يفعل على النقيض من ذلك حين يحصره في دائرة اكتشاف ما هو موجود في النص بالفعل من الأحكام. ولكي يتبين هذا التوجُّه بشكلٍ جَلِي، نرى الشافعي يحكم على أي اجتهادٍ يقع خارج دائرة النصوص ودلالتها الحَرْفية بأنه استحسانٌ وقولٌ بالرأي والتشهي، وهو حكم كاشف عن طبيعة المعركة التي يخوضها الشافعي ضد أهل الرأي تكريسًا لسلطة النصوص. فالشافعي يرفض — مثلًا — رد باقي الميراث للأخت التي تُوفِّي أخوها ولم يترك ورثة غيرها؛ ذلك لأن الأخت تَرِث في مثل هذه الحالة نصف ما ترك الأخ، فإذا حاول مجتهدٌ أن يقول: أعطيها النصف ميراثًا، وأعطيها النصف الآخر ردًّا بحكم صلة الرحم، يَردُّ الشافعي مثل ذلك الاجتهاد؛ لأنه يخالف النص الذي يعطيها النصف فقط، وليس يجدي مع الشافعي أن يقال إن النصف الثاني لم يعطَ للأخت على سبيل الميراث، بل قياسًا على صلة الرحم:

«فلو قلت في رجلٍ مات وترك أخته: لها النصف بالميراث وأردُد عليها النصف؛ كنتُ قد أعطيتها الكل منفردة، وإنما جعل الله لها النصف في الانفراد والاجتماع، فقال: فإني لستُ أعطيها النصف الباقي ميراثًا إنما إياه ردًّا، قلت: وما معنى «ردًّا»؟! أشيء استحسنتَه، وكان إليكَ أن تضعه حيث شئت؟ فإن شئت أن تعطيه جيرانه أو بعيد النسب منه، أيكون لك ذلك؟ قال: ليس ذلك الحاكم، ولكن جعلته ردًّا عليها بالرحم ميراثًا؟ قال: فإن قلته؟ قلت: إذن تكون ورَّثتَها غير ما ورَّثَها الله.»١٢

وليس مهمًّا هنا أي الرأيين أصوب، الشافعي أم مُحاوِرُه المتخيَّل، فالذي يهمنا هو طريقة الشافعي في التمسك بحرفية النصوص ضد اجتهادٍ لا يعارضها ولا يهملها، فإذا أضفنا إلى ذلك ما سبقَت لنا الإشارة إليه من موقف الشافعي من توريث «العبد» — وما يؤدي إليه ذلك من توريث مَن لم يُورِّثه الله، وهو السيد الذي يملك العبد كما يملك ماله — أدركنا أن ما يبدو من توسيعه لمجال فعالية القياس ليس إلا نوعًا من التكريس الأيديولوجي لسُلطة النصوص. وكل اجتهادٍ لا يقبله الشافعي — من موقف التعصُّب لسُلطة النصوص ولشموليتها كل مجالات الحياة الإنسانية، يصنفه في إطار الاستحسان الذي أفرد كتابًا في إبطاله، وهذا الحرص على رفض الاستحسان ومهاجَمته، ووضعه في دائرة التَّشهِّي والتلذُّذ، يكشف عن موقف الشافعي من الصراع الفكري في عصره، ويحسم بشكلٍ نهائي مسألة تَوسُّطِيته وتوفِيقيَّته، ويكشف عن «التَّلفيقِية» الواضحة في ذلك الموقف، والحقيقة أن الشافعي برفضه الاستحسان وتأكيده على «القياس» المكبَّل دائمًا بسُلطة الفهم الحرفي للنصوص كان يناضل من أجل القضاء على التعددية الفكرية والفقهية، وهو نضال لا يخلو من مغزًى اجتماعي فكري سياسي واضح.

(٢) القياس على أصلٍ سابق، حسم للخلافات

في المقارنة بين «القياس» و«الاستحسان» يبدو القياس دائمًا في نظر الشافعي يستند على أصولٍ ثابتة، لا يستند «الاستحسان» إلى مثلها، وبناء على هذا التصور يبدو الأمر للشافعي وكأن «القياس» عاصمٌ ضد الخلاف؛ ولذلك نجده كثيرًا ما يتحدث عنه بوصفه نصًّا شبيهًا بالإجماع، في حين يقرن دائمًا بين «الاستحسان» والخلاف المكروه:

«أفرأيتَ إذا قال الحاكم والمفتي في النازلة ليس فيها نص خبر ولا قياس، وقال أستحسن، فلا بد أن يزعم أن جائزًا لغيره أن يستحسن خلافَه، فيقول كلُّ حاكم في بلدٍ ومفتٍ بما يستحسن، فيقال في الشيء الواحد بضروبٍ من الحكم والفُتيا، فإذا كان هذا جائزًا عندهم فقد أهملُوا في أنفسهم، فحكموا حيث شاءوا، وإن كان ضيقًا فلا يجوز أن يدخلوا فيه.»١٣

هكذا يصبح الاستحسان قرين «التنازع» الذي أشار إليه القرآن، وطالب المسلمين حين وقوعه أن يردوا الأمر المتنازع فيه إلى الله (= الكتاب) وإلى الرسول (= السنة) (النساء: الآية: ٥٩)، ويفهم الشافعي أن المقصود بذلك هو «القياس»:

«فإن لم يكن فيما تَنازَعوا فيه قضاء، نصٌّ فيهما ولا في واحدٍ منهما؛ ردوه قياسًا على أحدهما، كما وصفتُ مِن ذِكْر القبلة والعدل والمثل، مع ما قاله الله في غير آية مثل هذا المعنى.»١٤

وإذا كان القياس هو العاصم من التنازع، عكس «الاستحسان» الذي يفضي إليه، فما ذلك إلا لأن القياس يعتمد أبدًا على أصلٍ ثابت من الكتاب أو السُّنة، وليس مسموحًا للمسلم أبدًا أن يتباعد عن تلك الأصول الثابتة، أو أن يُعمل العقل أو يجتهد بالرأي المبني على الخبرة، وإلا صار مثل السائمة المتروكة سُدًى، والشافعي يستند إلى الآية ٣٦ من سورة القيامة، قوله تعالى أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ليقول:

والسُّدى الذي لا يؤمَر ولا يُنهَى، وهذا يدل على أنه ليس لأحدٍ دون رسول الله أن يقول إلا بالاستدلال … ولا يقول بما استحسن، فإن القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثالٍ سبق،١٥ «فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علمتُ أن السُّدَى الذي لا يؤمَر ولا يُنهَى، ومَن أفتى أو حكم بما لم يُؤْمَر به فقد أجاز لنفسه أن يكون في معنى السُّدى، وقد أعلمه الله أنه لم يتركه سُدًى.»١٦

وإذا كان هذا الفهم للتعارض بين «القياس» و«الاستحسان» ينطلق من موقفٍ أيديولوجي واضح، فإن هذا الموقف يعكس رؤية للعالم والإنسان، تجعل الإنسان مغلولًا دائمًا بمجموعةٍ من الثوابت التي إذا فارقها حَكم على نفسه بالخروج من الإنسانية، وليست هذه الرؤية للإنسان والعالم معزولة تمامًا عن مفهوم «الحاكمية» في الخِطاب الديني السَّلفي المعاصر، حيث ينظر لعلاقة الله بالإنسان والعالم من منظور علاقة السيد بالعبد الذي لا يتوقع منه سوى الإذعان، وكما كانت رؤية الشافعي تلك للعالم كرَّست واقعها التاريخي سُلطة للنظام السياسي المسيطِر والمهيمِن، فإنها تفعل الشيء ذاته في الواقع المعاصر من خلال اتصالها في الخِطاب السَّلَفي، وقد حدث هذا ويحدث بصرف النظر عن النوايا والتعارُض الذي يبدو على السطح بين الخِطاب السَّلفي والخطاب السياسي السُّلطَوي.

وإذا كانت محاوَلة الشافعي لنفي الخلاف وللقضاء على التعددية تبدو في ظاهرها توفيقية، فإن هذا الظاهر ينكشف تمامًا وهو يدافع ببسالةٍ منقطعة عن اختلاف القائسِين في القضية الواحدة، والشافعي في دفاعه عن اختلاف القائسين كثيرًا ما يعود إلى نموذجه المفضَّل الدال على طبيعة القياس وعلى حدوده، نموذج الاتجاه إلى القبلة بالعلامات الدالة على الاتجاهات؛ مثل: الشمس، والنجوم، والرياح، بالإضافة إلى علاماتٍ أخرى كالجبال … إلخ، إن على المصلِّي أن يجتهد وسع طاقته في التَّوجُّه قِبَل المسجد الحرام، فإذا أصاب الاتجاه فله أجران، وإن أخطأه فله أجر المجتهد، والاجتهاد في هذه الحالة يهدف إلى التوجه إلى عينٍ ثابتة موجودة يجب أن يتحراها الإنسان بكل الوسائل والأدوات الممكنة، وهي الأدوات التي تتحدَّد على مستوى الفقيه بما يلي:

ولا ينبغي للمفتي أن يفتي أحدًا إلا متى يجمع أن يكون عالمًا عِلْمَ الكتاب، وعِلْمَ ناسخه ومنسوخه، وخاصه وعامه وأدبه، وعالمًا بسنن رسول الله ، وأقاويل أهل العلم قديمًا وحديثًا، وعالمًا بلسان العرب، عاقلًا يميِّز بين المُشتبِه، ويعقل القياس، فإن عدم واحدًا من هذه الخصال لم يحلَّ له أن يقول قياسًا، وكذلك لو كان عالمًا بالأصول غير عاقل للقياس الذي هو الفرع لم يَجُز أن يقال لرجلٍ قِسْ وهو لا يعقل القياس، وإن كان عاقلًا للقياس، وهو مُضيِّع لعلم الأصول أو شيء منها لم يَجُزْ أن يقال له قِسْ على ما لا تعلم.١٧

ومعنى هذا التوجه الدائم صوب عين ثابتة، أو في اتجاه أصول محدَّدة، إن الاختلاف الناتج عن الاجتهاد/القياس ليس من باب الاختلاف المحرَّم، بل هو من باب اختلاف «الرحمة»، وهذا التصنيف لأنماط الاختلاف يضع الخلاف الناتج عن الاستحسان — بالضرورة — في نمط الخلاف المحرَّم، الأمر الذي ينفي بشكلٍ كامل ونهائي أي شبهة للوسطية أو التوفيقية، وإذا كان القول بالاستحسان، أو الاعتداد بالأعراف منهج أبي حنيفة، يؤدي إلى الاختلاف المُفضِي إلى التعدد، فإن الاختلاف الناتج عن القياس لا يؤدِّي إلى ذلك، القياس في نظر الشافعي قد يفضي إلى اختلافاتٍ بين القائسين، لكن هذه الاختلافات لا تؤدي إلى تعدُّد «الحق»، فالحق واحدٌ ثابت في ذاته، كما أن البيت الحرام واحد في ذاته وإن اختلف المصلون في تحديد اتجاهه في وقتٍ محدد ومكان بعينه، وهذا الإلحاح على «وحدة الحق» رغم اختلاف القائسين هو الذي يعطي للقياس — في نظر الشافعي — مشروعيةً يحرم منها الاستحسان:

«فإن قال قائلٌ: أرأيتَ ما اجتهد فيه المجتهدون، كيف الحق فيه عند الله؟ قيل: لا يجوز فيه عندنا — والله أعلم — أن يكون الحق فيه عند الله إلا واحدًا؛ لأن علم الله عز وجل وأحكامه واحد لاستواء السرائر والعلانية عنده، وأن علمه بكل واحد جل ثناؤه سواه، فإن قيل: من له أن يجتهد فيقيس على كتابٍ أو سنة، هل يختلفون ويسعهم الاختلاف، أو يقال لهم إن اختلفوا مصيبون كلهم أو مخطئون، أو لبعضهم مخطئ وبعضهم مصيب؟ قيل: لا يجوز على واحدٍ منهم، إن اختلفوا، إن كان ممن له الاجتهاد، وذهب مذهبًا محتملًا أن يقال له أخطأ مطلقًا، ولكن يقال لكل واحدٍ منهم قد أطاع فيما كُلِّف وأصاب فيه، ولم يُكلَّف علم الغيب الذي لم يَطَّلِع عليه أحد … فإن قيل: ذم الله الاختلاف، قيل: الاختلاف وجهان: فما أقام الله تعالى به الحجة على خلقه حتى يكونوا على بينةٍ منه ليس عليهم إلا اتباعه، ولا لهم مفارقته، فإن اختلفوا فيه فذلك الذي ذم الله عليه، والذي لا يحل الاختلاف فيه، قال الله تعالى: وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، فمن خالَف نص كتاب لا يحتمل التأويل، أو سنة قائمة فلا يحل له الخلاف، ولا أحسبه يحل له خلاف جماعة الناس، وإن لم يكن في قولهم كتاب أو سُنة، ومَن خالَف في أمرٍ له فيه الاجتهاد فذهب إلى معنى يحتمل ما ذهب إليه ويكون عليه دلائل، لم يكن في (ذلك الخلاف مذمومًا) … وذلك أنه لا يخالف حينئذٍ كتابًا نصًّا ولا سنة قائمة، ولا جماعة ولا قياسًا بأنه إنما نظر في القياس فأداه إلى غير ما أدى صاحبه إليه القياس، كما أداه في التوجه للبيت بدلالة النجوم إلى غير ما أدى إليه صاحبه.»١٨

ومن غير المفيد أن نناقش الشافعي قائلين إن «الاستحسان» لا يخالف نصًّا في كتاب أو سنة قائمة، وأنه مثل القياس ليس مطلوبًا فيه علم الحق الذي هو في غيب الله، وأن تعدُّد الآراء الناتجة عن الاستحسان لا يجب أن يقدح في مشروعيته، كما لم يقدح تعدُّد الاجتهادات في مشروعية القياس، من غير المفيد أن ندخل في سجال، فالأمر لم يكن أمْر مفاضَلة على المستوى المعرفي الخالص، بل كان أمْر تكريس سُلطة النصوص، وتحويل «القياس» — بالمفهوم الشافعي — إلى نصٍّ ملزم بدوره، من هنا يُقرِّر الشافعي دائمًا ويكرر عدم جواز خلاف ما اجتمع عليه السابقون، ولو كان قياسًا، ذلك أن الإجماع — الذي أنكر وجوده كما سبقت الإشارة — يعود ليمثل أحد الأصول، التي يجب أن يستند إليها القياس، ولكن ماذا عن الاختلافات الاجتهادية التي وقعت بين الصحابة، الرعيل الأول من المسلمين؟ خاصة تلك الخلافات التي لم تكن اختلافات قياس على «مثال سابق»، أو على «أصلٍ ثابت»؟ لقد اختلف أبو بكر — الخليفة الأول — مع عمر — الخليفة الثاني — في أمرٍ جوهري من أمور المسلمين، هو أمر توزيع الثروة والدَّخل، كان المعيار الذي اقترحه أبو بكر معيار المساواة المطلَقة، في حين كان معيار عمر السَّابقَة في الإسلام، والتفرقة بين الحُر والعبد، ورغم أن هذا الخلاف ليس مجرَّد خلاف فقهي قياسي حول حكم ديني، فإن الشافعي حريصٌ على إفراغه من دلالاته وحبسه في إطار اختلاف القياس؛ ولذلك يقرن بينه وبين اختلافهم حول ميراث الجد من حفيده في حالة سَبْق وفاة الأب لوفاة الابن في حياة الجد.

قلت لبعضهم: هل علمتَ أن أبا بكر في إمارته قسَّم مالًا فسوَّى فيه بين الحر والعبد، وجعل الجد أبًا (= في ميراث الحفيد)؟ قال: نعم، قلت: فقَبِلوا منه القسم ولم يعارضونه في الجد في حياته؟ قال: نعم، ولو قلت: عارضوه في حياته قلت: فقد أراد أن يحكم وله مخالف، قال نعم، ولا أقوله، قلت: فجاء عمر ففضل الناس في القسم على النَّسب والسابقة، وطرح العبيد، وشرك بين الجد والإخوة، قال: نعم، قلت: وولي عليٌّ فسوَّى بين الناس في القسم، قال نعم، قلت: فهذا على أخبار العامة عن ثلاثتهم عندك؟ قال: نعم، قلت: فقل فيها ما أحببت، قال: فتقول فيها أنت ماذا؟ قلت: أقول إن ما ليس فيه نص كتاب ولا سنة، إذا طلب بالاجتهاد فيه المجتهدون وسِع كُلًّا إن شاء الله تعالى أن يفعل، ويقول بما رآه حقًّا … الاختلاف وجهان، فما كان لله فيه نص حكم أو لرسوله سُنة أو للمسلمين فيه إجماع، لم يَسعْ أحدًا عَلِم من هذا واحدًا أن يخالفه، وما لم يكن فيه من هذا واحد كان لأهل العلم الاجتهاد فيه بطلب الشبهة (= المشابهة) بأحد هذه الوجوه الثلاثة، فإذا اجتهد من له أن يجتهد وسعه أن يقول بما وَجد من الدلالة عليه بأن يكون في معنى كتاب أو إجماع، فإن ورَدَ أمرٌ مشتبه يحتمل حكمين، فاجتهد فخالَف اجتهاد غيره، وسعه أن يقول بشيءٍ وغيره بخلافه.١٩

وإذا كان من الصعب إدراك هذا الاختلاف بين الصحابة في توزيع الثروة داخل دائرة «القياس» لأنه نابعٌ من خلاف التوجهات الاجتماعية بالأساس، فهو خلاف يدخل في منطقة «الرأي» — فإن حرص الشافعي على حبسه داخل تلك الدائرة هو في تقديرنا نوع من التبرير الناتج عن موقفٍ أيديولوجي يتحاشى الخوض في خلافات الصحابة من جهة، ويقدس ذلك الجيل بوضع اختلافاتهم موضع التساوي من جهةٍ أخرى، لكن موقف الشافعي المنحاز لأحد الموقفين السالفين يمكن اكتشافه من رفضه القياس في أمرٍ من أمور الزكاة، وهي قضية ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمسألة العدل الاجتماعي. يرفض أن تؤخذ الزكاة — مثلًا — من «الجوز» أو «اللوز» وغيرهما من أنواع الغراس — المزروعات — التي لم تذكر في النصوص، وإذا كان «القياس» يُسوِّي بين أنواع الغراس كلها، فإن الشافعي يتمسك بحرفية النصوص.

«وقد أخذ بعض أهل العلم (الزكاة) من الزيتون، قياسًا على النخل والعنب، ولم يزل للناس غراس غير النخل والعنب والزيتون وغيره، فلما لم يأخذ رسول الله منه شيئًا، ولم يأمر بالأخذ منه استدْلَلْنا على أن فرض الله الصدقة فيما كان من غراسٍ في بعض الغراس دون بعض.»٢٠

هكذا يبدو الشافعي مؤسسًا للقياس على مستوى منطوق خطابه الظاهر، لكن القراءة الأعمق تكشف أنه يؤسِّس سُلطة النصوص لتشمل كل مجالات الحياة الاجتماعية والمعرفية، ويبدو كذلك كما لو كان يوسع من مجال فعالية القياس، بينما يحصره داخل دائرة النصوص لا يتعداها، والأخطر من ذلك أن ذلك «القياس» الضيق المحبوس عنده هو الشكل الوحيد للاجتهاد، وقد رأينا أنه يبدو متسامحًا إزاء اختلافات الصحابة، بينما ينحاز في الحقيقة — ودون إعلان — لبعض تلك المواقف، وقد أدرك أبو زهرة ما أسسه الشافعي من سيطرةٍ لسُلطة النصوص، وذلك حين قال:

وهكذا ينتهي الشافعي إلى أن المسلك الذي يجب أن يسلكه الفقيه برأيه هو القياس وحده، وذلك لتكون الدلالة من النص بالحكم، فهو لا يرى معتمدًا في الشرع إلا على النص، فإن لم يكن بظاهر الدلالة المستنبَطة منه فباستخراج المعاني من النصوص، وتعرف عللها، ثم بالحكم بمثل ما نَصَّت عليه في كل ما يشترك مع النصوص في علة الحكم، فحجة العلم في الفقه هو النص القرآني، أو النبوي بألفاظه، أو بالحَمْل على القياس، ومن قال بلا خبر لازم، ولا قياس على الخبر، كان أقرب للإثم.٢١

هذه الشمولية التي حرص الشافعي على منحها للنصوص الدينية — بعد أن وسع مجالها فحول النص الثانوي الشارح إلى الأصلي، وأضفى عليه نفس درجة المشروعية، ثم وسع مفهوم السنة بأن ألحق به الإجماع، كما ألحق به العادات، وقام بربط الاجتهاد/القياس بكل ما سبق رباطًا محكمًا — تعني في التحليل الأخير تكبيل الإنسان بإلغاء فعاليته وإهدار خبرته، فإذا أضفنا إلى ذلك أن مواقف الشافعي الاجتهادية تدور في أغلبها في دائرة المحافظة على المستقر والثابت، تسعى إلى تكريس الماضي بإضفاء طابع ديني أزلي — كما رأينا في اجتهاداته في ميراث العبد، وفي ميراث الأخت الوحيدة، وفي مسألة زكاة الغراس — أدركنا السياق الأيديولوجي الذي يدور فيه خطابه كله، إنه السياق الذي صاغه الأشعري من بعد في نسقٍ متكامل، ثم جاء الغزالي بعد ذلك فأضفى عليه أبعادًا فلسفية أخلاقية كُتب لها الاستمرار والشيوع والهيمنة على مُجمَل الخِطاب الديني حتى عصرنا هذا، وهكذا ظل العقل العربي الإسلامي يعتمد سُلطة النصوص، بعد أن تمت صياغة الذاكرة في عصر التدوين — عصر الشافعي — طبقًا لآليات الاسترجاع والترديد، وتحوَّلَت الاتجاهات الأخرى في بنية الثقافة — والتي أرادت صياغة الذاكرة طبقًا لآليات الاستنتاج الحر من الطبيعة والواقع الحي — كالاعتزال والفلسفة العقلية إلى اتجاهاتٍ هامشية، وقد آن آوان المُراجَعة والانتقال إلى مرحلة التحرر — لا من سُلطة النصوص وحدها — بل من كل سُلطةٍ تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم الآن وفورًا، قبل أن يجرفنا الطوفان.

١  انظر: الرسالة، ص٤٧٣–٤٧٥.
٢  انظر: المصدر السابق، ص٢٢-٢٣.
٣  السابق، ص٢٠؛ وانظر أيضًا: كتاب إبطال الاستحسان، ضمن «الأم» الجزء السابع، ص٢٧٢.
٤  جماع العلم، الجزء السابع، ص٢٥٣-٢٥٤؛ وانظر كذلك: الرسالة، ص٢٣-٢٤، ٣٨، ٥٠١-٥٠٢؛ وإبطال الاستحسان، ص٢٧٢.
٥  الرسالة: ص٥١٢-٥١٣.
٦  السابق، ص٣٨-٣٩.
٧  السابق، ص٤٠؛ وانظر أيضًا: ص٥١٢.
٨  انظر: جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، ١٩٧٤م، ص٢٣٥-٢٣٦.
٩  الرسالة، ص٢٥.
١٠  السابق، ص٥٠٧-٥٠٨.
١١  السابق، ص٥١٥-٥١٦.
١٢  السابق، ص٥٨٧-٥٨٨.
١٣  إبطال الاستحسان، ص٢٧٣.
١٤  الرسالة، ص٨١.
١٥  السابق، ص٢٥.
١٦  إبطال الاستحسان، ص٢٧١.
١٧  السابق، ص٢٧٤؛ وانظر أيضًا: الرسالة، ص٥٠٩-٥١٠.
١٨  إبطال الاستحسان، ص٢٧٤-٢٧٥؛ وانظر أيضًا: الرسالة، ص٥٦٠؛ وانظر كذلك: أبو زهرة، الشافعي، ص٢٥٢.
١٩  جماع العلم، ص٢٦١.
٢٠  الرسالة، ص١٨٩-١٩٠.
٢١  أبو زهرة، الشافعي، ص٢٤٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤